array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 175

تأسيس "البرلمان الخليجي" بوصفه خطوة في مسار التكامل الاقتصادي و صبغة فوق الوطنية

الثلاثاء، 28 حزيران/يونيو 2022

بنظرة ثاقبة إلى البرلمانات في دول مجلس التعاون الخليجي يمكن القول إن لها وضعًا خاصًا بها يمكنها من الاضطلاع بمسؤولياتها في إطار عملية التكامل الاقتصادي التي بدأتها دول المجلس الست منذ فترة زمنية، حيث أنه بصفة عامة تقوم البرلمانات بأدوارها بالشكل الذي يضمن أن وفاء الحكومات بالتزامها تجاه شعوبها ومن ذلك تحقيق الرفاه والتكامل الاقتصادي للمواطنين.

وفي إطار مما سبق يمكن استخلاص أن البرلمانات تقوم إلى جانب دورها المعروف والمتمثل في تمثيل المواطنين والتشريع والرقابة المالية، فإنها تقوم بدور كبير في مراحل أي عملية تكامل اقتصادي تشهدها دول إقليم معين سواء أكان ذلك من خلال ما تقوم به من دور قانوني أو من خلال استحداث وإيجاد أدوات برلمانية جديدة قادرة على تطوير عملية التكامل الاقتصادي، ويمكننا في هذا الصدد تحديد ثلاثة مجالات رئيسية يمكن للبرلمانات في دول الخليج القيام بها في سبيل تحقيق التكامل الاقتصادي من خلال النقاط التالية:

أولاً: من الناحية التشريعية يتعين أن تراعي البرلمانات الوطنية أن تكون تشريعاتها تعكس بالضرورة الجهود الحثيثة المبذولة من دول مجلس التعاون نحو تحقيق التكامل الاقتصادي وهو ما يتطلب من البرلمانات إعداد خطة ملائمة تحدد فيها اختصاصها التشريعي وفق النظام الدستوري الخاص بكل دولة ومن ثم الدراية التامة بالصلاحية الممنوحة للبرلمان لإصدار قرارات تشريعية ومعرفة العلاقة فيما بينه وبين الحكومة.

 ثانياً: من ناحية الدور الرقابي المنوط به حيث يمكن أن تكون الرقابة البرلمانية أداة نافذة في تحقيق أجندة التكامل الاقتصادي وتسريع وتيرة التنمية الاقتصادية لدول الخليج وذلك من خلال طلبات الإحاطة التفصيلية التي يمكن التقدم بها حول الوضع القائم لأجندة التكامل الاقتصادي ومدى ملائمة التشريعات الوطنية لتحقيق هذا الهدف وما يتطلبه ذلك من استيعاب كبير لمفهوم التكامل الاقتصادي وأهدافه بشكل أكثر تفصيلاً وكذا التعرف على التجارب المعاصرة في هذا المجال.

ثالثاً: من الناحية المالية فإن المسؤولية بين الجهتين لا بد أن تكون مشتركة بحيث تتأكد البرلمانات الوطنية من توفير التمويل اللازم لعملية التكامل الاقتصادي في موازنات الدول الأعضاء من خلال الدور المنوط بها لأن التكامل الاقتصادي يحتاج إلى تضافر جهود الدول الأعضاء وإلى ميزانيات كبيرة.

وجدير بالذكر أن البرلمانات الوطنية لدول مجلس التعاون الخليجي وهي تسعى للقيام بالأدوار السابق الإشارة إليها فإنها لن تجد الطريق ممهداً ولكنها ستواجه مجموعة من الصعوبات والتي يتعين عليها التغلب عليها من خلال القيام بجملة الأمور التالية:

  1. العمل على إعادة تطوير البرلمانات الوطنية بالشكل الذي يمكنها من تقديم المجهودات الفنية اللازمة لتحقيق التكامل الاقتصادي وما يتطلبه ذلك من ضرورة تطوير البرلمانيين أنفسهم بما يحتاجونه من برامج تدريبية غاية في الدقة والتخصص في هذا المجال.
  2. العمل على إتاحة التقارير والمعلومات الرسمية التي يحتاجها البرلمانيون إزاء كل ما يخص عملية التكامل الاقتصادي باعتبار أن المعرفة حق أساسي في تحقيق التنمية الاقتصادية.
  3. السعي الدؤوب من البرلمانات الوطنية نحو توفير كافة المؤشرات والأرقام الاقتصادية اللازمة لهم والتي من شأنها الإحاطة علماً بكل ما تحتاجه عملية التكامل الاقتصادي من أمور واستخدامها بالشكل الأمثل الذي يعمل على تسريع وتيرة التكامل.
  4. استمرار أوجه التعاون بين الحكومات والبرلمانات الوطنية من خلال تقديم كافة أوجه الدعم الفني اللازمة للبرلمانيين بالشكل الذي يمكنهم من الدراسة والإلمام بكافة تجارب التكامل الاقتصادي المعاصرة والاستفادة من الخبرات السابقة في هذا المجال ومن ثم إعداد خطط العمل اللازمة لإحداث عملية التكامل الاقتصادي بكل ما تحتاجه من إمكانات ومقومات.

مما لا شك فيه أنه يوماً بعد يوم تتنامى أهمية البرلمانات الإقليمية في المجتمعات الدولية والإقليمية وذلك بالنظر إلى تزايد عددها وتأثيرها ودورها الفاعل في بناء وتحقيق أعلى معدلات التنمية الاقتصادية والتكامل الإقليمي وتثبيت دعائم الديمقراطية، وغني عن البيان أن البرلمانات في دول مجلس التعاون الخليجي حاضرة وبقوة ويمكنها فعل الكثير ولديها من الإمكانات ما يؤهلها لتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون مستنيرة في تحقيق ذلك بتجارب من سبقوها ونجحوا في تلك التجربة.

ويمكن القول في هذا الصدد أن البرلمانات في دول مجلس التعاون الخليجي تحتاج من السلطة التنفيذية لدى دول المجلس أن تعمل بشكل دؤوب على دمجها بالشكل الذي يمكن تلك البرلمانات من الاضطلاع بتحقيق دورها في عملية التنمية والتكامل الاقتصادي فيما بين دول المجلس أو على أقل تقدير أن تقوم بتقديم الدعم اللازم بوصفها عوامل محفزة ومسرعة للتكامل شريطة أن يكون لديها الإرادة الحقيقية للاضطلاع بهذه المسؤولية والاستفادة من تجارب التكامل الاقتصادي المعاصرة.  

الجدير بالذكر هنا أن المد التوسعي لتوجه التكامل الاقتصادي الذي حدث في أواخر القرن الماضي أثمر عن تشكيل العديد من مؤسسات التكامل الاقتصادي الإقليمية والتي كان من بينها التجمعات البرلمانیة الإقلیمیة التي كانت تعد بمثابة جهات مؤسسة تسعى لتحقيق أعلى مستويات من الاستقرار في الأقاليم التي تعمل في إطارها باستخدام ما لديها من أدوات تمكنها من ممارسة الضغوط اللازمة على البرلمانات الوطنية أو الحكومات لتمرير سياسات معينة تمكنها في النهاية من تحقيق التكامل الاقتصادي عبر الأقاليم.

ومن اللافت التطور الكبير الذي باتت تشهده البرلمانات فيما يتعلق بمسائل الاستجابة للهزات السياسية وما يصاحبها من تأثيرات على الاقتصاد بالشكل الذي يمكنها من مساعدة الدول في مجابهة أية صعوبات قد تواجهها في مجالات الاقتصاد والتجارة والبيئة من خلال ما تتيحه لهم من استجابة سريعة وجماعية بشكل لا يحد من سلطات وصلاحيات السلطة التنفيذية ممثلة في الحكومة وبالتالي تضطلع البرلمانات بالدور الرقابي المنوط بها على أكمل وجه، وفي هذا الإطار يمكن التمييز بين ثلاثة أدوار يمكن للبرلمانات في دول مجلس التعاون الخليجي الاضطلاع بها على النحو التالي:

  1. السعي نحو الاندماج في برلمان واحد نقترح أن يكون اسمه "البرلمان الخليجي" على غرار "البرلمان الأوروبي" بالشكل الذي يمكنه من تعزيز مشاركة شعوب دول المجلس وإضفاء الصبغة التكاملية للست دول باعتبار أن أي تجربة تكامل اقتصادي ناجعة تسعى في النهاية إلى تأسيس برلمان موحد يعمل كمظلة جامعة تتحدث بأصوات شعوب الإقليم بأكمله.
  2. تقديم الرأي والمشورة لحكومات دول مجلس التعاون في الأمور المتعلقة بالسياسة الخارجية.
  3. بناء علاقات ثنائية ومتعددة الأطراف بالشكل الذي يمكنها من تعزيز سبل وبرامج الدبلوماسية البرلمانية.

ويظل السؤال الرئيسي هنا هو إلى أي حد يمكن أن تقوم البرلمانات في دول مجلس التعاون الخليجي بتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي الست من خلال ما يمكنها القيام به من دور منوط بها ينطوي على تقريب وجهات النظر فيما بين الدول الأعضاء والعمل كقوة دافعة لتحقيق التكامل الاقتصادي في أنجح صوره خاصة في ضوء ما يشهده العالم من دور متعاظم للبرلمانات سواء أكان ذلك على المستوى الوطني أو الإقليمي في الدفع قدما بمسارات التنمية والتكامل الاقتصادي بوصف تلك البرلمانات قوة مؤثرة في تحقيق أعلى درجات التكامل الاقتصادي.

وبالتالي يمكن استخلاص أنه يتعين على السلطتين التنفيذية والتشريعية في دول مجلس التعاون العمل سوياً كشركاء في إرساء قواعد التكامل الاقتصادي لدول المجلس وذلك بالنظر إلى ما للبرلمانات من دور هام حيث إنها تعتبر المنصة التي تطرح وجهات نظر الشعوب فضلاً عن كونها توفر بيئة ملائمة للحوار إزاء القضايا المختلفة وبلورة رأي عام إزاء تلك القضايا التي تهم المجتمعات.

ومما لا شك فيه أن البرلمانات الإقليمية أضحت تشكل أحد أوجه التطور في شكل الدبلوماسية البرلمانية وهو ما يحتم علينا التفرقة في هذا الإطار بين نوعين من البرلمانات الإقليمية:

النوع الأول: اتحاد برلمانی فیدرالی: ويعني ضمان تمثيل كافة مواطني الإقليم بالانتخاب المباشر على أساس مبدأ التوزيع الجغرافي والسكاني إذ يتحدد عدد المقاعد لكل دولة حسب عدد سكانها، وينطوي هذا النوع على التنازل عن قدر ضئيل من السيادة في سبيل إيجاد كيان موحد على غرار تجربة البرلمان الأوروبي الذي يمثل الحالة الوحيدة في العالم بأسره وليس هذا فحسب بل إن أغلب البرلمانات الإقليمية تسعى لأن تحذو حذوه.

الثانى: تجمعات برلمانیة کونفدرالیة: ويعني قيام اتحاد برلماني عبر وطن يكون التمثيل فيه لأعضاء البرلمانات الوطنية مثل البرلمان العربي وبرلمان عموم إفريقيا.

ويمكن القول عن البرلمانات في دول مجلس التعاون الخليجي تستطيع في حالة التكامل أن تشارك بشكل كبير في إحداث معدلات نمو مرتفعة وتنمية اقتصادية غير مسبوقة وذلك بالاعتماد على ما لديها من مقومات وإمكانات وموارد ذاتية وتسهيل آليات التعاون فيما بين دول المجلس الست.

وفي إطار مما سبق يمكن حصر جملة من الأمور التي يتعين على دول الخليج الاهتمام بها والنظر إليها في إطار تأسيس البرلمان الخليجي كخطوة في طريق تحقيق التكامل الاقتصادي فيما بينهم وهي:

أولاً: توافر الإرادة السياسية الحقيقة في تأسيس "البرلمان الخليجي" والنظر إليه بوصفه خطوة هامة في مسار تحقيق التكامل الاقتصادي وإضفاء صبغة الفوق قومية له.

ثانياً: النظر في حجم وحقيقة السلطات التي سيمنحها له القادة والتي إما ستخول له سلطات واسعة في إقرار الموازنات والرقابة عليها أو أن يقتصر دوره فيها على إقرارها فقط

ثالثاً: إيلاء مسألة طريقة التمثيل بالبرلمان أهمية كبرى وتحديد الطريقة الأمثل سواء أكان ذلك بالتعيين أو الانتخاب الحر المباشر وما يرتبط به من مشكلة التمثيل النسبي أمام تمثيل الدول الأعضاء وتساوي عدد المقاعد.

رابعاً: الاتفاق على آلية ملائمة لتمويل البرلمان وأجهزته بالشكل الذي يمكنه من الاضطلاع بالمسؤوليات التي ستلقى على عاتقه من تشريع ودور رقابي ومالي وإقرار الموازنات والرقابة عليها وما إلى ذلك.

خامساً: لا بد من أن يكون لدى قادة دول المجلس الرغبة الحقيقية في إنشاء هذه المؤسسة الإقليمية وإعطائها ما تحتاجه من دعم مادي ومعنوي لازم لها لكي تكون على درجة كبيرة من القوة أسوة بما يحدث مع البرلمانات الوطنية في كل دولة على حده.

سادساً: إدراك أن البرلمانات جزء لا يتجزأ من عملية التنمية والتكامل الاقتصادي إلى الدرجة التي لا يمكن الاستغناء عن دورها في هذه العملية، والتأكيد على حقيقة مفادها أنه حال استبعاد البرلمانات الإقليمية فإنها ستصبح هي الحلقة المفقودة فی الوصول إلى التکامل الاقتصادي.

وتأسيسًا على ما سبق فإنه من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة تملك مجموعة من عوامل القوة التي من شأنها الدفع قدمًا بمسار عملية التكامل الاقتصادي فيما بينهم ويمكن حصر نقاط القوة تلك في جملة الأمور التالية:

  1. البناء على ما حققته دول الخليج من نجاحات في مسار عملية التكامل الاقتصادي والاستغلال الأمثل لذلك فيما يتعلق بمسألة تطور مؤسسات التكامل الاقتصادي وبلوغها أقصى مراحل النضج.
  2. أن يراعي هيكل مجلس التعاون الخليجي في إحداثه لعملية التكامل الاقتصادي تعدد أوجه المخاطر العالية لكافة النشاطات والمؤسسات على أن يتم محاكاتها بدقة متناهية.
  3. إدراك حقيقة أن البرلمانات بمفردها لا يمكنها القيام بعملية التكامل الاقتصادي ولكنها شريك أساسي فيه ولا يمكن الاستغناء عنها وهو ما يحتم وجود علاقة قوية بين عمق التكامل الاقتصادي والدور المنوط بالبرلمانات القيام به.
  4. التأكيد على ضروة إحداث التناغم والتكامل التامين بين "البرلمان الخليجي" حال تبنته دول الخليج والبرلمانات الوطنية المحلية بحيث يعمل "البرلمان الخليجي" كمنصة لهذا التناغم وتعمل البرلمانات الوطنية على إحداث توافق برلماني عبر الإقليم بما يسرع من وتيرة التكامل الاقتصادي.
  5. العمل على إيجاد مؤسسات حدیثة قادرة على المساهمة فی التکامل، وتوفير الرؤية اللازمة والانتقال من المصلحة الوطنية إلى المصالح الإقلیمیة، بالشكل الذي يعزز من قدرات التجمعات البرلمانیة الإقلیمیة لتکون قوة لتعزیز التکامل الاقتصادي.
  6. إدراك حقيقة أن التکامل الاقتصادي ليس عملية تتم على دفعة واحدة ولكنه يكون نتاج مراحل متعددة يتعين على الدول أعضاء التكتل الاقتصادي القيام بها وبالتالي فإنشاء برلمان إقليمي يتطلب تعاون أوثق وأمتن بين البرلمانات الوطنية يصل بها إلى أعلى درجات التكامل في إطار المصلحة العليا للإقليم بأكمله.

ولا يغيب عن الذهن ونحن بصدد الحديث عن دور البرلمانات الخليجية في التكامل الاقتصادي الحديث عن العلاقات التبادلية بين كافة التحولات التي يشهدها المجتمع سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية وما يرتبط بها من عوامل أخرى مؤثرة مثل العولمة والإعلام الجديد وما إلى ذلك من أمور وهو ما يثير التساؤلات بشأن التحول نحو اقتصاد السوق ومستويات معيشة الأفراد والتنمية الاقتصادية وأثر التكتلات الاقتصادية بالنسبة للدول.

ومن ثم يمكن القول إن البرلمانات الخليجية لا بد أن يكون من بين مهامها الأساسية المنوط القيام بها إنجاز القدر اللازم لتحقيق أعلى معدلات النمو والتنمية الاقتصادية بالشكل الذي يمكن من تحقيق التكامل الاقتصاي والرفاه وهو ما يتطلب من تلك البرلمانات العمل على التأكد من أن منظومتها التشريعية الاقتصادية تضمن تحقيق أعلى مستويات من العدالة الاقتصادية والاجتماعية بالشكل الذي يمكنها من تحقيق الاستجابة الفورية لحاجات المواطنين وإشباع رغباتهم.

وفي إطار مما سبق يمكن القول إن دور البرلمان في تحققيق التكامل الاقتصادي لا غنى عنه بوصفه الأداة المتحكمة في كافة أوجه الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، ويتطلب هذا قيام الحكومات بالعمل على توفير الخبرات البرلمانية اللازمة لأداء عمل البرلمان بالشكل الذي يمكنه من القيام بدوره فيما يتعلق بتحقيق التكامل الاقتصادي على الوجه الأمثل باعتبار أن الدول حتى وإن كانت غنية فإنه يتعين عليها الوفاء وإدراك أهدافها وغاياتها ومؤشراتها حين تصيغ سياسات استراتيجية تتعلق بالتكامل الاقتصادي فيما بينها.

وفي سبيل تحقيق هذه الغاية تجدر الإشارة إلى أنه لا يهم على الإطلاق ماهية طبيعة النظام الحاكم في التعامل مع عمليات التكامل الاقتصادي لأن المصلحة الاقتصادية النهائية المرجوة لتلك الدول ستكون هي الغالبة سواء أكان ذلك على المستوى الوطني أو الإقليمي، وهنا تبرز الحاجة الملحة إلى تبادل الآراء والخبرات فيما بين البرلمانيين في البرلمانات الوطنية بالشكل الذي يحسن من الأداء البرلماني ككل والتطرق إلى أفضل التجارب الفعالة وأقصر الطرق في مسار عمليات التحول نحو التكامل الاقتصادي. 

وبالتالي فإنه من الأهمية بمكان النظر إلى ضرورة إشراك الحكومات والهيئات والمجتمع المدني والمنظمات الدولية للبرلمانت الوطنية في سعيها نحو تحقيق التكامل الاقتصادي لتعزيز دورها في هذا المجال. 

وخلاصة القول لا شك أن التغيرات المتسارعة التي يشهدها الاقتصاد العالمي باتت تحتم على دول الخليج الإسراع في تعزيز التكامل الاقتصادي فيما بينهم لحماية مصالح الشعوب من التداعيات السلبية لتلك الأحداث، غير أنه من الأهمية بمكان في هذا الصدد التأكيد هنا على أن التحول نحو التكامل الاقتصادي هو مسؤولية مشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص وليس مسؤولية الحكومات وحدها لما للقطاع الخاص من دور كبير ومؤثر وفعال في التنمية والرفاه الاقتصادي وبوصفه يمثل الركيزة الأساسية لتحقيق النمو المستدام للاقتصادات العربية.

 وتأسيسًا على ما سبق فإنه يتعين على دول الخليج تضافر كافة ما بذلوه من جهود دؤوبة خلال الفترات الماضية في مسعاهم نحو تحقيق التكامل الاقتصادي من خلال تفعيل كافة آليات التكامل فيما بينهم والدفع قدمًا بهذا المسار نحو الأمام بالشكل الذي يحقق أحلام الشعوب وطموحاتها عن طريق اتخاذ السياسات اللازمة والإجراءات الكفيلة بتحقيق التكامل الاقتصادي المنشود على أرض الواقع بالشكل الذي يستشعره المواطنون خاصة في ظل تنامي التحديات والهزات الاقتصادية التي تؤثر على الاقتصاد العالمي برمته.

وغني عن البيان أن تحقيق هذه الخطوات يتطلب من الدول الخليجية ابتكار وإيجاد حلول ناجعة وفعالة وغير نمطية لمواجهة التحديات التي تحول دون تحقيق التكامل الاقتصادي، أخذاً في الاعتبار حقيقة مهمة مفادها أن الدول فرادى لن تستطيع التغلب على هذه المحن والأزمات الاقتصادية التي تعصف باقتصاداتها من وقت لآخر وهو ما يتطلب مجابهتها بشكل جماعي من خلال اتباع عمليات التكامل الاقتصادي فيما بين الدول وبعضها البعض وتبنيها لخطط عاجلة وأنظمة للإنذار المبكر تمكنها من مجابهة التداعيات السلبية لأي هزة اقتصادية حالية أو مستقبلية، وليس هذا فحسب بل أيضًا تحقيق أعلى مستويات من التكامل الاقتصادي الخليجي بالشكل الذي يمكن من طرح مبادرات نوعية في مجال التكامل الاقتصادي وخاصة في مجال التجارة البينية لدول مجلس التعاون الخليجي.

وغني عن البيان التأكيد على التداعيات السلبية التي خلفتها جائحة كورونا ليس فقط على دول مجلس التعاون الخليجي بل على دول العالم بأسره وعلى مختلف القطاعات الاقتصادية وبيئة الأعمال، أضف إلى ذلك كله التداعيات السلبية على الاقتصادات الناجمة أيضًا عن التطورات السياسية والأمنية الدولية، وخاصة تلك المرتبطة بالأزمة الروسية الأوكرانية، والتي زادت من تدهور الأوضاع وتفاقمها بشكل كبير وغير مسبوق زاد معه بشكل كبير وتيرة التحديات الاقتصادية إلى الدرجة التي جعلت العالم بأسره أمام أزمة اقتصادية طاحنة وغير معهودة أضحت تعاني منها شعوب العالم كافة.

وبنظرة فاحصة نجد أن العالم اليوم أصبح يعتمد أكثر فأكثر على قيام التكتلات الاقتصادية الإقليمية التي تعمل جنباً إلى جنب مع الحكومات بهدف تحسين الرفاه والتنمية الاقتصادية لشعوب دولها وهو ما بات يعكس أهميتها بشكل كبير خاصة في هذه الأيام الصعبة والتي يمكن وصفها بالاستثنائية حيث بدا الخطر قريب من دول العالم بأسره ولن يكون أحد بمأمن منه بما في ذلك الدول العظمى والدول الأوروبية، وهو ما بات يحتم على الدول التوجه نحو التكامل الاقتصادي.

وأخيرًا يمكن القول أنه فيما يخص دول الخليج فإن لديها من المقومات والموارد والقواسم المشتركة والروابط الوثيقة التي تمكنها من إقامة التكامل الاقتصادي بالشكل الذي تصبو إليه والذي يمكنها لاحقاً من أن تكون في مصاف التكتلات الاقتصادية المتقدمة، بل ومنافستها وبالشكل الذي يقوي مناعة تلك الدول لمجابهة التداعيات السلبية التي تعصف باقتصاداتها عن طريق وضع خطط تحرك عاجلة وبلورة آليات جديدة ومتطورة لتحقيق التكامل الاقتصادي الشامل والتعاون مع رجال الأعمال والمؤسسات الاقتصادية الواعدة والتي يمكنها المساهمة في النهوض بالواقع الاقتصادي الراهن في إطارٍ من التكامل والتضامن بين اقتصادات الدول العربية.

مقالات لنفس الكاتب