array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 178

اتخاذ دول الخليج القرار بالاستثمار في الطاقة بأمريكا اللاتينية سيجعلها الشريك الأفضل

الأربعاء، 28 أيلول/سبتمبر 2022

يخضع العالم إلى عملية تفكك في نظام العولمة، ينتهي معها عصر التبادل الحر للسلع، والخدمات، والمعرفة. وفي ضوء هذا السياق، تصبح الطاقة جزءًا من عملية إعادة تعريف التحالفات الجيوسياسية العالمية. وسوف تتدخل الدول، وليست الأسواق فحسب، في تحديد المصادر الجديدة، ومزودي الطاقة الجدد، سواء كان هذا التدخل في الاتجاه الأفضل أو الأسوأ. وخلال هذه المرحلة من إعادة التشكيل، يستمر الوقود الأحفوري والغاز على وجه الخصوص، في الاضطلاع بدور مركزي. حتى وإن تسببت أزمة نقص الغاز في أوروبا الناجمة عن حرب أوكرانيا، في تسريع جهود إزالة الكربون داخل العديد من دول القارة.

تساعد عملية إعادة التشكيل الجيوسياسي لشبكات الطاقة العالمية في تعزيز دور الشركاء الموثوق بهم داخل منطقة الشرق الأوسط. كما تسهم في توليد فرص جديدة لدول منطقة شمال إفريقيا، وآسيا الوسطى، وأمريكا اللاتينية. وبينما أظهرت تدفقات النفط حول العالم مرونة في مواجهة الصراع الروسي -الأوكراني، يعد قطاع الغاز -الذي يتطلب بنية تحتية هائلة سواء على صعيد النقل عبر خطوط أنابيب أو عملية التسييل-موطن الضعف الذي يفرض تحديات أمام دول أوروبا سرعة العمل من أجل استبدال الغاز الروسي على المدى القصير. وتعد أسعار الغاز حاليًا هي الأعلى منذ عام 2008م، وفي ضوء هذه المعطيات بالتحديد، يتسنى للدول في مناطق مختلفة حول العالم، وأمريكا اللاتينية، إمكانية الاضطلاع بدور محوري.

وستستمر الأسعار على ارتفاعها لعدة سنوات حتى يتم إيجاد مصادر جديدة مستقرة للغاز. حيث تتطلب خطوط الأنابيب، ومرافق التسييل رأس مال ضخم، ووقتًا للبناء. حتى أن المرافق النموذجية-مثل تلك الموجودة في الولايات المتحدة-لا تزال تحتاج مدة تتراوح من سنتين إلى ثلاث سنوات حتى تصبح جاهزة للعمل. وتمثل المعطيات الراهنة فرصة سانحة من شأنها تغيير نمط الشبكة العالمية لإمدادات الطاقة. وفي غضون ذلك، تعمل الولايات المتحدة على ترسيخ مكانتها في زعامة حلف شمال الأطلسي" الناتو" عبر تصحيح تقييمها للطموحات الروسية، بجانب قابلية التراجع عن اتفاقيات الطاقة المبرمة مع أوروبا. في حين لم تنجح التكهنات الألمانية في اختبار التاريخ، وفشلت جهود برلين، المستمرة منذ عقود من أجل دمج روسيا إلى معسكر الدول الموثوق بها، وثبت خطؤها، في ظل محاولات موسكو التوسعية. على النقيض، أظهرت الولايات المتحدة، في عهد الرئيسين السابق دونالد ترامب والحالي جون بايدن، تقييمًا استراتيجيًا ملائمًا للحقبة التاريخية الجديدة التي يقف العالم على أعتابها الآن فبمجرد اندلاع الحرب في أوكرانيا، سارعت الولايات المتحدة إلى دعم أوكرانيا وأوروبا على حد سواء، ومواصلة تزويدهم بالطاقة مما يسهم جزئيًا في تخفيف حدة المخاطر التي تواجه القارة الأوروبية.

أفضت الحرب في أوكرانيا إلى إعادة توجيه استراتيجي للسياسات الأوروبية. ومثلما أدت أزمة نقص الغذاء، خلال الحرب العالمية الأولى والثانية، إلى إجماع أوروبي حول السياسة الزراعية المشتركة داخل الاتحاد، والتي دعمت بشكل كبير إنتاج الغذاء والمحاصيل الزراعية على الأراضي الأوروبية، أسفرت الحرب في أوكرانيا عن إجماع أوروبي جديد حول الطاقة. حيث ستوقف أوروبا اعتمادها على مصادر الطاقة الروسية لسنوات عديدة، وسيؤدي هذا الصدع طويل الأمد بين روسيا وأوروبا إلى تأثيرين: تسريع عملية عزل الكربون، وتوليد تحالفات جيوسياسية جديدة حول الشبكات العالمية لتوفير الطاقة. ومن ثم سيكون للطاقة دور حيوي في تحديد مسار عدد من أبعاد هذا التحول، التي سيتم توضيحها من خلال هذا التقرير.

 

تغييرات عاجلة مقابل أخرى مهمة في الجغرافيا السياسية الجديدة للطاقة

تشهد السياسة العالمية ثلاث عمليات تغيير متزامنة، والتي تؤثر بشكل مباشر على التدفقات الجديدة للطاقة العالمية:

  • تحولات سريعة في طبيعة علاقات القوى العالمية.
  • تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في اضطرابات خطيرة على صعيد تدفقات الطاقة الحالية، وبصورة أقل على مستوى المنتجات الزراعية والأسمدة.
  • عملية الانتقال الطاقي صوب الحياد الكربوني لاتزال جارية، فيما خلفت الحرب الأوكرانية تأثيرًا مزدوجًا متمثلاً في استخدام المصادر التقليدية للطاقة مثل الفحم والطاقة النووية على المدى القصير، وتسريع إنتاج مصادر الطاقة غير الأحفورية.

  سيتم تقديم شرح مفصل لكل من هذه الاتجاهات خلال السطور التالية.

تشهد علاقات القوة العالمية تحولات سريعة، في ظل عدد من النزاعات العسكرية التي تشارك فيها القوى الرئيسية على المستويين العالمي والإقليمي، سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر. وأدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى توحيد مواقف دول حلف الناتو، الذي يبدو أن استجابته جاءت فعالة حتى الآن من حيث درء الطموحات الروسية داخل شرق أوروبا. كما أدت الحرب إلى تعديل الوضع الدفاعي لعدد من البلدان مثل فنلندا والسويد، بعد تخلي كلا البلدين عن موقفها الحيادي وزعم قبولها كأعضاء كاملي العضوية بحلف الناتو. وعمدت سويسرا إلى شراء أنظمة دفاعية زادت من قدرات التشغيل البيني مع حلف الناتو. في الوقت ذاته، تتصاعد التوترات حول تايوان، وتصعد الصين من مواقفها العدوانية تجاه الجزيرة. فيما اعتبرت "تايبيه" بعض الأحداث الأخيرة التي انطوت على عمليات عسكرية صينية سواء عن طريق البحر أو الجو "انتهاكًا لسيادتها".

يظهر من خلال النزاع الأوكراني والتوترات حول تايوان، أن الولايات المتحدة والصين قادرتان كقوتين عظميين على إدارة التوترات بينهما، لكن الاتجاهات الكامنة فيما وراء هذه الأحداث تظهر حجم التوترات المتزايدة بين البلدين. من جانبها، أظهرت بكين ضبطًا للنفس خلال الأزمة الأوكرانية، من خلال الامتناع عن دعم روسيا من الناحية العسكرية. في الوقت ذاته، تجنبت الولايات المتحدة التورط في أي نوع من التدخل المباشر في الأزمة الأوكرانية، واكتفت بإمداد القوات الأوكرانية بالمعدات العسكرية. الصراع المحتمل في بحر الصين الجنوبي حول تايوان سيكون بمثابة اختبار حقيقي لهذا النظام العالمي الجديد غير المعولم.

أنتجت الحرب في أوكرانيا أزمة في الطاقة والغذاء لم يقتصر تأثيرها على تغير الأسعار وارتفاع التضخم بجميع أنحاء العالم فحسب، بل أدت أيضًا إلى توقف التوسع الاقتصادي فيما كان للتضخم أثر سريع على النشاط الاقتصادي فارضًا حالة من الركود التام. لكن تطلبت الأزمة تقنين وترشيد استخدام الطاقة، ووقف بعض الأعمال التجارية. ليلوح في أفق الاقتصاد العالمي شبح التضخم المصحوب بالركود التضخمي. ولسوف تترك هذه الأزمة عواقب طويلة الأمد: متمثلة في استمرار موجة ارتفاع الأسعار إلى أن يعيد الاقتصاد العالمي إنشاء شبكة آمنة وموثوقة من موردي الطاقة. فيما قد تتجه روسيا لتحويل صادراتها من النفط والغاز إلى آسيا. وأياً كانت نتيجة الصراع الروسي-الأوكراني، لا شك أنها ستؤدي إلى تغيير طويل الأمد في علاقات الطاقة الروسية مع الدول الغربية، لاسيما مع أوروبا.

أظهرت أزمات الطاقة في الماضي، مثل أزمة عام 1973م، أهمية الدور الذي تمارسه الدول في سبيل تهيئة ظروف جديدة لاستمرار عمل الأسواق. يبدو أن الأزمة الحالية تتبع نفس النمط. فلم تعد أزمة الطاقة أمرًا يتعلق بالأسواق فقط، بل أضحت مشكلة جيوسياسية، تضطلع خلالها الدول بدور أكبر، وتحدد السياسة ماهية مزودي الطاقة على المدى البعيد. الطلب على موردي الطاقة سيعيد تشكيل المسارات الحالية، وسيخلق تحالفات سياسية جديدة. وبمجرد انتهاء الأزمة، ستتمكن الأسواق من استعادة دورها المركزي في توزيع الموارد الشحيحة. أسعار الطاقة المرتفعة خلفت تبعات اقتصادية على كافة قطاعات الاقتصاد بالأخص على أسعار الغذاء. ويعد تأثير نقص إمدادات الطاقة على أسعار المواد الغذائية أمر ذو شقين؛ الأول أن زيادة أسعار الغاز أدت إلى ارتفاع أسعار الأسمدة، وهي سلع تعتمد على استهلاك الطاقة بشكل كبير، وبالتالي تؤثر بشكل مباشر على أسعار الغذاء. الشق الثاني، يتمثل في تعطيل الحرب لحركة الصادرات من كل من أوكرانيا وروسيا، وهما اثنين من أهم الدول المصدرة للمواد الغذائية على مستوى العالم، مما أسفر عن ارتفاع حاد في أسعار الغذاء العالمية.

الاتجاه الثالث المهم، يتمثل في الانتقال الطاقي صوب مصادر الطاقة النظيفة. حيث ولدت الحرب معضلات وتحديات قاسية للعديد من الدول الأوروبية. اضطر بعضهم مثل ألمانيا، إلى إعادة استهلاك الفحم، وإعادة فتح المحطات النووية، وهما مصدران كان من المفترض استبدالهما من أجل المضي قدما في عملية الانتقال الطاقي.  ستؤدي هذه الانتكاسات في خارطة طريق الدول الأوروبية من أجل إزالة الكربون، إلى زيادة الاعتماد في الوقت ذاته على مصادر الطاقة المتجددة. وبالتالي سيؤدي نمو الطلب على مصادر الطاقة المتجددة إلى تراجع تكاليف هذه التقنيات. حيث تظهر أسعار الألواح الشمسية، وطواحين الهواء، والبطاريات ميلاً نحو الانخفاض بوتيرة أسرع بكثير مما كان متوقعًا. ومن ثم، فإن التوجه لاعتماد هذه التقنيات سيجعلها متاحة لقطاعات أوسع في جميع أنحاء العالم. مرة أخرى، تلعب السياسة، أكثر من معطيات السوق، دورًا مركزيًا في الاستثمار في المصادر البديلة للطاقة في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية بالغة الصعوبة الناجمة عن ارتفاع أسعار الطاقة مع قدوم موسم الشتاء المقبل.

أمريكا اللاتينية والجغرافيا السياسية الجديدة للطاقة

تتميز منطقة دول أمريكا اللاتينية بميزتين هامتين على الصعيد الاستراتيجي: أولاً، امتلاك عدد من دول القارة احتياطيات وفيرة من النفط والغاز. ثانيًا، خلو المنطقة من الصراعات الإقليمية المحتدمة. ونظرًا إلى حاجة أوروبا إلى استبدال ثلثي الغاز الروسي خلال الأعوام الخمس المقبلة. تعد هذه الفترة حاسمة في سبيل تطوير بدائل جديدة. ويوجد داخل منطقة أمريكا اللاتينية اثنين من أكبر الأسواق التي تتمتع باحتياطات مؤكدة من الغاز الطبيعي: حقل " فاكا مويرتا" في جنوب الأرجنتين، الذي يتمتع بموارد الغاز والنفط الصخري القابلة للاستخراج، بطاقة إنتاجية من الغاز تصل إلى 308 تريليون قدم مكعب. فيما تعد فنزويلا ثاني أكبر أسواق الغاز داخل أمريكا الجنوبية، بطاقة إنتاجية تصل إلى 221 تريليون قدم مكعب من الغاز.

على الصعيد الجيوسياسي، تمتلك هاتان الدولتان أوضاعًا مختلفة تمامًا. اعتادت فنزويلا أن تكون دولة مزدهرة خلال فترة السبعينيات، وعضوًا هامًا بين الدول المصدرة للنفط. لكن على مدى العقدين الماضيين، تسبب النظام الشعبوي الذي يحكم البلاد في انهيار النظام الاجتماعي والاقتصادي. وشهدت البلاد فترة مطولة من التضخم المتزايد، وتضررت قدراتها النفطية التصديرية على نحو بالغ. بينما تسببت الاضطرابات السياسية في هجرة قسرية لنحو مليونين إلى ثلاثة ملايين مواطن. وارتكزت التحالفات الدولية لفنزويلا بشكل أساسي على كوبا، وروسيا، وإيران.

حاولت إدارة الرئيس الأمريكي جون بايدن اتباع نهج جديد مع فنزويلا، بعد أن أجبرت الأزمة الأوكرانية، الولايات المتحدة على إعادة ضبط أهداف السياسة الخارجية فقد قام كبار المسؤولين الأمريكيين بزيارة إلى فنزويلا خلال شهري مارس ويونيو الماضيين. بعد أشهر قليلة من خروج البلاد تدريجيًا من أسوأ مراحل أزمتها الاقتصادية. وعاد مئات الآلاف من الفنزويليين إلى بلادهم. ومن المقرر أن تواجه البلاد العام المقبل اختبار إجراء انتخابات حرة ونزيهة، بعد سلسلة من المخالفات التي شهدتها الاستحقاقات الانتخابية السابقة. إلى جانب بدء انحسار الخطاب المعادي للولايات المتحدة، وعودة فتح القطاع النفطي الفنزويلي تدريجيًا أمام الاستثمارات الأجنبية الغربية. ويعد حجم الاحتياطيات من النفط والغاز التي تتمتع بها فنزويلا كما ذكر سلفا، في غاية الأهمية ويمكنه أن لعب دورا في ضوء المعطيات الجديدة، إذا كانت قيادتها قادرة على إعادة تشكيل تحالفاتها الدولية.

ربما يكون وضع المؤسسات السياسية داخل الأرجنتين أفضل كثيرًا مقارنة بفنزويلا، إلا أن اقتصادها لا يزال يتداعى. إذ يقترب معدل التضخم السنوي في البلاد حوالي 100 ٪، وهو أحد أسوأ المعدلات المسجلة عالميًا. لكن تظل منشآت النفط والغاز الأرجنتينية في حالة جيدة. حيث وقعت شركة "بتروناس" الماليزية للنفط، التي تعمل داخل الأرجنتين منذ عام 2014م، صفقة بقيمة 10 مليارات دولار سنغافوري من أجل بناء منشأة للغاز الطبيعي المسال في مدينة باهيا بلانكا جنوب البلاد، منذ بضعة أسابيع فقط. فيما تستكمل الأرجنتين إنشاء خط أنابيب لاستخراج الغاز من رواسب النفط والغاز الصخري من منطقة فاكا مويرتا إلى المناطق الحضرية، وموانئها الرئيسية حيث من المحتمل أن يتم تسييله وتصديره. في كلتا الحالتين، وبعيدًا عن أزماتهما الداخلية، شهد كلا البلدين طفرة كبيرة في قطاعات الطاقة الخاصة بهما خلال الأشهر القليلة الماضية. وكلاهما يعد مثالاً على كيفية لعب الجغرافيا السياسية دورًا مهمًا في عصر المواجهة بين القوى العظمى والحرب في أوروبا.

 

ما هي الاحتياجات اللازمة من أجل تدعيم هذه الأسواق الجديدة

 

 السمة المشتركة لكلا البلدين هي افتقار رأس المال من أجل تطوير البنية التحتية للغاز اللازمة لاستغلال الموارد المتاحة، إذ تتطلب هذه المشاريع قدرة ابتكارية موجهة لإتاحة أدوات مالية، تساعد في الوقت ذاته على توفير الموارد، وضمان حقوق الملكية للمستثمر. وفقط قبل أسابيع قليلة، اقترحت الولايات المتحدة مبادلة بين الأرجنتين وأوروبا يتم بموجبها تبادل الغاز بقيمته الحالية مقابل الغاز الطبيعي المسال في المستقبل. وستسمح هذه الأداة للبلاد بالحصول على الأموال اللازمة لتوسيع بنيتها التحتية وزيادة صادراتها من الطاقة.

 

وثمة طريقة أخرى لضمان توفير الغاز على المدى الطويل تتمثل في توقيع عقود "من دولة إلى دولة"، بحيث تضمن توفير الغاز في مقابل الاستثمارات في البنية التحتية للطاقة ومجالات أخرى. وتوفر هذه الأدوات القانونية الضمانات اللازمة للدول الأجنبية للحفاظ على استثماراتها في موارد الطاقة، وتتيح في الوقت ذاته تدفق العملة الصعبة، التي تزداد الحاجة إليها في الاقتصادات الهشة. وقد تسعى الجهات الفاعلة الأخرى، مثل دول الخليج، إلى زيادة نفوذها على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، إذا كانت قادرة على تصدير خبرتها في مجال الطاقة ورأس المال إلى مناطق أخرى، وإلى أمريكا اللاتينية على وجه الخصوص.

يمكن أن تؤدي قيادة هذا الهيكل الجديد لشبكة طاقة عالمية متجددة إلى فوائد هامة واسعة النطاق وذات دلالة أكبر بكثير من التبادلات الاقتصادية (المهمة جدًا) المعنية.

 

سياسة الانتقال الطاقي

كما ذكرنا في الجزء الأول من هذه المقالة، تتزامن أزمة نقص الوقود الأحفوري بسبب الحرب الأوكرانية مع عملية التحول بعيدًا الوقود الأحفوري في جميع أنحاء العالم. فضلاً عن إمكانية إتاحة الحرب للعوامل المهيئة لحدوث قفزة كبيرة إلى الأمام في قضية الانتقال الطاقي. كما يفضل العديد من دافعي الضرائب من المواطنين الأوروبيين أن تستثمر دولهم في تقنيات تقليل انبعاثات الكربون بدلاً من العودة إلى الفحم أو مصادر الطاقة النووية.

في الوقت ذاته، تنطوي عملية الانتقال الطاقي ضمنيًا على إمكانية ظهور وتدعيم استخدام مصادر الجيل الثاني والثالث لتوفير الطاقة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر.  وإذا ما اتخذت دول مجلس التعاون الخليجي القرار في الوقت المناسب للاستثمار في مصادر الطاقة بأمريكا اللاتينية، ستصبح شريكًا لبعض من أفضل موارد الطاقة في المستقبل.

 

وتشترك الأرجنتين وتشيلي في المنطقة -باتاغونيا -التي تتمتع بأقوى حركة للرياح وأكثرها انتظامًا على مستوى دول العالم، فضلاً عن مناطق شاسعة من أشعة الشمس القصوى في جبال الأنديز. تشترك المنطقة الشمالية نفسها من كلا البلدين مع بوليفيا، مثلث الليثيوم، الذي يستضيف 67 ٪ من احتياطيات الليثيوم في جميع أنحاء العالم. ويلعب الليثيوم بالفعل دورًا استراتيجيًا في تطوير البطاريات التي توفر الطاقة للسيارات الكهربائية والهواتف المحمولة.

 

إن البلدان التي تحدد اتجاهات الطاقة بشكل مناسب، والقادرة على إنشاء مشاريع ملموسة هي التي سيتعاظم نفوذها على الصعيد العالمي.

مقالات لنفس الكاتب