array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 179

دور الكويت في بناء منظومة أمن إقليمية خليجية تنطلق من صيغة6 +4: رؤية واقعية

الخميس، 27 تشرين1/أكتوير 2022

"منح قرار مجلس الأمن رقم 598 الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريس دورًا لاستكشاف الإجراءات اللازمة لتعزيز أمن الخليج. وبقدر ما تبدو هذه المهمة صعبة وغير مجدية، إلا أن لها أهمية حيوية للولايات المتحدة ومنطقة الخليج وللعالم بأسره. إذا لم يتمكن الخليج من إدارة أموره الأمنية، فلن ينعم بالسلام، ولن تجد الولايات المتحدة مخرجًا لها من حروبها التي لا تنتهي ووجودها العسكري الكبير المبالغ فيه. ينبغي على جميع الأطراف أن تضع نصب أعينها تحقيق هدف نهائي محكم ومشترك وهو: احتواء التوترات المستمرة منذ عقود. يجب أن يشكل إطار العمل الأمني الإقليمي جزءًا من هذا المستقبل. ويجب أن يبدأ الآن العمل نحو تحديده، حتى في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن وطهران بجديه لتسوية خلافاتهما بشأن إحياء الاتفاق النووي المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة."

السفير فرانك ويزنر-رئيس مجلس إدارة معهد دول الخليج العربية في واشنطن. 23/3/2021

تأتي كتابة هذا المقال في ظروف دولية تكاد تكون مثالية بفعل الواقعية الشديدة التي بات يتعامل معها الخليج والمنطقة العربية والعالم بأسره، فها هي إسرائيل تحتفي بترسيم الحدود مع لبنان بمباركة كافة قوى الممانعة وعلى رأسها إيران التي تواجه مظاهرات مهسا أميني، كما جاءت في ظل حرب روسيا التي تسعى فيها لإعادة تغيير قواعد اللعبة الدولية، حيث تبين ضعف البيت الأوروبي الذي تقود زمامه الولايات المتحدة الأمريكية برغم تخبطات الإدارة الديمقراطية، في الوقت الذي تسعى فيه دول الخليج ضمن منظومة أوبك وأوبك بلس إلى رفض الضغوط الأمريكية في تحمل تبعات ارتفاع أسعار الطاقة والتي يعود سببها الرئيس لإشتعال الحرب بين الطرفين الروسي و الغربي، ناهيك عن إصرار الدول الغربية على التمسك بفرض الضرائب والتي تشكل الغالبية العظمى من أسعار الطاقة. فهذا الارتفاع ليس إلا عائدات الدول الغربية التي ترفض التخلي عنها وتبقيها على شعوبها في الوقت الذي توجه الرأي العام لتعزيز قناعته بمسؤولية دول الخليج والدول المنتجة للطاقة لتلك الزيادات ذات التأثير المباشر على الحياة اليومية لمواطني العالم الغربي. بل إن الدول المنتجة لم تكتف برفض زيادة الإنتاج بل اتجهت إلى خفض الإنتاج كسياسة استباقية فرضتها كافة التقارير الغربية التي تؤكد على قدوم العالم باتجاه موجة ركود اقتصادي قادم. تلك الظروف تجعلنا أمام حقيقتين أهمها استمرار الهيمنة والنفوذ الأمريكي العالمي برغم التحديات الروسية والصينية، بالإضافة إلى أهمية توجه دول الخليج لتعزيز منظومتها الإقليمية القائمة على 6+4. فقد جاء القرار الأممي 598 الصادر في يوليو 1987م، والذي جاء في أعقاب انتهاء الحرب العراقية-الإيرانية، على أن المنظومة الإقليمية الخليجية الرامية إلى الأمن والاستقرار لابد أن تقوم على كافة الدول الخليجية الستة بالإضافة إلى كل من إيران والعراق، وهي منظومة فرضت بطبيعتها واقعية ارتباط اليمن وباكستان كجزء لا يتجزأ من تلك المنظومة. فقد أثبتت إيران قدرتها على تحويل تلك الدول إلى ساحات مباشرة لتهديد أمن الخليج، مما ساهم في تعزيز أهمية الدور الباكستاني لتحقيق التوازن الإقليمي المنشود في هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم.

الدور الكويتي

تحتل الكويت دورًا محوريًا في بناء أية منظومة أمنية إقليمية للمنطقة وذلك بفعل أسبقيتها في الولوج في دور الوساطة استشعارًا لأهمية الدوائر الخليجية والعربية والعالمية، بالإضافة إلى موقعها الإقليمي حيث تقع ما بين القوى الإقليمية الكبرى ممثلة بالمملكة العربية السعودية و العراق و إيران، كما كانت لها الأسبقية في طرح فكرة المأسسة الخليجية الأمنية والتي تمخضت عن ولادة مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى أنها عانت أقسى تجربة احتلال ما بين الدول الخليجية  إبان الغزو العراقي على دولة الكويت والتي جاءت نتيجة لقصور في المنظومة الأمنية الخليجية، ناهيك عن الفشل العربي المخزي في تدارك تلك الأزمة،  لذلك فإن تعزيز الأمن الإقليمي الكويتي ليس إلا مرآة لنجاح أو قصور في المنظومة الأمنية الخليجية. وبالرغم من أن ولادة مجلس التعاون الخليجي جاءت في مطلع الثمانينات والتي جاءت اتقاءً لتبعات الحرب العراقية-الإيرانية التي تفجرت في ذلك الوقت، فإن القرار الأممي 598 نص صراحة على تكليف الأمين العام للأمم المتحدة "بالتحقق من الإجراءات الرامية إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، بالتشاور مع إيران والعراق ودول أخرى في المنطقة". وقد رسم ذلك القرار الرؤية الأمنية الإقليمية لدولة الكويت والتي تتضمن كافة شركاء الخليج بكلا ضفتيه والذي يشمل دول الخليج الستة بالإضافة إلى كل من العراق وإيران. تتصاعد أهمية تلك المنظومة الإقليمية في ظل تقلبات السياسة الأمريكية اتجاه منطقة الخليج والذي تراه عبئًا عليها يمنعها من الخروج من سلسلة حروبها التي لا تنتهي-على حد وصف السفير ويزنر-، وتراه تارة أخرى خصمًا يسعى للضغط عليها للتخلي عن مسؤولياته الدولية كما حدث إبان أزمة أوبك وأوبك بلس الأخيرة في إلقاء اللوم على دول الخليج في ارتفاع أسعار الطاقة.

مستويات الأمن الوطني الخليجي

ترتكز الرؤية الكويتية للمنظومة الأمنية على الدوائر الثلاث والتي تشمل أولا: المستوى الإقليمي الفرعي حيث تضم كافة دول المجلس بالإضافة إلى جوارها الجغرافي المباشر والذي يشمل كل من إيران والعراق واليمن، بالإضافة إلى أفغانستان وباكستان والهند وهي دائرة تلعب فيها التوازنات العسكرية لاسيما ما بين إيران وباكستان والخليج دورًا محوريًا. ثانيًا: المستوى الإقليمي الواسع والذي يشمل الدول العربية بالإضافة إلى الدول الشرق أوسطية غير العربية وآسيا الوسطى، وترتبط التوازنات العسكرية في هذه الدائرة بكل من دول الخليج والمحيط الشرق أوسطي، ثالثًا المستوى العالمي المرتبط بالدول الكبرى لاسيما الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن لما لها من اتفاقيات وترتيبات عسكرية مشتركة مع كافة دول الخليج. وبذلك فإن التعقيدات الإقليمية والدولية الجديدة التي تشهدها منطقة الخليج والمتمثلة بظهور منظومات إقليمية مجاورة لمنطقة الخليج تفرض عليها دوائر جديدة أكثر تعقيدًا مما اعتادت عليه الصيغ الأمنية القديمة القائمة على الدائرة الخليجية ومن ثم العربية والعالمية، فلاتزال الدائرة العربية تكتسب أهمية كبرى، بل لا تزال القناعة قائمة بالارتباط الوثيق ما بين كلا الدائرتين الخليجية والعربية، إلا أنها تقع ضمن أولويات أمنية هامة في ظل الإقليمية الجديدة الناشئة.

+4 الواقع والمعضلة الأمنية (الخليج-إيران-العراق-اليمن-باكستان)

تنطلق المنظومة الأمنية الإقليمية المثلى من المستوى الإقليمي الفرعي الذي يشمل كافة دول المجلس بالإضافة إلى جوارها الجغرافي المباشر والذي يشمل كل من إيران والعراق واليمن وباكستان.

أ-إيران:

بالرغم من واقعية ذلك الجوار الجغرافي لتعزيز أمن الخليج الإقليمي إلا أنه يشكل في الوقت نفسه عمق المعضلة الأمنية الخليجية حيث تلعب إيران دورًا محوريًا في تحويل كل من العراق واليمن إلى إحدى ساحاتها في حرب الوكالة لفرض هيمنتها الإقليمية. وبالرغم من الإدراك الخليجي لذلك الدور الإيراني إلا أن دول الخليج الست اختارت استراتيجيات مختلفة في التعامل مع إيران فرضتها مصالحها القومية المباشرة والتي لن تخرج عن المصلحة الخليجية الإقليمية. وهي مواقف متباينة دأب البعض من المحللين على رؤيتها نقاط ضعف إلا أنها في حقيقة الأمر إحدى نقاط القوة التي من الممكن أن تستفيد منها دول الخليج كأدوار مكملة تحقق من خلالها أمنها الإقليمي. ففي حين تتبنى السعودية والبحرين موقفًا سياسيًا متشددًا إزاء إيران بفعل سياساتها الإقليمية وتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول العربية، تحرص الإمارات في الوقت نفسه على بناء علاقات اقتصادية متينة مع إيران وتتعاون قطر مع إيران لإنتاج الغاز الطبيعي، كما تتبنى الكويت وعمان موقفًا وسطًا لإمكانية البحث عن حلول ممكنة ما بين كلا الطرفين. وقد ساهم انطلاق الحوار السعودي-الإيراني في تهدئة العلاقات الخليجية-الإيرانية، والتي كانت أحد تجلياتها عودة العلاقات الدبلوماسية الكويتية-الإيرانية والتي توقفت كجزء من التضامن الخليجي مع الهجوم الذي تعرضت له السفارة السعودية في طهران في عام 2016م. كما تزامنت تلك الأحداث مع إلقاء الأجهزة الأمنية القبض على أحد الخلايا في الكويت والتي اتهمت بتبعيتها الإيرانية. وتزداد العزلة الإيرانية على إثر الاضطرابات الأخيرة بعد مقتل الناشطة الإيرانية مهسا أميني على أيدي القوات الإيرانية، وهي أوضاع لابد أن تسعى دول الخليج للاستفادة منها للدفع بوقف التدخلات الإيرانية في دول الجوار، والوصول إلى تفاهمات بشأن الملف الإيراني النووي، مع التأكيد على أن مهمة الحفاظ على أمن الخليج والممرات المائية هي مهمة دولية، لا يمكن أن تسعى إيران لتحقيق رؤيتها الأمنية القائمة على تنصيب نفسها الشرطي الأوحد للخليج وهي ممارسة دأبت عليها منذ إيران الشاه وصولًا إلى إيران الملالي. وهي سياسات عريضة يتبعها الاتحاد الأوروبي في سياساته إزاء روسيا. فالاتحاد الأوروبي يجمع على أولوية الأمن الأوروبي-الروسي، إلا أنه يختلف في سياساته المتبعة إزاء روسيا، وهي سياسة استمرت حتى في ظل التحالف الأوروبي ضد روسيا إبان الحرب الروسية الأخيرة على أوكرانيا. ففي حين سارعت دول لدعم الخيار العسكري ضد روسيا، إلا أن هناك من لا زال يؤمن بضرورة ترك باب الحوار مفتوحًا لضمان أية عودة سريعة لطاولة المفاوضات.

ب-العراق:

يلعب العراق مرتكزًا رئيسيًا في تحقيق الأمن الإقليمي للمنظومة الخليجية، لذلك إهمال ذلك المرتكز يحيله إلى تهديد مباشرة لأمن الخليج. فعلى إثر الحرب الإيرانية-العراقية تمخضت ولادة مجلس التعاون الخليجي، كما جاء الغزو العراقي لدولة الكويت ليشكل أبرز معولاً لهدم المنظومة العربية برمتها بعد سقوط الديماغوغية القومية -وهي الجناح المتطرف من الفكر العروبي القومي-وقد أفضى ذلك إلى صعود أهمية المنظومة الخليجية التي أصبحت ركيزة لإعادة بناء المنظومة العربية. كما أن ذلك الغزو العراقي، فتح الباب واسعًا للتدخلات الأجنبية المباشرة في أمن الخليج منذ عام 1991م، وحتى عام 2003م، وهي حرب العراق. حيث دأب المحافظون الجدد على التأكيد بعودتهم مجددًا لإسقاط صدام حسين وأن الوقوف على تحرير الكويت هو "عمل غير منتهي" ولن ينتهي إلا بإسقاط كامل تلك المنظومة البعثية. وبذلك تحول العراق إلى إحدى ساحات التدخل المباشر لتركيا في الشمال العراقي، وإيران في كامل التراب العراقي. وبذلك أصبح ساحة لاقتتال وسيطرة الميليشيات المسلحة، وانتشار العنف الطائفي، وزيادة عمليات التهجير القسري، وضعف المؤسسات، واستشراء الفساد المالي والإداري. وبذلك تحول العراق إلى ساحة للتدخلات الأجنبية وتصفية الحسابات بين مختلف القوى الدولية والإقليمية والقوى العابرة للحدود. وهي حالة مقلقة لأمن منطقة الخليج. وقد كان ذلك دافعًا لدول الخليج لمساعدة العراق على استعادة دوره الإقليمي العربي وهو دور مرحب في ظل أنظمة تسعى لتعزيز حسن الجوار والتعاون والتكامل الإقليمي. وقد تجلى ذلك بوضوح في الحضور الخليجي لمبادرات العراق الإقليمية وأهمها احتضانها مشروع الشام الجديد وهو حلف أمني واقتصادي وسياسي شمل العراق والأردن ومصر. وتقوم العراق بموجبه بتزويد مصر والأردن بالنفط، في مقابل مشاركة الشركات المصرية والأردنية في عملية إعمار العراق وتزويد العراق بالكهرباء. كما رحبت دول الخليج بدور العراق في الوساطة للتمهيد لانطلاق الحوار الإيراني-السعودي والذي يعول عليه في انفراجة العديد من الملفات الأمنية الإقليمية المعنية بأمن منطقة الخليج والمنطقة العربية. ترتبط اليمن ارتباطًا مباشرًا بأمن الخليج كونها امتدادًا لأمن الممرات المائية ولموقعها الجغرافي المحاذي للحدود السعودية والتي تشكل الثقل الأمني الخليجي في المنظومة الأمنية الإقليمية الخليجية.

ج-اليمن:

وعلى إثر تعثر العملية السياسية الانتقالية في اليمن بعد أحداث الربيع العربي، حيث تمكن الحوثيون من دخول صنعاء، فقد صوت مجلس الأمن الدولي قرارًا يقضي بإدراج نجل الرئيس علي عبد الله صالح وزعيم الحوثيين على لائحته السوداء، ونص على فرض حظر تزويد الحوثيين بالسلاح. كما أطلقت السعودية عاصفة الحزم على إثر طلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من السعودية بالتدخل العسكري، وهي عملية سرعان ما استبدلتها السعودية بعملية إعادة الأمل، كما أطلقت الأمم المتحدة مشاورات جنيف بين السلطة اليمنية والحوثيين للوصول إلى حل للأزمة، والتي تبعتها مشاورات ثنائية في سويسرا، كما احتضنت الكويت مباحثات السلام لعدة أشهر بهدف وضع نهاية لتلك الأزمة. ومع استمرار تلك الأزمة تعددت أطرافها ما بين الحكومة الشرعية، والحوثيين والجنوبيين، والإسلاميين. كما أصبحت المنشآت النفطية هدفًا متكررًا لضربات الحوثيين. وعلى إثر وقوع اشتباكات ما بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات الحكومة اليمنية في عدن، نتج عنها سيطرة الانتقالي، دعت السعودية إلى مشاورات أفضت إلى اتفاق الرياض في 2019م، لتوحيد الصفوف في مواجهة الحوثي وهو اتفاق يشمل مبادئ قائمة على الالتزام بحقوق المواطنة الكاملة ونبذ التمييز المذهبي وتنفيذ ترتيبات أمنية واقتصادية وعسكرية وسياسية. وقد تعثر التنفيذ على إثر إعلان المجلس الانتقالي إقامة إدارة ذاتية لإدارة المحافظات الجنوبية الواقعة تحت سيطرته، وقد تراجع المجلس عن تلك الخطوة لاحقًا مفسحًا المجال أمام الحكومة لإقامة تشكيل جديدة يضمن كامل الطيف اليمني. وفي مطلع عام 2022م، استضاف مجلس التعاون الخليجي المشاورات اليمينة بهدف أن تكون نقطة تحول مهمة في اتجاه تحقيق السلام.

د-باكستان: تحظى دول الخليج بعلاقات هامة مع باكستان منذ النشأة وحتى الآن، بالإضافة إلى التشابه في التحديات التي واجهها كلا الطرفان في القضايا المتعلقة بالإسلام السياسي والجهاديين والمستقبل الأفغاني وهو مستقبل معنية فيه باكستان ودول الخليج بالدرجة الأولى بفعل القرب الجغرافي والتأثير المباشر سلبًا أو إيجابًا. كما أن باكستان شريك جغرافي مباشر على منطقة الخليج، وقوة ردع نووية، وتقوم على عقيدة عسكرية متقدمة بالإضافة إلى المراكز المتقدمة التي يحظى بها الجيش الباكستاني على المستوى العالمي. بل تتشابه باكستان ودول الخليج كذلك في علاقاتها المتميزة مع الإدارات الأمريكية السابقة، وهو تحالف يواجه تحديات على إثر انفتاح الخليج وباكستان على شراكات دولية جديدة تتضمن روسيا والصين. وبذلك فهناك الكثير من الملفات التي تحتاج إلى التنسيق والتعاون لضمان أمن الخليج على ضفتيه وهي غاية مشتركة يسعى إليها كلا الطرفان الخليجي والباكستاني.

الخليج والإقليمية الجديدة والدائرة الدولية

الحفاظ على المنظومة الأمنية 6+3 يتطلب ربطها واستيعاب الإقليمية الجديدة التي باتت تهيمن على منطقة الخليج والتي تشمل منظومة دول آسيا الوسطى + أفغانستان، التنافس الهندي-الباكستاني، منطقة بحر قزوين والقوقاز، شرق المتوسط والدائرة العربية. وذلك كونها دوائر تتفاعل معها بشكل رئيسي كافة الدول الشرق أوسطية الغير عربية ممثلة في إيران وتركيا وإسرائيل وروسيا وافغانستان وباكستان. ومن الجدير بالذكر أن كافة القوى الدولية التي تنخرط في منافسة مع قوى إقليمية تدخل في دائرة التحليل الإقليمي سواء كانت المنافسة الروسية الإقليمية في الشرق الأوسط، أو التنافس الهندي-الباكستاني.

أ-أفغانستان وآسيا الوسطى: مع وصول طالبان إلى السلطة على إثر الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، تحولت أفغانستان إلى إحدى التحديات المباشرة التي فرضت نفسها على الخارطة الأمنية الخليجية، وهو تحدي مشترك ساهم في ربط أمن آسيا الوسطى بالمنظومة الأمنية الخليجية. فكلا المنطقتان يتطلعان إلى تحول أفغانستان لدولة طبيعية بدلاً من أن تعود حاضنة للجماعات المتطرفة والإرهابية.

ب-التنافس الهندي-الباكستاني: يتصاعد تأثير التنافس الهندي-الباكستاني على منطقة الخليج مع دخول الصين وروسيا المنافسة الإقليمية في منطقة الخليج والمنطقة العربية وبذلك فلابد من أخذ عين الاعتبار لذلك التنافس في ظل أي منظومة أمنية خليجية قادمة. فبعد أن كان هذا التنافس يدور حول كشمير والقدرات النووية، فقد تعاظم في ظل التنافس في إقامة الموانئ على ضفاف الخليج. فبعد أن سعت الصين لقبول عضوية كل من الهند وباكستان وإيران في منظمة شانغهاي، فقد تمكنت من الاستثمار في ميناء جوادر الهندي والذي تراهن عليه كأحد أبرز محطات المشروع الاقتصادي الحزام والطريق، إلا أن الهند سارعت للاستثمار في إقامة ميناء مجاور وهو جابهارد وهو مشروع لم يستكمل في ظل توتر العلاقات الأمريكية-الإيرانية. فالهند والتي تعتبر إحدى القوى الصاعدة المنافسة للقوة الصينية، إلا أنها تتطلع إلى دول الخليج لأن تلعب دور الوساطة الإيجابية في مد جسور التنسيق والتعاون ما بين الهند والصين في منطقة الخليج.

ج-منطقة بحر قزوين والقوقاز:

تعتبر منطقة بحر قزوين من المناطق الواعدة في احتياطات الغاز الطبيعي، فتركمانستان التي تحتل مكانًا هامًا على بحر قزوين تصنف ضمن أوائل الدول عالميًا في احتياطات الغاز الطبيعي، وبفعل تراكم الاختلافات مع الجانب الروسي في تصدير ذلك الغاز إلى أوروبا، فقد تحولت إلى إحدى المصادر الرئيسية لتصدير الغاز الطبيعي للصين. وتلك التحديات الاقتصادية تحمل كذلك تحديات أمنية على منطقة الخليج بفعل قربها الجغرافي لاسيما في ظل تصاعد التوترات التركية-الأذربيجانية-الأرمنية في تلك المنطقة، وهي تحديات أمنية تواجه كذلك كلًا من العراق وإيران.

د-شرق المتوسط والدائرة العربية:

تحمل منطقة شرق المتوسط سمات متشابهة مع منطقة بحر قزوين والقوقاز لاسيما بفعل صعودها الجديد على خارطة المنطقة وتداخلها مع الدائرة العربية وتحدياتها الأمنية والاقتصادية في مجال الطاقة.

الخليج والشراكات الدولية

من خلال ما سبق، يتبين أن منطقة الخليج تعيش في عالم متغير بل نظام عالمي يتشكل من جديد بفعل ظهور العديد من المتغيرات الإقليمية والدولية سواء كانت على مستوى الدول الكبرى أو القوى الصاعدة أو التغيرات المناخية وإثرها في التحول إلى الطاقة النظيفة. بل إن نشوب الحرب الروسية على أوكرانيا في مطلع عام 2022م، ليس إلا إحدى تجليات ذلك التشكل الجديد والذي يعد محاولة للخروج على قواعد اللعبة الدولية التي أرستها نتائج الحرب العالمية الثانية، والتي ليست بالضرورة سوف تتمخض عن تغيرات جذرية إلا أنها لن تمضي بلا شك دون أن تلقي بظلالها على هذه المنطقة.  وكل ذلك يدفع دول الخليج بضرورة إعادة النظر في الاستراتيجيات الأمنية وأدواتها وتحالفاتها بما يعزز موقعها في تلك المنظومة القادمة، والتي لابد أن تبدأ بتعزيز منظوماتها في البيت الخليجي من الداخل، بالإضافة إلى التأكيد على شراكاتها مع دول الجوار المباشر وإطلاق الشراكات المتعددة مع مختلف المنظومات الإقليمية والدولية الجديدة ذات التأثير بحاضر ومستقبل المنطقة الخليجية والعربية.

مقالات لنفس الكاتب