; logged out
الرئيسية / (الكوميسا) سوق واعدة للاستثمار الزراعي الخليجي وبها فرص استثمارية حقيقية

العدد 180

(الكوميسا) سوق واعدة للاستثمار الزراعي الخليجي وبها فرص استثمارية حقيقية

الثلاثاء، 29 تشرين2/نوفمبر 2022

اعتمدت السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) منذ تأسيسها نهجًا تنمويًا للتكامل الإقليمي، والذي يغطي الركائز الأساسية لتكامل السوق والتصنيع وعملية تطوير البنية التحتية، و يهدف هذا النهج إلى تحقيق هدف السياسة المشتركة و على رأسها زيادة الدخل والتحول الاقتصادي، وفي سبيل تحقيق أهدافها ركزت الخطة الاستراتيجية المتوسطة الأجل للفترة الممتدة (2016-2020م) على محاولة تحقيق الأهداف التالية: إزالة العوائق أمام التجارة، و بناء القدرة الإنتاجية من أجل القدرة التنافسية العالمية، وكذا معالجة المشاكل المتعلقة بالبنية التحتية، كما أنها خصصت حيزًا هامًا لقضايا السلام والأمن والقضايا الشاملة (التنوع الاجتماعي والشؤون الاجتماعية، تغير المناخ، المعونة من أجل التجارة والمجتمع القائم على المعرفة ورأس المال البشري).

تظهر المؤشرات الاقتصادية المتوفرة حول السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) أنها سوق واعدة للاستثمار والتعاون، بدليل توفرها على فرص استثمارية حقيقية، وكذا امتلاكها للتنظيم المؤسسي الذي يسمح لها بتوفير الإطار المنظم لعمليات الشراكة بينها وبين مختلف المهتمين بتطوير علاقات اقتصادية حقيقية. وهنا تبرز دول مجلس التعاون الخليجي كأحد أهم تلك الأطراف التي بإمكانها الاستفادة بشكل كبير من مختلف الفرص الاستثمارية الحقيقية التي توفرها السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) في مختلف المجالات.

أولاً، الاستثمار الأجنبي المباشر في الكوميسا خلال عام 2021م

وفقًا لتقارير FDI Intelligence، شهدت السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) إنشاء ما مجموعه 89 مشروعًا للاستثمار الأجنبي المباشر خلال الفترة من يناير إلى أغسطس 2021م، مقارنة بـ 104 مشروعات خلال الفترة نفسها من عام 2020م، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 14.4 ٪، وهو ما يمكن أن يكون مرتبطًا بشكل مباشر بـ تفشي وباء كوفيد-19 والتدابير التي اتخذتها البلدان في جميع أنحاء العالم بما في ذلك عمليات الإغلاق والقيود على السفر. من جانب آخر تم الإعلان عن أكبر عدد من المشاريع خلال شهر مارس 2021م، حيث تم الإعلان عن 23 مشروعًا تمثل 25.8٪ من إجمالي عدد المشاريع المعلن عنها خلال الفترة من يناير إلى أغسطس 2021م، يليه فبراير بـ 20 مشروعًا (22.4٪)، يوليو بـ 19 مشروعًا (21.3٪)، يونيو بـ 11 مشروعًا (12.3٪).

لقد استحوذت المشاريع الاستثمارية على إجمالي 4.87 مليار دولار أمريكي، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 6 ٪ مقارنة بإجمالي 4.09 مليار دولار أمريكي تم استثمارها خلال نفس الفترة من عام 2020م، وبلغ إجمالي عدد الوظائف الجديدة التي تم توفيرها خلال الفترة من يناير إلى يوليو 2021م، كان هناك 13189 فرصة عمل، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 5.6 ٪ مقارنة بـ 13،984 فرصة عمل تم استحداثها خلال نفس الفترة من عام 2020م.

من جانب آخر استحوذت الدول العشر الأولى التي استثمرت في السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) خلال الفترة من يناير إلى أغسطس 2021م، على حصة مجمعة تبلغ 66.2٪ من إجمالي عدد 89 مشروعًا تم الإعلان عنها، و41.9٪ من إجمالي الوظائف التي تم توفيرها (5527 فرصة عمل)، و74.8٪ من إجمالي فرص العمل. واحتلت الإمارات العربية المتحدة المرتبة الأولى بين الدول المستثمرة في المنطقة بإجمالي 20 مشروعًا تمثل 22.4٪ من إجمالي عدد المشاريع المعلنة، تليها الهند (10.1٪) وألمانيا (6.7٪)، وفرنسا وإسبانيا. والمملكة المتحدة 4.4٪ لكل منهما، وأخيرًا الصين ولبنان وجنوب إفريقيا وكوريا الجنوبية بنسبة 3.3٪ لكل منهما. أما من ناحية عدد الوظائف التي تم خلقها، فقد استحدثت الإمارات العربية المتحدة أكبر عدد من الوظائف بإجمالي 390 ألف وظيفة، وأعلى إجمالي استثمار بلغ 2.57 مليار دولار أمريكي خلال سنة 2021.

ثانيًا، أهم الدول المستثمرة في السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) ومجالات الاستثمار

من بين 14 وجهة في السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) استقبلت مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الفترة من يناير إلى أغسطس 2021م ، تلقت أفضل 10 وجهات مضيفة ما مجموعه 85 مشروعًا تستحوذ على حصة 95.5 ٪ من إجمالي مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث استضافت السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) 33 مشروعًا من إجمالي 37٪، تليها كينيا بـ 21 مشروعًا (23.5٪) ، رواندا بـ 6 مشاريع (6.7٪)، موريشيوس وأوغندا مع 5 مشاريع لكل منهما (5.6٪ لكل منهما) ، إثيوبيا وزامبيا مع 4 مشاريع يمثل كل منها (4.4٪ لكل منها) ، زيمبابوي مع 3 مشاريع (3.3٪ لكل منهما) ، ليبيا والسودان بمشروعين لكل منهما (2.2٪ لكل منهما). وجذبت بلدان السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) المتبقية ما مجموعه 4 مشروعات تمثل 4.4٪ من إجمالي المشروعات المستلمة.

ومن بين 13 نشاطًا تجاريًا تم تحديدها بواسطة FDI Market Intelligence؛ استحوذت الأنشطة التجارية الخمسة الأولى على 73 مشروعًا، أي ما يعادل 82٪ من إجمالي عدد مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر المعلن عنها في المنطقة خلال الفترة من يناير إلى أغسطس 2021م، وشكل الاستثمار في خدمات الأعمال 25.8٪ من إجمالي عدد المشاريع، تليها المبيعات والتسويق والدعم (24.7٪)، التجزئة (14.6٪)، التصنيع (10.1٪) والتعليم والتدريب (6.7٪).

خلال نفس الفترة سجلت منطقة السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) إجمالي 13189 وظيفة جديدة، وكانت معظم هذه الوظائف في قطاع البناء الذي حصل على ما مجموعه 3596 وظيفة ويمثل 27.2 ٪ من الإجمالي، تبعه قطاع التصنيع حيث بلغ عدد الوظائف 2929 وظيفة (22.2٪)، وتجارة التجزئة بواقع 1485 وظيفة (11.2٪)، ومركز الدعم الفني بـ 1023 وظيفة (7.7٪)، وخدمات الأعمال بـ1011 وظيفة (7.6٪).

كما كان قطاع البناء المستفيد الأكبر من الاستثمار الرأسمالي خلال 2021-2022م، مسجلاً ما يقرب من 2.21 مليار دولار أمريكي تمثل 45.3٪ من الإجمالي، وفي المرتبة الثانية كانت الخدمات اللوجيستية والتوزيع والنقل (14٪)، وخدمات الأعمال (7.1٪)، والتصنيع (4.1٪)، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبنية التحتية للإنترنت (3.8٪). لقد حصلت الأنشطة التجارية الخمسة الأولى على حصة مجمعة بنسبة 74.3٪ من إجمالي رأس المال المستثمر البالغ حوالي 4.88 مليار دولار أمريكي.

ثالثًا، حجم استثمار مجلس التعاون الخليجي في السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا): الدور الفاعل للمملكة العربية السعودية

تعتبر كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أكثر دولتين حاضرتين وبقوة في العلاقات التجارية وحجم الاستثمارات مع السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا)، حيث ووفقًا لإحصائيات سنة 2020م، فقد سجلت الدول التالية: بورندي، جزر القمر، الكونغو الديمقراطية، جيبوتي، مصر، إثيوبيا، كينيا والسودان، تونس والسيشل، نسبًا مرتفعة في حجم التصدير مع كل من المملكة العربية السعودية، ويمكن توضيح تلك النسب وفق الجدول التالي:

                      

الدول

المملكة العربية السعودية

الإمارات العربية المتحدة

بورندي

00.00

8.0

جزر القمر

0.1

0.7

الكونغو الديمقراطية

0.2

857.4

جيبوتي

37.5

1.8

مصر

1.501.3

2.631.2

إثيوبيا

185.6

163.9

كينيا

83.2

358.4

السودان

83.0

1.597.2

تونس

27.5

61.2

السيشل

5.2

114.2

جدول رقم 01 يبين أعلى الدول التي تنتمي إلى الكوميسا تبادلاً في التصدير مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة (بـ مليون دولار) سنة 2021

يلاحظ من خلال الجدول أن مصر هي أكثر الدول تبادلاً في التصدير مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، تليها إثيوبيا بحوالي 185 مليون دولار مع المملكة العربية السعودية و163 مليون دولار مع الإمارات، وحتى الكونغو الديمقراطية بلغ حجم تصديرها إلى الإمارات العربية المتحدة بأكثر من 857 مليون دولار. وهي كلها نسب قابلة للتحسن مستقبلاً خاصة في ظل توفر مؤشرات إيجابية من الناحية الاقتصادية. أما بالنسبة لحجم الاستيراد لدول السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) مع كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فيمكننا إيرادها في الجدول التالي:

 


الدول

المملكة العربية السعودية

الإمارات العربية المتحدة

مصر

3.406.8

1.236.7

إثيوبيا

359.2

657.5

كينيا

721.9

977.1

السودان

284.0

318.1

تونس

207.7

126.3

جدول رقم 02 يبين أعلى الدول التي تنتمي إلى الكوميسا تبادلاً في الاستيراد مع المملكة العربية السعودية و الإمارات العربية المتحدة ( بـ مليون دولار) سنة 2021

من خلال الجدول يتضح لنا أن مصر أكثر استيرادًا من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، تليها كينيا بأكثر من 721 مليون دولار مع الأولى و977 مليون دولار مع الثانية، وحتى دول مثل إثيوبيا والسودان وتونس سجلت هي الأخرى حجم استيراد مرتفع جدًا، وتبقى هذه الأرقام قابلة للارتفاع في ظل الحركية الاقتصادية الموجودة بين الجانبين وفي ظل توفر الأطر المساعدة على تحسين التبادل التجاري بين الجانبين.

أما إذا ما تعلق الأمر بالقطاعات المعنية بالتصدير بين السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) من جهة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من جهة أخرى، يمكننا توضيحها في الجدول التالي:

 


القطاع

المملكة العربية السعودية

الإمارات العربية المتحدة

الصناعات

841 مليون دولار  (2.6 % )

899 مليون دولار (2.7 %)

الخامات و المعادن

10 مليون دولار (0.0% )

755 مليون دولار (3.7 % )

الغذاء

799 مليون دولار (4.2 % )

857 مليون دولار (4.5 %)

الوقود

357 مليون دولار (4.3 %)

231 مليون دولار (2.8 %)

المواد الخام الزراعية

53 مليون دولار (2.5 %)

32 مليون دولار (1.5 %)

منتوجات أخرى

0.70 مليون دولار (0.0 %)

6.471.2 مليون دولار (83.6 % )

جدول رقم 03 يبين القطاعات الهامة المعنية بالصادرات بين الكوميسا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة

يتضح من خلال الجدول أعلاه أن سيطرة قطاعات الغذاء والصناعات والوقود على جانب الصادرات بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، حيث بلغ حجم قطاع الصناعات 841 مليون دولار مع المملكة العربية السعودية و899 مليون دولار مع الإمارات العربية المتحدة، ونفس الأمر ينطبق على قطاع الغذاء الذي بلغ حجمه 799 مليون دولار مع المملكة العربية السعودية و857 مليون دولار مع الإمارات العربية المتحدة.

أما فيما يتعلق بالاستيراد، فيمكن توضيح القطاعات المعنية به وحجم الاستيراد بين الطرفين السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) من جهة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من جهة أخرى في الجدول أدناه:

 

 

 

 


القطاع

المملكة العربية السعودية

الإمارات العربية المتحدة

الصناعات

2.079 مليون دولار (2.1 % )

2.242 مليون دولار (2.3 %)

الخامات والمعادن

132 مليون دولار (2.8% )

207 مليون دولار (4.4 % )

الغذاء

116 مليون دولار (0.4 % )

387 مليون دولار (1.3 %)

الوقود

3.257 مليون دولار (17.2 %)

3.037 مليون دولار (16.1 %)

المواد الخام الزراعية

5 مليون دولار (0.2 %)

43 مليون دولار (1.6 %)

منتوجات أخرى

0.0 مليون دولار (0.0 %)

116 مليون دولار (4.2 % )

جدول رقم 04 يبين القطاعات الهامة المعنية بالاستيراد بين الكوميسا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة

يهيمن قطاع الوقود والصناعات على جانب الاستيراد بين الجانبين، حيث بلغ حجم الاستيراد في الصناعات 2.079 مليون دولار للمملكة العربية السعودية و2.242 مليون دولار للإمارات العربية المتحدة، وفي قطاع الغذاء بلغ 116 مليون دولار للأولى و387 مليون دولار للثانية، وتراوح حجم الاستيراد في الخامات والمعادن ما قيمته 132 مليون دولار للأولى و207 مليونات دولار للثانية.

بناءً على المعطيات الواردة أعلاه يلاحظ أن هناك قطاعات مهمة يمكن أن تكون مجالات حقيقية للشراكة بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول السوق الإفريقية المشتركة، على غرار الصناعات بمختلف أنواعها، الخامات والمعادن، الغذاء بشكل خاص، وأخيرًا الوقود الذي يعد قطاع مهم جدًا بالنظر إلى خبرة دول مجلس التعاون من جهة وكذا باعتبارها أهم الدول المصدرة للنفط وفاعل أساسي في سوق الطاقة الدولي.

من جانب آخر، تبرز المملكة العربية السعودية كأحد أهم الدول نشاطًا من الناحية الاقتصادية والتجارية في علاقاتها مع دول السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا)، حيث أن قيمة التبادل كصادرات مثلاً في قطاعات كالطاقة والصناعة تبدو مشجعة جدًا، حيث تراوحت مثلا قيمة صادرات المملكة العربية السعودية في الطاقة 3.257 مليون دولار، و في الخامات والمعادن حوالي 132 مليون دولار، وفي قطاع الغذاء مثلاً بلغ حجم التبادل 116 مليون دولار كحجم استيراد بين السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) والمملكة العربية السعودية وأكثر من 799 مليون دولار كحجم تبادل في التصدير بين الجانبين بنسبة 4.2 %. في مجال الزراعة تتمتع دول السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) بإمكانيات نمو كبيرة لكنها تعاني من غياب استراتيجي فيما يخص الموارد المالية والوسائل الفنية، ويمكن سد جزء من هذه الفجوة بالتعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والدول الإفريقية لصالح الطرفين، وذلك عن طريق شراكة مفيدة للطرفين يفرضها وجود فرص كبيرة للتكامل بين المنطقتين: بتوفير الموارد المالية والوسائل الفنية من الجانب العربي وتوفير المياه والأراضي واليد العاملة من الجانب الإفريقي.

كما تسعى المملكة العربية السعودية إلى تعزيز العلاقات مع بلدان السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) ومنطقة جنوب إفريقيا من خلال خلق مجالات جديدة للاستثمار والتنمية عبر الأمانة العامة للكوميسا، حيث سبق و أن زار السيد أحمد بن عبد العزيز قطان، المستشار بالديوان الملكي السعودي في 9 يونيو 2022م، الأمانة العامة للسوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا)، لمناقشة التعاون وطلب الدعم في استضافة المعرض العالمي إكسبو 2030م، في المملكة العربية السعودية، كما أن الأخيرة تعتبر السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) منظمة مهمة في تحقيق أهداف الشراكة العربية الإفريقية. كما أن المملكة قد خصصت مليار دولار أمريكي لمشاريع الاستثمار في إفريقيا في القطاعات التالية وهي: الصناعة، والتمويل، والزراعة، وصيد الأسماك، والتعدين، والنقل، والأمن الإقليمي، والطاقة، كما أنها ساهمت في تنمية إفريقيا، بما في ذلك مكافحة الجوع والفقر والأوبئة والأمراض مثل جائحة كوفيد-19، كما وفرت ما قيمته 500 مليون دولار لمكافحة جائحة كوفيد-19، و150 مليون دولار لصالح تحالف اللقاح و200 مليون دولار لدعم المرافق الصحية.

رابعًا، مستقبل التعاون بين مجلس التعاون الخليجي والكوميسا:

إن تعزيز التعاون بين السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) ودول مجلس التعاون الخليجي يمكن أن تعود بالفائدة المشتركة على الجانبين لعدة اعتبارات، أهمها أن الموقع الجيوسياسي العالمي لمجلس التعاون الخليجي كمركز جذب للحركة التجارية الدولية يدفع في هذا الجانب، فدول مجلس التعاون الخليجي تعد مركزًا للتدفقات السياحية من آسيا (خاصة الصين والهند) وأوروبا إلى منطقة السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا)، وبالتالي فهي في وضع مريح مساعد على زيادة عدد السياح نحو القارة الإفريقية. وفي المقابل تمتلك دول السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) قدرة على مساعدة دول مجلس التعاون الخليجي على تحقيق الأمن الغذائي بسبب توفر مساحات كبيرة من الأراضي وقطاع زراعي قوي، والذي يشكل حوالي 32٪ من الناتج المحلي الإجمالي للسوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) ويعمل به 80 ٪ من عمالها.

من جانب آخر، الميزة الأساسية للسوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) هو ارتفاع عدد سكانها (أكثر من 500 مليون نسمة)، و هي بالتالي سوق حقيقية للسلع المصدرة من مجلس التعاون الخليجي، هذه الأخيرة يمكنها الاستثمار في مسألة ضعف التجارة البينية بين دول السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) نفسها و التي لا تتعدى نسبة 5 %، لهذا يبقى السبيل الوحيد المطروح أمامها هو تشجيع استقطاب أكبر عدد من الاستثمارات من مجلس التعاون الخليجي و لما لا الاستفادة من قيمة الصناديق الاستثمارية السيادية لدول مجلس التعاون الخليجي التي تبلغ 1500 مليار دولار. وبشكل أكثر تحديدًا، ترغب الدول الإفريقية في توظيف بعض الاستثمارات الخليجية في تطوير البنية التحتية، خصوصًا قطاعي الاتصالات والزراعة، حيث وباستثناء عمان والسعودية، ليس لدى الدول الأخرى في المنظومة الخليجية برامج لتطوير القطاع الزراعي محليًا لأسباب مفهومة تشمل محدودية المياه وندرة الأراضي الزراعية. وفيما يخص قطاع الاتصالات، تلعب شركات الاتصالات الخليجية مثل ''اتصالات الإماراتية'' دورًا متناميًا بل محوريًا في قطاع الاتصالات في بعض دول السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا)، حيث توجد في مصر والسودان وتنزانيا، وحديثًا فقط استحوذت شركة بهارتي الهندية على أصول شركة زين الكويتية في 15 بلدًا إفريقيًا بينها أعضاء في الكوميسا.

كما يمكن لمذكرة التفاهم التي تم توقيعها بين الجانبين السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) و كذا مجلس التعاون الخليجي أن تعزز الوجود الخليجي في هذه السوق الواعدة ووضع إطار عام للعلاقات التجارية بين التكتلين الخليجي والإفريقي، و من الجيد وضع تلك المذكرة ضمن سياقها العام ؛ وهو سلسلة الاتفاقيات التجارية التي أبرمتها الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي في السنوات الماضية، و هو الأمر الذي  يعكس تنامي التقدير للتعاون الدولي، على غرار  اتفاقية التجارة بين مجلس التعاون الخليجي ورابطة التجارة الحرة الأوروبية، و اتفاقية التجارة مع سنغافورة في نهاية عام 2008م.

الخاتمة:

يتضح من خلال العرض السابق أن هناك فرص حقيقية لتنمية الشراكة ما بين السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا) ودول الخليج العربي ممثلة في مجلس التعاون الخليجي، وهذه الفرص بدأت تجد طريقها للتجسيد مع توقيع مذكرة التفاهم بين الطرفين في 2009م، وبعدها استمرت العلاقات بشكل كبير ليكون للمملكة العربية السعودية حضور لافت للانتباه في دول السوق الإفريقية المشتركة (الكوميسا)، سواء من ناحية الاستيراد أو التصدير وفي مجالات حيوية. ويمكن أن يتسع هذا التعاون بشكل أفضل مع العمل على تنويع الاستثمارات في المنطقة ومحاولة بناء علاقات على أسس شراكة واضحة مفيدة للطرفين.

مقالات لنفس الكاتب