; logged out
الرئيسية / توجهات سلطنة عُمان: ترسيخ العلاقات الخليجية والحياد وعدم الانحياز لطرف دون الآخر في العلاقات الدولية

العدد 181

توجهات سلطنة عُمان: ترسيخ العلاقات الخليجية والحياد وعدم الانحياز لطرف دون الآخر في العلاقات الدولية

الخميس، 29 كانون1/ديسمبر 2022

      استمرت نهضة سلطنة عُمان في مسيرة تجددها تحت ظل القيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق المعظم خلال عام 2022م، وذلك بالرغم من التحديات التي واجهتها السلطنة لفترة سبقت العام المنصرم ولعل أبرزها تمثل في أزمة كورونا التي عصفت بالعالم أجمع وأثرت على مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبالعودة إلى تجربة السلطنة فقد تعاملت مع الأزمة بتكاتف جهود الأفراد والمؤسسات بشكل ملموس

مع اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا منذ بداية ظهور الأزمة في عام 2020م، وتمكنت اللجنة من إثبات جدارتها في إدارة واحتواء الأزمة، حيث تم اتخاذ الإجراءات كافة التي تسهم في تجاوز الحدث وعدم تصعيده – بالرغم من صعوبته - وبالرغم من استمرار مؤثرات هذه الأزمة حتى اليوم  لا سيما على الجانب الاقتصادي ، إلا أن السلطنة شأنها شأن الكثير من دول العالم تمكنت – ولا تزال - من مواجهة العواصف الاقتصادية والسيطرة عليها، وهذا ما أثبتته النتائج والمؤشرات التي أعلنتها المؤسسات المعنية بالجانبين الاقتصادي والمالي في السلطنة، كما أكدت النتائج على نجاح الفرد العماني في التأقلم مع الأوضاع (الكورونية) والتكيف مع ظروفها.

      لقد عكست لنا تجربة (كورونا) قدرة السلطنة في تحويل وتخطي وتجاوز تحدياتها وبلورتها إلى إنجازات، فضلاً عن أنها أكدت على أهمية الاستعداد لأي طارئ أو حدث من الممكن أن يؤثر سلبًا على الاقتصاد والأوضاع الاجتماعية.

       واستمرارًا لخط المنجزات على المستوى المحلي العُماني، كُثفت الجهود المؤسسية حول تنفيذ رؤية عُمان 2040م، التي تم إعلانها بموجب مرسوم سلطاني في عهد السلطان الراحل قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – وتم اعتمادها بأمر من السلطان هيثم بن طارق المعظم وارتكزت الرؤية على محاور رئيسية تمثلت في: "الإنسان والمجتمع، والاقتصاد والتنمية والبيئة المستدامة، والحوكمة والأداء المؤسسي" وتمحورت أهدافها حول التنافسية العالمية ومستقبل السلطنة الاقتصادي والاجتماعي وتصنيفها عالميًا في عدة جوانب، والاهتمام  بالاقتصاد العُماني وتنويع مصادره  ورفع نسبة الإسهامات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي.

 

شعار رؤية عُمان 2040

 

      إن سياسة السلطان هيثم بن طارق تهدف من خلال هذه الرؤية إلى تحقيق التحولات النوعية والتغيرات الجذرية للسلطنة في مختلف الميادين، وتأكيدًا على أهمية المجتمع وتعزيزًا لدوره؛ جاء الحرص السلطاني الشديد والدقيق على  العمل وتفعيل جميع الأدوار الوطنية الفاعلة؛ لأجل تحقيق النجاح لرؤية 2040م، وتعزيز دور الأفراد والمؤسسات فهي مسؤولية الجميع كل بحسب إمكانياته وموقعه، لذا فمن المتوقع أن تطبيق الرؤية بجميع محاورها على أرض الواقع سيحقق للسلطنة خلال العقدين القادمين نتائجها وأهدافها المرجوة ليس على المستوى المحلي في مختلف القطاعات المجتمعية فحسب، وإنما أيضًا على المستويين الإقليمي والعالمي.

       وعند تسليط الضوء على الاستراتيجية الحكيمة في إدارة السلطان هيثم يتضح لنا قرب وعمق علاقته مع شعبه وتواصله الدائم معهم، حيث يمكن ترجمة ذلك من خلال خطابات السلطان السامية ولقائه واجتماعاته مع شيوخ المحافظات والمناطق، إضافة إلى إصدار جلالته للمراسيم السلطانية الهادفة إلى تحقيق مصلحة سلطنته، والمؤكدة لحرصه الشديد على شعبه، حيث انقضت سنة 2022م، محققة تغيرات ملحوظة في الهيكل الإداري والتنظيمي للسلطنة وذلك لا يزال ينعكس من خلال النتائج الظاهرة على واقع المجتمع العُماني، وما ينبغي الوقوف عنده هي النقاط المحورية التي يركز عليها جلالته في خطاباته السامية، ومما جاء في خطاب الحادي عشر من يناير من عام 2022م، الذي تفضل جلالته بإلقائه على شعبه بمناسبة ذكرى توليه مقاليد الحكم في البلاد:" أبناءَ عُمان المخلصين... يُعتَبَر الاستثمار المحلي أحد الركائزِ المهمةِ لتنويعِ مصادرِ الدخلِ الوطني، فبعدَ أن أطلقنا العديدَ من البرامجِ الوطنيةِ، وهيّأْنا البيئةَ المساعدةَ، فإنّنَا نحثُّ على استثمارِ رُؤوسِ الأموالِ محلياً، فأمامَهَا فرصُ استثمارٍ مُجْزِيَةٍ، في جميعِ المجالاتِ، ونتطلعُ لِأَنْ تكونَ بلادُنَا وِجهةً استثماريةً رائدة، لا سِيَّمَا في المجالاتِ التي تُعزِّزُ توجُّهَاتِنا الراميةِ لتوسيعِ حِجْمِ اقتصادِنَا الوطني، وتنويعِ مصادِرِ الدخل فبِلادُنَا -والحمدِ لله- تتمتعُ بمزايا تنافسيةٍ، وإمكانياتٍ كبيرةٍ، وفُرَصٍ واعدةٍ ينبغي استغلالُهَا، وستُسخِّرُ الحكومةُ ومؤسساتُ الدولةِ جميعاً ، كافةَ جُهودِها وطاقاتِها في تعاونٍ وتكاملٍ، يضمنُ توجيهَ التنميةِ إلى المحافظات، وتعملُ على تعزِيزِ جاهزيتِها للاستثمارِ وتنميةِ دورِها المحلي، القائمِ على الميزةِ النسبيةِ، التي تمتازُ بها كلُّ محافظة، بما يَخْلُقُ نماذجَ تنمويةٍ محلية، وستردفُ ذلك ثُلْةُ من مشاريعَ استراتيجية، تُنفِّذُها الحكومةُ، ضِمنَ خُطَطِها الخمسيةِ، فتتكاملُ حركةُ التنميةِ؛ لتشملَ كلَّ أرجاءِ وطنِنَا العزيز وسنحرِصُ خلالَ المرحلةِ القادمةِ، من عمرِ نهضتِنَا المتجددةِ ؛ للانتقالِ بالأداءِ الحكومي، من مستوى الحلولِ الاضطراريةِ إلى مستوى آخر، أكثرَ ديمومةً، يَتِمُّ فيه إرساءُ مجموعةٍ من الحلولِ الشاملةِ، التي تضعُ النموَ الاقتصادي، والاستدامةَ الماليةَ، ورفاهيةَ المجتمعِ في أولِ سُلَّمِهَا"، واستنادًا إلى الكلمات السامية تتبلور لدينا أهمية العمليات الاستثمارية المحلية وما سُيقدم لها من دعم وتمويل حكومي ومؤسسي لها؛  لتعزيز نطاق النمو الاقتصادي للبلاد، وتنويع مصادره وتسريع عجلة التنمية المرجوة، وإرساء قواعد وأسس الاقتصاد الوطني العماني، وضرورة مسايرة السلطنة للتطورات الاستثمارية العالمية.

      وعند العودة إلى النص الكامل لخطاب جلالته وتحليله فإننا نستخلص نقاط عديدة منها التأكيد على أهمية إشراك وتفعيل المواطنة؛ لأجل مستقبل السلطنة " المواطنون الأعزاء...إن الارتقاءَ بعُمانَ إلى الذُرى العاليةِ، مِنْ السموِّ والرفعةِ، التي تستحقها لَهُوَ واجبٌ وطنيٌ، وأمانةٌ عظيمةٌ، وعلى كلِّ مواطنٍ دورٌ يؤديهِ في هذا الشأن ونُهِيبُ بأبنائِنَا وبناتِنَا التمسُّكَ بالمبادئِ والقيمِ، التي كانت وستظلُ ركائزَ تاريخِنَا المجيدِ، فَلْنَعْتزّ بِهَوِيَتِنَا وجَوْهَرِ شخصيتِنَا، ولِنَنْفَتِحْ على العالَمِ، في توازنٍ ووضوحٍ، ونَتَفَاعَلْ معه بإيجابيةٍ، لا تُفْقِدُنا أصالتَنَا ولا تُنسينا هويتَنَا" كما أكد جلالته على دور الشباب العُماني في المسيرة التنموية وضرورة دفع وإبراز العملية التعاونية بين الأفراد والمؤسسات " لقد جَعَلْنَا الشبابَ في صميمِ اهتمامِنَا واهتمامِ حكومتِنَا، مُتابِعِين الجهودَ المبذولةَ؛ لإشراكِهِم في بناءِ الوطن، وسنَحْرِصُ على أن تكونَ هذه الشـراكةُ أكثرَ شموليةً، وأعمقَ أثـراً، حيثُ تعملُ مختلفُ مؤسساتِ الدولةِ ومَسْؤُوْلُوْهَا، على اعتمادِ منهجياتِ عملٍ مستدامةٍ؛ تُركزُ على إبرازِ إسهاماتِ الشبابِ الفاعلةِ، في هذه المسيرةِ المباركةِ – بإذنِ الله- وتُنَظِّمُ أدوارَهُم في خدمةِ المجتمع"، كما جاء الحرص والتأكيد السامي على ترسيخ المبادئ الوطنية، والمضي قدمًا في مواجهة التحديات وإكمال مسيرة النمو والازدهار للسلطنة من خلال تفعيل دور رؤية عُمان 2040م، السابق ذكرها، وبفضل هذه السياسة التي ترأسها السلطان هيثم بن طارق المعظم، فإن السلطنة شهدت تحسنًا ماليًا واقتصاديًا في نهاية 2022م، نتيجة الانطلاقة المتوازنة في تطبيق الرؤى والضوابط، والإصرار على الوصول إلى الأهداف التي وضعت ورسمت وحددت في بداية عام 2022م.

      ولم تكن المرأة العُمانية بمنأى عن دائرة الاهتمام والدعم الحكومي خلال العام المنصرم، فقد حظيت بمكانة بارزة، وبرعاية سامية من لدن السلطان هيثم بن طارق والسيدة الجليلة عهد بنت عبد الله البوسعيدية، كما أكدت حكومة السلطنة على ضرورة تفعيل دور المرأة العُمانية في رؤية 2040م، وإشراكها في الخدمة المجتمعية، وبالعودة إلى الشعار الذي تبنته السلطنة في احتفالها بيوم المرأة العُمانية في السابع عشر من نوفمبر 2022م، " المرأة شريكة في التنمية" نجد تعزيزًا للدور الريادي للمرأة العُمانية، وترسيخًا لأهمية إسهاماتها الفاعلة لأجل مستقبل الرؤية.

        وامتدادًا لخط الإنجازات المحلية، فقد حققت السلطنة مراكز متقدمة في مجالات عديدة فعلى سبيل المثال لا الحصر في جانب الأمن الغذائي تم تصنيف السلطنة ضمن المراكز العشر الأوائل على مستوى الدول العربية في تقرير مؤشر الأمن الغذائي لعام 2022م، ويأتي هذا التصنيف استنادًا إلى مجموعة من الأطر والمعايير كالأمن السياسي وتكلفة الغذاء واستدامته، وسلامته وكذلك جودته فضلاً عن توفره، إضافة إلى الموارد الطبيعية وصحتها وسلامة البنية الأساسية الزراعية، وبالمقارنة بين عامي 2021م، و2022م، فقد حققت السلطنة تقدمًا ملحوظًا في هذا الجانب وجاء هذا انعكاسًا للاستثمارات المعنية بهذا الجانب كالزراعة والسمكية والحيوانية وموارد المياه. ومن وجهة نظري فعُمان بجغرافيتها المتميزة ومواردها الطبيعية وأمنها السياسي يمكنها في قادم أيامها أن تحقق اكتفاءها الغذائي الذاتي وهذا بدوره سيحقق بعدًا اقتصاديًا كبيرًا للسلطنة في مستقبلها الأمني الغذائي على مستوى العالم.

              وعلى مستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فالسلطنة ومنذ مراحل إنشاء المجلس أبدت تجاوبها مع كل ما من شأنه أن يخدم مصالح المنطقة وأمنها وسلامة سكانها، وأكدت على ضرورة التشاور بين دول المنطقة في أبرز قضاياها؛ حرصًا على مستقبلها، وفي كل اجتماع من اجتماعات المجلس ومؤتمراتها نجد تناغم الوحدة الخليجية حاضرًا فيما يتم تناوله ومناقشته، ففي مؤتمر القمّة الثالث والأربعين لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي عقد في الرياض في شهر ديسمبر من العام 2022م، تم تناول عدة محاور أبرزها التغير المناخي الذي يشكل تحديًا للمنطقة؛ استنادا إلى المؤثرات الناتجة عنه التي باتت تهددها، وقد أشادت دول المجلس تجاه ما أعلنه وفد السلطنة  الذي ترأسه صاحب السمو السيد فهد بن محمود آل سعيد عن اعتماد عام 2050م، ليكون عامًا لتحقيق الحياد الصفري الكربوني، وذلك بأمر من جلالة السلطان هيثم بن طارق؛ حرصًا على الحفاظ على البيئة وتحسين أدائها ومقاومة خطر التغير المناخي السلبي، وذلك من خلال التخلص من آثار انبعاث الغازات الخطيرة ومقاومة خطرها، وخفض انبعاث الكربون لأقل نسبة ممكنة، ولأجل تحقيق ذلك جاء الأمر السامي بإنشاء مركز عُمان للاستدامة وإعداد خطة وطنية مدروسة سيتم تطبيقها وفقًا لمتطلباتها من أجل تحقيق الأهداف المنشودة والمرجوة من ورائها.

 

      وشاركت السلطنة في أعمال القمة الخليجية الصينية التي أقيمت تأكيدًا وترسيخًا للعلاقات بين دول مجلس التعاون وجمهورية الصين الشعبية بحضور الرئيس الصيني شي جين بينج،  ونتج عن اللقاء الذي جمع صاحب السمو السيد فهد بن محمود آل سعيد بالرئيس الصيني، النظر في مستقبل هذه العلاقات وتتويجها بمجموعة من الشراكات التنموية ذات المصالح المشتركة، وبالتعمق في استراتيجية العلاقات بين سلطنة عُمان والصين،  فهي امتداد لماض بعيد وتفاؤل بتتويجها في مشاريع استثمارية مستقبلية، من شأنها أن تعزز جانب التعاون بين الطرفين وتخدم مصالحهما، وهنا لا بد من الإشارة إلى حرص السلطنة على الحفاظ على العلاقات مع دول الشرق والغرب على السواء وبلورة الأهداف من وراء هذه العلاقات في كل ما يخدم المصالح السياسية والاقتصادية والثقافية، وما يعزز جانبي الأمن والاستقرار بمختلف مستوياته على الصعيد العالمي.  

      وفي اجتماع الدورة المائة وأربعًا وخمسين للمجلس الوزاري الذي جمع أصحاب السمو والمعالي وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومعالي الأمين العام لمجلس التعاون في الرياض برئاسة معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية العُماني، تم تناول عدة قضايا ومناقشة الملفات المعنية بشؤون دول المنطقة، والتأكيد على ضرورة تطبيق الرؤى والتطلعات والطموحات المستقبلية.

      وعلى المستوى الدولي وكما هو معهود عن السياسة العُمانية هو موقفها المحايد وعدم الانحياز لطرف دون الآخر،  انطلاقًا من علاقاتها السلمية مع دول العالم وذلك يظهر جليًا في العديد من المواقف أبرزها الحرب الروسية / الأوكرانية، فقد دعا السلطان هيثم بن طارق المعظم في لقائه مع سيرجي لافروف وزير خارجية روسيا الاتحادية بمسقط إلى تعزيز لغة الحوار بين الطرفين الروسي والأوكراني، وضرورة المسارعة في حل الأزمة بشكل سلمي واحترام مبدأ حسن الجوار،  واستمرت السلطنة في التأكيد على موقفها الداعم لعدم تصعيد الأزمة؛ حفاظًا على الأمنين الروسي والأوكراني بشكل خاص والأمن العالمي بشكل عام، وأكدت السلطنة على موقفها المعارض للحرب وتأييدها لجهود الأمم المتحدة وضرورة التزام طرفي الأزمة بالقوانين والمبادئ الدولية، ودعمها لوقف النزاع المسلح وتفعيل دور الوساطات الدولية وذلك في الاجتماع الوزاري الخامس الذي ضم ممثلين من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الرياض بالمملكة العربية السعودية، وتتبلور نظرة السلطنة تجاه هذه الأزمة في قلقها مما قد تسببه تداعياتها المستقبلية من تأثير سلبي في حال استمرارها على أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط وسلامتها، فضلاً عن تأكيدها على ضرورة تحقيق السلام للشعوب. وبلا شك أن المواقف التي تبديها السلطنة في القضايا والأزمات الدولية والدور الذي تقوم به في التعاطي معها له تأثيره الإيجابي الذي يعزز الحلول السلمية انطلاقًا من المكانة المتميزة التي تمتلكها السلطنة لدى دول العالم، وما ينبغي الإشارة إليه أن الدور الذي قامت به الوساطات العمانية في كثير من القضايا الدولية وتمكنها من إيقاف حدة وتفاقم التوترات والصراعات تشهد لها دول العالم، وذلك جعل رأي السلطنة حاضرًا في الأزمات، ومؤثرًا على القرارات.

      وشهد عام 2022م، ترسيخًا وتناميًا في العلاقات الخارجية للسلطنة من خلال لقاءات ثنائية ،جمعت معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية العُماني مع نظرائه من عدة دول بالعالم الخليجية والأجنبية كلاً على حده منهم وزراء خارجية كل من قطر والنرويج وسنغافورة وتنزانيا والمجر، وتناولت اللقاءات مباحثات حول سبل التعاون في مختلف المجالات، لا سيما الطاقة المتجددة والتكنولوجيا واللوجستيات وتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية، وأسفرت هذه اللقاءات عن ترسيخ للعلاقات الثنائية وتتويجها بمجموعة من المشاريع ذات المصالح المشتركة التي بلا شك تهدف إلى تنمية مستقبل علاقات السلطنة الخارجية المرتكزة على الانفتاح على دول العالم وتوثيق علاقات الصداقة معها من خلال التعاون معها في مختلف المجالات الممكنة، ومن الجدير بالذكر أن الحرص العُماني في جانب إرساء العلاقات الخارجية ينبثق من عمق التاريخ وينم عن سياسة متوازنة وهادفة لأبعاد مستقبلية ذات آثار ملموسة.

وخلاصة القول، إنه وبالرغم مما واجهته السلطنة خلال عام 2022م، من تحديات محلية وإقليمية ودولية وما سببته هذه التحديات من ضغوطا على مختلف القطاعات لا سيما الاقتصادية، إلا أن حكومة السلطان هيثم بن طارق تمكنت من التعامل مع المواقف بحكمة ودبلوماسية متميزة،  حيث ظهرت نتائجها الإيجابية بشكل جلي وواضح وملموس، ومن المتوقع أن تستمر السلطنة في مواصلة مسيرة إنجازاتها خلال عام 2023م، وتنمية خططها ومشاريعها المحلية وتفعيلها لرؤية 2040م، بمحاورها كافة، وستعمل جاهدة على رفع قوة الاقتصاد العماني، وسيستمر الدور الدولي المتنامي المعهود لعُمان في مختلف القضايا التي تعزز جوانب الاستقرار محليًا وإقليميًا ودوليًا، وتمكين جوانب التعاون مع كل ما من شأنه أن يخدم مصالح دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية واتساع دائرة الشراكات الاستراتيجية والتنموية مع عدد من دول العالم كروسيا وجمهورية الصين الشعبية، وتعزيز سبل التعاون التجارية والاستثمارية مع العديد من دول العالم، كما ستستمر حكومة السلطنة في تبني السياسة الاستراتيجية للسلام العالمي، ودعم جميع المواقف التي تؤيد مسألة الأمن في العالم، ولن تتوان السلطنة في اتباع خط الاتزان والحكمة في التعامل مع المسائل الدولية كافة.

مقالات لنفس الكاتب