array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 182

"2023م" عام التوجه نحو الشراكة الاستراتيجية الأوروبية-الخليجية عقد الدورة 27 للمجلس الوزاري المشترك العام الجاري مع توقع تجاوز التحديات

الإثنين، 30 كانون2/يناير 2023

فرضت الأحداث والمستجدات الخطيرة والمتسارعة التي شهدها عام 2022م، واقعًا جديدًا طال مجمل جوانب العلاقات الدولية، حيث ألقت المواجهة غير المسبوقة بين الشرق والغرب بظلالها على عملية إعادة نسج معادلة القوة الدولية بمختلف عناصرها ومكوناتها وفي مقدمتها الروابط بين الاتحاد الأوروبي ودول الخليج مجتمعة.

 في الواقع قلما حظيت العلاقات الخليجية -الأوروبية بمثل هذه الدفعة النوعية في طبيعتها ومضمونها وأبعادها كما حصل خلال العام الماضي 2022م. لقد مثل انعقاد الدورة السادسة والعشرين للمجلس المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي والاجتماع الوزاري في بروكسل في 21 فبراير ٢٠٢٢م، محطة بارزة في آلية مراجعة هذه العلاقة وإعادة تقييمها وتوجيهها، فضلاً عما ترتب عن التحركات الدولية التي أخذت بالاعتبار مصالح دول مجلس التعاون الخليجي في عالمنا اليوم الذي يتجه نحو تعددية الأطراف واقتسام المسؤولية.  ترأس سمو الأمير فيصل بن فرحان آل سعود وزير خارجية المملكة العربية السعودية -دولة الرئاسة حينها-وفد مجلس التعاون لدول الخليج العربية في اجتماع بروكسل، وترأس وفد الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية، وشارك في الجلسة وزراء خارجية وممثلو دول الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي، إلى جانب معالي الدكتور نايف فلاح الحجرف الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. واتفق الوزراء خلال الاجتماع على أهمية تكثيف العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي في مجموعة واسعة من المجالات، بما فيها الحوار السياسي والأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب والتجارة والاستثمار والطاقة وتغير المناخ والتعليم والصحة والأمن الرقمي، وتعميق التنسيق في المحافل متعددة الأطراف. وتحقيقًا لهذه الغاية، تمت الموافقة على برنامج تعاون مشترك خليجي- أوروبي للفترة 2022م-2027م، كما تم التأكيد على أهمية أن تساهم هذه الشراكة في تعميق الثقة المتبادلة والسعي لتحقيق المصالح المشتركة والحفاظ على الأمن الإقليمي والدولي.لقد كان هذا الاجتماع بمثابة انطلاقة فعلية لسلسلة من المبادرات واللقاءات والمنتديات والزيارات التي استمرت حتى نهاية عام 2022م، والتي من المقرر أن تستمر بشكل مكثف وأكثر وضوحًا خلال العام الجاري 2023م. وبات من الواضح عزم الجانبين على مواصلة تعزيز العلاقات في مواجهة التحديات الإقليمية ولتشكيل أساس متين وفعّال للحفاظ على الأمن والاستقرار على الصعيد الإقليمي والدولي.

 جاء إعلان الممثل الأعلى جوزيب بوريل في ١٨ مايو ٢٠٢٢م، لورقة العمل المشتركة بشأن "الشراكة الاستراتيجية مع الخليج " كخطوة جادة من الجانب الأوروبي لإحداث نقلة نوعية في العلاقات مع مجلس التعاون الخليجي ودوله الأعضاء، وهو ما أضفى بالطبع على هذا الزخم التي تشهده العلاقات إطارًا وهيكلاً ملموسًا. كما أعلن المجلس الأوروبي في وقت لاحق بتاريخ ٢٠ يونيو ٢٠٢٢م، استنتاجاته بشأنها، والتي شكلت بجانب ما سبق للمفوضية الأوروبية إعلانه خارطة طريق لمؤسسات الاتحاد الأوروبي لبرمجة أهدافهم في منطقة الخليج وتسهيل العمل على تحقيقها وتنفيذها بشكل عاجل وفعال، ولتنسيق الجهود والمبادرات التي تعمل عليها مؤسسات الاتحاد الأوروبي الثلاث الكبرى، والمتمثلة في المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي.

   إن الزخم الحالي الذي تشهده العلاقات الأوروبية – الخليجية جاء انطلاقًا من رؤية المفوضية الأوروبية تجاه دول الخليج وإيمانها بأن بناء هذه الشراكة الاستراتيجية يصب في مصلحة كلا الجانبين، حيث يعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر سوق في العالم، ورائد في البحث والابتكار، وفاعل أمني مهم في منطقة الخليج، فضلاً عن الدور الرئيسي الذي يلعبه في التحديات العالمية مثل المناخ والتحول الرقمي. كما أشارت المفوضية الأوروبية في استراتيجيتها إلى أن الاتحاد الأوروبي يسعى من خلالها إلى توفير إطار ديناميكي للتعاون مع شركاء دول مجلس التعاون الخليجي لتعزيز الاستثمارات المستدامة في منطقة الشرق الأوسط الأوسع وكذلك في إفريقيا، كما أعلنت كذلك أنها بصدد تعيين أول مبعوث أوروبي إلى منطقة الخليج قريبًا. 

ويعتبر الجهاز التنفيذي الأوروبي إن دول مجلس التعاون الخليجي تتمتع باقتصاد ديناميكي وتمثل بوابة مهمة بين أوروبا وآسيا وإفريقيا، فضلاً عن كونهم مزودون موثوقون للغاز الطبيعي المسال ولديهم بعض من أفضل موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في العالم، مشيرًا إلى أن تعزيز هذه الشراكة هو جزء من تعزيز مشاركة الاتحاد الأوروبي في المنطقة، والتي تعد أحد أولوياتها الرئيسية.

  وخلال العام المنصرم، أجرى الاتحاد الأوروبي العديد من الزيارات إلى المملكة من خلال وفوده الرسمية والتي كانت آخرها زيارة وفد من أعضاء البرلمان الأوروبي والذي ترأسه السيد/ ديفيد مكاليستر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي في الفترة من 19 إلى 20 ديسمبر الماضي حيث أكد في بيان رسمي له أن عام 2022م يمثل أكبر نقطة تحول في السياسة الأمنية منذ نهاية الحرب الباردة، مشددًا على أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى التكيف مع هذه الحقائق الجديدة لضمان اتساق أهدافه مع إمكانياته. وأوضح أن زيارته إلى المملكة العربية السعودية جاءت ضمن جهود الاتحاد الأوروبي للوصول إلى شريك رئيسي في منطقة الشرق الأوسط.      

وبناء على مجمل هذه المعطيات، يبدو أن جهود الاتحاد الأوروبي لإقامة علاقات وثيقة بين دول الخليج والاتحاد الأوروبي تمثل خيارًا موضوعيًا وصائبًا، خاصة وأن خارطة الطريق التي يأمل الطرفان بلورتها تتجاوز الطموحات الاقتصادية والتاريخية والأمنية والمناخية وترقى إلى الرد عن شاغل المواطنين مع التعهد بالوصول إلى الاتحاد الأوروبي بدون تأشيرة لمواطني الخليج، وزيادة التعاون التعليمي من خلال البرامج التابعة للاتحاد الأوروبي.

كما أن التقدم التي تم إحرازه في العلاقات الأوروبية – الخليجية وفي الدفاع عن مواطني دول الخليج ما هو إلا أحد ثمار الجهود الحثيثة لبعثة المملكة العربية السعودية لدى الاتحاد الأوروبي وبعثة مجلس التعاون الخليجي في بروكسل، إلى جانب سفارات الدول الأعضاء في المجلس.

وقد ناقشت الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد الأوروبي أنشطة برنامج التعاون المشترك بينهما للفترة (2022 -2027م)، بما في ذلك التحضير للاجتماعات المشتركة بين الجانبين المقرر عقدها خلال العام 2023م. كما أن الاستعدادات جارية لعقد الدورة السابعة والعشرين للمجلس الوزاري المشترك هذا العام مع آمال فعلية هذه المرة في قدرة الطرفين على تجاوز التحديات المألوفة والمتوقعة أحيانًا.

مقالات لنفس الكاتب