; logged out
الرئيسية / سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى السعودية ديتر لامليه لـ (آراء حول الخليج): استقرار منطقة الخليج ضروري لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي

العدد 183

سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى السعودية ديتر لامليه لـ (آراء حول الخليج): استقرار منطقة الخليج ضروري لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي

الإثنين، 27 شباط/فبراير 2023

أكد سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى المملكة العربية السعودية السيد ديتر لا مليه في حوار خاص لمجلة (آراء حول الخليج) أن جهود المملكة العربية السعودية لإيجاد حل سياسي للنزاع في اليمن مهمة، وأن بلاده ملتزمة بحل سياسي للصراع اليمني تحت رعاية الأمم المتحدة، ووصف منطقة الخليج بأنها مجاورة ومفعمة بالنشاط والحيوية كما أنها أصبحت شريكًا هامًا لألمانيا منذ عقود، معتبرًا أن إقامة علاقة قوية وصادقة بين ألمانيا ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تصب في مصلحتنا المشتركة حيث أنّ استقرار منطقة الخليج لهو أمرٌ ضروري لتحقيق الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وأضاف سفير ألمانيا الاتحادية لدى الرياض أن الوضع الأمني والاستقرار في منطقة الخليج يؤثران بشكل مباشر على أوروبا ، وأن المفتاح بالنسبة لنا هو تكثيف حوارنا بشأن المسائل المتعلقة بالأمن الإقليمي، وحول موقف بلاده من قضية الملف النووي الإيراني قال السفير ديتر لا مليه: إن خطوات طهران التصعيدية الأخيرة مقلقة للغاية ولا يجوز لإيران أن تطور أو أن تمتلك سلاحًا نوويًا، وفيما يخص الوضع في اليمن قال السفير الألماني لدى السعودية إن ألمانيا ملتزمة بحل سياسي للصراع اليمني تحت رعاية الأمم المتحدة، وأضاف في هذا الصدد إن جهود المملكة العربية السعودية لإيجاد حل سياسي للنزاع مهمة... وفيما يلي نص الحوار:

 

*ما هو التصور العام في ألمانيا تجاه دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية؟ هل تشعر أن الجدل الحالي داخل ألمانيا يعكس الحقائق التي تراها على الساحة؟ كيف يمكن تصحيح المفاهيم الخاطئة على أفضل وجه؟

  **منطقة الخليج هي منطقة مجاورة مفعمة بالنشاط والحيوية. كما أنها أصبحت شريكًا هاما لألمانيا منذ عقود. ففي عام 2021م، بلغ حجم العلاقات التجارية بين ألمانيا ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية حوالي ١٨.٩ مليار يورو. هذا ومن المتوقع أن تشهد تلك العلاقات نموًّا متزايدًا بعد تعافي الاقتصاد من جائحة كورونا. ففي سبتمبر 2022م، زار المستشار الاتحادي، السيد شولتس، المملكة العربية السعودية. وفي مايو ٢٠٢٢م، زار أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ألمانيا. وجدير بالذكر أنه كان من المقرر أن تُجري وزيرة الخارجية الاتحادية، السيدة أنالينا بيربوك، زيارة إلى المنطقة العام الماضي، بيد أنه تعذر عليها القيام بتلك الزيارة نظرًا لإصابتها بمرض كوفيد 19. فيما أنه يجْري التخطيط لزيارة تقوم بها الوزيرة خلال العام الجاري.

 كل هذه الزيارات الرفيعة المستوى تحمل رسالة مفادها أنّ: مسألة إقامة علاقة قوية وصادقة بين ألمانيا ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تصب في مصلحتنا المشتركة. حيث أنّ استقرار منطقة الخليج لهو أمرٌ ضروري لتحقيق الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والعالمي. كما أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية على وجه الخصوص يُعد شريكًا استراتيجيًا أساسيًا للاتحاد الأوروبي من أجل تحقيق هذه الغاية. إذًا فرسالتنا واضحة: نحن بحاجة إلى تعزيز مشاركة ألمانيا والاتحاد الأوروبي مع المنطقة في مجالات الطاقة والأمن والتجارة.

 برأيي، هناك عدة أسباب لاختلاف التصورات حول دول مجلس التعاون في كل من ألمانيا والدول الأخرى. فأنا دائمًا ما أقول لفريقي "افعلوا الخير واجعلوا الآخرين يعرفون ذلك من خلال الدعاية الجيدة"؛ وهذا ما يجب العمل به أيضاً في دول مجلس التعاون.

إنّ الإصلاحات الحالية في دول مجلس التعاون الخليجي سريعة ومذهلة ، كما أنها إيجابية بشكل خاص. لذلك كلّما زاد عدد الصحافيين القادرين على مشاهدة هذا التغيير، كلما ازدادت سرعة انتشار الأخبار.

 

 * كيف تغيرت وجهة النظر داخل ألمانيا تجاه منطقة الخليج ودول مجلس التعاون نتيجةً لحرب أوكرانيا، لا سيما فيما يتعلق بحقيقة أن إيران زوّدت روسيا بطائرات بدون طيار لاستخدامها في أوكرانيا؟

  أولًا، من المهم تسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية فيما يتعلق بروسيا: هذه حرب روسيا العدوانية ضد أوكرانيا، والتي تجسد انتهاكًا متعمدًا وصارخًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. ونحن كدول مستقلة، يبني جميعنا على حرمة الحدود المعترف بها دوليًا. كما أن انتهاكها بالقوة هو بمثابة إثم كبير في العرف الدولي وكذلك من منظور القانون الدولي.

 بالنسبة لألمانيا، يمثل الرابع والعشرون من فبراير لحظة فارقة في تاريخ القارة الأوروبية. لقد أكدت موسكو أنها مستعدة ولا تزال مستعدة للذهاب إلى أبعد مدى من أجل تحقيق طموحها الإمبريالي. كذلك فإن حقيقة أن إيران تزوّد روسيا بالأسلحة وما يترتب عليها من تمكين موسكو من عدوانها على أوكرانيا، قد عززت مخاوفنا بشأن المخاطر والأخطار التي يمثلها انتشار الأسلحة الإيرانية، بالنسبة لأمن كل من أوروبا والشرق الأوسط.

 وفي هذا الإطار، أدى العدوان الروسي إلى نشأة حوار مكثف بين دول الشرق الأوسط والدول الأوروبية بشأن المسائل المتعلقة بالأمن الإقليمي والعالمي، وهو تطور كان لابد منه منذ فترة طويلة. هذا ويحتاج الأوروبيون إلى أن يولوا المزيد من الاهتمام للاحتياجات الأمنية في المنطقة. وما الشراكة الاستراتيجية الجديدة بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون سوى مثال واحد على ذلك. وفي مقابل ذلك، سيواصل الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على إيران لتسليمها طائرات بدون طيار وغيرها من المعدات التي تستخدمها روسيا لاستهداف المدنيين والبنية التحتية الأساسية في أوكرانيا.

 

 * كيف تؤثر الحرب في أوكرانيا على السياسة الخارجية الألمانية بشكل عام؟

**كما قُلت سابقاً، نحن ننظر إلى هذه الحرب باعتبارها لحظة فارقة وتحولًا جذريًا. فأوكرانيا لا تدافع عن حريتها فحسب، بل إنها تدافع عن حرية أوروبا جمعاء. لقد كشفت حرب روسيا العدوانية بشكل مؤلم عن ضرورة جاهزيتنا للدفاع عن أمننا وحريتنا باستخدام الوسائل العسكرية، إذا لزم الأمر. إن الآثار الناجمة عن العدوان الروسي تتخطى حدود أوروبا. فمن خلال إغلاق الموانئ الأوكرانية، وتدمير الصوامع والطرقات والسكك الحديدية، وخاصة حقول المزارعين، شنت روسيا حربًا على الحبوب، مما أدى إلى اندلاع أزمة غذاء عالمية. وهي تفعل ذلك في الوقت الذي بات فيه الجوع يهدد الملايين من الناس، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، وذلك من جراء التداعيات المدمرة لأزمة المناخ ومن جراء جائحة كوفيد وكذلك من جراء الصراعات المستعرة في مناطقهم. وبالتالي فإن فقراء العالم يدفعون ثمنًا باهظًا لحرب روسيا القاسية.

 سياستنا لدعم أوكرانيا ضد العدوان الروسي تقوم على ثلاثة محاور: أولًا، نحن ندعم أوكرانيا عسكرياً. ثانيًا، نفرض عقوبات على روسيا لما ترتكبه من جرائم ضد الأوكرانيين. وثالثاً، سنساعد الشعب الأوكراني على إعادة إعمار بلده.

رسالتنا واضحة: إن ألمانيا تتضامن تضامنًا تامًا مع الشعب الأوكراني، وإننا سنواصل دعمهم في حربهم ضد العدوان الروسي. وفي نفس الوقت، نطالب روسيا بوقف حربها العدوانية على أوكرانيا وسحب كافة قواتها وعتادها العسكري.

  

 *ما مدى استعداد ألمانيا لتولي دور أمني أكبر ومباشر داخل منطقة الخليج؟ وما المجالات التي تراها محتملة؟ وما الذي ستفعله ألمانيا لضمان الأمن البحري؟ هل توافق على مقولة أن أمن الخليج هو من أمن أوروبا؟ وهل ألمانيا مستعدة للعمل كضامن دولي لهيكل أمني إقليمي محتمل؟

**إنّ الوضع الأمني والاستقرار في منطقة الخليج يؤثران بشكل مباشر على أوروبا والاتحاد الأوروبي. تشهد منطقة الخليج ومضيق هرمز منذ عام ٢٠١٩م، ازدياداً في انعدام الأمن والاستقرار، ونحن قلقون من هذا الأمر. وبالتالي، فإننا ندعم مبادرات خفض التصعيد في سبيل تغيير دفة الأمور في الوقت الحالي.

 نحن كدولة مصدرة، لدينا مصلحة في استتباب أمن طرق التجارة الدولية، على سبيل المثال منطقة الخليج، وخاصة في المجال البحري. ففي هذا الصدد، أطلقت فرنسا في عام ٢٠٢٠م، بعثة التوعية البحرية الأوروبية في مضيق هرمز. علمًا بأن هناك سبع دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، بما فيها ألمانيا، تدعم هذه البعثة التي تتخذ من دولة البحرين مقرًا رئيسيًا لعملها. وقد جاءت فكرة إطلاق هذه البعثة بغرض تحقيق الاستقرار وخفض التصعيد وتعزيز الحوار بين جميع المعنيين في منطقة الخليج، علمًا بأنه قد تم مؤخرًا تمديد عمل هذه البعثة لمدة عام واحد.

 

*هل بإمكانك القول إن ألمانيا لديها رؤية لأمن منطقة الشرق الأوسط والخليج؟ وما هي أهمية وثيقة الاتحاد الأوروبي الأخيرة بشأن الشراكة الاستراتيجية مع منطقة الخليج، وكيف ستدعم ألمانيا تنفيذ هذه الشراكة؟

  **إن المفتاح بالنسبة لنا هو تكثيف حوارنا بشأن المسائل المتعلقة بالأمن الإقليمي، على سبيل المثال ذلك الحوار الذي يهدف إلى التوصل إلى حل سياسي قابل للتطبيق، وذلك بالتنسيق مع الأمم المتحدة لحل الصراع في اليمن.

 من وجهة نظري، إن البيان المشترك بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون بشأن شراكة استراتيجية مع الخليج ليبعث بإشارة مهمة على الاهتمام الأوروبي المتزايد في منطقة الخليج، كما وأن هذه الشراكة تحظى بكامل دعمنا. إنّ وجود شراكة استراتيجية بين الاتحاد الأوروبي وبين مجلس التعاون لدول الخليج العربية من شأنه تعزيز الازدهار والأمن للشريكين وإحداث فرق حقيقي في التعاطي مع التحديات العالمية مثل التغير المناخي والتحول الأخضر والرقمي، وكذلك التعافي في مرحلة ما بعد جائحة كوفيد، بالإضافة إلى قضايا أخرى كثيرة. إن الاتحاد الأوروبي والخليج معاً يمثلان ٢٠٪ من الاقتصاد العالمي ويغطيان أكثر من نصف الاستثمارات الأجنبية المباشرة على مستوى العالم.

 إلى جانب ذلك، هناك فرص هائلة للتعاون في مجالي التجارة والطاقة. إنّ أزمة المناخ لا تتوقف عند حدود أي دولة؛ فمنطقة الشرق الأوسط والخليج ستتأثر بشكل كبير بتداعيات أزمة المناخ، شأنها في ذلك شأن معظم دول العالم. ومع ذلك، فإن الخبر السار هو أنه من خلال تضافر الجهود يمكننا الحد من الآثار السلبية لهذه الأزمة. حيث أن ألمانيا لديها الكثير لتقدّمه في هذا المجال، فشركاتنا ومعرفتنا الصناعية والتقنية وقطاع التعليم لدينا يجعلوننا روادًا في مجالي البحث والابتكار.

 أصبح الهيدروجين النظيف مادة لحوار حيوي بين ألمانيا والمملكة العربية السعودية، حيث يربط بين المعنيين في هذا المجال، من الألمان والسعوديين، وذلك بهدف التعاون في إيجاد حلول لتكثيف اقتصاد الهيدروجين على امتداد سلسلة القيمة. في مارس ٢٠٢١م، وقّعت المملكة العربية السعودية وألمانيا مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال الهيدروجين. وفي نهاية فبراير ٢٠٢٢م، افتتحنا "مكتب دبلوماسية الهيدروجين" في الرياض، وهي مكاتب لا يوجد سوى عدد قليل منها حول العالم. إن اختيار هذا الموقع لإقامة المكتب المذكور ليؤكّد الأهمية التي توليها ألمانيا للمملكة العربية السعودية وللمنطقة باعتبارهما شريكين في مجال نقل الطاقة. والجدير بالذكر أنه في مطلع شهر فبراير استقبل وزير الطاقة، صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان آل سعود، المبعوثة الخاصة لسياسات المناخ لدى وزارة الخارجية الاتحادية، السيدة جينيفر مورغان، وناقشا سبل تعزيز التعاون الثنائي بين ألمانيا والمملكة العربية السعودية.

 

* ما هو موقف ألمانيا الحالي في ما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني؟ وما هو البديل عن الاتفاق النووي في حال رفضت إيران قبول الشروط الحالية كما نصت عليها مجموعة 5 + 1؟

 إن خطوات طهران التصعيدية الأخيرة مقلقة للغاية. لا يجوز لإيران أن تطور أو أن تمتلك سلاحًا نوويًا، وقد كان هذا هدفنا طوال الوقت. تهدف خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPoA) إلى ضمان الطبيعة السلمية الحصرية للبرنامج النووي الإيراني، وذلك من خلال إيجاد حل دبلوماسي تفاوضي. ولو امتثلت إيران لخطة العمل الشاملة المشتركة، كان لديها أحكام قوية لضمان ذلك، إلا أنها رفضت الموافقة على المقترحات الشاملة والعادلة للعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة التي تم طرحها عليها مرتين العام الماضي. منذ ذلك الحين، قمعت إيران بوحشية الاحتجاجات السلمية في البلاد. ودعمت روسيا في حربها ضد أوكرانيا. لذلك، وكما قالت وزيرة الخارجية الاتحادية بيربوك خلال مؤتمر ميونيخ للأمن: يبقى من الضروري ألا يتطور هذا النظام أو يمتلك أسلحة نووية. من المؤكد أن المنطقة والعالم سيكونان أقل استقرارًا وسيكون الناس أقل أمنًا وأمانًا، إذا طورت إيران سلاحًا نوويًا. وللحيلولة دون حدوث ذلك، سنواصل العمل عن كثب مع شركائنا لوقف التوسع المستمر لبرنامج إيران النووي ، ونحث إيران على المساعدة في استقرار الوضع وزيادة تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإعادة برنامجها حصرًا للاستخدام السلمي.

 

* أين ترى مساهمة ألمانيا عندما يتعلق الأمر بحل بعض الصراعات القائمة في منطقة الشرق الأوسط، على سبيل المثال، سوريا واليمن؟ وكيف يمكن لألمانيا دعم الحلول السياسية المستدامة وجهود التهدئة؟ وهل ترى ألمانيا كشريك مع مجلس التعاون في هذا الصدد؟

**ألمانيا ملتزمة بحل سياسي للصراع اليمني تحت رعاية الأمم المتحدة. لذلك، فقد دعمنا جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل منذ بداية الصراع، وذلك على الصعيدين السياسي والمالي عبر قنوات مختلفة. ويشمل ذلك ما يسمى بإجراءات المسار الثاني، والتي تجمع بين ممثلين من مختلف أطراف النزاع للسماح بالحوار. علمًا بأن تنفيذ كل هذه الإجراءات يتم بالتنسيق الوثيق مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة، هانس جروندبرغ. ألمانيا هي أيضًا واحدة من أكبر الجهات المانحة لعملية الأمم المتحدة الإنسانية في اليمن، حيث ندعم ملايين الأشخاص الذين يعانون من الصراع في اليمن ونقدم الرعاية الصحية والمياه والتغذية والسكن. كما نقدم مبلغًا كبيرًا من المال إلى برنامج الغذاء العالمي، الذي يوزع الحبوب الأوكرانية المخزنة في الصوامع بمدينة عدن على الشعب اليمني.

 إن جهود المملكة العربية السعودية لإيجاد حل سياسي للنزاع مهمة، وكذلك دعمها لجهود الأمم المتحدة. كما ترى ألمانيا أيضًا دورًا مهمًا لمجلس التعاون في هذا الصدد ويسعدنا التعاون مع مجلس التعاون لتحقيق هذا الهدف.

 الوضع في سوريا كارثي ويزداد تدهوراً كل يوم. الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا مروع وتبعاته في سوريا مأساوية على وجه الخصوص. وفي هذا الصدد ستواصل ألمانيا بالتعاون مع شركائنا الأوروبيين والدوليين مساعدة الضحايا. لقد قمنا بزيادة مساعداتنا الإنسانية لسوريا استجابة للزلزال بمقدار 67 مليون يورو، وأرسلنا 73 طنًا متريًا من مواد الإغاثة العينية عبر برنامج الغذاء العالمي إلى شمال غرب سوريا. وهناك المزيد من المساعدات القادمة بالتأكيد. إنه لمن الأهمية إظهار التضامن مع الأشخاص المحتاجين والضغط بشكل مشترك من أجل وصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق إلى سوريا. علاوة على ذلك، من المهم الآن أكثر من أي وقت مضى العمل من أجل وقف الأعمال العدائية.

 قبل الزلزال، لعبت ألمانيا جنبًا إلى جنب مع شركائها في الاتحاد الأوروبي دورًا استثنائيًا في التخفيف من الآثار الكارثية لحرب النظام ضد شعبه. حيث يدفع الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء مليارات اليوروهات كل عام لدعم اللاجئين. إذ أن ألمانيا وحدها أنفقت أكثر من مليار يورو في عام 2022م، لمساعدة السوريين. ومع ذلك، فإن الحل السياسي وحده هو الذي سينهي المعاناة. لذلك تقف أوروبا متحدة وراء جهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص. نتشارك خيبة الأمل بشأن ركود العملية السياسية ونرى حاجة ملحة لإعادة تنشيطها. فعلى نظام الأسد العمل مع السيد بيدرسن وفريقه. ويبقى موقفنا حازمًا للغاية: طالما أن الأسد غير مستعد للانخراط في عملية سياسية هادفة ومستمر في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، فلن نغير سياستنا تجاه النظام. علينا ألا نسمح للأسد باستغلال معاناة الشعب السوري مرة أخرى بشكل انتهازي وساخر.

المستشار الألماني أولاف شولتس يتحدث مع باحثين وباحثات في مركز الخليج للأبحاث خلال زيارته إلى جدة في سبتمبر 2022

 

* لقد ثبت خطأ فرضية التغيير من خلال التجارة عندما يتعلق الأمر بروسيا. هل ما زلت ترى العلاقات الاقتصادية والتجارية كأدوات لتعزيز التعاون الإقليمي؟ كيف يمكن تحقيق هذا الأمر في ضوء قضايا مثل أزمة مجلس التعاون والعلاقات الصعبة مع إيران؟

 **ما زلت أعتقد اعتقاداً راسخاً بأن العلاقات التجارية هي مفتاح لتعزيز التعاون الإقليمي. كل علاقة ثنائية لها فرادتها الخاصة، حيث أن كل دولة فريدة من نوعها. لذلك، فإن الاستنتاج بأن الاستراتيجية في حد ذاتها فشلت لأنها لم تنجح في بلد معين لا يعبّر فعلياً عن حقيقة الأمر.

 

* كيف يمكن لألمانيا ودول مجلس التعاون الخليجي العمل معاً من أجل تحسين عمل المنظمات الدولية؟ ما هو دور الطرفين في إعادة إقامة نظام متعدد الأطراف؟

 **يوضح لنا الماضي القريب مدى أهمية الدفاع عن سيادة الدول والامتثال العام للقانون الدولي، وأيضاً دعم القيمة المضافة للتعاون في السياسة الاقتصادية والأمنية في اتحاد الدول القائم على القواعد. وبالتالي، يجب أن يتعاون ممثلو النظام الدولي المبني على القانون بشكل أوثق. ويجب أن نضمن أن القوة العسكرية للأقوياء لا تلغي القانون الدولي على النحو المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة.

 


 

مقالات لنفس الكاتب