array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 184

دول الخليج تواجه المخاطر بالحلول العملية

الأربعاء، 29 آذار/مارس 2023

يمر العالم في المرحلة الحالية بصعوبات غير مسبوقة في شتى المجالات، كما يحمل المستقبل توقعات بصعوبات أكثر شدة على ضوء تأثير الأحداث الجارية والمحتملة، ولذلك يتناول هذا العدد من مجلة (آراء حول الخليج) ملف "المخاطر العالمية التي وردت في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) " ذلك التقرير الذي صدر في  يناير الماضي وتضمن قسمين من المخاطر، الأول  مخاطر العام الحالي  2023، والثاني مخاطر العقد الراهن 2030م، وطرح التقرير 10 مخاطر رئيسية تواجه العالم على المديين القصير والمتوسط، وتبدو ذات تأثيرات غير مسبوقة على العالم كله، لكن رغم قتامة المشهد العالمي، يلوح شعاع أمل في منطقة الخليج العربي يضيء الأفق في دول مجلس التعاون، ويتخطى تأثيره حدودها ليبعث الأمل في الشرق الأوسط والعالم، فرغم أن هذه الدول ليست بمنأى عن المخاطر والتحديات التي حددها تقرير "دافوس" كونها جزء من العالم، لكنها نجحت في مواجهتها وتمثل عامل استقرار إقليمي ودولي.

 وإن كان للعامل الاقتصادي وزيادة أسعار النفط دور مهم في قدرة دول الخليج على تجاوز المخاطر ، فإن دور القيادة السياسية والقدرة على إدارة الأزمات لا يقل أهمية عن الدور الاقتصادي، بل هو قائد ومرشد له، حيث تتمتع دول المجلس بقيادات واعية ذات أفق ورؤية تستطيع قراءة المتغيرات الإقليمية والعالمية، ومن ثم انتهاج سياسات واقعية للتعامل معها بنجاح، وكذلك اتخاذ قرارات استشرافية لدعم التنمية وتحقيق الاستقرار وتجنيب المنطقة ويلات الحروب أو تداعيات الطيش السياسي وتبديد مقدرات الشعوب في مهاترات أو سياسات غير مدروسة.

ولعل الخطوة الإيجابية التي تم اتخاذها مؤخرًا والإعلان عنها في العاشر من مارس الماضي لإعادة العلاقات الدبلوماسية في غضون شهرين بين المملكة وإيران، تصب في مصلحة المنطقة، وتجسد رغبة صادقة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـ يحفظه الله ـ، وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان ـ يحفظه الله ـ في دعم استقرار المنطقة وتجنيبها ويلات الصراع والحروب، والتفرغ للتنمية ورفاهية الشعوب، ونأمل أن تلتزم إيران وتسير في اتجاه الوفاق لمصلحة الدولتين والمنطقة برمتها.

وعلى صعيد المخاطر التي تواجه العالم ، فكما نجحت دول مجلس التعاون في تجاوز الأزمات التي عصفت بالمنطقة منذ بداية الثمانينيات الميلادية من القرن العشرين وتعاملت معها بحكمة وقدرة فائقة ، وخرجت منها دون خسائر مباشرة، فهي قادرة الآن على تجاوز الأزمات الجديدة بمخزون التجارب وقدرات وطموحات القيادات الشابة والرضى الشعبي العارم وتحقيق النجاحات الاقتصادية رغم ما يعانيه العالم من أزمات معقدة وصعبة الحلول، فدول مجلس التعاون نأت بنفسها عن الاضطرابات العالمية التي سببتها الحرب الروسية ـ الأوكرانية والتزمت سياسة التوازن وتجنب الانخراط في الصراعات الدولية، واعتمدت الدبلوماسية الإيجابية تجاه جميع الأطراف، واتبعت سياسة ثابتة منذ فترات طويلة ، تلك التي تعتبر النفط سلعة استراتيجية للتنمية وليس ورقة سياسية يتم استخدامها في الأزمات الدولية، لذلك ارتفعت معدلات النمو في دول المجلس إلى ما يقترب من 6% للعام الماضي، بحسب البنك الدولي، وجاء معدل التضخم الإجمالي لهذه الدول في حدود 2.7% مقارنة بمعدلات غاية في الارتفاع في جميع دول العالم، مع ثبات قيمة العملات الخليجية، وحققت دول المجلس تريليوني دولار ناتج محلي إجمالي للعام المنصرم، مع توقعات مؤسسات المال الدولية أن يرتفع هذا الدخل ما بين 6 تريليونات و 13 تريليونًا عام 2050م،والثابت أن هذه الإنجازات لم تتحقق بسبب زيادة أسعار النفط فقط، بل أيضًا نتيجة لإصلاحات اقتصادية والتوجه لتنويع مصادر الدخل وتوسيع القاعدة الاقتصادية وإتاحة المشاركة الفاعلة للقطاع الخاص وهذا ما أكدته مديرة  صندوق النقد الدولي كريستالينا جور جيفا التي ذكرت أن اقتصادات دول مجلس التعاون حققت هذا الأداء بسبب الإصلاحات الاقتصادية الواسعة وتشجيع الاستثمارات وتوفير فرص العمل التي أوجدها القطاع الخاص.

وفي دول المجلس قامت الصناديق السيادية بجهود محل تقدير لإدارة الاستثمارات بطريقة مثلى، ففي المملكة العربية السعودية  على سبيل المثال ضخ صندوق الاستثمارات العامة 3 تريليونات ريال لدعم القطاع الخاص غير النفطي، كما اعتمدت المملكة تريلون دولار لتطوير المشاريع الجديدة ضمن رؤية 2030 لتنويع مصادر الدخل الوطني، حيث تعمل حكومة المملكة على إيجاد  قطاع خاص قوي ليكون شريكًا فاعلًا في التنمية في إطار برامج مدروسة، والتوسع في الشركات غير النفطية، وبالفعل تمكن القطاع الخاص السعودي من رفع مشاركته في الناتج المحلي الإجمالي إلى حوالي 43% خلال العام قبل الماضي، ومن المتوقع أن تصل مساهمته إلى 65% حسب الخطط الموضوعة، وقد حققت الشركات غير النفطية ثاني أسرع معدلات نمو في المملكة. 

ورغم تأثير الحرب الأوكرانية على الأمن الغذائي لجميع دول العالم تقريبًا، إلا أن دول مجلس التعاون تكاد لا تشعر بأزمة في الغذاء رغم أنها دول غير منتجة للغذاء، ويعود ذلك لاتباعها سياسات استثمارية منفتحة على جميع الدول المنتجة للغذاء، وفي مجال المياه فإن دول المجلس تعاني من ندرة شديدة في مصادر المياه العذبة، لكنها عملت على توفير احتياجاتها من المياه عبر تحلية مياه البحار حيث تمثل المياه المحلاة حوالي 75% من احتياجات دول المجلس من المياه.

وعلى مستوى مجابهة التغير المناخي وتخفيض الانبعاثات وضعت المملكة العربية السعودية "مبادرة السعودية الخضراء" في عام 2021م، والتي تهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 278 مليون طن سنويًا، وزيادة نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30% من المناطق البرية والبحرية وزراعة 10 مليارات شجرة في جميع أنحاء المملكة.

وفي المجمل، على الصعيد الاقتصادي تمضي دول مجلس التعاون في تنفيذ خطط مدروسة قادتها إلى بر الأمان وستسير في هذا الطريق بمشيئة الله تعالى وستنجح في وضع نفسها في المكان الذي حددته واختارته على خريطة العالم وبين الدول الأكثر تقدمًا وثراءً، وعلى الصعيد السياسي تمضي دول المجلس بحكمة ووعي بسياسات واضحة في التعامل مع القضايا الإقليمية والدولية لما يجنب المنطقة ويلات الصراعات ويحقق لشعوبها وشعوب العالم الأمن والرفاهية.  

مقالات لنفس الكاتب