; logged out
الرئيسية / 8 متطلبات لتطوير الاقتصاد العربي المشترك وتعظيم المردود وزيادة المبادلات التجارية

العدد 185

8 متطلبات لتطوير الاقتصاد العربي المشترك وتعظيم المردود وزيادة المبادلات التجارية

الأحد، 30 نيسان/أبريل 2023

أدركت البلدان العربية أهمية العامل الاقتصادي في منظومة العمل العربي المشترك منذ أكثر من سبعة عقود، تحديداً مع صدور بروتوكول الإسكندرية عام 1944م، والذي بموجبه تم تأسيس الجامعة العربية، وكان أبرز الأهداف في تلك الفترة يتجسد في التعاون في الشؤون الاقتصادية، ثم تم التأكيد على أهمية الاقتصاد ثانية بعد مرور (55) عاماً على تأسيس الجامعة العربية، حينما أبرمت معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي في السابع عشر من يونيو 1990م، حيث أشارت المادة (7) من المعاهدة إلى أنها تربط ما بين تحقيق أهداف الدفاع المشترك عن الدول العربية وبين التعاون بينها لتقوية اقتصاداتها الوطنية.

   وبالرغم من الخلافات السياسية التي شهدها العالم العربي نتيجة للتدخلات الخارجية، إلا أن مسيرة العمل الاقتصادي العربي المشترك شهدت التوقيع على العديد من الاتفاقيات منها اتفاقية الوحدة الاقتصادية (1957م)، واتفاقية تيسير التبادل التجاري بين البلدان العربية (1981م)، واتفاقية أغادير (2004م)، كما تجسد التعاون الاقتصادي العربي في إقامة العديد من المشروعات المشتركة والشركات والاتحادات النوعية العربية، ولكن رغم كل ذلك بقيت نسبة التجارة البينية العربية لم تتخط (12%) من إجمالي التجارة العربية مع العالم الخارجي.

   سنتناول في مقالنا بيان حجم وقيمة التبادل التجاري بين الدول العربية ونسبة ذلك إلى حجم التبادل التجاري مع العالم، علاوة على بيان التوجه الصحيح للنهوض بواقع الاقتصاد العربي الجماعي لتحقيق الاستفادة من الإمكانيات العربية وتعظيم المردود على البلدان العربية، وزيادة المبادلات التجارية البينية، ومع التكتلات الاقتصادية الإقليمية والعالمية، والتوجه إلى تنويع الشراكات مع هذه التكتلات.

أولاً-نشأة وتطور العمل الاقتصادي العربي المشترك:

     سعت جامعة الدول العربية منذ تأسيسها عام 1945م، على أن تكون إطاراً للدبلوماسية الاقتصادية العربية التي تستهدف تعزيز العمل الاقتصادي المشترك الذي ينعكس إيجاباً على مسار الاقتصادات العربية، ويمكن تقسيم المراحل التي مر بها العمل الاقتصادي العربي المشترك إلى ثلاث مراحل هي:

المرحلة الأولى:

    انطلق العمل الاقتصادي العربي المشترك مع تأسيس جامعة الدول العربية والاستقلال السياسي للدول العربية. وقد اتسمت بداياته بالتركيز على وضع أسس التعاون الاقتصادي طبقاً لمفهوم التعامل التفضيلي بين الدول العربية وأن التعاون الاقتصادي عليه أن يخدم أهداف الدول العربية بتعزيز وصيانة استقلالها وسيادتها. كان عدد الدول العربية التي حصلت على استقلالها السياسي محدوداً في البداية، ومن ثم كانت الأهداف السياسية وتعزيز الاستقرار من العوامل الحاسمة في التعاون الاقتصادي العربي.

     وقد اتصف التعاون الاقتصادي في هذه المرحلة بإبرام العديد من الوثائق التأسيسية، وكان ميثاق تأسيس الجامعة العربية في مارس 1945م، أول وثيقة للتعاون الاقتصادي بين الدول العربية، والذي بات يمثل دستوراً للعمل الاقتصادي العربي المشترك، وتلا ذلك إبرام معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي بين دول الجامعة العربية في أبريل 1950م، وكان من أهم اتفاقيات التعاون الاقتصادي المشترك ما يلي:

 

1) اتفاقية تسهيل التبادل التجاري وتنظيم تجارة الترانزيت بين دول الجامعة العربية:

  أقرت هذا الاتفاقية من قبل مجلس الجامعة العربية عام 1953م، وقد اهتمت اتفاقية تسهيل التبادل التجاري وتنظيم تجارة الترانزيت، بشكل أساسي، بمنح التفضيلات الجمركية في شكل إعفاءات من الرسوم الجمركية للسلع الوطنية المتبادلة بين الدول العربية ومنح تسهيلات لتجارة الترانزيت بين الدول العربية. وقد نصت المادة (1) من هذه الاتفاقية على قيام تعاون اقتصادي بين الدول العربية من خلال تسهيل التبادل التجاري.

    وتجدر الإشارة إلى أن هذه الاتفاقية تقلصت كثيراً بالرغم من التعديلات حتى بقيت ثلاث دول فقط عند التعديل الرابع هي: العراق والكويت ومصر، وقد توقف العمل بهذه الاتفاقية عملياً بعد تطبيق قرار إنشاء السوق العربية المشتركة.

2) اتفاقية إنشاء مجلس الوحدة الاقتصادية العربية

  أقرت هذه الاتفاقية وتم المصادقة عليها من قبل المجلس الاقتصادي العربي عام 1957م، وقد اهتمت اتفاقية مجلس الوحدة الاقتصادية العربية بإنشاء وحدة اقتصادية بين الدول، وانتقال الأشخاص ورؤوس الأموال، وحرية تبادل السلع والمنتجات الوطنية وتسهيل حركة النقل والترانزيت وحقوق التملك. كما استهدفت الاتفاقية إنشاء السوق العربية المشتركة من خلال تحرير السلع التي يتم تداولها بين الدول الأعضاء من الرسوم الجمركية وغيرها من القيود، وتحرير انتقال رؤوس الأموال والأشخاص وحركة النقل والعبور وحرية الإقامة وممارسة النشاط الاقتصادي.

   وغني عن البيان، فإن نتائج مسيرة العمل الاقتصادي العربي المشترك خلال المرحلة الأولى كانت محدودة، إذ لم تتمكن الدول العربية آنذاك من تنفيذ الكثير من بنود الاتفاقيات المبرمة بسبب تباين النظم الاقتصادية والسياسية العربية – في تلك الفترة-إلى جانب ضعف الهياكل الإنتاجية اللازمة لتحقيق تلك الطموحات.

 

المرحلة الثانية:

   دخل التعاون الاقتصادي العربي مع بواكير عقد سبعينات القرن العشرين مرحلة جديدة من مراحل تطوره بفعل جملة من العوامل السياسية والاقتصادية التي حدثت خلال تلك الفترة، من أهمها تعديل أسعار النفط العالمية عام 1974م، والذي نجم عنه تضاعف إيرادات الدول العربية المصدرة للنفط، المسألة التي قادت إلى تراكم الفوائض لديها. وقد تمكنت بعض الدول العربية من التوسع في بناء قواعدها الإنتاجية وبنيتنها الأساسية، معتمدة على توفر الموارد المالية. وبدء التفكير، خلال هذه المرحلة، بوضع استراتيجية العمل الاقتصادي العربي المشترك ترتكز على ثنائية المصالح المتبادلة" السياسية المالية"، والتعامل التفضيلي ما بين البلدان العربية، وتوظيف الفوائض المالية العربية المتراكمة في إقامة مشاريع عربية مشتركة تخدم العمل الاقتصادي العربي المشترك والتنمية الاقتصادية العربية. وشهدت المرحلة الثانية انعقاد قمة عمان الاقتصادية عام 1980م، وتم المصادقة فيها على ثلاث وثائق مهمة في مسيرة العمل الاقتصادي المشترك تمثلت بالآتي:

  • وثيقة استراتيجية العمل الاقتصادي العربي المشترك حتى عام 2000: والتي طالبت بإقامة نظام اقتصادي عربي جديد يتسم بالتكامل المحقق للتنمية. ورسم استراتيجية واضحة حول التعاون المتبادل في الجانب الاقتصادي والاستثمارات المشتركة بين الدول العربية،
  • ميثاق العمل الاقتصادي القومي: الذي أكد المسؤولية القومية لحكومات الدول العربية لتحقيق الأمن القومي والاعتراف أن العمل الاقتصادي العربي المشترك يمثل جزءاً لا يتجزأ من العمل المشترك، لذلك لا بد من تحييد هذا العمل عن الخلافات السياسية العربية.
  • عقد التنمية الاقتصادية العربية المشتركة: وهو عبارة عن خطط تنموية خمسية تبعتها الدول العربية لتسريع عملية التنمية في الدول العربية الأخرى الأقل نمواً لغرض الوصول في النهاية إلى تضييق الفوارق التنموية بين تلك الدول. وقد شكل عقد الثمانينات العقد الأول للتنمية العربية المشتركة، إذ خصص (5) مليارات دولار بمعدل (500) مليون دولار سنوياً – لكل خطة خمسية تبدأ عام 1981م.

    وقد شهدت هذه المرحلة العديد من الإنجازات على مستوى العمل الاقتصادي العربي المشترك، من أبرزها: تعزيز آليات العمل الاقتصادي العربي المشترك بتأسيس المؤسسات المالية العربية، كالمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وصندوق النقد العربي، والمؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات. الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي، والمنظمة العربية للتنمية الزراعية، والمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين، وصندوق النقد العربي.

 

 

جدول (1) مؤسسات العمل الاقتصادي العربي المشترك

ت

اسم المنظمة

تاريخ التأسيس

تاريخ المباشرة

1

مجلس الوحدة الاقتصادية العربية

1957

1964

2

منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول

1968

1968

3

المنظمة العربية للتنمية الزراعية

1970

1972

4

المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين

1978

1980

5

الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي

1968

1971

6

المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا

1973

1975

7

المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات

1970

1975

8

صندوق النقد العربي

1975

1977

9

الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي

1976

1978

المصدر: صندوق النقد العربي وآخرون، التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2005، سبتمبر،2005، ص 4

   كما تم تأسيس العديد من المنظمات العربية المتخصصة المشتركة والشركات العربية الدولية المشتركة كآليات لتوظيف الفوائض المالية النفطية في العمل الاقتصادي العربي المشترك لتعزيز التنمية الاقتصادية في الدول العربية.

المرحلة الثالثة:

     دأبت الاقتصادات العربية منذ أواخر الثمانينات بتطبيق إصلاحات اقتصادية وهيكلية والتوجه نحو اقتصاد السوق وإيلاء دور أكبر للقطاع الخاص بما يساعدها على التكيف مع التطورات الاقتصادية على الساحة الدولية. وقد شكلت هذه التغيرات عوامل مساعدة للدخول في مرحلة جديدة من العمل الاقتصادي العربي المشترك الذي يقوم على حرية التبادل التجاري وتحرير حركة رأس المال وانتقال العمالة بين الدول العربية.

    وتوصلت الدول العربية إلى وضع برنامج تنفيذي لتفعيل اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية لإقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى خلال مرحلة انتقالية مدتها عشر سنوات تبدأ من عام1998م، وتنتهي في عام 2007م، وقد تم بعد ذلك اختصار الفترة الانتقالية إلى سبع سنوات تنتهي في مطلع عام 2005م.

    ويتم خلال الفترة الانتقالية استكمال البناء المؤسسي وإلغاء القيود غير الجمركية على السلع العربية المتبادلة مع مراعاة الظروف والأوضاع الاقتصادية لكل دولة عربية راغبة في الانضمام، إلى جانب مراعاة أوضاع الدول العربية الأقل نمواً. وعند انتهاء الفترة الانتقالية تصبح السلع عربية المنشأ المتبادلة معفاة من جميع الرسوم الجمركية والرسوم ذات الأثر المماثل.

  وتجدر الإشارة إلى ظهور متغيرات اقتصادية دولية خلال هذه المرحلة تمثلت أساساً في انتشار التكتلات الاقتصادية الإقليمية وقيام منظمة التجارة العالمية، وتبلور ظاهرة العولمة ، قد ساهمت هذه المتغيرات في دفع الدول العربية نحو الدخول في مرحلة جديدة من العمل الاقتصادي المشترك تميزت:

  • عقد اتفاقية جديدة عام 2007م، تبدأ باستكمال إجراءات إقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وإتاحة الفرصة لانضمام الدول العربية لعضوية أي من الاتفاقيات.
  • إنشاء منطقة للتبادل الحر– اتفاقية أغادير في 8 مايو 2001م، تضم دولًا عربية متوسطية هي: الأردن، ومصر وتونس والمغرب.
  • بدء تطبيق اتفاقية الوحدة الاقتصادية الخليجية عام 2008م.
  • تشجيع تجارة الخدمات ذات المحتوى الثقافي العربي، كمنتجات الأدب والفنون والسياحة.... الخ.
  • منح دور رائد ومحوري للقطاع الخاص العربي في العمل الاقتصادي المشترك.
  • تكثيف قيام المؤسسات المالية العربية بتمويل مشروعات التنمية ذات الأبعاد الإقليمية العربية.

   كما شهدت المرحلة الثالثة للعمل الاقتصادي المشترك انعقاد أربع دورات للقمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية (الكويت، 2009)، (شرم الشيخ 2011)، الرياض (2013) وبيروت (2019)، أكدت على تبني مبادرات لدعم تحقيق الأمن الغذائي ومحاربة الفقر والبطالة، غير أن النتائج المتحققة كانت محدودة ويرجع ذلك إلى الخلافات السياسية التي توثر على أي برنامج يستهدف تعزيز العمل الاقتصادي العربي المشترك.

ثانياً-أثر العمل الاقتصادي العربي المشترك على اتجاهات التبادل التجاري البيني العربي

1) التبادل التجاري العربي البيني:

 شهد التبادل التجاري السلعي العربي البيني نمواً مطرداً خلال العقود الثلاثة المنصرمة، حيث ارتفعت قيمته من نحو (20) مليار دولار عام 1990م، إلى نحو (112.5) مليار دولار عام 2021م، أي أنه تضاعف بأكثر من خمس مرات ونصف ما بين عامي 1990 و2021م.

 

 

شكل (1) التجارة البينية السلعية العربية (1990-2021) مليار دولار

المصدر: تم إعداد الشكل من الباحث بالاعتماد على بيانات، التقرير الاقتصادي الخليجي، سنوات مختلفة

    شهدت الصادرات العربية السلعية البينية تطوراً مطرداً خلال الثلاثين سنة المنصرمة، حيث ارتفعت من نحو (10.2) مليار دولار عام1990م، إلى (113.9) مليار دولار عام 2021م، أي تضاعف بأكثر من (11) مرة ما بين عامي 1990و2021م. كما ارتفعت الواردات السلعية البينية العربية هي الأخرى خلال ذات الفترة، من (9.8) مليار دولار عام 1990م، إلى (111.2) مليار دولار عام 2021م، أي زادت بنحو (11.3) مرة.

المصدر: من إعداد الباحث بالاعتماد على بيانات التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعامي 1991و2021

    ويعكس هذا الارتفاع في حجم التبادل التجاري البيني السلعي العربي خلال العقود الثلاثة المنصرمة، تأثير الاتفاقيات متعددة الأطراف والثنائية المتعلقة بتنمية حجم التجارة العربية البينية.

2) التجارة البينية السلعية للتجمعات العربية

   ارتفعت الصادرات البينية في كل التجمعات العربية خلال عام 2021م، فقد زادت الصـادرات البينية لكل من منطقـة التجـارة الحرة العربيـة الكبرى بنســــبـة قدرها (15.3%) ودول مجلس التعـاون لـدول الخليج العربيـة بنحو (4.13%) ودول اتحـاد دول المغرب العربي بحوالي (7.25%)، ودول اتفاقية أغادير بنســبة بلغت (0.8%). فيما يخص تطور نســــبـة مســــاهمـة الصــــادرات البينيـة في الصادرات الإجمالية لهـذه التجمعـات، فقد تراجعت خلال عـــــام 2021 تلك النسـبة بكافة التجمعـــــات العربية.

   جدول (2) مساهمة التجارة العربية البينية في التجارة الإجمالية للتجمعات العربية (2015-2021) %

التجمعات العربية

المساهمة في إجمالي الصادرات (%)

المساهمة في إجمالي الواردات ( %)

2017

2018

2019

2020

2021

2017

2018

2019

2020

2021

منطقة التجارة الحرة العربية

11.9

10.3

11.1

13.1

11.0

12.9

13.6

13.0

12.4

13.7

مجلس التعاون الخليجي

11.6

10.4

11.0

12.6

10.7

13.8

14.2

13.4

13.0

13.7

اتحاد دول المغرب العربي

6.5

5.3

6.7

7.3

5.7

6.9

8.6

9.1

8.5

9.9

دول اتفاقية أغادير

20.4

16.8

19.4

20.3

16.4

12.6

13.8

13.5

12.1

14.5

  • منطقة التجارة الحرة تشمل جميع الدول العربية باستثناء (جيبوتي والصومال والقمر وموريتانيا)
  • مجلس التعاون الخليجي (الإمارات والبحرين والسعودية وعُمان وقطر والكويت)
  • اتحاد دول المغرب العربي (تونس والجزائر وليبيا والمغرب وموريتانيا)
  • دول اتفاقية أغادير (الأردن وتونس ومصر والمغرب)

المصدر: صندوق النقد العربي وآخرون، التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2021، أبو ظبي، 2022 ص 202

   أما على صــــعيـد حصة التجـارة البينيـة في التجـارة الإجمالية لهـذه التجمعـات، فقـد حققـت التجـارة البينيـة في دول اتفـاقيـة أغـادير أكبر حصـــــة خلال عـام 2021م، تليهـا حصــــة منطقـة التجـارة الحرة العربيـة الكبرى. في حين ســـجلت الأهمية النســـبية للتجارة البينية في التجارة الإجمالية لكل من تــــجمعي دول مجلس التعـاون لـدول الخليج العربيـة، واتحـاد دول المـغـرب العــربي نسب مساهمة أقل.

شكل (3) حصة الصادرات والواردات البينية في إجمالي صادرات التجمعات العربية % لعام 2021

المصدر: تم إعداد الشكل من قبل الباحث بالاعتماد على بيانات التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2022

ثالثاً-المعوقات التي تواجه العمل الاقتصادي العربي المشترك وسبل معالجتها

   حالت العديد من العقبات خلال فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي دون الارتقاء بالعمل الاقتصادي العربي المشترك إلى المستويات التكاملية المرجوة، وقد كان من أبرز هذه العقبات، ضعف التزام العديد من الدول العربية بتطبيق الاتفاقات المعقودة في إطار جامعة الدول العربية والقرارات المتخذة من قبل مؤسسات العمل الاقتصادي العربي المشترك.  ويعزى ذلك بدرجة كبيرة لعدم توفر الظروف السياسية والاقتصادية المواتية لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي، حيث كان الترابط بين العوامل السياسية والعوامل الاقتصادية للعمل الاقتصادي العربي المشترك قوياً ويصعب الفصل بينهما.

   أوضحت تجربة العمل الاقتصادي العربي المشترك عدداً من المعوقات المتبقية أمام تحرير التجارة البينية العربية، من أبرزها، عدم اتفاق الدول العربية لحد الآن على إزالة الرسوم غير الجمركية المفروضة، لاسيما المتعلقة بالإجراءات غير الجمركية لحماية إنتاجها الوطني والحد من المنافسة وضبط موازينها التجارية وتوفير الموارد المالية لموازنة الدولة، والتعقيدات الإدارية. بالإضافة إلى ذلك، لا يزال القطاع الخاص في الدول العربية يتردد في دعم تنفيذ اللوائح والإجراءات المتعلقة بالإفصاح عن العقبات التي يواجهها في إطار استكمال منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، ولا يزال القطاع الخاص يعتمد على الحكومة لغرض الحماية ودعم ضعف قدرة القطاع الخاص التنافسية في الكثير من الحالات حتى أمام المنتجات العربية المماثلة.

  

     وجماع القول فإن تطوير العمل الاقتصادي العربي المشترك الهادف لتعظيم المردود على البلدان العربية، وزيادة المبادلات التجارية البينية، ومع التكتلات الاقتصادية الإقليمية والعالمية، والتوجه إلى تنويع الشراكات مع هذه التكتلات يتطلب العمل في المجالات التالية:

  • العمل بصورة جماعية لعقد اتفاقيات لإقامة مناطق للتجارة الحرة مع الاقتصادات العالمية والتكتلات الدولية كالاتحاد الأوروبي، والآسيان، والصين والولايات المتحدة، وذلك للاستفادة من الاقتصاد العربي ككتلة واحدة في التفاوض مع هذه التكتلات، حيث يحتل الاقتصاد العربي المرتبة السادسة عالمياً من حيث الحجم الاقتصادي لعام 2022م، بعد الولايات المتحدة والصين واليابان وألمانيا والهند.
  • تطوير آلية اتخاذ القرار واعتماد البرامج المشتركة والتنسيق فيما بينها في إطار استراتيجية للعمل الاقتصادي العربي المشترك، وتطوير عمل وآليات المجلس الاقتصادي والاجتماعي بإدماج مؤسسات المجتمع المدني في العمل الاقتصادي العربي المشترك ومساراته.
  • تفعيل دور القطاع الخاص وزيادة مساهمته في التكامل الاقتصادي العربي وتوفير الامكانات المالية والبرامج الداعمة لنشاطه لدى مؤسسات التمويل العربية.
  • البحث عن الجوانب والمصالح المشتركة لتعظيمها، لكن ضمن رؤية واضحة، هي تحقيق المصالح الاقتصادية للبلدان العربية المشاركة وليس على حساب المصلحة الاقتصادية الوطنية لأي منها.
  • تبني برامج واقعية وفق أساس فنية واقتصادية تقود بالأجل الطويل، لخلق تشابك بالمصالح الاقتصادية بين الدول العربية.
  • البحث عن حلول للمشكلات في حينه وعدم الانتقال إلى مراحل أعلى دون حل مشاكل المرحلة السابقة، لأن ما يعانيه العمل الاقتصادي العربي المشترك هو تراكم هذه المشكلات عبر قرابة ستة عقود من العمل العربي المشترك وتجاهل التعامل معها والبحث عن حلول لها.
  • قابلية القرارات التي يتم تبنيها من قبل مؤسسات العمل الاقتصادي المشترك للتنفيذ، وأن تكون مصحوبة ببرامج تنفيذية تتضمن، وبشكل واضح، آلية التنفيذ والمتابعة والتمويل والالتزامات المالية المترتبة على الدول المشاركة ومصادر التمويل، والمكاسب المالية المحتملة للدول العربية المشاركة فيها.
  • وضع استراتيجيات اقتصادية مشتركة لأهداف محددة قابلة للتطبيق والتراكم على نتائجها ومشاركة الدول في الاستراتيجيات التي ترى بأنها تحقق لها مكاسب اقتصادية.

 

     وفي الختام نقول بأن العمل الاقتصادي العربي المشترك سيشهد دفعة كبيرة بعد القمة العربية (32) التي ستعقد بالرياض مايو 2023م، حيث من المتوقع أن تطرح السعودية مبادرات لتفعيل وتسريع العمل الاقتصادي العربي المشترك بالتنسيق مع جامعة الدولة العربية، وذلك بوصف الاقتصاد السعودي أكبر الاقتصادات العربية والقادر على تحقيق الترابط والتشابك الاقتصادي بين البلدان العربية من خلال التجارة البينية والاستثمار العربي البيني.

مقالات لنفس الكاتب