; logged out
الرئيسية / هل البرنامج الإيراني النووي مخصص للاستعمالات المدنيّة فقط؟

هل البرنامج الإيراني النووي مخصص للاستعمالات المدنيّة فقط؟

الأربعاء، 01 كانون1/ديسمبر 2010

يستحيل تأكيد اتخاذ إيران قراراً بإنتاج الأسلحة النووية، فقد أكد القادة الإيرانيون بشكل متكرر أن إيران لا تملك أية خطط من هذا النوع، وشدد محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية على أن مفتشيه لم يروا أي تحويل للبرنامج النووي الإيراني إلى برنامج أسلحة نووية، ولم يستلموا أية معلومات تشكل (دليلاً قاطعاً) في هذا الخصوص من أي وكالة استخبارات أجنبية.

لكن هناك أسباباً قوية تدعو إلى الاعتقاد بأن إيران تسعى على الأقل إلى تطوير قدرات أسلحة نووية بشكل مستتر ويمكن أن يأتي قرار إنتاج السلاح لاحقاً. كما يمكن تصنيف هذه الأسباب ضمن ثلاث فئات: تاريخ إيران في مخالفة الإجراءات الوقائية، واللامنطق الاقتصادي لبرنامج التخصيب، والمؤشرات المتعددة التي تدل على الصلات العسكرية للبرنامج. وبسبب مخالفة الإجراءات الوقائية بالتحديد تراجعت الثقة بأن برنامج إيران النووي مخصص لأهداف سلمية. ولهذا السبب قام مجلس الأمن ومجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمساندة الموقف الأوروبي - الأمريكي الذي يرى أن تعليق نشاط التخصيب وإعادة المعالجة سيكون أفضل طريقة لتستعيد إيران ثقة الدول بها. والحقيقة الأساسية هي أن إيران من دون قيامها بفعاليات التخصيب وإعادة المعالجة لن تتمكن من إنتاج الأسلحة النووية (ما لم تمتلك مواد قابلة للانشطار من مصدر آخر).

ويصف التحليل التالي المؤشرات التي تدل على نية اقتناء الأسلحة وراء البرنامج النووي الإيراني والذي يأتي بمثابة تحديث لمقال الكاتب الذي صدر في وقت سابق في مجلة (سيرفايفل) التي تصدر عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.

 1- السرية والخداع

أخفت إيران مصنع التخصيب في (ناتانز) وموقع إنشاء مفاعل البحث المعتدل عن الماء الثقيل في (أراك) حتى العام 2003 عندما تم الكشف عنهما من قبل مجموعة إيرانية معارضة (أعلنت للملأ ما سبق أن كانت تعرفه وكالات الاستخبارات الغربية، لكن لم يكن بإمكانها الكشف عن ذلك لحماية المصادر الاستخباراتية). وعندما تمكنت أخيراً الوكالة الدولية للطاقة الذرية من زيارة المرافق النووية والتحقيق في البرنامج الإيراني، وجد المفتشون أربع عشرة طريقة مختلفة قامت بها إيران بمخالفة اتفاقية الإجراءات الوقائية من دون تردد طيلة فترة ثماني عشرة سنة وكلها مدعومة بالوثائق، ثم كذبت إيران بشكل متكرر على المفتشين وغيرت في روايتها عندما تمت مواجهتها بالإثباتات.

وكانت هذه المخالفات للإجراءات الوقائية السبب في اكتشاف عدم تقيد إيران بالاتفاقية في سبتمبر 2005، الأمر الذي دعا إلى تقديم تقرير إلى مجلس الأمن استندت نتائجه إلى تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية المؤرخ في نوفمبر 2003 إلا أنه كان قد تم إرجاء تقديم التقرير إلى مجلس الأمن طالما أن إيران تقوم بتعليق نشاطاتها في مجال التخصيب وهي فعلت ذلك وبشكل متقطع حتى أغسطس 2005.

ويمكن القول إن مخالفات الإجراءات الوقائية قطعت الطريق على ادعاءات إيران بأنها تملك الحق في القيام بالتخصيب وإعادة المعالجة بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. وتربط المادة الرابعة من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية حق الحصول على الطاقة النووية لأغراض سلمية بشرط الإيفاء بالتزامات حظر انتشار الأسلحة النووية. وفي حالة إيران فقد تم إلغاء أي حق قانوني بالتخصيب وإعادة المعالجة من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في القرار رقم 1696 الذي اُقر في 31 يوليو من عام 2006 والذي جعل عملية متابعة التخصيب بالنسبة إلى إيران أمراً غير قانوني.

 2- اللامنطق الاقتصادي

عندما يصبح مركز بوشهر النووي وأي مفاعلات مستقبلية جاهزة للعمل، سيكون أرخص بكثير بالنسبة إلى إيران أن تقوم باستيراد وقود اليورانيوم المخصب كما تفعل معظم الدول التي تملك القدرة النووية. وتملك دولة واحدة فقط من أصل 12 دولة تعتمد بشكل كبير على الطاقة النووية، القدرة على التخصيب. وسبق أن عرضت روسيا تقديم الوقود مدى الحياة إلى مركز بوشهر، وأن المنتجين الآخرين مستعدون لبيع الوقود إلى إيران إذا أزالت هذه الأخيرة الشكوك حول برنامجها.

وتحاول إيران أن تُقنعنا بأنها بحاجة إلى أن تكون مكتفية ذاتياً بإنتاج الوقود؛ لأنها لا تثق بأية دولة في مسألة تزويد الوقود. وتذكر بقصة الصفقات النووية التي تم فسخها مع الغرب والتأخير المستمر في تسليم روسيا وقود اليورانيوم المخصب إلى مفاعل بوشهر. لكن يُعزى تأخير روسيا في هذا الأمر إلى نزاع في عملية الدفع وإلى كون إيران ليست على اتفاق تام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي حال قامت إيران بالإيفاء بالشروط التعاقدية والدولية لحظر انتشار الأسلحة النووية فستزول مخاوف روسيا المتعلقة بقطع الوقود عنها.

وعلى أي حال، سيكون موقف إيران قوياً لعقد صفقة توفر لها مصدراً مضموناً من الوقود الأجنبي، وقد تم وضع ست خطط على الأقل لكيفية ضمان توفير وقود اليورانيوم المخصب إلى الدول التي تتمتع بسجلات موثوقة في مجال حظر انتشار الأسلحة النووية والتي توافق على الامتناع عن عمليات التخصيب الخاصة بها. وقد لاقى عرض إنشاء بنك للوقود في إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بما يضمن توفير وقود اليورانيوم المخصب للمفاعلات النووية، دعماً كبيراً من قبل المبادرة الأمريكية حول تهديدات الأسلحة النووية التي تعهدت بتقديم 50 مليون دولار من أجل إنشاء بنك للوقود هذا إذا حظي بمساهمات أخرى. وقد صوت مجلس الشيوخ الأمريكي لدعم توفير الأموال اللازمة لذلك.

إن احتياطيات إيران المحدودة من اليورانيوم تعني أنها غير قادرة على أن تكتفي ذاتياً بذاتها في إنتاج الوقود النووي بأي حال. وسيتوجب على إيران أن تستورد خام اليورانيوم إذا رغبت في إنتاج وقودها الخاص للمفاعلات الإضافية التي تنوي إنشاءها.

 3- المشاركة العسكرية

ظهرت عشرة مؤشرات على الأقل على المشاركة العسكرية في نواح متعددة للبرنامج النووي الإيراني ونوايا امتلاك أسلحة نووية في تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو مصادر عامة مرموقة أخرى. وتبين هذه المؤشرات علاقة عسكرية في مراحل متعددة من دورة الوقود.

أ- شركة بواجهة عسكرية لإدارة منجم يورانيوم: شاركت شركة بواجهة عسكرية مشتبه فيها وهي (شركة كيميا معادن) في الخطوة الأولى من دورة الوقود النووي، حيث تولت هذه الشركة تعدين اليورانيوم وسحقه في منطقة جشين. وقد تساءلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية كيف يمكن لشركة تأسست حديثاً وتتمتع بخبرة محدودة في معالجة وسحق اليورانيوم أن تقوم بتنفيذ مشروع متكامل لمصنع معالجة خام اليورانيوم في فترة تُعد قصيرة نسبياً في 2000 –2001. ومن المحتمل أن القوى العسكرية الإيرانية اعتبرت منجم (جشين) الذي لم تعلن عنه إيران لبضع سنوات مصدراً مستقلاً لليورانيوم.

ب- علاقات عسكرية بتحويل اليورانيوم: في عام 2004 حَضَرَ شخص منشق من دون سابق إنذار إلى سفارة في إحدى عواصم الشرق الأوسط وزود الاستخبارات الأمريكية بكمبيوتر محمول تم أخذه من دون معرفة صاحبه وتبين أنه يحوي آلاف المستندات التي تتعلق بـ (مشروع 111) وهي جهود أبحاث نووية تحت سيطرة المؤسسة العسكرية الإيرانية. كما أن مستندات الكمبيوتر المحمول تضمنت معلومات حول أنشطة إيرانية لم يتم الإعلان عنها والمعروفة إجمالاً بعبارة (مشروع الملح الأخضر) المتعلقة بتحويل ثاني أكسيد اليورانيوم إلى الفلورايد الرباعي لليورانيوم (المعروف بعبارة (الملح الأخضر نظراً للونه ونسيجه) وهو منتج وسيط في تحويل خام اليورانيوم إلى الفلورايد السداسي لليورانيوم الذي يمكن تخصيبه بعد ذلك. وتم ذكر شركة كيميا معادن في المستندات، كما تم ذكر الدكتور محسن فخري زاده وهو مهندس نووي وعميد في هيئة الحرس الثوري الإيراني والذي يُقال إنه مدير (مشروع 111). وقد طلبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إجراء مقابلة معه لكنها لم تفلح في ذلك. وقد يكون مشروع الملح الأخضر جزءاً من الجهد المبذول لتوفير دعمٍ على صعيد صغير لمرافق تحويل اليورانيوم على الصعيد الكامل في أصفهان على الرغم من أن المستندات على الكمبيوتر المحمول توقفت في مرحلة متوسطة من عملية تحويل اليورانيوم. وبموجب خطة العمل المُبرمة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 21 أغسطس، وافقت إيران على توجيه أسئلة حول مشروع الملح الأخضر لكن فقط بعد أن تبرئ الوكالة الدولية للطاقة الذرية جوانب أخرى من البرنامج النووي الإيراني.

ج- ورش عمل للطرد المركزي تتحكم فيها القوى العسكرية: إن معظم ورش العمل للطرد المركزي الإيرانية تحت إدارة هيئة التصنيع العسكرية وبعضها موجود في قواعد عسكرية. وبخلاف السيطرة العسكرية على شركة كيميا معادن، لم يتم تأسيس ورش العمل للطرد المركزي للتصنيع كشركات واجهة ولهذا السبب هي أقل إثارة للشكوك في طبيعتها. ومن جهة أخرى، أُثيرت الشكوك حول ورش العمل العسكرية أولاً عندما ادعت إيران بأن الدوارات المصنوعة من الكربون التي تستخدم في  الفرازات الطاردية (P-2)  يتم تصنيعها من قبل شركة خاصة،  وعادت واعترفت فيما بعد بأنه يتم تصنيعها في موقع هيئة التصنيع العسكرية. ولا تعتقد الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها تملك القصة الكاملة المتعلقة بفرازات الطرد المركزي P-2. ومن المفترض أن يتم توجيه هذه الأسئلة في وقت لاحق حسب خطة العمل التي تعتمدها الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع إيران.

د- مستند صب اليورانيوم: حصلت إيران في عام 1987 على مستند مؤلف من 15 صفحة (من شبكة السوق السوداء التي يديرها العالم الباكستاني عبد القدير خان تم عرضه على مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكن لم يتم تسليمهم إياه) يصف إجراءات إعادة تحويل وصب معدن اليورانيوم في نصف كرات والذي وصفه الدكتور البرادعي بأنه (يتعلق بتصنيع مكونات الأسلحة النووية)). وقد كان رد إيران الوحيد هو أن شبكة السوق السوداء قامت بتزويدها بالمستند بمبادرة منها ولم تأتِ رداً على طلب من إيران، وأن هذه الأخيرة لم تفعل أي شيء به. ويطرح هذا المستند العديد من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها بما فيها الدور العسكري الإيراني المرتبط بالعلاقات الباكستانية. وقد تم ذكر مستند معدن اليورانيوم في خطة العمل التي تعتمدها الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع إيران، لكن لم تتم الإشارة إلى الطريقة التي ستتبعها إيران في حل المسائل التي تم طرحها.

هـ- تجارب البولونيوم :210 يمكن ربط تجارب إيران لاستخراج البولونيوم (210) نظير مشع بشكل مكثف من (البزموث المشع) في الأبحاث لتصنيع البطاريات المعمرة طويلاً المستعملة للأقمار الصناعية. ومع ذلك، وفي غياب برنامج مماثل للأقمار الصناعية الإيرانية، فإن الهدف الأكثر منطقية هو الهدف العسكري. وبالارتباط مع البريليوم التي حاولت إيران التزود به، يمكن استخدام البولونيوم 210 بصفة مطلق أو(مُبدئ للنيوترون في بعض تصاميم الأسلحة النووية). وعلى الرغم من أننا نجهل تخطي التجارب الإيرانية مرحلة المختبر أم لا، إلا أن إيران وافقت على تقديم الإجابات عن أسئلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مرحلة لاحقة من خطة العمل التي تم الإعلان عنها.

و- أعمال عسكرية مرتبطة بالدفاع في لافيسان: أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مركز الأبحاث الفيزيائية في لافيسان التابع لوزارة الدفاع حاول الحصول على أدوات ومعدات ذات استعمال مزدوج وتتمتع بتطبيقات عسكرية في المجال العسكري النووي. لم تتمكن إيران من تفسير محاولات التزود هذه بما يُرضي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقد رفضت معظم طلبات هذه الأخيرة والمتعلقة بمقابلة الموظفين المختصين. إضافة إلى ذلك، فإن تحليل العينات البيئية الخاصة بمضخات التفريغ التي يملكها مركز الأبحاث تُظهر آثار يورانيوم عالي التخصيب. ومع إيجاد آثار أخرى لليورانيوم العالي التخصيب في إيران، من المحتمل جداً أن يكون مرد ذلك إلى معدات ملوثة من الخارج، لكنها تطرح سؤالاً عن نوع العمل النووي الذي كان يجري في مرفق لافيسان العسكري. وتشير خطة العمل التي تعتمدها الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع إيران فقط إلى حل المسألة المتعلقة بإيجاد تلوث في الجامعة الفنية في طهران والتي من الواضح أنها تُعد طريقة ملطفة للإشارة أيضاً إلى التلوث في لافيسان.

ز- رسوم للصاروخ البالستي (شهاب3): تضمن الكمبيوتر المحمول الذي سلمه الشخص المنشق رسوماً للصاروخ البالستي الإيراني المتوسط المدى (شهاب 3) تُظهر سلسلة من المحاولات بين 2001 - 2003 لإعادة تصميم حجم مخروط المقدمة ووزنه وقطره ليتسع لشيء كروي مع مميزات تتطابق والأسلحة النووية ذات الانفجار الداخلي. وقد قام مسؤولون في الاستخبارات الأمريكية بإخضاع الشخص المنشق إلى مجموعة من أجهزة كاشفة للكذب والمقابلات واستناداً إلى حجم الرسوم وتماسكها وطبيعتها الفنية استنتجت أنه من غير المحتمل أن تكون مستندات قد تم تركيبها. وعلى الرغم من ذلك، فإن التوثيقَ ضروريٌ بشكل أساسي للمعلومات التي تم استقاؤها من مصدر واحد. وتطالب خطة العمل التي تعتمدها الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع إيران هذه الأخيرة بإعطاء تقييمها في ما يتعلق بالمستندات التي تملكها الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول الصاروخ.

ح- رسوم عن متفجرات شديدة الانفجار ومخططات اختبارات محتملة: تضمنت المستندات الموجودة في الكمبيوتر المحمول رسوماً لأشكال كروية وملاحظات علمية تصف كبسولات التفجير على شكل حلقة والمصممة للانفجار في وقت متزامن. وقد حددت المستندات انفجاراً فوق 600 متر تقريباً من الهدف. إن هذا يوحي بشكل كبير بالعمل على الزناد لضغط كرات اليورانيوم العالية التخصيب وتحويلها إلى كتلة من أجل انفجار ذري. ونحن نجهل مدى تخطي هذه الخطط المرحلة النظرية. وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل ظهور المستندات تستكشف احتمال ما إذا كانت إيران تختبر المواد الشديدة الانفجار التقليدية في مرفق بارشين العسكري. إن خطة العمل التي تعتمدها الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع إيران تطالب هذه الأخيرة بتقديم تقييمها في ما يتعلق بالمستندات التي تملكها الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول اختبار المواد الشديدة الانفجار.

ط- خطط العمود الاختباري للقنبلة: أظهر تحليل الكمبيوتر المحمول معلومات إضافية بما فيها رسوم متطورة لنفق تحت الأرض بعمق 400 متر مع أجهزة إحساس يتم التحكم فيها عن بعد لقياس الضغط والحرارة بينما يكون الفريق الذي يتحكم في الاختبار على بعد 10 كيلومترات. يبدو أن النفق مصمم لاختبار ذري تحت سطح الأرض ونحن لا نعرف سواء انتقلت هذه الفكرة من النظرية إلى التطبيق أم لا.

ك- العلاقات الإدارية: إن العلاقات الإدارية العسكرية من بين نواحي البرنامج النووي المتعددة توفر الدليل الأقوى على الصلة العسكرية. وقد أشار تقرير البرادعي الذي صدر في فبراير 2006 إلى أن الدراسات حول الفلورايد الرباعي لليورانيوم والاختبارات المتعلقة بالمواد الشديدة الانفجار وتصميم الصواريخ (مثلاً الرؤوس الحربية يظهر أن لها علاقات إدارية). وهذا يعني أن كياناً واحداً، أي كيميا مادان، كان يُشرف على المشاريع الثلاثة كلها. ومن المؤكد أن مشاركة مجموعة عسكرية واحدة في النواحي المتعددة والمختلفة للمشاريع النووية ومشاريع الصواريخ هي مشاركة لا تنم ببساطة عن جهود غير منسقة من جانب بعض الأفراد الطموحين. وإذا تم دعم دليل الكمبيوتر المحمول، وحتى اليوم لم يظهر أي دليل عكسي يوحي بأنه ليس دليلاً حقيقياً، فمن الواضح أن إيران كانت في عام 2003 تتابع برنامجاً للأسلحة النووية.

وقد اجتمعت كافة هذه المؤشرات لتوحي بشدة بأنه حتى العام 2003 على الأقل كان هناك رابط عسكري منسق لأغراض استكشاف برنامج الأسلحة النووية. وبقدر ما وصلني من معلومات من مصادر غير علنية، فقد توقف المسار في عام 2003 وهو تاريخ آخر مستند تم إيجاده على القرص الصلب الخاص بالكمبيوتر. وربما لم يكن ذلك مصادفة لأن عام 2003 هو العام الذي تم فيه فضح البرنامج الإيراني بشكل رسمي، كما أنه الوقت الذي شعرت فيه إيران بأنها غير محصنة وشاهدت السهولة التي كانت تصل بها القوات الأمريكية بأعداد هائلة وبطريقة غير مقبولة تخطت أعداد القوى العراقية خلال عملية احتلال العراق.

ومن المحتمل أنه مقابل التدقيق الكثيف والتحرر من تهديد العراق النووي أو الكيميائي أو البيولوجي، قرر القادة في طهران في عام 2003 وضع برنامجهم العسكري جانباً وعدم اتخاذ أي إجراءات في الوقت الراهن في ما يتعلق به أو على الأقل بالأجزاء التي قد يتمكن من رؤيتها المفتشون أو المُخبرون أو من الممكن ببساطة أن تكون إيران قد وجدت طريقة لتضييق الخناق حول أمن المعلومات المتعلقة ببرامج الأسلحة النووية. وإن تم اتخاذ قرار في عام 2003 بعدم المضي في مخططات جدوى الأسلحة النووية، إلا أن تحسين إيران لموقفها الجيو - استراتيجي منذ ذلك الوقت كانت له حسابات مختلفة. وبالفعل، إن إصرار إيران في وجه معارضة دولية قوية على متابعة تخصيب اليورانيوم ومفاعل البحث في (أراك) الذي يُعد مثالياً لإنتاج البلوتونيوم يوحي بأنها ستنتقل لتطبق الوسائل التي ستمكنها من الحصول على الأسلحة النووية.

أما الرابط بين البرنامج النووي وبرنامج الصاروخ البالستي الإيراني فيزيد من الخطر، حيث إنه بمساعدة تقنية من كوريا الشمالية فإن إيران قدمت صاروخ (شهاب 3) الذي يبلغ مداه 1300 كيلومتر مما يضع إسرائيل وتركيا والسعودية في المجال. وتباهت إيران في 20 سبتمبر 2007، بصاروخ يتمتع بمدى أطول سمته (غدير1) ويبلغ مداه 1800 كيلومتر. كما أن من المعروف عن إيران أنها تعمل على صاروخ (شهاب 4) بمدى 2500 كيلومتر وذلك أيضاً بتقنية من كوريا الشمالية والذي سيصل إلى أجزاء متعددة في أوروبا. أما الدقة المحدودة التي تتمتع بها هذه الصواريخ فستجعلها قيمة جداً وعلى وجه الخصوص لإيصال أسلحة الدمار الشامل لأهدافها. 

مجلة آراء حول الخليج