array(1) { [0]=> object(stdClass)#13903 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 201

الموارد المائية العربية قوة إرغام في التفاعلات غير المتماثلة مع وكلاء الحروب

الخميس، 29 آب/أغسطس 2024

عندما قدم "ناي " القوة الناعمة لم يقلل من أهمية القوة الصلبة، إلا أنه ذكر إنهم مترابطان في طياتهم على الإرغام، كما أن القوة لم تعد حكراً على الدول، فانتقلت وانتشرت مع الظهور الحديث للفاعلين من غير الدول مما خلق تفاعلات دولية وإقليمية غير متوازنة يصعب السيطرة، أو التحكم، أو التنبؤ بنتائج تفاعلاتها.

فلهذا لم يعد امتلاك عناصر القوة، وأشكالها المختلفة، كافيًا لنجاح الدولة في تحقيق أهداف سياستها سواء الداخلية أو الخارجية، وفي التأثير على الآخرين، حيث أصبحت هناك أهمية متزايدة لكيفية توظيف الدولة لما تمتلكه من أشكال القوة، ومن هنا، جاءت أهمية الحديث عن أشكال مستحدثة من القوة وكيفية توظيف عناصرها المختلفة، من حيث الجهة التي تمارس عليها القوة، ومن ثم أصبحت عملية قياس القوة غير مرتبطة بنتائج حسابية فقط، إنما بتقييم سياسات تأثير استخدام القوة.

يضاف لهذا أن مسرح عمليات الحروب الحديثة ليس له حدود، ولا يميز بين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية، فكل الأهداف مستهدفة، وتتلاشى الفروق بين نقطتي البداية والنهاية، أي بين الحرب والسلام، ولم تعد الحروب تقليدية تستهدف دولة معينة أو إقليم معين، بل تستهدف كسر إرادة الدولة وإرخاء قبضتها على زمام السلطة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، لتصبح حروباً على الشعوب ومقدرات الدولة وليس بين قوات نظامية.

وفى هذا الشأن  قال "ماكس مانواربيك" إن الهدف من  الحرب الحديثة لا يكون تحطيم مؤسسة عسكرية أو القضاء عليها، وإنما الهدف هو الإنهاك والتآكل ببطء ولكن بثبات ما يؤدى إلى إرغام العدو على تنفيذ إرادتك " لنصل إلى نتيجة حتمية وهي الدولة الفاشلة (الهشة) التي تفقد حقها السيادي في احتكار قوتها بشكل شرعي، مما يعرضها للاضطرابات وحركات العصيان المدني، أو تكون سيادتها مقيدة بسبب تعرضها لعقوبات اقتصادية أو سياسية أو عسكرية، أو بوجود قوات أجنبية على أرضها ،أو دولة منزوعة السيادة على أراضيها، ومن هنا تصبح غير قادرة على الاستفادة من ثرواتها الطبيعية أو تحقيق مصالح سياسية مرتبطة بها.

البعض يعتبر أن حالة التدهور أو التدني للدولة، هي مؤشر للتصنيف والتسليم بأنها دولة فاشلة، سواء كان نتيجة سياسات خاطئة ومتخبطة من النخب الحاكمة، أو نتيجة لضغوط خارجية قوية تقع الدولة تحت وطأتها، مثل القوة والإرغام وحروب الجيل الرابع بالوكالة، التي توكل فيها القوى الكبرى والإقليمية الفواعل الدولية (دول-غير دول) عن استعمال ترسانتها العسكرية ذات التكلفة الباهظة، لضرب العمق الداخلي للدولة.

كما إن إلصاق تصنيف الدولة الفاشلة بأي دولة لأغراض سياسية، يتفق تمامًا مع مصالح واستراتيجيات القوى الكبرى والإقليمية، لتمنح نفسها إضفاء الشرعية والقانونية لما سوف يقوم به النظام العالمي بحق هذه الدول، وليعطي مبررات ليتم اجتياح الدول ونهب ثرواتها، وإخضاعها تحت مسميات مسؤولية الحماية وحفظ الأمن والسلم الدوليين، باعتبار أنها غير مؤهلة لتكون جزءًا من المنظومة الدولية.

إن ما شهدته الدول العربية منذ أحداث ثورات الربيع العربي عام 2011م، من مراحل انتقالية من الفوضى وعدم الاستقرار السياسي والأمني لتدفع الدول للدخول في "حلقات مفرغة" من العنف بأشكاله المختلفة، لتنتقل بها من حالة "عدم الاستقرار" للوصول إلى حالة"التفكيك"لإرغام الدول بالقوة "للتقسيم" بادعاء إنهاء حالة الفوضى وعدم الاستقرار لتتحول الدول إلى ساحة كبرى متنوعة للحروب بالوكالة

 

نجت دول عربية بالخروج الأمن من مرحلة الجيل الرابع من الحروب بالوكالة (الفوضى الخلاقة) إلا أن الدول العربية ليست بمنأى عن تأثير التحول في أنماط واتجاهات الأشكال المستحدثة من القوة، ومن الفاعل الذي يمارس عليها القوة، ومن تداخل هذه القوة بأبعادها الداخلية المتلازمة بالصراعات الإقليمية والدولية.

 تشير نتائج الأحداث الدائر في الدول العربية إلى الاتجاه نحو القوة الخفية بالوكالة التي ترتكز على الاستخدامات الناعمة من القوة: مثل المساواة، واستهداف الفضاء السيبراني، وتهيج الرأي العام، واستخدام العقوبات (الاقتصادية -العسكرية) والحرمان من الموارد الطبيعية وعوامل أخرى.

 فلقد بلورت هذه القوة الخفية بمنهج " قوة الإرغام بالوكالة" في نهاية كل حرب هي " إرغام العدو على تنفيذ إرادتك "بغض النظر عن القوة المستخدمة في الوصول لهذه النتيجة، وبغض النظر عن الوسائل والأساليب والأدوات المستخدمة في الوصول إلى هذه النتيجة لذلك يمكن الوصول إليها دون الحاجة لقدرات الجيش من أسلحة وأفراد واستنزاف موارد الدولة.

فمن هنا تأتي منهجية " قوة الإرغام بالوكالة" للوصول إلى النصر بذكاء بدون قطرة دم واحدة باستغلال الوكلاء من الدول أوغير الدول وبتكلفة مالية منخفضة.

قوة الإرغام بالوكالة:

هي القدرة على إرغام سياسات الدولة المستهدفة، بكسر قبضة الدول المعنية على زمام السلطة، فالقدرة على الإرغام ليست ناعمة على الإطلاق إنما تعتمد بنجاحها على براعة من يقوم بعملية الإرغام وعلى مدى ضعف وقدرة مقاومة الدولة المستهدفة.

لذلك نعرض بعضًا من وسائل منهجية قوة الإرغام بالوكالة ذات التأثير الضاغط وهي:

 العقوبات الاقتصادية والسياسية / العمليات السيبرانية / حظر الأسلحة المتطورة / الاعتراض البحري / سلاح موارد الطاقة / مساندة خصوم العدو.

العقوبات الاقتصادية والسياسية: انحصار التدفقات النقدية أو المعاملات المالية حصار على المنتجات وعقوبات على أفراد ومؤسسات، تهديدات لرأس المال المستثمرين، سقوط الأسهم العالمية، قيد على التحويلات المالية الخارجية (بحجة الحرب على الإرهاب بسبب بعد 11سبتمبر الذي تكلف نصف مليون دولار) وجميع الوسائل لتدفع الدولة لشلها اقتصاديًا حتى لو كانت دولة غنية بالموارد.

أما السياسية فهو الحظر على تفاعلات الدولة داخل المنظومة الدولية على مستوى الحكومات والشعوب كالحظر على تحركات رجال الدولة (مثلاً إذا صدر في حقهم مذكرات اعتقال دولية أو محلية).

حظر الأسلحة المتطورة: إن منع دولة ما من الوصول إلى الأسلحة المتطورة التي تعزز من قدرتها لحماية أمنها القومي ومن حق الدفاع على النفس، أو من صد عمليات هجومية من وكلاء التنظيمات الإرهابية، لترغم هذه الدولة على قبول ضغوط واشتراطات الدول المصدرة للأسلحة المتطور (مثل أزمة صواريخ الدفاع الجوي S400الروسية لتركيا وغضب أمريكا من هذه الصفقة ولم يشفع لتركيا إنها عضوة في حلف الناتو).

 

سلاح موارد الطاقة: إن التغيرات العالمية المتعلقة بالطاقة تعد من أشد أسلحة الإرغام بالقوة، التي تستعملها الدول المعادية، حيث تتأثر خريطة صراعات الطاقة في العالم بسياسات الطاقة ،التي تعرف بأنها تأثير تدفقات الطاقة من سلطة ونفوذ الدول، والتي تتأثر بدورها بمدى حاجة العالم للطاقة، لذلك أصبح "سلاح الطاقة "محدداً أساسياً لسياسة الدول الخارجية، لذلك، يتسم عالم اليوم بالمركزية في مجال الطاقة من تحديد سعرها ووسائل توزيعها أو منعها كإحدى العقوبات ،ومن ثم فالسيطرة على مصادر الطاقة تحولت إلى مصادر قوة وسيطرة استراتيجية لبعض الدول وإضعاف اقتصاد دول أخرى.

الاعتراض البحري: إن التفاعلات السياسية تخضع لمنطق القوة في شقها الجغرافي للضغط على الأطراف المنافسة والمهددة للمصالح، فحرب المضائق يسعى فيها كل طرف إلى كسبها وبأي طريقة كانت، استنادًا إلى مقولة وولتر راليج" من يسيطر على البحر، يسيطر على التجارة العالمية ومن يسيطر على التجارة العالمية يسيطر على الثروة ومن يسيطر على الثروة يسيطر على العالم ذاته" هذه معظم القواعد العسكرية الأجنبية في المنطقة العربية في دول مطلة على ممرات الملاحة البحرية الدولية.

مساندة خصوم العدو: تقدم الدول المعادية دعمًا ومساعدة لخصوم أعدائها، حيث تأتى في صورة مادية بمقومات القوة الناعمة عن طريق وكلاء التغير الاجتماعي، وبمقومات الدعم التسليحي بالوكالة، للوصول لدولة ذات نظام سياسي يرضي الدولة المعادية أو على الأقل لا يعوق مصالحها وأمنها القومي.

العمليات السيبرانية: أثرت الثورة التكنولوجية في نظرية الوكلاء، خاصة بعد أن بات الفضاء السيبراني ساحة جديدة للمعارك، وهي الساحة التي يصعب في إطارها معرفة هوية الخصوم على وجه الدقة ‘وتكمن خطورة العمليات السيبرانية لاعتماد العالم  أكثر على الفضاء السيبراني، لا سيما في البنى التحتية المعلوماتية، فأصبحت الهجمات السيبرانية قوة إرغام ، سلاحًا حاسمًا في النزاعات بين الدول لوقتنا الحالي وفي المستقبل كما إن التهديدات السيبرانية لا تستهدف الإضرار بالبشر بصورة مباشرة ، وإنما التهديد من مسار حياتهم بتعطيل أو تدمير البنية الحيوية السيبرانية  للدولة ، ومن ثم تؤثر على أسلوب الحياة ذاتها بشكل يهدد الأمن القومي للدولة(مثل هجوم فيروسstuxnet  على المفاعل النووي الإيراني).

قوة الإرغام بالوكالة ومقومات الدول العربية في صراعها على مواردها المائية

تقع الدول العربية في أكثر مناطق العالم تأثراً بالجفاف الذي يصل إلى 75% من مساحتها وندرة المياه لأن معظم أراضيها تقع في مناطق صحراوية وتفتقر للمياه العذبة الطبيعية وكل الأنهار الهامة التي تشكل شرايين الحياة فيتحكم في منابعها دول غير عربية في آسيا وإفريقيا.

تحدد العوامل الجغرافية والبيئية قوة التحكم في دورة توزيع المياه فدولة المنبع بسبب وضعها الجغرافي تملك من حيث المبدأ قوة التحكم في مياه النهر كماً ونوعًا لإرغام الإرادة السياسية للدول المتضررة للتحكم في سياستها الداخلية والخارجية (مثلما فعلت الأردن عندما دخلت مع إسرائيل في معاهدة السلام لاستعادة مواردها المائية التي خسرتها منذ 1967م)، وكذلك تشير دراسة التوازن المائي في المنطقة إلى أن مساحات كبيرة منها تعاني من عجز في المياه معظم أيام السنة باستثناء فصل الشتاء.

وتتميز الأمطار التي تهطل على المنطقة بعدم انتظامها الأمر الذي يجعل من المياه متغيراً استراتيجيًا يتحكم في القرارات السياسية والعسكرية، وترتب على الفقر المائي أن أصبحت جميع الدول العربية دون استثناء مستوردة لغذائها، مما يثقل موازين مدفوعات الدول العربية، للاستيراد الغذائي، كما يثقل على الدولة سلاسل الإمداد التي أصبحت غير مستقرة بسبب جائحة كورونا ومن بعدها الحرب الروسية الأوكرانية ولا آمنة بسبب تهديد الملاحة البحرية العالمية من الحوثيين (وكلاء إيران) في البحر الأحمر.

لقد أصبحت "المياه "عنصرًا من عناصر قوة الدولة، ولذلك، أخذت أدبيات التنمية -خلال العقود الأربعة الأخيرة-تربط بين "المياه المتاحة"-كماً وكيفاً-من ناحية، وبين التنمية المستدامة من ناحية أخرى، فمن هذا أصبحت المياه من مورد للتنمية إلى واحد من المسببات الحيوية التي تضع الدولة ما يبن الإرغام بالقوة من وكلاء (دول –غير دول) ومقاومتها للحفاظ على سيادتها الوطنية.

فإن التحكم في موارد المياه للدول العربية أصبح غنيمة استراتيجية وقوة إرغام وسلاح سياسياً ذا تأثير قوى على توازن القوى، وخاصة من إسرائيل وتركيا وإثيوبيا في سعيهما الدائم لإرغام دول المنطقة بقبولهما كقوى إقليمية، مما يعيد صياغة القيم الحضارية والثقافية للمنطقة العربية والإسلامية بما يحول مثل إسرائيل من عدو استراتيجي إلى شريك اقتصادي وسياسي في المنطقة.

يكمن صراع الدول العربية على موارد المياه أنها دول مصب فهي قوة إرغام لدول الممر والمنبع وهي غير عربية فًنهري دجلة – الفرات ينبعان من تركيا، ونهر النيل من إثيوبيا ومن البحيرات العظمى، وكذلك تشكيل قوة الإرغام الإسرائيلي على نهر الأردن ما بين الأردن ولبنان وسوريا كدولة مصب وتحتل إجزاء من سوريا ولبنان، فمع تزايد التوافد على فلسطين المحتلة من قبل المهاجرين اليهود وزيادة حجم المستوطنات الجديدة والمشاريع التنموية في إسرائيل، يتطلب هذا زيادة الحاجة أكثر من المياه العذبة.

كان المستهدف من أحداث 2011م، وتوابعها تحويل الدول العربية لدول هشة فكانت مصر ضمن المرحلة الأولى 2011م، وعندما سقط المخطط لهدم الدولة المصرية عام 2013م، جاء الدور على السودان 2019م، كمرحلة ثانية المستمرة إلى الآن دولتي مصب نهر النيل.

فمن البديهي أن تستغل إثيوبيا أحداث 2011م، وتُسرع من بناء سد إثيوبيا بأوامر إسرائيل التي كشف عنها مايكل كلير محلل أمريكي، أنه تم عقد اجتماع في تل أبيب بين أعضاء الكنيست الإسرائيلي ووزراء أثيوبيين، لبناء أربعة سدود على النيل لحجز المياه وتوليد الكهرباء، لحبس حركة المياه باتجاه مصر والسودان.

كما تتعمد إسرائيل إثارة خصوم أعدائها من دول الجوار العربي، لتمنع من قيام أي تكتل عربي – إفريقي أو عربي – عربي خاصة مع دول حوض النيل، ولهذا تقيم محور مضاد مع دول الشرق الإفريقي (إثيوبيا، كينيا، جنوب السودان، تنزانيا).

أفرزت نتائج العقوبات الاقتصادية والسياسية على السودان مظاهرات 2019م، التي أطاحت بالبشير المطلوب لمحكمة العدل الدولية، كما إن حظر الأسلحة المتطورة كشف عن مدى ضعف القدرات العسكرية للجيش السوداني النظامي في مواجهته العسكرية أمام قوات التدخل السريع  التنظيم بالوكالة عن قوى إقليمية وكبرى من 2023م، ليصل منهج قوة الإرغام بالوكالة بالمستنقع السوداني بفقد سلطاته على قدراته القومية وعلى رأسها مواردها المائية، مما يعزز بإرغام دول مصب نهر النيل بفخ تسعير وشراء المياه التي تقاتل مصر بمفردها لرفض هذا الإرغام على مياه نهر النيل وعلى كل  أنهار العالم.

صنف المستنقع السوري الذي بدأ من 2011 "بدولة اللامجتمع "مما وضع سوريا  تحت طائلة  ساحة كبرى للوكلاء من القوى الكبرى والإقليمية والتوغل فيها، مما أرغم سوريا على عدم القدرة على التسلح بسلاح الطاقة من غاز شرق المتوسط، ،حيث كان من  المقدر أن تتحول سوريا إلى مركز لتصدير الغاز العربي إلى أوروبا، مما يعطي ثقلًا للقدرات القومية لسوريا، ليعزز من قوتها لاستعادة حصتها من مواردها المائية من نهر الأردن ودجلة والفرات، وهذا لن تسمح به أمريكا ولا إسرائيل ولا تركيا، إلا أنه في الجانب المقابل تدعم روسيا وإيران النظام السوري، فتناور ببعض العمليات بواسطة الوكلاء للحفاظ على الوضع القائم (فمثلاً ما قامت به إيران عام 2020م، بهجوم سيبراني على شبكة مياه الشرب الإسرائيلية بضخ كلور في مياه الشرب، كادت تسمم آلاف الإسرائيليين).

ذكر رئيس تركيا الأسبق أوزال "نحن مستعدون لتنفيذ كل المشاريع التي تُعيد بناء المنطقة اقتصادياً مثل مشاريع تنمية الموارد المائية بما فيها طريق إيصال مياه الأنهار التركية إلى الجزيرة العربية في خطوط أنابيب تسير جنباً إلى جنب مع أنابيب النفط والغاز" عملية  مقايضة المياه التركية مقابل النفط الخليجي ،كما ذكر رئيس الوزراء الأسبق لإسرائيل في مخططة لشرق أوسط جديد معادلة "النفط السعودي+ الأيدي العاملة المصرية +المياه التركية +العقول الإسرائيلية" من هذا يتضح  التوافق ما بين المخطط التركي والإسرائيلي على الدول العربية باستغلال سلاح المياه بإرغام الدول العربية بقضية السلام العربي الإسرائيلي أمام قضية موارد المياه، خاصة أنهم متفقون على مبدأ بيع المياه لدول الخليج للحصول على مكاسب اقتصادية وسياسية ،مما يعزز سعيهم ليصبحوا قوى إقليمية.

الخلاصة: قال الرئيس المصري الراحل "أنور السادات" قبل أيام من قيامه بتوقيع معاهدة السلام مع إسرائيل : "إن المسألة الوحيدة التي قد تزج بمصر إلى الحرب مرة أخرى هي المياه " وقال أيضاً الملك "حسين" ،ملك الأردن الراحل "إن المياه هي القضية التي قد تدفع بدول المنطقة إلى الحرب" وذكر مساعد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق(هارولد سندرز) في تقرير له عن الشرق الأوسط "إن الخطر لا يأتي فقط من النزاع على النفط، بل إن هناك مصدر آخر للقلق في المنطقة وهو ندرة المياه" وحذرت نائبة رئيس معهد الموارد المائية الأمريكية "جيسيكا ماثيو" "إذا كانت عملية السلام مقابل الأرض صعبة التحقيق فإن المياه بالسلام مستحيلة ، وإن أي اتفاق سلام لا يعالج مشكلة المياه بين إسرائيل و الدول العربية المعنية لن يكتب له النجاح لأنه سيكون مثار جدل وصراع باستمرار" لذلك ذكر شمعون بيرز في كتابه الشرق الأوسط الجديد "إن المياه كانت ولاتزال عاملاً رئيسياً في السياسة المعاصرة ،كما أن العلاقات بين دول المنطقة كانت وستظل تتشكل عموماً بفعل السياسة المائية ".

من هذه المقولات والتحذيرات يتضح إن الموارد المائية للدول العربية لم تعد مصدر للتنمية وبناء الدولة، بل قوة إرغام في التفاعلات غير المتماثلة ما بين الدولة والوكلاء من دول، فبعد انطلاقة شرارة الفوضى الخلاقة عام2011م، كان الدافع لتطبيق بعض عوامل منهجية قوة الإرغام بالوكالة من العقوبات الاقتصادية والسياسية/العمليات السيبرانية/حظر على الأسلحة المتطورة/الاعتراض البحري/سلاح موارد الطاقة /مساندة خصوم العدو.

تمثل هذه العوامل صورة من صور الوسائل التي تصل بك الى إرغام سياسات الدولة المستهدفة، أين كانت قوة وسائل الإرغام، الأهم ألا يضعك أمام المواجهات المباشرة (عسكرية – غير عسكرية)، فالوسائل بالوكلاء تؤمن للراعي من الحفاظ على نفسه ضد العمليات الانتقامية ضده أو الدخول في صراعات لا نهاية لها، خاصة إن كانت الصراعات على الموارد المائية التي هي عصب الحياة والتي لا يسمح بتفاوض في الحرمان منها.

لقد أثبتت الأيام إن الحراك الجماهيري العربي عام 2011م، وتبعاته كان المستهدف منها الإسراع من تحول الدول العربية إلى دول هشة يستعمرها الوكلاء دول – غير دول، ليصبح المجال أوسع وأسرع لقوة الإرغام بالوكالة بمكتسبات من الموارد الطبيعية وعلى رأسهم الموارد المائية، لم تحصل عليها من الحروب التقليدية.

 

مقالات لنفس الكاتب