array(1) { [0]=> object(stdClass)#13837 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 201

استثمار التكنولوجيا في التحلية حل مهم لمواجهة ندرة المياه وأهمية الربط بين الزراعة والمناخ والمياه

الخميس، 29 آب/أغسطس 2024

اعتمدت كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عام 2015م، سبعة عشر هدفاً تُعرف بأهداف التنمية المستدامة. وتُعتبر هذه الأهداف مترابطة، حيث يؤثر العمل في مجال معين على النتائج في المجالات الأخرى، مما يستلزم تحقيق توازن بين الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. وسنتناول في هذه المقالة بشكل خاص الهدف الثاني الذي يركز على القضاء التام على الجوع، والهدف السادس الذي يتناول المياه النظيفة والصرف الصحي، والهدف الثالث عشر المتعلق بالعمل المناخي.

 

  الأمن الغذائي

إن مفهوم الأمن الغذائي حسب تعريف منظمة الأغذية والزراعة الدولية (الفاو) عام 1996م، هو "توفير الغذاء لكافة أفراد المجتمع بالكمية والنوعية اللازمتين للوفاء باحتياجاتهم بصورة مستمرة من أجل حياة صحية ونشطة". ويختلف هذا التعريف عن المفهوم التقليدي للأمن الغذائي المرتبط بتحقيق الاكتفاء الذاتي أي باعتماد الدولة على مواردها وإمكاناتها في إنتاج احتياجاتها الغذائية محلياً. وهذا الاختلاف يجعل مفهوم الأمن الغذائي حسب الفاو أكثر انسجاماً مع التحولات الاقتصادية، وما رافقها من تحرير التجارة الدولية في السلع الغذائية. ونستعرض فيما يلي أهم مفاهيم الأمن الغذائي المستعملة والمتداولة والتي تساعد الشعوب في مواجهة الظروف القاسية وتحقيق حياة أفضل.

أبعاد الأمن الغذائي:

في ضوء الإعلان الصادر عن مؤتمر القمة العالمي للأمن الغذائي الذي عقد في روما عام 1996م، فإن الأمن الغذائي يتحقق عندما تتوافر لكافة الناس، في كل الأوقات، الفرص المادية والاجتماعية والاقتصادية، للحصول على أغذية كافية وسليمة ومغذية تلبي احتياجاتهم الغذائية، وأذواقهم وتكفل لهم حياة موفورة الصحة والنشاط.

واستناداً لهذا التعريف يمكن تحديد أربعة أبعاد للأمن الغذائي وهي: توافر الأغذية والقدرة الاقتصادية والمادية للحصول عليها، واستخدام الأغذية واستقرارها مع الوقت (في وجه التعرض للأخطار والصدمات). وهذه الأبعاد:

  1. توافر الأغذية: يؤدي توافر الغذاء دوراً بارزاً على صعيد ضمان الأمن الغذائي، فمن الضروري إيصال الإمدادات الكافية من الأغذية لفئة معينة من السكان سواء عن طريق الإنتاج المحلي، أو الاسترداد أو مساعدة غذائية على أساس ثابت. علماً أن هذا البعد ليس كافياً لضمان حصول الأشخاص على الأغذية بشكل مناسب.
  2. الحصول على الأغذية: تستند القدرة على الوصول إلى الأغذية على ركيزتين هما: الوصول الاقتصادي والوصول المادي. ويحدد الوصول الاقتصادي من خلال الدخل المتاح وأسعار الأغذية وتوفير الدعم الاجتماعي والحصول عليه، أما الوصول المادي فيحدد من خلال توافر البنى الأساسية ونوعيتها بما في ذلك الموانئ والطرقات والسكك الحديدية والاتصالات ومرافق تخزين الأغذية، وغيرها من المنشآت التي تسهل عمل الاسواق ومداخيل الزراعة والغابات ومصائد الأسماك وتربية الاحياء المائية دور رئيسي في تحديد نتائج الامن الغذائي.
  3. استخدام الأغذية: يحتوي استخدام الأغذية على بعدين مختلفين: الأول يمكن تسجيله من خلال مؤشرات قياسات الحسم البشري التي تتأثر بنقص التغذية المتاحة على نطاق واسع للأطفال دون سن الخامسة، وهي تتضمن الهزال والتقزم والنقص في الوزن، وتعتبر قياسات الأطفال دون سن الخامسة دلائل تقريبية فعالة للوضع التغذوي لمجمل السكان. ويتم تسجيل البعد الثاني من خلال عدد من المحددات أو مؤشرات المدخلات التي تعكس نوعية الأغذية والتجهيز إلى جانب شروط الصحة والنظافة مما يحدد كيفية استخدام الأغذية المتاحة بشكل فعال.
  4. الاستقرار أو ثبات فرص الحصول على الأغذية: يجب أن يتم الحصول على غذاء كاف في كافة الأوقات، فقد تم تحديد نوعين من المؤشرات لقياس التعرض للمخاطر التي تهدد الاستقرار ومداها. وتشمل المؤشرات الأساسية للتعرض للمخاطر، المنطقة المجهزة للري ما يوفر مقياساً لمدى التعرض للصدمات المناخية كالجفاف، وحصة الواردات الغذائية من إجمالي صادرات البضائع ما يبرز كفاية احتياطي النقد الأجنبي لسداد قيمة الواردات الغذائية. وثمة مجموعة ثانية من المؤشرات تظهر المخاطر والصدمات التي تؤثر مباشرة على الأمن الغذائي: كتأرجح أسعار الأغذية والمدخلات، والإنتاج والإمدادات. وتغطي مجموعة المؤشرات عدداً من إجراءات الاستقرار بما في ذلك مؤشر عدم الاستقرار السياسي.

وحديثًا تم إضافة بعدين جديدين للأمن العذائي:

  1. الوكالةAgency) ) وهي قدرة الأفراد أو المجموعات على اتخاذ قراراتهم الخاصة بشأن الأطعمة التي يتناولونها. وما هي الأغذية التي ينتجونها وكيفية انتاج هذا الغذاء وتوزيعه داخل النظم الغذائية وقدرتهم على المشاركة في العمليات التي تشكل سياسات النظام الغذائي وحوكمته.

 

  1. النظام الغذائي المستدام وهو النظام الغذائي الذي يوفر الأمن الغذائي والتغذية للجميع، ويشمل النظام كل شيء من الزراعة والمعالجة والتعبئة ونقل الغذاء إلى المستهلكين.

إن استيعاب العوامل التالية هام جدًا في تحقيق الأمن الغذائي وتحسين التغذية للشعوب والأفراد تشمل هذه العوامل بناء سلاسل إمداد قادرة على الصمود لتحقيق الأمن الغذائي والتغذية، وتفهم والاعتراف بالنظم الغذائية الحضرية وشبه الحضرية، وبيان تأثير النزاعات وهشاشة النظم الغذائية، وتفعيل السياسات المناخية لتحقيق الأمن الغذائي والتغذية، والاعتراف بدور العاملين في النظم الغذائية وبحقوقهم. وبناء صلة وصل مجدية بين أهمية المعارف والممارسات المتنوعة من أجل تحقيق الأمن الغذائي والتغذية كما يجب ان ندرك أن الأمراض المعدية الطارئة والمتجددة تعتبر تحدياً أمام تحقيق الأمن الغذائي والتغذية.

 

التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي:

ولأهمية فهم الأمن الغذائي وخاصة تأثير الحروب والنزاعات، فإن المعيار العالمي لقياس انعدام الأمن الغذائي، أو ما يمكن أن نسميه "مقياس ريختر" للجوع، هو التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي:   

  1. لا مشكلة / الحد الأدنى من انعدام الأمن الغذائي، ويحصل الشخص الواحد على أكثر من 2100 سعرة حرارية في اليوم.
  2. يعاني 5-10% من السكان من سوء التغذية الحاد، ويتناول الشخص 2100 سعرة حرارية في اليوم، مما يعني أنهم بالكاد يحصلون على نظام غذائي كاف لتلبية احتياجاتهم الغذائية.
  3. في حالة انعدام الأمن الغذائي الحاد "الأزمة" يعاني ما بين 10-15% من السكان، من سوء التغذية الحاد، كما أن هناك قصور شديد في دخول الأفراد.
  4. انعدام الأمن الغذائي الحاد الطارئ: يعاني ما بين 15-30% من السكان من سوء التغذية الحاد ويتناولون أقل من 2100 سعرة حرارية في اليوم.
  5. الكارثة أو المجاعة: وهي أشد مراحل الجوع ومن المخزي أن المجاعة لا تزال موجودة في عالم الوفرة في هذا العالم، يعاني أكثر من 30% من سوء التغذية الحاد ولا يوجد أي نوع من الدخل، والمثال على ذلك "غزة" نتيجة للعدوان الإسرائيلي الظالم.

 

مؤشر الأمن الغذائي:

مؤشر الأمن الغذائي أداة تُستخدم لقياس وتقييم مستوى توفر الغذاء في منطقة معينة. يعكس هذا المؤشر مدى قدرة الأفراد على الحصول على غذاء كافٍ ومغذٍ، ويأخذ في اعتباره العوامل الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية التي تؤثر على توافر الغذاء، ويبين الجدول التالي أفضل الدول الأجنبية حسب مؤشر الأمن الغذائي لعام 2022م، كما يتبين لنا ان الدول العربية الخليجية قد احتلت مراكز متقدمة على المؤشر نظرًا للمقدرة المادية والخطط الوطنية للاهتمام بالأمن الغذائي. ويتبين لنا أن الدول العربية النفطية تحتل مرتبة متقدمة على مؤشر الأمن الغذائي وذلك بسبب القدرة المالية والوعي الكبير على أهمية الأمن الغذائي في سياسة هذه الأقطار. ويبين الجدول التالي تصنيف أفضل الدول الأوروبية والدول العربية في مؤشر الأمن الغذائي للعام 2022م، حيث حصلت فنلندا على المرتبة الأولى عالمياً وحصلت دولة الإمارات على أعلى تصنيف عربي وبالمرتبة الأولى وحصلت عالمياً على المرتبة السادسة والعشرين.

الجدول رقم (1): ترتيب أفضل الدول في العالم على مؤشر الأمن الغذائي لعام 2022م، بالمقارنة مع أفضل الدول العربية في هذا المجال.

 

الرقم

الدولة

الترتيب عالميًا

1

فنلندا

1

2

ايرلندا

2

3

النرويج

3

4

فرنسا

4

5

نيوزيلاندا

5

6

الإمارات

26

7

قطر

29

8

البحرين

30

9

عُمان

44

10

الجزائر

41

11

السعودية

44

12

الكويت

47

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: Global Food Security Index 2022 Report

 

الأمن المائي:

أثرت التغيرات المناخية بشكل سلبي على مستويات المياه العذبة المتجددة على سطح الأرض، وذلك بسبب ارتفاع درجة حرارة الكوكب، الأمر الذي ينذر بوقوع أزمة مياه مستقبلاً دفع هذا الواقع العديد من الدول على مستوى العالم لتبني استراتيجيات طويلة المدى لضمان تحقيق الأمن المائي المستدام.

تعريف الأمن المائي: يعرف الأمن المائي بأنه: "توفر الثروة المائية من حيث مخزونها وتنوع مصادرها وطرق استثمارها وكيفية تحسين نوعيتها وضمان توافرها بالقدر الذي يلبي حاجة الاستهلاك البشري، والإنتاج الزراعي، والنمو الصناعي والتوازان البيئي.

 

معوقات تحقيق الأمن المائي في الدول العربية:

 

أولاً: الزيادة المضطردة في عدد السكان: فقد تطور كوكب الأرض من مليار نسمة سنة 1800 إلى 3 مليار نسمة عام 1950م، وإلى ما يقرب من 6 مليارات نسمة في وقتنا الحالي، أي أن سكان العالم استغرق وصول عددهم إلى 1 مليار نسمة عشرات آلاف السنوات منذ بداية الحياة البشرية حتى العام 1800م.

ثانياً: تغير المناخ: تعتبر المنطقة العربية من أكثر مناطق العالم جفافًا حيث أن 90% من المساحة الإجمالية جافة وشبه جافة، كما أن غرب آسيا وشمال إفريقيا هما المنطقتان اللتان تواجهان أكبر التهديدات الاقتصادية من ندرة المياه التي تتفاقم بفعل التغير المناخي.

ثالثاً: الأنشطة الزراعية الملوثة للمياه: حيث تعتبر الزراعة المستخدم الرئيسي لمبيدات الآفات، وإن الإفراط في استخدام الأسمدة ومبيدات الآفات يسبب انخفاض في جودة المياه.

رابعًا: الهدر: وتعد مشكلة الهدر من المشكلات الخطيرة التي يواجهها الأمن المائي العربي، مما يستوجب تحسين كفاءة استخدام وسائل الري.

إن تحقيق الأمن المائي يتطلب اتخاذ التدابير التالية:

  • رفع كفاءة قدرات المؤسسات الوطنية في مجال إدارة الموارد المائية.
  • تطوير وإدخال أنظمة الري الحديثة وتدريب المزارعين على استعمالها تجنباً للهدر في القطاع الزراعي.

ـ تطوير البنية الداعمة لموارد المياه والحفاظ عليها.

ويبين الجدول رقم (2) والجدول رقم (3) مقارنة لأحوال الدول العربية في مؤشر الأمن الغذائي.

 

 

 

الجدول رقم (2) تصنيف أفضل الدول العربية حسب مؤشر الأمن المائي

المصدر: Global Food Security Index Report    

 

الرقم

الدولة

تصنيف الدول العربية

التصنيف

الترتيب عربيًا

أفضل دولة

1

الإمارات

أعلى تصنيف عالمي

1

أفضل تصنيف لدولة الإمارات

2

قطر

مرتفع

2

3

الكويت

متوسط إلى مرتفع

3

4

البحرين

متوسط إلى مرتفع

4

5

السعودية

متوسط إلى مرتفع

5

6

عُمان

متوسط

6

 

 

 

 

الجدول رقم (3) تصنيف الدول العربية التي تعاني من فقر مائي حسب مؤشر الأمن المائي

 

الرقم

الدولة

تصنيف الدول العربية

 

أفضل دولة

التصنيف

الترتيب عربيًا

1

لبنان

متوسط إلى منخفض

1

أدنى تصنيف لدولة اليمن 

2

تونس

منخفض

2

3

المغرب

منخفض

3

4

الجزائر

منخفض

4

5

مصر

منخفض

5

6

الأردن

منخفض

6

7

اليمن

أدنى تصنيف عالمي

7

 

 

 

وفيما يلي أهم الحلول المقترحة لمشكلة نقص المياه في الأردن والوطن العربي:

  1. استخدام تقنيات ري متقدمة مثل الري بالتنقيط والرذاذ لتقليل الهدر، وتحسين طرق إدارة المياه في الزراعة والمنازل.
  2. بناء وتطوير محطات لتحلية مياه البحر، وتوسيع استخدام هذه التقنية لتوفير مصدر إضافي للمياه العذبة.
  3. معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها في الزراعة والصناعة، وتحسين تقنيات معالجة المياه لضمان جودتها.
  4. إنشاء خزانات وسدود لتخزين مياه الأمطار والسيول، وتطوير أنظمة لجمع وتخزين المياه الجوفية خلال فترات الجفاف.
  5. تنظيم استخراج المياه الجوفية بشكل مستدام، وإعادة شحن المياه الجوفية من خلال تقنيات مثل حقن المياه.
  6. تعزيز برامج التوعية حول أهمية ترشيد استهلاك المياه، وتنفيذ حملات توعية لتعزيز السلوكيات المائية المستدامة.
  7. التعاون مع الدول المجاورة والمنظمات الدولية لتبادل المعرفة والتقنيات الحديثة، وتنسيق الجهود في إدارة الموارد المائية.
  8. تحديث وصيانة أنظمة توزيع المياه، وتقليل الفاقد من خلال إصلاح التسربات وتعزيز كفاءة البنية التحتية.
  9. دعم البحث والتطوير في مجالات تقنيات المياه الحديثة مثل التحلية منخفضة التكلفة، وتقنيات جمع المياه من الهواء.
  10. تنفيذ سياسات لترشيد استخدام المياه في جميع القطاعات، بما في ذلك تحسين أساليب الري وإدارة الطلب على المياه في المدن.

ويبين الجدول رقم (4) نصيب الفرد في الدول العربية من المياه سنوياً (م3) لعام 2023.

 

 

 

الجدول رقم (4) نصيب الفرد في الدول العربية من المياه السنوية (م3) لعام 2024

الرقم

الدولة

نصيب الفرد في الدول العربية سنوياً (م3) 2023

1

مصر

570 (م3)

2

السعودية

80 (م3)

3

الأردن

90 (م3)

4

الإمارات

400 (م3)

5

الجزائر

550 (م3)

6

المغرب

650 (م3)

7

تونس

450 (م3)

8

لبنان

1.000 (م3)

9

عُمان

150 (م3)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تقارير الأمم المتحدة ومنظمات المياه الدولية

 

التغير المناخي:

اهتمت الدول العربية بالهدف رقم 13 والخاص بالتغير المناخي منذ الموافقة على أهداف الاستدامة ووضعت معظمها خطط عمل وشاركت في الكثير من المؤتمرات وورش العمل. كذلك استضافة جمهورية مصر العربية لـ COP 27 في شرم الشيخ عام 2022م، واستضافت دولة الإمارات العربية المتحدة في دبي عام 2023م،  COP 28. والتزمت دولة الإمارات بتقديم مساهمة كبيرة عبر إطلاق صندوق بقيمة 30 مليار دولار لمعالجة فجوة التمويل الخاصة بقضايا المناخ الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة إن "السياسات التي تتبعها الدول الكبرى والبلدان المنتجة والمصدرة للنفط، عبر اعتمادها بشكل أساسي على الوقود الأحفوري في الصناعة والاقتصاد، تؤكد أننا لسنا على المسار الصحيح لتحقيق هدف اتفاق باريس" للمناخ.

إن الدول الكبرى ومنتجي النفط ملزمين بتقليل الانبعاثات والتحول بقوة إلى الطاقة المتجددة وجهودها لا يرتقي إلى حيز التنفيذ حتى الآن، لذلك فإن التحرك العالمي يجب أن يبدأ من تلك الدول المسؤولة عن الجزء الأكبر من الانبعاثات.

 "إن البلدان المنتجة للنفط وخاصةً في الخليج، تحتاج بقوة إلى نقل التجارب الدولية الناجحة، بهدف التحول إلى الطاقة المتجددة في ظل وفرة الموارد الاقتصادية ووجود بيئة ملائمة وإرادة سياسية يمكن أن تدعم هذا التوجه". وهناك ترابط كبير بين الزراعة والأمن الغذائي والمياه والتغير المناخي. ولذلك يجب زيادة التنسيق بين الوزارات المسؤولة عن الزراعة والمياه والوزارات الأخرى في الدول العربية.

 

 

 

معالجة قضية تغير المناخ في النظم الزراعية والغذائية

 

تشير التوقعات المناخية إلى أن منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا ستشهد زيادة غير مسبوقة في درجات الحرارة، مما سيجعلها أكثر جفافاً وعرضة للأحداث المتطرفة. سيؤدي ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار إلى تزايد حالات الجفاف. وستكون المناطق الساحلية المنخفضة ذات الكثافة السكانية العالية في مصر، والكويت، وليبيا، وقطر، وتونس، والإمارات العربية المتحدة، عرضة بشكل خاص لخطر ارتفاع منسوب مياه البحر وتسرب المياه المالحة إلى الأراضي الزراعية.Top of Form

تساهم الزراعة بنسبة 14% من الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة (باستثناء الدول الغنية بالنفط)، ويعمل فيها 38% من السكان النشطين اقتصاديًا. سيكون هذا القطاع معرضًا بشكل خاص لتأثيرات تغير المناخ، مع توقعات بانخفاض إنتاج المحاصيل والثروة الحيوانية تحت سيناريوهات تغير المناخ. يؤدي هذا إلى تهديد الأمن الغذائي، وتفاقم ندرة المياه، وتدهور الأراضي. كما تواجه مصايد الأسماك وموارد الأحياء المائية مخاطر بسبب تغير درجات الحرارة والملوحة في بحر العرب والبحر الأبيض المتوسط وعلى طول السواحل.

وتشمل استراتيجيات التكيف الحفاظ على الأراضي والتربة، واستخدام أصناف محاصيل وأنواع مواشي مقاومة للجفاف والحرارة، وتحسين مرونة سبل العيش لأصحاب الحيازات الصغيرة والفئات السكانية الضعيفة. كما تسعى الدول إلى التخفيف من الآثار عبر تبني ممارسات زراعية مختلفة، مثل تحسين التغذية وتربية الحيوانات، والحد من فقدان الأغذية وهدرها، وتنفيذ حلول متكاملة تربط بين المياه والطاقة والغذاء ضمن السلاسل الزراعية والغذائية.

يُعتبر اعتماد نهج الزراعة الذكية مناخيًا، بالإضافة إلى ممارسات إدارة موارد الأراضي والمياه، من الإجراءات الأساسية للتكيف في الزراعة وسبل العيش في المنطقة. بالنسبة لتدابير التخفيف، فإن تعزيز مصارف الكربون من خلال التشجير وإعادة التحريج والإدارة المستدامة للغابات، وكذلك تدابير التخفيف المرتبطة بالثروة الحيوانية، واستراتيجيات التكامل بين المحاصيل والثروة الحيوانية ومصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، تعتبر الأكثر أهمية في المنطقة.

تُعتبر الأشجار من الأدوات الطبيعية الفعالة في تقليل مستويات الكربون في الجو، وغالبًا ما يُنظر إليها كحل ممتاز لمشكلة الاحتباس الحراري. تقوم الأشجار بامتصاص ثاني أكسيد الكربون، وهو أحد الغازات الدفيئة التي تسهم في زيادة الاحتباس الحراري. تستخدم الأشجار وجميع النباتات طاقة ضوء الشمس في عملية التمثيل الضوئي، حيث تستفيد من ثاني أكسيد الكربون والماء لتوليد الطاقة وتوفير الأكسجين. بهذا، تساهم الأشجار في تقليل كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

كما تساعد الأشجار أيضًا في امتصاص التربة لثاني أكسيد الكربون وتخزينه هناك، وعلى الرغم من أن الكمية التي تمتصها التربة منخفضة بالمقارنة مع المحيطات التي تمتص حوالي 90 % من انبعاثات الكربون، إلا أن الأشجار مهمة للغاية للمساعدة في وقف تغير المناخ. لهذا السبب كلما زاد عدد الأشجار، كان ذلك أفضل.

إن معالجة تغير المناخ تتطلب اتخاذ إجراءات حاسمة عبر النظام الزراعي والغذائي، ويشمل ذلك سلاسل التوريد الزراعية، على سبيل المثال تقليل فقد الأغذية وهدرها في منطقة تسجل واحدة من بين أعلى المعدلات في العالم لواردات الغذاء. ومن المهم مراعاة استخدام "المياه الافتراضية" في المواد الغذائية المستوردة والمدخلات الزراعية لتعكس التكلفة الحقيقية للمياه.

يعتبر اعتماد نهج الزراعة الذكية مناخياً وممارسات إدارة موارد الأراضي والمياه ممارسات تكيّف ضرورية للزراعة وسبل العيش في المنطقة. كذلك يجب الاهتمام بوضع تدابير التخفيف والتنفيذ مما يستوجب تعزيز مصارف الكربون من خلال التشجير وإعادة التحريج والإدارة المستدامة للغابات.

 

الخاتمة:

وفي الختام إن الدول العربية تعاني بشدة من معضلات الأمن الغذائي والأمن المائي والتغير المناخي، وهي بحاجة ماسة للعمل القطري والإقليمي ووضع الاستراتيجيات وخطط عمل لمواجهة هذه المشاكل والتعاون فيما بينها.

يجب العمل على استثمار التكنولوجيا واستنباط أصناف مقاومة للجفاف وللتملح والاهتمام بالموارد الوراثية النباتية والتنوع الحيوي. كما يجب تعزيز استخدام التقنيات الحديثة كالري بالتنقيط والزراعة الدقيقة والتقنيات التي توفر المياه وتزيد من إنتاجية المحاصيل.

إن العمل على استثمار التكنولوجيا في تحلية المياه يكون حلاً مهماً في مواجهة ندرة المياه.

يجب أن ندرك أهمية الترابط بين الزراعة والمناخ والمياه والتعاون ما بين الجهات المهتمة في أي واحد منها.


 

قائمة المراجع:

  1. منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم، الأمن الغذائي بأبعاده المتعدد، روما، منظمة الأغذية العالمية والزراعة لأمم المتحدة، 2013، ص 20-23.
  2. رضا، عبد الجبار سلمان الشمري وعباس حمزة علي الشمري، التحديات التي تواجه الأمن المائي، مجلة القادسية للعلوم الإنسانية، 2012، ذ=15 (1) ص 57.
  3. مؤشر الأمن الغذائي https://sarabic.ae/202110303/1048268367-2020.html
  4. مؤشر الأمن الغذائي العالمي لعام 2021 الصادر عن وحدة المعلومات الاقتصادية GFSO
  5. مؤشر الأمن الغذائي العالمي 2022
  6. مؤشر الأمن الغذائي العالمي لعام 2023 الصادر عن وحدة المعلومات الاقتصادية GFSO
  7. Source :Sagasta, J. M., Al-Hamdi, M., & AbuZeid, K, Water reuse in the Middle East and North Africa: a sourcebook, International Water Management Institute (IWMI), Sri Lanka, 2022,p8.

Clapp,J .Moseley ,b , butlingame ,B. and Termine ,P. 2022. Viewpoint : the Case for a six dimensional food security framework.Food Policy

مقالات لنفس الكاتب