يواجه مفهوم التكامل العربي على مختلف الأصعدة الاقتصادية والتجارية والأمنية العديد من التحديات التي تحول دون الاستفادة الكاملة للمقدرات العربية الهائلة التي إذا ما تم استغلالها بالشكل الصحيح ستساهم بشكل كبير في تعميق التكامل الإقليمي وتحقيق الاكتفاء الذاتي العربي خاصة وأن المنطقة العربية قد مُنيت بمقدرات وثروات هائلة تمكنها من تحقيق التنمية الاقتصادية ككتلة واحدة أسوة بالاتحاد الأوروبي والاتحاد لإفريقي وغيرهما مما يعزز من مكانتها الدولية ودورها على منصة الاقتصاد العالمي.
فاقتصادياً، تشهد المنطقة العربية العديد من اتفاقات التجارة العربية سواء في الإطار العربي مثل اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى (بافتا)، أو في الإطار الإقليمي بين التكتل القطري الواحد مثل دول مجلس التعاون الخليجي، واتحاد المغرب العربي، أو في الإطار الثنائي كاتفاقات التجارة العربية البينية بين دولتين.
وعلى الرغم من هذا العدد من الاتفاقيات التجارية إلا أن حجم التجارة العربية لا يزال أقل بكثير من طموحات المواطن العربي، حيث تشير الإحصائيات إلى أن حجم التبادل التجاري العربي في التجارة السلعية والنفطية بلغت نحو 10% فقط من إجمالي حجم التجارة في المنطقة وهو ما يعد رقم ضعيف أمام الإمكانيات الكبرى المتاحة لمختلف الدول العربية.
وأضحى الآن هناك توجهاً متزايداً نحو الانضمام إلى تكتلات إقليمية ودولية كبرى أو تفعيل ما هو قائم نظراً لأهمية هذه التكتلات في تحقيق التنمية الاقتصادية والتجارية والاجتماعية من خلال التقارب مع مختلف القوى الكبرى والدول النامية، فعلى سبيل المثال یمكن أن نجد العديد من التكتلات التي تضم دول متفاوته اقتصادياً ولكن وجودها ضمن تكتل اقتصادي واحد مكنها من تحقيق تفاهمات ومنافع استراتيجية سياسية واقتصادية، فضلاً عن ضمان وجود تمثيل للدول النامية وسط هذه التكتلات الكبرى لتفادي التهميش في سياق الاقتصاد العالمي، وما يتحيه ذلك من تسليط الضوء على أهم المشكلات التنموية التي تواجه دول العالم النامي.
غير أنه من الأهمية الإشارة إلى أنه إذا كان انضمام الدول إلى التكتلات الاقتصادية الكبرى سمة من سمات العصر الحديث الذي تغيرت معادلته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أنه بات يتحتم على الدول العربية أكثر من أي وقت مضى السعي نحو المزيد من آليات تفعيل الشراكة العربية – العربية وتدعيم أواصرها بما يعزز التكامل الاقتصادي العربي بشكل حقيقي وفعال.
وبالنظر إلى التحديات الأمنية والاقتصادية التي تمر بها المنطقة، نجد أن الدول العربية مطالبة بشكل ملح بتفعيل التعاون ما بين المشرق والمغرب العربي، لعدد من الأسباب التي يمكن إبراز أهمها فيما يلي:
أولاً: التحديات الاقتصادية التي تواجه الدول العربية:
- على الرغم من أن "اتحاد المغرب العربي" يعد بمثابة المظلة الجامعة لدول المغرب العربي منذ عام ١٩٨٩م، على أسس تدعو إلى التنمية الاقتصادية البينية وتوحيد الرؤى ضد التحديات الأمنية والقضايا الدولية، إلا أن الاتحاد واجه العديد من التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية والتي حالت بدورها دون تفعيل دوره بالشكل المطلوب.
ــ لا تزال مؤشرات الأداء التجاري لدول المشرق والمغرب العربي -باستثناء دول الخليج- بحاجة لمزيد من العمل لتحسين أداء تلك المؤشرات بما من شأنه تحسين الأداء الاقتصادي، فعلى سبيل المثال ينبغي على اتحاد المغرب العربي بذل المزيد من الجهود لتبني سياسة تجارية موحدة سواء بين دول الاتحاد أو مع الأطراف والتكتلات الدولية المختلفة، وعليه نجد أنه من الأهمية العمل داخل التكتل الاقتصادي على التركيز على النواحي الاقتصادية بهدف الوصول إلى مقاربة شاملة تعمل على تعزيز بيئة الاقتصاد وتدعم الوصول إلى التنمية المستدامة.
- أيضاً كما سبقت الإشارة إلى أن حجم التبادل التجاري العربي لا يحقق المأمول منه، فلابد من الالتفات إلى تعزيز التعاون التجاري البيني سواء بين التكتلات في الإقليم العربي أو بين دول الكتلة الواحدة، وعليه يمكن النظر في البدء بالوصول إلى نظام جمركي موحد بين دول التكتل الواحد يعفيها من ارتفاع أسعار التبادل التجاري، حيث أنه وفقاً للإحصائيات يعد التبادل التجاري بين دول المغرب العربي على سبيل المثال هو الأضعف بين مختلف التكتلات الإقليمية، وبالتالي سينعكس وجود توجه تجاري موحد للاتحاد ايجابياً على تحقيق الشراكة مع دول المشرق العربي.
- تمتاز دول المشرق والمغرب العربي بثروات نفطية وموارد طبيعية وطاقوية هائلة لكنها لا زالت بحاجة إلى استمرار ما بدأته من تنويع مصادر دخلها بالتحول التدريجي نحو الصناعات التحويلية وعدم الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي في الناتج القومي الإجمالي.
ــ للدول العربية بما لديها من الإمكانات البشرية والمادية من الممكن أن تتبع مسار التصنيع والإنتاج بشكل أكبر بدلاً من الارتكاز بشكل كبير على الاستيراد، ومن المعروف أن التصنيع يمثل عنصر أساسي في تحقيق النمو الاقتصادي وتقليل نسب الفقر والبطالة. وعلى الرغم من تفاوت المقدرات الاقتصادية لكل من البلدان العربية، إلا أن تنوع التصنيع في هذه البلدان سيساهم في انتعاش السوق عبر التبادلات التجارية أو إقامة مشاريع مشتركة تدعم التكامل الاقتصادي بين هذه الدول.
- وأيضاً يلعب تحسين مناخ بيئة الاستثمار وبيئة الأعمال في بعض الدول العربية في المشرق والمغرب العربي على حد سواء أهمية كبرى في جعلها دولاً أكثر جذباً للاستثمار البيني والخارجي، وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أن حجم الاستثمار العربي البيني هو الآخر لا يرقى إلى طموح المواطن العربي ويمثل نسبة ضعيفة جداً أمام حجم الاستثمارات العربية في الخارج، وهو ما يؤكد أننا أصبحنا بحاجة ملحة لتسهيل بيئة الاستثمار العربية التي باتت بحاجة إلى صيغة عربية واحدة لتخطيها، وهو الأمر الذي أدركته جامعة الدول العربية حيث تعمل منذ مدة على قدم وساق على الانتهاء من اتفاقية الاستثمار العربية الجديدة التي روعي في إعدادها أن تكون متوائمة والاتجاه الحديث في مجال اتفاقات الاستثمار الدولية بحيث تشكل حجر الأساس في التكامل الاقتصادي العربي البيني بما من شانه زيادة حجم الاستثمارات العربية البينية.
التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة وتستوجب التكامل العربي: أ
تمر المنطقة العربية بسلسلة من الأزمات الممتدة منذ فترة طويلة ولا زالت تعاني من تبعاتها، فمنذ أحداث 2011م، أخذت التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة العربية منحاً جديداً أكثر خطورة من ذي قبل كان له تأثيرات متعددة ومتغيرة على الدول العربية.
فمنذ ذلك الحين، صاحبت تلك الأحداث انهيار كبير في منظومة الأمن في بعض الدول العربية مما أتاح المجال أمام مختلف المجموعات سواء دينية متطرفة أو مسلحة أو كلاهما معاً لفرض العنف ضد الدولة نفسها.
ولم تكن هناك دولة عربية واحدة في المشرق أو المغرب العربي لم تعان من تبعات تمدد الإرهاب الناجم عن هذه الجماعات. فبالنظر إلى دول المغرب العربي، نجد أنها عانت من كونها معبر للهجرة الغير شرعية على خلفية موقعها المتاخم لدول الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال، وكذلك عانت مختلف دول المشرق العربي من تبعات تفشي الجماعات المسلحة والتدخلات الخارجية بعد سقوط عدد من الأنظمة العربية، وهو الأمر الذي فرضت معه عدد من الدول العربية كدول مجلس التعاون الخليجي تنسيقات أمنية نوعية لحماية أمنها القومي، وعانت مصر من الإرهاب في سيناء نتيجة الجماعات المسلحة لسنوات طويلة.
كل ما سبق لم ينعكس فقط على التنمية المحلية لمختلف الدول العربية بل انعكس كذلك على التعاون الإقليمي بين دول المجموعة وصعب من عملية الاندماج السياسي والاقتصادي، وهو ما يرسخ من أهمية التكامل الأمني والدفاعي بين المنطقة العربية ككل من مشرقها لمغربها، فليست هناك دولة في الإقليم مهما ابتعدت المسافة الجغرافية بينها وبين الدول الأخرى ليست بمنأى عن تبعات ما تعانيه هذه الدول من أي حالة من عدم الاستقرار.
وبالنظر إلى الوضع الحالي، وبعد دحر الإرهاب في مناطق متفرقة في المنطقة فطنت مختلف الدول العربية إلى أهمية الالتفات نحو التنمية واستغلال مقدرات الدول العربية التي لطالما عانت من تبعات الفوضى التي لم تلبث أن تهدأ بفضل جهود عدد من الدول العربية وعلى الرأس منها المملكة العربية السعودية التي سعت خلال العامين الماضيين على اتباع نهج "تصفير النزاعات" للالتفات إلى التنمية الحقيقية في المنطقة، فشهدنا المصالحة السعودية – الإيرانية برعاية صينية، ومحاولة احتواء الأزمات في اليمن والعراق وسوريا انطلاقاً من حقيقة مفادها أن الحوار هو الوسيلة الأمثل لمجابهة كافة النقاط الشائكة، حتى شهدنا تبعات ما تمر به المنطقة العربية نتيجة اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023م.
وكتبعات لهذه الحرب الممتدة، شهدت المنطقة العربية سلسلة من الاضطرابات ترتب عليها اتساع دائرة الصراع في مختلف البلاد خاصة بعد أن بدأ يلوح في الأفق بوادر حرب إسرائيلية ـ إيرانية فضلاً عن الحروب الإسرائيلية الدائرة مع حزب الله في جنوب لبنان والحوثيين في اليمن مما أثر بشكل مباشر على أمن المنطقة وعلى مختلف بلاد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتزايدت معها المخاطر التي قد تواجهها بعض دول المنطقة وفي مقدمتها الدول المتشاطئة على البحر الأحمر على خلفية الاضطرابات الدائرة التي تشكل تهديداً مباشراً لحرية الملاحة في البحر الأحمر التي تشكل حجر الأساس للتجارة العالمية في أحد أهم الممرات المائية في العالم التي تشير التقديرات إلى أن ما بين 10 إلى 15% من إجمالي الشحن العالمي، أي حوالي 21 ألف سفينة سنويًا مما فاقم من المخاطر الأمنية والتجارية والتأثير المباشر على اقتصادات الدول، حيث أعلنت جمهورية مصر العربية على سبيل المثال عن انخفاض إيرادات قناة السويس نحو 6 مليار دولار حيث تقلصت العائدات بنسبة 60%، فضلاً عن انعاكاسات هذه الحرب علــى خطة التنمية الاقتصادية التي باتت تعد الهدف الأهم بالنسبة للمملكة العربية السعودية.
ومن الملاحظ أنه على الرغم من الانعكاس السلبي المباشر سواء على مصر أو السعودية أو غيرها من الدول العربية، نجد أن هذه الدول لا زالت تتبع نهج المحادثات والدعوة مراراً وتكراراً لوقف إطلاق النار بشكل فوري، وإطلاق العملية السياسية لحل الأزمة الفلسطينية بشكل نهائي والنأي بالنفس عن الدخول في آتون هذه الحرب التي إذا ما اتسعت رحاها ستعود بجهود السلام والتنمية في المنطقة إلى المربع صفر.
وهنا تظهر الحاجة الملحة لأهمية التكامل الأمني والدفاعي، خاصة بعد تزايد محفزات التوتر في منطقة القرن الإفريقي، فعلى الرغم من اشتعال الأزمة في البحر الأحمر نتيجة استهداف الحوثيين للسفن نتيجة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، زادت من توتر المنطقة هو الاتفاق الذي أبرمته أثيوبيا مع أرض الصومال الانفصالية لتأمين موطأ قدم لأثيوبيا الحبيسة على البحر الأحمر، وهو ما اعتبرته الصومال اعتداء على أمنها القومي وانتهاك للسيادة الصومالية. ولزيادة تعقيد الأمور أعلنت حركة الشباب الصومالية ولوحت بشن هجمات انتقامية ضد أثيوبيا والتي إذا ما صدقت في تهديدها قد نشهد عودة للقرصنة في البحر الأحمر مما يزيد من تفاقم الأزمة في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر.
وعلاوة على ما سبق، وعلى الرغم من الجهود المبذولة من قبل مختلف الدول للضغط على اثيوبيا مثل منع الصومال واريتريا استخدام مجالها الجوي أمام الطيران الاثيوبي والمحادثات التي كانت برعاية تركيا، وسعي مصر إلى حلحلة الأزمة بين الصومال واثيوبيا وهي كذلك الدولة التي تشهد خلافات مع مصر على خلفية "سد النهضة"، نجد مؤخراً انعقاد "قمة أسمرة الثلاثية" التي جمعت بين مصر والصومال واريتيريا والتي تركزت في مباحثاتها على أزمة السودان وتداعياتها الإقليمية، والوضع في الصومال على ضوء التطورات الإقليمية الأخيرة وقضايا الأمن والتعاون بين الدول الساحلية للبحر الأحمر ومضيق باب المندب فى سياق أهميته القصوى كممر بحرى حيوى وآليات التنسيق الدبلوماسى والجهود المُشتركة بين الدول الثلاث.
وهو ما يمكن قراءته على أن حفظ الأمن البحري والقرن الافريقي باتت ضرورة ملحة وهامة للحيلولة دون انجرار المنطقة إلى فتح جبهة جديدة للحرب في منطقة ذات أهمية كبرى على مختلف الأصعدة الأمنية والاستراتيجية والاقتصادية مثل منطقة القرن الافريقي.
جهود الجامعة العربية في دعم التكامل العربي الاقتصادي والدفاعي:
لعبت جامعة الدول العربية منذ تأسيسها دوراً محورياً في تعزيز التعاون والتكامل بين الدول الأعضاء في مختلف المجالات، وخصوصاً في الجوانب الاقتصادية والدفاعية، تهدف هذه الجهود إلى تقوية الصف العربي وتعزيز القدرات الاقتصادية والدفاعية للدول العربية لمواجهة التحديات المشتركة وتحقيق التنمية الشاملة.
فمن أبرز المبادرات التي تبنتها الجامعة العربية لتعزيز التكامل الاقتصادي العربي هي اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى، التي أُطلقت بموجب قرار صادر عن القمة العربية في عمان عام 1980م، وبدأ تنفيذها فعليًا في عام 1998م، والتي تعد واحدة من أبرز المبادرات التي تبنتها الجامعة لتعزيز التكامل الاقتصادي العربي.
تهدف هذه الاتفاقية إلى تحرير التجارة بين الدول العربية من خلال إزالة الرسوم الجمركية والقيود على السلع المتبادلة، مما يعزز حركة التجارة ويزيد من التبادل التجاري بين الدول الأعضاء، كما تسعى إلى تحسين مستوى المعيشة وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات العربية.
إلى جانب هذه الاتفاقية، تسعى الجامعة أيضًا إلى إنشاء الاتحاد الجمركي العربي، والذي يهدف إلى إنشاء منطقة جمركية مشتركة بين الدول العربية، ويتضمن ذلك توحيد التعريفات الجمركية على السلع المستوردة من خارج المنطقة، مما يسهل التبادل التجاري ويخفض التكاليف، وعلى الرغم من التقدم المحرز في مجال التجارة الحرة، إلا أن العديد من المعوقات ما زالت تحول دون تحقيق التكامل الاقتصادي العربي بالشكل المطلوب، وفيما يلي بيان لأبرز هذه المعوقات:
- التباين في السياسات الاقتصادية: حيث تختلف السياسات الاقتصادية والمالية بين الدول العربية، مما يجعل من توحيد القوانين واللوائح الخاصة بالتجارة أحد التحديات التي تواجهها المنطقة.
- ضعف البنية التحتية: ما زالت البنية التحتية في بعض الدول غير متطورة بما يكفي لدعم التبادل التجاري السلس.
- الحواجز غير الجمركية: بالإضافة إلى الرسوم الجمركية، تواجه التجارة العربية معوقات تتعلق بالإجراءات البيروقراطية والشروط الفنية المتعددة التي تعرقل حركة السلع.
ونظراً لما تقدم، يمكن القول إنه سواء على مستوى الاتحادات العربية كاتحاد المغرب العربي أو على مستوى الإقليم العربي، فلا يزال الطريق نحو تحقيق التكامل الاقتصادي العربي طويلاً، ولكن الجامعة العربية تعمل بجد على تجاوز هذه المعوقات من خلال تنظيم ورش العمل والمؤتمرات التي تهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء، وتطوير السياسات الاقتصادية، وتعزيز التعاون الفني لتقوية البنية التحتية.
الجانب الدفاعي: اتفاقية الدفاع العربي المشترك:
في الجانب الدفاعي، تُعد اتفاقية الدفاع العربي المشترك، التي وُقعت في عام 1950م، من أهم المبادرات لتعزيز الأمن الجماعي العربي، وتهدف هذه الاتفاقية إلى توحيد الجهود العسكرية للدفاع عن أي دولة عربية تتعرض لتهديد خارجي، وذلك من خلال تنسيق السياسات الدفاعية وتوحيد الجهود العسكرية بين الدول الأعضاء.
ولكن على الرغم من أهمية هذه الاتفاقية، إلا أنها لم واجهت بعض المعوقات التي حالت دون تفعليها بالشكل المطلوب نظراً لبعض التباينات السياسية العربية البينية فضلاً عن عدم وجود قوة عربية موحدة لمواجهة الإرهاب والتحديات التي تتعرض لها المنطقة.
وبشكل عام وفي ظل التحديات الأمنية الراهنة التي تواجه المنطقة العربية، من الإرهاب إلى النزاعات المسلحة والتدخلات الخارجية، أصبحنا بحاجة إلى تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك أكثر من أي وقت مضى حيث إن تفعيل هذه الاتفاقية سيسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، ويوفر إطاراً مشتركاً للدفاع عن السيادة العربية في مواجهة التهديدات المتزايدة.
وختاماً، تمتلك دول المنطقة العربية من مشرقها إلى مغربها إلى مقومات هامة وكبيرة وثروات هائلة تمكنها من تحقيق التكامل الإقليمي على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والتجارية والاجتماعية. ولكن لابد من الوصول إلى مقاربة تتحاشى فيها بعض الدول العربية التباينات السياسية والالتفات الى التنمية الاقتصادية التي إذا ما ركزت عليها الدول العربية، وأن تفعيل اتحاد المغرب العربي سيساهم بشكل كبير في تحقيق التنمية البينية بين هذه الدول بما سينعكس إيجابيا على رفاه الشعوب.
وتظل جهود الجامعة العربية في مجال التكامل الاقتصادي والدفاعي مستمرة، إلا أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب إرادة سياسية قوية وتنسيقًا أعمق بين الدول الأعضاء، كما أن تفعيل الاتفاقيات المعنية يعد ضرورة ملحة في ظل التحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجهها المنطقة، خاصة في وقتنا الحاضر الذي يشهد تصاعدًا في الأزمات الإقليمية والدولية.