array(1) { [0]=> object(stdClass)#14121 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 205

التركيز على التحديات المشتركة ومكافحة الإسلاموفوبيا والتعاون في التنمية يعالج المخاوف المشتركة

الأحد، 29 كانون1/ديسمبر 2024

تجمع منظمة التعاون الإسلامي تحت مظلتها 57 دولة من شتى أنحاء العالم، لتُمثل الصوت الجماعي للعالم الإسلامي، وتسعى إلى تحقيق هدف رئيسي، وهو حماية وصون مصالح المسلمين حول العالم ضمن إطار تعزيز الحوار والتفاهم بين الأديان. وتعمل المنظمة، التي تأسست عام 1969م، ومقرها مدينة جدة، إلى تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، وتبني علاقات تعاون واسعة مع مختلف المؤسسات الدولية، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، سعيًا لبناء عالم أكثر عدلاً وتسامحًا.

طبيعة العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي

تتسم العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي بالتعاون الاستراتيجي المحكوُم والمنظم بما تنص عليه بنود مذكرة التفاهم الموقعة بين الجانبين خلال عام 2015م، يهدُف هذا التعاون إلى تبادل الآراء، وتعزيز التواصل، والتعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك، القائم على الثقة والمنفعة المتبادلة. ومن الجوانب الرئيسية لهذا التعاون الحوار السياسي المستدام الذي يغطي مجموعة متنوعة من القضايا. ومن خلال المشاركة السياسية المنتظمة، يتناول الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي مجموعة واسعة من القضايا الهامة لكلا الجانبين، مما يعكس مصالحهما المشتركة في تعزيز الحوار بين الأديان والأمن العالمي وقضايا مثل حقوق المرأة. ويتم التركيز بشكل أكثر تحديدًا على ما يلي:

  • حقوق الإنسان: يتعاون الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي في قضايا حقوق الإنسان، مع التركيز بشكل خاص على مناصرة الحقوق الأساسية والقضاء على كافة أشكال التمييز. وتسعى كلتا المؤسستين حثيثًا إلى مكافحة العنصرية، وظاهرة رهاب الأجانب فيما يعرف بـ “زينوفوبيا"، والتعصب الديني، إلى جانب التركيز على نبذ خطاب الكراهية، وتعزيز التواصل بين الأديان. كما تهدف المبادرات المشتركة بين الجانبين إلى منع ظاهرة الإسلاموفوبيا أو-كراهية الإسلام والمسلمين-والتمييز على أساس ديني، بالتوازي مع تدعيم الوعي والثقافة الإعلامية، والفهم المتبادل بين المجتمعات المختلفة.
  • مكافحة الإرهاب: ثمة تعاون وثيق بين الجانبين على صعيد مكافحة الإرهاب ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل بما في ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتقاسم أفضل الممارسات، وتنسيق الجهود في معالجة الأسباب المُغذية للتطرف والتعصب. على سبيل المثال، تتعاون المنظمتان في مكافحة تمويل المنظمات والجماعات الإرهابية، ورفع مستوى التدابير الأمنية على طول الأشرطة الحدودية.
  • الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي: جرت مناقشات بين المؤسستين بشأن التطورات الأخيرة المتعلقة بالشأن الفلسطيني-الإسرائيلي. وركز الحوار المشترك بشكل أساسي على حل الدولتين. فضلاً عن، إبداء الجانبين دعمهما لمحادثات السلام والتشديد على ضرورة التخفيف من وطأة المعاناة الإنسانية التي يُعايشها الفلسطينيون داخل الأراضي الفلسطينية، مع العمل في الوقت ذاته، على تدعيم المساعي الرامية إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة تنعم بالديمقراطية، وتعيش في سلام إلى جانب الدولة الإسرائيلية.
  • الحوار الثقافي: تنطوي جهود تعزيز التواصل بين الثقافات والفهم المشترك على تنظيم برامج للتبادل الثقافي، ودعم الأنشطة المشتركة بين الأديان، ونبذ التعصب. كما يهدف هذا التعاون إلى تشجيع الاعتزاز بالتنوع وبناء روابط بين الثقافات المختلفة.
  • المساعدات الإنسانية: بخلاف الشق الإنساني المتعلق بالقضية الفلسطينية، فإن تنسيق الجهود المشتركة الرامية إلى توفير المساعدات ودعم المناطق المنكوبة يشتمل أيضًا على الاستجابة للكوارث الطبيعية والحروب، ومساندة اللاجئين والنازحين داخليا، ومعالجة قضايا الأمن الغذائي، كذلك التعاون بين الجانبين لمضاعفة فرص النفاذ إلى أنظمة الرعاية الصحية والتعليم داخل المناطق المتضررة والمتأثرة بالنزاعات.

تتناول العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي مجموعة متنوعة من الموضوعات، مع مراعاة الاختصاصات المتبادلة. ويهدف الحوار بشكل أساسي إلى المساهمة في تعزيز التفاهم وتحديد مجالات التعاون التي تهم كلا المنظمتين، فضلاً عن تنسيق السياسات قدر الإمكان في المحافل الدولية الأخرى، ولا سيما منظومة الأمم المتحدة. ويشمل ذلك أيضًا قضايا مثل تغير المناخ والسعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

كذلك شهد الاجتماع السادس لكبار مسؤولي منظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي الذي عُقد في يونيو 2023م، بمدينة بروكسل، تبادل الآراء حول قطاع واسع من القضايا التي تعد مبعث قلق مشترك؛ بما في ذلك الوضع داخل منطقة الشرق الأوسط، والقضية الفلسطينية، وأفغانستان، ومنطقة القرن الإفريقي، والسودان، والصومال، والساحل الإفريقي، بالإضافة إلى أزمة الروهينغا. كما ناقش الاجتماع آفاق التعاون في مجالات مثل الثقافة، وإعلاء حرية الأديان والمعتقدات، ومعالجة ظاهرة الإسلاموفوبيا، وتمكين النساء. فيما أكد الجانبان رغبتهما المشتركة لتوسيع نطاق التعاون السياسي والتنسيق في مجالات محل الاهتمام المشترك.

مع ذلك، لا تخلو العلاقات بين الجانبين من التحديات؛ ففي الوقت الذي يؤْثر فيه الاتحاد الأوروبي، التركيز على حقوق الإنسان الفردية، تركز سياسات منظمة التعاون الإسلامي على الحقوق الجماعية. كما أنها تتأثر بتفسيرات الشريعة الإسلامية. وقد يؤدي ذلك إلى اختلافات في معالجة قضايا مثل حرية التعبير والمساواة بين الجنسين وحقوق الأقليات. ونظرًا لأن الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي تتمتع بأنظمة سياسية واقتصادية متنوعة، قد تتعارض بعضها مع مصالح الاتحاد الأوروبي، فإن الديناميكيات الجيوسياسية تؤثر أيضًا على التعاون بين الجانبين. ويمكن ملاحظة ذلك مؤخرًا فيما يتعلق بالرد الإسرائيلي على أحداث الـ 7 من أكتوبر 2023م، والممارسات اللاحقة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، إلى جانب السياسات الإسرائيلية الأوسع داخل لبنان والدول العربية الأخرى. وهكذا قد تؤدي الاختلافات التاريخية والثقافية في بعض الأحيان إلى توتر في العلاقات، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالقضايا الحساسة مثل الدين، والهجرة، والنزاعات الدولية.

في أكتوبر، 2023م، أجرى الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين ابراهيم طه نقاشًا مع الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الأمنية والخارجية جوزيف بوريل، حول العدوان الإسرائيلي العسكري على قطاع غزة. وفي ضوء الدور النشط الذي يضطلع به الاتحاد الأوروبي في الدفاع عن القانون الدولي والقيم الإنسانية العالمية، حث الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الاتحاد الأوروبي، على التفاعل والانخراط بقدر أعمق، فيما يتعلق الأمر بمنع العدوان العسكري الإسرائيلي على الفلسطينيين العزل وإجبار إسرائيل على الوفاء بالتزاماتها أمام القانون الإنساني الدولي. وفي الوقت الذي شدد جوزيف برويل على الحاجة الملحة إلى تطبيق هدنة من أجل وقف الصراع الدائر والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى جميع من هم في حاجة إليها دون انقطاع، لم يتم التحرك سوى بضع خطوات قليلة للإمام في أعقاب ذلك. في واقع الأمر، يظل هدف التوصل إلى حل سياسي عادل وشامل للقضية الفلسطينية بما يضمن الاستقرار والأمن في المنطقة والعالم هدفًا بعيد المنال حتى بعد مضي أكثر من عام على بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والاستعداد لاستقبال عام جديد –2025م، وفي الحقيقة، لم تخف منظمة التعاون الإسلامية استياءها البالغ والشديد من التصريحات الصادرة عن بعض المسؤولين الأوروبيين، على سبيل المثال، تلك التي جاءت على لسان أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، التي بدت أنها تصب في صالح حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، على حساب المرجعيات السياسية والتاريخية الداعمة للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والتي تشمل: حق العودة، وإقامة دولة مستقلة. وتدعو منظمة التعاون باستمرار الاتحاد الأوروبي لتحمل مسؤولياته السياسية، والقانونية، والإنسانية تجاه إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وممارسات التطهير العرقي، والنزوح القسري، والاضطهاد، ومصادرة ممتلكات الفلسطينيين.

وبينما يسعى الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي إلى تعزيز الخطاب المعتدل ومكافحة التطرف، يواجه الطرفان تحديات مشتركة تتمثل في حوادث ازدراء الأديان، مثل حرق القرآن الكريم في الدنمارك والسويد. وعلى صعيد هذه الجبهة، أشار الاتحاد الأوروبي إلى استمرار المحادثات مع منظمة التعاون الإسلامي من أجل "إعلاء التسامح والاحترام المتبادل"، مشددا على أن مثل هذه الأفعال لا تمت للسياسات الأوروبية بصلة، بل إنها "تصرفات غير مسؤولة صادرة من أشخاص تنعدم لديهم المسؤولية يريدون بث الفتنة وافتعال الأزمات والانقسامات بيننا كمجتمعات". وعليه، أعلن الاتحاد الأوروبي -على لسان المتحدث الرسمي -استعداده لمواصلة النقاشات مع منظمة التعاون الإسلامي " نظرا إلى أن هذا هو الوقت الذي يجب أن نقف فيه سويا ونعزز جهودنا في إعلاء روح التسامح والفهم المتبادل". لاسيما وأن مثل هذه الحوادث والمحاولات المماثلة لازدراء القرآن في بعض دول أوروبا الشمالية، قد تسببت في إثارة غضب واستياء كافة الدول الإسلامية حول العالم.

ثمة تعاون وثيق أيضًا بين الاتحاد الأوروبي والمنظمة الإسلامية عندما يتعلق الأمر بتوفير المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة من النزاعات، بالأخص داخل الدول ذات الأغلبية المسلمة التي تعاني من صراعات أو كوارث طبيعية. علاوة على ذلك، ينخرط الجانبان في كثير من الأحيان في جهود الوساطة وتسوية النزاعات، لاسيما داخل منطقتي الشرق الأوسط وإفريقيا، حيث تقع العديد من الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، ومن الأمثلة على ذلك الجهود التعاونية لمعالجة محنة مسلمي الروهينغا والجماعات المضطهدة الأخرى.

وفي فبراير 2023م، أصدرت إدارة الشؤون الإنسانية (ICHAD) التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي والإدارة العامة للمساعدات الإنسانية والوقاية المدنية (DG ECHO) التابعة للاتحاد الأوروبي بيانًا صحفيًا مشتركًا يحدد خارطة طريق للتعاون في الشؤون الإنسانية، بالإضافة إلى تعزيز الحوار والتعاون القائمين بينهما في مجالات السياسة الإنسانية الرئيسية والعمليات الإنسانية في أفغانستان والساحل والقرن الإفريقي وأزمة الروهينغا والشرق الأوسط ويتجلى مثال جيد آخر للتعاون المشترك بين الجانبين، عبر التنسيق الوثيق بين الممثلين/المبعوثين الخاصين المعنيين بأفغانستان.

بالإضافة إلى العديد من برامج التعاون القائمة بين الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي التي تغطي الموضوعات محل الاهتمام المشترك. ويتضمن ذلك، إقامة ورش عمل حول القضاء على ظاهرة العنف القائم على أساس النوع، إلى جانب عقد ندوات عبر الإنترنت بشأن الحوار بين الثقافات والأديان بهدف حماية حرية اختيار الدين والمعتقد واستكشاف فرص من أجل تعزيز التنسيق والتعاون المشترك.

الاستفادة من التجربة الأوروبية

بالنظر إلى الخبرات الغنية التي يتمتع بها الاتحاد الأوروبي في مسيرته نحو التكامل والاندماج، يمكن لمنظمة التعاون الإسلامي الاستفادة من العديد من البرامج والمبادرات الأوروبية سواء المطروحة في السابق أو تلك التي لاتزال قائمة، بما في ذلك:

  • إضفاء الطابع المؤسسي على الحوار والتعاون: في إمكان منظمة التعاون الإسلامي إنشاء مؤسسات أو مراكز مُخصصة، على غرار العديد من الكيانات الأوروبية الثقافية والبحثية الراسخة. وذلك على أن تركز هذه المؤسسات على تعزيز التفاهم الديني، ونبذ التطرف، وتشجيع البحث العلمي من أجل توسيع رقعة المناقشات العالمية حول السلام والتعايش. فعلى سبيل المثال، يمكن لزيادة الجهود التي يبذلها مركز الحوار الحضاري التابع لمنظمة التعاون الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو ICESCO"، أن يساعد في تعزيز التفاعل المنهجي والطويل الأجل بين الثقافات والحضارات.
  • الاستفادة من المنصات متعددة الأطراف: أن تقوم منظمة التعاون الإسلامي بتعزيز مشاركتها مع المؤسسات الدولية متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة بهدف دعم برامج الحوار بين الحضارات. واستنادًا على نجاح الاتحاد الأوروبي في تطويع نفوذه داخل المنظمات والهيئات الدولية في سبيل مناصرة القيم المشتركة، يتسنى لمنظمة التعاون الإسلامي أيضًا تعزيز ورفع مكانتها على صعيد قضايا التسامح الديني والحفاظ على الهوية الثقافية. وفي هذا الصدد، فإن برامج مثل "عملية إسطنبول" والعلاقات التي تحتفظ بها المنظمة مع مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات "كايسيد (KAICIID) "، تُسهم في إرساء أسس لتعَاون مستقبلي مع الدول الغربية.
  • إعلاء الدبلوماسية الثقافية: ينبغي لمنظمة التعاون الإسلامي العمل على زيادة جهودها على صعيد الدبلوماسية الثقافية عبر استضافتها للمنتديات المشتركة، والمعارض، وبرامج تبادل الوفود الشبابية التي تعكس القيم المشتركة بين الحضارة الإسلامية والحضارات الأخرى. ومن خلال استلهام البرامج الأوروبية مثل "إيراسموس بلس"، في إمكان المنظمة الإسلامية تدشين مشروعات للتبادل التعليمي والثقافي واسعة النطاق من أجل تعزيز التفاهم بين الأجيال الأصغر سناً.
  • التعاون العلمي والتكنولوجي: بناءً على التركيز الحالي لمنظمة التعاون الإسلامي على العلوم والابتكار، كما هو محدد في برنامج عمل منظمة التعاون الإسلامي 2025م، أضحى بوسعها تدشين مبادرات مشتركة في المجال البحثي مع الشركاء الدوليين. وقد يشمل ذلك، تخصيص تمويل مشترك للمشروعات في مجالات مثل الطاقة المتجددة، والتحول الرقمي، والعلوم الصحية، على أن يتم تصميمها وفقًا لأطر الاتحاد الأوروبي للتعاون العلمي.
  • تدعيم الهوية الحضارية: يجب أن تواصل المنظمة تسليط الضوء على إسهامات الحضارة الإسلامية في التاريخ العالمي، بالموازاة مع العمل على معالجة المخاوف الراهنة. ويمكن في هذا الصدد، أن يتم توسيع نطاق مبادرات مثل مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية "إرسيكا" بهدف مكافحة التعصب وتشجيع الفخر والاعتزاز بالإرث الحضاري المشترك. ويعكس هذا النهج جهود الاتحاد الأوروبي لتعزيز الهوية الأوروبية من خلال مشاريع التراث الثقافي.
  • المشاركة المجتمعية: لتحقيق تأثير مجتمعي أوسع، يجب على منظمة التعاون الإسلامي إطلاق أنشطة لاستقطاب المجتمعات المحلية نحو الانخراط في النقاشات بين الأديان والثقافات، ويمكن للبرامج المنهجية التي تستهدف مكافحة التعصب والتطرف على المستوى المجتمعي، أن تخلف أثرًا أكثر عمقًا كونها تعمل على تعزيز الفهم بشكل مباشر بين الشعوب

تعزيز التعاون بين منظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي

بالإضافة إلى الاستفادة من الخبرة الأوروبية، هناك خطوات يجب مراعاتها لتعزيز التعاون بين المؤسستين:

 على صعيد الجبهة السياسية، يجب أن تُمنح الأولوية إلى عقد مشاركات رفيعة المستوى بصورة أكثر تنظيمًا وتوَاترًا، مع التركيز على النتائج الفعلية بدلاً من الحوار المجرد. وقد يتضمن ذلك، تشكيل مجموعات عمل تعاونية يناط بها معالجة تحديات محددة مثل الأمن الإقليمي والهجرة. ولتوسيع نطاق أثر هذه المشاركات على الساحة الدولية، يجب أن تحرص كلتا المؤسستين على مواءمة مواقفهما في المحافل الدولية، بالأخص داخل الأمم المتحدة.

 ولتعميق الروابط المؤسسية: يجب على منظمة التعاون الإسلامي على وجه الخصوص أن تنظر في إنشاء مكتب اتصال دائم في بروكسل يضاهي وفود الاتحاد الأوروبي في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي. فمن شأن ذلك تحسين التعاون اليومي وضمان تمثيل آراء منظمة التعاون الإسلامي بشكل مستمر في مناقشات السياسة الأوروبية.

أما الشراكة الاقتصادية فهي تُشكل محورًا رئيسيًا إضافيًا من أجل توطيد أواصر التعاون بين منظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي. وعليه، تبرز أهمية وضع إطار لتعاون اقتصادي شامل بين المنظمتين، والذي ربما يستند على الاتفاقيات الحالية المماثلة التي أبرمها الاتحاد الأوروبي مع الكتل الإقليمية الأخرى، بما في ذلك اتفاقيات التجارة التفضيلية، ومعاهدات حماية المستثمرين، ودعم التنمية المستهدفة. وفي هذا السياق، من الممكن طرح مبادرات تعاونية في مجال تطوير الصناعات مثل التكنولوجيا الخضراء أو الاقتصاد الرقمي، واستغلال نقاط القوة لدى الكتلتين.

وعلى الجانب الثقافي، ينبغي تدشين حملات مشتركة للحفاظ على المزارات والتحف التاريخية باعتبارها جزء من التعاون الثقافي. ومن شأن ذلك، أن يسهم في تعزيز الفهم المتبادل وإظهار أوجه الشبه بين الموروثات الثقافية. كما يجب حث الاتحاد الأوروبي على زيادة تمثيل الثقافة والتاريخ الإسلاميين في المناهج الدراسية الأوروبية من أجل مكافحة الصور النمطية والتشجيع على فهم متبادل أكثر عمقًا. ومن بين الخطوات الأخرى الممكنة، إنشاء مركز أبحاث أو مؤسسة دائمة مشتركة بين الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي تركز على دعم الحوار بين الحضارات وتولي مهمة إصدار توصيات بشأن السياسات العامة بصورة متواترة، وتنفيذ مبادرات بحثية مشتركة، على أن تعمل كمنصة للتبادل الفكري المستمر بين النخب الثقافية وصناع القرار من الجانبين الإسلامي والأوروبي. ومن بين الإضافات الأخرى الهامة طرح برنامج تبادل الشباب واسع النطاق بين الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي، على غرار برنامج "إيراسموس بلس" التابع للاتحاد الأوروبي. وقد يشمل هذا البرنامج تبادل الوفود التعليمية، وتدشين برامج منح دراسية، ومبادرات تطوعية مشتركة من أجل تطوير علاقات ممتدة وطويلة الأجل بين الشباب من الكتلتين.

علاوة على ذلك، يجب أن تحرص منظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي على اعتماد استراتيجية أكثر شمولًا في إطار شراكتهما في مجال مكافحة الإرهاب، تذهب لما هو أبعد من مجرد التبادل الاستخباراتي، لُتعالج الأسباب الأساسية المُغذية لهذه الظاهرة. وقد يشمل ذلك تدشين مبادرات لنبذ التطرف، ودعم المشاركة المجتمعية، وأخرى تستهدف التنمية الاقتصادية في المناطق المهددة. وهنا، ينبغي النظر في إمكانية إنشاء بعثات مشتركة لحفظ السلام ودعم الاستقرار داخل المناطق الأكثر عرضة لخطر الصراعات.

وإيجازاً لما سبق:

تُعَدّ العلاقة بين الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي مثالاً بارزًا على التعاون الدولي، حيث يُحدِّدها التوافق في المصالح حيال مواجهة التحديات العالمية، مع مراعاة التباين في وجهات النظر السياسية والنهج الثقافية المختلفة. ويعكس تعاونهما أهمية الدبلوماسية متعددة الأطراف وسط عالم مضطرب ومتشابك. ومن أجل المضي قدمًا، ينبغي إعطاء الأولوية لمجالات جوهرية مثل إصلاح المؤسسات، وتعزيز التكامل الاقتصادي، وتحسين الشراكات، وتعزيز مشاركة الشباب. كما يجب التركيز بشكل أكبر على التحديات المشتركة.  بما في ذلك؛ مكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا، وتقديم صورة إيجابية عن الإسلام في مختلف أنحاء العالم. إلى جانب استحداث طرق وأساليب للتعاون في مجال التنمية المستدامة، والتخفيف من الآثار المترتبة على أزمة تغير المناخ والتعاون في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار. إن العمل الجماعي على معالجة هذه المخاوف المشتركة، كفيل بأن يبرهن على مدى جدوى وأهمية هذه المؤسسات سواء بالنسبة للدول الأعضاء أو المجتمع الدولي بشكل عام.

مقالات لنفس الكاتب