array(1) { [0]=> object(stdClass)#14121 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 205

اقتراح للمنظمة بافتتاح مستشفيات ومراكز تأهيل في الدول الأعضاء بعد النزاع أو الكوارث

الأحد، 29 كانون1/ديسمبر 2024

منذ تأسيسها في نهاية العقد السادس من القرن العشرين لعبت منظمة التعاون الإسلامي العديد من الأدوار الإقليمية والدولية المتعلقة بقضايا الأعضاء وشعوبها، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأقليات المسلمة في العالم، والمهاجرين، فضلًا عن التصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا والكثير من الأحداث التي تسهم في تشويه صورة الإسلام، يزاد على ذلك الدور الفعال للمنظمة في تطوير قضايا الثقافة والعلوم والتطور التقني والدراسات الإسلامية.

في السطور الآتية سنتعرض للتعريف بأهم الأدوار التي لعبتها المنظمة على كافة الصعد، بغية الإحاطة بهذا التنظيم الدولي الإسلامي ومؤسساته وأنشطته، دون أن نغفل الإشارة إلى ما يعيق آليات عمل المنظمة موضوع البحث لتطبيق متضمنات ميثاقها، وأشكال الثغرات الواجبة الردم.

 أولًا: النشأة

تٌعد منظمة التعاون الإسلامي (التي كانت تعرف سابقًا بمنظمة المؤتمر الإسلامي) واحدة من أكبر المنظمات الدولية الساعية لحماية مصالح الدول الإسلامية والمدافعة عن السلم والأمن الدوليين وتوطيد العلاقات بين الأمم المختلفة.

يعود تاريخها إلى فكرة طرحها الرئيس الصومالي الراحل آدم عبد الله عثمان ـ رحمه الله ـ على هامش مؤتمر العالم الإسلامي (مقديشو -1965م) في معرض تبنيه نداءً للراحل الملك فيصل بن العزيز ـ رحمه الله ـ المتضمن إقامة منظمة تعزز التعاون والتضامن بين الشعوب المسلمة، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من المبادرات التي سعت إلى ذات الهدف لتسفر عام 1969م، عن انبثاق منظمة المؤتمر الإسلامي. لتتوج تلك الخطوة في العام 1970م، بإنشاء أمانة عامة تتولى إدارة وتنسيق الأنشطة.

وتم اعتماد ميثاق للمنظمة عام 1972م، وجرى تعديله* بعد مسيرة طويلة من العمل تجاوزت 35 عامًا بما يتوافق مع متطلبات القرن الحادي والعشرين، وتغيير اسم المنظمة إلى "منظمة التعاون الإسلامي" عام 2011م، من أجل تحديث الصورة وتعزيز دورها في التعاون بين الدول الإسلامية.

ثانيًا : المبادرات والإنجازات السابقة للمنظمة

يعد مؤتمر القمة الإسلامية الثانية لاهور 1974م، أولى محطات المبادرات لاسيما في مجال (التعاون الاقتصادي) بين الدول الأعضاء وتعزيز مفهوم التعاون بين الشمال والجنوب، الذي أسفر عن تأسيس المنظمة صندوق التضامن الإسلامي بموجب القرار رقم: (2/6-ق أ) لتحقيق مجموعة من الأهداف، والقيم والثقافة وتوطيد عمل الجامعات.

لتأتي ثاني المبادرات في العام 1976م، بإنشاء مركز البحوث الإحصائية والاقتصادية والاجتماعية والتدريب بموجب القرار رقم 2/8-E)). وتأسيس مركز البحوث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية – إرسيكا بموجب القرار رقم (7/3-أ ق.)

أما في العام 1981م، فقد تم إقرار إنشاء محكمة عدل إسلامية والدعوة لوضع نظامها الأساسي، كما تقرر إنشاء المركز الإسلامي لتنمية التجارة في الدار البيضاء.

يزاد على ذلك قرار المؤتمر بإنشاء منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو) التي رأت النور عام 1982م. وكذلك إنشاء مجمع الفقه الإسلامي، والمركز الإسلامي للتدريب التقني والمهني والبحث خلال نفس العام، ليعرف لاحقًا بالجامعة الإسلامية للتكنولوجيا في دكا IUT بعد تغيير التسمية إبان العام 2001م. كما أقرت خطة عمل لدعم التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء تضمنت مجموعة من المجالات:

وإنشاء اللجان الدائمة في المنظمة والأجهزة التابعة وهي:

ثالثًا: دور المنظمة في التعامل مع قضايا الدول الإسلامية  

تنفرد منظمة التعاون الإسلامي بكونها التنظيم الإسلامي الدولي الأكبر من حيث عدد الدول الأعضاء، التي ترتبط بعلاقات تشاور وتعاون مع الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية والإقليمية، لاسيما في خطواتها للدفاع عن القيم الحقيقية للإسلام والمسلمين؛ وتصحيح  المفاهيم والتصورات الخاطئة لدى المجتمعات الأخرى، كما ساهمت بفاعلية في مواجهة ممارسات التمييز ضد المسلمين بجميع صورها، وتبني القضايا المصيرية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي كانت أحد أسباب التأسيس الرئيسية التي لم تدخر المنظمة الجهود للدفاع عنها طيلة أعوام مسيرتها منذ التأسيس في العام 1969م، ومن أهمها :

  • البيان الختامي لمؤتمر لاهور 1974م.
  • قمة " دورة فلسطين والقدس الشريف" لعام 1981م.
  • قمة "دورة القدس الشريف والوئام والوحدة" التي أكدت أن القضية الفلسطينية هي قضية المسلمين الأولى، وجوهر النزاع العربي – الإسرائيلي لعام 1991م.
  • مبادرة السلام العربية لعام 2002م.
  • على إثر طوفان الأقصى: ووفقًا للقرار الصادر عن القمة العربية والإسلامية غير العادية، الرياض، المملكة العربية السعودية 11 نوفمبر 2024م. جرى تحميل الكيان "الإسرائيلي" (السلطة القائمة بالاحتلال) المسؤولية الكاملة عن مصير المدنيين في قطاع غزة وما يتعرضون له من مأساة حقيقية تحت القصف والحصار والتجويع والتهجير ، وإرهاب المستوطنين المدعوم بالسلاح إزاء أهل الأرض، والحماية من الأعمال المسلحة في القدس الشريف والضفة الغربية، وضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، بما يتوافق مع معايير القانون الإنساني الدولي.
  • حث المحكمة الجنائية الدولية على سرعة إصدار مذكرات اعتقال بحق المسؤولين المدنيين والعسكريين الإسرائيليين لارتكابهم جرائم -تقع ضمن اختصاص المحكمة-ضد الشعب الفلسطيني والتي أسفرت عن إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس وزراء الكيان الصهيوني ووزير دفاعه.
  • تأييد تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يطالب بوقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار وتيسير دخول المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء قطاع غزة، وكذلك قرارًا حول دعم ولاية وكالة الأونروا ودورها الحيوي في تقديم الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين.

يزاد على ذلك مساعي المنظمة لحماية الأقليات المسلمة من العنف والصراع والإسلاموفوبيا عبر العديد من الممارسات (كجهود الدعوة والدبلوماسية، ورصد حقوق الإنسان، وتقديم المساعدات الإنسانية في مناطق الصراع، وتسهيل الحوار بين الأطراف المتنازعة، وضمان حماية الحقوق للأقليات المسلمة والحفاظ غلى التراث الإسلامي) كما ورد في القرار OIC/CFM-46/2019/MM/RES/FINAL على سبيل المثال.. كذلك بذل الجهود الحثيثة للتخفيف من معاناة أقلية الروهينغيا في ماينمار ، والهجوم الإرهابي على مسجدي نور ولينود في نيوزيلندا، والتعدي على حرمة القرآن الكريم من قبل بعض الأشخاص المتطرفين في أوروبا، وافتتاح معبد رام في موقع مسجد بابري المهدم في الهند وكذلك أعمال العنف والتخريب التي استهدفت المسلمين في عدة ولايات في الهند خلال طقوس المعبد المذكور، بما في ذلك حرق مدرسة دينية ومكتبتها على يد أحد الغوغاء من المتطرفين الهندوس في بيهار شريف في 31 مارس 2023م . وواصلت المنظمة اتخاذ العديد من الإجراءات على مستوى ( إدارة الأقليات، ومركز صوت الحكمة، ومجمع الفقه الإسلامي، والهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان).

في ذات السياق تلعب منظمة التعاون الإسلامي دورًا مهمًا في مكافحة الكراهية ضد المهاجرين المسلمين في أوروبا ومعالجة الممارسات العنصرية للجماعات اليمينية المتطرفة. عبر العديد من الأنشطة والمبادرات الرئيسية ومنها: (الرصد والإبلاغ: من خلال وظيفة مرصد الإسلاموفوبيا برصد الممارسات التي تستهدف المهاجرين المسلمين في أوروبا بغية زيادة الوعي وإعلام القرارات السياسية / ونهج مكافحة التمييز وتعزيز التسامح: من خلال التعاون مع المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا لمعالجة الإسلاموفوبيا/ وكذلك تعزيز التفاهم والاحترام للمجتمعات المسلمة: عبر مكافحة الصور النمطية السلبية / والبرامج التعليمية: التي تهدف إلى الحد من التحيز وتعزيز التفاهم الثقافي. وغالبًا ما تنطوي هذه المبادرات على التعاون مع المنظمات غير الحكومية المحلية والمنظمات المجتمعية / وأخيرًا تقديم التوصيات بشأن التغييرات القانونية والسياسية: من أجل حماية حقوق المهاجرين المسلمين ومكافحة جرائم الكراهية)

رابعًا: دور المنظمة في تعزيز حوار الحضارات

تلعب منظمة التعاون الإسلامي دورًا مهمًا في تعزيز الحوار بين الحضارات بالتعاون مع الدول أو المنظمات الأخرى عبر العديد من المسارات التي من أهمها ( تعزيز العمل من أجل التفاهم المتبادل بين الثقافات والأديان، والمحافظة على السلام والأمن الدوليين والتفاهم والحوار بين الحضارات والثقافات والأديان ،وتعزيز القيم الإسلامية النبيلة المتعلقة بالاعتدال والتسامح واحترام التنوع) وتطمح أهداف ومبادئ المنظمة إلى إقامة العلاقات بين الدول على أساس العدل والاحترام المتبادل وحسن الجوار لضمان الوئام العالمي، من خلال  المبادرات الثقافية وعقد الندوات والمؤتمرات، وإصدار خرائط طريق لتفعيل ذلك كإعلان طهران لعام 1997م، (على سبيل المثال)، الذي أكد على أهمية التعايش السلمي والتعاون بين الحضارات المختلفة، ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة، بما في ذلك مكافحة الإرهاب والتطرف، وتعزيز الحوار بين الثقافات والأديان لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

ولتعزيز سبل الحوار بين الحضارات والتفاهم المتبادل والتسامح والتعايش السلمي أنشأت المنظمة منذ منتصف العام 2021م، مركز الحوار الحضاري في إطار مساعيها لتحقيق الأهداف في هذا المضمار من نشاطها، الذي اتبعته بجملة من الأنشطة الدولية الساعية لإنجاح الحوار ومنها ملتقى البحرين للحوار المنظم في المنامة خلال العام 2022م، الذي انعقد تحت شعار "الشرق والغرب: من أجل التعايش الإنساني ".، ومؤتمر وزراء السياحة في العالم الإسلامي 2024م، في مدينة خيوة بأوزبكستان، الذي ركز على تعزيز قيم الحوار بين الثقافات، يزاد على ذلك المساهمة الفاعلة للمنظمة مع الأمم المتحدة في إقامة فعالية "استجابات الشباب من مختلف الأديان لأكبر تحديات القرن: إسهامات المؤسسات الدينية في قمة المستقبل" على هامش القمة المذكورة التي تناولت بالبحث وطأة معاناة الشباب من العنف وعدم الاستقرار، والحاجة الملحة لإشراك الشباب والمنظمات الدينية لمكافحة العنف الديني العالمي. وكذلك دورهم في تعزيز العمل من خلال المسار المعني بتحقيق مستقبل رقمي للجميع، وأهمية دمج القيم الأخلاقية والروحية في التقدم التكنولوجي، بما يضمن تعزيز ازدهار الإنسان بدلًا من تفاقم التفاوتات وزيادة وتيرة "العنف البنيوي الرقمي" بما يضمن إنهاء خطاب الكراهية والإسلاموفوبيا ويسمح بنشر قيم السلام والتعايش بين الأديان والأفكار والثقافات.

خامسًا: جهود مكافحة الإرهاب وتحقيق البيئة الآمنة

تسعى منظمة التعاون الإسلامي على مدى تاريخها منذ التأسيس لاستدامة تعزيز سياسات مكافحة الإرهاب وتفكيكه من خلال سبل عدة، في مقدمتها التعاون مع التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب* جراء العلاقة الوثيقة التي تربط الطرفين، إذ يتم تنفيذ برامج مشتركة لمكافحة الإرهاب والتطرف، بما في ذلك البرامج التدريبية وسبل تجفيف منابع التمويل. يزاد عليه تعزيز التعاون الدولي بعقد سلسلة من الاجتماعات الدورية لمناقشة التحديات الأمنية وتنسيق الجهود، وتبادل المعلومات والخبرات بين الدول الأعضاء، ومحاربة الخطاب المتطرف بالإضافة إلى أهمية ضمان الاستقرار الإقليمي.

أيضًا وفي ذات السياق تدعم المنظمة قرار مجلس الأمن رقم 2250 (2015م) الذي يركز على دور الشباب في السلام والأمن الدوليين، من خلال تعزيز مشاركة الشباب في بناء السلام ومكافحة التطرف العنيف، والعمل على تطوير سياسات وبرامج تدعم هذه المشاركة، ما دعاها إلى إطلاق (استراتيجية منظمة التعاون الإسلامي للشباب).

 ومن الأمثلة التطبيقية على دور المنظمة في تحقيق البيئة الآمنة والسلم ما تحدثت به الدكتورة ساينثيا فريد / المحامية في المحكمة العليا – ببنغلاديش (في مقابلة مباشرة معها على هامش منتدى الدوحة 2024م) بأن المنظمة تسهم إسهامًا فاعلًا في الحوار القائم بين الأحزاب الإسلامية البنغالية من جهة وبقية قوى الثورة من جهة ثانية بغية تحقيق التوافق لإدارة البلاد على نحو يضمن تحقيق معايير الحكم الرشيد في أعقاب الثورة الشبابية التي أطاحت بحكم الشيخة حسينة في تلك البلاد .. أما المندوب السامي المعين من قبل رئيس حكومة بنغلاديش المؤقتة لمعالجة قضايا الروهينغيا والمسائل ذات الأولوية الدبلوماسية د. خليل الرحمن الذي تحدث (في مقابلة مباشرة سريعة معه على هامش منتدى الدوحة 2024م) عن وجود دور للمنظمة في قضية الروهينغيا، وبأن وجهة النظر المتحققة لديه عن دور منظمة التعاون الإسلامي في المشهد البنغالي بعد التغيير الحاصل في أعقاب خلع الشيخة حسينة، غير متبلورة حتى الآن.

كما تتشارك المنظمة مع المجتمع الدولي في إصلاح القطاعات الأمنية ورسم الخرائط لأماكن الميليشيات المنتشرة على المستويين الدولي والإقليمي، وتقديم المشورة بشأن كيفية التعامل معها من خلال وضع استراتيجيات لنزع الأسلحة وحل وتفكيك تلك الجماعات المسلحة بما لا يعرقل أداء الحكومات ولا يمنع الاستقرار وأداء المؤسسات المدنية والعسكرية لمهامها. 

سادسًا: واقع المنظمة وحاجتها للإصلاح

منذ تأسيسها حققت المنظمة الكثير من الإنجازات التي تستحق الثناء والإشارة، إلا أن ذلك لا يعني عدم معاناتها من عدة مشكلات عاقت وتعرقل عملها، من أهمها فجوة الاختلافات الفكرية بين الدول الأعضاء التي تقف حائلًا في الغالب أمام تحقيق الأهداف الرئيسية التي خرجت المنظمة إلى الوجود من أجلها، الأمر الذي يحتاج إلى إرادة تقلص من تلك الفجوة بل وتردمها بغية النجاح في تحقيق الغاية المرتجاة .. كما أن ترك الساحة لحل الخلافات بين الدول الأعضاء إلى المنظمات الدولية أسهم في أفول تأثير المنظمة لتدبير أمور أبنائها وتراجعها عن دورها الذي أنشئت من أجله. يزاد على ما تقدم التباطؤ الشديد في تطبيق الأنموذج التنموي الإسلامي أمام اللجوء لتطبيق الموديلات التنموية الواردة من خارج البيئة الإسلامية التي لم تسهم في رفع وتيرة التنمية في الكثير من الدول الأعضاء.

في ذات السياق يظهر لدينا من دراسة واقع المنظمة شدة الإجراءات البيروقراطية وقدم هيكلها التنظيمي ما تسبب في جمود الكفاية والفعالية في أجهزتها.

أما على صعيد الواقع الاقتصادي فالمشهد يقول باستمرار المخاطر المتمثلة في عدم الاستقرار الجيوسياسي والتضخم وسياسات التقشف في تهديد النمو العالمي ومنها دول المنظمة التي شهدت انكماشًا خلال فترة الجائحة، ثم عادت لتسجل تعافيًا قويًا خلال أول سنتين ما بعد الجائحة، لكن في العام 2023م، تراجع النمو الاقتصادي فيها، ورغم التوقعات بارتفاع معدل النمو خلال العامين المقبلين ليصل إلى 4.2% في عام 2025م، سيظل هذا المعدل دون المتوسط العالمي طويل الأجل طبقًا لنسخة 2024م، من تقرير التوقعات الاقتصادية لمنظمة التعاون الإسلامي.  يشار أيضًا إلى أن العديد من الدول الأعضاء تعاني من نقص في البنية التحتية اللازمة لدعم التعاون الاقتصادي، وبخاصة في ظل إعادة هيكلة المهام وتطوير المهارات في ظل الأتمتة والرقمنة وتغيير سوق العمل في العصر الرقمي، مما يعيق تدفق السلع والخدمات ويزيد من هوة الفجوة الرقمية بين هذه الدول من ناحية وبينها وبين دول العالم من الناحية الأخرى، ما سينعكس على أداء مؤسسات منظمة التعاون والتنمية كتحدي يجب الانتباه إليه.

بالتأسيس على ما تقدم تجد هذه الورقة أن الحاجة باتت ملحة للإصلاح داخل منظمة التعاون الإسلامي لمواجهة التحديات القائمة والاستمرار بالعمل إلى الأمام، إذ يمكن إجمال ذلك بالآتي:

  • أهمية فتح حوار داخلي شفاف ودقيق بين الدول الأعضاء لتعديل الميثاق بما يتناسب والمرحلة الحالية، ووضع أسس رصينة لتطبيقه وإلزام الدول الأعضاء بذلك، بعيدًا عن الاصطفافان بسبب الاختلافات الفكرية التي تسببت في الكثير من الكبوات أمام تحقيق الأهداف التي تأسست المنظمة من أجلها.
  • الاهتمام بشكل أكبر بتحديث البنية التحتية للمنظمة وبالأخص البنية التحتية التقنية عبر استخدام التكنولوجيا الحديثة لتحسين عمليات الإدارة والتواصل بين الدول الأعضاء، مما يسهل تبادل المعلومات واتخاذ القرارات بشكل أسرع وأكثر فعالية.
  • إجراء مراجعات دورية للسياسات والإجراءات الحالية لضمان توافقها مع المعايير الدولية وأفضل الممارسات، وتحديثها حسب الحاجة .
  • من أجل تعزيز الموارد بات من الأهمية بمكان إنشاء صناديق استثمارية مشتركة لتمويل مشاريع تنموية في مختلف القطاعات مثل البنية التحتية، الطاقة، والزراعة، وتعزيز الاستثمارات البينية التي تحتاج إلى خلق بيئة قانونية وتنظيمية مشجعة.
  • على الرغم من إشراك المنظمة للتنظيمات غير الحكومية من مختلف الدول الأعضاء في أنشطتها، إلا أن الأمر يحتاج إلى ترجمة ذلك على نحو رصين وبلورة هيكل مؤسسي بداخلها يعنى بتنسيق جهود تلك المنظمات بغية تحقيق الإصلاح داخل المنظمة من ناحية، وداخل الدول الأعضاء من ناحية ثانية على وفق أفضل معايير الحوكمة والتغلب على المشكلات العامة برسم دورات سياسات عامة تشاركية كفؤة لم يهمش فيها أحد.
  • بغية تعزيز سياسات مكافحة الإرهاب وكذلك للوقاية من تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا والقضايا المصيرية التي تأسست من أجلها منظمة التعاون الإسلامي، يحتاج هذا التجمع الكبير للدول الإسلامية إلى مساع جادة لتفعيل الشراكات الدولية في هذا المجال، وتحفيز المؤسسات الدبلوماسية في الدول الأعضاء لاتخاذ موقفًا مشتركًا يفضي إلى تحقيق السلم والأمن الدوليين، ذلك لأن الانقسامات الداخلية إزاء المشكلات أعلاه أضعفت قدرة هذا الجهاز الإسلامي على التصدي للتحديات بما يناسبها.

على صعيد متصل بالجانب الإنساني وبالنظر للاحتياجات الصحية لدى الدول الأعضاء لاسيما تلك التي عانت من آثار الاضطرابات الداخلية، أو العمليات العسكرية، أو من صراع قوى خارجة عن القانون وفي ظل برنامج العمل الاستراتيجي لمنظمة التعاون الإسلامي في مجال الصحة 2014 -2023م، تقترح هذه الورقة قيام منظمة التعاون الإسلامي على افتتاح مستشفيات أو مراكز للتأهيل الطبي (تعليمية) بالتعاون مع الجامعات في المناطق ما بعد النزاع أو الكوارث في الدول الأعضاء التي عانت مجتمعاتها من الأزمات، إذ يمكن من خلال الدعم أن تكون واحات لمساعدة شعوب تلك البلدان ورفع المستوى الصحي والاستشفائي من ناحية، ومراكز تعليمية يمكن أن تمنح دبلوم الاختصاص أو الماجستير والدكتوراه أو شهادة البورد في الطب، وبالإمكان التنسيق مع (البورد العربي للاختصاصات الطبية على سبيل المثال ) في هذا المضمار مما يرفع القدرات الصحية في الدول الأطراف، ومن الممكن أن تكون مؤسسات تعليمية تستقطب الطلبة من خارج الدول الأعضاء وكذلك المرضى أيضًا بما يسمح برفع القدرات، وكذلك تعظيم موارد المنظمة المالية.


 

مقالات لنفس الكاتب