array(1) { [0]=> object(stdClass)#14121 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 205

حان وقت إنشاء قوات حفظ سلام إسلامية بقوة رشيدة لحفظ وبناء السلام وتعزيز الأمن والتنمية

الأحد، 29 كانون1/ديسمبر 2024

لم يعد بالإمكان لدولة واحدة، مهما بلغت قوتها، أن تعيش منعزلة عن غيرها مكتفية بما لديها من مقدرات قومية، في وقت أصبح فيه الحفاظ على الاستقلال بالمعنى التقليدي أمرًا بعيد المنال، حيث أصبحت الحدود شفافة، والسماوات مفتوحة تستقبل ما ترغب فيه الدولة وما لا ترغب فيه؛ فالتعاون لم يعد اختيارًا متاحًا بل ضرورة لازمة لحفظ السلم والأمن الدوليين، وهما هدفا المنظمات الدولية الحكومية، ويكفي للدلالة على أهمية المنظمات الدولية، عدم قيام حرب عالمية ثالثة إلى الآن.

جاءت منظمة التعاون الإسلامي(المؤتمر الإسلامي سابقاً) كثاني أكبر منظمة دولية حكومية سياسية بعد منظمة الأمم المتحدة، وتضم 57 دولة عضواً ، وهي كثمرة لفكرة التضامن الإسلامي لتوثيق العلاقات بين المسلمين وإذكاء القيم الروحية والأخلاقية المستلهمة من الشريعة الإسلامية وحماية أمن الدول الأعضاء واستقرارها وتعزيز السلام العالمي، فمعيار الرابط بين الأعضاء هو المعيار العقائدي، وهو الذي يميزها عن باقي المنظمات الدولية.كما إنها ليست منظمة دينية بالمعنى المألوف كمجلس الكنائس العالمي، فهي المنظمة الدولية الوحيدة التي تقوم على أساس ديني ولهذا يمكن تسميتها بالمنظمة الدولية العقائدية.

يدرك الجميع واقع العالم الإسلامي في الوقت الحاضر فمعظم الصراعات وبؤر التوتر في العالم تقع مع الأسف في العالم الإسلامي فسقطت دول عديدة في مستنقع الحروب اللامتناهية والحرب على الإرهاب أو على الإسلام وإذا نجت من هذه الحروب لم تخرج من إتهامات " الإسلاموفبيا" كدولة أو كمسلم، أو صراع الحضارات ما بين الحضارة الغربية والحضارة الإسلامية.

فرغم ما يُشاع عن ضعف دول أعضاء منظمة التعاون الإسلامي، إلا أنها تمتلك إمكانيات وقدرات هائلة، توفر لهم القيام بدور إيجابي فعال في حل النزاعات والصراعات والحد من صراع الحضارات.

إن فكرة إنشاء قوات حفظ سلام لمنظمة التعاون الإسلامي هي بصدد تقديم آليات تتفق مع الأوضاع الراهنة للعلاقات السياسية للدول الإسلامية؛ حيث تحاول تقديم اقتراح ملائمة لتناسق الدول الإسلامية، وذلك في إطار منظمة التعاون الإسلامي التي هي المنظمة الدولية الحكومية الوحيدة التي تمثل الكلمة الجامعة للمسلمين على مستوى العالم.

فقوات حفظ السلام أداة دبلوماسية تُستعمل للحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وأسلوبًا برجماتيًا وحلاً بديلاً لشلل نظام الأمن الجماعي الوارد في ميثاق الأمم المتحدة. فمهام قوات حفظ السلام هي إحلال السلام وحل المنازعات والصراعات التي تنشأ بين أعضاء المنظمة من خلال قوات عسكرية تنفذ فيها عملاً عسكريًا غير تقليدي، يجمع بين العمل الإنساني والدبلوماسي والسياسي والعسكري في آن معًا.

وسوف تقُدم في هذه الورقة العوامل الدافعة نحو إنشاء قوات حفظ السلام لمنظمة التعاون الإسلامي على هذه المحاور هما:

  • قوات حفظ السلام (بيئة عملياتها -مهامها -قواعدها الحاكمة).
  • العوامل المادية لدول أعضاء منظمة التعاون الإسلامي.
  • العوامل المعنوية لدول أعضاء منظمة التعاون الإسلامي.
  • ما الذي تتميز به قوات حفظ السلام لمنظمة التعاون الإسلامي عن المنظمات الأخرى.

عرُفت قوات حفظ السلام بأصحاب الخوذات الزرقاء منذ نشأتها إلى الآن على أنهم حراس عمليات السلام الأممية، فليس ببعيد أن تحصل على جائزة نوبل للسلام لعام 1988م، ويحدد يوم 29مايو من كل عام لليوم الدولي لحفظ السلام، وإحياء ذكرى أفراد حفظ السلام الذين قضوا نحبهم في سبيل السلام.

  • قوات حفظ السلام (بيئة عملياتها -مهامها-قواعدها الحاكمة):

بناء على أن قوات حفظ السلام تذهب إلى المناطق التي تتأجج بها الصراعات، لتكبح الصراع الدائر في مناطق التوتر ومراقبة الصراع الدائر. كما تعمل على تجميد أو منع الصراعات والعمل على نمو حياة جديدة في مناطق الصراع على أساس مؤسسي وتشريعي قوي، فهناك علاقة بين حفظ السلام وصنع السلام.

وأيضاً ما قدمه الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة الدكتورِ بطرس غالي صاحب منهج "أجندة السلام" (الدبلوماسية الوقائية -صنع السلام -حفظ السلام -بناء السلام) بأنها "وسيلة لتفعيل وتقوية احتمالات منع الصراع وصنع السلام"، لهذا فهذه القوات بمثابة طوق النجاه لتفعيل نظرية الأمن الجماعي الدولي المقيد. 

فمهام قوات حفظ السلام تأتي بناء على قرار مجلس الأمن، أو مهام متعلقة بتنفيذ اتفاقيات سلام بين الأطراف المتنازعة، فتعدد أبعاد مهام قوات حفظ السلام منذ نشأتها إلى الآن لتشمل الآتي:

  • تهيئة المناخ المناسب بين الأطراف المتنازعة، للتواصل إلى تسوية نهائية للنزاع.
  • الإشراف على وقف العمليات الحربية وعدم تجددها مرة أخرى.
  • الإشراف على انسحاب القوات المتحاربة والفصل بين القوات المتحاربة.
  • حفظ النظام والأمن والقانون داخل إقليم الدولة التي تتمركز فيها.
  • تأمين الطرق لوصول المساعدات الإنسانية وتوزيع مواد الإغاثة.
  • الاستقرار السياسي بأعمال الشرطة المدنية وحفظ القانون داخل الدولة.
  • إزالة الألغام، مراقبة الانتخابات، تيسير عودة اللاجئين، تدريب الشرطة المحلية وتيسير واندماج المحاربين القدامى في الحياة الاجتماعية.

وتنقسم قوات حفظ السلام إلى شقين: شق عسكري (المراقبون العسكريون، قوات حفظ السلام) وشق مدني (الشرطة المدنية، الموظفون المدنيون) مما أعطاها قدرة على التوازن ما بين صنع وحفظ وبناء السلام كما أوردها د.بطرس غالي في "خطة السلام".

أما القواعد الحاكمة لقوات حفظ السلام هي كالآتي:

  • الحيادية: فالقوات لا تميل لأي طرف من إطراف الصراع.
  • الرضا: لا بد من قبول هذه القوات من أطراف الصراع.
  • استخدام القوة للدفاع عن النفس ليس ضد أي طرف من أطراف الصراع.

مثلت مهام وقواعد قوات حفظ السلام صورة متناغمة مع قدرات المنظمات الدولية الحكومية على حل نزاعاتها بالطرق الدبلوماسية متعددة الأبعاد. 

  • العوامل المادية لدول أعضاء منظمة التعاون الإسلامي:

بداية لا بد من عرض بعض من أهم القضايا التي يواجهها العالم الإسلامي كدول وكمسلمين كالتالي:

  • مثَّلت أحداث الهجوم على أمريكا في11/9/2001م، حافزًا لإثارة كراهية المسلمين والعرب للحضارة الأمريكية والغربية، حتى سيطر على عقول الغرب، فأصبح الدين الإسلامي دائماً في وضع الاتهام بسبب أعمال إرهابية يقوم بها بعض المسلمين أو ممن ينتسبوا إلى الإسلام، ولذلك الحرب على الإرهاب الدولي هي حرب على الإسلام والمسلمين.
  • ظاهرة"الإسلاموفوبيا" كجزء من أجندة سياسية، نتج عنها أبعاد غاية في الخطورة، في معاناة المسلمين في مختلف أنحاء العالم، ناهيك عن تشويه الصورة الحقيقية للإسلام وتعاليمه السمحة.
  • نظرية "صدام الحضارات" أو الحرب العالمية الثالثة للغرب على الشرق المسلم التي هي حرب دينية ثقافية وحضارية.
  • القضية الفلسطينية قضية القضايا ومعادلتها غير محددة لأطراف هوية الصراع بدقة أهو صراع عربي-إسرائيلي تمثله جامعة الدول العربية، أو صراع فلسطيني –إسرائيلي تمثله فلسطين بإدارة الحكم الذاتي، أم أنه صراع إسلامي-يهودي وتمثله منظمة التعاون الإسلامي عن الدول الإسلامية.
  • زادت المخاطر من التنظيمات المسلحة العابرة للقوميات بعد الحراك الجماهيري 2011م، تحت عناوين وشعارات متعددة كالدفاع عن محور المقاومة لتحرير المسجد الإقصي ونصرة المستضعفين من المسلمين وشعار الدولة الإسلامية، وكلها شعارات تهدف لتعجيز سلطة الدولة لتصبح دولة هشة (مثل داعش، القاعدة، الإخوان الإرهابين وغيرهم) بل تولد نمطٌ أكثر خطورة هو استعداء القوى الاستعمارية بحجة الحماية. (مثل المستنقع السوري والليبي وغيرهم)
  • الصراع على الزعامة الدينية ما بين المذهبية والحضارية والإسلام السياسي (من يتحدث باسم الإسلام)، فإيران مشروعها هلال الدولة الشيعية أما تركيا فمشروعها العثمانية الجديدة.
  • مخططات" فرق تستهدف بلقنة الشرق الأوسط الشرق الإسلامي" وغيرها من مخططات تقسيم وتفتيت الدول الإسلامية لوضعها في حالة نزاع دائم وتصادم لهدم مبدأ الأمة الإسلامية، ولتظل تحت طائلة القوى الاستعمارية.
  • السعي الدائم لنزع الدول الإسلامية من عقيدتها الإسلامية، حتى لا تثير حفيظة المجتمع الدولي من مفهوم الدولة الدينية (التي انتهت بمعاهدة وستفاليا بعد الحروب الدينية ما بين الدولة الكاثوليكية والبروتستانية).

هذه الصراعات التي أجهضت على مكانة قوة الأمة الإسلامية، وأعاقت جهود نهضتنا، وأسهمت في تسهيل عمليات الاختراق والتدخل الخارجي في شؤونها الداخلية. وتضافرت عوامل عديدة تولدت على إثرها حالة من الانكسار السياسي والاقتصادي والشعبي.

وطبقًا للمنهج الإسلامي "بشروا ولا تنفروا" فالدول الإسلامية تمتلك عوامل مادية تسمح لها برفع راية التحرر من نفسها.

  • العوامل المادية التي تمتلكها دول منظمة التعاون الإسلامي:
  • الموقع الجغرافي المتميز والسيطرة على مصادر الطاقة وغيرها من الموارد الطبيعية الثمينة.
  • الطاقة البشرية متضمنة من يصلون لسن التجنيد فهؤلاء القوة الأساسية للجيوش النظامية.
  • يتفوق العالم الإسلامي في إجمالي المجندين عن مجندي حلف الناتو.
  • يصنف عدد كبير من جيوش الدول الإسلامية من أقوى جيوش العالم، فبناء على تصنيف مجلة GLOBEL FIRE POWER2024 تحتل باكستان المرتبة السابعة ومصر الرابع عشر والسعودية الثاني والعشرون.
  • تم إنشاء التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في عام 2015 م، بقيادة السعودية الذي يضم 41 دولة من منظمة التعاون الإسلامي، الذي يعمل على محاربة الفكر المتطرف من خلال مبادرات فكرية وإعلامية ومالية وعسكرية.
  • أكثر من نصف المساهمين من قوات حفظ السلام الأممية من دول المنظمة، مما أكسب هذه الدول خبرات عالية تسُخرها للمنظمة في حالة إنشاء قوات حفظ السلام، فتحتل بنجلادش ثالث المشاركين وباكستان الخامس وإندونيسيا السادس والمغرب التاسع أما مصر العاشر.
  • العوامل المعنوية لمنظمة التعاون الإسلامي:

من عناصر قوة الأمم التي يتعاقبها أساتذة العلاقات الدولية بالدرس والتحليل العوامل المعنوية والتي في نظرهم أقوى من العوامل المادية قوة الأمم، فما انهارت إمبراطوريات عظيمة إلا بفعل الخواء الإيماني رغم امتلاكها للقوة المادية، ولذا تمتلك دول المنظمة من دينها عناصر قوتها من خلال ما تمثله وتترجمه عقيدتها السماوية من إيمان بالله والاعتصام بحبله وعدم التفرق ومحبة الخير للبشرية ككل وبذل الخير للناس باعتبارهم صنعة الله جميعاً دون تفرقة لدين أو جنس أو لون أو قومية أوانتماء.

والعقيدة الإسلامية وضعت منهجًا لفض النزاعات حيث دعا القرآن الكريم والسيرة النبوية إلى نبذ العنف، والقاعدة الحاكمة لمنهج الفصل قول الله تعالى﴿ وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم(61) الأنفال، وقوله تعالى﴿ واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ولا تَفَرَّقُوا واذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إخْوَانًا وكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ(103) آل عمران.

فالعقيدة الإسلامية ربطت المسلمين جميعًا برباط واحد وجمعتهم تحت راية واحدة وصهرتهم في بوتقة واحدة.

  • ما الذي تتميز به قوات حفظ السلام لمنظمة التعاون الإسلامي عن المنظمات الأخرى.

تبرز أهمية إنشاء قوات حفظ سلام لمنظمة التعاون الإسلامي العديد من العوامل أهمها:

  • الخبرات المكتسبة من أكثر من نصف عدد المشاركين في قوات حفظ السلام من دول إسلامية (قوات عسكرية – مراقبين عسكرين).
  • القوة البشرية الهائلة من العسكريين التي تسمح بإنشاء قوات حفظ سلام وقوات احتياط مما تنفرد به عن قوات حفظ السلام الأممية أو الإقليمية.
  • ثاني أكبر منظمة حكومية بعد الأمم المتحدة، منتشرة في ثلاث قارات.
  • الرابط ما بين الدول الرابط العقائدي المشترك أقوى من الرابط الجغرافي أو القومي.
  • ليس لدى دول المنظمة خلفية استعمارية حديثة.
  • الصورة الذهنية عن المستعمر الغربي لازالت راسخة في أذهان الدول الإسلامية فينظرون إلى قوات حفظ السلام على إنهم قوى استعمارية في ثوب أممي أو إقليمي،
  • الانتهاكات العنصرية والإبادة الجنسية والاستغلال الجنسي التي تقوم بها قوات حفظ السلام ضد المسلمين، مما يهدم حيادية القوات (مثال ما فعلت الكتيبة الهولندية في مذبحة سربرنيتشا لإبادة مسلمي البوسنة).
  • ما تسببت به التنظيمات المسلحة المتأسلمة العابرة للقوميات من صور دموية ورفع شعارات وإعلام ترمز للإسلام ولنبيه، مما يتطلب مكافحة هذه الصورة بهذه القوات التي تحمل راية سماحة الأمة الإسلامية، وإن الإسلام دين ودولة.
  • القواعد الحاكمة لقوات حفظ السلام تتوافق مع القيم الروحية والأخلاقية المستلهمة من الشريعة الإسلامية، فالحيادية: لقوله صلى الله عليه وسلم"لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود، ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى"،والرضا: لقوله تعالى "فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ ويُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" ، أما استخدام القوة للدفاع عن النفس:لقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم"مَنْ شَهَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ سَيْفًا فَقَدْ أَبْطَلَ دَمَهُ".
  • من مهام متعددة الأبعاد لقوات حفظ السلام وصول المساعدات والإغاثة الإنسانية وإنشاء معسكرات للاجئين، وهذا ضمن المبادئ السامية التي أرستها الحضارة الإسلامية بالتكافل الاجتماعي للإنسانية لقوله تعالى﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾.

الخاتمة:

إن الواقع

الذي يعيشه المسلمون حالياً، ودخول دول إسلامية في حالة حروب وصراعات ونزاعات لا منتهية، وأصبح الحرب على الإرهاب مقرون بالإسلام، وإذا هربت من هذا الحصار تلاحقك صدام الحضارات ما بين الحضارة الإسلامية ضد الحضارة الغربية والظاهرة الممنهجة من الإسلاموفوبيا، مما ساهم في حالة من الإحباط والتخبط العقائدي للمسلمين، فأصبح نداء استدعاء القوى الاستعمارية الحديثة أمر منطقي للخروج من هذا الحصار (وهو المطلوب تنفيذه).

تتحمل منظمة التعاون الإسلامي جمع كلمة الأمة الإسلامية تحت مظلة شرعية دولية أعباءً ليست كمثيلاتها من المنظمات الدولية أو الإقليمية الحكومية فهي حاملة لواء قوة الأمة الإسلامية وصون القيم الحضارية للإسلام ولمليار ونصف مسلم في مختلف أنحاء العالم.

من هنا فمنظمة التعاون الإسلامي عليها أن تبُادر بخروج المسلمين من هذا الحصار وتحمل على عاتقها حل قضياهم ولا تسمح باستعداء القوى الاستعمارية لفرض سيطرتها.

إن العوامل المادية والمعنوية التي تم طرحها ليس من وحي الخيال لإنشاء قوات حفظ السلام للمنظمة، فقوات حفظ السلام تحمل على عاتقها صنع وحفظ وبناء السلام، ففي السابق قدمت المنظمة إطارًا قانونيًا وسياسيًا لتسوية النزاع واقتراح بتشكيل قوة إسلامية تتولى مهمة ضمان تطبيق وقف إطلاق النار في النزاع الباكستاني-البنجلاديشي والعراقي – الإيراني، ومنها تم إنشاء محكمة العدل الإسلامية.

كما إنه ليس ببعيد من إنشاء منظمات تمثل توافق الدول الإسلامي على تحطيم هذا الحصار ووضع الأمة الإسلامية في نطاقها المعهود عليها، ففي قضية الحرب على الإرهاب تم إنشاء التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في عام 2015م، وفي المجال الاقتصادي نشأت منظمة الدول الثماني الإسلامية النامية، وفي الجوانب الفقهية تم إنشاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، ولرصد مؤشر الانتهاكات والعنصرية ضد المسلمين في العالم أنشأت منظمة التعاون الإسلامي مرصد أسلاموفبيا.

فبنظرة واقعية من إنشاء قوات حفظ السلام لمنظمة التعاون الإسلامي تستكمل منظومة توافق الدول الإسلامية من قوات تحمل راية دبلوماسية القوة العسكرية الرشيدة لعمليات السلام لتعزز المسلمين في عقيدتهم وفي المنبر الذي يمثل جامعة كلمة الأمة الإسلامية، ويكون الحافز قوله تعالى:﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكر ﴾.

مقالات لنفس الكاتب