كان ولازال الموقف الخليجي ثابتًا طيلة التاريخ المشترك لصالح المغرب حول قضية الصحراء، فالعلاقات المغربية مع مجموع دول مجلس التعاون لدول الخليج ارتكزت في هذا الشق على الدعم التام للمغرب في قضية وحدته الترابية، وذلك من خلال التعبير الصريح عبر بلاغات وبيانات متعددة تتجه نحو مساندة المغرب فيما يتعلق بوحدته الترابية واستقراره السياسي وتنميته. ولعل آخر مناسبة للتعبير عن ذلك كانت الاجتماع على شكل جلسة عمل مشترك جمعت الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج ووزير الخارجية المغربي في الثالث من مارس 2024م.
إن ما يميز الموقف الخليجي من قضية الصحراء المغربية ميزات عدة لعل أبرزها أنه أولًا، موقف غير متزحزح عبر تاريخ طويل من العلاقات بين الطرفين. ثم إنه ثانيًا، موقف يتماشى مع رؤية استراتيجية للتعاون والتآزر عبر فيها الأطراف عن تمسكهما بالتعاون والارتهان المتبادل؛ ففي أزمة الخليج الثانية سارع الملك الراحل الحسن الثاني إلى إرسال قوات عسكرية لحماية الحدود الخليجية عامة، والسعودية خصوصًا، وفي أزمة ما سمي بالربيع العربي اقترحت دول الخليج على المغرب الانضمام لهياكله، وهذان نموذجان فقط من مواقف كثيرة تعبر عن تماسك وتداخل مصير الجانبين.
من خلال هذا المعطى الأساسي، هل تمتلك دول الخليج القدرة على الدفع بحل نهائي للنزاع حول الصحراء المغربية؟ وهل يمكن أن يتحول التعاون من مستوى دعم وحدة واستقرار المملكة المغربية إلى مستوى الطي النهائي للقضية؟
أولًا: جوانب القوة الدافعة لإيجاد حل نهائي لقضية الصحراء
تطورت في الساحة الإقليمية العربية، من جهة، الأوضاع بشكل يحتم التفكير في إيجاد حلول لأزمات كثيرة تطبع الساحة العربية، ومنها قضية الصحراء المغربية. كما أن دول الخليج تملك، من جهة أخرى، مقومات عدة تجعلها في مستوى متقدم لرعاية حل نهائي لهذه القضية. ولعل أبرز هذه المقومات:
أ_ المقومات الاستراتيجية العامة:
_ تقلص الدور الإيراني في المنطقة العربية: فالعلاقة الوطيدة التي نسجتها إيران وقواها الإقليمية الأخرى كانت من مقومات التناقض الاستراتيجي في المنطقة العربية، وفي منطقة شمال إفريقيا بشكل خاص، فقد كان وجودًا مهمًا لإيران، وأكثر من ذلك أقحمت إيران قوات تابعة لحزب الله في قضية الصحراء المغربية، عبر إحلال مدربين معتمدين في الحروب المتناسبة مع حرب العصابات، وكان هذا عاملًا أساسًيا في أن يعتبر المغرب إيران دولة معادية لمصالحه وراعية لقوى انفصالية، وسببًا كافيًا لقطع العلاقات الدبلوماسية معها، وقد عبرت إيران عن كون علاقتها بحزب الله في منطقة تندوف ليست أكيدة، باعتبار أن حزب الله ليس منظمة إيرانية ولا تربطها معه علاقة تنظيمية، وذلك إبان المحاولة التي قام بها وزير الخارجية المغربي لثني إيران عن الانغماس في قضية الصحراء المغربية. ولعل موقف إيران الأخير الداعم للانفصال في تدخل مندوبها لدى الأمم المتحدة في خضم الجلسات الخاصة باللجنة الرابعة يؤكد، على الأقل، التنافر بين إيران والمملكة المغربية، وأن الدعم كان يأتي من حزب الله برضى من النظام الإيراني.
ومع انحسار المد الإيراني في المنطقة العربية وتراجعه في سوريا، وتقليم أكثر لأظافر حزب الله في لبنان، أصبحت الرؤية مكشوفة أمام الفراغ الاستراتيجي، وهي مناسبة للدفع والتعجيل بإخراجها من حضانة الانفصال في الصحراء المغربية.
_ عدم وجود داعم أو سند استراتيجي من القوى الكبرى لصالح طرف، هذا الطرف دخل في حالة تناقض مع المصالح الروسية في منطقة الساحل والصحراء، وكان ذلك كفيلًا بإبراز عدم الثقة من طرف الروس.
_ الحاجة الملحة لحلحلة موضوع الصحراء الغربية المغربية في ظل التحديات الاستراتيجية الكبرى والتحولات العميقة التي تعرفها العلاقات الدولية الراهنة، ذلك أن الوضع الطبيعي يحتم على كل من المغرب والجزائر التفكير في صيغ للتوافق، ورأب الصدع المرتبط في مجمله بمخلفات الحرب الباردة. فقضية الصحراء، وإن احتفظت بالوجود القانوني في اللجنة الرابعة للأمم المتحدة باعتبارها منطقة غير متمتعة بالحكم الذاتي، إلا أن ذلك كان، من جهة نتيجة الوضع الاستعماري الإسباني لها، فحتى المغرب المستقل كان من الدول التي صوتت آنذاك لصالح الوضع في هذه القائمة. ثم إنها، من جهة أخرى، ضحية الاستقطابات الدولية إبان الحرب الباردة، والتي استعملت المجالات الجغرافية كمنطلق للصراع بغض النظر عن الانتماءات الحضارية لها.
وبذلك يمكن القول إن استمرار هذا النزاع بعد الحرب الباردة لم يكن له سبب موضوعي سوى افتراض، من جهة، انعدام الثقة بين المغرب والجزائر، رغم أن النظام السياسي الجزائري سارع بداية إلى محاولة إنهائه بالدخول في اتفاقية اتحاد المغرب العربي من جهة، وكذا الوعد بطيه نهائيًا في الأمم المتحدة في فترة الرئيس الراحل محمد بوضياف. أو افتراض ترابط النزاع مع مسوغات داخلية للحكم بالبلدين معًا.
وهكذا يبدو أن أي تفريج للتناقض بين الجانبين يمكن أن يمر بوضع كل الضمانات لاستمرار النماذج السياسية المتواجدة كسلطتين بكل بلد على حدة.
ب_ المقومات الذاتية لدول مجلس التعاون لدول الخليج:
تمتلك دول الخليج إضافة لكونها دولًا تنتمي حضاريًا للفضاء العربي الإسلامي مقومات القدرة على الفعل لطي المشكل حول الصحراء الغربية المغربية، وتتجلى أهمها في:
_ على الرغم من علاقاتها المتميزة مع المغرب حافظت دول الخليج مجتمعة وفرادى على علاقات ودية ومقبولة مع الجزائر، فقد اتسمت هذه العلاقات بالاختلاف في المواقف الخاصة بعدد من القضايا الإقليمية وعلى رأسها القضية السورية إبان حكم عائلة الأسد، حيث كانت الجزائر مدافعًا على عودته لحضن جامعة الدول العربية، وهو أمر كانت فيه رؤاها متخالفة مع عدد من دول الخليج بداية، لكنها انتهت بالتوافق. كما أن الجزائر وقفت على مسافة واحدة من الاختلاف الخليجي ـ الخليجي. أي الملاحظة الرئيسية هي أن العلاقات تتسم بالاختلاف في المواقف دون الوصول إلى حد التناقض الحاد أو القطيعة.
وعمومًا توجد اليوم فرصة لمراجعة التوجهات العامة والاختيارات الإقليمية التي لا يمكن أن تخرج منها مسألة إنهاء أزمة قضية الصحراء، وذلك رهين بافتراض استمرار النموذج السياسي الحالي في الجزائر أو دخوله في خانة التغيير وفق التوجهات الدولية الراهنة.
_ وجود ارتباط استراتيجي بين المصالح الاقتصادية للجزائر وبعض الدول الخليجية، ذلك أن الجزائر من أكثر الدول تصديرًا للغاز، ويعتبر موردًا أساسيًا للدولة، وهي أيضًا دولة مصدرة لباقي أنواع الطاقات الأحفورية وعلى رأسها البترول، ويعد هذا العامل مركزيا لتعزيز علاقاتها بالدول الخليجية على الأسس المصلحية، وتوجد دول خليجية في وضع أنسب من نظيراتها للتعامل أكثر مع النظام في الجزائر كما هو الحال بالنسبة لقطر مثلًا، ذلك أنهما ارتبطا بأشكال متقدمة للتنسيق الاستراتيجي لتصدير هذه الموارد بأثمان تضمن المصالح الوطنية للدولتين. ناهيك عن كون الاستقرار في الجزائر يساهم في تقليص مصادر التوتر في منطقة الشرق الأوسط لاعتبار الترابط الحضاري الذي يجمع منطقة شمال إفريقيا بمنطقة الخليج عمومًا، وصعوبة تدبير أزمة اجتماعية وإنسانية واقتصادية جديدة في المنطقة مع وجود حالات كثيرة دفعت بكثير من الدول إلى منطق الفشل.
_ الضمانات التي يمكن لدول الخليج أن تعطيها لطرفي النزاع باعتبار الدور الرائد الذي تقوم به بعض الدول الخليجية اليوم من قبيل المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات.
ثانيًا: أشكال التدخل الداعمة لموقف المغرب من قبل دول الخليج
لقد كانت أشكال الدعم التي تلقاها المغرب من دول الخليج متعددة، ويمكن حصرها في الجوانب التالية:
_ الدعم السياسي والدبلوماسي، حيث عبرت مجمل الدول الخليجية عن دعمها للمغرب فيما يخص قضية الصحراء المغربية في منتديات ومنظمات دولية كثيرة، سواء تعلق الأمر داخل الأمم المتحدة، أو في منظمات أخرى كجامعة الدول العربية حيث لم تحظ ما يسمى بالجمهورية الصحراوية بأي شكل من أشكال التمثيلية. وكذلك الأمر في إطار منظمة التعاون الإسلامي، أو في إطار منظمة مجلس التعاون لدول الخليج، حيث تواترت البيانات والبلاغات الداعمة لموقف المغرب ووحدته الترابية. كما أن الدعم السياسي كان منبثقًا من تصور استراتيجي مواز يجعل من احترام الوحدة الترابية للدول العربية والحرص على عدم تفتيتها تماشيًا مع ميثاق الجامعة مسألة حيوية وضرورية.
ومن جانبه لم يبخل المغرب على الدول الخليجية بالدعم في حالات الاعتداء كما حدث مع حرب الخليج الثانية، رغم وجود علاقات متميزة بين المغرب ونظام صدام حسين بالعراق، أو إبان أعمال مكافحة الإرهاب بمبادرة سعودية، أو حتى التحالف لدعم الشرعية باليمن.
_ الدعم الاقتصادي والمالي، لقد كان هذا الدعم مسترسلًا سواء في الشق المرتبط بدعم الصراع المغربي ضد الانفصال بالسلاح والعتاد، أو من خلال التدخل بالدعم اللازم في الحالات التي عرف فيها المغرب أزمات اقتصادية وحالة عدم يقين مالي. ويمكن اعتبار حجم الاستثمارات الخليجية بالمغرب واحدة من الأدوات الفعالة التي من خلالها يتم تشبيك المصالح الاقتصادية والمالية بين الطرفين، ونفس الشيء يمكن ذكره فيما يخص الجانب المرتبط بالتجارة الخارجية، رغم أن المتاح من التعاون بين الطرفين لا يرقى لمستوى العلاقات المتميزة على المستوى السياسي، ولعل ذلك راجع إلى محدودية الأدوات اللوجستية المرتبطة بالطرق البحرية المباشرة وكذا الجوية، إضافة إلى الحاجة إلى تقليص كلفة التنقل وتبسيط العمليات المالية بين الجانبين.
_ الترابط الحضاري، فالعلاقات المغربية مع دول الخليج تقوم على متانة العلاقات بين سلطات الجانبين من جهة، وعلى الترابط التاريخي والحضاري، خاصة على مستوى الثقة التي تشكلت بينهما من خلال ثبات المواقف السياسية في الاتجاهين، وهكذا يمكن تفسير وجود ارتباط اجتماعي وثقافي وإنساني يعزز القبول المتبادل بالثقافات ويتعزز بشكل دائم ولا يتأثر بأي شكل من الأشكال بمستوى العلاقات السياسية.
وفي الزمن الحاضر يمكن أن يتعزز هذا الشكل التقليدي بتكثيف التعاون السياسي والاقتصادي والمالي والثقافي والحضاري، وتقليص الفجوة الاقتصادية وتعزيزها بآليات عملية متناسبة مع الحاجة للموقع المتميز للمغرب على المستوى الاستراتيجي.
فالمملكة المغربية التي وضعت برامج اقتصادية ومالية وتنموية استراتيجية، لا يمكن أن ينظر لها باعتبارها امتدادًا حضاريًا فقط بل يمكن أن تعزز المزايا المصلحية لدول الخليج التي هي في حاجة لتنمية استثماراتها بالخارج وتعزيز وجودها وإطلالتها على الواجهتين المتوسطية والأطلسية، لاسيما أن المغرب وضع خطة استراتيجية ناجحة على مستوى القارة الإفريقية وينزلها بشكل يعزز تواجده بالقارة من الناحية الاقتصادية، وهي مناسبة لتستفيد من ذلك دول الخليج. كما أن المغرب مقبل على تنزيل رؤية أطلسية واعدة ستكون مناسبة لتعزيز التواجد الخليجي في الواجهة الأطلسية، وذلك في إطار برامج واضحة كما هو الشأن بالنسبة لخط الأنابيب الرابط بين نيجيريا وأوروبا، أو دمج دول الساحل والصحراء للوصول إلى الواجهة الأطلسية.
إن الوجود المسبق والفعال على مستوى إفريقيا يمكن أن يكون دعامة أخرى للتنسيق وتعزيز المكاسب المغربية على مستوى هذه القارة، لاسيما أن الانفصاليين يوجدون على مستوى وحيد في منظمة إقليمية هي منظمة الوحدة الإفريقية، وبذلك يمكن القول إن التعاون ودعم الموقف المغربي يمر أيضًا عبر دفع الدول الإفريقية إلى سحب اعترافاتها بالجمهورية الصحراوية المزعومة حتى يتم إخراجها نهائيًا من هذه المنظمة الإقليمية.
ولا يتعلق الأمر فقط بالدول الإفريقية بل أيضًا باستثمار الدور الخليجي الرائد على مستوى أفضية أخرى، كما هو الحال في أوروبا والقارة الأمريكية، فقد قامت الولايات المتحدة بدعم مغربية الصحراء وعبرت عن استعدادها لإنشاء قنصلية بمدينة الداخلة المغربية، ونحت إلى نفس المنحى كل من إسبانيا وفرنسا وغيرها من الدول، ولتثبيت هذه المكتسبات يستحب بالدول الخليجية ربط مصالحها الحيوية مع المصالح المغربية والدفاع عنها في كل المحافل، وصد كل المحاولات التي يقوم بها خصوم المغرب لتكريس الانفصال. وبذلك هناك آليات ضاغطة كثيرة تملكها دول الخليج في هذه المنظومات يمكن أن تكون دعامة قوية لدعم السيادة المغربية ووحدته الترابية، منها ما هو مالي واقتصادي ومنها ما هو إعلامي ومنها ما هو ثقافي ورياضي وحضاري.
ثالثًا: الأسس المناسبة لوضع حل على المستوى الإقليمي لدول الخليج
توجد دول الخليج في مستوى مناسب لتفعيل دبلوماسية تتماشى مع الغايات الأساسية في دعم استقرار منطقة شمال إفريقيا باعتبارها امتدادًا استراتيجيًا وحضاريًا، وفي هذا الإطار هناك مرتكزات أساسية لتفعيل هذا الدور، يمكن أن نذكر منها:
_ تليين الموقف الجزائري الرافض لفكرة الوساطة باعتباره طرفًا غير معني بالنزاع، فالكل يعلم كيف نشأ هذا النزاع وتطور أو استمر. وكذلك الحرص على الإبقاء على شكل بدائي للمخيمات في تندوف لإبراز صورة الشعب المقهور والمطرود من أماكن إقامته، رغم أن نفس العناصر البشرية في مدن العيون والداخلة والسمارة وغيرها تعيش اليوم في كنف الكرامة الإنسانية. وعلى سبيل المثال كان هناك نازحين في كل بقاع العالم لكن مع مرور الوقت لم يمنع وضع اللجوء الخاص بالمجموعات البشرية من أن تعيش في مدن عصرية، كما هو الحال في فلسطين على سبيل المثال.
وهكذا يبدو من الأساسي أن تقبل الجزائر بالسبل الودية أو بالإقناع والوساطات التي تقترحها الدول الخليجية للدخول في مسلسل سياسي قابل للتنزيل للحل والطي النهائي لهذه القضية، وسبق لدول عديدة أن اقترحت هذا الدور، كما هو الشأن بالنسبة للمملكة العربية السعودية، لكن الجزائر رفضت.
_ حصر طرفي النزاع لإيجاد الحل النهائي في كل من المغرب والجزائر، وعدم الدخول في وهم وجود طرف ثالث، لأن الحل لن يتم إلا بالتنصيص النهائي وغير القابل للمراجعة بأن تكون الجزائر طرفًا رسميًا ومباشرًا في ذلك، وكل تصور يخرج الجزائر من دائرة الحل ولا يربطها بإيجاد التسوية هو تصور لا يمت للواقع بصلة.
_ اقتراح في إطار التسوية باعتبار قاعدة "الصحراء الواحدة"، ومفادها أن المغرب لا يمكن أن يتحمل لوحده تاريخيًا واستراتيجيًا وجود دولة صحراوية، ذلك أنه إذا كانت الجزائر تؤمن بوجود شعب في الصحراء فإنه من غير المناسب أن يكون مجالها الجغرافي في منطقة النفود المغربية، بل لابد أن تتحمل دول المنطقة جميعًا هذا العبء السياسي، كما هو حال الأزمة الكردية مثلًا، فإذا أخذنا بالمعيار القبلي فإن سكان المنطقة يمتدون إلى كل من موريتانيا والجزائر على الأقل، أما إذا كان المعيار هو المناطق غير المتمتعة بالحكم الذاتي فإن العدالة أن تمتد هذه المناطق إلى مجالاتها الطبيعية حتى لا تتكرر مآسي المطالب الانفصالية، وهذا المقترح يمكن أن يحدد مستويات القبول بالانفصال في المناطق السلطوية الجزائرية بما فيها مناطق أخرى لا تدخل في نسق المناطق غير المتمتعة بالحكم الذاتي لكنها تشهد مطالب انفصالية كالقبائل ومناطق الجنوب الجزائري.
_ الانخراط في الحل العادل في إطار الأمم المتحدة، لكون الأمم المتحدة لا تخلق القانون الدولي بل هي جزء من تفعيل عدالة تطبيقه، فقد سارت في السنوات الأخيرة في منحى إيجاد حل سياسي عادل متوافق حوله وقابل للتطبيق، وهذا الأمر يتماشى مع السعي لحل دائم، والمغرب اقترح الحكم الذاتي للصحراء في نسق الحل السياسي، ويمكن أن يكون ذلك المنطلق الوحيد لصياغة الحل الدائم. وعمومًا يدخل في باب الاستحالة أن يكون هناك حل سياسي آخر بما فيه فكرة الاستفتاء التي اصطدمت بالمعطيات الاجتماعية المعقدة والاستحالة العملية، فالدعوة بذلك لتقرير المصير عن طريق الاستفتاء هي دعوة لإطالة النزاع بدون أفق سياسي.
_ إن استمرار تكريس سيادة المغرب على الصحراء ودعمه وتجديد الثقة في دوره الاستراتيجي المتناغم مع الرؤية الخليجية يعد مسارًا مستمرًا لإيجاد الحل النهائي، فاليأس من الانفصال هو أول هزيمة له، ولا شك أن الدفاع عن وحدة المغرب الترابية أقرب إلى الحق ومدعاة للتضحية والدعم المتواصل في مقابل أنصار الفرقة والتقسيم وتقزيم مصير المنطقة العربية بدعوى احترام مقتضيات القانون الدولي ومبادئه ظاهريًا والسعي لوضع المنطقة من جديد في كنف الاستعمار والتبعية عمليًا.
إن وجود مغرب قوي ومتماسك ونام ومزدهر هو تكريس لوجود المصالح المرتبطة بالدول الخليجية في منطقة جيو استراتيجية مهمة تعمل على تجديد الترابط بين الشرق والغرب العربيين في إطار القواعد الثابتة التي يحملها الدين الإسلامي الحنيف وقيمه الخاصة بالوحدة والتماسك والتآزر، وفي إطار السعي نحو بناء فضاء تسود فيه الأخوة والتعاون بدل الدسائس ودعم التبعية.