في 26 من سبتمبر، 2026م، أعلنت المملكة العربية السعودية، بالتعاون مع كل من النرويج والاتحاد الأوروبي، إطلاق مبادرة "التحالف الدولي من أجل تنفيذ حل الدولتين" بمدينة نيويورك. إن هذه المبادرة، التي اكتسبت زخماً ملحوظاً مع انعقاد اجتماعات المتابعة اللاحقة بالرياض وبروكسل، تمثل جهدًا تاريخيًا لإعادة إحياء الدعم الدولي لقيام دولة فلسطينية مستقلة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. وفي ظل عالم اليوم، حيث لا تزال الصراعات الجيوسياسية الممتدة منذ زمن بعيد مشتعلة، يتيح هذا التحالف منصة متجددة من أجل معالجة واحدة من أشد النزاعات استعصاء في العصر الحديث. رغم ذلك، يظل نجاح هذه المبادرة مرهوُنا بقدرتها على التغلب على العقبات بما في ذلك؛ التعنت الأوروبي التاريخي، وعدم الامتثال لقرارات الأمم المتحدة، فضلًا عن، الدعم المحدود للحلول العادلة المُتجذرة في مبادرات مثل "مبادرة السلام العربية"، واتفاقيات "أوسلو"، و"مؤتمر مدريد".
يبحث هذا المقال أهمية مبادرة "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين"، وتقييم احتمالات تحقيق أهدافه المنشودة، إلى جانب تقييم الدور الذي تقوم به دول الاتحاد الأوروبي سواء في دعم هذه الجهود أو عرقلتها. كما يستكشف المقال المسارات الممكنة لتعَاون فعال بين التحالف ودول الاتحاد الأوروبي، بهدف بلوغ نتائج مرجوة تفضي إلى سلام مستدام وعادل يقوم على أساس حل الدولتين.
أهمية التحالف الدولي
يُعد الإعلان عن تشكيل" التحالف الدولي من أجل تنفيذ حل الدولتين" لحظة فارقة في تاريخ الدبلوماسية الدولية وذلك لأسباب عدة:
- إعادة إحياء المشاركة الدبلوماسية متعددة الأطراف: من خلال الجمع بين نحو 90 دولة ومنظمة إقليمية، يؤكد التحالف الإجماع الدولي حول الحاجة المُلحة لإنهاء الصراع الفلسطيني-الإٍسرائيلي. كما يرمُز طابعه الشمولي إلى نبذ الإجراءات الفردية والعودة إلى نهج الدبلوماسية متعددة الأطراف باعتبارها أحد سبل تحقيق السلام.
- الجدول الزمني وآليات المُساءلة: بخلاف الجهود السابقة، أكد التحالف أهمية وضع جدول زمني لإقامة دولة فلسطينية. وعلى هذا النحو، فإنه عالج أحد أكبر الثغرات التي انطوت عليها المبادرات السابقة، التي كانت عادة ما تفتقر إلى تضمين مُهل زمنية مُلزمة وآليات للمٌساءلة.
- الدور السعودي الريادي: تعكس القيادة السعودية لهذه المبادرة، تطور دور المملكة كلاعب رئيسي على مستوى الدبلوماسية الإقليمية والعالمية. كما أن مشاركتها تُضفي مصداقية على التحالف، لاسيما بالنظر إلى دعم الرياض التاريخي لمبادرة السلام العربية المطروحة في عام 2002م، والتي لاتزال تشكل حجر زاوية في إطار جهود إقامة حل الدولتين.
- دعم واسع النطاق: تحظى شرعية التحالف الدولي بدعم صريح من مجموعة متنوعة من الجهات الفاعلة الدولية، بما في ذلك النرويج والاتحاد الأوروبي، كما أنها تعكس التزامًا دوليًا جماعيًا تجاه مُخاطبة المطلب الفلسطيني خارج إطار الحدود التقليدية لمنطقة الشرق الأوسط.
اجتماع الرياض: نقطة تحول
يُمثل أولى اجتماعات التحالف الدولي الذي عٌقد بمدينة الرياض، خلال الفترة ما بين 30 إلى 31 أكتوبر 2024م، علامة فارقة مهمة، وسط حضور ممثلين عن نحو 90 دولة ومنظمة دولية وإقليمية. وقد ساهم الاجتماع في تدعيم أجندة أعمال التحالف وإرساء أساس للعمل المستقبلي. كما خلص إلى عدة نتائج رئيسية:
- الالتزام الموحد بإقامة حل الدولتين: جددت الوفود المشاركة التأكيد على التزامها حيال إقامة دولة فلسطينية على أساس حدود ما قبل 1967م، وعاصمتها مدينة القدس الشرقية.
- أطر عمل قابلة للتنفيذ: طرح المشاركون في اجتماع الرياض أطر عمل مُلموسة لمُعالجة القضايا الشائكة مثل: النشاط الاستيطاني، والترتيبات الأمنية، والتعاون الاقتصادي. وذلك بهدف ضمان تحقيق أهداف ملموسة وقابلة للتطبيق على أرض الواقع
- تعزيز الشراكات الإقليمية: شدد اجتماع الرياض على أهمية التعاون الإقليمي كوسيلة لسد الفجوات ومد جسور الثقة بين أعضائه، بالأخص بين البلدان العربية والأوروبية.
- الدعم المؤسسي: شهد الاجتماع إعلان إنشاء مقر دائم للأمانة العامة للإشراف على الأنشطة التي يقوم بها التحالف لضمان استمرارية عملياته وخضوعها للمساءلة.
كذلك عكس اجتماع الرياض ضرورة تبني نهج دولي موحد ومُتسق لمعالجة الصراع. فيما شددت الوفود المشاركة على أهمية القضاء على ازدواجية المعايير التي كثيرًا ما تنعكس على السياسة الدولية العامة، لاسيما داخل بعض الدول الأوروبية، التي تزعم مناصرة حقوق الإنسان، في الوقت الذي تغض فيه الطرف عن الاحتلال الإسرائيلي المستمر والأنشطة الاستيطانية. كما يأمل التحالف في خلق إطار أكثر إنصافًا وعدلًا للسلام من خلال اعتماده معيار موحد.
التعنت الأوروبي التاريخي والاستهانة بقرارات الأمم المتحدة
يعد الدور الأوروبي على مدار تاريخ الصراع الفلسطيني -الإسرائيلي محفوفًا بالتناقضات. فبينما يؤكد الاتحاد الأوروبي مرارًا وتكرارًا الالتزام بتطبيق حل الدولتين، غالبًا ما تكون تحركاته غير متسقة مع القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة وبنود القانون الدولي.
- الفشل في تطبيق قرارات الأمم المتحدة: رغم صدور العديد من القرارات الأممية الداعية إلى وقف الأنشطة الإسرائيلية الاستيطانية، والاعتراف بالدولة الفلسطينية، إلا أن العديد من دول الاتحاد الأوروبي أخفقت في ممارسة ضغوط مثمرة على الجانب الإسرائيلي. وتُعزى أسباب هذا العزوف إلى مزيج من الاعتبارات السياسية، والاقتصادية، والأمنية، وديناميات السياسة الداخلية الخاصة بكل دولة من أعضاء الكتلة الأوروبية منفردة.
- ضعف الاستجابة للتوسع الاستيطاني: يحرص الاتحاد الأوروبي دومًا على إدانة التوسع الإسرائيلي الاستيطاني داخل الضفة الغربية والقدس الشرقية. مع ذلك، قلما تترجم هذه الانتقادات إلى تدابير ملموسة على الأرض مثل فرض عقوبات أو قيود تجارية. وهو ما يتسبب في تقويض مصداقية الاتحاد الأوروبي باعتباره طرفًا ثالثًا مٌحايدًا.
- تهميش مبادرة السلام العربية: تتيح مبادرة السلام العربية، التي طرحتها المملكة العربية السعودية في عام 2002م، إطارًا شاملًا لتسوية النزاع، يقوم على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام. ورغم اتساقها مع المعايير الدولية، لم تحظ المبادرة سوى بدعم محدود من قبل كبار الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، لتعكس مدى تناقض الموقف الأوروبي.
- نتائج اتفاقيات أوسلو ومدريد: تُمثل اتفاقيات "أوسلو" (1991م)، ومؤتمر مدريد (1993م) علامات فارقة في جهود التوصل إلى إطار لسلام دائم. مع ذلك، لم يضطلع الاتحاد الأوروبي بدور يذكر لدعم هذه الجهود. في حين أن تقاعسه عن مُساءلة المسؤولين عن الانتهاكات الدائمة مثل مواصلة بناء المستوطنات وأعمال العنف، أفضى إلى تآكل الثقة في عملية السلام.
التحديات التي تواجه التحالف الدولي
بينما يُمثل" التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين "خطوة واعدة إلى الأمام، إلا أن نجاحه أبعد من أن يكون مضمونًا في ظل وجود العديد من التحديات التي يتعين مُعالجتها:
المقاومة الإسرائيلية: من المتوقع أن تٌبدي سياسات الحكومة الإسرائيلية الراهنة، بالأخص تحت قيادة يمينية متطرفة، مقاومة لأي جدول زمني قد يفرض عليها تقديم تنازلات كبيرة عن الأراضي. وهو ما يقتضي من التحالف الدولي ضرورة تطوير استراتيجيات للتواصل بشكل بناء مع الجانب الإسرائيلي، مع الإبقاء على الضغط المُمارس من أجل الامتثال إلى القانون الدولي.
- 2. الانقسام الفلسطيني-الفلسطيني: يُمثل الانقسام السياسي بين حركتي "حماس" و"فتح" عقبة كبيرة أمام إقامة دولة فلسطينية موحدة. وفي حال استمرار انشقاق الصف الداخلي دون معالجة، فإنه ينذر بتقويض جهود التحالف بسبب عدم وجود تمثيل موحد للشعب الفلسطيني.
3.التناحرات الجيوسياسية: من المتوقع أن تشكل التناحرات الجيوسياسية اختبارًا لقدرة التحالف على الحفاظ على الوحدة بين أعضائه ذي الخلفيات المتنوعة، بما يشمل ذلك المنافسات بين القوى الغربية والشرقية، إلى جانب النزاعات العربية الداخلية.
- تباين المواقف الأوروبية: ثمة تباين بين المناهج الأوروبية في معالجة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، بما يُعقِد قدرة الاتحاد الأوروبي على التصرف ككتلة موحدة داخل التحالف الدولي. فبينما تبدي دولا مثل السويد، وإسبانيا، وإيرلندا دعمًا قويًا لإقامة دولة فلسطينية، تتبنى بلدان أوروبية أخرى موقفًا أكثر حذرًا مثل هنغاريا وألمانيا.
أهمية اجتماع بروكسل
شهد الاجتماع الثاني للتحالف، الذي عُقد في بروكسل يوم 28 نوفمبر 2024م، مزيدًا من التقدم، مستندًا إلى النتائج الإيجابية التي تحققت في الرياض. وقد ركزت المناقشات الرئيسية على ما يلي:
1.آليات المُساءلة: بحث المشاركون سبل ضمان الالتزام بالجدول الزمني الذي وضعه التحالف وأهدافه المدرجة، بما في ذلك إنشاء هيئات مراقبة وبروتوكولات للتنفيذ.
2.المبادرات الاقتصادية: شدد المشاركون على أهمية الاستفادة من الأدوات الاقتصادية لتشجيع التعاون، وشملت المقترحات المطروحة، الاستثمار في البنية التحتية الفلسطينية وإنشاء مناطق اقتصادية مشتركة.
- تعزيز التعاون: سلط الاجتماع الضوء على الحاجة إلى توثيق التعاون بين التحالف الدولي والاتحاد الأوروبي تحديدًا في مجالات مثل التواصل الدبلوماسي والدعوة العامة.
إعادة النظر في التعايش العالمي وحل الدولتين
تمثل جهود التحالف الدولي لحل الدولتين أكثر من مجرد وسيلة لتسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي؛ حيث إنها ترمُز إلى اتساع رقعة التفكير العالمي مرة أخرى في مبدأ التعايش السلمي. وفي ظل حقبة تتسم بالاستقطاب والصراعات، يوفر حل الدولتين إطارًا لمعالجة ليس فقط النزاعات على الأراضي بل أيضًا القضايا الأساسية الكامنة مثل العدل، والمساواة، والكرامة الإنسانية. ومن خلال الدعوة إلى التعايش السلمي بين الدولتين، يضع التحالف تصورًا لمستقبل يحل فيه الرخاء المشترك والاحترام المتبادل محل العداء والانقسام.
تقتضي هذه الرؤية تحولًا أساسيًا في شكل العلاقات الدولية، ونبذ المعايير المزدوجة التي تعد في كثير من الأحيان السمة المحددة للسياسة الدولية. فقد واجهت بعض البلدان الأوروبية، على سبيل المثال، انتقادات بسبب عدم اتساق معاييرها الخاصة بحقوق الإنسان والقانون الدولي، بما أضر بمصداقيتها كأطراف فاعلة مُحايدة. ومن خلال اعتماد معيار واحد للعدل والمساءلة، يتسنى للمجتمع الدولي إمكانية احتضان عصر جديد للسلام والتعاون. وقد أكد اجتماع الرياض هذه الحاجة إلى الاتساق، حيث دعا المشاركون إلى وضع حد للانتقائية في تنفيذ المعايير الدولية، مُشددين على أهمية اتباع نهج موحد في مواجهة الصراع. ويعتبر هذا الالتزام تجاه تطبيق العدل والمساواة محوريًا ليس فقط لنجاح حل الدولتين، بل أيضًا لمد جسور الثقة وبناء الشرعية داخل الصراعات العالمية الأخرى.
التأثيرات المحتملة للتحالف
رغم التحديات سالفة الذكر، ينعم التحالف الدولي بالقدرة على تحقيق تقدم مثمر من خلال الاستفادة من نقاط القوة المتوفرة لديه:
1.الشرعية الدولية: يساهم التوسع العالمي للتحالف في تعزيز مكانته الدولية ويزيد من فرص قبول مقترحاته في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى.
- 2. النفوذ الاقتصادي: من خلال تطبيق سياسة العصا والجزرة التي تشمل التنسيق بين منح حوافز اقتصادية وفرض جزاءات، يستطيع التحالف تشجيع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني على الالتزام. على سبيل المثال، بإمكانه جعل الاتفاقيات التجارية أو المساعدات الإنمائية مشروطة بالالتزام بإطار الدولتين.
- الدبلوماسية العامة: بإمكان التحالف لعب دور محوري في تشكيل الرأي العام من خلال تسليط الضوء على كم الخسائر البشرية والاقتصادية الناجمة عن الوضع الراهن. كذلك بوسعه حشد تأييد شعبي لحل الدولتين داخل المجتمعات الإسرائيلية والفلسطينية عبر الحملات الموجهة.
- بناء القدرات: من خلال الاستثمار في المؤسسات والبنية التحتية الفلسطينية، يتسنى للتحالف إرساء أساس لقيام دولة فلسطينية قادرة على تلبية احتياجات شعبها. حيث يتسق هذا النهج مع مبدأ " بناء الدولة قبل قيامها " ويخاطب المخاوف بشأن الحوكمة والاستقرار.
تقييم مدى التزام الاتحاد الأوروبي بحل الدولتين
على الرغم من تأكيداته المتكررة على دعم حل الدولتين، فإن سياسات الاتحاد الأوروبي المترددة في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة للقانون الدولي، تقوض مصداقيته وتثير شكوكًا جدية حول مدى التزامه الفعلي بهذا الحل.
- سياسات متناقضة: تتيح اتفاقيات الاتحاد الأوروبي التجارية مع إسرائيل، بما في ذلك اتفاق الشراكة، منافع اقتصادية جمة رغم استمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية. ويؤدي هذا التناقض إلى إضعاف موقف الاتحاد الأوروبي كداعم لحل عادل.
- الاعتماد على الزعامة الأمريكية: تاريخيًا، ترك الاتحاد الأوروبي للولايات المتحدة مهمة تزعم جهود التوصل إلى سلام. وتسبب هذا الاعتماد على الحليف الأمريكي في تقييد قدرة الكتلة الأوروبية على تأكيد رؤيتها بشأن كيفية تسوية الصراع.
- القيود السياسية الداخلية: عادة ما تتسبب مجموعات الضغط الموالية لإسرائيل داخل الاتحاد الأوروبي والمخاوف بشأن مُعاداة السامية، في ردع الدول الأعضاء عن تبني سياسات يٌتصور بأنها لا تصب في صالح إسرائيل. بالتالي، تؤدي هذه القيود إلى الحد من قدرة الاتحاد الأوروبي على اتخاذ إجراءات جريئة.
مسارات للتعاون المثمر
ينبغي على التحالف الدولي إذا ما أراد توسيع نطاق تأثيره، أن يعمل بشكل وثيق مع الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء من أجل مواءمة الاستراتيجيات والموارد. وتشمل الخطوات الرئيسية ما يلي:
- بناء توافق أوروبي: ينبغي أن يعمل التحالف مع الدول ذات الطابع التقدمي داخل الاتحاد الأوروبي لبناء كتلة موحدة قادرة على الدعوة إلى اتخاذ تدابير أقوى لدعم حل الدولتين، وذلك من خلال الدبلوماسية المكثفة والحملات الإعلامية وتشكيل تحالفات استراتيجية.
- الاستفادة من دور النرويج: باعتبارها مؤسسًا مشاركًا في تشكيل التحالف وطرفًا فاعلًا محايدًا ذا باع طويل في لعب دور الوساطة في جهود السلام، بإمكان النرويج أن تخدم كجسر للتواصل بين الاتحاد الأوروبي والأعضاء الآخرين بالتحالف، مستفيدة من خبراتها في حل النزاعات للتغلب على الانقسامات وتعزيز التعاون.
- الدمج بين الرؤى العربية والأوروبية: يتعين على التحالف الدولي توضيح توافق مبادرة السلام العربية مع القيم الأوروبية لحقوق الإنسان والقانون الدولي. ومن خلال تأطير المبادرة كرؤية مشتركة للسلام، يمكن أن تحظى حينها بدعم أوسع نطاقًا داخل الاتحاد الأوروبي
- الآليات المؤسسية للمساءلة: ينبغي وضع آليات للمراقبة وضمان الالتزام بالجدول الزمني والأهداف. وقد يشمل ذلك إصدار تقارير دورية لرصد التقدم المحرز، وإجراء تقييمات مستقلة، واللجوء إلى سلاح العقوبات في حالة عدم الامتثال.
- مخاطبة المخاوف الاقتصادية: يتعين على التحالف تقديم حوافز اقتصادية للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لتشجيعهما على تبني حل الدولتين. وقد يتضمن ذلك استثمارات في مشروعات البنية التحتية المشتركة، وتيسير سبل التجارة، ودعم المبادرات العابرة للحدود.
الختام
في خضم أزمةٍ مستمرة تهدد أمن المنطقة والعالم، يمثل التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين بارقة أمل. ففي الوقت الذي تواجه فيه جهود السلام عقباتٍ جسام، تتمثل في التعنت الدولي وتجاهل القوانين الدولية، يقدم التحالف رؤية جديدة مبنية على التعاون الدولي والعمل المشترك. إن النهج الشامل الذي يتبعه التحالف، والذي يجمع بين الدول والمؤسسات الدولية، يوفر أرضية صلبة لبناء مستقبل أفضل، ويفتح آفاقاً جديدة لتحقيق السلام العادل والشامل.
يقف اجتماع الرياض كشاهد على الإمكانات التي ينعم بها التحالف مع تركيزه على الأطر العملية، والشراكات الإقليمية، والدعم المؤسسي. ومن خلال معالجة مسألة ازدواجية المعايير المنعكسة على السياسات الدولية، لاسيما داخل أوروبا، يصبح بإمكان التحالف العمل وفق معيار أخلاقي واحد يضمن تحقيق العدالة والإنصاف لكافة الأطراف.
وفي نهاية المطاف، يظل نجاح هذه المبادرة مرهوناً بقدرتها على تجاوز التحديات السياسية المعقدة وبناء توافق واسع النطاق. يتطلب الأمر التزاماً راسخاً بالمشاركة الفاعلة والمساءلة، بالإضافة إلى تبني أفكار خلاقة ومبتكرة. فمن خلال تضافر الجهود وتوحيد الرؤى، يمكن لهذا التحالف أن يحول حلم حل الدولتين إلى حقيقة واقعة، ويفتح آفاقاً جديدة للسلام والاستقرار في المنطقة.
أخيرًا، يجب التذكرة بما جاء في رسالة آرثر بلفور عام 1917م، فيما يعرف بـ “إعلان بلفور". فحتى في دعوته المثيرة للجدل إلى إنشاء وطن يهودي، أكدت الرسالة، المؤلفة من 3 فقرات، على ضرورة الاحترام المتبادل وحماية حقوق كافة أطياف الشعب الفلسطيني. ويظل هذا المبدأ الخاص بالتعايش السلمي المشترك والاحترام المتبادل قابعًا في صميم حل الدولتين، وهو تذكرة بأن السلام الدائم يقتضي الالتزام بمبادئ العدالة، والمساواة، والكرامة الإنسانية.