array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

الطموحات النووية وأثرها في الدور المهم لدول الخليج العربية

الأربعاء، 01 أيلول/سبتمبر 2010

إن التطور العالمي في مجالات المعرفة تطور هائل وشامل ومترابط في الوقت نفسه، ويشكل منظومة متكاملة تشمل التكنولوجيا المتقدمة والثورة المعلوماتية، وتشهد الساحة العالمية تنافساً لا مثيل له بين الدول المتقدمة في الاقتصاد والسياسة وتعزيز النفوذ وبروز قوى اقتصادية صاعدة كالهند والبرازيل.

 في هذا السياق فإن منطقة الخليج العربي تمتلك العديد من مقومات التقدم والتطور، بل إنها تمتلك مقومات الريادة بدرجة أعلى مما تمتلكه الهند والبرازيل، وهذا يستدعي استراتيجية تقوم على البناء المعرفي، وأحد أوجه هذا البناء المعرفي هو امتلاك الطاقة النووية التي أصبحت من الضرورات، فالطاقة النووية تزود دول العالم بأكثر من 16 في المائة من الطاقة التي يحتاجها، فهي تلبي ما يقرب من 35 في المائة من احتياجات دول الاتحاد الأوروبي، ففرنسا وحدها تحصل على 77 في المائة من طاقتها الكهربائية من المفاعلات النووية ومثلها ليتوانيا، أما اليابان فتحصل على 30 في المائة، وقد أوضح الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية محمد الحمادي، أن الدراسات أظهرت حاجة الدولة إلى أكثر من 40 ألف ميغاوات بحلول 2020م، وهي تعادل ضعف الكميات المنتجة حالياً، بنمو سنوي تراكمي تصل نسبته إلى نحو 9 في المائة، وفي الوقت الحالي يعكف العلماء على أبحاثهم بغية التحكم في عمليات الاندماج النووي، في محاولة لصنع مفاعل اندماجي لإنتاج الكهرباء، لكنهم مازالوا يواجهون مشكلات حول كيفية التحكم في عملية الاندماج التي تجري في حيز محدود. وعلى مستوى منطقة الخليج العربي فإن دول المنطقة تسير بالاتجاه الصحيح في سعيها لامتلاك الطاقة والتكنولوجيا النووية، فقدأصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القانون رقم (21) لسنة 2009 بشأن إنشاء مؤسسة الإمارات للطاقة النووية - برأسمال قدره 375 مليون درهم تعادل نحو 100 مليون دولار - مدشناً بذلك البرنامج النووي السلمي الهادف لإنتاج الكهرباء ودعم التنمية الاقتصادية وتوفير العديد من فرص العمل لمواطني دولة الإمارات، وقد أعلنت المؤسسة عن اختيارها لتحالف الشركات الذي ترأسه الشركة الكورية للطاقة الكهربائية (كيبكو) للقيام بالتصميم والبناء والمساعدة على تشغيل محطات الطاقة النووية في دولة الإمارات وذلك ضمن البرنامج السلمي للطاقة النووية لدولة الإمارات، وبموجب هذا العقد، سيقوم اتحاد كوري جنوبي تقوده مؤسسة (كيبكو) ببناء أربعة مفاعلات نووية تعمل بالماء الخفيف سعة كل منها 1400 ميغاواط في غضون عشر سنوات بقيمة 20.4 مليار دولار، ومن المتوقع عقد المزيد من العقود بقيمة 20 مليار دولار أخرى، لتشغيل وصيانة وتزويد وقود مفاعلات نووية خلال 60 عاماً من التشغيل.

 وصرح وكيل وزارة الطاقة الإماراتية علي بن عبدالله العويس مؤخراً بأن هدف مجلس التعاون الخليجي هو الحصول على محطة نووية مشتركة يمكن تشغيلها اعتباراً من عام 2025م. إلا أن مسؤولاً إماراتياً قال لوكالة (فرانس برس) طالباً عدم الكشف عن اسمه إن كل بلد في المجلس وبالتوازي مع المشروع الخليجي المشترك (يمكنه أن يفعل ما يشاء) ويتابع طموحاته النووية الخاصة.

 وفي هذا السياق، قال المصدر القريب من الملف لوكالة (فرانس برس) إن (مجلس التعاون الخليجي فتح الباب أمام التعاون)، لكن في المقابل (يبقى هناك البعد الثنائي). ووقعت الإمارات وفرنسا خلال زيارة للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى أبوظبي اتفاقية للتعاون في المجال النووي المدني وسط تهيؤ فرنسي لبيع الإمارات مفاعلات نووية.

 وكذلك تتجه الكويت للدخول في النادي النووي بفتح آفاق التعاون في مجال الطاقة النووية مع فرنسا للحصول على مفاعلات (آي.بي.آر) من الجيل الثالث الذي تقترحه (أريفا) لا سيما في مجال الأمن والأمان. وأعرب خبراء سياسيون عن قلقهم من اتجاه الكويت لإنتاج الطاقة النووية لأغراض سلمية وتوقيع اتفاقية مع الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الخصوص للاستفادة من ذلك بتوليد الطاقة الكهربائية واستخدامها في الأغراض الطبية، وذلك للخطورة المتوقعة على البيئة وصحة المواطنين من وراء النفايات التي يخلفها الانشطار النووي أو من المفاعلات الذرية الواجب توافرها بجانب البحر للتبريد نظراً لضيق مساحة الكويت من الناحيتين الجغرافية والسكانية، وأشاروا إلى إمكان استغلال الطاقة الشمسية والرياح في إنتاج الكهرباء لأنهما مولدات للطاقة لا تكلف الدولة شيئاً ولا تضر البيئة ومتوافرة بكثرة في الكويت، وأضافوا أن خطوة إنتاج الطاقة النووية يجب أن تتخذ من قبل مجلس التعاون الخليجي بعد إخضاع الأمر للدراسة اللازمة حتى لا يقف حائلاً بيننا وبين مصالح الجيران والاتفاقيات الدولية التي وقعتها الكويت في هذا الخصوص. وهذه المخاوف لا مبرر لها ويجب ألا تحول دون المضي في اقتناء الطاقة النووية، بل إنها ضرورة أمام تحديات الاحتباس الحراري ونضوب النفط. ويقول الناشط السياسي والخبير الاقتصادي حجاج بوخضور: استخدام الطاقة النووية سلمياً لإنتاج الطاقة أمر كان يجب العمل به منذ أكثر من 10 سنوات، لأن هذا العمل يحتاج إلى 20 عاماً ما بين التجهيز وتحديث المفاعلات النووية، ووقعت الكويت اتفاقية مع الولايات المتحدة بهذا الغرض لإنشاء المفاعلات النووية.

 ومن الناحية الاقتصادية فإن إنشاء المفاعلات النووية لا يتجاوز 15 في المائة من إنتاج الوقود الأحفوري (النفط والغاز)، الذي يعد مصدراً غير متجدد للطاقة. أما الخيار النووي فيعد خطوة جيدة على الطريق الصحيح نحو حماية البيئة من التلوث، كما أن استمرار المصدر النفطي والغازي وتأمينه لسنوات مقبلة غير مؤكد، حتى إذا كانت الكويت من الدول المنتجة للنفط، لأن حاجتها إلى الوقود الأحفوري تتزايد عاماً بعد آخر، والتلوث الناتج عن النفط والغاز في تصاعد مستمر فضلاً عن قدم المنشآت النفطية، ما ينذر بكارثة بيئية وإنسانية أخطر من إنتاج الطاقة النووية، هذه التكلفة سوف تجعل الكويت من الدول المصدرة وليست المستوردة للطاقة، وستؤدي إلى حل مشكلات عديدة مثل الكهرباء والماء ومن شأنها تأمين مستقبل الأجيال القادمة، وينبغي على الحكماء تشجيع هذا التوجه بدلاً من أن تتفاقم مشكلة الكهرباء مع كل عطلة صيفية، عموماً لكي تبدأ الكويت في الخطوات الفعلية لإنتاج الطاقة النووية تحتاج إلى 10 سنوات من الاستعداد وتركيب المفاعلات الذرية وتدريب المتخصصين، لكن المواطنين والمقيمين سوف يشعرون بالفارق، وأيضاً ستكون هناك وفرة في التكلفة وحماية البيئة إذا ما قارناها بالمصادر الأخرى للوقود كالنفط والغاز، وما اتجهت إليه الحكومة متأخرة ستظهر نتائجه الإيجابية في المستقبل من حيث توفير ما تحتاج إليه البلاد من طاقة، خاصة إذا لم يتوافر النفط وهي نقلة تضع الكويت في مصاف الدول المتقدمة في مجال الطاقة النووية السلمية، ويضاعف من مكانتها بين الدول التي سبقتها في هذا الاتجاه، وأعتقد أن على الحكومة استغلال إنتاج الطاقة النووية في توقيع اتفاقيات مع الدول القريبة التي تحتاج إلى من يمدها بالكهرباء،لكن مسؤولاً قطرياً أوضح هنا أن الطاقة النووية لا تبدو منطقية بالنسبة إلى دولة غنية بالغاز الطبيعي. فقد أشار هشام العمادي، الذي يرأس قطاع أعمال لشركات الطاقة في الدوحة، إلى أن قطر تمتلك أصلاً مخزوناً من الغاز يكفي لتلبية حاجات عدد سكانها الضئيل على مر أجيال عدة، فدولة قطر تمتلك أضخم حقل للغاز الطبيعي في العالم.

 وقال العمادي في هذا السياق (لا أعتقد أن الطاقة النووية تندرج على جدول أعمالنا. ما الذي يجبرنا على إنفاق أموالنا على مصادر أخرى للطاقة؟ نحن لا نمتلك موارد الأبحاث والتطوير الضرورية لتطوير هذه التقنيات). والحقيقة أن هذه النظرة بعيدة عن الرؤى الاستراتيجية والتوجه العالمي نحو الطاقة النووية. وصرّحت رئيسة وكالة الطاقة النووية في بريطانيا بأن دول الخليج العربية الثرية قد تقود النهضة في مجال الطاقة النووية لأنها تمتلك السيولة النقدية لتمويل المصانع، ولا تواجه المعارضة السياسية التي غالباً ما تحبط أعمال البناء.

 إن الحديث عن الطموحات النووية لدول الخليج العربية حديث ذو أبعاد استراتيجية متعددة الأوجه في الجوانب العلمية والعملية، ولا شك في أن الفكرة في دخول المنطقة في سباق نحو الحصول على الطاقة النووية فكرة رائدة إن لم نقل إنها واجب وطني تحتمه الاستراتيجيات قريبة وبعيدة المدى في الجانب التنموي وفي جانب التوازن الإقليمي في المنطقة على الصعد كافة بل للتقدم نحو الريادة والتفوق الحضاري الذي تتقدم نحوه المنطقة بخطى واعدة وإن كانت بطيئة. إن التنافس الحاضر الذي فرضته القوى الإقليمية على منطقة الخليج المتمثلة في إيران وتركيا يحتم على المنطقة السير باتجاه أخذ زمام المبادرة في تسنم الدور المهم لدول الخليج العربية، وأن على هذه الدول ألا تحصر نظرتها الاستراتيجية في إطار التنافس والتوازن وإنما يجب عليها أن تدرك أن المرحلة المقبلة هي مرحلة ريادة فكرية وعلمية وسياحية وتنموية بتحول المنطقة إلى منطقة جذب اقتصادي وسياحي مما يؤهلها لأن تكون القطب العالمي، ولا أقصد هنا النفوذ في مجال القوة المهيمنة وإنما القطب الموازن الذي يتوسط المثلث ما بين الصين وروسيا والولايات المتحدة بالإضافة إلى أوروبا.

 إن الطاقة النووية بما فيها من فوائد علمية واقتصادية ركيزة أساسية للنمو ولا سيما في قطاع الطاقة والقطاع الزراعي وبقية القطاعات، لذا يجب على صانع القرار في دول الخليج أن يضع في أولوياته الاكتفاء الغذائي أولاً ثم التحول من تصدير النفط الخام إلى تصديره بعد تكريره وتصنيعه، فالعالم مقبل على تحولات كبرى في ضوء الأعوام العشرة المقبلة وكل التوقعات في صالح منطقة الخليج العربي على المستويين السياسي والاقتصادي، كما أن التداعيات التاريخية لا سابق لها وأولها بداية انحسار الدور الإيراني وتقهقره الاقتصادي وتحول تركيا نحو أوروبا وانضمامها إلى الاتحاد الأوروبي وانكفاء إسرائيل في داخل حدودها لعدم قدرتها على التوسع والتمدد وتحول فلسفتها من الدولة اليهودية الدينية إلى دولة علمانية- وإدراك الغرب أن ضمان مصالحه في المنطقة يستوجب إنهاء الصراع العربي-الإسرائيلي، فلم تعد إسرائيل ذلك الطفل المدلل- وعدم قدرة مصر على لعب دور إقليمي في آسيا، فضلاً عن إفريقيا وذلك نتيجة لسياسة مصر الانكفائية، ما يجعل دول الخليج بمجموعها أمام فرصة لعب الدور الموازن، وأن هذا الدور يجب أن يستند إلى مقومات يقع في صدارتها اكتساب الطاقة والتكنولوجيا النووية والدخول إلى الساحتين السياسية والاقتصادية بتكتل موحد تكون المملكة العربية السعودية الحاضنة له لما تمثله من ثقل استراتيجي في الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية. وقدأكد مستشار وزير البترول والثروة المعدنية ورئيس الوفد السعودي إلى مفاوضات التغيرات المناخية محمد الصبان، أن المملكة تسعى إلى التوجه نحو مجتمع المعرفة من أجل اللحاق بالعالم الأول في هذا المجال. وقال في منتدى جدة الاقتصادي الذي عقد بعنوان (الطاقة والبيئة)، إن المملكة تدرك جيداً أهمية تنويع مصادر الدخل والتحول إلى مجتمع المعرفة في ظل دعوة العلماء إلى تقليص الاعتماد على النفط والوقود الأحفوري، بدعوى تأثير هذا الوقود في البيئة والمناخ العالمي.

 وأكد الصبان أن المملكة تدرك أيضاً احتياجات المستقبل، ولن تقف مكتوفة اليدين عندما يستغني العالم عن النفط، وإن كان الأمرُ لن يحدث، نظراً إلى الدور المهم والمحوري للنفط والوقود الأحفوري في التنمية، واحتياجات العالم المتزايدة للطاقة. وأوضح أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز خطط إلى وضع المملكة على خريطة اقتصاد المعرفة، ووضعت الترتيبات والخطوات الجادة لتأمين البيئة المناسبة لهذا النوع من الاقتصاد بهدف خدمة الأجيال القادمة بخاصةٍ أن 50 في المائة من سكان المملكة دون سن الحادية والعشرين.

 وتحدّث الصبان عن إدراك المملكة أن التعليم أساس التنمية والوسيلة الفاعلة شارحاً الإجراءات التي اتخذتها لتطوير المهارات السعودية لتكون مهارات ابتكار، ما دفع المملكة إلى تطوير قطاع التعليم في مراحله كافةً. وعن المبالغات في شأن تأثير النفط في التغيرات المناخية، قال إن المملكة ودول الخليج لا تشعر بارتياح أحياناً لدى الحديث عن التأثيرات السلبية للوقود الأحفوري، لكن هذه الدول سعيدة بأن أسندت إليها مهمة تأسيس رؤية للطاقة النظيفة وهي خطوة مهمة، ونأمل بأن نؤسس شبكة فاعلة في هذا المجال خلال السنوات الثلاث المقبلة.

أخيراً إن دول الخليج تتجه نحو دور عالمي أكثر تأثيراً في الساحة الدولية سياسياً واقتصادياً وفكرياً وهو ما يستدعي صياغة الأطر والأسس التي يجب الانطلاق منها ضمن خطة شاملة للمنطقة ككل قائمة على استراتيجية الريادة.

مجلة آراء حول الخليج