array(1) { [0]=> object(stdClass)#13903 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 210

تشكيل استراتيجية اقتصادية خليجية ـ هندية غير تصادمية تحقق التوازن وتأمين المصالح

السبت، 31 أيار 2025

وصفها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السابق بأنها "ملكة الرسوم الجمركية"، وكانت ضمن الدول الستين التي خصها بالذكر في خطابه بمناسبة "يوم التحرير" أوائل شهر أبريل، لذا، لم تسلم الهند من سهام الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة. حيث قررت واشنطن فرض رسوم بنسبة 25 % على الصادرات الهندية، ردًا على الرسوم المفروضة على الواردات الأمريكية بنسبة 52%. وتظل هذه الرسوم مُجمدة حتى التاسع من يوليو، بينما لا تزال التعريفة الجمركية الشاملة بنسبة 10% سارية كما هو الحال مع معظم الدول. وكذلك الأمر بالنسبة للرسوم الجمركية المنفصلة على كافة واردات الصلب، والألمنيوم، والسيارات بنسبة 25 %. ولكن رغم التهديد والوعيد، تعمل الهند الآن عن كثب مع الشريك الأمريكي لخفض الرسوم الجمركية والتفاوض على إتمام اتفاق تجاري. يحمل هذا النهج التوافقي بشرى سارة لدول مجلس التعاون الخليجي، بصفتها شريكًا تجاريًا رئيسيًا لكلا الجانبين. بالإضافة إلى ذلك، تشارك بعض دول المجلس، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، في مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، الذي يحظى بدعم الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يفتح آفاقًا جديدة للتعاون ويحقق تقاربًا محتملًا بين مصالح جميع الأطراف المعنية.

تأتي هذه التطورات في الوقت الذي تعكف فيه الهند وبلدان المنطقة الخليجية على إعادة تشكيل استراتيجياتها الدبلوماسية الاقتصادية في مختلف الأقطار العالمية. حيث تهدف مواقفهم غير التصادمية والحرص على التوازن بين التسويات وتوخي الحذر إلى تأمين مصالحها الوطنية. بالنسبة للحكومة الهندية، فإن انتهاج هذه الاستراتيجية يجنبها أيضًا التعرض لانتقادات المنتجين المحليين الذين قد يخسرون درع الحماية ويصبحون عرضة للمخاطر. ويعد السيناريو الجيو-استراتيجي مع الصين أحد الديناميات المؤثرة أيضًا على الموقف الهندي، بما يشمل من معطيات اقتصادية، ودبلوماسية، وأمنية. وعلى الرغم من إبداء الجانب الصيني اهتمام بتوثيق روَابطه الاقتصادية مع نيودلهي، إلا أنه لم يُضاهيه حرص مماثل من قبل الهند التي لا تزال أنظارها متجهة صوب واشنطن وشركائها الآخرين في الغرب. وقد وقعت الهند في مايو اتفاقاً تجاريًا مع المملكة المتحدة، وتجري الآن مفاوضات بشأن اتفاقيات مماثلة مع الاتحاد الأوروبي، ونيوزلندا، وغيرهم.

التعاون أم المواجهة

تأهبًا لإعلان إدارة ترامب عن الرسوم الجمركية الجديدة، خفضت نيودلهي من جانب واحد الرسوم الجمركية على منتجات أمريكية مثل دراجات هارلي ديفيدسون النارية وبعض المنتجات الكحولية. وعرضت أيضًا إمكانية خفض الرسوم على نصف وارداتها من السلع الأمريكية بقيمة 23 مليار دولار أمريكي. وكان حجم التجارة الثنائية بين الهند والولايات المتحدة قد بلغ 129 مليار دولار في عام 2024م، ولكن العجز التجاري آخذ في الاتساع، حيث تستورد الولايات المتحدة ما قيمته 46 مليار دولار من السلع أكثر مما تصدره إلى الهند. وتتميز سلة الهند من الصادرات إلى الولايات المتحدة بالتنوع حيث تلعب قطاعات مثل: الأدوية، والمنسوجات، والأحجار الكريمة، والمجوهرات، وتكنولوجيا المعلومات، وقطع الغيار دورًا حيويًا. بالتالي، فإن قرار ترامب برفع الرسوم على الصادرات الهندية يُنذر بتبعَات وخيمة على هذه الصناعات، ويحد من قدرة المنتجات الهندية على المنافسة داخل السوق الأمريكي. مع ذلك، ربما تستفيد بعض الصناعات الهندية مثل المنسوجات في ظل مواجهة الصين رسوم جمركية أعلى بنسبة 145 %.

اتخذت نيودلهي في السابق تدابير مضادة ردًا على الممارسات الأمريكية التجارية. تضمن ذلك القرار الصادر عام 2019م، بزيادة الرسوم الجمركية على 28 من المنتجات الأمريكية كرد انتقامي على إعلان واشنطن إلغاء معاملة الهند بنظام الأفضلية المعمم. وإذا ما لزم الأمر، قد تلجأ الهند لتطبيق زيادة ضريبية على المنتجات الأمريكية الزراعية، والمعدات الصناعية، والواردات التكنولوجية. وربما تسعى أيضًا لاستكشاف اتفاقيات تجارية جديدة مع دول أخرى لتنويع أسواقها التصديرية وتقليص الاعتماد على الولايات المتحدة. ولكن الأمور تسير في اتجاه اعتماد نهج توافقي مثلما انعكس من خلال خفض الضرائب على السلع الفاخرة الأمريكية. وربما يستخدم ذلك كأداة للمساومة في الصفقة التجارية الأكبر التي يتم التفاوض بشأنها. أقرت الهند أيضًا خفضًا ضريبيًا بنسبة 6 % على الإعلانات الرقمية في إبريل 2025م، مما دعم عمل شركات مثل "جوجل"، و"ميتا" و"أمازون". وفي ميزانيتها السنوية المُعلنة في فبراير، خفضت الهند أيضًا الضرائب الجمركية على السيارات الفاخرة، والخلايا الشمسية، والآلات.

 إلى جانب الشق التجاري، تمتد الشراكة الاستراتيجية بين الهند والولايات المتحدة لتشمل مجالات مثل الدفاع، والتجارة الرقمية، وتطوير البنية التحتية. فلن ترغب أي من الدولتين في المخاطرة بالتورط في نزاع تجاري قد يؤثر على مجالات أخرى للتعاون، وبالأخص، الخطط الموضوعة بشأن تعاون أكبر في التجارة، والطاقة النظيفة، والدفاع. وتُعد الهند من كبار المستوردين للعتاد العسكري الأمريكي بما في ذلك المروحيات المقاتلة وأنظمة الدفاع الصاروخية. وفي حال لم يتم احتواء التوترات التجارية على الوجه الأمثل، فإن تداعياتها ستنعكس سلبًا على المباحثات الدفاعية.

لقد تعهدت نيودلهي بزيادة وارداتها من مصادر الطاقة الأمريكية من 15 مليار دولار في عام 2024م، إلى 25 مليار دولار على المدى القريب، في حين أشارت واشنطن إلى دراستها إمكانية تزويد الهند بمقاتلات شبحية من طراز F-35. ومع ذلك، وفي ظل سياسة الرسوم الجمركية المرتفعة والتوجهات الحمائية التي تتبناها واشنطن، تسعى الهند إلى تعزيز علاقاتها مع شركاء تجاريين آخرين، مثل رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، والاتحاد الأوروبي، وأمريكا اللاتينية. من شأن هذا التوجه أن يسهم في تعزيز التكامل التجاري الإقليمي، وربما يقلل من اعتماد الهند الكبير على الولايات المتحدة كشريك تجاري، وهي استراتيجية مماثلة تتبناها دول مجلس التعاون الخليجي.

المهمة 500

في سياق سعي كل من الهند والولايات المتحدة إلى تعزيز علاقاتهما التجارية مع دول أخرى، فإنهما توليان اهتمامًا خاصًا لتحقيق هدف طموح تحت مسمى "المهمة 500"، والذي يرمي إلى رفع حجم التبادل التجاري الثنائي من مستواه الحالي البالغ 129 مليار دولار إلى 500 مليار دولار بحلول عام 2030م، وتشير التوقعات إلى إمكانية إنجاز المرحلة الأولى من اتفاقية التجارة الثنائية خلال عام 2025م، وهو ما يتزامن مع الزيارة المحتملة للرئيس ترامب إلى نيودلهي لحضور قمة تحالف "كواد" أو الحوار الأمني الرباعي.

تهدف هذه الاتفاقية إلى تعزيز فرص الوصول المتبادل إلى الأسواق وتقليص القيود الجمركية وغير الجمركية. ومع ذلك، قد تجد الحكومة الهندية تحديات في تحقيق انفتاح قطاعها الزراعي، وذلك بالنظر إلى النفوذ الكبير الذي تتمتع به المناطق الريفية والمزارعون في السياسة الداخلية للبلاد، وهو ما تجلى بوضوح في موجة الاحتجاجات التي شهدتها البلاد عام 2020م.

في المقابل، وفي ظل توجهات الرئيس ترامب نحو فرض رسوم جمركية على دول مثل المكسيك وكندا والصين، قد يمثل ذلك فرصة لتعزيز الصادرات الهندية من المنتجات التقنية والإلكترونية والمجوهرات إلى السوق الأمريكية. وعلى صعيد آخر، فإن إعادة تقييم الهند لسياساتها التجارية من شأنه أن يسهم في دعم قدراتها التصنيعية المحلية وتعزيز مبادرة "صنع في الهند"، مع تحقيق التوازن بين الاكتفاء الذاتي والانفتاح التجاري عبر إبرام اتفاقيات ثنائية.

يضاف إلى ذلك ترامب إلى كل من المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة خلال شهر مايو الماضي، وما نتج عنها من اتفاقيات تفتح آفاقًا للتعاون الثلاثي بين هذه الدول والهند والولايات المتحدة.

أكبر الشركاء التجاريين للهند                             أكبر الشركاء التجاريين                                                  للولايات المتحدة

1.   الولايات المتحدة

119.7 مليار دولار

 

1.   المكسيك

839.9 مليار دولار

2.   الصين

118.4 مليار دولار

 

2.   كندا

762.1 مليار دولار

3.   الإمارات

83.7 مليار دولار

 

3.   الصين

582.5 مليار دولار

4.   روسيا

65.4 مليار

 

4.   ألمانيا

236.0 مليار دولار

5.    المملكة العربية السعودية

43.0 مليار

 

5.   اليابان

227.9 مليار دولار

6.   سنغافورة

35.6 مليار

 

6.   كوريا الجنوبية

197.1 مليار دولار

7.   العراق

33.3 مليار

 

7.   تايوان

158.6 مليار دولار

8.   إندونيسيا

29.4 مليار

 

8.   فيتنام

149.7 مليار دولار

9.   هونج كونج

28.7 مليار

 

9.   المملكة المتحدة

148.0 مليار دولار

10.                 كوريا الجنوبية 

27.6 مليار

 

10.                الهند

129.2 مليار دولار

ملحوظة: معظم البيانات الهندية الحديثة صادرة عن العام الهندي المالي الممتد من إبريل 2023 إلى مارس 2024م، في حين أن البيانات الأمريكية صادرة عن سنة تقويمية كاملة 2024.

المصدر: مكتب التعداد الأمريكي -وزارة التجارة والصناعة الهندية

 

الترابط الإقليمي:

في ضوء هذه المعطيات، يكتسب مجلس التعاون الخليجي، بوصفه مركزًا ماليًا عالميًا، أهمية في دعم تكامل أسواق رأس المال الهندية الصاعدة، وتيسير إدراج المزيد من الشركات الهندية في المنطقة الخليجية والعكس. وفي ظل تصاعد الحمائية التجارية وما تفرضه من تحديات محتملة على حركة التجارة الدولية، تمثل الروابط الاستراتيجية بين الهند ومنطقة الشرق الأوسط نموذجًا واعدًا للنمو. وتجدر الإشارة إلى أن حجم التبادل التجاري بين الهند ودول مجلس التعاون الخليجي قد بلغ 123 مليار دولار خلال الفترة (2023-2024م)، مما يجعل المجلس الشريك التجاري الأكبر للهند متفوقًا على التكتلات الاقتصادية الأخرى، حيث يستحوذ التبادل التجاري المشترك على نحو 15.8% من إجمالي تجارة الهند، مقارنة بنسبة 11.6% مع الاتحاد الأوروبي.

وفي خضم القلاقل التي أثارتها سياسة الرسوم الجمركية الجديدة والحرب التجارية، تنعم العلاقات الهندية-الخليجية بأساس صلب يقودها لمستقبل أفضل في ظل الشراكات الاستراتيجية الراسخة التي أقامتها نيودلهي في الرياض عام 2010م، وأبو ظبي في عام 2017م، وساهمت اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الهند ودولة الإمارات الموقعة عام 2022، في خفض الرسوم الجمركية وزيادة التدفقات التجارية. وبالتالي، زيادة حجم التجارة الثنائية السنوية بين الجانبين بواقع 15 % خلال عام 2023-2024م، لتصل إلى 83 .64 مليار دولار. ومنذ أواخر 2021م، وقعت الإمارات على 26 اتفاقًا مماثلاً مع عدد من الدول التي تتبوأ مكانة استراتيجية مهمة، تم تنفيذ 6 من بينهم ولا تزال البقية في انتظار التصديق عليها.

وخلال زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى المملكة العربية السعودية في شهر مارس، والتي تزامنت مع اندلاع الهجمات الإرهابية في إقليم كشمير، ترأس كل من رئيس الوزراء مودي وولي العهد الأمير محمد بن سلمان اجتماع مجلس الشراكة الاستراتيجية الهندية -السعودية، وشهد الاجتماع توقيع اتفاقية إطارية لإنشاء مصفاتين جديدتين في الهند. وقد وصف رئيس الوزراء مودي المملكة العربية السعودية بأنها "صديق موثوق وحليف استراتيجي"، مشيراً إلى "الإمكانات اللامحدودة" التي تنطوي عليها العلاقات الثنائية بين البلدين. وفي عام 2024م، وقعت الهند اتفاقية بقيمة 78 مليار دولار لتمديد توريد شحنات الغاز الطبيعي القطري المسال حتى عام 2048م وذلك بعد انتهاء مدة الاتفاقية الحالية في عام 2028م.

إن منظومة مطارات دول الخليج العربية تولي عناية فائقة لخدمة الهند ومسافريها، كما تستثمر الصناديق السيادية الخليجية مبالغ طائلة في الشركات الهندية ومشاريع بنيتها التحتية. ومع اكتمال مشروع الممر الاقتصادي الطموح بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، الذي يحظى بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، من المتوقع أن يشهد المشهد التجاري العالمي تحولات جوهرية، لا سيما في مجالات الاستثمارات، والخدمات اللوجستية، والطاقة المتجددة، والبنية التحتية. ويجمع هذا المشروع كلاً من الهند، والولايات المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا. ويشتمل على مسارين رئيسيين، الأول يربط الهند بمنطقة الخليج العربي شرقًا، والثاني يمتد من الخليج إلى أوروبا شمالًا عبر شبكة سكك حديدية متطورة. علاوة على ذلك، يتضمن المشروع مبادرات للربط الكهربائي وإنشاء خطوط أنابيب لنقل الهيدروجين النظيف. وتضاف إلى هذه الخطط، تصورات لتطوير مشروع مماثل للربط الرقمي، بهدف تعزيز التواصل الرقمي والتجارة الإلكترونية، وبالتالي دعم التنوع الاقتصادي الإقليمي وتعزيز الترابط الاستراتيجي بين هذه المناطق. وقد أشاد الرئيس ترامب، خلال لقائه برئيس الوزراء مودي في واشنطن في شهر فبراير، بهذا المشروع واصفًا إياه بأنه يضم "مجموعة قوية من شركاء واشنطن التجاريين". وبالمثل، أكد رئيس الوزراء مودي، خلال اجتماعه بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز في الرياض، على أن هذا المشروع يمثل "محفزًا رئيسيًا للتجارة والربط والنمو لجميع دول المنطقة.

ورغم خطواته المتلكئة نتيجة انعدام الاستقرار الإقليمي الناجم عن العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، إلا أن مشروع الممر الاقتصادي يزخر بالإمكانات الهائلة التي ستكسبه زخمًا على المديين المتوسط والبعيد. وبالفعل، قطعت الهند والإمارات شوطًا كبيرًا في مواءمة الإجراءات الجمركية على مدار العامين الماضيين. وفي ضوء المساعي الحثيثة التي تبذلها الحكومة الهندية لتنمية قدراتها الصناعية وتوسيع نطاق تجارتها مع دول الخليج، فمن المتوقع أن يكتسب المشروع مزيدًا من الزخم في المستقبل مدعومًا بالاتفاقيات التجارية التي يوقعهَا الجانبان-الهندي والخليجي -مع الدول والتكتلات الإقليمية الأخرى.

وقد تم توقيع اتفاقية تجارية بين جمهورية الهند والمملكة المتحدة في شهر مايو، وذلك عقب سنوات من المفاوضات التي اتسمت بالتقطع، حيث بلغ حجم التبادل التجاري الثنائي بين الدولتين ما يقارب 57 مليار دولار عام 2024م، ومن المتوقع أن تسهم هذه الاتفاقية الجديدة في تعزيز حجم التبادل التجاري السنوي بقيمة تقدر بنحو 34 مليار دولار أمريكي، اعتبارًا من عام 2040.

وعلى صعيد آخر، وبعد استئناف قنوات التفاوض في عام 2021م، تسعى جمهورية الهند والاتحاد الأوروبي إلى إبرام اتفاقية للتجارة الحرة خلال عام 2025، إضافة إلى ذلك، أبرمت الهند عام 2024 م، اتفاقية اقتصادية تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار أمريكي مع الدول الأربع الأعضاء في رابطة التجارة الحرة الأوروبية، وهي كل من سويسرا والنرويج وأيسلندا وليختنشتاين، علمًا بأن هذه الدول ليست أعضاء في الاتحاد الأوروبي.

ومن جانبها، تمضي دول مجلس التعاون الخليجي قدمًا، سواء بشكل فردي أو جماعي، في التوقيع على اتفاقيات تجارية مع الدول والتكتلات الأخرى. وقد تجسد هذا التوجه بتوقيع المجلس خلال عام 2023م، على اتفاقيات للتجارة الحرة مع كل من جمهورية كوريا ونيوزيلندا وجمهورية باكستان الإسلامية، وذلك امتدادًا لاتفاقية مماثلة أُبرمت مع جمهورية سنغافورة في عام 2008م، وفي سياق متصل، من المترقب استئناف مفاوضات التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، والتي شهدت تعليقًا دام قرابة ثلاثة عقود، ويُرجح أن تشهد هذه المفاوضات إحياءً في المستقبل القريب في ضوء التحولات الجيو-اقتصادية الراهنة. وعلى المنوال ذاته، يشهد مسار الشراكة بين دول مجلس التعاون الخليجي ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) تطورًا ملحوظًا، لا سيما عقب انعقاد قمتي الرياض وكوالالمبور في عامي 2023 و2025م.

وإلى جانب القطاعات التقليدية للتعاون، والتي تشمل النفط والتجارة وملف العمالة الوافدة والاستثمارات، اتسع نطاق التعاون بين جمهورية الهند ودول مجلس التعاون الخليجي ليشمل مجال الأمن البحري. وتكتسب هذه الشراكة أهمية متزايدة في ظل العلاقة الوطيدة بين ازدهار التجارة وتصاعد التهديدات غير التقليدية الناجمة عن جهات فاعلة غير حكومية، وأنشطة القرصنة، والكوارث الطبيعية. وتولي الهند اهتمامًا خاصًا لإجراء مناورات عسكرية مشتركة مع عدد من الدول الخليجية، بما في ذلك دولة الإمارات منذ عام 2018م، ودولة قطر منذ عام 2019م، ومملكة البحرين والمملكة العربية السعودية منذ عام 2021م. وشهد عام 2024م، أيضًا تنفيذ مناورات مشتركة بين الجيش الهندي ونظيريه الإماراتي والسعودي. إن هذا الحراك المشهود من المفاوضات، والاتفاقيات المنظورة، والتعاون الجاري يعني أنه أيا كان المسار الذي تتجه إليه عملية إعادة تقييم الروابط مع الولايات المتحدة، فإن الهند ودول مجلس التعاون الخليجي غدت أكثر استعدادًا للاستفادة من الفرص القائمة والتغلب على التحديات الناشئة.

مقالات لنفس الكاتب