array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

مملكة البحرين تنجح في تضميد جراحها

الأحد، 01 أيار 2011

بدأت مملكة البحرين تلملم أنفاسها وتستعيد وضعها الطبيعي وتعيد الحيوية إلى مؤسساتها وقطاعاتها بعد موجة عارمة من الفوضى استمرت أسابيع عدة وكان من نتيجتها سقوط عشرات القتلى والجرحى من المدنيين والعسكريين بالإضافة إلى إلحاق خسائر فادحة في اقتصاد البلاد.

كانت البحرين قد شهدت حركة تظاهرات شعبية للمطالبة بالإصلاح في مجالات محددة ذات علاقة بالواقع المعيشي، ولكن سرعان ما تم استغلال هذه التحركات من قبل بعض القوى الداخلية والإقليمية، وتم توجيه التحركات نحو المطالبة بتغيير النظام، الأمر الذي كشف عن خلفيات سياسية وأمنية خطيرة كان من الممكن لها أن تطيح بكل مقومات البلاد. ولوحظ في البداية أن قادة البحرين كانوا متجاوبين مع المطالب الإصلاحية، وكانوا أيضاً يدعون قادة المعارضة إلى جلسات حوار هادئة وبنَاءة وموضوعية والتي حققت الكثير من الخطوات الإيجابية، لكن يبدو أن ما تم إنجازه تعارض مع مخططات البعض فكان اللجوء المفاجىء إلى الترهيب والعنف واستخدام السلاح والتكسير وتعطيل مرافق الدولة واحتلال مناطق وعزلها عن الدولة الأم، كما تمت السيطرة على مؤسسات إنسانية ورسمية واجتماعية وتحويلها إلى مقرات للتخطيط والتنفيذ. وبدأت في الوقت نفسه تظهر ملامح تدخلات إقليمية استهدفت استغلال الواقع وتجييره باتجاهات أخرى، الأمر الذي لم يعد يهدد أمن البحرين واستقرارها فقط بل كل دول الخليج العربية. وهنا كان لا بد من استعانة مملكة البحرين بأشقائها من دول مجلس التعاون الخليجي وطلب يد المساعدة العسكرية لإعادة ضبط الأمور. وجاءت الاستجابة الفورية من دول المجلس لطلب البحرين بالدعم العسكري، وما سبقها من دعم مالي خليجي كبير للمملكة، لتؤكد أن دول المجلس مصممة على استكمال الوحدة الخليجية، وأنها باتت أكثر اقتناعاً بأن الوضعين الإقليمي والدولي يمثلان معطيات مهمة في صنع القرار، وأن بقاء الأوضاع القائمة ليس في مصلحتها، وأن انفراط عقد هذا المجلس من شأنه أن يجعل دوله عرضة لحركة استقطاب قوية من قبل أطراف إقليمية نشطة، وأنه لم يعد بإمكانها النظر إلى المستقبل بصورة منفردة، ولو تصرفت في أحيان كثيرة عكس ذلك، فمستقبل كل دولة أصبح متعلقاً بالأخرى إلى درجة أصبحت مصيرية.

واستند دخول قوات من (درع الجزيرة) إلى البحرين، والذي حرص مجلس التعاون على تأكيد أنه تدخل أمني وليس عسكرياً، إلى رصيد متراكم من الاتفاقيات الأمنية والعسكرية بين دول المجلس، وما استقر عليه مسار هذا التعاون خلال ثلاثين عاماً، وانطلاقاً من مبدأ وحدة المصير وترابط أمنها، وفي ضوء المسؤولية المشتركة لها في المحافظة على الأمن والاستقرار والتي هي مسؤولية جماعية، باعتبار أن أمن دول مجلس التعاون كل لا يتجزأ. ولا يعني تدخل هذه القوات فرض سيطرتها على البلاد، بل ستعمل تحت سيطرة القوات الوطنية في البحرين، وفقاً لاتفاقيات مجلس التعاون الخليجي، التي تنص على أن (أي قوة خليجية تدخل إلى دولة من دول المجلس تنتقل قيادتها إلى الدولة نفسها)، كما ستعمل قوات درع الجزيرة في البحرين على تأمين المنشآت والمؤسسات الحيوية في البلاد، خوفاً من بطش المخربين بها، وأن تترك مهمة التعامل مع مثيري الشغب البحرينيين للقوات الوطنية، حتى لا تحدث أي فتنة أو أزمة. وبذلك أمكن إعادة الأوضاع أمنياً إلى نصابها، وتم وضع حد نهائي لعملية الفوضى التي كانت سائدة، وعاد المواطنون إلى ممارسة أعمالهم وأشغالهم وأعيد فتح المؤسسات الرسمية والخاصة.

لقد بلغت خسائر الاقتصاد حوالي 550 مليون دينار بحريني (1.4 مليار دولار) نتيجة لانخفاض نسبة الأشغال في الفنادق مما يزيد على 90 في المائة، وإلغاء سباق (الفورمولا -1) الذي يضخ في دورة الاقتصاد البحريني 600 مليون دولار سنوياً، كما يستقطب سنوياً أكثر من 40 ألف شخص، وهو ما مثل ضربة لهذا القطاع، وانخفاض سعر الدينار نتيجة للضغط على شراء الدولار من قبل المستثمرين من أجل التخارج من الاستثمارات السائلة، وارتفاع تكلفة تأمين ديون البحرين السيادية، وهبوط أسعار الصكوك البحرينية المقومة بالدولار والتي تستحق في عام 2014 إلى أدنى مستوى لها منذ مارس 2011، وانخفاض القيمة السوقية الإجمالية لبورصة البحرين بنحو 100 مليون دينار في يوم واحد، وهو يوم 20 مارس ، وعزوف الناس عن الشراء (عدا المواد الغذائية والوقود)، وإصابة ما بين 80 – 90 في المائة من قطاع الصناعة بالشلل؛ وتراجع مبيعات رجال الأعمال البحرينيين في قطاعي التجارة والصناعة إلى نسب تتراوح بين 40 – 60 في المائة، بعد أقل من ثلاثة أسابيع من الأحداث، وتوقف قدوم الاستثمارات الأجنبية التي يحتاج إليها الاقتصاد لتنويع قاعدته وإتاحة المزيد من فرص العمل، فالمستثمر يحتاج إلى بيئة استثمارية آمنة مستقرة نشطة، فقد أصيب قطاع النقل البري بالشلل التام، حيث تقدر خسائره بنحو 84 ألف دينار يومياً أي نحو نصف مليون دينار في الأسبوع، وتراجعت مبيعات العقارات بسبب الظروف المضطربة، وتراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي للبحرين هذا العام إلى 3.4 في المائة، وتراجع الإيرادات الحكومية. وليس من باب المبالغة القول إن ما خسرته البحرين خلال أيام قليلة قد يحتاج إلى أشهر عدة من أجل استرجاعه، لكن المهم أن تبقى الأجواء الهادئة سائدة، وأن تتوقف التدخلات الخارجية وألا يتم السماح للآخرين بالتعامل مع البحرين كأنها حقل تجارب.

مقالات لنفس الكاتب