array(1) { [0]=> object(stdClass)#12963 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 91

القمة العربية وذاتية العراق الخليجية : دراسة مستقبلية

الأحد، 01 نيسان/أبريل 2012

يبدو أن القمة العربية قد انتهت بقرارها للانعقاد في بغداد نهاية آذار 2012، ويبدو أن الأمل للعراق المقبل ما بعد القمة العربية يؤشر بالاتجاه نحو بناء الذاتية (هوية الفعل السياسي الخارجي العراقي) باتجاه بوصلة الأداء نحو العالم العربي بعد أن انكفأ على الذات بإرادته أو بإرادة خارجية نتيجة ظروف البيئة الداخلية والخارجية إقليمياً ودولياً ما بعد 9 نيسان 2003، والتي طالما تفكر بها العراق، قد باتت قريبة جداً، وغاية ستلتمس ما بعد قمة بغداد الجارية 2012.

ويبدو أن القمة العربية قد تدفع العراق خلال المرحلة المقبلة للتأسيس لصورة العراق المقبل وذاتيته الخليجية المفقودة نتيجة للسلوك السياسي الخارجي للعراق ما بعد 2 آب 1990، والذي راكم جبال الجليد التي لم ترَ الشمس (التحول في الفعل السياسي الخارجي) لذوبانها والتي من المفروض أن تكون اتجاهات السياسة الخارجية العراقية هادفة لبناء عمق استراتيجي نتيجة لديمومة التأثير من حيث دوافع الجغرافيا والتاريخ.

وهذا ما يجعلنا نؤشر لفكرة لا بد لصناع القرار العراقيين والخليجين من التفكر بها ألا وهي (ذاتية العراق الخليجية) والتي طالما أصبحت مهمة لا بد أن تنجز ما بعد قمة بغداد 2012 من أجل بناء صيرورة الدور والمكانة العراقية في العالم العربي الجديد ما بعد الربيع العربي 2011.

لكن هل سيبقى العراق في ظل تغيرات بيئة الشرق الأوسط الجديد بعيداً عن ذاتيته التي سيرى بها صورته المستقبلية، أم سيبقى حبيساً لطروحات عديدة؟ الجواب كلا، ولكن ما هو المبرر الذي نسوقه لإثبات هذه الفرضية والذي نلتمسه من خلال رؤية علمية منهجية؟

على دول الخليج ألا تحمل الشعب العراقي مسؤولية أخطاء الأنظمة العراقية السابقة

انضمام العراق إلى دول الخليج سيشكل قوة مؤثرة في سياسات الطاقة

قمة بغداد تأتي في وقت عصيب تمر به الأمة العربية

النفط العراقي بحاجة إلى التكنولوجيا الخليجية ورؤوس الأموال التي ستدفع عجلة الاستثمار فيه

1- العراق والتحول الخليجي

هنالك العديد من المبررات التي من الممكن أن تسعف صانع القرار العراقي لبناء رأي عام داعم لخطوته القادمة في التفاعل العراقي – العربي عموماً، والعراقي – الخليجي على وجه الخصوص، فهنالك العديد من مشتركات الحياة:

1- المقترب الجيوبولتيكي

2- تحديات البيئة الإقليمية

3- سلة نفوط أوبك

4- الاستثمارات المالية

5- القوى الكبرى

ومن هنا نجد أن مشتركات الحياة باتت ضرورة تدفع صانع القرار العراقي لأن تكون قمة بغداد، قمة المنطلق نحو استقراء صيرورة السياسة الخارجية العراقية والقدرة على الانطلاق نحو الذاتية الخليجية للعراق والاتجاه لأن يكون العراق خلال السنوات العشر القادمة ضمن الاتحاد الخليجي.

إن الاتجاه بهذا المشروع يتطلب صناعة رأي عام يذكر العراقيين بعروبتهم الخليجية والقدرة على طي صفحة الماضي التي انتابها الصراع والحرب واختلال موازين المنطقة في الخليج العربي الذي عانى قرابة أربعة عقود من الحرب والدمار.

والعمل مع دول الخليج الستة على عدم تحميل الشعب العراقي ما اتخذته الأنظمة السياسية العراقية من سياسات وأفعال استراتيجية قد أسهمت بالدفع نحو الحرب والدمار الذي حصل في الخليج، ومن هنا فإن الأنظمة السياسية الخليجية مطالبة بالمقابل باتخاذ خطوة لاحتضان خطوة العراق نحو دول الخليج.

إن العراق بانضمامه لدول الخليج سيشكل قوة مؤثرة في سياسات الطاقة، وقدرة على خلق قطاع خاص في الخليج يتوافر على فرص عملاقة جداً من الممكن أن تدفع اقتصاديات منطقة الخليج نحو مستويات متقدمة من النمو.

بالإضافة إلى ذلك فإن المنطقة تتوافر على كتلة نقدية كبيرة من جراء عائدات دول الخليج الستة ومعها العراق مما يؤهلها لإقامة مشاريع استراتيجية عملاقة خلال السنوات العشر القادمة.

كما أنه من الممكن أن يكون هنالك تحالف عسكري – أمني لإدارة ومواجهة تحديات المنطقة الاستراتيجية لكن مع إعادة تعريف الخطر في الخليج العربي والذي عانت منه دول الخليج لأكثر من 30 عاماً، فما زالت الآمال لدى مؤسسات التفكير الاستراتيجي والأكاديميين العرب في الخليج والعراق مستمرة للحث على بناء منظومة فكرية تكاملية تعمل على تحديد منظومة ومخاطر التحديات الاستراتيجية وأولوياتها في المنطقة، والتي ستخلق قواسم مشتركة للعمل وعملية الاندماج الإقليمي لإنتاج نظام إقليمي جديد في الخليج ما بعد ربيع 2012.

إن القمة العربية تأتي في وقت عصيب يمر به العرب فتارة تجد من يصف التحول بأنه (ثورة)، وتارة تجد من يصفه (بالانقلاب العسكري) وتارة أخرى تجد أنها مرحلة ما زالت لم تعلن عن ذاتها، وهي في طور التشكل باعتبار أن موجة التغير والتحول اتجهت إلى رأس النظام السياسي بينما هرمية القاعدة الاستراتيجية لهذه الأنظمة العربية في كل من (تونس، مصر، ليبيا) مازالت حتى الآن متشكلة، وعلى الرغم من أن العدالة الانتقالية والأنظمة الانتقالية ستكون أدوات لإدارة التغير إلا أن الواقع ما زال ينتج صوراً مرتبكة تحاول تارة التأسيس لنظام جديد، وتارة أخرى تعمل على التشبث بمكتسبات الأداء الكلي للأنظمة السياسية السابقة لكن مازال الطريق طويلاً باتجاه إثبات فرضيات التغير وإدارته.

2- مقتربات البناء لذاتية العراق الخليجية

تشير العديد من الدراسات والمؤشرات الاستراتيجية التي طالما تفحصنا العديد منها لنعمل على بناء المقتربات وتعزيز فرص التعاون الاستراتيجي طويل الأمد، إن ذاتية العراق الخليجية لا بد أن تتم عبر صناعة المقتربات الاستراتيجية والمتمثلة بـ:

أولاً: المقترب الجيوبولتيكي

يتميز الموقع الجغرافي للعراق بأهمية كبرى، حيث يقع على رأس الخليج العربي، والذي يكوّن مع بقية دول الخليج أكبر مجهز للطاقة في العالم أجمع، كما يمثل العراق حلقة الاتصال بين أوروبا ومنطقة المحيط الهندي، وتحده العربية السعودية من الغرب، والكويت والمملكة العربية السعودية من الجنوب. 

ومن هذا المقترب نلتمس أن هنالك قدرة لتعزيز فاعلية الخليج الديمغرافية والجيوبولتيكية بالاتصال بغرب أوروبا عبر همزة الوصل من خلال العراق بالإضافة إلى أن يكون العراق بحكم التاريخ والجغرافيا العمق الاستراتيجي للخليج مثلما الخليج يمثل العمق الاستراتيجي مستقبلاً للعراق.

وهذا ما يدفعنا إلى التفكير في دروب توظيف الوزن الجيوبولتيكي للعراق في إطار التفاعل مع الاتحاد الخليجي القادم، لكن على ما يبدو أن القابليات السياسية للاندفاع نحو الإرادة الصلبة لتوظيف هذا المقترب ما زالت تحتاج إلى تنضيج.

ثانياً: تحديات البيئة الإقليمية

التحديات الإقليمية الماثلة على الأرض كثيرة وتحتاج إلى تقديم العقلانية الثاقبة في الاستقراء والرؤية بعيدة المدى لأبعاد المصلحة الذاتية سواء للخليج وحالة الاتحاد القادم أو العراق ووزنه الجيوبولتيكي ما بعد ربيع 2012، وهذه التحديات تتطلب تقديراً استراتيجياً دقيقاً يتجرد فيه صناع القرار في الدول (6 (دول مجلس التعاون الخليجي) + 1 (العراق)) من كل شيء خارج إطار المصلحة الاستراتيجية للدولة من أجل إعادة تقييم فعال وخلاق قادر على وضع الحلول العملية والاستراتيجيات الآنية والمتوسطة وبعيدة المدى.

ثالثاً: سلة نفوط أوبك

تمثل مجموع سلة نفوط الخليج والعراق ثلث الإنتاج العالمي تقريباً بما يعادل 40 في المائة من النفوط العالمية المستخدمة من أصل الطلب العالمي والبالغ أكثر من 88 مليون برميل سنوياً.

ولذلك نجد أن هذا المقترب هو أحد مقتربات التعاون من خلال إدارة الأوبك على سبيل المثال والتي لا بد أن يكون فيها توافق بين عملاقي الطاقة المملكة العربية السعودية والعراق لما يتوافران عليه من احتياطيات عملاقة، ومن الممكن أن يكون هذا الموضوع أحد العوامل المقربة للاندماج الخليجي – العراقي، بالإضافة إلى أن النفوط العراقية بحاجة إلى التكنولوجيا الخليجية ورؤوس الأموال لدفع عجلة الاستثمار في هذا القطاع والذي يعاني الكثير، وهذا ما يجعل العراق سوقاً مهمة للشركات الخليجية في مجال الطاقة، بالإضافة إلى أن العراق بحاجة إلى تطوير قابلياته التصديرية، حيث نجد من الضرورة الانفتاح خلال المرحلة القادمة على استخدام خط الأنبوب الاستراتيجي العراقي – السعودي 1800 مليون ب/ي، والذي من الممكن أن يكون أحد البدائل الاستراتيجية لتدفق النفط العراقي إلى العالم، بعد التهديدات بغلق مضيق هرمز.

ومن هنا نجد أن سلة نفوط أوبك هي أحد المقتربات المهمة والحساسة لدفع الارتبط وبناء السياسات الاستراتيجية بعيدة المدى في إدارة أمن الطاقة العالمي وإشعار العالم بأن مجموعة (6 + 1) هي نظام اقتصادي فاعل وقادر على وضع سياسات الطاقة للموازنة بين حوافز المنتجين ومتطلبات المستهلكين وضبط ميكانزم السوق العالمية للطاقة سواء من حيث تلبية الاحتياجات أو الأسعار العالمية للنفط أو النفط المكافئ.

رابعاً: الاستثمارات المالية

السوق العراقية سوق طموحة جداً وبحاجة إلى استثمارات عملاقة، ومن الممكن للدول الخليجية أن تجد برؤوس أموالها استثمارات عملاقة، فهنالك حاجة تمويل 700 – 900 مليار دولار لقطاع البنى التحتية، بالإضافة إلى 3- 5 ملايين وحدة سكنية، وسوق مالية واعدة، وحاجة إلى شركات قابضة، ومصارف فعالة وقادرة على منح الاعتمادات والائتمانات المصرفية.

إذاً قطاع الاستثمارات من الممكن أن يولد العديد من فرص العمل لرجال الأعمال الخليجيين في العراق الذي يعد سوقاً ناشئة بوتيرة تصاعدية.

خامساً: القوى الكبرى

هنالك قناعة لإعادة هيكلة نظرية الأمن في الخليج من قبل القوى الكبرى وخصوصاً من بريطانيا العظمى التي عملت على بناء وإعادة هندسة الأمن لغاية السبعينات من القرن الماضي وبالمقابل الولايات المتحدة الأمريكية عملت منذ مطلع الثمانينات على بناء نظرية تكاملية للأمن الخليجي لكنها ظلت حبيسة الرؤية البريطانية لأمن الخليج.

وبعد التغير الذي حصل بالعراق حاولت الولايات المتحدة الأمريكية ضخ مجموعة مشاريع ما زالت حتى الآن غير منفذة، منها ترتيب (6 (دول مجلس التعاون الخليجي) + 1 (اليمن)) أو ترتيب ثانٍ طرح فيما بعد (6 (دول مجلس التعاون الخليجي) + 2 (اليمن والعراق)) أو ترتيب ثالث (6 (دول مجلس التعاون الخليجي) + 2 (العراق وإيران)) وترتيب رابع (6 (دول مجلس التعاون الخليجي) + 3 (اليمن والعراق وإيران)) وترتيب خامس وهو حالة الاتجاه نحو الاتحاد الخليجي والاندفاع نحو النظم الملكية المحافظة لتعزيز قابليات النظام الملكي في العالم العربي (6 (دول مجلس التعاون الخليجي) + 2 (المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية)).

ولكن الولايات المتحدة على ما يبدو ما زالت تبلور هذه الفكرة في إعادة هيكلة أمن الخليج وفق نظرية (6 (دول مجلس التعاون الخليجي) + 1 (العراق)) مع إعادة تأهيل اليمن للاندماج بعد 5 سنوات قادمة والحاضنة الأساسية للاندفاع نحو تبني هذه الاستراتيجية هي إعادة تنظيم بيئة الأمن الخليجي وفق معادلة (6 (دول مجلس التعاون الخليجي) + 1 (العراق)).

ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية تدفع بهذا الاتجاه من أجل إعادة بناء منظومة الأمن الخليجي وهذا ما يتضح ما بعد ربيع 2012.

 

3- القمة العربية وبناء الذاتية

يبدو أن قرارات القمة العربية ستكون مؤشراً كبيراً للاندفاع نحو تطبيق أو بناء جذور هذه الرؤية في ذاتية العراق الخليجية، خصوصاً أن الرسالة الخليجية للعراق كانت تشير إلى أنه يجب أن نتفق على إعادة تعريف الخطر والتحديات الإقليمية وبناء الفرص الاقتصادية وتعزيز التفاعل السياسي والدبلوماسي وإعادة اندماج العراق التدريجي بمجلس التعاون الخليجي.

وهكذا ستبقى سطور فكرتنا مرتهنة برؤية جديدة وأدوار حديثة سواء للدولة العراقية المعاصرة التي على ما يبدو ستتخذ نهجاً جديداً محافظاً في سياستها الخارجية وستعمل في إطار بناء الهوية الذاتية لها والتي تتطلع إلى الخليج كأنموذج محاكاة من حيث النظام الاقتصادي – الاجتماعي، وتعمل على إعادة تجربة اليابان في اتباع السياسة اليقظة والتي كانت طوراً ثانياً من أطوار السياسة الخارجية اليابانية بعد أن كان الطور الأول هو طور السياسة العائمة التي ليس لها هدف سوى مصلحة الاعتراف بتجربة النظام السياسي الجديد وكسب القلوب، ولكن سيسعى العراق للانتقال من مرحلة كسب القلوب إلى كسب العقول في طور سياسته الخارجية التي لا بد أن تتغير في إطار ترؤسه للجامعة العربية خلال الدورة الجديدة بالإضافة إلى ترؤس منظمة أوبك، وهذا ما يتطلب فاعلية وأنموذجاً جديداً للتفكير الاستراتيجي المعاصر في بناء هوية ودور وفاعلية إقليمية قائمة على التحالف الخلاق.

إذاً القمة العربية ستكون خط الشروع للانتقال بالعراق نحو الذاتية الخليجية.

من خلال ما تقدم نجد أن ذاتية العراق الخليجية هي صورة تراتبية من المتغيرات الدافعة والمقتربات التي تحتاج إلى تنضيج خلاق قادر على إنتاج ميكانزم واستراتيجيات عمل خلال المرحلة المقبلة من أجل بلورة هذه الرؤية الاستراتيجية الهادفة إلى إيجاد صورة للعراق المقبل خلال السنوات العشر القادمة، وبالتالي الفضاء الخليجي هو أفضل فضاء يكون للعراق في إطار تكوين عمق استراتيجي قادر على مواجهة تحديات المرحلة القادمة والتي سترتهن بين نظرية الدومينو وفاعليتها في الربيع العربي الذي تمر به دول الشرق الأوسط وعقيدة ترومان الداعية إلى دعم الشعوب المتحررة من أجل الاستقلال ونشوء أنظمة ديمقراطية، وهنا نجد الذاتية العراقية التي لا بد أن تتفاعل مع دول قائمة وليس دول متحولة وهذا ما يتطلب من صناع القرار ومراكز التخطيط الاستراتيجي التفكير بجديه هذه الرؤية التي ستتجه بالمنطقة نحو المستقبل.

مقالات لنفس الكاتب