array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

رواد السوق الجدد

الأربعاء، 01 كانون1/ديسمبر 2004

خلال السنوات القليلة الماضية شهدت الأسواق تغيرات هائلة بحيث لم تعد النظريات السابقة تصلح لفهمه والتعامل معه ومواجهة تحدياته. فالمنافسة على أشدها، وأصبح الوضع أكثر صعوبة فيما يتعلق بجذب العملاء والاحتفاظ باستمرارية اهتمامهم بما تقدمه الشركات من منتجات أو خدمات. فالزيادة الهائلة التي تحققت في قدرتنا على الإنتاج بمختلف أشكاله أوجدت فائضاً كبيراً في الأسواق وأصبحت العديد من الشركات تتنافس لجذب نفس الشريحة أو شرائح متقاربة من العملاء،لأمر الذي أدي إلى الدخول في مرحله جيده تتسم بندرة الزبائن.

بناء على ما تقدم، لابد من إيجاد أنماط جديده قادرة على تحديد كل ما يلزم لتحقيق النجاح في عصر يعتبر فيه العملاء المصدر الأهم لتحقيق التقدم. الكتاب الذي بين أيدينا، "روّاد السوق الجدد" يقدّم هذه الأنماط والمعايير الضرورية وذلك عن طريق دراسة وتحليل الشركات التي تسيطر على السوق والتي أحدثت ثوره حقيقية في مجال الأعمال والاستثمارات. فبعد أن رصد ويرسيما أداء خمسه آلاف شركه في جميع أنحاء العالم وعلى مدى ست سنوات متتالية، توصل إلى نتيجة مفادها أن بضع مئات منها – التي تعتبر ضمن الرواد الجدد للسوق – هي التي تؤثر فعلاً في عملية نشوء, أنماط الاقتصاد الجديد. ولذلك يمكن القول أن ويرسيما وضع معايير جديده كلياً لاعتمادها في عملية تقييم نجاح الشركة. كما يشرح المؤلف لماذا لم تعد المعايير القديمة، مثل حجم الشركة أو إجمالي مبيعاتها، تصلح لتقييم قدرة الشركة على المنافسة أو استشراف مستوى أدائها في المستقبل. كما أن اعتماد ويرسيما معايير جديده لقياس نمو المبيعات والقيمة السوقية يعلّم القارئ كيفية تحديد الشركات المهمة والمؤثرة في جميع قطاعات الإنتاج والخدمات. كما يضع الكاتب لائحة تضمن أهم مائة شركه في السوق العالمي ويشرح العوامل لتي تجعل الرواد الجدد يتمتعون بهذا المستوى من القوه والاستراتيجيات التي يلتزمون بها ليحققوا معدل نمو يصل إلى ضعف معدل منافسيهم في الأسواق. ولذلك ، فإنه في عصر الاقتصاد المتسارع بإضطراد، لا يستطيع أي مدير أو مستثمر أن يتجاهل الإستراتيجيات العملية والرؤى القابلة للتطبيق الواردة في هذا الكتاب المثير.

دعوه لمقابلة روّاد السوق الجدد

عندما أجرت مجلة فور تشن (Fortune) مسحاً شمل ما يزيد عن عشرة آلاف مدير تنفيذي وإداري ومحلل مالي وذلك لوضع قائمه تضم أفضل الشركات أداءً لعام 1999 ، تصدرت شركة كاتربيلار قائمة الشركات الصناعية وتجهيزات المزارع ، وظهرت شركة ميريل لينشس على رأس قائمة الشركات المالية والحقائب الاستثمارية. والسؤال الذي يفرض نفسه هو : هل قامت لائحة فور تشن فعلاً بتحديد الأنماط النموذجية للاقتصاد الجديد؟ هل اشتملت هذه اللائحة على الشركات التي تؤثر وبقوه في كيفية نشوء وتطور السوق في هذا الوقت الذي تشهد فيه الأسواق منافسة لم يسبق لها مثيل ؟ تكتسب هذه الأسئلة أهميه استثنائية وخصوصاً في وقت يحاول فيه رجال الأعمال والإداريون التكيف مع هذه التحديات الجديدة.

عندما وضع ويرسيما لائحته لأفضل مائة شركه رائده في نفس العام، فإن شركتي كاتربيلار وميريل لينشس لم تظهرا على اللائحة، ولكن ظهرت أسماء مثل ياهو (Yahoo) وكوالـكوم (QUALCOMM) و أمازون (Amazon.com) وهيئة إذاعة انفنيتي(Infinity Broadcasting Corporation) وغيرها. ولكن هذه الشركات نفسها التي تتميز باستقطابها لشرائح عريضة جداً من العملاء، وأدائها المتميز في سوق الأسهم لم تظهر على لائحة فور تشن في العام التالي.

كيف يمكن لمثل هذا التفاوت الكبير أن يحدث؟ بداية لم يعتمد ويرسيما نفس المعايير التي طبقتها فور تشن في تحديد أفضل الشركات ولم يتقيد برصد أكبر عشر شركات في مجال الصناعة والخدمات لأن ذلك سيسقط الشركات الواعدة والقابلة للنمو والتوسع. أضف إلى ذلك أن ويرسيما أعطى مزيداً من الأهمية لأحد عوامل النحاج والتي يعتبرها في غاية الأهمية في الاقتصاد الجديد وهي قدرة الشركة على استقطاب العملاء في الحاضر والمستقبل. ويعتبر هذا عاملاً حيوياً لأن التحدي الأكبر الذي تواجهه الشركات الآن ليس تطبيق تقنيات واستراتيجيات إدارية جديده، وليس توفير رأس المال المطلوب، ولكن هذا التحدي يتمثل ، كما سنرى لاحقاً، في ندرة العملاء والقدرة على جذبهم والاحتفاظ بهم.

يبدو أن الأمور تتغير بمعدل أسرع وأصبحت أكثر عرضه للتقلبات وتزداد بعداً عن الاستقرار يوماً بعد يوم، الأمر الذي أدى إلى طرح العديد من الأسئلة مثل: كيف ستؤثر الانترنيت على صناعة البناء؟ هل الشركات الناشئة اليوم ستصبح هي المهيمنة والرائدة في المستقبل القريب؟ هل من المفروض أن تسيطر على حصة في السوق بمجرد تحسين ممارستنا وأدائنا الحالي، أم نحتاج إلى أحداث ثورة جذرية للطريقة التي ندير بها أعمالنا؟ بشكل عام، هناك ثلاث وسائل لتعامل الشركات مع هذه الأسئلة، ولكن لا يمكن القول أن أي من هذه الوسائل يتصف بالكمال .

أولاً: إن الشركات التي تقود الأسواق مثل مايكروسوفت (Microsoft) وسوني (Sony) يمسكون بزمام المستقبل بأيديهم لأنهم هم أنفسهم يصنعون هذا المستقبل . ولذلك فإنهم يضعون المعايير والمقاييس التي يسير على خطاها الأخرون. ولكن، بالرغم من أن هذه الشركات حققت نجاحاً باهراً في عملية زيادة الطلب وأنماطه، إلاّ أنها تتعرض أحياناً لنكسات عندما يرفض السوق التجاوب مع ما يقدمونه، كما حدث عندما فشل نظام بيتاماكس (Betamax) لأجهزة الفيديو وتراجع لصالح نظام في اتش اس (VHS) الذي سيطر على الأسواق العالمية.

ثانياً: قد تتمكن الشركات من توقع واستشراف المستقبل وذلك عن طريق دراسة وتحليل وفهم التوجهات والميول العامة التي تدفع نحو التغيير في المجالات التقنية والديمغرافيه والاجتماعيه، ثم يحددون كيف من الممكن لهذه الميول والتغيرات أن تؤثر على أعمالهم. فعلى سبيل المثال ، فإن شركات مثل دتش / شل (Dutch/Shell) تشتهر بوضع خطط استراتيجية بعيدة المدى . كما أن شركة نوكيا(Nokia) الفنلندية وشركة أن تي تي دوكومو (NTT DoCoMo) اليابانية، عرف عنها قدرتها على توقع الطلبات المتزايدة للعملاء على الهواتف المتحركة. إلاّ أن هذا الأسلوب يمكن أن يؤدي إلى خيبات أمل كبيره وذلك بسبب التغيرات الهائلة والتي تحدث بشكل مفاجئ ولم يكن من الممكن توقعها أو التنبؤ بها.

ثالثاً: قد تحاول بعض الشركات التعلم من شركات أخرى قادرة على أو على وشك إحداث تغيرات جذريه.فشركة سيسكو(Sisco) تعمل على رصد شركات جديده تحاول تطوير تقنيات جديده وتسعى لشرائها. كما ترسل شركة جنرال موتورز فرق من موظفيها ليجوبوا أرجاء العالم للتعلم من تجارب شركات ومؤسسات تتسم بالإبداع مثل شركة سيسكو.

يتبنى هذا الكتاب الأساليب الثلاث الآنفة الذكر مع التركيز بشكل خاص على الأسلوب الثالث القائم على التعلم من الشركات الناجحة. كما يقدم الكتاب منطقاً جديداً يمكن اعتماده لتحديد الشركات الواعدة والتي تحدث تغيراً جذرياً في كيفية إقامة المشاريع وإدارتها، بالإضافة إلى الشركات المخضرمة التي أثبتت على مدى سنوات طويلة من الخبرة العملية أنها لا تزال قادرة على إحداث تغيرات هائلة في الأسواق عن طريق رصد الأسباب التي تجعل العملاء يفضلون أحد الخيارات العديدة على ما سواها، ويتكيفون مع رغبة العملاء ليصبحوا هم الاختيار الأفضل مرّه تلو الأخرى وعاماً بعد عام. ويبقى الرائد في هذا الوقت هي الشركة التي تنظر إلى ولاء الزبائن على أنه حاله هشة ومتقلبة تستدعي الكثير من الانتباه والجهد والرعاية.

وفي مجال استعراضه للمنافسة الشديدة في الأسواق التي تعاني من ندره في العملاء، يحرص المؤلف على القول بأن لائحة فورتشن لأفضل الشركات تعتمد في تصنيفها على إنجازات تمت في مرحله سابقه، بينما تعتمد لائحته على شركات تساهم حالياً في عملية تشكيل السوق كما سيكون عليه في المستقبل وتغير الطريقة التي تمارس فيها الأعمال والاستثمارات في القرن الحادي والعشرين.

لم يعد مهما إذا ما كان مركز الريادة للشركة يأتي من العلاقة الجيدة مع العملاء، أو التميز في إدارة وتشغيل الأعمال أو من ريادة المنتج نفسه. فالعلاقات الجيدة مع العملاء تقدم أفضل الحلول الشاملة، أما التميز في إدارة وتشغيل الأعمال فيؤدي إلى أدنى معدل للكلفة، وأخيراً، فإن ريادة المنتج تقدم أفضل البضائع والخدمات. أما الآن فإن من يتمتع بوضع الريادة في السوق ، فيجب عليه أن يواجه منافسين أقوياء لديهم نفس مستوى الخبرة أو يتفوقون عليه. فالمنافسة الشديدة لاستقطاب الزبائن والعملاء تدفع
الشركات إلى تحقيق المزيد من التميّز المستمر وعلى جميع المستويات. ولتحقيق ذلك يجب على الشركات الرائدة أن تنظر إلى كل قرار يتخذه الزبون للشراء ، بغض النظر عن كونه متكرراً أو يحدث للمرة الأولي ، على أساس أنه مباراة أمام شركة أخرى تقدم منتجات أو خدمات بديله، وأنه لابد من الخروج من المباراة منتصرين.

لتحقيق هذه القدرة على التنافس والفوز وضمان الاستمرار، لابد للفائز من إتقان استخدام إستراتيجيات إضافية تهدف إلى التكيف مع التحدي الجديد المتمثل بندرة العملاء. فيما يلي محاولة للتعرف على هذه الإستراتيجيات وكيفية تطبيقها حتى يتمكن الفائز، قائد السوق الجديد، من اكتشاف أفضل الوسائل لجذب العملاء الذين يسعى منافسوه للفوز بهم.

المعيار الأول لتحديد رواد السوق الجدد:

لعقود عديدة كان معيار الحجم هو الذي يحدد قاده السوق، أي أنه تم الربط بين الحجم والريادة. ولكن معيار الحجم قد يخدع لأنه لا يأخذ بعين الاعتبار الشركات الناشئة والتي يمكن أن تحدث انقلاباً في السوق . أضف إلى ذلك أن الحجم بحد ذاته لا يعتبر سبباً جوهرياً في جذب العملاء، وخصوصاً أن البعض يفضل التعامل مع شركات صغيره لأنها تكون عادة أكثر اهتماماً ورعاية لعملائها.

المعيار التقليدي الآخر الذي يُطبق في عملية تقييم الشركات الرائدة، يعتمد على مدى قدرة الشركة على إثارة الإعجاب وما تحظى به من احترام. ولكن لا يمكن الاعتماد على هذا المعيار لأنه يتعذر تطبيقه إلاّ على بضع مئات من الشركات ويُستثنى الشركات الأخرى. أما فيما يتعلق بمعيار حصة الشركة في السوق، فإن أوجه القصور فيه أكثر من حسناته، وخصوصاً أنه من الصعب الحصول على معلومات دقيقة بخصوص هذا الموضوع من ناحية، وصعوبة تحديد ما نعنيه بالسوق من ناحية أخرى.

فالسوق المحدود والصغير يرفع حصة الشركة إذا ما قورن بالسوق العالمي الأشمل وما يحتويه من منافسين في جميع المجالات. وبما أن هناك علاقة وثيقة بين حصة الشركة في السوق وبين حجم المبيعات فإنه من المحتمل أن يؤدي اعتماد هذا المعيار إلى استثناء الشركات الواعدة والتي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في السوق.

لذلك، بدلاً من الاعتماد على المعايير التقليدية، فإن المؤلف يبحث عن الشركات التي أثبتت قدرتها على كسب الزبائن مما يجعلها تزدهر في الوقت الذي تعاني فيه شركات أخرى من التراجع. ولذلك فإن الشركة المثالية برأيه هي القادرة على تحديد شكل الطلب في السوق وتغيير ورفع مستوى توقعات العملاء وبالتالي تصبح في وضع يسمح لها بوضع المعايير الأساسية التي سيسعى الآخرون لتقليدها. ولكن لا بد من التأكيد على أن جذب العملاء يُعتبر المفتاح لقيادة الأسواق في العصر الحديث، ولذلك فإن زيادة المبيعات تُعتبر من أهم الأمور التي لا بد من مراقبتها باستمرار. إن الكُشوفات التي تقدمها الشركات في نهاية العام يمكن أن تتأثر كثيراً ببعض النجاحات العابرة. من الممكن، على سبيل المثال، أن يحقق منتج جديد أرقاماً خيالية في المبيعات لمدة عام قبل أن يتراجع الطلب عليه ويختفي من الأسواق. ولذلك قرر المؤلف أن يرصد معدل نمو المبيعات على مدى ست سنوات تنتهي في 31 مارس لشركات تعمل داخل الولايات المتحدة وخارجها، ولكنه استبعد الشركات الخاصة لأنها عادة لا تفصح عن معلومات تكفي لإجراء تقييم دقيق لأدائها.

ويؤكد المؤلف أن هناك العديد من العوامل التي تجعله يفضل اعتماد بيانات نمو المبيعات في تقييم دور الشركة في السوق وقدرتها على المنافسة. العامل الأول هو أن هذا المعيار يفترض أن العملاء هم أصحاب الحكم النهائي فيما يتعلق بنجاح الشركات أو فشلها. كما أن الوسيلة الوحيدة لزيادة المبيعات تكمن في جعل العملاء يغيرون قرارات الشراء ويختاروا دونما تردد وبثقة مطلقة ما تقدمه من منتجات أو خدمات. أما الميزة الأخرى لهذا المعيار فهي أنه يقيم مقارنة بين الشركات التي تتنافس على نفس الشريحة من الزبائن. ومن النتائج المدهشة التي توصل إليها الكاتب هي أن المائة شركة الرائدة في الأسواق حققت مبيعات تزيد عن ثلاثة أضعاف عن مبيعات منافسيهم، الأمر الذي يزيد الفجوة بين الرواد ومنافسيهم ويدفعهم في نهاية المطاف إلى التوقف عن المنافسة. وخلاصة القول أنه إذا كان معدل مبيعات الشركة أقل من ضعف مبيعات الشركات المنافسة، فإنها قد تتعرض لخطر خسارة السباق وتحقيق الريادة في السوق.

المعيار الثاني لتحديد رواد السوق الجدد:

يقدم المعيار الأول مؤشراً على قدرة الشركة على جذب الزبائن، ولكنه لا يلقي الضوء على إمكانية استمرار نجاح الشركة وتطورها. فهل جاءت زيادة المبيعات على حساب الأرباح؟ هل كان الزبائن الجدد مشترين للمنتج أو الخدمة لفترة قصيرة؟ هل استطاعت الشركة أن تحول نجاحها مع الزبائن إلى نتائج ملموسة ومستمرة؟ فدون الإجابة على هذه الأسئلة، يمكن لمؤشر نمو المبيعات أن يفضي إلى نتائج مغلوطة. فشركة CAS Electronics، على سبيل المثال، والتي تعمل في مجال منتجات الكمبيوتر وتوزيعها، حققت خلال السنوات الخمس الماضية معدل نمو خيالي في مبيعاتها وصل إلى حوالي أحد عشر ضعف الشركات الأخرى المنافسة. إلاّ أنها واجهت العديد من التحديات والمشاكل التي أجبرتها على إعلان إفلاسها بالرغم من أن إجمالي مبيعاتها وصل إلى 8.5 مليار دولار عام 1998. أما الأسباب الكامنة وراء هذا التدهور فتكمن في أن الشركة لم تدرك أن بعض أقسامها كانوا يتنافسون على جذب نفس الزبائن. وبالتالي، فإن القاعدة العريضة التي نجحت هذه الشركة باستقطابها لم تكن مهمة لأنها فشلت في إدارة عملياتها وتحديد مهام أقسامها.

وبما أن الاعتماد فقط على القيمة السوقية للشركة يؤدي إلى المبالغة في تقدير حجم الشركة، ولا يعكس بالضرورة القدرة على المنافسة، قرر ويرسيما أخذ القيمة السوقية للشركة بعين الاعتبار ولكن فقط فيما يتعلق بالمبيعات وذلك بهدف معرفة قيمة كل زبون بالنسبة للمستثمرين.

إن هذا التوجه ليس بالجديد. ففي ربيع 1999، أقدمت شركه أمريكا اون لاين (America Online) على شراء شركه Netscape Communications بمبلغ تسع مليارات دولار، وذلك وبشكل أساسي، لشراء الوصول السريع إلى الملايين من زبائن Netscape . وفي حقيقة الأمر، فإن أمريكا اونلاين ( والعديد من الشركات الأخرى قبلها) دفعت دولاراً واحداً مقابل كل واحد من زبائن. Netscape وسارت ما يكروسوفت على نفس خطى أمريكا اونلاين عندما دفعت ما يقرب من 400 مليون دولار لشراء Hotmail . كانت مايكروسوفت مهتمة بزبائن Hotmail الذين قدروا بحوالي عشره ملايين مشترك أكثر من اهتمامها بالتقنية أو تحقيق الأرباح ودفعت ما يقرب من 40 دولاراً مقابل كل زبون . الأمثلة أكثر من أن تعد. فقد أوردت الايكونومست أن الشركة الألمانية Mannesmann AG اشترت الشركة البريطانية Orange PLC ودفعت حوالي 9.600 دولار مقابل كل زبون . كما دفعت الشركة الفرنسية France Telecom SA حوالي 4.200 يـورو (4.700 دولار) مقابل كل زبون عندما اشترت E-Plus ودفعت شركة Deutsche Telecom AG حوالي خمسة آلاف يورو( 5.600 دولار ) مقابل كل زبون عندما اشترت شركة One 2 One Personal Communications Ltd.

تعرف على رواد السوق الجدد

بناء على المعيارين السابقين ومن بين 5009 شركات تم تحديد 1.779 شركه استطاعت أن تزيد مبيعاتها أكثر من منافسيها. ولكن من بين هذه الشركات تبين أن 1.139 فيها لم تصل قيمتها السوقية إلى المعدل المطلوب. كما أن 1.642 شركه تتمتع بقيمه سوقيه أعلى من منافسيها، ولكن 1.002 منها لم ترفع معدل مبيعاتها بالسرعة المطلوبة. لذلك لم يبق سوى 640 شركة استطاعت أن تتفوق على منافسيها استناداً إلى كلا المعيارين. هذه المجموعة هي التي يعتبرها ويرسيما الشركات الرائدة في السوق الجديدة والتي لا تزيد عن 13% من إجمالي الشركات التي تمت دراستها.. وبكلمات أخرى يمكن القول أن إمكانية أن تكون الشركة فوق المعدل المطلوب بناء على المعيارين السابقين لا تزيد عن واحدة من بين كل ثمان شركات فشلت في تلبية واحد من المعيارين السابقين.

ومن بين هذه الشركات ألـ 640 يقدم هذا الكتاب المائة شركه الرائدة والمتفوقة لأنها حققت معدل نمو أسرع بثلاث مرات من منافساتُها، وحققت في نفس الوقت عوائد ربحية وصلت إلى حوالي 48% لمستثمريهايتضح من هذه اللائحة أن الأداء المتميز يمكن تحقيقه في جميع أنواع الأعمال والمنتجات والخدمات. كما تؤكد اللائحة أن حجم الشركة لا يساوي بالضرورة موقعها القيادي، وخصوصاً أن العديد من الشركات الضخمة لا تتساوى ومنافسيها في الأداء وجذب العملاء أو في تحقيق نفس معدلات النمو.

أما فيما يتعلق بالشركات التي تطمح لتبوأ مركز قيادي ورائد في السوق، فإن الخطوات التي لا بد من أن تتخذها فهي في غاية الوضوح: أولاً، تحتاج هذه الشركات إلى تقييم البيئة التنافسية وتحديد المنافسين وتحليل استراتيجياتهم وآلية عملهم حتى تتوصل هذه الشركات إلى تحديد نقاط ضعفها والعمل على معالجتها بأسرع وقت وبأعلى كفاءه ممكنة. ثانياً، تحتاج هذه الشركات إلى دراسة وتحليل ورصد طبيعة وأشكال التحديات التي يفرضها السوق الجديد بهدف تعديل استراتيجياتها بما يتوافق وهذه التحديات وطريقة التعامل معها.
أين العملاء؟ إذا كان الخبر السيئ هو أن منافسيك نجحوا بجذبهم والاستحواذ عليهم، فان الخبر الجيد هو أن بإمكانك إما استعادتهم أو جذب عملاء جدد.

كما ذكرنا سابقاً، فإن التحدي الأصعب الذي يواجه الأعمال اليوم هو ندرة العملاء: فهناك فائض في أعداد البائعين ونقص شديد في أعداد المشترين. وبالرغم من أن العملاء اليوم ازدادوا عدداً وثراءً أكثر من أي وقت مضى، إلاّ أن كلاً منهم يلاحق بأعداد كبيره من الممولين والبائعين. وبالإضافة إلى المنافسين التقليديين، أصبح المد راء اليوم يواجهون منافسين جدد استطاعوا أن يتخطوا الحدود بواسطة الانترنيت وتطبيق مفاهيم جديده تهدد وجود العديد من الشركات والمؤسسات. ومع ازدياد أعداد ونوعية وأشكال المنتجات والخدمات، لم يعد حجم الإنتاج ولكن الاستهلاك هو العامل الذي يحدد معدل النمو.فمن وجهة نظر الأقسام الإدارية جاء هذا التحول سريعاً بشكل يدعو للقلق. فخلال سنوات قليلة، تحوّل العملاء في جميع المجلات تقريباً من الاعتماد على رأي البائع وما يقدمه من نصائح واقتراحات إلى الاعتماد على أنفسهم لأنهم أصبحوا يعرفون كل شئ عن احتياجاتهم ويحددون ما يريدون وكيف ومتى يريدونه وكم سيدفعون مقابل ما يريدون. وإذا كان صاحب الانتاج، لسبب ما، لا يستطيع تلبية حاجاتهم، فإنهم، وبكل بساطه يبحثون عن جهة أخرى قادرة على تحقيق ما يريدون.

الزيادة المفر طه بالعرض من ناحية، والنقص في أعداد العملاء من ناحية أخرى وجهان لقطعه واحدة – ويشكلان مشكله يؤدى تفاقم واحد منها إلى تفاقم الآخر. وفي سعيهم الحثيث لجذب المزيد من العملاء المترددين، يلجأ المصنّعون إلى إنتاج أشكال مختلفة من نفس المنتج. ولكن هذا العدد الهائل من البدائل يزيد من حيرة العملاء الأمر الذي يؤدي إلى حاله من الشلل أو المزيد من التردد في الوقت الذي تدفع فيه الشركات بالمزيد من المنتجات والبضائع والخدمات إلى السوق الذي يعاني أصلاً من الإغراق.

من النتائج المباشرة لمثل هذه الممارسات هي تذمّر المد راء من ضرورة التطوير المستمر في مجالات التقنية والمنتجات الجديدة وما يترتب على ذلك من شركات وأشخاص. لذلك نراهم يرددون قائلين " أشعر وكأننا جميعاً نبذل ضعف المجهود الذي كنا نبذله في السابق لتحقيق نفس النتائج". ويتساءل آخرون: " هل نحن فعلاً أفضل حالاً الآن مما كنّا عليه قبل عشر سنوات؟" الجواب هو: نعم ولكن فقط للذين يستطيعون تحويل المخاطر والتحديات إلى فرص والفوز في معركة في جذب المزيد من العملاء
هناك شركات مثل كارنيفال كوربوريشن (Carnival Corporation) وسيسكو (Sisco Systems) وسوني (Sony) وبيتشكس (paychex) التي تستقطب بشكل مستمر أعداد هائلة من الزبائن. فما هو السر وراء هذا النجاح؟ الأمر الذي يجمع بين هذه الشركات هو فهمها الكامل لستة حقائق جديده:

1. تكاثر المنافسين
2. عدم القدرة على إخفاء الأسرار
3. الإبداع ظاهره عالميه
4. فيض المعلومات المتوافرة قد يؤدي للحيرة والتردد
5. النمو السهل يخلق ظروفاً صعبه في غياب تقدير النمو في معدلات الطلب
6. أصبح الوقت المتوفر للعملاء أقل من أي وقت مضى

ما الذي يميز روّدا السوق الجديد؟

إن تحديد روّاد السوق الجدد لم يعد أكثر تعقيداً أو صعوبة من مجرد التجوّل في أروقة الشركة للاطلاع على كيفية عمل المد راء: هل يعرفون تحديداً شريحة الزبائن التي تستدعي اهتماما خاصاً؟ هل يركزون وبشكل مستمر على تقديم الأفضل لهؤلاء العملاء سنه بعد أخرى؟ هل أفراد الشركة وأقسامها مصممون جميعهم على أن تكون الشركة هي التي تضع المعايير القابلة للتطبيق في السوق؟ وأخيراً وليس آخراً، ما يؤكد على ريادة الشركة في السوق هو اهتمامها المطلق بحقيقة مفادها أن الأعمال تقوم على دعامتين أساسيتين هما العملاء والتركيز لأن تراجع أي منهما سيؤدي حتماً إلى فشل الأعمال. إن تحديد بؤرة الاهتمام بشريحة محددة من العملاء ليس بالأمر الجديد. فليس بإمكان أي شركه أن تقدم كل شي لجميع الناس. ولذلك، فإنه لابد من " تحديد شريحة عملائك وتحديد بؤرة الاهتمام على هذه الشريحة دون غيرها، والعمل على بسط سيطرتك في السوق. ولكن الجديد في الأمر هي حدّة وقوة الاستراتيجيات التي تطبق من أجل تحقيق هذه الأهداف. وكرد فعل على ندرة العملاء، زاد المدراء من وتيرة ودرجة اهتمامهم بالعملاء والقدرة على التركيز.
أما فيما يتعلق بقضية التركيز فإنها تتطلب اختيار العملاء بعناية فائقة وتحويل آلية عمل الشركة ومنتجاتها أو خدماتها لتصبح متوافقة مع احتياجاتهم المحددة. فالاختيار العشوائي والمفرط للعملاء لا يزيد إلاّ من الضغوط والأعباء التي يمكن الاستغناء عنها. يدرك رواد السوق الجدد أن تحقيق النجاح وضمان استمرار يته يتطلب بذل جهود جبارة لتحقيق هدف محدد. فالجهد المحدود والقاصر، أو الأهداف التي تفتقر إلى الوضوح بسبب المبالغة يمكن أن تؤدي للركود. فالعاملون في مجالات السياسة والإعلام والدفاع أدركوا منذ سنوات أن القدرة على جمع الموارد وتسخيرها من أجل تحقيق هدف معين هي الو سيله الأفضل لتحقيق النجاح والانتصار.

ينطبق نفس هذا المبدأ عندما تشتد المنافسة على استقطاب العملاء. فالجهة الأكثر قدره على التركيز هي الأكثر حظاً. فالقناص الذي يستخدم بندقية حربية مجهزه بمنظار سيكون أقدر على إصابة الهدف من شخص يستخدم بندقية صيد تتبعثر حشوتها في اتجاهات متعددة. وبشكل مشابه ، فإن القدرة على التركيز وتحديد الهدف هي العوامل التي تعطي الشركات الجديدة الفرصة لمنافسة شركات معروفه منذ سنوات في السوق والتي تتمتع بوفره في الموارد ولكنها فشلت في تحديد هدفها ولم تتمكن من توجيه أعمالها ونشاطاتها بشكل منظم نحو تحقيق هدف محدد.

أضف إلى ذلك أن التركيز يعني وضوح الرؤية والهدف والتوجه. فقاده السوق الجدد قادرون وبكل بساطه على التعبير بشكل صحيح ومباشر ومبسط عن ما يقومون به من دور وما يمثلونه من مكانه في السوق، وذلك على عكس أولئك الذين يفتقرون لوضوح الرؤية.

الإنجاز المميز لرواد السوق الجدد هو الارتقاء بمفهوم التركيز على العملاء . ومن أجل تحقيق هذا الإنجاز اهتموا بشكل استثنائي بأربعة أمور أساسيه سمحت لهم مُجتمعه بالتميّز عن غيرهم، والابتعاد عن النمطية والأمور المألوفة، والتفرد بشكل يجذب اهتمام العملاء وضمان استمرار ولائهم:

أولاً: تحقيق مكانه مرموقة في السوق تجعل من السهل على العملاء التعرف على الشركة وما تقدمه من منتجات وخدمات وما تتصف به من مميزات.

ثانياً: رواد السوق يسعون دائماً لجذب عملاء يشكلون تحدياً للشركة وما تقدمه من منتجات وخدمات. ومن أجل أن يبقى هؤلاء الرواد متقدمين بخطوات على التوقعات المتزايدة باستمرار، فإنهم يولون جل اهتمامهم ليس للعملاء العاديين، ولكن على أهم عملائهم الذين عادة ما يكونون الأكثر طلباً للتطور والارتقاء. فرواد السوق الجدد يقطفون جميع الثمرات التي تقع في متناول أيديهم ولكنهم في نفس الوقت يسعون للوصول إلى النجوم.

ثالثاً: توجيه العملاء وتعريفهم بالقيمة الحقيقية لمنتجاتُهم وابتكاراتهم فاهتمام هذه الشركات فيما يتعلق بتوافر المنتجات والخدمات الجديدة يكون أقل من اهتمامهم بإقناع العملاء بضرورة الحصول على هذه المنتجات والخدمات بأسرع وقت ممكن وبدون تردد من منطلق تحقيق المنفعة القصوى لكلا الطرفين.

رابعاً: رواد السوق الجدد يتصرفون بجرأة في كل ما يقومون به من أعمال. من المؤكد أن هذا لا يعنى أبداً أن يصلوا إلى مرحلة التهور وعدم الاكتراث فهم يدرسون كل حركه وإجراء يتخذونه ويعرفون السوق ويدرسونه جيداً، ويرفعوا من مستوى كفاءتهم وقدرتهم التنافسية ، ويحضّرون دائماً سيناريوهات بديله. وبالرغم من توفر الخيار بين اتخاذ الإجراءات الجريئة وبين الحلول الوسط وأنصاف الحلول الحذرة، إلا أنهم دائماً يتخذون المسار الذي يتطلب قدراً من الجرأة والطموح . إن هذا ما يجعلهم أكثر تميزاً من منافسيهم ويكسبهم احترام وتقدير عملائهم لما يقدمونه من ابتكارات وأفكار جديده.

أكتشف العملاء الجدد

يدرك العملاء في عصر الاقتصاد الجديد أن شراء سلعه ما لا يحل مشاكلهم ولكنه عادة ما يكون مجرد الخطوة الأولى قبل أن يبدأوا باستخدامها والاستفادة منها.

فهل هي متوافقة مع ما تتمتع به من معرفة وخبرة حتى الآن ؟ إذا لم تكن كذلك، كم من الوقت ستحتاج لتتعلم كيفية استخدامها؟ هل تقوم بشراء أكثر مما تستطيع استخدامه أو استهلاكه؟ هل الكتاب الجديد المعروض بسعر خاص على شبكة الانترنيت موجود لديك مع مجموعة أخرى من الكتب لم يسمح لك الوقت لقراءتها حتى الآن؟ هل تشعر بالذنب لأنك تصرف الكثير من النقود، ولأنه لا يتوفر لديك ما يكفي من الوقت، وتشعر بالقلق لأنك لا تستطيع الاطلاع على ما يبدو مهماً بالنسبة لك؟

هذه هي مشاعر حقيقية يشترك فيها معظم العملاء، ولذلك فإن المدراء الذين يفشلون في فهم هذه المشاعر أو لا يعملون على الاستفادة من الطرق العديدة التي ينتهجها العملاء للتأقلم مع الظروف الجديدة، لن يكونوا في صفوف رواّد السوق الجديد. وبالرغم من العديد من الدراسات التي تتكلم عن عدم ولاء العملاء لما يتصفون به من تقلبات في أمزجتهم وميولهم، وتذهب إلى القول بأن العملاء هم المسؤولون عن عدم قدرة الشركات على بيعهم ما لديها من منتجات وخدمات، إلاّ أن حقيقة الأمر تؤكد أن المدراء الذين ينظرون إلى السوق واحتياجات العملاء من وجهة نظرهم الخاصة والضيقة هم الذين يتحملون المسؤولية. من المؤكد أن عملاء اليوم أصبحوا أكثر تطلباً وأقل صبراً بسبب تعدد الخيارات المتوفرة لديهم، ولكن اتهامهم بعدم الولاء ليس إلاّ تهرباً من بذل الجهود الضرورية لفهم حقيقة مشاعرهم وميولهم ودوافعهم وكيفية التكيف وباستمرار مع المعطيات الجديدة.

لقد قام روّاد السوق الجدد بجميع هذه المهام واستطاعوا أن يجذبوا أعداداً كبيرة من العملاء لأنهم يسبقون منافسيهم دائماً بأشواط بعيدة. الرسالة التي يرسلها العملاء للمنتجين في غاية الوضوح: لا يكفي مجرد عرض بضائعكم علينا، ولكن ساعدونا على اتخاذ القرار الصحيح، ثم علّمونا كيف نستخدم ونستفيد من هذه المنتجات والخدمات وفي أسهل طريقة ممكنة وأقصر وقت ممكن.

مجلة آراء حول الخليج