array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

وسيلة الإنتخاب

السبت، 01 كانون2/يناير 2005

توشك وسيلة الانتخاب أن تدخل في حياتنا العامة، بدءاً من انتخابات المجالس البلدية. وذلك يستدعي القيام بحملات توعوية شاملة، توضح مفهوم الانتخاب، والمبدأ الكبير الذي ينطلق منه. وربما يسهم هذا المقال في طرح بعض الخطوط العريضة لهذا الموضوع.

هناك مداخل عدة لفهم واستيعاب مفهوم الانتخاب الذي قلنا إنه مجرَّد وسيلة لتفعيل وسيلة أكبر هي المشاركة الشعبية التي تُعتبر بدورها وسيلة أكبر لتحقيق هدف سام كبير هو: خدمة ورعاية وحماية المصلحة العامة، بأفضل الطرق الممكنة.

إن الدولة - أي دولة - هي عبارة عن: مجموعة كبيرة من الناس، يقيمون - بصفة دائمة - في إقليم معيَّن، وتنظم أمورهم العامة حكومة ذات سيادة. والحكومة هي، إذاً، عنصر واحد من عناصر الدولة الرئيسية الأربعة: السكان، الإقليم، الحكومة والسيادة.

والحكومة هي: السلطة العليا في البلاد، بفروعها الثلاثة: التشريع والتنفيذ والقضاء. وتقسم حكومات العالم، في الوقت الحاضر، إلى نوعين رئيسيين هما:

أ- الحكومة غير التمثيلية: وهي معكوس النوع الثاني تقريباً. وفي الواقع توجد إما في هيئة ديكتاتورية صريحة، أو في شكل ديمقراطي المظهر ديكتاتوري المخبر.

ب- الحكومات التمثيلية: ومفردها الحكومة التي اختارتها غالبية شعبها، ورضاها عن أدائها مستمر. فهي تحت رقابتها اللصيقة، ولا يملك أشخاصها إلا التفاني في خدمة المصلحة العامة، وإدارة الدولة بموجب الدستور الذي ترتضيه غالبية الشعب المعني. وهذا النوع من الحكومات يتجسَّد في الواقع في النظم: البرلمانية، الرئاسية والجمعية. وفي الحكومة التي تحكم بحق وفق الشريعة التي يريدها شعبها.
ولا يمكن، في الحقيقة، فهم النوع التمثيلي إلا على ضوء نقيضه غير التمثيلي.. والنوع الأخير يجب عدم النظر إليه بمعزل عن بديله الوحيد، وإلا أسيء فهمه جداً.

إن المسؤولين في كل من سلطات الحكومة العليا يُشار إليهم بـ أشخاص السلطات الثلاث. فأشخاص السلطة التشريعية (الأهم بين السلطات الثلاث) هم الذين يصدرون التشريعات والمراسيم والنظم واللوائح المختلفة، وفق الدستور الذي يجب أن يحكم بلادهم. وأشخاص السلطة القضائية يتولون تفسير الدستور، والعمل على التزام الجميع به، بما في ذلك أشخاص السلطتين التشريعية والتنفيذية. أما أشخاص السلطة التنفيذية (كما تتجسَّد في رئاسة الدولة ومجلس الوزراء في أي بلد) فهم مسؤولون عن تنفيذ ما تقرّه السلطة التشريعية، وتصريف شؤون البلاد وفق نظمها وقوانينها، وهكذا.

وفي الحكومة التمثيلية، يتولى أشخاص السلطات الثلاث مناصبهم بـ «الانتخاب» - المباشر وغير المباشر - لضمان تمثيلهم ومساءلتهم. بل إن الانتخاب في ظل تلك الحكومات ينتشر في معظم الوظائف العامة الكبيرة، بدءاً من مديري التعليم في المناطق المختلفة، وانتهاءً بأشخاص السلطات العليا الثلاث. حتى إن المرء في تلك البلاد التي يسود فيها ذلك النوع من الحكومات، يشاهد انتخابات على مدار العام.

إن فهم فكرة الانتخاب لا يمكن أن يتم إلا بفهم واستيعاب المبدأ الذي يُعتبر الانتخاب وسيلة لتحقيقه، وهو المشاركة الشعبية أو الديمقراطية. لذلك، لابد من فهم المبدأ. تمهيداً لفهم هذه الوسيلة - فهماً سليماً غير مشوَّش، أو ناقص. وهذا ما يمكن عمله عبر الاطلاع على المفاهيم السياسية الأساسية، ومنها مفهوم الديمقراطية، الذي هو الآن أكثر المفاهيم السياسية المساء فهمها في العالم العربي. وسوء فهم ذلك المصطلح غالباً ما ينعكس في هيئة سوء فهم كلي لوسيلة الانتخاب، والذي يعني: قيام المعنيين باختيار أشخاص منهم، ينوبون عنهم في إدارة بعض شؤونهم العامة، وفق قانون ترتضيه غالبيتهم، وبموجب شروط وقواعد يحدِّدها قانون الانتخاب، بشكل قاطع. وهو وسيلة لإسناد الحكم والإدارة. وهناك ثلاث وسائل لتولي السلطة والإدارة، وبخاصة في مؤسسات الحكومات. وهذه الوسائل هي:
1 التعيين (فرض المسؤولين).
2 الانتخاب
3 التعيين والانتخاب معاً.

إن الانتخاب أصبح الوسيلة الأولى منذ انتشار الحكومات التمثيلية في العالم قبل نحو مائتي عام. وهو حق ووظيفة معاً. أي أنه حق لمن يستحقه، وواجب عليه في الوقت ذاته. ويطول شرح الأسس العامة لوسيلة الانتخاب لكثرتها وتشعبها، حتى أصبح الانتخـــاب تخصصاً فرعياً - من تخصصات العلوم السياسية - في كثير من الجامعات العالمية. ولعل من أهم مفردات أي انتخابات هي: تعريفها، وتوضيح أهدافها، والتكييف الفلســفي والقانوني لها، الهيئة الناخبة، المرشــحون، أسلــوب وإجـــراءات الانتـخاب، تقسيم الإقليم إلى دوائر انتخابية، والانتخاب المباشر وغير المباشر ووسائل ضمان دقة ونزاهة الانتخاب.. إلخ. وكل هذه تشكِّل موضوعاً طويلاً، كما ألمحنا. لذا، أجدني من الداعين إلى: الحذر والتثقيف والتدرُّج عند اللجوء إلى هذه الوسيلة خاصة في المجتمعات النامية، مثل حال مجتمعنا.

مقالات لنفس الكاتب