array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

إيران وخيار الهجوم الصاروخي

السبت، 01 كانون2/يناير 2005

ليس مستبعداً أن تلجأ إيران إلى خيار شن هجوم صاروخي شامل لضرب ومحاولة تدمير القوات الأمريكية المنتشرة في مياه الخليج والعراق، بصورة استباقية كونه بات الخيار الأكثر احتمالاً من بين الخيارات الإيرانية الأخرى المحدودة، بهدف استباق خطة الغزو الأمريكي المحتملة لها، في حال تفاقم الموقف المتأزم بين واشنطن وطهران حول كثير من القضايا الأساسية وفي مقدمتها الملف النووي الإيراني وملف النظام السياسي الإيراني بحد ذاته وتأثيراته في المنطقة، من خلال ما يعرف بـ «الهلال الشيعي» انطلاقاً من الوضع الأمني المتردي في العراق ثم ما يمكن أن يحدث في منطقة الخليج العربي وسوريا ولبنان فيما بعد.

وقد يأتي هذا الخيار الإيراني الصعب تطبيقاً عملياً - كشر لابد عنه - في مواجهة التحدي الأمريكي المتمثل بإسقاط النظام السياسي في طهران عنوة وبالقوة العسكرية ، وليس أقل من ذلك. نتيجة لتصاعد حدة الحرب الإعلامية بين واشنطن وطهران في الأيام القليلة الماضية، وصدور تهديدات قوية عن الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن موجهة لإيران وسوريا بفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية عليهما لتدخلهما في الشؤون الداخلية للعراق، ومثل تلك العقوبات لا بد منها تهيئة لشن الحرب وليس بديلاً عنها، وبالمقابل اتهام مرشد الثورة الإسلامية آية الله خامنئي كلاً من الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية بالوقوف وراء التفجيرات الأخيرة في النجف وكربلاء وربط هذه التهمة الإيرانية بفرضية حتمية تزويرهما الانتخابات المقبلة في العراق، فإن كل ذلك يشير إلى أن الأزمة بين الطرفين الأمريكي والإيراني لم تعد في حالة جمود أو تراجع، ولكنها في حالة بداية التسارع نحو التدهور الذي لا رجعة عنه.

ولعل من أكثر المؤشرات على وجود تنسيق عسكري أمريكي -إسرائيلي لتنفيذ عملية عسكرية كبرى قد تصل إلى مستوى الحرب الشاملة ضد إيران، قيام الرئيس الأمريكي بربط سوريا مع إيران بالتهمة ذاتها، لإضفاء حالة من الشرعية الواقعية على الشراكة الأمريكية - الإسرائيلية في المشروع العسكري الأمريكي ضد إيران، وسوريا قد لا تكون بمنأى عنه بشكل أو بآخر.

وفي حال توصل القيادة الإيرانية إلى قناعة مؤكدة ولا ضبابية حولها، بأن الإدارة الأمريكية ماضية في استراتيجيتها وخطتها لضرب إيران كنظام سياسي بهدف إسقاطه والقضاء عليه كما حصل في العراق عام 3002، فإن مرشد الثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي قد يأمر القوات المسلحة الإيرانية، وتحديداً الأسلحة الاستراتيجية وفي مقدمتها القوة الصاروخية الرئيسية بكافة عناصرها المتوفرة بضرب الأسطول الأمريكي في مياه الخليج لإغراقه وتدمير مناطق الحشد العسكري الأمريكي في العراق، وذلك بصفته القائد الأعلى لكل فروع القوات المسلحة بما في ذلك الجيش الإيراني وفيالق الحرس الثوري وقوات الأمن الداخلي .لا سيما أن الرئيس الإيراني محمد خاتمي لا يملك صلاحيات عملياتية في هيكل قيادة القوات المسلحة على الرغم من ترؤسه المجلس الأعلى للأمن الوطني - حسب بعض المراجع العسكرية العالمية - فوزير الداخلية الإيراني هو الذي يقود قوات النظام ويعمل تحت إمرة مرشد الثورة مباشرة، في حين أن رئيس هيئة الأركان المشتركة يقوم بوظائف إدارية وهو غير مخول بالقيام بوظائف عملياتية.

وربما لا يكون للجيش الإيراني التقليدي الذي يصل تعداده إلى نحو نصف مليون جندي تقريباً، أهمية كبرى مقارنة مع القوة الصاروخية الإيرانية المكلفة بالوصول إلى مناطق الحشد الأمريكي المحاذية لإيران، بناءً على المعادلة المفترضة والمبنية على مدى الصواريخ وحمولة الرؤوس الحربية، سواءً كانت رؤوساً تقليدية أو ذات مواد دمار شامل (يرجح أن تكون مواد كيماوية وبيولوجية وليست نووية)، ذلك على الرغم من دقة وسائل الإنذار وقوة الرد الصاروخي المعاكس الأمريكي. إذ إن من أكثر الدروس المستفادة من الحرب الأمريكية والبريطانية على العراق عام 3002 ، أن أسلحة القتال الرئيسية البرية كالدبابات والآليات المقاتلة ووحدات الدفاع الجوي والمدفعية لن يكون بمقدورها الاشتباك المباشر مع القوات الأمريكية المهاجمة، ولن تتمتع بفرصة حرية المناورة أو النجاة إزاء عدو متفوق بكل ما في الكلمة من معنى كالولايات المتحدة، يمتلك السيادة الجوية المطلقة على مدار 42 ساعة طيلة أيام الحرب بقاذفات استراتيجية ثقيلة، وقاذفات تكتيكية متوسطة، وطائرات قتال وهجوم أرضي خفيفة، وطائرات إسناد مباشر ذات جناح ثابت، وطائرات مروحية هجومية مضادة للدروع والآليات، كل ذلك بأسلحة متميزة ومتطورة جداً من حيث دقة الإصابة وكثافة النيران، مع وجود دعم لوجيستي كثيف ومباشر ومستمر من كافة الاتجاهات والمستويات الاستراتيجية والعملياتية والميدانية. في حين لن يكون بإمكان تشكيلات القوات الجوية والبحرية الإيرانية إذا ما وقعت تحت الهجوم الأمريكي الشامل المباغت القيام بأعمال هجومية معاكسة ومؤثرة ما دامت قد فقدت زمام المبادرة من أول لحظة، ما لم تبادر تلك القوات بالهجوم المفاجىء على القطع البحرية والقواعد الجوية الأمريكية منذ لحظة (ساعة الصفر)الإيرانية، وليس (ساعة الصفر) الأمريكية، حيث إنه في حال انتظار القيادة الإيرانية ساعة الصفر الأمريكية ومخاطرتها بتلقي الضربة العسكرية الأمريكية الأولى، كما جرى في العراق، فإنها بذلك تحول تشكيلات قواتها المسلحة البرية والبحرية والجوية إلى أهداف هشة وسهلة التدمير، ولن يكون للقوات الإيرانية أي دور مؤثر في إيقاع خسائر تذكر بالقوات المهاجمة، باستثناء وحدات الدفاع الجوي، المزودة بصواريخ أرض - جو التي قد تحرز بعض الإصابات في الطائرات المهاجمة، لا سيما عن طريق تلك الصواريخ التي تحمل على الكتف، ومع ذلك ستكون تلك الإصابات محدودة في ظل تفوق جوي وإلكتروني أمريكي ساحق.

إذاً سوف لن يكون بيد إيران سوى القوة الصاروخية للمبادرة بهجوم استباقي شامل دفعة واحدة، سواءً انطلقت تلك القوة الصاروخية من منصات برية أو منصات بحرية أو جوية . وفي هذا السياق يذكر أن لدى إيران 02 صاروخاً من نوع شهاب -3 متوسط المدى (0071 كلم) وهذا النوع مشتق من الصاروخ الكوري الشمالي نودونغ-1، حيث دخل الخدمة الفعلية بإمرة الحرس الثوري في سبتمبر 3002. أما الصاروخ البحري المضاد للسفن «رعد» فقد دخل مرحلة الإنتاج بنوعيه المحمول على السفن أو المتمركز أرضاً لحماية الشواطىء، ويصل مداه إلى نحو (051 كلم). وتنتظم صواريخ الدفاع الساحلي الإيرانية في ثلاثة ألوية بحرية ولواء قوات الحرس الثوري «الباسدران»، القادرة على نشر ما مجموعه 21 بطارية صواريخ تتألف من 041 صاروخاً من نوع (سلك وورم وصواريخ سي - 108/208). كما تم نشر بعض القاذفات الصاروخية في جزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة .

أما عن فرضية ضرب إيران لأهداف استراتيجية إسرائيلية داخل إسرائيل، وأهداف خليجية بترولية داخل دول مجلس التعاون، فإنه من المستبعد قيامها بإهدار صاروخ إيراني واحد باتجاه أهداف بعيدة لا تحقق لها قصدها الأول والأخير من هذا الهجوم، فيما إذا كان ذلك القصد هو تدمير أكبر حجم ممكن من القوات الأمريكية المنتشرة في مناطق الحشد البحري في مياه الخليج والحشد البري في العراق ، وذلك لسبب، قد يكون وحيداً، ألا وهو شح وتقادم الموجودات والموارد الصاروخية الإيرانية، أي عدم تشتيت الجهد الصاروخي المحدود خارج ساحة المعركة، تحقيقاً لأحد أهم مبادىء الحرب وهو مبدأ «الاقتصاد بالجهد».

وعلى ضوء ذلك وفي ظل عدم وجود تقارب أو تكافؤ في موازين القوى العسكرية بين الولايات المتحدة و إيران، فإنه ليس متوقعاً أن تأخذ الحرب مجراها التقليدي، كما حدث في أفغانستان والعراق، وبذلك قد لا يطول أمدهــا كثيراً، في حين ستكون الخسائر البشرية المتوقعة هائلة ومن الجانبين، إذ إن كل طرف سيكون هدفه الرئيسي إيقاع أكبر خسائر بشرية ممكنة في الطرف الآخر، وإسقاطه كنظام سياسي تحت تأثير الخسائر البشرية الهائلة لإحداث موجة عارمة ضده من قبل الرأي العام الشعبي المحلي.

مجلة آراء حول الخليج