array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

الملتقى العربي الأول للتنمية الإنسانية

السبت، 01 كانون2/يناير 2005

لقد أثار تقرير التنمية الإنسانية الذي صدر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة جدلا كبيرا لدى بعض الباحثين والمفكرين والكتاب العرب، وقد انصب جل ذلك الجدل في أن التقرير لم يأت بجديد، وهو لم يتعد كونه وصفا للحالة العربية الراهنة، وقد انتقد البعض التقرير بأنه لم يقدم حلاً لهذا الوضع الشائك في البلدان والمجتمعات العربية. ولكن لا يسع اثنان الجدال حول أن التقرير لا يجعل مجالا للهروب من الاعتراف بهذه الحالة المتأخرة، التي تكاد تكون في ذيل العالم المتخلف، كما لا يترك هامشا للتجاهل أو غض النظر عما شخصه التقرير من النواقص الحادة في التنمية الإنسانية في العالم العربي، التي تمثلت في الحريات، وتمكين المرأة، والمعرفة.

وهذا ما دفع جمعية البحرين النسائية إلى تنظيم الملتقى العربي الأول للتنمية الإنسانية تحت شعار «نحو إقامة مجتمع المعرفة»، الذي عقد بالمنامة في اليومين الثامن والتاسع من ديسمبر 4002، حيث تم في اليوم الأول عرض أوراق عمل في كيفية المساهمة في إقامة مجتمع المعرفة لمشاركين يمثلون مؤسسات فكرية وثقافية وعلمية وتعليمية من عدد من البلدان العربية وهي: البحرين، والسعودية، والكويت، وعُمان، والإمارات، وقطر، ومصر،وسوريا، ولبنان، والأردن، واليمن. أما في اليوم الثاني فقد عقدت ورشة عمل حول تفعيل محاور تقرير التنمية في برامج عملية تنهض بالفرد والمجتمع.

المشاركون:

إبراهيم بدران ـ عضو منتدى الفكر العربي ـ الأردن
جاسم بشارة ـ مدير إدارة الثقافة العلمية - ومدير برنامج البترول والطاقة ـ مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ـ الكويت
حسن سالم ـ مدير الشؤون الإدارية والمالية بدار الفكرـ سوريا
رفيعة غباش ـ رئيسة جامعة الخليج العربي ـ البحرين
رفيعة الطالعي ـ رئيسة تحرير مجلة المرأة ـ سلطنة عمان
سرور قاروني ـ رئيس برنامج «كن حرا» في جمعية البحرين النسائية ـ البحرين
سيف الحجري ـ نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع ـ قطر
عمر الطرابلسي ـ رئيس مركز الأبحاث والتدريب حول قضايا التنمية ـ لبنان
عيسى الشارقي ـ رئيس جمعية التجديد الثقافية الاجتماعيةـ البحرين
مريم لوتاه ـ أستاذ مساعد بقسم العلوم السياسية بجامعةالإمارات ـ الإمارات العربية المتحدة

المحاور:

اليوم الأول: عرض أوراق عمل في المحاور التالية:
المحور الأول: (تأسيس نموذج معرفي عربي عام، أصيل، منفتح، مستنير)
المحور الثاني: (النشر الكامل للتعليم راقي النوعية)
المحور الثالث: (توطين العلم وبناء قدرة ذاتية في البحث والتطويرالتقاني في جميع الأنشطة المجتمعية)
اليوم الثاني: ورشة عمل في المحاور التالية:
الأول: النشر الكامل للتعليم راقي النوعية
الثاني: الإعلام وأثره في نشر المعرفة
الثالث: توطين العلم وبناء قدرة ذاتية على البحث والتطوير في الأنشطة المجتمعية.
الرابع: النهوض باللغة العربية والتفاعل الثقافي.
الخامس: التراث الفكري والدين.

من وقائع الملتقى:

قدم المشاركون عدة رؤى ونماذج حسب المحاور الرئيسية للملتقى وذلك ومن منظور الاستراتيجية لإقامة مجتمع المعرفة تتعلق بمسألة النشر الكامل للتعليم راقي النوعية مع إيلاء عناية خاصة بمرحلة الطفولة المبكرة، وترقية جودة التعليم في جميع مراحله، ونوقشت رؤى أخرى بخصوص تأسيس نموذج معرفي عربي أصيل، منفتح ومستنير، وذلك من خلال العودة إلى صحيح الدين، وتخليصه من التوظيف المغرض وحفز الاجتهاد وتكريمه، والنهوض باللغة العربية، وإثراء التنوع الثقافي داخل الأمة، ودعمه والاحتفاء به.

وقد أوضحت الدكتورة وجيهة البحارنة رئيسة جمعية البحرين النسائية المنظمة للملتقى أن الأهداف التي تأمل الجمعية بتحقيقها من تنظيم المؤتمر هي: إيجاد القادة والمؤسسات القيادية القادرة على إعداد وتنفيذ برامج للتنمية الشاملة لإطلاق الطاقات البشرية وتوظيفها بكفاءة، وإيجاد قاعدة لتوثيق التواصل والتفاعل مع الثقافات الإنسانية، وتأسيس وسائط اتصال دورية باستعمال تقنية المعلومات والاتصال الأحدث لنقل خبرة الكفاءات العربية في الإصلاح.

وأضافت البحارنة إن الملتقى يهدف كذلك إلى إشراك مؤسسات المجتمع المدني في عملية وآليات التنمية وإشراكهم في اتخاذ القرار، وإيجاد فرص ونماذج من أعمال مؤسسات المجتمع المدني في المساهمة الفعالة في إعادة تشكيل النظام العالمي كي يصبح أكثر عدالة.
أما الهدف العام للملتقى فقد كان - كما أشارت إليه رئيسة الجمعية المنظمة - هو مساهمة الجهات المشاركة من خلال المؤسسات التي تشرف عليها في إقامة مجتمع المعرفة وتحويل المفاهيم إلى برامج عملية ملموسة للنهوض بالفرد والمجتمع في الوطن العربي ليواكب الدول المتقدمة.

وتمت خلال الملتقى مناقشة المفهوم المعرفي في الوطن العربي من منظور التنمية الإنسانية، والتعرف إلى التجارب الناجحة في الدول العربية والتحديات والصعوبات التي تواجهها المؤسسات في تنفيذ برامجها وكيفية التغلب عليها، كما تم الاطلاع على لأساليب الحديثة لنشر المعرفة.

واشتمل الملتقى العربي الأول على أوراق عمل مهمة، تناولت التحديات والصعوبات التي تقف عائقا أمام إقامة مجتمع المعرفة، ومن أبرز أوراق العمل التي تم عرضها في الملتقى ورقة الدكتور إبراهيم بدران عضو منتدى الفكر العربي في الأردن الذي تحدث عن دور المفكرين في تأسيس مجتمع المعرفة، وعن إشكالات المعرفة في مقاييس الثروة المعرفية، وخروج المعرفة من دائرة التشكل والنمو والحيثيات لتصبح معرفة مجتمعية وليست نخبوية.

وأكد الدكتور بدران أن الدارس لتقدم الحضارة الإنسانية يلاحظ بكل وضوح أنه مع ارتقاء المعرفة أخذت الحضارة بالارتقاء، وان القفزات الحضارية كانت ترتكز دائماً على قفزات معرفية واضحة المعالم. ينطبق ذلك على الحضارة الإغريقية والرومانية والإسلامية كما ينطبق على الحضارة الغربية ابتداء من القرن الثالث عشر وانتهاء بالقرن الحادي والعشرين. وسيستمر الأمر كذلك على مدى العصور . كذلك فإن تدهور الحضارات رافقه تدهور في الإنتاج وتدهور في المعرفة وهو ما يميز سقوط أو تراجع الحضارات القديمة والوسيطة.

وأضاف بدران إن ثورة الاتصالات التي اجتاحت العالم في النصف الأخير من القرن العشرين ساعدت على إعطاء المعرفة مزيداً من الديناميكية الأفقية والعمودية بالنسبة للمجتمع وبالنسبة للمجتمعات على المستوى العالمي ، وكان ذلك جزءاً من العوامل المحفزة لعولمة المعرفة، غير ان المعرفة بالمفهوم الذي أشرنا إليه لا تتحول من الحالة العولمية (أي يمكن الاستفادة منها على مستوى المجتمع العالمي) الى الحالة المجتمعية الخاصة (أي لتصبح جزءاً من إمكانات مجتمع معين كالمجتمع العربي أو المجتمع الأردني أو المصري أو البحريني على سبيل المثال)إلا إذا انخرط المجتمع المعني بالممارسة والتطبيق. وهذا يقودنا إلى مسألة بالغة الأهمية، كما يقول بدران، وهي أن المعرفة ليست مسألة نخبوية ولا هي مسألة نظرية أو رؤى ثقافية أو فكرة فلسفية أو مقاربة تاريخية إذا تم الاطلاع عليها تحققت الغاية، وإنما المعرفة بالضرورة وبالدرجة الأولى ممارسة فعلية للإنتاج القائم على مدخلات العلم والتكنولوجيا المتصاعدة.

ومن هنا فإن تأكيد «الصفة المعرفية على المجتمع» ليصبح مجتمع معرفة يعني بالضرورة أننا أخذنا نشهد تصاعد مقدرته الإنتاجية بالاعتماد على العلم والتكنولوجيا. ومن أوراق العمل اللافتة ورقة العمل: آفاق على خط التجديد(نحو إنسان عربي جديد) لعيسى الشارقي من جمعية التجديد الثقافية في البحرين، حيث ركزت هذه الورقة بداية، على ضرورة الانطلاق من هويتنا الخاصة، ورسالتنا التي نحملها للعالم، فالأمة العربية الإسلامية ليست كسواها من الأمم، فهي أمة ترى في نفسها أنها خير أمة أخرجت للناس، ولديها رسالة تبلغها. هذه هي الأرضية التي تؤمن بها جماهير هذه الأمة، ومن الواجب أن ننطلق بالأمة مما تؤمن به، وتراه رسالة لها، لأن ذلك سيكون أدعى لانطلاقها واستجابتها.

ثم عرضت الورقة للأزمة العميقة التي تعيشها هذه الأمة، والتي أفقدتها القدرة على متابعة الأمم عوضاً عن قيادتها وريادتها، ومن ثم يتبين لنا أهمية التجديد في هذه الأمة، وإعادة تأهيلها وتأهيل إنسانها. ثم استعرضت بعض القضايا، التي، كما يقول عيسى الشارقي: وجدنا أن التقرير إما أغفلها كلياً، أو أغفل جانباً أساسياً فيها، وركز على جانب آخر، كما نجده في التركيز على جانب القدرة المادية غالبا، وذلك لما في غياب هذه القدرات من تأثير واضح ومباشر في تخلف قدرة أمتنا على المنافسة والتقدم، ولكننا نرى أن الاهتمام بهذا الجانب وحده، لا يسد الخلل، بل هو ليس بأهمية الجوانب المعنوية والأخلاقية والتربوية، التي لم يجد لها الشارقي في تقرير التنمية الإنسانية ما يناسب أهميتها البالغة.

وتؤكد ورقة العمل التي حملت عنوان «الفكر العربي المعاصر: الهوية والتحديات» لحسن محمد عدنان سالم من دار الفكر في سوريا أن الصراع بين الأمم في عصر المعلومات سيكون صراع أفكار، وأن عالم الأفكار هو ذروة العوالم التي ينوس بينها الإنسان بعد عالمي الأشياء والأشخاص، وأن العالم ينعطف بسرعة فائقة من عصر اقتصاد الصناعة إلى عصر اقتصاد المعرفة، وأن تقدم الأمم في هذا العصر سوف يقاس بما تملكه من ثروة المعلومات، لا بما تختزنه من ثروة المال و«المداخن» الشاهقة وقوة السلاح.

كما أوضح حسن سالم في ورقته أن مخزوننا الفكري لا يقل عن مخزوننا النفطي، بل هو أعظم وأبقى، وأن لدينا مفكرين أفذاذاً لم نوظف أفكارهم ولم نتداولها. وقال: إن لدينا خارطة لطريق التقدم الإنساني وإن عالم اليوم أحوج ما يكون إليها لملء فراغه السياسي والأيديولوجي والأخلاقي والروحي، الذي لم تستطع حداثته أن تملأها.

لكنّ خطابنا الفكري الراهن - كما يصفه حسن سالم - غير مؤهل لتغييرنا في الداخل، فضلاً عن توجيه رسالة إلى الخارج تحجز لنا مكاناً لائقاً في المجتمع الدولي. إن خطابنا الفكري يعاني من: سكون مطبق أوقف حركة الزمن لديه، وعزله عن ركب التقدم ليصبح محنَّطاً مثل أصحاب الكهف والرقيم، يعرض في متاحف التاريخ، ولا تصلح عملته للتداول في المنتدى العالمي. ويعاني من عوز الإبداع، الذي انكفأ بسببه للاجترار والتكرار أو التقليد والقرصنة والمحاكاة. وهو يتميز بأحادية، تحتكر الحقيقة والمعرفة والرأي على طريقة فرعون.

وعرضت الدكتورة رفيعة غباش رئيسة جامعة الخليج «مآسي» الوضع المعرفي في تقرير التنمية الإنسانية للعام 3002 حيث ركزت على نقص المعرفة وتهميش المرأة ونقص الحريات في الوطن العربي، ودعت الدكتورة غباش إلى وضع تصورات لحل الإشكالات العربية وتجديد النظم التربوية القديمة ذات الموارد الفقيرة. وأشارت في عرضها لورقة العمل إلى أن نسبة إنتاج الكتاب في العالم العربي لا تتجاوز 1٪ من الإنتاج العالمي، وأكدت على ضرورة اطلاق الحريات وتعزيز الحكم الصالح والاستناد إلى البنية القانونية وتنمية الإنسان وإفساح المجال أمام المجتمع لينمو، والنهوض بالتعليم العالي والاهتمام باللغة العربية، وشددت غباش على أن الإصلاح الذي يصون الأمة يجب أن يكون من الداخل.

وأكدت الدكتورة مريم سلطان لوتاه من جامعة الإمارات في عرضها على ضرورة اتباع المنهج العقلي كأفق أساسي للمعرفة ولتقدم المجتمعات العربية، وقد تساءلت لوتاه: لماذا يتقدم الآخرون؟ ولماذا نتخلف نحن؟ لماذا لا يقودنا التعليم في عالمنا العربي إلى معرفة أفضل؟ مشيرة إلى أن المؤسسات التعليمية تهمل العلوم الإنسانية وتغلق أقسام المعرفة وترسخ أقساما تكيف وفق احتياجات السوق، وطالبت الدكتورة مريم لوتاه بإيجاد شراكة بين قوى المجتمع كافة من أجل صناعة المعرفة.

وختاماً نقول إن الرؤية الاستراتيجية التي آمن بها الملتقى العربي الأول للتنمية الإنسانية لإقامة مجتمع المعرفة في البلدان العربية هي: إطلاق الحريات الرأي والتعبير والتنظيم، وضمانها بالحكم الصالح، والنشر الكامل للتعليم ذي النوعية الممتازة مع العناية بطرفي الاتصال والتعلم المستمر مدى الحياة، كما آمن الملتقى بتوطين التعليم وبناء قدرات ذاتية في البحث والتطوير التقني في جميع النشاطات المجتمعية، وبالتحديث الحثيث نحو نمط إنتاج المعرفة في البنية الاجتماعية والاقتصادية العربية.

مجلة آراء حول الخليج