array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

موقف القوى الإقليمية من الانتخابات

السبت، 01 كانون2/يناير 2005

بدءاً ينبغي القول، إن هذه الدراسة كتبت على عجالة، بسبب ضيق الوقت، فما يفصلنا عن الانتخابات المزمع إجراؤها في العراق سوى أيام معدودة، ومتطلبات كتابتها لم تتجاوز مع الطباعة الأسبوع الواحد، وعليه فإنها لا يمكن أن تحيط بكل المتغيرات المتعلقة بهذه الانتخابات، لاسيما أن الإعلانات والتصريحات بشأن إجرائها أو تأجيلها، فضلاً عن التحديات والمشكلات التي تواجهها أو التي سوف تواجهها هي من الكثرة والتنوع بحيث يصعب على أي باحث مهما أوتي من سعة اطلاع أو حصافة رأي أو قوة بيان أن يلم بها أو يحيط بها جميعاً. ولكن ما يدرك كله لا يترك جله، عليه جاءت هذه المحاولة المتواضعة من لدن الباحث، لتسجل وتحلل مواقف بعض القوى الإقليمية، لاسيما منها دول الجوار التي تحيط بالعراق إحاطة السوار بالمعصم، فضلاً عن دراسة موقف مصر والجامعة العربية لما يشكلانه من أهمية في نظامنا العربي المتصدع!

جمهورية إيران الإسلامية:

أعلنت إيران موقفاً واضحاً وصريحاً من الانتخابات المزمع إجراؤها في العراق في الثلاثين من يناير/ كانون الثاني 2005، وهو موقف يتلخص في سطور قليلة مفادها رغبة إيران القوية في ضرورة إجراء الانتخابات وفي موعدها المحدد. وموقف إيران هذا يمكن تلمسه في أكثر من مؤشر، منها تصريح كمال خرازي وزير خارجية إيران، لدى حضوره مؤتمر شرم الشيخ الخاص بالعراق، إذ قال "إن بلاده مع ضرورة تشكيل حكومة وطنية عراقية منتخبة تلتزم بتعهداتها الدولية"، ورحب الوزير الإيراني بدور سياسي للأمم المتحدة في الانتخابات، بل إن آية الله أحمد جنتي، الذي يعد من الإيرانيين المحافظين المتشددين، دعا في خطبة له يوم 17/12/2004 العراقيين إلى المشاركة في الانتخابات العامة التي ستجرى في الثلاثين من يناير/ كانون الثاني 2005. ونقلت الإذاعة عن آية الله جنتي رئيس مجلس صيانة الدستور (الهيئة الأساسية في النظام السياسي الإيراني)، قوله في خطبة الجمعة "إذ شئتم أن تضمنوا مستقبلكم فشاركوا في الانتخابات وشاركوا بكثافة"، واعتبر جنتي أنه يجب ان تكون للعراقيين جمعية وطنية قوية كي يتمكنوا من أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم، كما حذر من "إمكانية وقوع عملية تزوير"، وشجع رجال الدين العراقيين وغيرهم من الشخصيات على مراقبة الانتخابات.

إن مثل هذه التصريحات وغيرها، مع ملاحظة الاهتمام الإيراني الرسمي الفائق بالشأن العراقي، والسعي للحصول على نفوذ واسع في الوسط الشعبي والرسمي والديني، دفعت الكثير من المسؤولين العراقيين والأمريكيين والعرب، للإعلان عن خوفهم من هذا التحرك من جهة وتحذيرهم لإيران من مغبة هذا التدخل من جهة أخرى. فقد جاء على لسان غازي الياور "الرئيس المؤقت للعراق"، في حديث خاص لشبكة التلفزة الأمريكية: "سي.إن.إن" يوم 8/12/2004، "أنه يشعر بالقلق" في رده على سؤال عن تأثير إيران في الانتخابات العراقية. وأكد أن هناك تدخلاً إيرانياً كبيراً في الشؤون العراقية". في الوقت نفسه صرح لصحيفة "الواشنطن بوست" " بأن طهران تصرف الكثير من الأموال مع اقتراب الانتخابات العراقية وأنها

تقوم بنشاطات استخبارية كثيرة لاسيما في جنوب شرق العراق". بل إن نائب الرئيس الدكتور إبراهيم الجعفري الذي يتمتع بعلاقة جيدة مع إيران، اعترف في مؤتمر صحفي في دمشق، بأن (هناك تسللاً سوريا وإيرانياً وكويتياً) بل إن وزير الداخلية فلاح النقيب، كان أكثر وضوحاً عندما قال في حديث صحفي: "إن لإيران نفوذها في العراق ولها جماعات عراقية موالية لإيران لكن هناك من يقف إلى جانب إيران التي تريد أن ترجح كفة الانتخابات لجهة مصالحها وأنصارها"، وربما عنى بذلك الأحزاب والجماعات والتيارات السياسية الدينية التي تتمتع بعلاقات جيدة مع إيران بحكم استضافة إيران لها خلال سنوات المنفى، مثل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وحزب الدعوة الإسلامية وغيرها. هذا ما ذهب إليه أيضاً رجل الدين العراقي إياد جمال الدين بقوله: "هناك رغبة جادة لدى إيران لتكون هي المهيمنة في البرلمان العراقي من خلال أصدقائها الموجودين داخل العراق، ولا ننسى أن هناك قوى سياسية عراقية لها علاقة وثيقة بإيران كونها تأسست على الأراضي الإيرانية وهي على علاقة وثيقة بها". وأضاف إياد جمال الدين إن هذه القوى دعمت "من قبل إيران بأموال هائلة وتحت خدمتهم القنوات الفضائية والصحف والمراكز الإعلامية وباستطاعتهم التأثير بقوة في آراء الناس، وأنا برأيي أن الصراع الحقيقي هو بين قوى ديمقراطية وطنية وبين قوى إسلامية تفكر بإنشاء إقليم إسلامي أو بلد إسلامي كبير بنوع من التحالفات الإيرانية والسورية تحديداً".

إن هذا التحرك الإيراني، دفع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لتوجيه اتهامات غير مسبوقة لإيران بالتدخل في شؤون العراق، "محذراً من سعيها لتشكيل "هلال شيعي" يضم العراق وسوريا ولبنان، ويهدد استقرار دول الخليج التي تقطنها أقليات شيعية. وتأكيده على دخول مليون إيراني إلى "العراق الجديد" واستعدادهم للتصويت في الانتخابات المقبلة. وتزامنت تصريحات الملك عبدالله مع زيارته إلى واشنطن ولقائه مع الرئيس بوش". وأضاف الملك عبدالله في حديث إلى صحيفة (الواشطن بوست) إن "إيران تجد مصلحتها في إقامة جمهورية إسلامية في العراق، وهي تمول نشاطات خيرية عدة في هذا البلد لتحسين صورتها، وشجعت أكثر من مليون (...) على عبور الحدود للتصويت في الانتخابات العامة المقررة في 30 كانون الثاني 2005 وفقاً لرغبتها"، وأكد "أن هناك كثيرين وعدداً كبيراً يستخدمون خلال الانتخابات للتأثير في النتيجة". وحذر من وصول حكومة موالية لإيران تعمل على إنشاء (هلال) إقليمي - كما ورد قبل سطور قليلة - "تحت نفوذ شيعي يضم العراق وإيران وسوريا ولبنان، ورأى أن التوازن التقليدي بين الشيعة والسنة سيتأثر بذلك وسيترجم مشاكل جديدة لا تقتصر على حدود العراق".

ومن جانبه، فإن وزير الدفاع الأمريكي والشخص النافذ في الإدارة الأمريكية ( دونالد رامسفيلد )، اتهم (إيران بأنها ترسل أسلحة وأموالاً إلى العراق في محاولة للتأثير في نتائج الانتخابات العراقية المقررة في يناير 2005. وقال رامسفيلد أمام مجلس العلاقات الخارجية وهو مجموعة أبحاث حول العلاقات الدولية ومقره نيويورك، إن إيران التي تواجهت في حرب مع العراق في الثمانينات لديها مصلحة كبيرة في ما يحصل في العراق، وأن طهران "تتدخل كثيراً" في العراق. وأضاف "يريد (الإيرانيون) بوضوح التأثير في سير الانتخابات وهم يفعلون ذلك بشكل عدائي، وأنهم يرسلون المال إلى العراق كما أنهم يرسلون الأسلحة (....) وهم لا يساعدون بتاتا". وقال رامسفيلد ان لإيران علاقة (غريبة) مع تنظيم القاعدة".

إن هذه الانطباعات عن إيران، واتهامها بالتدخل المباشر في الشأن العراقي بصورة عامة والانتخابات المقبلة على نحو خاص، دفعت الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان للتساؤل قائلاً: "هل يمكن أن نحيد التدخل من جانب الإيرانيين والسوريين في الانتخابات العراقية؟ أم أنهم سيفوقوننا حيلة؟".

من خلال ما تقدم يتضح أن هناك تدخلاً إيرانياً في الشأن العراقي بصورة عامة، وفي موضوعة الانتخاب على نحو خاص. والسؤال الذي يطرح نفسه، هل إن مثل هذا التدخل يعد غريباً أو غير متوقع؟ والجواب طبعاً لا، لسبب بسيط، وهو أن إيران ترى نفسها جارة ذات حدود طويلة مع العراق (أكثر من 1200 كلم- طول الحدود)، ولها مشتركات دينية- مذهبية مع المجتمع العراقي، كما أن لها مصالح اقتصادية ذات طابع تجاري، ويمكن أن تتطور إلى طابع استثماري في بلد ثري مثل العراق يزخر بالنفط والماء والثروات الأخرى، فضلاً عن طموحها في الحصول على مستحقات من العراق، وفقاً لما أعلنه أحمد رضا آصفي، من "أن إيران ستطالب الحكومة العراقية المقبلة بتعويضات لما لحق بها من دمار خلال الحرب التي دارت بين البلدين"، مضيفاً: "إن المطالبة بتعويضات عن أضرار الحرب من حقنا وليس وارداً ان نتخلى عنها في الوقت الحاضر"، مضيفاً "إن شطبها ليس وارداً" - وفقاً لاعتقاده -. إن كل ذلك يعني أن من مصلحة إيران قيام حكومة عراقية "منتخبة" بأسرع وقت ممكن، حكومة فيها الكلمة العليا لأصدقائها في العراق من القوى السياسية، وهي بذلك سوف تضمن مصالحها وتديم علاقتها مع العراق بما يحقق أفضل النتائج لطموحها وسياستها الخارجية.

الجمهورية العربية السورية:

يبدو أن سوريا نالت حصتها هي الأخرى من الاتهامات والتصريحات العراقية الرسمية والأمريكية وغير الأمريكية، التي تحملها مسؤولية التدخل بالشأن الداخلي العراقي، وإيواء عناصر عراقية مناوئة للحكومة العراقية المؤقتة والوجود الأمريكي في العراق، فالرئيس العراقي المؤقت غازي الياور صرح وبعبارات لافتة للنظر، بأن في "سوريا أشراراً يفلتون من وجه العدالة" على حد تعبيره، بل إن كلامه تزامن مع (قول المسؤولين الأمريكيين إن بعثيين في النظام العراقي السابق "يوجهون من سوريا عمليات المقاتلين" داخل العراق ويجمعون لهم التبرعات" ويبدو أن هذه الاتهامات تحولت إلى (قناعات) لدى الحكومة العراقية المؤقتة، إلى درجة دفعت بنائب رئيس الوزراء المؤقت برهم صالح إلى توجيه إنذار إلى (الجارين (سوريا وإيران) ولمح إلى فقدان الصبر معهما لعدم قيامهما بمنع حدوث مثل هذه الأعمال، وعدم الوفاء بالتعهدات). وخلال مؤتمره الصحفي في دمشق، أشار الدكتور إبراهيم الجعفري، نائب الرئيس المؤقت في العراق، إلى أن هناك "تسللاً سورياً" لكنه أردف إنه يمكن لسوريا أن "تقف موقفاً جيداً لمساعدة العراقيين على رسم مستقبلهم". ومن جانبها فإن الولايات المتحدة تتهم سوريا باستمرار بـ"تسهيل تنقل الإرهابيين من وإلى العراق"- وفقاً لما ذهب إليه (رامسفيلد)، الذي يقول: "إن سوريا "لا تساعد بتاتا" في محاولات إعادة الاستقرار إلى العراق). ويضيف: "ان سوريا استخدمت حدودها مع العراق "لتسهيل انتقال "الإرهابيين" والأموال" إلى العراق ومنه". وعليه فإن سكوت ماكليلان، المتحدث باسم البيت الأبيض، حذر سوريا من مغبة (أي تدخل في العملية الانتخابية في العراق) ، والرأي ذاته ذهب إليه الكاتب توماس فريدمان من الإشارة إلى مسألة تحييد سوريا في الانتخابات العراقية.

ويبدو أن هناك تخوفاً أمريكياً ليس من مسألة تدخل سوري عام في الشأن العراقي حسب، وإنما من إمكانية تدخل سوريا في الانتخابات العراقية المقبلة. وهذا يقودنا إلى ضرورة التعريف بالموقف السوري في هذا الشأن. وهو الموقف الذي يمكن أن نسجله من تصريح فاروق الشرع وزير الخارجية السوري في لقائه مع كولن باول على هامش مؤتمر شرم الشيخ الخاص بالعراق الذي انعقد في الفترة الماضية، إذ شدد الشرع على وجوب "مشاركة جميع العراقيين في الانتخابات المقبلة". كما "عبر الشرع عن انزعاج سوريا الشديد مما يحصل في الفلوجة مطالباً بوقف قصف المدنيين"، كما "أكد على ضرورة أن تشمل الانتخابات كافة المناطق العراقية وبمشاركة جميع العراقيين" وأن "يكون مؤتمر شرم الشيخ نقطة انطلاق لمساعدة العراق على الخروج من الوضع الراهن".

ويبدو من خلال هذه التصريحات، أن سوريا تريد أن تكون عملية الانتخابات شاملة لجميع العراقيين من دون استثناء، وأن تشمل كل مناطق العراق، وألا تجرى في منطقة دون أخرى، وهذا ما نستشفه من تصريحات أخرى للشرع، منها تصريحه في أحد المؤتمرات المحلية داخل سوريا بقوله: "إن الانتخابات المزمعة في العراق، هي "عملية مفصلية" وأنه توجد رهانات عليها داخل العراق وخارجه، ونحن في سوريا لا يجوز أن نضع عراقيل أمام هذه العملية السياسية، لأنه إذا كان الأمن هو السبب في تأجيل الانتخابات، فلا يوجد بيننا من يعتقد جازماً أن الأمن بعد ستة أشهر سيكون أفضل من الآن. ورأى الشرع أنه ليس مهماً أن تجرى الانتخابات في موعدها أو لا، بل المهم ان تشمل الانتخابات كل مناطق العراق وكل شرائح الشعب العراقي".

المملكة الأردنية الهاشمية:

في البدء كان الأردن متخوفاً من (إجراء انتخابات وسط أجواء العنف السائدة في العراق) كما عبر عن ذلك العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، الذي أكد في حديث لصحيفة (لوفيغارو) الفرنسية يوم 28/9/2004، "أن استثناء المناطق المضطربة من الانتخابات العراقية لن يكون من شأنه سوى عزل السنة في العراق وإحداث انقسامات أعمق في البلاد". وأضاف الملك قائلاً: يبدو لي أنه من المتعذر تنظيم انتخابات لا تثير الجدل وسط الفوضى التي نشهدها اليوم"، وتابع إذا ما جرت الانتخابات في الفوضى الحالية فسيكون أفضل الفصائل تنظيما هو فصيل المتطرفين وستعكس هذه الميزة". بيد أن الأردن، وبفعل ما لاحظه من متغيرات في المنطقة تبنى إلى حد كبير الموقف السائد، وهو الموقف الذي يساير إجراء الانتخابات في موعدها المحدد يوم 30 يناير /كانون الثاني 2005، ويبدو أن المتغير الأكبر الذي دفع الأردن نحو هذا الاتجاه، هو ما أفصح عنه العاهل الأردني من مخاوف ومحاذير (من وصول حكومة موالية لإيران في العراق تعمل من أجل إنشاء هلال إقليمي تحت نفوذ شيعي يضم العراق وإيران وسوريا ولبنان، ورأى أن التوازن التقليدي بين الشيعة والسنة سيتأثر بذلك، الأمر الذي سيترجم بمشاكل جديدة لا تقتصر على حدود العراق). وقال الملك في مقابلة مع صحيفة "الواشنطن بوست" معبراً عن قناعته وآرائه: إن "إيران تجد مصلحتها في إقامة جمهورية إسلامية في العراق (....) وبالتالي يهدف تورط الإيرانيين إلى وصول حكومة تكون مقربة جداً من الإيرانيين". لذلك ووفقاً لهذه القناعة الملكية فإن العاهل الأردني وانطلاقاً من هذه القناعة يقول "إن هناك أشخاصاً كثيرين وعدداً كبيراً من الإيرانيين سيستخدمون خلال الانتخابات من أجل التأثير في النتيجة". وعليه فإن الملك يرى أنه لم تعد هناك فائدة من التأجيل أو عدم المشاركة، لذا نراه يقول: "ما قلته للقيادة السنية هو إذا ما اقترحتم تأجيل الانتخابات فإن ذلك لا يكفي. عليكم الخروج بأسباب وبرامج يمكن أن تقنع المجتمع الدولي بالأسباب التي تدعو إلى تأجيل الانتخابات والمدة الزمنية لكن ذلك لم يحدث، إذا اعتقد أنه في ظل هذه الظروف فإن الانتخابات ستجرى في موعدها وعلى السنة أن يمضوا قدماً. 

وعليه، فإنه واستناداً لما أورده العاهل الأردني أعلاه، فإنه يأمل "بأن تجري الانتخابات في موعدها، وان الأردن يعمل مع العراقيين والمجتمع الدولي من أجل إقامة الانتخابات في الثلاثين من كانون الثاني 2005". وأضاف العاهل الأردني موضحاً الموقف الحالي للأردن من الانتخابات العراقية، قائلا: "لقد كانت لدي مخاوف بشأن عدم الاستقرار لكن من الواضح لي أن الحكومة العراقية والمجتمع الدولي متمسكان بموعد الثلاثين من كانون الثاني 2005 ولا أعتقد أنهما سيغيران هذا الموعد، كما أعتقد أن أمامنا مسؤولية التواصل مع السنة في هذا الوقت والذين هم قلقون بشأن الانتخابات وأن نقول لهم إن الانتخابات ستجرى في موعدها وإذا لم تلتزموا بهذه الانتخابات فإنكم ستفوتون الفرصة".

وأبدى الملك قلقه ومخاوفه في حال عدم مشاركة "السنة" في الانتخابات لذا نراه يقول "إنه إذا تمكننا من إقامة الانتخابات فإن هذا سيمثل مرحلة جديدة للعراق ونأمل بأن تكون أفضل، المشكلة هي أنه إذا لم يشارك السنة في الانتخابات فعندها ستخول الحكومة بصياغة الدستور. وقلقي هو عندما نريد صياغة الدستور في ظل غياب جزء من المجتمع فإن هذا قد يخلق المشاكل، لذا آمل بأن نتمكن في الأردن ودول أخرى وقادة آخرون من أن نقنع السنة بالذهاب إلى صناديق الاقتراع". ويفصح الملك عن مخاوفه من انقسام العراق وتنازع مكوناته في حال استبعاد مكون من مكوناته عن المشاركة السياسية أو صياغة الدستور الدائم بقوله: "إن هذا يمثل قلقاً دائماً ومجدداً فإن الكلمة الفصل تعود للدستور، وعلينا أن نفكر خارج الإطار التقليدي لأنه يمكن خلق ظروف تتم فيها صياغة الدستور بطريقة تستثني جزءاً من المجتمع وهذا قد يدفع الناس باتجاه حرب أهلية.. وكلنا في المجتمع الدولي متفقون على دعم الحكومة العراقية الحالية وقد أصبح جلياً أن الانتخابات ستجرى في موعدها، وعلينا أن نحث المجتمع الدولي على المشاركة". وختم الملك حديثه بالتأكيد على (ضرورة مشاركة السنة في الانتخابات المقبلة مشيرا إلى أن عدم مشاركتهم سيفوت عليهم فرصة أن يكونوا جزءا فاعلا في النظام السياسي في العراق والمشاركة في صياغة الدستور وتقرير المستقبل الأفضل لبلدهم). وحذر الملك (من أية محاولة لتغيير الجغرافية السياسية المتوازنة بين السنة والشيعة في المنطقة). وأكد على (ضرورة أن تجرى الانتخابات في كامل المناطق العراقية وبمشاركة جميع العراقيين، محذرا في هذا السياق من أي تدخلات خارجية في هذه الانتخابات وخاصة من دول الجوار). وأخيرا يمكن القول إن الموقف الأردني من الوضع العراقي بات يرتكز على ثوابت أبرزها الحفاظ على (عراق عربي موحد أرضا وشعبا، وأن تمثل الانتخابات العراقية المقررة كافة فئات الشعب العراقي).

ويبدو أن الأردن، يخشى من بروز أو ظهور قوة سياسية تسيطر على السلطة السياسية في العراق تكون قريبة من إيران، مما يؤثر في علاقة الأردن التاريخية مع العراق، فضلا عن مصالحه النفطية المرتبطة بتوريد النفط العراقي بأسعار تفضيلية، وضياع السوق العراقية الواسعة، واعتماد العراق على الأردن كممر رئيسي لوارداته التجارية، فضلا عن وجود جالية عراقية كبيرة في الأردن تزيد على 800000 نسمة.

الكويت:

تخشى الكويت من أن يؤدي اضطراب الوضع الأمني في العراق واستمرار حالة عدم الاستقرار السياسي فيه إلى ظهور بوادر الانقسام الأهلي الذي ربما ينعكس سلبا على أمن الكويت ووحدتها الوطنية، كما تخشى أن يؤدي تفاقم الوضع الأمني والسياسي في العراق إلى ظهور حكم ديكتاتوري يشكل ضاغطا قويا على استقرار الكويت ومستقبلها. وهذا الأمر عبر عنه وزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد الصباح الذي قال: "نتخوف من حكم يؤدي إلى تقسيم العراق، شيعي، سني، كردي، عربي، آشوري.. بغض النظر، أننا نتخوف من حكم يعيد الديكتاتورية إلى العراق بحيث يعود العراق مصدر قلق وتهديد لدول الجوار. أكثر ما نخاف منه، هو عودة نظام يقسم العراق أو نظام يعيده "كبعبع". ما عدا ذلك، لا شيء، فنحن لا نضع نظارة طائفية أو نظارة عرقية تجاه العراق، كل ما نريده للعراق هو الأمن والاستقرار".
ويخشى الكويت من استمرار حالة العنف والمقاومة المسلحة ضد الوجود الأمريكي العسكري في العراق، أيضا بسبب انخراط بعض الكويتيين في هذه المقاومة وتسلل هذا البعض إلى داخل الأراضي العراقية، وهذا الأمر اعترف به نائب الرئيس العراقي المؤقت الدكتور إبراهيم الجعفري. كما اعترف به الشيخ محمد الصباح وزير الخارجية الكويتي بيد أنه أشار إلى أن عدد المتسللين الكويتيين إلى العراق هو "محدود جدا".

وكان صحيفة "القبس" الكويتية نقلت عن مصدر لم تكشفه في العراق يوم 18/10/2004، (أن تسعة من رعايا الخليج على الأقل بينهم كويتيون وسعوديون قتلوا في العراق منذ بداية الغزو). وعليه، فإن الكويت تسعى ألا يشكل العراق نقطة جذب للأصوليين أو غيرهم، ممن لا يتوافقون مع سياساتها ومصالحها، لذا سعى المسؤولون إلى التوافق مع التوجهات الأمريكية لتأكيد أهمية مؤتمر شرم الشيخ، وقرار مجلس الأمن رقم 1546 لأن هذا القرار - كما يقول وزير الخارجية الكويتي - "يمثل الشرعية الدولية وأصبح جزءا من القانون الدولي، لإعادة السيادة كاملة للعراق بتطبيق القرار 1546، الذي صدر بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ولذلك نرى أن حضورنا ومساهمتنا يأتيان ضمن الاستحقاق الدولي تجاه العراق".

وتخشى الكويت من عدم تدارك الوضع في العراق، وترى أن مثل هذا الأمر لا ينعكس سلبا على الكويت، لذا نجد الوزير الكويتي يقول: إننا نفكر بمنع انزلاق العراق "إلى الفوضى التي إذا حصلت في العراق ستكون مثل جرثومة تنتقل إلى دول الجوار". ويلمح الوزير إلى أن الخطر يكمن في جماعة الزرقاوي المرتبطة بالقاعدة، إذ يقول هناك "مجموعة صغيرة تحاول دفع العراق للانزلاق في هذا المستنقع"، وهو يخشى- من وجهة نظره - أن ينزلق بعض الكويتيين إلى هذا المكان بقوله: "هناك عدد محدود جدا من الكويتيين، ربما اثنان قتلا في العراق، وهذا أمر مؤسف، ونعمل بشكل جاهد لمنع هذه التنظيمات (الإرهابية) من خطف أبنائنا لأمور إجرامية".

وانطلاقا من هذه الانطباعات والمخاوف، فإن الكويت مقتنعة بأن الحل في التسويات السياسية مثل مؤتمر شرم الشيخ، وفي ضرورة إجراء الانتخابات العراقية التي ينبغي أن تشمل جميع العراقيين، وعليه شاركت الكويت في قمة المنامة لقادة دول مجلس التعاون الخليجي التي صدر في ختامها بيان أعرب عن أمل القادة "بمشاركة كافة فئات الشعب العراقي في الانتخابات المقبلة، وجدد قادة المجلس الأمل بأن تعمل الإدارة الأمريكية بفعالية مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي كل ما من شأنه تمكين الشعب العراقي بكافة فئاته من الإسهام في العملية السياسية في العراق المتمثلة في إجراء الانتخابات التي من شأنها أن تؤدي إلى تمكين الشعب العراقي من تحديد مستقبله السياسي والاقتصادي". ويبدو أن الكويت تتمنى أن تجرى الانتخابات في موعدها، وأن تشارك فيها كل القوى العراقية، من أجل انتخاب حكومة عراقية، لا تسعى لتحقيق الأمن والسلام المفقودين فقط، وإنما معالجة مسألة التعويضات والديون والملفات الأخرى المعلقة.

المملكة العربية السعودية:

تعاني المملكة في هذه المرحلة من تصاعد موجة العنف داخل أراضيها بسبب نشاط الأصوليين المرتبطين بتنظيم القاعدة، لذلك فهي ترى أن أي تطور سلبي على صعيد الأمن والاستقرار في العراق لا بد أن ينعكس سلبا على الأمن الوطني السعودي. وترى السعودية - وفق وجهة نظرها - وكما جاء على لسان الأمير تركي الفيصل سفير المملكة لدى بريطانيا، (أن العراق أصبح "قطبا جاذبا للإرهابيين الأجانب" منذ غزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة، وأنه ليس هناك قوات كافية للتعامل مع الوضع. وحذر الأمير تركي، وهو رئيس سابق للمخابرات السعودية، من أن تفتيت العراق، قد يمثل تهديدا كبيرا للسلام الدولي. وقال في مقابلة مع (رويترز) إن غزو العراق في مارس عام 2003، وما تلاه من حل قوات الأمن العراقية خلق فراغا تسلل منه المتشددون، وقال الأمير تركي" العراق قطب جاذب للإرهابيين، والغزو بالتأكيد لم يلب توقعات الرئيس الأمريكي جورج بوش بأن يكون نهاية للإرهاب في جانبنا من العالم"). ومضى السفير السعودي معبرا عن مخاوف السعودية من تدهور الحالة الأمنية في العراق، وعدم كفاية قوات الاحتلال الأمريكي والبريطاني لحفظ الأمن والاستقرار في العراق وانعكاس ذلك على الأمن والاستقرار في بلاده، مذكراً بالدعوة السعودية لاستقدام قوات عربية إسلامية لحفظ الأمن والسلام في العراق، وهي المبادرة التي لم تحظ بقبول الكثيرين، إذ يقول معبرا عن وجهة نظره الرسمية "كل ما في الأمر أنه لا توجد قوات أمنية كافية في الميدان تفي بمتطلبات الوضع. قوة الطرد زادت في العراق. التقسيم سيكون ضارا ليس للمملكة العربية السعودية فقط، ولكن في المقام الأول للشعب العراقي وثانيا لكل دول الجوار وثالثا للمتجمع الدولي".

وقال الأمير: "إن هناك حاجة لنشر قوات أكثر بكثير في العراق، لكنه لم يحدد عددها، وأعرب الأمير تركي عن أمله بأن تنال الخطة السعودية التي طرحت في القبول المطلوب لإحلال قوات أمن متعددة الجنسيات من دول عربية وإسلامية محل القوات الأمريكية والأجنبية الأخرى". وقال مشيرا للخطة "إنها لا تزال على الطاولة، أعتقد أنها لم تبحث بعد..". ومن الجدير بالذكر، أن الولايات المتحدة أعلنت (أن الحكومة العراقية المؤقتة والقادة العسكريين الأمريكيين رفضوا الخطة التي طرحتها السعودية في يوليو/ تموز الماضي، بشأن إرسال قوات من دول إسلامية إلى العراق لحماية موظفي الأمم المتحدة أثناء الإعداد للانتخابات المقرر إجراؤها في يناير 2005).

وقال سكوت مكليلان المتحدث باسم البيت الأبيض: (إن الحكومة العراقية لديها تحفظات على وجود قوات من دول مجاورة داخل العراق، فضلا عن أن قادة القوات متعددة الجنسيات المنتشرة في الأراضي العراقية لديهم تحفظات مماثلة). ويبدو أن المخاوف سوف تظل تراود المسؤولين السعوديين، بسبب تفاقم الوضع الأمني والسياسي في العراق وانعكاس ذلك على أمن السعودية واستقرارها، وهو ما اتضح جليا في ازدياد موجة العنف الأصولي في السعودية في الفترة الأخيرة. وعليه شاركت في مؤتمر شرم الشيخ وشاركت في قمة المنامة وأيدت ما جاء في بيان هذه القمة الذي طالب بتمكين (الشعب العراقي بكل فئاته من الإسهام في العملية السياسية في العراق المتمثلة في إجراء الانتخابات التي من شأنها أن تؤدي إلى تمكين الشعب العراقي من تحديد مستقبله السياسي والاقتصادي).

وهذا يعني أن الحكومة السعودية ترغب بمجيء حكومة عراقية منتخبة تمثل كل ألوان الطيف العراقي، وعدم اقتصار العملية الانتخابية أو السياسية على أطياف محددة تؤدي إلى قيام حكومة غير متوازنة، تؤدي في المحصلة إلى الإخلال بتوازن القوى، ليس على الصعيد الداخلي العراقي وحسب، وإنما على صعيد دول الإقليم أيضا.

تركيا:

تخشى تركيا أن يؤدي الوضع الأمني المضطرب في العراق، وسعي الأكراد إلى قيام فيدرالية في شماله، إلى خسارة مزدوجة، تتمثل الأولى في تأثير ذلك في أوضاع أكرادها، والثانية التسبب في ضعف نفوذها في أوساط الأقلية التركمانية العراقية. لذا ترى تركيا لأن من مصلحتها ضمان عدم قيام دولة كردية مستقلة في شمال العراق وضمان مصالح التركمان في العراق. وأن تكون الانتخابات العراقية المقبلة شاملة لجميع الهيئات العراقية، أي بما يضمن مشاركة جميع العراقيين.

جمهورية مصر العربية:

على الرغم من أن مصر دولة غير مجاورة للعراق، إلا إنها اختيرت لتكون منظما للمؤتمر الخاص بالعراق، وهو المؤتمر الذي عقد في شرم الشيخ خلال يومي 23 - 24/11/2004، ومن الواضح أن اختيار مصر دون غيرها لاستضافة مثل هذا المؤتمر ينطوي على مغزى درجة كبيرة من الأهمية، فمصر هي أكبر قوة عربية تربطها علاقة وثيقة مع الولايات المتحدة، وتتلقى ملياري دولار من مساعداتها، ولها علاقات مع جميع الأطراف بما في ذلك الطرف الإسرائيلي.

ويبدو الموقف المصري من الانتخابات العراقية المقبلة مرنا وقابلا للتكيف مع متطلبات المرحلة ومتغيراتها، بمعنى أنه مفتوح بما يؤدي إلى إشراك جميع العراقيين، وأن تكون هناك عملية مصالحة وطنية تهيئ لنجاح الانتخابات حتى وإن أدت إلى تأجيل موعد الانتخابات، وفي ذلك يقول أحمد أبوالغيط وزير خارجية مصر "إن تأجيل الانتخابات العراقية قد يكون مفيدا إذا أسهم في تحقيق المصالحة". ومن جهته أعلن هاني خلاف مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية إن "مصر تجري مشاورات بشأن اقتراح البحرين استضافة مؤتمر للمصالحة الوطنية العراقية مع الأطراف التي شاركت في مؤتمر شرم الشيخ".

وفي أول رد فعل مصري على مطالب بعض القوى العراقية بتأجيل انتخابات المجلس الوطني العراقي (البرلمان)، قال أبوالغيط: "إن الوضع في العراق يحتاج إلى الكثير من الدراسة والتدقيق لأنه فور انتهاء اجتماع شرم الشيخ قمت بإرسال مجموعة من الرسائل إلى عدد من الشخصيات التي شاركت في هذا المؤتمر والتي أيدت فكرة مملكة البحرين لعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية"، وأضاف الوزير المصري" إن العنصر الجديد هو الذي طلب التأجيل الذي قد يكون أمرا مفيدا إذا ما استقر عليه المجتمع العراقي، أي إذا دفعت كافة الأطراف العراقية في هذا الاتجاه، فإن الأمر ينبغي أن يدرس بعناية لأنه ربما يسهم في هذه المصالحة". وقال في ختام حديثه، " إن مصر بدأت تتحرك بعد مؤتمر شرم الشيخ مباشرة حيث أرسلنا رسائل خلال الفترة الماضية إلى جاك سترو وزير خارجية بريطانيا، كما بعثنا برسائل لوزير خارجية البحرين ووزير خارجية العراق وغيرهما من وزراء الخارجية في إطار ما تم الاتفاق عليه أو تفسيره في صلب الفقرة (14) من البيان الختامي التي كانت تتحدث عن اجتماعات ومتابعة من قبل رئاسة المؤتمر لإجراءات ومحاولات الحكومة العراقية لتوسيع إطار المشاركة في العملية الانتخابية والعملية السياسية في العراق"، وأضاف "لم نصل بعد إلى سلسلة الاجتماعات واللقاءات التي ستعقد في الفترة المقبلة. ولكنني أعتقد أن التطور الجديد في ما يتعلق بطلب تأجيل الانتخابات قد يعجل بتحريك الموقف.

ويبدو أن مصر التي يعول عليها الرئيس المؤقت للعراق، غازي الياور، بقوله: "بصراحة إن العراق يعتبر مصر الشقيقة الكبرى، لها مكانتها المرموقة عربيا وإسلاميا ودوليا. ونتأمل الكثير من مصر لرفع معاناة العراقيين ومساعدتهم". ولا تزال (مصر) الرسمية ممثلة بوزير خارجيتها أبو الغيط، "تؤيد إنهاء العملية السياسية في العراق في نهاية 2005 طبقا لما نص عليه قرار مجلس الأمن 1546، مشددا على أنه: سيتم على ضوء المناقشات التي ستجرى في المؤتمر تحديد ما إذا كان من الممكن إجراء الانتخابات في الموعد المحدد".

ويبدو أن مصر بحكم موقعها في الوطن العربي وعلاقاتها الوثيقة مع واشنطن ودورها في الصراع العربي- الصهيوني، تريد لنفسها دورا يتسم بالمرونة في موضوع الانتخابات، فهي مع إجراءها، ولكن في الوقت نفسه لا تمانع من زحزحة موعد إجرائها إن تطلب الأمر ذلك، وبالتالي فهي تبقي الباب مفتوحا أمام الجميع، ولكن هل تستطيع أن تبقى على موعدها هذا دون تراجع في ضوء المتغيرات والمستجدات الكثيرة المتعلقة بالملف العراقي الشائك؟

جامعة الدول العربية:

على الرغم من أن الجامعة العربية لم تمارس دورها كما ينبغي في المسألة العراقية، وعلى الرغم من أنها لم ترض كثيراً من العراقيين، إلا أنها ظلت تبرر عدم فاعليتها وقدرتها على التحرك الجاد والفاعل، بآلية ارتباط سياستها وقراراتها بالأنظمة العربية والنظام العربي اللذين لا يمكن لها الانفكاك من أسرهما. ومع ذلك فإن الجامعة حاولت أن تدلي برأيها في موضوع الانتخابات عبر الإشارة إلى ضرورة عدم إجرائها قبل أن تتحقق المصالحة الوطنية، إذ نقل عن عمرو موسى ، أنه أشار إلى مشروع تقدمت به الجامعة العربية يحوي نقاطاً عدة منها "إطلاق عملية مصالحة عراقية وفق الفقرة الرابعة من قرار مجلس الأمن رقم 1546 والمتعلقة بعقد مؤتمر وطني عراقي يعكس تنوع المجتمع العراقي. ومن هذه النقطة اقترح عمرو موسى الدعوة لعقد مؤتمر عراقي جامع يتم فيه استيعاب جميع أطياف العراق، وفتح أبواب ونوافذ للحوار والتفاهم تقوم على نبذ العنف، مقترحا أن يدعى لهذا المؤتمر الأمم المتحدة والحكومة المؤقتة والاتحاد الأوروبي والمؤتمر الإسلامي والجامعة العربية، وأن يعقد المؤتمر قبل الانتخابات لضمان مشاركة كل القوى العراقية". فالانتخابات في رأي الجامعة أقل أهمية من المصالحة والرضا، لذا نجد عمرو موسى يقلل من أهمية الانتخابات في تسوية الأزمة العراقية، إذ يقول: الانتخابات "ليست الدواء الشافي أو أنها ستنهي الأزمة" محذرا من استبعاد أي قوى عراقية من المشاركة فيها"، وأضاف إن "موضوع الانتخابات لا يجب أن يكون هدفا في حد ذاته، ويجب أن تشارك فيه جميع الأطراف والأطياف وجميع القوى العراقية بلا استثناء ولا تهميش وألا تجرى على أساس الاستبعاد". وتابع عمرو موسى "إن أي تهميش أو تجاهل لأي طرف لن يحل المشكلة بل يعقدها". وتابع موسى"إن المشكلة القائمة أكبر وأعمق من إجراء الانتخابات، وأن هذا يرتبط بحرية الشعب في اختيار ممثليه ولا يختار له أحد ممثليه"، وكرر موسى دعوته السابقة إلى ضرورة إجراء المصالحة الوطنية في العراق قبل الانتخابات، مؤكدا أنها " أصبحت مطلبا للجميع وجزءا من العمل السياسي العربي". ويبدو أن تأكيد عمرو موسى على موضوع (المصالحة الوطنية)، إنما يأتي استشعارا من الجامعة بضرورة الحفاظ على الانتماء العربي للعراق، وأن يظل العراق ضمن إطار انتمائه القومي العربي، في ضوء ما يتعرض له هذا الانتماء من تحديات.

مجلة آراء حول الخليج