array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

نحو أداء أفضل لدول مجلس التعاون الخليجي

السبت، 01 كانون2/يناير 2005

بصدور هذا العدد يكون مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد بدأ عامه الرابع والعشرين، عقد خلالها خمساً وعشرين قمة على مستوى قادة الدول، وعشرات الاجتماعات على المستوى الوزاري قاربت المائة، وأكثر من ذلك على مستوى اللجان الفنية. وعلى الرغم من أن المجلس يُعد نسبياً أكثر التجارب العربية نجاحاً، فإنه ما زال دون تطلعات أبناء الدول الأعضاء. وقد طغت السياسة على المناهج والمداخل المؤدية إلى تكامل إقليمي ناجح مقارنة بالتجارب الدولية الأخرى، وأولاها الاقتصاد وانتقال الأموال والأفراد، وكمثال على ذلك: راوحت الاتفاقية الاقتصادية الموحدة مكانها منذ التوقيع عليها في عام 1982 حتى عام 2002 إذ تم استبدالها باتفاقية بديلة في قمة مسقط، والتي أقرّت النظام الجمركي الموحد على طريق الوحدة النقدية في عام 2010، ولم تمر سنتان حتى تم تجاوز المادة الخامسة والثلاثين من الاتفاقية بتوقيع عضو بالمجلس اتفاقية المنطقة الحرة مع طرف من خارج المجلس بما يخلُّ ببنود الاتفاقية نفسها.

وعلى المنوال نفسه، ظلت الاتفاقية الأمنية متعثرة منذ عام 1981 وحتى العام الماضي، وقد تم تجاوزها جزئياً بتوقيع اتفاقات أمنية ثنائية، وقس على ذلك قوات درع الجزيرة التي يتراوح تعدادها حالياً بين خمسة وعشرة آلاف جندي تتمركز في حفر الباطن في المملكة العربية السعودية، وإن كان المجلس يتطلع إلى زيادة عدد هذه القوات ليصبح بحدود عشرين ألف جندي. وقد سبق وأن تم رفض الاقتراح العُماني بتكوين جيش خليجي موحّد من مائة وعشرين ألف جندي، وما زالت الجيوش الخليجية متباينة في العقيدة العسكرية وفي التسليح والتدريب ومناهج التعليم العسكري، ولكن في السنوات الأخيرة توجهت الأمانة العامة لدول المجلس نحو توحيد المفاهيم والتدريبات والمراجع والكراسات التدريبية العسكرية وذلك من خلال الأمين العام المساعد للشؤون العسكرية.

وعلى الرغم من أن أساس تكوين المجلس كان أمنياً، فإن الدول الأعضاء قد تأخرت في بلورت مفهوم أمني شامل يحقق الأمن الخليجي الشامل. غير أن المجلس أصبح كياناً راسخاً في وجدان المواطن الخليجي ولا يمكن التفريط فيه، وفي الوقت نفسه فإنه من غير المقبول استمرار أدائه على ما هو عليه الآن. فما هو الحل؟ قد تكون البيئة السياسية والأمنية الإقليمية غير مواتية لحكومات الخليج لدفع المجلس إلى مستوى من التكامل أعلى مما هو قائم، وقد يجد المواطن بعض العذر لهذه الحكومات في المساحة السياسية المتاحة لها، ولكن هناك بدائل على حكومات المنطقة ألاّ تغفلها، أو على الأقل ألاّ تعرقلها.

وفي هذه المساحة المحدودة، أدعو الجهات غير الحكومية من مفكرين وأكاديميين وحقوقيين لتكوين "لجنة تطوير مجلس التعاون"، بحيث تعمل على رفع مستوى الأداء وتفعيل الآليات بما يساير التغيُّرات والمستجدات والمتطلبات السياسية والدفاعية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، ويؤسس لكيان قابل للاستمرار ومواجهة التحديات المستقبلية، ومن ثمّ تُطرح هذه المقترحات على وسائل الإعلام لإثرائها من خلال الحوار المفتوح مع الناس، وتتم الدعوة بعد ذلك للاستفتاء الشعبي على هذا التصوُّر الجديد في كل دولة، وعلى حكومات دول الخليج التجاوب مع رغبات شعوبها.

إن هذا المنهج يحقق أكثر من مصلحة، فهو يعفي الحكومات من أي حرج إقليمي أو دولي بحكم أنه مبادرة شعبية، وهو أيضاً يكرِّس ويعزِّز شرعية الأنظمة الخليجية بقبولها إرادة شعبية تستند إلى استفتاء عام. إن مراجعة سريعة لبيانات القمم الخمس والعشرين الماضية توضح أنه كان يتم القفز في معظم الأحيان على المسائل الخلافية دون حلها جذرياً، وذلك بعدم التعرُّض لها، لا بل وترحيلها إلى القمم اللاحقة، وهكذا لم تراوح المشاكل مكانها، بل تفاقمت وولَّدت أزمات جديدة.

إن المنهج المقترح لن ينسِّق بين السياسات فقط، بل سوف يوفر إطاراً أكثر رشداً لمسيرة التكامل عبر تجميع مصادر القوة بدلاً من تنافسها، وعبر التكامل وعدم تكرار أنماط الإنتاج والاستهلاك في جميع الدول، مما خلق بيئة تنافسية بدلاً من أن تكون تكاملية، ووضع عراقيل أمام الاندماج.

كما أن هذا المنهج سوف يضع أساساً لمتناول السياسات المختلفة من خلال أطر مؤسسية عوضاً عن "شخصَنة" القرار، وهو منهج لا يمكن له أن يكون إلا في مصلحة الدولة والمجتمع؛ النظام والفرد. كما أنه سيفرز بالضرورة بشكل طبيعي مؤسسات خليجية جديدة مثل البرلمان الخليجي، محكمة العدل الخليجية، وربما في المستقبل حكومة خليجية، مع بقاء الأسر الحاكمة في تطوُّر تدريجي طبيعي يجنِّب المنطقة التغيُّرات المفاجئة أو الهزَّات العنيفة. كما أنه سيفتح المجال أمام الحراك السياسي والاجتماعي والاقتصادي بتوليد نخب حديثة في الإدارة، والإنتاج عبر فتح سوق أكبر. إنني أتساءل: هل يمكن للنخب الفكرية والأكاديمية والإعلامية أخذ مثل هذه المبادرة؟ بهدوء أقول: نعم يمكن.

مجلة آراء حول الخليج