array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

جيوبوليتيك وبترول

السبت، 01 كانون1/ديسمبر 2007

العنوان الأصلي للكتاب : Géopolitique et Pétrole

المؤلف : صوفي شوتارد ـ  Sophie CHAUTARD (بروفيسور في التاريخ، الجغرافيا والجيوبوليتيك في العديد من الجامعات والمعاهد العليا الفرنسية، لها العديد من المؤلفات حول الموضوع).

تاريخ النشر: الفصل الأول عام 2007.

دار نشر Groupe Studyrama الفرنسية.

عرض : الدكتور صلاح نيّوف، أستاذ العلوم السياسية في (الأكاديمية العربية الحرة) الدنمارك ـ كوبنهاغن 

كثيرة هي الكتب التي تتحدث عن البترول، لكن كتاب (صوفي شوتارد) فيه طرح جديد أو أفكار مختلفة عن غيره؛ أهمها التحليل العلمي للبترول ومشتقاته ثم ربط ذلك بالبيئة والتنمية المستدامة. يقع الكتاب في أربعة فصول مع مقدمة ونتيجة. في المقدمة تربط المؤلفة بين ثلاث أفكار رئيسية ستشكل في النهاية المحتوى الجوهري لكتابها: البترول كمنتج استراتيجي يقع دائماً في قلب الأحداث العالمية، العرض والطلب والاستهلاك وأثره في ارتفاع أسعار البترول والبيئة، وأخيراً المستهلكون الجدد في السوق العالمية وكيفية تعامل القوى الاقتصادية الكبرى والتقليدية مع هذه الظاهرة الجديدة للدول الصاعدة.

أما الأسئلة الكبرى التي تحاول الإجابة عنها صوفي شوتارد فيمكننا ترتيبها كما يلي:  أين تتركز الاحتياطيات البترولية؟ كم بقي منها؟ ما هي خيارات الدول لمواجهة الأزمة والنقص في مصادر الطاقة؟ ما هي مخاطر الاستهلاك على البيئة؟ وأين هي الحلول التي وضعت قيد التنفيذ؟ وكتاب (جيوبوليتيك وبترول) يحاول الإجابة عن هذه الأسئلة (الأزمة)، وهو موجه لكل من يعيش على هذا الكوكب دولاً وأفراداً. وتأتي أهميته من حيث إنه يحتوي على إحصائيات كثيرة ودراسات علمية لمصادر الطاقة، بالإضافة إلى أنه مزود بعدد كبير ومهم من الجداول والخرائط المتعلقة بتوزيع الطاقة في العالم. وباختصار شديد نحاول قراءة أهم الأفكار الواردة في هذا الكتاب ووفق الترتيب الذي وضعته المؤلفة.    

* ما هو البترول ؟

البترول هو من الكلمة اللاتينية (Petra) ومعناها (حجر)، (oleum) وتعني (زيت). وبفضل جزء كبير من هذه المادة الأولية تم تحقيق الثورة الصناعية الثانية. سائل ندعوه (البترول الخام)، يتكون من مادة عضوية حيوانية ونباتية. هذه المادة العضوية تحولت إلى رواسب (تحت بحرية)، تجمعت ومن ثم انغرزت بسبب ثقلها وبفعل التحركات الأرضية، على عمق 2300 إلى 4600 متر من العمق. بسبب الحرارة المرتفعة تحت الأرض وعوامل الضغط انتقلت مادة الكيروجين من الحالة الصلبة إلى الهيدروكربوراتية (اتحاد الكربون بالهيدروجين)، أي التحول إما للسائل أو الغاز.

والضعف في كثافته ينقله نحو الأعلى عبر طرق متنوعة. القسم الكبير منه يعشش داخل طبقات وسطية في داخل الصخور ويشكل (مستودعات)، وهنا في هذه المستودعات يتواجد البترول ونطلق عليه (الآبار) وهو مختلف وفق اختلاف: الآبار،المادة الأولية العضوية وطبيعة الأرض. ويعطي هذا التنوع البترول الخام وأهمه WTI (West Texas Intermediate)، الخام الأمريكي (برنت)، الخام الأوروبي، (Arabian Light)، والشرق أوسطي. ويمكن أيضاً تمييزه وفق درجة الكبريت (ثقيل، وسط، خفيف).

ويستخدم البترول بعد التكرير، أي تحويله بفضل عمليات متعددة (التنقية، فصل الغاز من خلال التقطير، المقطر (السائل) الخفيف والوسط أو المنتج الأبيض، البقية من الثفل أو المنتج الأسود). ومن الغاز بعد تخزينه يمكن الحصول على الغاز السائل (بروبان أو بوتان). ويوجد خمسة قطاعات تستخدم البترول بنسب مختلفة ( 33 في المائة وسائل النقل، 31 في المائة الصناعة، 30 في المائة استخدام منزلي، 3،2 في المائة صناعة الحديد، 2،8 في المائة الزراعة).

* أسعار البترول

 تخضع الأسعار بشكل كبير لعمليات العرض والطلب، أما التجارة الدولية للبترول الخام فهي تثبت وفق شكلين: إما لمدى قصير، أو دائمة. السوق لمدى قصير (spot)، يعالج الصفقات والعمليات خلال شهر، والتي تتم من يوم إلى آخر، حيث يثبت السعر بشكل فوري، سواء كان للمنتجات الخام أو المكررة. ويتركز السوق الدائم في سوقين ماليين رئيسيين: (IPE) (International Petroleum Exchange)، في لندن، وNYMEX (New York Mercantile Exchange). وتجرى في السوقين عمليات العقود حول الخام ومنتجات البترول التي تسير كعمل البورصة: عمليات لمدى بعيد (عدة أشهر) تتم عبر شركات البترول والمضاربين. أما عندما نقول (برميل بترول) فنحن نقصد وحدة من حجم البترول تعادل 159 ليتراً. وهي وحدة قياسية استخدمت بداية في برميل من الخشب في ولاية بنسلفانيا وفرضت فيما بعد بواسطة الشركات البترولية الأمريكية وكان هذا قبل 140 عاماً.

نهاية البترول!

هي بعيدة كما ترى المؤلفة. فمن جهة، المصادر لم تستنفد، ومن جهة أخرى التقدم التكنولوجي سيسمح بإيجاد مصادر أخرى مستقبلاً. ولكن بما أن البترول طاقة غير متجددة لا بد إذن من نهاية لها عاجلاً أم آجلاً. وحالياً تقدر الاحتياطيات المكتشفة في العالم بأنها تقارب 1100 مليار برميل، أو 150 مليار طن. ووفق الإحصائيات الفرنسية، فإن الاحتياطيات العالمية وصلت عام 2006 إلى 1296,55 مليار برميل. هذه الاحتياطيات يمكن أن تستمر حتى أربعين عاماً، وفق الإيقاع الحالي للإنتاج والاستهلاك. مع الأخذ في الاعتبار أن هناك تطورات دائمة في الاكتشاف. وتأتي المملكة العربية السعودية في المركز الأول إنتاجاً (13 في المائة) من الإنتاج العالمي، واحتياطياً (266,81) مليار برميل عام 2006.

* توزيع البترول عالمياً

الشرق الأوسط : الإقليم المهيمن على البترول من حيث الحجم والإنتاج. وتمتلك السعودية ربع الاحتياطي العالمي. كما أن ثلثي الاحتياطي السعودي يتكونان من الخام الخفيف أو (الإكستراـ خفيف)، وما تبقى بين الوسط والثقيل. 90 في المائة من الإنتاج السعودي يتركز في ست آبار توجد شرقي البلاد، حيث أكبر بئر بترولية في العالم (الغوار)، طولها 250 كيلومتراً وعرضها 30 كيلومتراً وتحوي 17 في المائة من الاحتياطي العالمي. أما الكويت فلديها 96،5 مليار برميل (2002) أو 10 في المائة من الاحتياطي العالمي. والعراق يمتلك من 10 إلى11 في المائة من الاحتياطي العالمي، وقدرت احتياطياته بحوالي 112،5 مليار برميل، ولا ينتج الآن إلا 60 في المائة من قدرته. وبالنسبة لإيران فإنها تمتلك أكثر من 11 في المائة من الاحتياطي العالمي، وهي ثاني منتج في منظمة أوبك، كما أنها تمتلك ثاني احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم. ويتركز بترولها في غربي البلاد تحت سطح قاري في الخليج. ففي عام 2006 وصل الإنتاج اليومي الى  3،8 مليون برميل تستهلك إيران منها الثلث.

أوروبا: (ماعدا روسيا)، يتركز الإنتاج في بحر الشمال، حيث النرويج سابع منتج عالمي من الغاز الطبيعي والثامن من البترول، والثالث في التصدير، احتياطيها ما بين 9،5 و14 مليار برميل. والدنمارك تمتلك 17 بئراً مع احتياطي يقدر بحوالي 500 مليون برميل. وإيطاليا تقدر احتياطياتها بحوالي 600 مليون برميل.

روسيا: ثاني منتج عالمي، 11,9 من إنتاج العالم، 16،5 مليار طن من الاحتياطي، أو 10 في المائة من احتياطيات العالم البترولية، وفيها ثلث احتياطي العالم من الغاز، وهي أول مصدر له. 

آسيا: تنتج باكستان يومياً 64000 برميل (2005) أقل بست مرات من استهلاكها. أما الهند فقدرت احتياطياتها البترولية في عام 2002 بحوالي 4،7 مليار برميل. لكن إنتاجها الحالي لا يكفيها بسبب عدد سكانها ومساحتها الكبيرة. والصين أكبر منتج للفحم عالمياً وفيها احتياطي بترولي حوالي 24 مليار برميل.

أمريكا الشمالية: تنتج الولايات المتحدة 329،8 مليون طن من البترول، أو ما نسبته 8،5 في المائة من الإنتاج العالمي(2005)، أما احتياطياتها فقدرت في عام 2002 بحوالي 29،2 مليار برميل. وتمتلك الولايات المتحدة الأمريكية ما يكفيها من الطاقة الكربوهيدراتية، لكنها تفضل الاستيراد من أجل الحفاظ على مخزونها الاستراتيجي. أما كندا فقد تراجعت احتياطياتها في السنوات الأخيرة، كانت 6،4 مليار برميل حتى عام 2002، لكن بالمقابل لديها مصدر هائل من (الرمل الإسفلتي) وهو مصدر غني بالبترول بعد أن تتم معالجته وتكريره. وفي جنوب الولايات المتحدة، تقع إحدى أكبر الدول المنتجة للبترول في العالم، المكسيك التي وصل احتياطيها في عام 2002 إلى 28،3 مليار برميل، وتنتج يومياً 3،4 مليون برميل خارج منظمة أوبك ومعظمها يذهب للولايات المتحدة.

أمريكا الجنوبية: قدرت احتياطيات فنزويلا بحوالي 77 مليار برميل في عام 2005، وهناك تقديرات بوجود 350 مليار برميل في وادي (أورينوك) تجعل فنزويلا قبل السعودية إذا تم استثمارها. وإذا أضفناه إلى أنواع أخرى من البترول في فنزويلا فسيصل احتياطيها إلى 315 مليار برميل وتنتج يومياً 550 ألف برميل. أما البرازيل ففيها 8,1 مليار برميل احتياطي، وتنتج يومياً 1,3 مليون برميل(2002) والإنتاج في ارتفاع.

إفريقيا الشمالية: الجزائر تمتلك 9,2 مليار برميل من الاحتياطي، حيث  تنتج يومياً 1،2 مليون برميل. أما ليبيا الأغنى من الجزائر، فيقدر الاحتياطي لديها بحوالي 30 مليار برميل. إفريقيا الغربية: أهمها نيجيريا وتمتلك 22,5  مليار برميل من الاحتياطي، وتجاوز الإنتاج اليومي 2،4 مليون برميل في عام 2005.                             

الطلب والاستهلاك

يؤمن البترول 36 في المائة من حاجات العالم من الطاقة. وارتفع الاستهلاك في 2005 إلى 83,6 مليون برميل يومياً، ومرشح أن يتجاوز 90 مليوناً في 2010. أما المستهلكون الرئيسيون فهما الولايات المتحدة 25 مليون برميل يومياً. والصين 6,32 مليون. وحسب الأقاليم الاستهلاك بالمليون يومياً: (أمريكا الشمالية 25,06، أوروبا 16,43، منطقة الشرق الأوسط 5,90، أمريكا اللاتينية 4,86، الاتحاد السوفييتي ودوله السابقة 3,73، إفريقيا 2,8، وآسيا من غير الصين 17,29).

البيئة والبترول

78 في المائة من انبعاث غاز الكربون ناتج عن استهلاك الطاقة من خلال وسائل النقل 26,75 في المائة، الصناعة 19,9 في المائة، التدفئة، الماء الساخن والتكييف 18،4 في المائة، وإنتاج الطاقة 12،95 في المائة.

الطاقة البديلة

الغاز الطبيعي: يمكنه أن يحل مكان البترول لأنه وقود يستطيع العمل مكان منتجات البترول المتعددة لكن مشكلته أنه غير متجدد، أي له نهاية.

الفحم: ازداد الطلب عليه 110 في المائة بين 1970 و2004، و10 في المائة بين 2001 و2006 والاحتياطي العالمي الحالي يكفي 155 عاماً ويقدر بحوالي 910 مليارات طن. وملوث بأكثر مرتين من الغاز وهذه أكبر مشكلاته.

النووية: يوجد في العالم 450 مركزاً نووياً تنتج 20 في المائة من الطاقة العالمية وتوجد في 30 دولة. ومن الضروري في السنوات المقبلة إيجاد حلول لتسهيل استخدام الطاقة النووية السلمية مع وضع حدود لمنع استخدامها العسكري.

مصادر الطاقة المستقبلية

الطاقة الهوائية: مجانية وتتطور بسرعة، تأتي أوروبا أولاً (35000 ميغاوات)، والولايات المتحدة ثانياً(7000 ميغاوات)، ويفضل وضعها قرب البحار حيث الرياح لا تتوقف.

الشمسية: مجانية، وتكون عبر صفائح وخلايا مصنوعة من سيلسيوم. وأيضاً هناك الطاقة التي يمكن الوصول إليها من عملية مد البحر وجزره أو إيجاد عملية مصطنعة مشابهة. ولدينا أيضاً الطاقة التي يمكن استخراجها من حرارة الأرض الجوفية. ثم الطاقة الهيدروجينية، وأخيراً وهو مهم جداً، أي استخراج الطاقة من النبات مثل (الإيثانول).

واليوم تجرب الصين إيجاد حلول لمصادر الطاقة لديها، حيث ستكون القوة الأولى المستهلكة للطاقة بسبب عدد سكانها، ولكن البترول سيبقى من أهم هذه المصادر، رغم أنها تأتي به من أماكن غير مستقرة سياسياً أو أمنياً، لذلك عليها أن تكون في قمة الحذر. أما الغربيون، وخاصة الولايات المتحدة، فعليهم التعايش الجديد مع الطلب الصيني. ولكن الأهم من ذلك هو مشاركة الجميع في الحوار حول أمن الطاقة العالمي وخاصة القوى الاقتصادية العظمى، فهذا من مصلحتهم ومن دون استثناء لأحد.

مقالات لنفس الكاتب