array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العلاقات الخليجية – الإيرانية: تحديات الحاضر وآفاق المستقبل

الثلاثاء، 01 تشرين2/نوفمبر 2005

من المؤكد أن المشهد الراهن في منطقة الخليج هو في غاية السيولة والالتباس، حيث إن هناك عدة قضايا متفجرة في الوقت ذاته في مقدمتها المسألة العراقية والملف النووي لإيران، فضلاً عن الإرهاب التي يستهدف الدول والمجتمعات..إلخ. وهذا المشهد تشكله أطراف إقليمية ودولية عديدة، تتقاطع مصالحها وتتصادم سياساتها، مسببة حالة من الارتباك وعدم الاستقرار في منطقة ذات أهمية حيوية للاقتصاد العالمي بحكم ما تمثله دولها من وزن في السوق العالمي للنفط سواء على صعيد الإنتاج والتصدير أو الاحتياطي النفطي.

وفي هذا السياق يمكن القول: إن العلاقاتِ بين دولِ مجلسِ التعاون الخليجي وإيران هي علاقات مهمة بالنسبةِ للطرفين، لاعتباراتٍ جغرافيةٍ وحضاريةٍ وسياسيةٍ واقتصاديةٍ وأمنية. وقد ظلت هذه العلاقات تتراوح بين مدٍ وجزرٍ منذ سبعيناتِ القرنِ العشرين، كما أنها ظلت على الدوام تتأثر ـ بدرجاتٍ متفاوتةٍ وأشكالٍ مختلفة ـ ببعضِ التطوراتِ والمستجـِـداتِ الإقليميةِ والدولية، ناهيك بالطبع عن بعض التطوراتِ الداخليةِ التي حدثت على الجانبين، وبخاصة في ما يتعلقُ بإيران، والتي كانت لها تأثيراتهـا المباشرة في علاقاتِ طهران بدولِ المجلس.

من هنا، جاءت مبادرة مركزِ الخليج للأبحاث وجامعةِ درَم البريطانيةِ بتنظيمِ حلقةِ دراسية بعنوان (العلاقات بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي في ضوء انتخابات الرئاسة الإيرانية: الوضع الراهن وآفاق المستقبل)، وذلك خلال الفترة من 28- 29 سبتمبر 2005 . وقد دعوا نخبةً متميزةً من الباحثين والخبراءِ من دولِ المجلسِ وإيران للمشاركةِ فيها، وذلك بهدفِ مناقشةِ وتحليلِ واقعِ ومستقبلِ العلاقاتِ بين الجانبين استناداً إلى أسسٍ علميةٍ وواقعية، تقومُ على المصارحةِ والمكاشفة، وذلك بقصدِ تحديدِ العواملِ الحاكمةِ لمستقبلِ هذهِ العلاقات، مع تحليلِ أهمِ المعوقاتِ التي تؤثر أو يمكن أن تؤثـرَ سلباً فيها، مع طرح رؤى وتصوراتٍ لكيفيةِ معالجتِها، على نحوٍ يبدد أيَ هواجسَ قائمة أو محتملة، ويعزز من هذهِ العلاقاتِ في المستقبل، حتى تكونَ ركيزةً للأمنِ والاستقرارِ في منطقةٍ لم تعرفْ سوى الحروبِ والدمارِ منذ عقود.

واستندت الحلقة الدراسية في مناقشتها للموضوع إلى اعتبار أساسي مفاده أن العلاقاتِ بين دولِ مجلسِ التعاونِ الخليجي وإيران لها أبعادها المتعددة التاريخية والسياسية والاقتصادية والأمنية، مما يستوجب مقاربتها من منظور شامل يتناول مختلف قضايا هذه العلاقات والعوامل المؤثرة فيها، فضلاً عن النظر إليها في ضوءِ عددٍ من المستجـِـداتِ المهمة، وفي مقدمتِها انتخابات الرئاسةِ الإيرانية، والتي يرى كثيرون أنها بمثابةِ نقطةِ تحول وعلامةٍ فارقةٍ في السياسةِ الإيرانيةِ على الصعيدين الداخلي والخارجي.

كما أنه لا يمكن استشرافُ مستقبلِ العلاقاتِ بين دولِ المجلس وإيران بعيداً عن بعضِ التطوراتِ الإقليميةِ والدوليةِ الرئيسية، وبخاصةٍ في ما يتعلقُ بتعقيداتِ العلاقاتِ بين واشنطن وطهران على خلفيةِ الملفِ النووي الإيراني والمسألةِ العراقية وقضايا أخرى. وتعتبر دول المجلس معنية بهذه الأمور، فأية مواجهة بين واشنطن وطهران سوف تلقي بظلالها السلبية على المنطقة برمتها.

وبالإضافة إلى ما سبق، فإن مستقبل الأمن والاستقرار في الخليج يتوقف في جانب مهم منه على ما ستفسر عنه حالة المخاض العسير، التي يمر بها العراق في الوقت الراهن، والتي تتداخل في تحديد ملامحها ومساراتها عوامل داخلية وإقليمية ودولية كثيرة ومعقدة. ولكن في جميع الحالات يبقى الدور الإيراني من أهم العوامل التي يمكن أن تساعد على دفع الأوضاع في العراق نحو مزيد من التوتر والمواجهة أو نحو السلم والاستقرار بما يحفظ للعراق وحدته وسلامة أراضيه.

كما أن ملفاتٍ مثلَ النفطِ وما تشهده أسواقـه من تحولات ومتطلباتِ تعزيزِ الاستقرارِ السياسي والأمني في المنطقةِ وغيرِها، تشكل هي الأخرى مجالاتٍ مهمة للعلاقاتِ بين طهران ودولِ المجلس. ومغزى ذلك أن هناك آفاقاً واسعة للتعاون بين الجانبين على قاعدة المصالح المتبادلة، والالتزام بأسس حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وقبل كل ذلك تصفية بعض المشكلات العالقة وفي مقدمتها مشكلة الجزر الثلاث.

وعلى الرغم من بعض التطورات الإيجابية التي شهدتها العلاقات بين دول المجلس وإيران خلال السنوات الأخيرة، إلا أن من أبرز النتائج إلى خلصت إليها الحلقة الدراسية المشار إليها هو وجود حاجة ضرورية لتعزيز قنوات التواصل والحوار بين الجانبين على الصعيدين الرسمي وغير الرسمي باعتبار أن ذلك هو المدخل الرئيسي لتبديد سوء الفهم، وإزالة أي هواجس، وتعزيز فرص بناء الثقة، والتحرك بفاعلية من أجل بناء أسس للأمن والاستقرار في الخليج.

إن اهتمامَ مركزِ الخليج للأبحاث بإيران وما يجري فيها وحولها من تطوراتٍ ليس من قبيلِ الاهتمام الظرفي أو الطارئ، بل هو اهتمامٌ أصيلٌ ينبعُ من قناعةِ المركزِ بأهميةِ إيران ودورِها كطرفٍ رئيسيٍ في منطقةِ الخليج، ومن ثـَـمَّ لا يمكنُ الحديثُ عن أمنٍ واستقرارٍ في المنطقةِ بمعزلٍ عن إيران، ولكن تحقيق هذا الهدف يتطلب مبادرات جادة لحل المشكلات، وتهيئة البيئة الإقليمية بما يعزز من فرص تحقيق الأمن والاستقرار، وبخاصة في ما يتعلق بالمساعدة على خروج العراق من مأزقه الراهن، فلا استقرار في الخليج من دون عراق مستقر وآمن، كما أن تسوية مشكلة الملف النووي الإيراني بطريقة سلمية سيكون لها مردودها الإيجابي على المنطقة برمتها.

 

مقالات لنفس الكاتب