array(1) { [0]=> object(stdClass)#13009 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 107

الأبعاد الاستراتيجية للعلاقات المغاربية –الخليجية: من القوة الناعمة إلى القوة الصلبة

الإثنين، 09 أيار 2016

يحتل المغرب العربي، والخليج العربي كل منهما موقعًا استراتيجيًا هامًا في جناحي الوطن العربي مشرقه ومغربه، ولهما أهميتهما الاستراتيجية للأمن الإقليمي والدولي، فالمغرب العربي يقع على الساحل الجنوبي للبحر المتوسط ويشرف كل من المغرب وموريتانيا على المحيط الأطلسي حيث الثروة السمكية ومضيق جبل طارق الممر المائي للسفن بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي وحسب قول الاستراتيجي الأمريكي سول كوهن، إن المغرب العربي البوابة الخلفية لأوروبا. وتقع دول مجلس التعاون الخليجي في منطقة استراتيجية وعلى الطريق لآسيا حيث طرق التجارة ونقل الطاقة وتتحكم في ممر هرمز وباب المندب وحيث البحر الأحمر وبحرب العرب والمحيط الهندي  ذات أهمية للأمن الدولي والإقليمي، فالعلاقة بين المغرب العربي والخليج العربي لها أبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية، وكنا نركز في هذه المقالة على القوة الناعمة (العلاقات الثقافية) والقوة الصلبة (العلاقات العسكرية).

بين الفرد ماهان ولينين والأهمية الاستراتيجية

لقد أشار المفكر الاستراتيجي الأمريكي الأدميرال الفرد ماهان صاحب نظرية القوة البحرية إلى أهمية الخليج العربي في مقالة له موسومة " الخليج الفارسي " العربي" والعلاقات الدولية " وطرح في مقالته مفهوم الشرق الأوسط الذي انتشر فيها محذرا بريطانيا لأهمية منطقة الشرق الأوسط للأمن الأوروبي، ويقال أنه أول من نحت مفهوم الشرق الأوسط على اعتبار أنه يقع بين الشرقيين الأدنى والأوسط، وخطورته إذا سيطرت عليه دولة مثل روسيا التي كانت تبحث عن المياه الدافئة. والتحذير موجه لبريطانيا لان منظقة الخليج هي الطريق لدرة التاج البريطاني " الهند"، ولم يكن ماهان هو المحذر لأهمية الخليج العربي، بل سبقه لذلك موحد المانيا في القرن التاسع عشر المستشار الألماني بسمارك عندما قال " إن هناك مناطق عش دبابير إذا اقتربت منها: الخليج العربي والبحر المتوسط والبلقان والمغرب نسأل الله ألا نتورط فيها"؟؟ وما زالت هذه المناطق منذ القرن التاسع عشر حتى القرن الحادي والعشرين مثار الاهتمام والصراع لاهميتها الاستراتيجية، بل ذهب فلاديمير لينين بعد قيام الثورة البلشفية 1917م، بالقول " إن الطريق إلى باريس تمر عبر المغرب " حيث كانت ثورة الريف في المغرب ضد الاستعمار. هذا الاهتمام بكل من المغرب العربي والخليج العربي ازدادت أهميته حتى الآن مع توفر البترول والغاز الطبيعي والثروات المعدنية والزراعية ، البترول والغاز في دول المجلس ، والبترول والغاز في كل من ليبيا والجزائر والفوسفات والزراعة في المغرب وتونس .

العلاقات الثقافية والعلمية : مؤسسة الملك عبدالعزيز بالدار البيضاء

تمتد العلاقات المغاربية –الخليجية لعقود طويلة، وبعد استقلال دول المغرب العربي وفيما بعد دول المجلس عمت العلاقات الشخصية بين قادة هذه الدول، الصداقة والتعاون ثم تطورت إلى علاقات مؤسسية، ونلاحظ أن منظمة المؤتمر الإسلامي والتي تعرف الآن بمنظمة التعاون الإسلامي، تأسست بمؤتمر القمة الذي عقد في الرباط في 25 سبتمبر 1969م، بسبب حرق المسجد الأقصى، وكانت دول المغرب ودول المجلس في دعم تاسيس منظمة المؤتمر وخاصة المغرب والسعودية بقيادة الملك فيصل. وازدادت فيما بعد  البعثات الدراسية التي تقدمها السعودية لابناء المغرب العربي وخاصة في الجامعة الإسلامية، ثم توجت العلاقات الثقافية بين البلدين بتأسيس مؤسسة الملك عبد العزير آل سعود  في مدينة الدار البيضاء في 23 شوال 1405هـ، بأمر من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد آنذاك وهي مؤسسة ثقافية تقدم خدمات جلى لابناء المغرب، وتهتم المؤسسة بخدمة البحث العلمي في مجالات العلوم الانسانية والاجتماعية، وخاصة خدمة الباحثين والأساتذة والمؤسسات الجامعية في المغرب، و تتوفر بالمكتبة  حتى  ديسمبر 2013م،  مجموعات غنية من الوثائق تناهز 665.900 مجلد ووحدة توثيقية ، وقاعدة بيانات شاملة تحتوي على أكثر  من 8000 دورية كاملة النص، 50% منها تهم العلوم الإنسانية والاجتماعية، بوابة خاصة بالدوريات المتخصصة في العلوم الاجتماعية والإنسانية باللغة الفرنسية. تضم حاليا 397 دورية وقاعدة بيانات بيبليوغرافية، تحتوي على ما يزيد من 1.5 مليون تسجيلة بيبليوغرافية في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية؛ وترتبط بشبكات الكترونية توفر مصادر متعددة للباحين وبالنشر وعقد المؤتمرات الدولية ولها علاقات بالمؤسسات الثقافية الأوروبية، وبالتالي تعتبر مؤسسة مهمة في خدمة الحضارة الإسلامية والتراث المغاربي؟

جامعة الأخوين والتعاون الجامعي

تعتبر جامعة الأخوين مثالا مهمة لعمق العلاقة الثقافية ودور المملكة العربية في تمويلها على النمط الأكاديمي الانجلوسكسوني وتدرس باللغة الإنجليزية وسميت جامعة الأخوين لعمق العلاقة بين الملك فهد والملك الحسن الثاني رحمهما الله ، وتأسست عام 1992م، وفتحت أبوابها عام 1995 م، في مدينة أفران المنتجع السياحي بالاطلس المتوسط ، وقد جاءت فكرة الجامعة عند حادث انفجار ناقلة نفط ايرانية قرب السواحل المغربية، وكان الملك فهد قد خصص ملبغ 50 مليون دولار لتفادي كارثة بقعة النفط البيئة ولكن الرياح حولت اتجاه بقعة النفط عن الساحل المغربي، وبالتالي تم تخصيص المبلغ لانشاء الجامعة بمبادرة من الملك الحسن الثاني وتعزيز من الملك فهد، وهي صرح ثقافي ينتمي طلابه إلى 18 دولة .

المؤتمر الخليجي ــ المغربي

وتتواصل العلاقات الثقافية بتعزيزها بمؤتمرات " المؤتمر الخليجي المغربي" التي عقد المؤتمر الأول لها في يونيو 2003م، ببادرة تعاون بين دارة الملك عبد العزيز بالسعودية ومؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات بتونس وهي مؤسسة متخصصة بدراسة التاريخ المغاربي، وأن العلاقة بين المؤسستين يهدف إلى إيجاد أرضية وصلات بحثية بين المؤسسات العلمية في دول مجلس التعاون الخليجي ودول اتحاد المغرب العربي، من خلال المؤسسات العلمية بين المنطقتين. عقد المؤتمر الأول في تونس في يونيو 2003م، والمؤتمر الثالث بمدينة فاس والمؤتمر الرابع بالكويت، وكان المؤتمر السادس عقد في مدينة الشارقة في ربيع الاخرة 1435هـ، وتعتبر هذه المؤتمرات عامل مهم في التعريف بتعارف الأكاديميين والباحثين بمختلف المجالات التاريخية والعلاقات الدولية والتحول الاجتماعي في هذه الدول، ويعتبر الجانب الثقافي عاملًا مهمًا في سبيل تحقيق التكامل بين الدول لأن الأرضية الثقافية عامل مهم للتعاون السياسي والعسكري لانه يعزز التقارب والتفاهم بين شعوب المنطقتين.

التعاون العسكري والأمني والاستقرار السياسي

إن التعاون العسكري يمتد إلى الثمانينات من القرن العشرين عندما كانت بعض القوات المغربية متمركزة في الإمارات العربية بطلب من الحكومة الإماراتية وكان تتويجًا لعمق العلاقات بينهما، ومع احتلال العراق للكويت وقد كانت دول المغرب ضد الاحتلال وإن اختلفت في مستوى ادانتها، فأرسل المغرب عام 1990م، قوة عسكرية في التحالف العسكري لعاصفة الصحراء. وتطور التعاون العسكري إلى شراكة استراتيجية في عهد الملك محمد السادس أثناء زيارته لدول المجلس في أكتوبر 2012م، لكل من السعودية والكويت وقطر والإمارات العربية وترافق التعاون الاستراتيجي باستثمارات خليجية في المغرب، وشاركت المغرب في عاصفة الحزم ورعد الشمال والتحالف الإسلامي العسكري، ورغم تردد الجزائر وعدم مشاركتها، إلا أن التعاون الأمني في مواجهة الإرهاب والتطرف قوية بين البلدين  من خلال تبادل الزيارات بين المسؤولين في دول مجلس التعاون ودول الاتحاد المغربي، وتدعم دول المجلس حكومات المغرب ضد تهديد الجماعات المتطرفة سواء في ليبيا أو تونس.

التعاون المغاربي – الخليجي ومقاومة التغلغل الشيعي

تتعاون دول مجلس التعاون مع دول المغرب في مقاومة الإرهاب حيث تنتشر قاعدة الجهاد في المغرب العربي والقاعدة في اليمن ويكون ذلك في تبادل المعلومات الاستخبارية، ولكن إحدى مجالات التعاون أيضًا في مجال مقاومة التمدد الشيعي في إفريقيا، فالمغرب العربي مالكي المذهب، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية في إفريقيا تستغل إيران الوضع الاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي في نيجيريا والنيجر، وتلعب المغرب دورًا بارزًا في هذا المجال، وكانت العلاقات المغربية –الإيرانية قد توترت و أدت إلى قطع المغرب علاقات الدبلوماسية عام 2009م، بل اتهمت المغرب الجمهورية الإيرانية بالعمل على بث التشيع في المغرب، وتبقى دول المغرب كما هو دول المجلس قلقة من الدور الطائفي لإيران مستغلة الاضطرابات السياسية في المنطقة العربية والإسلامية.

وقد تكون هناك اختلافات في التوجهات السياسية المغاربية والصراع السياسي كما هو حال العلاقات الجزائرية المغربية حول الصحراء الغربية، ولكن لا شك أن هناك همومًا مشتركة بين دول المغرب العربي ودول مجلس التعاون في قضية استقرار ليبيا وخطر تنظيم الدولة (داعش) واستقرار اليمن وخطر المد الشيعي فيه، ويبقى التعاون المغربي ودول المجلس ضرورة استراتيجية لعودة لحمة تماسك النظام الإقليمي العربي في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

مجلة آراء حول الخليج