array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 122

إيران تدعم الحوثيين لتوطيد نفوذها في البحر الأحمر ومضيق باب المندب اليمن والبحر الأحمر: مصالح حيوية و مرتكز لأمن دول الخليج

الثلاثاء، 29 آب/أغسطس 2017

أتت الأحداث التي شهدتها اليمن منذ إسقاط نظام علي عبد الله صالح في عام 2011م، وما تلاها من تطورات انطوت على تحديات استراتيجية كان لها تأثيرها على استقرار الدولة اليمنية، أبرزها انقلاب جماعة الحوثي على الشرعية السياسية في البلاد، وما ترتب عليها من تهديد إقليمي لدول الجوار، لا سيما دول مجلس التعاون الخليجي، ليعبر عن ثقل التحديات التي تواجه دول الخليج في المنطقة، خاصة مع تهديد الحوثيين لأمن البحر الأحمر، ومضيق باب المندب، الذي يعد أحد المنافذ المهمة للمصالح الخليجية، الأمر الذي يهدد الأمن القومي الخليجي، ويضع مستقبل أمنه في خطر حال تطور الأوضاع في اليمن من سيئ إلى أسوأ.

ولما تمثل اليمن إحدى الدوائر المهمة لمعادلة الأمن والاستقرار لدول التعاون الخليجي، وما تطاله من أحداث وتطورات تنعكس على الأمن القومي للخليج، الأمر الذي يستدعي ضرورة تحرك دول الخليج للتعامل مع ما يهدد أمنها القومي والاستراتيجي. ومن هنا يتعرض هذا المقال إلى الأهمية الاستراتيجية لليمن والبحر الأحمر، والمخاطر التي تهدد المصالح الخليجية في تلك المنطقة، والتحرك الخليجي في إطار تلك المخاطر.

أولاً: الأهمية الاستراتيجية

تتعاظم الأهمية الاستراتيجية لدولة اليمن في المنطقة كونها تمثل البوابة الجنوبية لمدخل البحر الأحمر، ما يمكنها من التحكم في الممر الذي يصل بين البحر الأحمر والمحيط الهندي التي تحتضنهما عبر منطقة خليج عدن، كما أنها تتحكم في طرق الملاحة البحرية المؤدية إلى آسيا. وهو ما يجعلها بوابة لدول جنوبي آسيا وجنوبي شرق إفريقيا، فضلاً عن البحار والخلجان، والمضائق المائية، كل تلك المواصفات الاستراتيجية والجغرافية والاقتصادية يجعل من الصعب أن تبقى اليمن خارج الاهتمام السياسي لدول الخليج العربي.

ويبلغ طول الساحل اليمني حوالي 2500 كيلومتر، ويعد من أهم السواحل في المنطقة العربية والشرق الأوسط، حيث يمسك بزمام مفاتيح الباب الجنوبي للبحر الأحمر. كما أن هناك تداخل وثيق بين مضيقي هرمز وباب المندب وقناة السويس، كونهم يمثلون الطريق الرئيسي للناقلات النفطية من منطقة الخليج العربي باتجاه أوروبا بما يعادل 30%، إضافة إلى تجارة آسيا مع أوروبا التي تعبر إلى البحر المتوسط عبر مضيق باب المندب. وينطوي الموقع الجغرافي لليمن على أهمية كبيرة بالنسبة لدول الخليج، كونه يتيح لها منافذ حيوية والانفتاح على العديد من قارات العالم، حيث يمتلك اليمن أكثر من عشرة موانئ بحرية محورية وجزر مهمة، كانت محط أنظار القوى الإقليمية والدولية، مثل جزر سوقطري وحنيش الصغرى والكبرى وكمران وجزيرة ميون التي تقع في قلب مضيق باب المندب.

وتمثل اليمن العنصر الأساسي لأمن المنطقة من أجل ضمان تدفق الثورة النفطية من دون مشكلات أو معوقات عسيرة، مما أكسب اليمن دورًا إقليميًا فاعلاً، وتحديدًا في حماية الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما الجزيرة العربية. فالسيطرة على مضيق باب المندب، والمدخل الجنوبي للبحر الأحمر هو بمثابة تضييق الخناق على دول الخليج العربي والجزيرة العربية، ليس لكونه ممرًا لناقلات النفط فقط، بل يعد أيضًا ممرًا لاستيراد وتصدير السلع التجارية مع أسواق العالم الخارجية في أوروبا وأمريكا ودول الشرق الأقصى في آسيا.

وكون اليمن تطل على مضيق باب المندب، جعل مسألة الاهتمام بأمنها واستقرارها مسألة لا تعنيها وحدها، وإنما تعني الدول العربية بصفة عامة ودول الخليج العربي بصفة خاصة، وهو ما دفع دول الخليج لا سيما السعودية والإمارات للنظر إلى الصراع في اليمن على أنه ليس صراعًا داخليًا، وإنما صراع تحركه بعض القوى الإقليمية لا سيما إيران، من خلال تقديم الدعم المادي واللوجيستي لجماعة الحوثي في اليمن، وهي التي تهدف إلى السيطرة على المضايق المائية المهمة في المنطقة، بحيث يتعاظم نفوذها في مضيق باب المندب، مثلما هو الحال في مضيق هرمز. ومن ثم، فإن مصالح الدول الخليجية مرتبط بأمن اليمن، كون أن سيطرة الإرهابيين عليها وعلى مضيق باب المندب، يهدد المصالح والأمن الخليجي في المنطقة بشكل كبير.

وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات الخليجية اليمنية متشابكة ومترابطة في كثير من الملفات المهمة، وعلى رأسها الملف الأمني، حيث يرتبط الأمن القومي الخليجي بشكل كبير بأمن واستقرار اليمن، لذلك، فهناك ضرورة استراتيجية بشأن توطيد العلاقات البينية بين دول الخليج واليمن، والمساهمة في إعادة بناء اليمن، وعدم اختطافها من أي قوى إقليمية معادية لأمن الخليج القومي.

ويقع في الشاطئ المقابل لليمن الساحل الشرقي لقارة إفريقيا، حيث تتأثر بتطورات الأوضاع والتفاعلات في منطقة القرن الإفريقي، الأمر الذي يضاعف من أهمية اليمن الاستراتيجية كركن أساسي لأمن الخليج العربي وبوابته الجنوبية. كما تعتبر اليمن بمثابة همزة الوصل بين منطقة الخليج العربي والقارة الإفريقية، الأمر الذي يؤهلها للعب دور الحاجز الأمني الرئيسي أمام الهجرات الإفريقية تجاه منطقة الخليج، أو في المقابل مصدر القلق الأساسي لها، وهو ما يتوقف على مستقبل دولة اليمن، ومدى أهمية اليمن في الاستراتيجية الأمنية لدول الخليج العربي.

وتطل اليمن على البحر الأحمر، الذي يعد مسرحًا للتنافس الإقليمي والدولي بين الدول المتشاطئة له أو المطلة عليه، والقوى الكبرى، كونه بقعة جيوستراتيجية مهمة، وذلك لتوسطه مناطق مصادر الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا والخليج العربي وشرق إفريقيا، فهو معبر سهل وقصير واقتصادي، وممر استراتيجي لحركة الأساطيل البحرية ما بين البحر المتوسط والمحيط الهندي وإفريقيا وصولاً حتى الصين واليابان والمحيط الهادي.

ويتوقع تزايد أهمية البحر الأحمر مستقبلاً مع توسع التجارة الدولية للصين ودول شرق آسيا، إذ يقدر أن تعبره حوالي 30% من الصادرات الصينية إلى الغرب عبر قناة السويس بحلول عام 2030م، الأمر الذي يجعله من أهم بؤر الصراع الدولي، فضلاً عن أهميته الاستراتيجية في الحفاظ على الأمن القومي العربي بشكل عام، وأمن البلاد المشاطئة للبحر الأحمر بشكل خاص.

ثانيًا: المخاطر التي تهدد المصالح الخليجية

تشهد اليمن العديد من التطورات المهمة منذ الإطاحة بنظام علي عبد الله صالح في عام 2011م، أبرزها دخول الحوثيين العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر 2014م، ومحاولة السيطرة على مفاصل الدولة، فضلاً عن تهديد أمن البحر الأحمر، وهو ما أبرز العديد من التحديات الأمنية والاستراتيجية بالنسبة لدول الخليج العربي. وكون اليمن إحدى أهم الدوائر المهمة لمعادلة الأمن والاستقرار الإقليمي، خاصة بالنسبة لدول التعاون الخليجي، فإن ما تشهده من تطورات وتحديات تلقي بظلالها وتأثيراتها على دول الخليج.

ومن ثم، تتعدد المخاطر التي تهدد مصالح الدول الخليجية مع استمرار الأزمة اليمنية، وبالتزامن مع التفاعلات الإقليمية في منطقة البحر الأحمر، وتتمثل أبرز تلك المخاطر في:

  • تهديد خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وهو ما قد يعرقل مرور السفن في مضيق باب المندب، مما يهدد التجارة العالمية لا سيما تجارة النفط لأوروبا وأمريكا. فقد استهدف الحوثيون سفينة الإغاثة الإماراتية "سويفت" في أكتوبر 2016م، وفرقاطة سعودية، بالإضافة إلى استهداف المدمرة الأمريكية "ماسون"، وسفينة الدعم القتالي "بونس" بصواريخ إيرانية من فئة "قادر".
  • تفاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعية وهروب المتسللين من شرق إفريقيا ومنطقة القرن الإفريقي عبر البحر الأحمر، هروبًا من الأوضاع الاقتصادية والأمنية الصعبة، إلى الدول الخليجية مرورًا باليمن، وهو ما يشكل تهديدًا لأمن الدول الخليجية، خاصة في ظل التخوف من تسلل العناصر الإرهابية إلى داخل منطقة الخليج، وتنفيذ عمليات إرهابية فيها.  
  • التخوف من التهديدات الإرهابية في شرق إفريقيا، من خلال نشاط حركة الشباب المجاهدين في الصومال، وإمكانية التحالف المرن بينها وبين تنظيم القاعدة في اليمن عبر البحر الأحمر، الأمر الذي يهدد المصالح الخليجية المتمثلة في الاستثمارات الكبرى في منطقة القرن الإفريقي، وتهديد الأمن القومي الخليجي.
  • عمليات تهريب السلاح، والعناصر المسلحة، عن طريق بعض القوى الإقليمية لا سيما إيران، وتدريبها في معسكرات في بعض الجزر على البحر الأحمر، تمهيدًا لنقلهم إلى اليمن بهدف تقديم الدعم لجماعة الحوثي، وتورط بعض دول المنطقة في ذلك، وأبرزهم دولة إريتريا.
  • استمرار الدعم الإيراني لجماعة الحوثي في اليمن، من أجل توطيد نفوذها غير المباشر على ساحل البحر الأحمر، والتحكم في مضيق باب المندب، من خلال تقديم الدعم المادي واللوجيستي للحوثيين، وهو ما يمثل تهديدًا للملاحة في مضيق باب المندب، وأمن البحر الأحمر، حيث تقوم إيران بتزويد الحوثيين بمعدات متطورة وألغام ضد السفن، وصواريخ كروز، مما يشكل تهديدًا لممرين مائيين مهمين بالنسبة للتجارة العالمية وللأمن القومي الخليجي.
  • استمرار تبعات الأزمة اليمنية من انقسامات سياسية واجتماعية، وتهديد كيان الدولة، مما يشكل خطرًا كبيرًا على الأمن القومي الخليجي. ففي ظل الاستقطابات السياسية التي تشهدها البلاد، من شأنها التسبب في تفكك اليمن إلى دويلات وقبائل، وهو ما يشكل تهديدًا خطيرًا لدول الجوار.
  • احتمالية انتصار المشروع الإيراني في اليمن، وهو ما يعني ترسيخ التواجد الإيراني في البحر الأحمر، مما يثير زعزعة الاستقرار في دول الخليج. فقد ارتبطت جماعة الحوثي بإيران التي كان لها دور مهم في تحريض وتدعيم الحوثيين من أجل زعزعة الاستقرار في المنطقة، وتهديد الأمن القومي الخليجي، لا سيما الأمن القومي السعودي، وإيجاد موطئ قدم في البحر الأحمر، والسيطرة على مضيق باب المندب، الذي يمثل أهمية استراتيجية كبرى، ومن ثم تسيطر إيران بشكل غير مباشر على أهم الممرات المائية في منطقة الشرق الأوسط بالإضافة إلى مضيق هرمز. وتهدف إيران إلى محاصرة دول الخليج من ناحية الجنوب، ليمتد الهلال الشيعي الإيراني من لبنان فالعراق مرورًا بإيران فاليمن، من أجل تهديد المنظومة الأمنية للدول الخليجية.
  • النجاح في السيطرة على مضيق باب المندب، وهو ما يعني إيجاد موطئ قدم في البحر الأحمر، والتحكم في واحد من المنافذ الأهم عالميًا، كما أنه يضرب الحصار القوي على دول الخليج العربي، وقد يتحكم في الخط الملاحي كله إذا استطاع السيطرة على جزيرة سوقطري اليمنية الاستراتيجية.

ودفعت تلك المخاطر التي تهدد الأمن القومي الخليجي دول الخليج إلى التحرك من أجل دحرها، والسعي نحو تأمين المصالح الخليجية من أي تهديد يمكن أن يؤدي إلى زعزعة الاستقرار السياسي أو الأمني أو الاقتصادي لدول الخليج في المنطقة.

ثالثًا: التحرك الخليجي في المنطقة

تعددت المبادرات الإقليمية لأمن البحر الأحمر، خلال العقود الطويلة الماضية، والتي كانت بدايتها مع المبادرة التي أطلقتها المملكة العربية السعودية في خمسينيات القرن الماضي، التي انبثق منها ميثاق أمن جدة والذي ضم كلاً من مصر والسعودية واليمن، وهدف هذا الميثاق إلى حماية أمن البحر الأحمر من خلال الدفاع المشترك ضد الأخطار الخارجية، وهو أول خطوة عربية لضمان أمنه في سبيل مواجهة أي تهديدات خارجية لهذا البحر، إلا أن الميثاق قد انهار في خضم الأحداث العربية والدولية التي أدت إلى التناقض والتعارض بين الدول التي وقعت على الميثاق.

وخلال السنوات القليلة الماضية، ومع التطورات الإقليمية التي كان لها تأثير على توازن القوى في البحر الأحمر، تزايد التعاون العسكري الإقليمي المشترك في البحر الأحمر، فقد شاركت بعض الدول الخليجية مثل السعودية بالتنسيق مع الدول المجاورة في تأمين السفن البحرية والتجارية وتحريرها من القرصنة في منطقة العقبة والبحر الأحمر، كما شهدت المملكة في نوفمبر 2016م، الاجتماع التنسيقي الثالث للجنة الإقليمية للتدريب والتنسيق لمركز جيبوتي، في معهد حرس الحدود البحري بجدة، وبمشاركة حوالي 20 دولة من الموقعين على مدونة سلوك جيبوتي الخاصة بمكافحة السطو المسلح والقرصنة البحرية غرب المحيط الهندي وخليج عدن. كما قامت القوات البحرية السعودية والسودانية في فبراير 2017م، بتمرين بحري مشترك في الساحل السوداني في إطار التعاون المشترك لتأمين البحر الأحمر وحدود البلدين. بالإضافة إلى توقيع السعودية اتفاقية ترسيم الحدود مع مصر، التي على إثرها تم نقل سيادة جزيرتي تيران وصنافير إلى المملكة السعودية، مما يضاعف التواجد والنفوذ السعودي في منطقة البحر الأحمر، لا سيما عند مضيق تيران.

ومع استمرار عاصفة الحزم التي انطلقت بهدف القضاء على جماعة الحوثي في اليمن، وعودة الاستقرار إلى اليمن من خلال استعادة الشرعية السياسية إلى البلاد، أطلق التحالف العربي بزعامة السعودية عدة عمليات من أجل استعادة الاستقرار لليمن منها عملية إعادة الأمل، وعملية "السهم الذهبي" بهدف تطهير الساحل اليمني الغربي من قوات الحوثي والرئيس الأسبق علي عبد الله صالح. وتتواصل عمليات التحالف العربي ضد الحوثيين في اليمن، من أجل إعادة الاستقرار إلى اليمن.

وعلى الجانب الآخر، يعطي الصراع الدائر في اليمن وتهديد أمن الخليج العربي ومصالح دوله في المنطقة والبحر الأحمر، الدافع نحو مراقبة ومتابعة دول الخليج للساحل الشرقي الإفريقي في إريتريا والسودان والصومال وجيبوتي، كونها تطل على مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وكونها تمر عبرها حركة السلاح والبشر إلى اليمن، علاوة على المخاوف التي تدفعها نحو محاولة إيجاد موطئ قدم راسخ في تلك الدول قبل إيران التي تسعى إلى نشر المذهب الشيعي، وتهديد أمن الدول الخليجية.

ومن هنا، سعت دول الخليج إلى تعزيز نفوذها في منطقة شرق إفريقيا والقرن الإفريقي، حيث تتزايد التوقعات ببناء السعودية قاعدة عسكرية لها في جيبوتي، تلك الدولة المطلة على الجانب الغربي لمضيق باب المندب، بهدف تأمين حمايته، والتي تربطها بالسعودية علاقات متميزة، حيث منحت السعودية دولة جيبوتي 5 زوارق بحرية سريعة ومتطورة، كما تسعى السعودية إلى تكثيف التواجد العسكري فيها، الأمر الذي انعكس على تقديم جيبوتي لتسهيلات للسعودية، ومنها السماح لها بقاعدة عسكرية على أراضيها، كما أسهمت تلك التسهيلات في نجاح عمليات السفن والبوارج العسكرية لقوات التحالف العربي في تحرير جزيرة ميون اليمنية من سيطرة الحوثيين، واستعادة السيطرة على مضيق باب المندب، واستلمته قوات الجيش الوطني اليمني الذي وصل هناك عبر جيبوتي. هذا بالإضافة إلى التحركات السعودية نحو دولة إريتريا، من خلال توقيع اتفاق عسكري وأمني واقتصادي بين البلدين في عام 2015، بهدف محاربة الإرهاب والتجارة غير المشروعة والقرصنة في البحر الأحمر، وحماية اليمن من التدخلات الأجنبية، كما حلقت طائرات عمودية سعودية فوق أجواء جيبوتي وإريتريا من أجل تفقد ميناءي عصب ومصوع، وعدة جزر إريترية متاخمة لليمن.

كما تتطلع السعودية نحو تعزيز العلاقات الثنائية مع دولة إثيوبيا في مختلف المجالات الاقتصادية والاستثمارية، وتحديدًا في المجال الزراعي، وتعزيز التبادل التجاري بينهما، بهدف إحداث توازن استراتيجي في منطقة شرق إفريقيا. وقد وصلت الاستثمارات السعودية في إثيوبيا إلى 3 مليارات دولار، وبلغ عدد المشروعات الاستثمارية بها 303 مشاريع، كما أنه خلال الفترة من 2008-2016 حصل أكثر من 303 مستثمر سعودي على حق الاستثمار في إثيوبيا في مختلف المجالات، وهو ما دفع إلى تزايد الشركات السعودية في إثيوبيا إلى 69 شركة سعودية، برأس مال يتجاوز 369 مليون دولار.

وفي إطار السعي السعودي نحو تقويض التمدد الإيراني في شرق إفريقيا، شكلت عاصفة الحزم نقطة تحول في العلاقة بين السودان ودول الخليج لا سيما السعودية، حيث شاركت السودان في التحالف العربي ضد الحوثيين في اليمن، كما بادرت بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وهو ما عزز من الاستثمارات السعودية في السودان، حيث وقع البلدان عددًا من الاتفاقيات في مجالات مختلفة، بالإضافة إلى المساعي السعودية التي يقوم بها الملك سلمان للوساطة بشأن رفع العقوبات الأمريكية عن الخرطوم.

كما تحرص الإمارات على إيجاد موطئ قدم في منطقة شرق إفريقيا، وفي البحر الأحمر من خلال التواجد العسكري في قاعدة ميناء عصب في إريتريا، بالإضافة إلى قاعدة عسكرية أخرى في ميناء بربرة في الصومال، علاوة على إدارة شركة موانئ دبي العالمية لحاويات ميناء جيبوتي، وهو ما يعزز التواجد الإماراتي والخليجي في القرن الإفريقي مما يزيد من فرص حماية تأمين البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

وعلى صعيد الاستثمار في شرق إفريقيا، عملت الإمارات إلى تعزيز استثماراتها وتوطيد علاقاتها الاقتصادية مع دول المنطقة، حيث قامت بافتتاح أول مكتب تجاري لها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في 2013. ووصلت قيمة التبادل التجاري غير النفطي بين الطرفين خلال عامي 2014-2015م، حوالي 788 مليون درهم. كما تبلغ الاستثمارات الإماراتية في إثيوبيا حوالي 3 مليارات درهم، وتتركز في قطاعات السياحة والفنادق. كما تأتي الإمارات كثاني أكبر مستثمر في السودان بعد السعودية خليجيًا، وذلك بنحو 6 مليارات دولار، كما تناقش عددًا من المشروعات الاستثمارية في السودان بنحو 16 مليار دولار.

خاتمة

من المفترض أن دولة اليمن تعد بمثابة حائط الصد في درء المخاطر المحتملة التي تهدد دول الخليج العربي، ومصالحها الاقتصادية، لا سيما خطوط نقل النفط الخليجي إلى الأسواق العالمية، الأمر الذي يُحمّل الدول الخليجية مسؤولية عودة الاستقرار للدولة اليمنية. كما أن تهديد أمن مضيق باب المندب في البحر الأحمر من قبل جماعة الحوثي المدعومة من إيران يحتم تضافر الجهود الخليجية نحو حماية البحر الأحمر ومضيق باب المندب، من خلال تكثيف عمليات التحالف العربي ضد الحوثيين، فضلاً عن تكثيف التواجد العسكري في البحر الأحمر، وتعزيز التعاون والتنسيق بين القوى الإقليمية مثل مصر، والدولية مثل الولايات المتحدة الأمريكية بشأن حماية مضيق باب المندب بشأن مواجهة الحوثيين وإيران، علاوة على تعظيم التواجد في شرق إفريقيا والقرن الإفريقي، مما يسهم في تعزيز حماية الأمن القومي الخليجي، في ظل التغيرات الاستراتيجية والتهديدات التي تواجهه في منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*باحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ـ القاهرة 

مقالات لنفس الكاتب