array(1) { [0]=> object(stdClass)#13009 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 123

أرض الميعاد عندهم تقبل الزيادة ولا تقبل التجْزئة وفي التلمود القدس تَتَوَسَّع حتى دمشق إسرائيل وسياسة تهويد الإسلام بالقوة الناعمة والخشنة

الأربعاء، 20 أيلول/سبتمبر 2017

مر الصراع العربي ـ الإسرائيلي بأنماط وصور متعددة تطورت على مراحل ممنهجة وسياسات دقيقة لتؤكد صدق القرآن الكريم (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا).

استخدمت إسرائيل في عملية التهويد سياستين؛ الأولى ممكن أن تسمى بالتهويد الخشن من خلال القوة وفرض الأمر الواقع، والثاني عرف بالتهويد الناعم من خلال تهويد الثقافة والفكر والهوية بوسائل متدرجة وأحيانا بطيئة مبتدئةً بتغيير اللغة ومنتهيةً بتهويد العقيدة والروح وصار هذا التهويد بخطة منهجية على النحو التالي:

أولاً: تهويد الأرض منذ أن استولت إسرائيل على الأرض الفلسطينية شرعت في سياسة تهويد الأرض الفلسطينية فغيرت معالم التاريخ والجغرافيا وقد أحصى الباحث الجغرافي الدكتور: شكري عراف في كتابه المواقع الفلسطينية بين عهدين – خريطتين-وفيه أحصى المؤلف نحو 2780 موقعاً تم تغيير أسمائها، هي: 340قرية ومدينة ـ 1000 خربة ـ 380 عين ماء ـ 560 وادياً ونهراً ـ 14 بركة وبحيرة ـ 50 مغارة ـ 28 قلعة وحصناً وقصراً ـ 198 جبلاً ـ 210 تلال. ويعد هذا المرجع ـ على حد علمنا ـ الأشمل بين كل ما كتب إحصائياً وعينياً عن تهويد أسماء المعالم الفلسطينية.

واعتمدت إسرائيل على تحريك أسماء المدن والقرى والطرق باعتماد اسماء تارة مرتبطة بالتناخ –العهد القديم-فمنطقة رام الله تسمى دان ومنطقة القدس وشمالها سميت يهودا ومنطقة اللد والرملة ويافا سميت شمعون وأحيانا تؤصل إسرائيل لهذا التحريف للأسماء والمدن بإطلاق تسميات ورد ذكرها في المشنى والتلمود عمومًا مثل:

خربة نبرتين (في الجليل الأعلى): أسمتها: خربة نبورياه

خربة المنارة (في الجليل الأسفل): أسمتها: خربة منوريم

ونسبت إسرائيل بعض التسميات إلى حاخامات وأدباء من أمثلة ذلك:

-   تسمية جبل حيدر (في الجليل الأعلى) باسم هار هآري / لذكرى رئيس حاخامات الكابالاه في صفد.

- تسمية عين الحمرة (جنوب صفد) عين همبيط / لذكرى الحاخام موشي مطراني الذي قيل أنه عاش في صفد في القرن السادس عشر.

وكذلك سمي جبل شرفة غرب القدس هار هرتسل تخليدًا لذكرى الرمز الصهيوني هرتسل ولَم تنسى إسرائيل المحاربين الصهاينة الذين سقطوا في معاركهم بتخليد أسمائهم في الأماكن التي سقطوا فيها فسمت جبل قليلة جنوب مرج ابن عامر هار جيبورين (الأبطال) الذين سقطوا في عام ١٩٤٨م، بل إنها خلدت في جبال القدس أسماء العصابات القاتلة فأطلقت على مكان التدريب هار الهاغاناه وحرفت أسماء عربية إلى ألفاظ عبرية مثل جبل اباريك في النقب الجنوبي إلى هار بارك وترجمت معاني عربية إلى عبرية مثل جبل جرادة إلى هار جوفاي ( جرادة) ولَم تنس زعماء إسرائيل أو أصدقائها من إطلاق أسمائهم على مشارف القدس مثل الوزير موشي حاييم شابيرا وكذلك مرداخي غور على منطقة مجاورة لباب الأسباط

 

 والخلاصة أن إسرائيل استمرت في تحريف التاريخ والجغرافيا عملاً بالقاعدة التي تتمناها (الكبار يموتون والصغار ينسون) ففي أحد الكيبوتسات قال "مناحيم بيجين" إن اليهود لو تحدثوا عن فلسطين بدلاً من ايرتس يسرائيل، فإنهم يفقدون كل حق لهم في الأرض، لأنهم بذلك يعترفون ضمنًا بأن هناك وجودًا فلسطينيًا، وبالتالي إن عبارة ارتس يسرائيل أي أرض إسرائيل تدل على عدم الاعتراف بأي شعب آخر على هذه الأرض"[14].

 

أولا تهويد الذاكرة

وجاء هذا القرار في إطار خطة ممنهجة اعتمدتها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتانياهو" تستهدف ترسيخ مفاهيم التهويد وتذويب الهوية العربية والإسلامية للفلسطينيين وللمدن الفلسطينية وعلى رأسها مدينة القدس، فقرار إلغاء مصطلح النكبة يعد بمثابة نسخة مخففة من مشروع قانون اقترحه الفاشي "أفيجدور ليبرمان" وزير الخارجية الإسرائيلية وزعيم حزب يسرائيل بيتنا، يقضي بمنع أي مظاهر من مظاهر إحياء ذكرى النكبة الفلسطينية والتي عادة ما كانت تأخذ شكل احتفاليات ثقافية تؤكد على أصالة ورسوخ الهوية العربية في إسرائيل[20].

لكن الفلسطيني لم يترك ذاكرة التاريخ والجغرافيا من دون توثيق الحقيقة، حيث قام مركز الأبحاث الفلسطيني بإصدار " بلدانية فلسطين المحتلة " من إعداد د. أنيس صايغ(  عام 1968 ) متضمنة العديد من الأسماء الفلسطينية / العربية للمواقع. وإصدار  " موسوعة فلسطين الجغرافية " عام 1969 م، للأستاذ قسطنطين خمَّار الذي صدر له أيضاً (عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت عام 1980) م، كتاب يتضمن أسماء الأماكن والمواقع والمعالم الطبيعية والبشرية والجغرافية المعروفة في فلسطين حتى العام 1948م.

3 _ التدقيق الذي قدمه الباحث فرج الله صالح ديب في كتابه " معجم معاني وأصول وأسماء المدن والقرى الفلسطينية " (الصادر عن دار الحمراء في بيروت / 1991). وفيه أكد أن تاريخ فلسطين أخضع للتزوير المتعمَّد، وغُرِّب الفلسطينيون واعتبروا غزاة من بحر إيجة، لحظة مارست الصهيونية سلاح الاقتلاع والنفي ومحو الذاكرة عبر تزوير الآثار وعبرنة أسماء الأماكن. وقد رصد المؤلف أسماء القرى والمدن والخرب / مع جذورها ومعانيها في القاموس العربي وما يماثلها من أسماء قرى ومدن وعشائر في المحيط العربي واليمن خاصة. وخلص الباحث إلى النتائج التالية:

-    أسماء القرى والمدن والخرب الفلسطينية، هي أسماء عشائر عربية.

-    لا وجود لأسماء عبرية في فلسطين.

-    غالبية أسماء القرى والمدن الفلسطينية تتردد في اليمن ولبنان.

-    غالبية الخرب الفلسطينية، تحول أصحابها إلى عائلات في المدن والمناطق اللبنانية، أو شكلوا قرى بالاسم نفسه أحياناً.

 

ولعل الأزمة التي برزت في مدينة عكا مؤخراً حيث نشب خلاف شديد بين السكان العرب لمدينة عكا الذين يرغبون في تسمية الميناء باسم عيسى العوام البحري أحد قادة صلاح الدين بينما ترغب بلدية عكا بتسمية الميناء باسم زئيف بريد البحري وهو قائد صهيوني بارز ويعد من مؤسسي الأسطول الإسرائيلي.

ثانيًا تهويد العقيدة

صورت العدسة القرآنية الشخصية اليهودية بأوصافها الحقيقية من إساءة الأدب في حق الله والكفر والطغيان وسعيهم في الفساد وإثارة الحروب في الأرض وقد سجل القرآن طرفًا من ذلك (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ

مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)

وهم كذلك قتلة الأنبياء والأبرياء والأولياء والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (22)

قال ابن أبي حاتم في تفسيرها عن قبيصة بن ذؤيب الخزاعي عن أبي عبيدة بن الجراح قال : قلت : يا رسول الله ، أي الناس أشد عذابًا يوم القيامة ؟ قال :رجل قتل نبيًا ، أو رجل أمر بالمنكر ونهى عن المعروف ، ثم قرأ رسول الله  ( صلى الله عليه وسلم ويقتلون النبين بغير حق و يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس إلى قوله : و ما لهم من ناصرين ثم قال رسول الله  ( صلى الله عليه وسلم )  : يا أبا عبيدة قتلت بنو إسرائيل ثلاثة و أربعين نبيًا من أول النهار في ساعة واحدة فقام مائة رجل و سبعين رجلا من بني إسرائيل ، فأمروا من قتلهم بالمعروف و نهوهم عن المنكر ، فقتلوا جميعًا من اخر النهار في ذلك اليوم ، فهم الذين ذكر الله عز و جل . قوله تعالى: ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس

إن هذه الأمة الضالة بعدما انحرفت عن هدي ربها وحرفت كتب باريها , أمة وسمت بالهوى والضلالة قال تعالى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ (120)

ما عندنا علم وبينة وما عندهم أهواء قال تعالى (قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57)

لكن الحال تبدلت والعقول تهودت فأصبحت هذه الأمة هي أمة الجهل بعدما كانت أمة اقرأ واقتدت ببني إسرائيل في إشعال الحروب ونشر الفساد وقتل الأبرياء ومن التكفير إلى التفجير وسفكت دماء بغير حق وأتلفت أوطان ودمرت على ساكنيها بحجة الجهاد في سبيل الله واعتدي على أبرياء بذريعة التقرب إلى الله ولعن هذه الأمة بعضها بعضًا.

 فعلى سبيل المثال و حسب إحصائيات منظمة اليونسكو لسنة 2004م، خصصت الدول العربية مجتمعة للبحث العلمي ما يناهز 1.7 مليار دولار أي ما نسبته 0.3% من الناتج القومي الإجمالي، في مقابل تخصيص دول أمريكا اللاتينية والكاريبي لـ21.3 مليار دولار أي ما نسبته 0.6%
من الناتج القومي الإجمالي, ودول جنوب شرق آسيالـ48.2 مليار دولار أي ما نسبته 2.7%, كما خصصت كل من السويد 3.3٪، سويسرا و اليابان 2.7٪ ، وتتراوح النسبة من 2 إلى 2.6٪ في كل من فرنسا والدانمرك والولايات المتحدة كما وصلت نسبة الإنفاق على البحث العلمي في إسرائيل إلى 4.7٪ ...الخ 
وفي المقابل فإن ما يتم رصده من ميزانيات في هذا المجال في الوطن العربي و الإسلامي يبقى ضعيفًا في ظل عدم وجود استراتيجيات أو سياسات واضحة في مجال البحث العلمي، وهروب العنصر البشري من بعض الدول العربية و ما يسمى بظاهرة هجرة الأدمغة، إضافة إلى ضعف قاعدة المعلومات في المراكز والمختبرات والمؤسسات الإنتاجية لبعض هذه الدول.

زار وزير أمريكي سابق السلطة الفلسطينية في عام 2000 م، وقادته أقدام المسؤولين إلى مخيم الشاطئ فبكى وتأثر من حجم المأساة الاقتصادية التي يعيشها السكان فلا بنية تحتية ولا ماء ولا كهرباء ولا طرق .....لكن إسرائيل وجهت له دعوة لزيارتها فزار جامعة تل أبيب ومفاعل ديمونا ومعهد التقنية ( التخنيون) واطلع على صناعة الدبابات ( الميركافا) وصناعة الأقمار الصناعية ومدى التفوق الحاصل في الصناعات والاكتشافات العلمية فانبهر الرجل من حجم الإنجازات الضخمة التي وصلت إليها إسرائيل في شتى الميادين وعند سؤاله عن رأيه فيما شاهده قال الفلسطيني يحتاج إلى مساعدة اقتصادية ليعيش أما إسرائيل فهي الأقوى والأبقى ونحن محتاجون اليها لنستفيد من طفرتها العلمية والتكنولوجية.

ثالثًا تهويد الروح

واليوم تبلغ الملحمة ذروتها وتواصل إسرائيل قبضتها على المسجد الأقصى أولى القبلتين وثاني المسجدين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتسعى جاهدة الآن إلى بناء الهيكل على أنقاض قبة الصخرة ويعتقد اليهود أن كل يوم يتأخر فيه بناء الهيكل فهم آثمون عند الله.

يقول بن جوريون -أول رئيس وزراء لدولة يهود -: "لا قيمة لإسرائيل بدون القُدس، ولا قيمة للقدس بدون الهيكل".

ويقول الحاخام الهالك مائير كاهانا في صفاقةٍ وتبجُّح وجُرأة على الجبَّار -جل جلالُه -: "إن إزالة المسجد الأقصى وقبة الصخرة واجبٌ يقتضيه الدِّين اليهودي، وإن المعركة دينيَّة، ولكل شعبٍ إلهٌ يَحْمِيه، وإذا استطاع اللهُ أن يحميَ مساجده فليفعل في مُواجهة التصميم اليهودي على إعادة بناء هيكل سليمان محل المساجد الإسلامية".

 

فأرضُ الميعاد انتزعها اليهود بالدم والدمع -كما يقولون -وهي أرضٌ تقبل الزيادة ولا تقبل التجْزئة،وفي تَلْمُودهم المقدَّس: القدس سَتَتَوَسَّع في آخر الزمان حتى تصل إلى دمشق.

 

وحينما اجتاح الجيش اليهودي القدس الشرقية، وأخذوها من المسلمين، وقَفَ وزيرُ الدفاع اليهودي موشي ديان أمام حائط البُراق وقال: "لقد أعدْنا توحيد المدينة المقَدَّسة، وعُدنا إلى أكثر أماكننا قَدَاسة، ولن نُغادرها أبدًا".

ومن خطواتهم في بناء الهيكل:

أن الحكومة اليهودية قد صرحتْ رسميًّا لعشرات المنظمات اليهودية للعمل من أجْل بناء الهيكل، ومن أشهرها جماعة أمناء الهيكل، والتي تلْقى دعمًا واسعًا داخل دُويلة اليهود وخارجها، ويُقيمون الندوات والمؤتَمرات، ويجمعون التبرعات من أثرياء اليهود في العالم مِنْ أجْل الهيكل، بل إن الصهاينة قد فتحوا مدارس دينية، الهدفُ منها وغايتها تعليم الناشئة على معالِم الهيكل الجديد وضخامته ومساحته، ودِقَّة هندسته، وإتقان خدماته.

وهذه المنظمات والجماعات تنتظر فقط الإشارة الخضراء للبَدْء في بناء الهيكل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*رئيس المعهد الديني للأزهر الشريف في غزة

مجلة آراء حول الخليج