array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

التجربة الأوروبية في الاتحاد النقدي والعملة الأوروبية الموحدة

الأربعاء، 01 حزيران/يونيو 2011

يعتبر الاتحاد النقدي الأوروبي من أهم تجارب التكامل الاقتصادي في الوقت الراهن، حيث ظهرت الحاجة الملحة له بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وما خلّفته من دمار اقتصادي لأوروبا، والتي كانت المحفز الأول للتفكير في إقامة نوع من التكتل والتعاون بين دول القارة.

 أولاً: التطور التاريخي لنشأة الجماعة الاقتصادية الأوروبية

تم في سنة 1947 توقيع اتفاقية تأسيس الاتحاد الاقتصادي (الجمركي) لدول (البينولكس)، وكان يشمل ثلاث دول أوروبية هي: هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ، وفي عام 1949 تم تكوين المنظمة الأوروبية للتعاون الاقتصادي التي تكونت من 16 دولة تعهدت بموجبها ممارسة تعاون وثيق في علاقاتها الاقتصادية المتبادلة. وقد تناول هذا الالتزام بشكل أساسي تنمية الإنتاج الوطني والاستقرار المالي وحرية التبادل بين الدول الأوروبية. وبعد الإعلان بعام عن خطة روبرت شومان وزير خارجية فرنسا أي في 18/4/1951 أنشأت فرنسا وألمانيا وإيطاليا ودول البينولكس (المجموعة الأوروبية للفحم والصلب) بهدف التوصل إلى سوق أوروبية مشتركة في هاتين السلعتين الاستراتيجيتين وتنظيم التنافس بين الصناعات الأوروبية ومع أن فترة الخمسين سنة الماضية كانت مملوءة بالعمل في حقل التنظيم الأوروبي والاتجاه نحو تحقيق الوحدة إلا أنه يمكننا تحديد المحطات الرئيسية التالية:

1- معاهدة روما:

تم توقيعها في روما وذلك في مارس 1957 بين الدول الست المذكورة سابقاً، والتي تعتبر الوثيقة المؤسسة للمجموعة الاقتصادية الأوروبية والهادفة إلى:

* إلغاء الرسوم الجمركية على التجارة الداخلية بين الدول الأعضاء ووضع تعرفة جمركية موحدة تجاه دول العالم الأخرى.

* إزالة الحواجز القائمة في وجه انتقال رؤوس الأموال وللأشخاص والخدمات بين الدول الأعضاء.

* تنسيق السياسات الاقتصادية بين الدول الأعضاء.

وفي السنة نفسها (1957) وقعت الدول نفسها اتفاقية تأسيس المجموعة النووية الأوروبية، وقد كونت المجموعات الثلاث السالفة الذكر ما يسمى المجموعة الأوروبية، وقد تم التوقيع في بروكسل في عام 1967 على اتفاق التوحيد الذي بموجبه تصبح للمجموعة الأوروبية الهيئات التالية:

* مجلس وزراء مشترك ومفوضية مشتركة.

* جمعية برلمانية ومحكمة أوروبية.

2- الطريق نحو الوحدة النقدية:

لم تتوقف محاولات التعاون النقدي بين الدول الأوروبية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بدءاً بإنشاء اتحاد المدفوعات الأوروبي عام 1950 وبعد تكوين السوق الأوروبية المشتركة بموجب معاهدة روما سنة 1957 هذه السوق عرفت فيما بعد باسم الجماعة الاقتصادية الأوروبية، تركزت جهود التعاون النقدي من أجل مواجهة أزمات اقتصادية مختلفة، مثل اختلال موازين المدفوعات وزيادة مستويات التضخم والركود الاقتصادي وزيادة نسب البطالة وتدهور وضع الدولار كعملة الاحتياطي الدولية ثم وقف تحويله إلى ذهب.

ثانياً: مراحل تطور النظام النقدي الأوروبي

إن فكرة تكوين وحدة نقدية واقتصادية فكرة قديمة ظهرت منذ الخمسينات من القرن الماضي، لكنها لم تلق النور بسبب وجود نظام (بريتون وودز) العالمي لتثبيت أسعار الصرف، الأمر الذي أعاق إقامة نظام نقدي منفصل داخل أوروبا، وبعد انهيار هذا النظام وازدياد معدلات العجز في ميزان المدفوعات الأمريكي وانخفاض الدولار بنسبة 10 في المائة في فبراير 1971 ظهرت الحاجة لإصدار وحدة نقدية أوروبية مستقلة.

وخلال سعيها لوضع نظام نقدي فعال مر هذا النظام بالمراحل التالية:

1- نظام (الثعبان النقدي)

قام الاتحاد الأوروبي عام 1972 طبقاً لما سمي نظام الثعبان داخل النفق (Snake in the Tunnel) بتحديد هوامش تذبذب العملات الخاصة بالدول الأعضاء بالنسبة للعملات الأجنبية، وكانت هذه العملات مرتبطة بالدولار الأمريكي مع السماح بتذبذبها في حدود 2.25 في المائة حول سعر الدولار. أما طبقاً لنظام الثعبان النقدي فقد خفضت النسبة إلى النصف تقريباً وأصبحت أسعار صرف العملات للدول الأعضاء مثبتة فيما بينها مع وجود هامش التذبذب، في حين تكون هناك العملات حرة في التعويم بالنسبة للعملات الأجنبية. وأصبح نظام الثعبان غير ذي جـدوى وتم إلغـاؤه واستبداله بالنظام النقـدي وذلك بسبب تعميم فكرة حرية التعويم عام 1973.

2- النظام النقدي الأوروبي

نظراً لفشل نظام (الثعبان النقدي) تم استحداث النظام النقدي الأوروبي، ودخل حيز التطبيق في منتصف مارس 1989ووفقاً لهذا النظام يكون لكل عملة من العملات التي تنتمي إلى التحالف سعران أحدهما مركزي وهو الذي يحدد علاقة كل عملة بوحدة النقد الأوروبية، ويسمح للعملات بالتذبذب في حدود 2.25 في المائة صعوداً وهبوطاً من هذا السعر، باستثناء الليرة الإيطالية، حيث سمح لها بتذبذب في حدود 6 في المائة صعوداً وهبوطاً حتى يناير 1990، حيث أخذت بالهوامش الضيقة.

تسمح العملة الأوروبية الموحدة في تحقيق استقرار العلاقات الاقتصادية والنقدية الدولية

وهنا تجدر الإشارة إلى أن (وحدة النقد الأوروبية) هي عبارة عن سلة من الأوزان النسبية لعملات الدول الأعضاء في الجماعة، ويتحدد هذا الوزن بمدى مساهمة العملة في الدخل القومي والتجارة الخارجية لكل دولة، ويتم تغيير الأوزان النسبية للعملات دورياً كل خمس سنوات، أو في حالة حدوث تغيير في قيمة أي عملة بنحو 25  في المائة أو أكثر. ويقابل إصدار وحدة النقد الأوروبية قيام البنوك المركزية للدول الأعضاء بإيداع نسبة قدرها 20  في المائة من احتياطياتها من الذهب، وكذلك 20  في المائة من أرصدتها من الدولار لدى صندوق التعاون النقدي الأوروبي.

3- تقرير ديلور

يتطلب تحقيق التكامل النقدي توحيد عملات كل دول الاتحاد بعملة واحدة يتم التعامل بهـا بين هذه الأقطـار، وهذه الدرجة العالية من التكامل تتطلب إيجاد بنك مركزي واحد للمنطقة ككل، بحيث تكون هناك سلطة نقدية واحدة هي التي تحدد السياسة النقدية الواجبة التطبيق في المنطقة. لهذا السبب أنشأ المجلس الأوروبي (الذي يضم رؤساء دول وحكومات بلدان المجموعة) في يونيو 1988 لجنة برئاسة جاك ديلور وتضم محافظي البنوك المركزية للدول الأعضاء. وذلك لوضع الخطوات التي تؤدي إلى قيام الاتحاد الاقتصادي والنقدي، وقد اقترحت هذه المجموعة خطة لتحقيق الوحدة النقدية ووضع التقرير ثلاث قواعد لهذه الوحدة:

* التحويل الشامل للعملات.

* تكامل البنوك والأوراق المالية.

* إلغاء هوامش التذبذبات والمحافظة على المساواة في أسعار الصرف لعملات الأعضاء.

ثالثاً: اتفاقية ماستريخت والتدرج في الوحدة النقدية:

من أجل استكمال الخطوات السابقة، عقدت الدول الأعضاء في الجماعة الاقتصادية الأوروبية مؤتمر قمة في فبراير 1992 بماستريخت (هولندا) لوضع التعديلات النهائية لمعاهدة روما وتوقيع اتفاقية جديدة لإنشاء الاتحاد النقدي والاقتصاد الأوروبي.

1- أهداف الاتفاقية

تشير اتفاقية ماستريخت في المادة الثانية إلى (أن الهدف هو إنشاء سوق مشتركة واتحاد اقتصادي نقدي) وذلك عن طريق توحيد السياسات والأنشطة من أجل تدعيم النمو الاقتصادي مع توسيع نطاق العمالة والحماية الاجتماعية، وتتضمن الاتفاقية تنظيم كافة نواحي الحياة تشريعياً، اجتماعياً، إذ إنها تعتبر وثيقة عمل أوروبية.

أما بخصوص السياسة النقدية فتشير المادة 105 من اتفاقية ماستريخت إلى (أن هدف نظام البنوك المركزية الأوروبية هو العمل على استقرار الأسعار وتدعيم السياسة الاقتصادية لدول المجموعة) ومنحته الاتفاقية الاستقلالية الكاملة عن السلطات الوطنية الأوروبية.

وفي ما يتعلق بالسياسة المالية تهدف اتفاقية ماستريخت إلى تأمين التنسيق الجيد بين السياسات المالية لحكومات الدول الأعضاء للمساعدة على إيجاد مزيج مناسب بين سياساتها الاقتصادية وهذا أمر ضروري من وجهة نظر السياسة النقدية، ونظراً لوجود مجموعة من الميزانيات الوطنية كان من الضروري ممارسة رقابة دقيقة متبادلة وتنسيق بين مختلف السياسات المالية في اقتصادات الدول الأعضاء.

2- مراحل الوحدة النقدية

إن من أهم النتائج التي توصلت إليها المجموعة قبل معاهدة ماستريخت تحديد مراحل التكامل النقدي (EUM)، كما وردت في تقرير لجنة ديلور في إبريل 1989 التي حددت ثلاث مراحل للتوصل إلى الوحدة النقدية، وهذه المراحل هي كالتالي:

المرحلة الأولى: تبدأ في يوليو 1990، وتتضمن تكملة التعاون والتنسيق الاقتصادي للتوصل إلى السوق المشتركة بنهاية عام 1992، والمشاركة الكاملة لكافة عملات دول المجموعة في النطاق - الهامش- الضيق لآلية سعر الصرف.

المرحلة الثانية: تبدأ في عام 1994، ويتم فيها إنشاء أو تكوين نظام البنوك المركزية الأوروبية (ESCB)، والتي سيتم فيها التحول من مجرد التنسيق بين السياسات النقدية المستقلة لكل دولة من دول المجموعة إلى إيجاد صيغة لتطبيق سياسة نقدية موحدة، وكذلك الاستمرار في العمل على تقليص هوامش تحرك أسعار الصرف بين عملات دول المجموعة، ومن المقرر أن تتبع دول المجموعة سياسات اقتصادية تهدف إلى تحقيق التقارب بين معدلات الأداء الاقتصادي، وخصوصاً في ما يتعلق بالمؤشرات الأربعة (معدل التضخم، نسبة عجز الموازنة العامة إلى الناتج المحلي الإجمالي، نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي وأسعار الفائدة طويلة الأجل).

المرحلة الثالثة: خطط لهذه المرحلة أن تتم في فترة تتراوح ما بين 1998 وبداية 1999 على أكثر تقدير يتم فيها تحديد أسعار صرف دول المجموعة بشكل نهائي غير قابل للتغيير، على أن يتم التعامل بعد ذلك بعملة واحدة هي (اليورو)، ومن الجدير بالذكر أن المملكة المتحدة احتفظت لنفسها بحق عدم الانضمام إلى هذه المرحلة (الوحدة النقدية الكاملة).

* أما الفترة ما بين (1999-2002) فتكون فترة انتقالية يتم التعامل فيها باليورو، إلى جانب العملات الوطنية مع الانسحاب التدريجي لتلك العملات لصالح تعميم استخدام اليورو.

3- شروط الانضمام إلى الوحدة النقدية

حددت معاهدة ماستريخت معايير يجب احترامها في آن واحد من طرف الدول الراغبة في الانتقال إلى العملة الموحدة، هذه المعايير تدعى بمعايير التقارب وهي:

1- استقرار أسعار الصرف: يجب أن تكون تقلبات العملة في خلال السنتين الماضيتين على الأقل على نطاق التقلبات الطبيعية لنظم الصرف الأوروبي.

2- استقرار الأسعار: يجب ألا يتعدى معدل التضخم 1.5 في المائة عن متوسط معدلات التضخم لأقل ثلاث دول أعضاء تضخماً.

3- عجز الموازنة: يجب ألا يزيد معدل عجز الموازنة عن 3  في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

4- الدين العام: يجب ألا يزيد حجم الدين العام عن 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

5- أسعار الفائدة الطويلة الأجل: يجب ألا تتجاوز 2 في المائة عن متوسط معدل أسعار الفائدة الطويلة الأجل في ثلاث دول التي تشهد أقل معدلات التضخم.

4- فوائد العملة الأوروبية الموحدة

للعملة الأوروبية الموحدة عدة مزايا وفوائد بالنسبة للاقتصاد الأوروبي وهي كالتالي:

أ- فوائد داخلية:

تساهم العملة الأوروبية الموحدة في إكمال السوق الموحدة الداخلية، ولا يمكن أن نتصور وجود سوق واحدة من دون وجود عملة واحدة، الأمر الذي يؤكد ضرورة وجود عملة أوروبية موحدة لأنها تسمح للأوروبيين بالاستفادة من فوائد السوق الموحدة. وتعتبر أداة فعالة للتسيير في الدول الأعضاء، وذلك من خلال محاربة التضخم، وضبط عجز الموازنة والمديونية العامة والتحكم في أسعار الفائدة، كما تسمح بإيجاد محيط اقتصادي مستقر وملائم وتفادي سلبيات ومخاطر تقلبات أسعار الصرف بين عملات الدول الأعضاء وتأثيراتها في الأداء الاقتصادي للدول الأعضاء.

ب- فوائد خارجية:

* تسمح العملة الأوروبية الموحدة بتحقيق استقرار العلاقات الاقتصادية والنقدية الدولية.

* تعتبر العملة الأوروبية الموحدة من وسائل التسوية التجارية الدولية وعملة صعبة يحتفظ بها في محافظ الاحتياطيات الرسمية في البنوك المركزية.

* على المستوى العالمي تسمح العملة الأوروبية الموحدة بأن يتصدر الاتحاد الأوروبي أكبر القوى التجارية

نظام اليورو.. محاوره وسياسته

أولاً: محاور النظام النقدي الأوروبي

لتحقيق الأهداف التي يسعى إليها النظام النقدي الأوروبي اتفق على أن يقوم هذا النظام على ثلاثة محاور أساسية:

1- آلية سعر الصرف:

 تعتبر هذه الآلية المحور الأساسي في النظام النقدي الأوروبي، وقد اتفق على أن تقوم هذه الآلية على مبدأين أساسيين هما:

* ألا يزيد هامش التغير في سعر صرف عملة أية دولة عضو مقابل عملات بقية الدول الأعضاء في النظام على 2.25 في المائة.

* ألا يتم تعديل الأسعار المركزية إلا باتفاق كافة الدول الأعضاء، وذلك ضماناً لاستقرار وحدة النقد الأوروبية.

2- آليات الائتمان:

يقوم نظام الائتمان في النظام النقدي الأوروبي على أساس النقاط الرئيسية التالية:

أ- تسهيلات ائتمانية قصيرة جداً: تتم هذه التسهيلات بصورة تلقائية غير مشروطة وغير محددة الكمية وذلك حتى يمكن ممارسة التدخل في عملات الجماعة الاقتصادية الأوروبية، ولابد من إجراء التسويات بعد 45 يوماً من نهاية الشهر الذي ثم فيه التدخل. أما من الناحية الفنية فإن هذه التسهيلات تمنح من قبل كل بنك مركزي لكل من البنوك المشاركة الأخرى، ويكون سعر الفائدة المدين أو الدائن الذي يطبق على هذه التسهيلات هو متوسط أسعار الخصم الرسمية لكافة بنوك الجماعة الاقتصادية الأوروبية مرجحاً حسب أوزان العملات المعنية.

 يعد البنك المركزي الأوروبي بمثابة السلطة النقدية الموحدة للاتحاد الأوروبي

ب- آليات الائتمان قصيرة ومتوسط الأجل وتشمل ما يلي:

1- الدعم النقدي القصير الأجل: هذا الاتفاق تم إبرامه بين المصارف المركزية في 9/2/1970، وتم تمديده في جافني 1973، ثم جرى تمديده وتعديله فيما بعد في مارس 1974 وفي فيفري 1977، ويوفر الدعم النقدي قصير الأجل مساعدة مالية لتمويل العجز المؤقت في ميزان المدفوعات، حيث تقوم لجنة المحافظين بتفحص الموقف النقدي والسياسة النقدية للدولة المستفيدة، ويمنح مبدئياً لمدة 3 أشهر ويمكن تجديده مرتين لمدة ثلاثة أشهر إلى أن يصل إلى 9 أشهر كأقصى حد.

 2- المساعدة المالية متوسطة الأجل: أنشئت هذه الآلية بقرار مجلس الجماعة الاقتصادية الأوروبية في 22 مارس 1971، ولقد تم تعديله في ديسمبر 1977. وتوفر هذه الآلية منح تمويل متوسط الأجل (2-5 سنوات) لكل بلد في الجماعة يكون قد تعين عليه أن يتخطى صعوبات أو يواجه تهديداً خطيراً متمثلاً في مصاعب في ميزان مدفوعاته، ولابد من التأكيد على أن المساعدة المالية متوسطة الأجل خاضعة لشروط:

* لدى منح المساعدة المالية أقر المجلس الالتزامات التي لا بد أن يتحملها البلد المستفيد حتى يستعيد توازنه الداخلي والخارجي.

* تثبيت مبلغ وشروط الائتمان، ولا سيما في ما يتعلق بالمدة التي يستغرقها وسعر الفائدة المفروضة عليه.

 2- وحدة النقد الأوروبية: رغم أن وحدة النقد الأوروبية (اليورو)، التي كانت تعرف باسم (الإيكو) لم تكن في شكل عملة ورقية، أو في شكل قطع نقدية معدنية منذ نشأتها، لكنها من الناحية العملية تتمتع بخصائص النقود، حيث تعتبر وحدة حسابية تستخدم للحساب والتبادل الاحتياطي بين البنوك المركزية. وتعتبر عاملاً رئيسياً في النظام النقدي الأوروبي، إذ إنها تتكون من سلة عملات الدول الأعضاء.

جدول رقم (1): أوزان العملات المشكلة للسلة عام 1995

الدولة

ألمانيا

فرنسا

بريطانيا

إيطاليا

هولندا

بلجيكا

إسبانيا

الدنمارك

إيرلندا

اليونان

البرتغال

العملة

مارك

فرنك

جنيه

ليرة

فلورين

فرنك

ابيزيتا

كرون

جنيه

دراخما

أسكود

الوزن %

33,3

20,49

10,47

7,17

010,47

8,75

4,24

2,72

1,04

0,47

0,71

 المصدر: د. فاروق محمود الحمد، الوحدة النقدية الأوروبية - النشأة والتطور والآثار- سلسلة رسائل بنك الكويت الصناعي، الكويت، 2000، (ص 26).

 ثانياً: النظام الأوروبي للبنوك المركزية

لقد حددت اتفاقية ماستريخت الإطار المؤسسي للاتحاد النقدي الأوروبي الذي يشرف على إنجاز الوحدة النقدية الأوروبية، وفي مقدمة هذه المؤسسات هيئة النقد الأوروبية بفرانكفورت في ألمانيا التي تعتبر تمهيداً لإنشاء النظام الأوروبي للبنوك المركزية، والبنك المركزي الأوروبي. ولقد حددت اتفاقية ماستريخت مهام هذا النظام في الآتي:

* رسم وتنفيذ السياسة النقدية للاتحاد الأوروبي كتكتل اقتصادي.

* الإشراف على الاحتياطيات الرسمية من النقد الأجنبي، وتحديد كيفية إدارة هذه الاحتياطيات وتوظيفها.

* وضع الضوابط التي تحافظ على الاستقرار المالي والنقدي في دول الاتحاد الأوروبي.

* إصدار أوراق البنكنوت وسك الوحدات المعدنية لليورو.

* وضع وتنفيذ معايير الرقابة عن المؤسسات الائتمانية في الاتحاد الأوروبي.

* العمل على تدعيم موازين المدفوعات للدول الأعضاء وسياساتها الاقتصادية بما يحقق أهدافها التنموية.

* القيام بعمليات الصرف.

تم استحداث النظام النقدي الأوروبي ودخل حيز التطبيق في منتصف مارس 1989

ثالثاً: من المسؤول عن السياسة النقدية في منطقة اليورو؟

1- البنك المركزي الأوروبي:

بدأ البنك المركزي الأوروبي عمله فعلياً في يناير 1999، بعد أن اتفقت الدول الأعضاء على نظام هذا البنك في يونيو 1998، ويقع مقر البنك في مدينة فرانكفورت الألمانية، حيث يوجد البنك المركزي الألماني أشهر البنوك المركزية الأوروبية، ويعد البنك المركزي الأوروبي بمثابة السلطة النقدية الموحدة للاتحاد الأوروبي، والتي تحدد السياسة النقدية واجبة التطبيق في الدول الأعضاء.

وتتمثل هيئات اتخاذ القرار في البنك المركزي الأوروبي في:

* مجلس المحافظين: يتكون هذا المجلس من أعضاء المجلس التنفيذي ومحافظي البنوك المركزية لمنطقة اليورو.

* المجلس التنفيذي: يتكون المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي من الرئيس ونائب الرئيس وأربعة أعضاء آخرين يختارون من بين أصحاب الخبرات باتفاق مشترك بين الحكومات الأعضاء. والمجلس التنفيذي هو مسؤول عن تسيير أعمال البنك المركزي الأوروبي والتحضير لاجتماعات مجلس المحافظين.

* المجلس العام: هو هيئة اتخاذ القرار الثالثة في البنك المركزي الأوروبي، ويتكون من الرئيس ونائب رئيس البنك المركزي الأوروبي ومحافظي البنوك المركزية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بما فيها الدول غير الأعضاء في منطقة اليورو، ومهمة المجلس استشارية حول توجهات السياسة النقدية في المنطقة.

ويواجه البنك المركزي الأوروبي العديد من التحديات حتى يكتب النجاح لسياسته النقدية للحفاظ على استقرار اليورو، وتتمثل هذه التحديات في ضرورة القيام بعدد من المهام مثل:

 * أن يتجنب حدوث أية صدمات اقتصادية في الدول الأعضاء في نادي اليورو.

* أن تنجح السياسات المالية الوطنية للدول الأعضاء في اليورو في تقديم الدعم المطلق للسياسة النقدية الموحدة لنظام اليورو للحفاظ على استقرار الأسعار وتحقيق مصداقية السياسة النقدية لليورو.

* أن تنجح السياسة النقدية الموحدة لنظام اليورو في تحقيق أهداف النمو، وإيجاد فرص العمل في الأجل الطويل مع المحافظة على استقرار الأسعار، وتخفيض هذه البطالة في الدول الأعضاء.

 1- البنوك المركزية الوطنية:

في إطار النظام الأوروبي للبنوك المركزية، فإن البنوك المركزية الوطنية لا يزال لديها دور تلعبه، حيث إنها تساهم في وضع ورسم السياسة النقدية لمنطقة اليورو بالاشتراك مع البنك المركزي الأوروبي وكل بنك مركزي وطني عضو يساهم في رأسمال البنك المركزي الأوروبي، ويشارك في القرارات المتعلقة بتوجهات السياسة النقدية للمنطقة، وذلك عن طريق محافظي البنوك المركزية، الذين يشكلون مجلس المحافظين الذي يأتي في قمة سلطة هذا البنك، وعلى البنوك المركزية للدول الأعضاء احترام محتوى اتفاقية ماستريخت، وكذلك على كل دولة عضو أن تسهر على أن يتماشى النظام الأساسي لبنكها الوطني مع الاتفاقية، ويجب أن تكون البنوك المركزية مستقلة، وأن تكون عهدة محافظ البنك المركزي لا تقل عن 5 سنوات وبرأس المال المكتتب فيه للبنك المركزي الأوروبي 50 مليار يورو، تساهم فيه الدول الأعضاء بنسب متفاوتة.

ويقوم البنك المركزي بالاحتفاظ بالاحتياطي من النقد الأجنبي وإدارته وتوظيفه ثم يقوم بتوزيع الأرباح الناتجة عنها بعد الاحتفاظ بنسبة 20 في المائة لديه وتوزيع نسبة 80 في المائةعلى البنوك المركزية الأوروبية المشاركة في نظام اليورو حسب نسبة مساهمتها في رأسمال البنك. 

جدول رقم(2): نسبة مساهمة الدول الأعضاء في رأسمال البنك المركزي:

الدولة

القيمة بمليون دولار

نسبة المساهمة في رأسمال البنك في المائة

النمسا

1150

2.3

بلجيكا

1450

2.9

الدنمارك

775

1.55

فنلندا

675

1.35

فرنسا

8100

16.2

ألمانيا

11475

22.95

اليونان

1150

2.3

ايرلندا

475

0.95

إيطاليا

7900

15.8

لوكسمبورغ

75

0.15

هولندا

2125

4.25

البرتغال

1125

2.25

إسبانيا

4650

9.3

السويد

1150

2.35

إنجلترا

7800

15.6

المجموع

50075

100

Source: Deutsch bank, the Euro, Astable Carrency for Europe, Feb. 1997

 إن التعاون النقدي هو القاعدة الصلبة والمتينة التي يقف عليها التعاون الاقتصادي بين أي مجموعة من الدول، ولأن الأوروبيين أدركوا هذه الحقيقة منذ فترة مبكرة وعملوا بجد لتحقيقها فقد نجحوا في إنشاء نظام نقدي أوروبي يعتبر خلاصة عمل دؤوب قامت به الدول الأوروبية منذ أواخر الخمسينات بدءاً بتأسيس اتحاد الدفع الأوروبي إلى إنشاء نظام (الثعبان النقدي) الذي يعتبر أول خطوة على طريق النجاح بالنسبة للوحدة النقدية الأوروبية، وعلى الرغم من توقف مسيرة هذا النظام خلال السبعينات إلا أنه يعتبر النواة الحقيقية لنظام النقد الأوروبي الذي دخل حيز التنفيذ ابتداء من مارس 1979، وتم بموجبه إنشاء العملة الأوروبية الموحدة.

وتعتبر اتفاقية ماستريخت منعطفاً حاسماً في مسيرة التكامل النقدي الأوروبي، حيث وضعت سيناريوهاته، وحددت مراحله التي تمت فيها مراعاة التدرج وإحداث تقارب بين الدول الأعضاء في المجال الاقتصادي ليسهل في النهاية التنسيق بين سياساتها الاقتصادية والمالية والنقدية لضمان استقرار العملة الموحدة، وأيضاً تم وضع الإطار المؤسسي الذي سوف يقوم بإدارة هذا النظام، وتم تحديد مهام المؤسسات المكونة له وكيفية الوصول إلى شكل نهائي، وتم وضع معايير للانضمام إلى الوحدة النقدية واستطاعت 12 دولة فقط استيفاء هذه المعايير.

ويمكن إجمال الدروس المستفادة من التجربة الأوروبية فيما يلي:

 1- التدرج خلال فترة زمنية تتناسب مع طبيعة وحركة التنمية الاقتصادية في الدول الراغبة في الانضمام ووصول للوحدة النقدية كمرحلة متطورة وأخيرة في حركة التكامل الاقتصادي، فهي تتويج لإقامة السوق المشتركة ويجب ألا تسبقها.

2- استيفاء شروط التقارب بين مؤشرات الاقتصاد الكلي، حيث يقتضي الأمر أن يكون هناك تقارب في معدلات التضخم، وتحديد نسبة الدين العام للناتج المحلي الإجمالي وعجز الموازنة العامة وأسعار الفائدة الطويلة الأجل حتى يمكن تعظيم منافع إقامة الوحدة النقدية.

3- تأكيد العلاقة بين البنك المركزي على مستوى الكتلة النقدية والبنوك المركزية على مستوى الدول الأعضاء بحيث تكون هذه العلاقة علاقة تعاون وتنسيق حتى تكون قرارات البنك المركزي متجاوبة مع واقع دول الكتلة النقدية.

4- استقلالية البنك المركزي عن بقية الدول المكونة للاتحاد النقدي، سواء على مستوى السياسات أو على مستوى الأشخاص، أعضاء مجلس المحافظين أو أعضاء المجلس التنفيذي، لأن مصلحة الكتلة النقدية مقدمة على المصلحة الفردية لدول أعضاء الكتلة.

 وفي الختام نؤكد أنه إذا كان عنصر الإلزام ضرورياً لنجاح أي تجربة تكاملية فإن المواظبة على تنفيذ القرارات والإرادة الحقيقية للتكامل هي سر النجاح.

 

مقالات لنفس الكاتب