array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

الصين شريك استراتيجي لدول الخليج: تحالفات جديدة لعالم متغير

الأحد، 01 أيار 2011

تحظى جمهورية الصين الشعبية بنفوذ استراتيجي في منطقة الخليج، وتعتبر إيران حليفها الاستراتيجي في المنطقة، في حين مازالت ترى بأن المملكة العربية السعودية الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة، لكن عادة ما تتغير تلك المعادلات الاستراتيجية، فهي غير ثابتة وتتغير بحسب المتغيرات.

تحاول الصين أن يكون لها مكان في منطقة الخليج، عبر علاقاتها مع إيران لأنها تعتبرها الدولة المهمة بالنسبة إليها والتي عن طريقها يمكن أن تتواجد في منطقة الخليج.

وأياً يكن ذلك التنافس الاستراتيجي بين القوى العالمية، فإن السعودية تنظر إلى تحقيق مصالح دول الخليج كأولوية بعيداً عن التنافس الاستراتيجي العالمي.

فالمملكة العربية السعودية تدرك أن دور الصين الاقتصادي يتزايد يوماً بعد يوم، والولايات المتحدة مدينة للصين بأكثر من تريليون دولار، كما أن السعودية حريصة على أن تكون بمنأى عن العقوبات أو الدبلوماسية المفروضة ضد إيران حول المفاعل النووي وتعتبرها مشكلة غربية، ولا ترغب السعودية أيضاً في أن تكون بديلاً عن إيران للصين في تصدير الكميات النفطية التي تصدرها إيران للصين، لكن ما تريده السعودية هو أن تكون شريكاً استراتيجياً للصين بعيداً عن هذه الحسابات التي لا تصب في مصلحة المنطقة بل تصب الزيت على النار وتزيدها اشتعالاً.

والآن بعدما حسمت السعودية الوضع في البحرين حفاظاً على أمن وسلامة الخليج، فإنها ترى أن الصراع الإيراني - الخليجي هو صراع إقليمي، يمكن أن تدخل المملكة وبقية دول الخليج الأخرى في ترتيبات وتفاهمات إقليمية، وما تطلبه السعودية من واشنطن هو ابتعادها عن هذا الصراع وعدم مناصرة طرف على آخر، مثلما ناصرت إيران في العراق ودعمت تنصيب المالكي على الأكثرية وهي تناقض مبادئ الديمقراطية التي تنادي بها الولايات المتحدة وتدافع عنها، لكن عندما تتعارض الديمقراطية مع مصالحها تتخلى عنها من أجل كسب ود إيران ويصب ذلك في التفاهم الدبلوماسي مع إيران حول الملف النووي.

كما أن على السعودية أن تتبع مسار مصالحها مثلما تفعل الولايات المتحدة، فمن أجل التعافي الاقتصادي الأمريكي باعتباره أولوية لديها سمحت للصين بالتوسع الاستراتيجي في مناطق يمكن أن تكون مفتوحة للمصالح الأمريكية القصيرة والمتوسطة المدى، وكان من تلك المناطق المحيط الهندي الذي أزعج حليفها الهندي القوي، فأصبحت الصين مرحباً بها في المناورات البحرية السنوية الهندية - الأمريكية. ما يعني أن زمن الاستقلال الاستراتيجي قد ولى، وهو ما يقود إلى كسب أصدقاء جدد. فهناك أنظمة اقتصادية تتشكل في النظام العالمي الجديد بفعل ثورة المعرفة التكنولوجية، أي أن ثورة المعلومات الحالية تخلق أنظمة جديدة للاقتصاد السياسي، تماماً كما خلقت الثورة الصناعية الأنظمة القديمة التي تتحول الآن نحو تنظيم الشؤون الاقتصادية التي تتيح زيادات هائلة في الانتاجية وإزالة العمل الروتيني وتوفير قنوات أكثر للتوزيع وافتتاح أسواق ضخمة جديدة، وتسهيل العمليات العالمية في كل المجالات تقريباً.

تعتبر الصين ثاني أكبر مستورد للنفط من السعودية بينما تعتبر خامس أكبر مصدرة للسعودية

فالأزمة المالية العالمية حولت على نحو أساسي منطق العلاقات الأمريكية – الصينية، وكان معظم الأمريكيين قبل الأزمة مرتاحين للنهضة الصينية لأن البلدين كانا ينتعشان اقتصادياً معاً، كما لم تظهر الصين في ذلك الحين كمتحدية لمركز الولايات المتحدة كقوة عالمية وحيدة، لكن بعد الأزمة بدأ يروج بأن الاقتصاد الصيني سيصبح أكبر من الاقتصاد الأمريكي عام 2027م، بل إن هناك توقعات تفيد بأن هذه اللحظة قد تأتي في وقت أبكر باعتبار أن الصين قبل عشرة أعوام كانت صاحبة المركز التاسع عالمياً في الصادرات في حين أصبحت الآن صاحبة المركز الأول عالمياً.

لكن الحقائق لا تدل على تلك التوقعات، وتبدو مبالغاً فيها، وقد تكون من أجل الاستعداد لمرحلة تحجيم نمو وتوسع قوة الاقتصاد الصيني الناهض، فإذا ما اعتبرت الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، حيث يمثل 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بينما تمثل الولايات المتحدة 6.23 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي هذا إلى جانب أن نصيب الفرد في الصين نحو 3566 دولاراً، بينما يرتفع نصيب الفرد بشكل كبير جداً في الولايات المتحدة إلى نحو 46443 دولاراً.

فهناك من يجادل باحتمال فكرة اصطدام قوة ناهضة مع قوة راسخة، لكن رؤساء مثل بيل كلينتون إلى الرئيس الحالي باراك أوباما يؤمنون بأن المصالح الاقتصادية المتبادلة تعني أنه يمكن أن تتخذ الولايات المتحدة موقفاً حميداً من النهضة الصينية.

ويطمئن الرؤساء الأمريكيون الليبراليون بأن التحرر الاقتصادي في الصين سوف يؤدي إلى تحرر سياسي، وأن الصين الأكثر ديمقراطية سوف تكون أكثر صداقة مع الولايات المتحدة.

ومع ذلك فإنه بسبب عدم تبلور التوقعات الأكثر تفاؤلاً من جانب العالميين الليبراليين فسوف يكون من الخطأ الإسراع في القفز إلى الجانب المعاكس، فحتى وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر الواقعي البارز أشار خلال الفترة الأخيرة إلى وجود أمثلة على تكييف القوى الراسخة مع القوى الناهضة بطريقة سلمية بسبب أن اقتصادي البلدين مترابطان بعمق، حيث يؤدي ذلك إلى إيجاد مجموعات ضغط قوية ذات اهتمام بوجود علاقات مستقرة.

ولم تعد الصين حصرياً مصدراً للتصنيع متدني التكلفة، وهي تدرك أن إمكاناتها أكبر، وأنها مصدر للمنافسين العالميين في كل ناحية من نواحي قطاع الأعمال على المسرح العالمي.

وتتنافس شركات العالمين المتقدم والنامي مباشرة عبر نطاق من الصناعات، وتتعاون بقوة من خلال المشاريع المشتركة، غير أن التنافس يصبح أكثر شدة ويضم كلا العالمين المتقدم والناشئ.

توسيع الأواصر والشراكة مع الصين يأتي متوافقاً مع الاستراتيجية العامة لدول الخليج

كما أن عدد شركات الأسواق الناشئة المشمول في مؤشر (الفاينانشيال تايمز) العالمي لأكبر 500 شركة قد تضاعف تقريباً مقاربة بمستويات قبل الأزمة، حيث كان عددها 68 شركة في مارس 2007، وأصبح عددها 119 شركة في منتصف عام 2010.

في حين أن الحجم الكلي لرأس المال المتدفق من العالم المتقدم نحو الاقتصادات الناشئة ما زال أكبر بكثير من ذلك الذي يذهب إلى الاتجاه المعاكس، إلا أن القصة مختلفة تماماً في مجال الاستحواذات على الشركات. ففي عام 2009 تجاوزت للمرة الأولى الاستحواذات من جانب شركات العالم الناشئ على مجموعات العالم المتقدم التي تمضي في الاتجاه الآخر، كانت قيمة الأولى 105 مليارات دولار، بينما كانت قيمة التالية 2.74 مليار دولار، وذلك وفقاً لـ (ديلوجيك) شركة البيانات التجارية.

إن النهج الجديد يستند إلى الشراكات والمشاريع المشتركة انسجاماً مع الاحتياجات المحلية.

ومنذ عام 2003 استقطبت دول استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 3.340 مليار دولار استناداً إلى تحليل من إعداد ( FDI MONITOR ) وهي شركة مماثلة لـ (فاينانشيال تايمز).

فبدأت المنطقة تصبح جزءاً من محفظة الشركات متعددة الجنسيات، ويعتبر الاستثمار الأجنبي طريقة لتسريع النمو، وإيجاد الوظائف ونقل المعرفة وتنويع اقتصاداتهم.

وما زالت هناك عقبات كبيرة وطويلة المدى أمام الاستثمار الأجنبي المباشر في دول الخليج، فالاستثمار الأجنبي يتركز في مجال البضائع المترفة والخدمات الفندقية والمناطق الحرة، ورغم أن المناطق الحرة ناجحة في أغلبية الأحيان إلا أنه ما زالت هناك قيود على الملكية الأجنبية، ولابد من وجود شركاء محليين، الأمر الذي يشكل عائقاً للشركات الأجنبية التي قد تكون راعية في تأسيس شركات تابعة لها في المنطقة.

وحسب تقرير البنك الدولي فإن السعودية تحتل المرتبة 13 من حيث سهولة العمل فيها ثم البحرين بالمرتبة 20 تليها الإمارات في المرتبة 33، وقطر المرتبة 39، أما الكويت وسلطنة عمان فجاءتا متأخرتين في المرتبتين 61 و 65 على التوالي.

كما أن الضرائب غير موحدة في دول الخليج، فدولة قطر ذكرت أنها ستخفض نسبة ضريبة الشركات المفروضة على الشركات الأجنبية من 35 إلى 10 في المائة، ولا تفرض البحرين والإمارات أية ضرائب دخل على الأشخاص أو الشركات في حين تفرض السعودية ضريبة على الشركات الأجنبية بنسبة 15 في المائة، والكويت بنسبة 20 في المائة، وخفضت عمان الضريبة من 30 في المائة إلى 12 في المائة.

كما أن مساهمة القطاع الخاص الخليجي من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي تتراوح بين 33-35 في المائة، أما مساهمته من حيث الصادرات غير النفطية فبلغت 26 في المائة عام 2002 تراجعت إلى 23 في المائة عام 2006 ثم إلى 22 في المائة عام 2008 نتيجة ارتفاع أسعار الصادرات النفطية في الأسواق العالمية.

ونتيجة لضعف هياكل القطاع الخاص المحلي فإن هناك تقديرات لحجم استثمارات القطاع الخاص السعودي في الخارج تقدر بنحو 2.1 تريليون دولار.

ولا تزال العلاقات الاقتصادية الصينية – الخليجية محدودة للغاية، فبلغت المبادلات التجارية نحو 70 مليار دولار عام 2008 منها 42 مليار دولار للصادرات الخليجية و 28 مليار دولار للواردات الصينية.

يمكن للصين أن تلعب دوراً متوازناً بين دول الخليج وإيران وفق ترتيبات اقتصادية

وكانت المبادلات التجارية مع السعودية نحو 42 مليار دولار عام 2008 منها 31 مليار دولار للصادرات السعودية و11 مليار دولار للصادرات الصينية.

وتعتبر الصين ثاني أكبر مستورد للنفط من السعودية، بينما تعتبر خامس أكبر مصدر للسعودية.

وبلغت تجارة الصين مع الإمارات نحو 4.19 مليار دولار عام 2008 منها 7 مليارات دولار للصادرا ت الإماراتية و12 مليار دولار للواردات الصينية.

ويعمل نحو 2000 شركة صينية في دولة الإمارات، فدول الخليج ثامن أكبر شريك تجاري للصين في العالم، وحقق الطرفان تعاوناً إيجابياً في مجال المقاولات والطاقة والاستثمار، أي أن الاستثمار يركز على قطاعي النفط والغاز على حساب القطاعات الأخرى ما يعني انخفاض التنوع، وبالتالي ضعف حصة دول مجلس التعاون من التدفق العالمي على الرغم من الإمكانات الكبيرة التي تمتلكها دول مجلس التعاون، فإجمالي الاستثمارات من عام 2000-2008 نحو 4.63 مليار دولار بنسبة 7.3 في المائة من الإجمالي العالمي و2.1 في المائة من إجمالي الدول النامية و 7.65 في المائة من إجمالي الدول العربية، ويبلغ الاستثمار الأجنبي في السعودية 2.38 مليار دولار وفي الإمارات 7.13 مليار دولار.

وتتجه دول الخليج إلى إضافة قيمة عالية لمواردها الهيدروكربونية ومعالجتها إلى قيم بتروكيماوية لسلسلة متدحرجة من الصناعات التحويلية تنتهي بمنتجات استهلاكية.

وفي ظل تزايد التكتلات الاقتصادية وعمليات التكامل العالمي والمنافسة على الأسواق، ومواكبة الحراك الصناعي في الاقتصادات السريعة النمو واتخاذها تدابير لحماية أسواقها ما يؤدي إلى تراجع صادراتنا بسبب تلك الإجراءات الحمائية واتهامات بإغراق الأسواق خصوصاً في الصين.

إن هذه التحديات تحدث في ظل غياب رؤية اقتصادية ما يفرض علينا ترتيب البيت البتروكيماوي الخليجي في إطار مؤسسي لمواكبة تحديات المرحلة المقبلة بشكل جماعي. ويعني ذلك أن الاستثمارات تتركز في قطاعي النفط والغاز في منطقة الخليج، والمنطقة بدأت تتجه بصورة متزايدة نحو تحويل تركيز استثمارات الطاقة من أجل تطوير المشاريع المحلية للمياه والكهرباء، ويتوقع أن تهيمن هذه المجالات على استثمارات الطاقة في السنوات المقبلة نظراً لوجود عجز حاد في الكهرباء.

ولذلك فإن دول الخليج بحاجة إلى شراكة الصين في مجالات وخيارات أخرى للطاقة مثل الطاقة الشمسية والنووية، لأن المنطقة تعتمد على تحلية المياه والتكييف العالي، فهي بحاجة إلى التنويع لتلبي حاجة الصناعة ذات الاستهلاك العالي من الطاقة مثل الألمنيوم، والصلب والصناعات البتروكيماوية. فالسعودية بمفردها تحرق نحو مليون برميل من النفط يومياً، ويمكن أن يتضاعف هذا الرقم إذا استمر النمو نفسه فحرق النفط بهذه الطريقة ليس وسيلة اقتصادية لسلعة تصديرية ذات قيمة عالية، والاستمرار في هذا الاتجاه يثير الدهشة لأن هذا التوجه غير مستدام مما يهدد الصناعة مستقبلاً. إذ إن توسيع الأواصر والشراكة مع الصين يأتي متوافقاً مع الاستراتيجية العامة لدول مجلس التعاون الخليجي في تنويع علاقاتها الدولية والتقليل من الاعتماد المفرط على القوى الغربية وخصوصاً الولايات المتحدة.

وبذلك يأتي توثيق العلاقات الاستراتيجية مع الصين كجزء من رؤية أوسع وأكثر بعداً على المدى الطويل، إذ يمكن للصين أن تلعب دوراً متوازناً بين دول الخليج وإيران وفق ترتيبات اقتصادية، لأن أجندة الصين في منطقة الخليج ستكون محكومة بأجندة اقتصادية في الغالب.

مجلة آراء حول الخليج