array(1) { [0]=> object(stdClass)#13016 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

الصين الخيار التجاري الجديد لدول مجلس التعاون: (الأسباب والآفاق)

الأحد، 01 أيار 2011

شهدت دول مجلس التعاون الخليجي في العقد الأخير من القرن المنصرم تنوعاً كبيراً في إقامة العلاقات الاقتصادية، بعد أن تبوأت مكاناً ذا شأن كبير في استقرار العلاقات الاقتصادية والسياسية الدولية عقب انتهاء الحرب الباردة، ويبدو أنها نجحت تماماً في أن تأخذ هذه المكانة المرموقة في ظل تغير القناعات في السياسات التنموية التقليدية في العقدين السابقين.

تأسيساً على ذلك يلاحظ على هذه المجموعة العربية امتلاكها توزيعاً جغرافياً من الشركاء التجاريين بما يخدم مصالحها وخصوصاً مع الأسواق الواعدة في استهلاك الطاقة بعد أن أخذت الأسواق التقليدية تبحث عن بدائل للوقود الأحفوري.

وتعد الصين في مقدمة الاهتمامات في المرحلة الحالية وتقف أسباب عدة وراء ذلك، البعض منها يتعلق بضرورة البحث عن الخيارات التجارية الأكثر أماناً واستقراراً لدول مجلس التعاون بعد أن تعرضت الدول المستهلكة الرئيسية للطاقة إلى الأزمة المالية العالمية عام 2008 وتداعياتها التي لا تزال مستمرة والأخرى تستند إلى ما تمتلكه الصين من العديد من المرتكزات الأساسية بما يفضي إلى آلية خصوصية تكاد تنفرد بها عن بقية العالم، إذ كان لهذه المرتكزات دور أساسي في الاستقرار والازدهار الاقتصادي، ومن أهمها حجم السكان الذي يبلغ 1.348 مليار نسمة وحجم متزايد من الاستثمار الأجنبي المباشر والذي وصل إلى 3.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وعلى هذا الأساس سجلت نسبة تكوين رأس المال الثابت الإجمالي ما مقداره 42 في المائة من الناتج الأخير وهي أعلى نسبة على الصعيد العالمي، وكذلك تحتفظ الصين بأكثر من 2344 مليار دولار كاحتياطيات نقدية صافية، كما تعد الصين أكبر دولة دائنة في العالم، ويبلغ دينها على الولايات المتحدة أكثر من تريليون دولار.

ومن دون شك يقف وراء النجاحات الاقتصادية في الصين (ولا يوجد مجال لذكرها هنا)، البدء في تطبيق سياسات الإصلاح والانفتاح على الخارج والتي بدأتها عام 1978 فأعطت من خلالها دوراً كبيراً إلى القطاع الخاص في العملية الاقتصادية، إذ أصبح للمستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء دور في التجارة والاستثمار من وإلى الصين بعد سلسلة من التعديلات في اللوائح والقوانين كان آخرها تعديل فقرات من الدستور عام 2004 وهو ما حقق مساهمة للقطاع الأخير بنسبة تصل إلى أكثر من نصف الإنتاج الصيني فضلاً عن دوره الكبير في التجارة الدولية للصين لاسيما في قطاع الصادرات.

دول المجلس شهدت في العقد الأخير تنوعاً كبيراً في إقامة العلاقات الاقتصادية

أرقام وحقائق

من الملائم أن نذكر بعض الأرقام المعبرة عن حقائق ثابتة عن طبيعة الاقتصادات الخليجية والاقتصاد الصيني وهي تمثل الميزات النسبية للطرفين، فيشير الجدول ( 1) إلى أبرز هذه المرتكزات بينهما، ونلاحظ أن هناك تفوقاً للصين في عدد السكان والناتج المحلي الإجمالي والاحتياطيات النقدية والمساحة وحجم الصادرات السلعية في حين تمتلك التفوق دول المجلس في مؤشرات معدل دخل الفرد من الناتج القومي والصادرات الخدمية وتتفوق بشكل مطلق في الاحتياطيات النفطية وبمعدل يصل إلى أكثر من 2362 مرة من الاحتياطي الصيني، وهذا يعطي صورة واضحة عن الخيار النفطي التجاري لهذه المجموعة العربية في عمليات التبادل التجاري بين الطرفين.

العلاقات الاقتصادية والتجارية

تسعى دول مجلس التعاون الخليجي إلى توطيد العلاقات الاقتصادية والتجارية بينها وبين الصين مثلما هو حال الصين هي التي تسعى أيضاً إلى تعزيز هذه الشراكة، وهناك من المؤشرات التي تجعل من الأخيرة تعمل على تقوية هذه العلاقة، ولعل في مقدمتها حاجة الصين الدائمة إلى مصادر الطاقة ومن النفط بالدرجة الأساس وهي حاجة تعززت بعد الاحتلال الأمريكي لأفغانستان والعراق والتواجد المكثف للولايات المتحدة في الدول المتحولة في شرق ووسط آسيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي (السابق) ومن ثم التلوث الإشعاعي مؤخراً في اليابان بعد زلزال مارس 2011، ولا نعتقد أن دولة في العالم لا تنظر إلى منطقة الخليج بأقل من هذه الأهمية التي تمتلك نحو 41.9 في المائة و 22.3 في المائة من احتياطيات النفط والغاز المؤكدة في العالم على التوالي، وفي ظل النمو المتسارع في الاقتصاد الصيني والذي يبلغ كمتوسط 9 في المائة في العقدين الأخيرين جعل من استهلاكها يتفوق على إنتاجها من النفط، فالأول يصل إلى (8.8 مليون برميل يومياً) والثاني يبلغ (4.1 مليون برميل يومياً) في أفضل حالاته وذلك في عام 2010، وهذا يعني أنها في حاجة دائمة إلى استيراد النفط من الخارج لسد فجوة الطلب المحلية.

إن هذا الواقع سوف يجعل من الصين في السنوات المقبلة خياراً تجارياً جذاباً، وما يساعدها على ذلك رفضها التدخل في الشؤون الداخلية لشركائها التجاريين، وعلى هذا الأساس بدأت علاقاتها الاقتصادية في الدخول في المشاريع المشتركة ثم سمحت عام 1995 للمستثمرين الأجانب بملكية كاملة للمشاريع، وفي هذا المجال تتقدم شركات المملكة العربية السعودية على الدول الخليجية الأخرى، إذ تمتلك شركة (أرامكو) مصفاتين للتكرير واحدة منها مملوكة بالكامل تقع في مقاطعة (Qingdao) والأخرى في مقاطعة (Fujian) تعمل كمشروع مشترك مع الشركة الصينية العملاقة (سينوبك) وشركة إكسون موبيل، وهناك عدد من المشاريع المشتركة بين عدد من الشركات الصينية وشركة (سابك) السعودية. أما بخصوص الاستثمارات الصينية في الخليج العربي فهي محدودة ويعود السبب إلى أن الصين تمتلك في هذه المرحلة خيارات اقتصادية أخرى مثل إيران، وإفريقيا ومنطقة القوقاز وبحر قزوين.

ومن الجدير بالذكر أن شركاء الصين دائماً ما تكون المناطق الحاوية على الاحتياطيات النفطية المؤكدة والبعيدة إلى حد ما عن الاستراتيجية النفطية الأمريكية، كما هو الحال عندما تنظر إلى منطقة الخليج العربي فهي لا تريد الدخول معها في المنافسة على الرغم من الشراهة الصينية على النفط أينما تواجد في العالم كما هو حال الولايات المتحدة.

ويوضح الجدول (2) التبادل التجاري السلعي بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين وبشكل عام هناك نقاط عدة يمكن استنتاجها من مصفوفة التجارة بين الطرفين.

 

النقطة الأولى أن دول المجلس تحقق فائضاً تجارياً مع الصين يبلغ 22.7 مليار دولار، وأن كل من المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان تستحوذان على نسبة 55 في المائة و20 في المائة من هذا الفائض على التوالي، وتحقق الصين فائضاً تجارياً متواضعاً مع كل من البحرين وقطر. والنقطة الثانية يلاحظ قلة مساهمة الصادرات والواردات إلى ومن الصين في إجمالي التجارة الخارجية السلعية لدول المجلس فهي تمثل نحو 2.5 في المائة و1.8 في المائة على التوالي.

وجملة القول أن الصين ستكون في العشر السنوات المقبلة في مقدمة الاقتصادات في العالم، وسوف تتفوق على كل من الاتحاد الأوروبي واليابان في حجم الناتج المحلي الإجمالي والمساهمة في التجارة الدولية. ومن جهة أخرى يلاحظ أن الصادرات النفطية الخليجية بدأت تتجه نحو الأسواق الآسيوية الناشئة وفي مقدمتها الهند واليابان وكوريا الجنوبية والصين وعلى حساب الدول الغربية، فيكفي أن نشير إلى أن الأزمة المالية العالمية الأخيرة خفضت من الفائض التجاري إلى دول مجلس التعاون الخليجي بمقدار237.6 مليار دولار بعد أن انخفضت صادراتها الخارجية بنسبة 27 في المائة عام 2009، ولذلك يتوقع أن تتولد رؤى جديدة في العلاقات الاقتصادية بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين تتبلور حول القضايا الجيوسياسية الجديدة للنفط.

مقالات لنفس الكاتب