array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

أمن دول الخليج العربية في ظل الأطماع الدولية

السبت، 01 كانون2/يناير 2011

إن منطقة الخليج العربي بما تحتله من موقع استراتيجي بين آسيا وأوروبا كانت ولا تزال محط أنظار الدول الكبرى، ومع اكتشاف النفط وما تحويه من احتياطي نفطي أكسبها ذلك أهمية استراتيجية بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي، ورغم الأطماع الدولية والإقليمية فقد بقيت محافظة على شخصيتها العربية الإسلامية، وانتهت الدول الطامعة وبقيت الهوية العربية، لكنها اليوم تواجه تحدياً من نوع جديد، وتحتاج إلى استراتيجية جماعية للمحافظة على وجودها.

يروى عن المستشار الألماني السابق بسمارك (1815-1898) قوله إن هناك أربع مناطق في العالم مثل عش الدبابير كلما اقتربت منها تلسعك، الخليج العربي والبحر المتوسط ومنطقة البلقان والمغرب، هذا ما ذكره بسمارك قبل قرن ونيف، كما أن ألفرد ماهان الكابتن الأمريكي (1840-1914) صاحب نظرية القوة البحرية، قد نبه إلى أهمية الخليج العربي في صراع القوى الكبرى في مقاله الذي نشر عام 1902 (الخليج الفارسي والعلاقات الدولية) والذي نحت فيه مفهوم الشرق الأوسط، وكانت حملة نابليون على مصر عام 1799 قد نبهت بريطانيا إلى أهمية منطقة الخليج العربي لأنها على طريق الهند، فقامت باحتلال عدن عام 1831، والجدير بالذكر أن نابليون أثناء حملته على مصر دعا اليهود إلى فلسطين لخدمة مصالح فرنسا قبل وعد بلفور بقرن ونيف.

إن الأهمية الاستراتيجية للخليج العربي لم تقتصر على اكتشاف النفط، بل قبل ذلك بسبب الموقع الاستراتيجي للخليج العربي بين الهند وأوروبا، ولذلك تميز القرن التاسع عشر بصراع الدول الأوروبية وأطماعها في الخليج العربي، ومع مطلع القرن العشرين كان التنافس والأطماع أيضاً، وكانت روسيا القيصرية تسعى إلى الوصول إلى البحار الدافئة، وكان صدامها مع الإمبراطورية البريطانية.

 الحرب الباردة والصراع على الخليج العربي

إثر الحرب الباردة بين المعسكرين السوفييتي والأمريكي كان الخليج محط اهتمام الدول الكبرى، لكن لعبة توازن القوى حمت دول الخليج من التدخل العسكري المباشر، فكان المعسكر السوفييتي يرفض الوجود العسكري الغربي المباشر في المنطقة، وكذلك الولايات المتحدة كانت تمنع بكل قواها النفوذ السوفييتي في منطقة الخليج. ومع هزيمة الولايات المتحدة في فيتنام، كان مبدأ نيكسون التدخل بالوكالة عندما فتحت واشنطن في عهد نيكسون ووزير خارجيته كيسنجر أبواب مخازنها العسكرية لشاه إيران وأوكلت إليه مهمة شرطي الخليج، وبعد التدخل السوفييتي عام 1979 في أفغانستان وسقوط الشاه برز ت استراتيجية أمريكية جديدة لمنطقة الخليج العربي والقرن الإفريقي.

 مبدأ كارتر والتدخل العسكري

أعلن كارتر مبدأه الجديد بإنشاء قوات التدخل السريع التي عرفت بالقيادة المركزية للشرق الأوسط (USCECOM)، لكن رغم ذلك لم تتدخل القوات الأمريكية مباشرة، وإنما الذي فتح الباب للتدخل الأمريكي المباشر الغزو العراقي في عهد صدام حسين للكويت، مما وفر ذريعة للتدخل الأمريكي في المنطقة، ثم كان الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 وما له من تبعات من وجود عسكري في المنطقة في ظل نظام أحادي القطبية سيطرت عليه الولايات المتحدة، لكنها أخذت تتراجع بسبب أزماتها الاقتصادية والتكاليف البشرية والاقتصادية التي أخذت تتحملها على حساب مستوى معيشة المواطن الأمريكي. ويشير المؤرخ البريطاني المهشور بول كنيدي أستاذ التاريخ في جامعة ييل الأمريكية في كتابه الذي أصدره عام 1987 حول نشوء وسقوط الإمبراطوريات العظمى إلى أن تاريخ الإمبراطوريات يبين أن تكاليف التوسع تدفع الإمبراطوريات إلى التراجع، بمعنى أن توسع الإمبراطوريات يدخل في حساب الربح والخسارة، أي عند شعورها بالتكلفة أكثر من الربح في تمددها تتراجع الإمبراطوريات، كما أن بريطانيا العظمى انسحبت من الخليج في عهد حزب العمال البريطاني في أواخر الستينات من القرن الماضي عندما شعرت بالتكلفة المالية على الخزينة البريطانية وكذلك التكلفة السياسية فانسحبت.

 اللاعبون الجدد: الهند والصين وعودة الاتحاد الأوروبي

وإثر التراجع الأمريكي على المستوى الدولي أخذت قوى جديدة تصعد وتلعب دوراً عالمياً في مجال الاقتصاد العالمي وهذه الدول لها أطماعها، فكل من الهند والصين قوى اقتصادية صاعدة تتصدر دول العالم في النمو الاقتصادي الذي مع زيادته تبحث عن مصادر الطاقة والأسواق التجارية والاستثمارات، وتعد منطقة الخليج العربي مهمة لهذه الدول في مجال الطاقة، خاصة أن الصين ستصبح أكثر الدول الصناعية في استهلاك الطاقة، ولذلك تتنافس للبحث عن مصادر لأنها مرشحة لأن تكون الدولة الاقتصادية الأولى في المستقبل، أما الهند فهي الجارة الشرقية للخليج العربي ولها علاقات تاريخية منذ عهد الوجود البريطاني في الهند، وكانت منطقة الخليج العربي تدار من قبل مكتب الهند البريطاني أثناء فترة الحماية، وللهند عدة أهداف في منطقة الخليج العربي: توفر الطاقة بسبب تزايد استهلاكها، ثم حاجة الأسواق لبضائعها، وكذلك توفر فرص للعمالة الهندية في دولة يتزايد عدد فقرائها رغم نموها الاقتصاد، ولها عمالة تبلغ عدة ملايين في الخليج العربي.

إن الهند ليست قوة اقتصادية فقط بل قوة بشرية، بالإضافة إلى اهتمامها بقوتها العسكرية وأسطولها البحري وهي قوة نووية، أصبحت الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة واليابان والصين ودول الاتحاد الأوروبي تطلب ودها، سواء على مستوى توازن القوى الإقليمي والدولي أو سوق استثماري كبير؟ ولا يمكن إغفال مطامع الهند مستقبلاً، ويجب التعامل معها كدولة لها مصالح حيوية وعمالة داخل دول مجلس التعاون، ولا نستغرب يوماً ما أن تطالب بحقوق ما تصبح محل مساومة سياسية.

إن تحول النظام الدولي إلى نظام متعدد الأقطاب (كما كان نظام القرن التاسع عشر مع تغير في الدول المشاركة والفعالة في النظام الدولي) يعيدنا إلى التنافس الدولي في منطقة الخليج العربي، ويعيدنا أيضاً إلى مقولة بسمارك، فهل تستفيد دول المجلس من تعدد الأقطاب في تحقيق الاستقرار في المنطقة بالتعامل مع الدول الكبرى من خلال توازن القوى وتسخيره لمصالح أمن الخليج العربي، فمن الصعب على دول النظام الدولي أن تسمح لدولة واحدة بأن تنفرد بمنطقة الخليج، فقد تكون هناك لعبة توازن للمصالح الدولية تستفيد منها دول مجلس التعاون للخليج العربي. 

دبلوماسية دول الخليج العربية و(لعبة الكبار)

إن دول مجلس التعاون تتوفر لديها مصادر القوة، فهي تملك النفط والموقع الاستراتيجي والأرصدة المالية المتوفرة وقدرتها الشرائية الكبيرة على الاستيراد والتبادل التجاري مما يجعلها تملك وسائل الضغط السياسي في تعاملها مع الدول الكبرى من باب تسخير هذه الموارد في علاقاتها مع دول النظام الدولي الكبرى، ويجعلها أيضاً تحافظ على مستوى دبلوماسي يتميز بالتوازن في علاقاتها الخارجية حتى تحافظ على أمنها الوطني ووحدتها.

لقد استطاعت دول متعددة أن تلعب على توازن القوى بين الدول الكبرى، وأن تحقق مصالحها، بل إن الموقع الجغرافي لدول الخليج يجعلها في مأمن من تدخل الدول الكبرى، ولن تتضرر أيضاً في ظل حرب العملات وعدم استقرار النظام النقدي العالمي، إذ تستطيع هذه الدول بسبب عائداتها الضخمة من النفط ومكانتها في العالم الإسلامي أن تطرح عملتها الموحدة القائمة على الدينار الذهبي، فيكون له بالإضافة إلى مكانة دول مجلس التعاون الخليجي دور مهم في النظام النقدي بعد ازدهار النظام المصرفي الإسلامي، حتى إن البنوك الرأسمالية الغربية أخذت بعض فروعها تتعامل به.

إن الدول الصغيرة تستطيع أن تلعب دوراً في تأثيرها على الدول الكبرى، وكانت لعبة التوازن الاستراتيجي خلال الحرب الباردة قد حافظت على منطقة الخليج من التدخل الأجنبي فيها، لكن انفراد دولة بالنظام الدولي وأخطاء بعض الدول الإقليمية هي التي فتحت الباب للتدخل الخارجي الذي يبقى مؤقتاً حتى يظهر توازن دولي جديد ظهرت ملامحه في الأفق خلال هذا العقد من القرن الحادي والعشرين.

مجلة آراء حول الخليج