array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

الحقوق السياسية للمرأة في الإمارات

الأحد، 01 أيار 2011

قامت المرأة الإماراتية بدور اجتماعي حيوي في مرحلة ما قبل النفط، وتعزز دورها واكتسب أبعاداً جديدة مع تطور دولة الإمارات، فأصبح لها الحق الكامل في التعليم والعمل مثلها مثل الرجل. وتعزيزاً لما قام به المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في نوفمبر 2004 بتعيين غير مسبوق للشيخة لبنى القاسمي وزيرة للاقتصاد والتجارة كأول امرأة إماراتية تشغل منصباً وزارياً في مجلس وزراء، تم تسريع العملية السياسية في عهد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة.

لقد حققت المرأة الإماراتية نجاحاً كبيراً في الوصول إلى أعلى المناصب الحكومية في السنوات الأخيرة. ففي انتخابات 2006 كان هناك 1163 امرأة من بين أعضاء المجمع الانتخابي البالغ عددهم 6595، ورشحت 63 امرأة نفسها من بين 438 مرشحاً خاضوا الانتخابات، حيث انتخبت في المجلس الوطني الاتحادي المهندسة المعمارية أمل القبيسي لتصبح المرة الأولى التي تفوز فيها امرأة في أول انتخابات وطنية في دول الخليج، ثم تم تعيين ثماني سيدات أخريات فيه. ويوضح هذا المستوى للتمثيل الذي يبلغ 22.5 في المائة المشاركة المتزايدة للمرأة الإماراتية في العمل الحكومي والسياسي. ويعتبر لجوء القيادة السياسية إلى أسلوب الحصة كبديل عن عدم فوز المرأة في الانتخابات هو الذي مكن المرأة من القيام بمشاركة سياسية جيدة تحمي مكتسباتها. لكن التعيين الذي يوجب اختيار من يملكن القدرة والكفاءة على ممارسة العمل السياسي، فالتمثيل السياسي ليس تشريفاً يوكل إلى شخص ولا تفضيلاً لشخص على آخر إلا بمقياس الكفاءة والقدرة والرغبة، بهذه المعايير يكون الحفاظ على أول تجربة برلمانية للمرأة في الإمارات. وفي عام 2008 عينت الشيخة لبنى القاسمي وزيرة للتجارة الخارجية، وبحلول فبراير 2008 شاركتالمرأة الإماراتية في السلطات السيادية الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية وارتفع تمثيلهافي مجلس الوزراء في العام 2008 من مقعدين إلى أربعة مقاعد فكان هناك أربع وزيرات: مريم الرومي للشؤون الاجتماعية، ريم الهاشمي وميثاء الشامسي وزيرتي دولة بالإضافة إلى الشيخة لبنى القاسمي، ليرتفع بذلك عدد الوزيرات في الحكومة الاتحادية إلى أربع من أصل 22 وزيراً، ويعد هذا التعيين من أعلى النسب الوزاريةتمثيلاً للمرأة على المستوى العربي.وقد تضاعف عدد الموظفات أربع مرات في الفترة ما بين عامي 1980 - 1990، بما نسبته 5.03 في المائة و16.03 في المائة على التوالي. فضلاً عن وجود العديد من النساء الناجحات في الوزارات كوكيلات أو مساعدات أو مديرات، ووجود 23 دبلوماسية إماراتية يعملن في وزارة الخارجية بينهن وزيرات مفوضات، وجرى تعيين أول سفيرتين في سبتمبر 2008، مع تعيين الشيخة نجلاء بنت محمد القاسمي سفيرة في السويد وحصة العتيبة سفيرة لدى إسبانيا.

بحلول فبراير 2008 شاركت المرأة الإماراتية في السلطات السيادية الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية

ومع تعديل قانون القضاء الاتحادي حدث تقدم كبير في أوائل عام 2008 بمشاركة المرأة في القضاء والسماح لها بالعمل مدعية اتحادية وقاضية، حيث عينت خلود الظاهري كأول قاضية في دائرة القضاء في أبوظبي، وجرى تعيين امرأتين ممثلات للادعاء العام. بيد أن تمثيل المرأة في القضاء يظل محدوداً مما يؤثر سلباً في التماس المرأة لمستشار قانوني لتعضيد حقوقها. وتمتعيين أول مجموعة من القاضيات الابتدائيات ووكيلات للنيابة المواطنات في دوائرالقضاء في أبوظبي ودبي بالإضافة الى تعيين مأذون شرعي و17 مساعدة وكيل نيابة. ودخلتالنساء باقتدار في مجال الطيران المدني والعسكري كمهندسة وقائدة طائرة في شركاتالطيران الوطنية والسلاح الجوي في القوات المسلحة. وتشغل المرأة 66 في المائة من وظائف القطاع الحكومي منبينها 30 في المائة من الوظائف القيادية العليا المرتبطة باتخاذ القرار و15 في المائة من أعضاء الهيئة التدريسية في جامعة الإمارات ونحو 60 في المائة في الوظائفالفنية التي تشمل الطب والتدريس والصيدلة والتمريض إلى جانب انخراطها بصفوفالقوات النظامية في القوات المسلحة والشرطة والجمارك. ويواصل الاتحاد النسائي العام من خلالتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتقدمالمرأة الإماراتية جهوده لتمكين المرأة الإماراتية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وجعلها تشارك في عمليةالتنمية الشاملة بالدولة، وتحظى بالمكانة التي تستحق فيالمجتمع. ويقوم الاتحاد بدور فاعل في دفعها إلى المشاركة السياسية من خلال إطلاق مشروع تعزيز أداء البرلمانيات الذيأقام مجموعة من الدورات التدريبية تهدف إلى صقل مهارات القيادات النسائية في الإمارات كخطوة نحو إعدادهن لدخول معترك العمل السياسي بالإضافةإلى تنظيم ندوة حول بناء قدرات المرشحات للانتخابات.

استطاعت المرأة الإماراتية تحقيق العديد من المكاسب ووصلت إلى أرفع المناصب في الدولة

ورغم هذه الإيجابيات في التجربة الانتخابية الإماراتية فإنه لوحظ غياب البرامج الانتخابية للمرشحات والمرشحين وخاصة في انتخابات 2006، وخلوها من الشعارات والمطالب السياسية، كما غابت السلطة القضائية في الإشراف على العملية الانتخابية وحلت بديلاً عنها السلطة التنفيذية المتمثلة في لجنة الانتخابات باعتبار أن ذلك يمثل خطوة أولية نحو المشاركة السياسية تدفع باتجاه التدرج لا القفزات السريعة. ورغم ذلك يمثل الحدث الانتخابي الإماراتي حراكاً اجتماعياً يدفع باتجاه تطويره، ومشاركة المرأة في عضوية المجلس للمرة الأولى تعد خطوة مميزة ومكسباً لها. وكانت نسب ترشح النساء إلى عضوية المجلس متفاوتة من إمارة إلى أخرى وتميزت أغلب المرشحات بمستويات علمية عالية وشغلهن لوظائف ومناصب قيادية في أغلب قطاعات الدولة الرسمية، ولذلك غلب على خطابهن سمات الخطاب الرسمي، فغابت على أثره مطالباتهن بمنح وتوسيع الحقوق السياسية، ولم يطالبن بالتوقيع على الاتفاقيات الدولية التي تساهم في تمكين النساء اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً مثل اتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة (السيدوا). ويرجع السبب كذلك إلى زيادة عدد المرشحات في الدائرة الواحدة مما تسبب في تشتيت أصواتهن وعدم التنسيق فيما بينهن بسبب قلة الخبرة النسائية وضعف التجربة الانتخابية رغم وجود حماسة نسائية بارزة ودعم رسمي غير محدود للمرأة، وأن النساء خضن الانتخابات في أكثر المجتمعات محافظة وبداوة وأكثر انشغالاً بالنمو الاقتصادي والتجاري، وبالتالي لا وجود لتراث يعتد به في العمل السياسي تستطيع من خلاله المرأة الإماراتية استلهام التجربة والخبرات بالإضافة إلى قلة عددهن نسبياً وزيادة عدد المرشحات التي سببت تشتتاً في الأصوات.

وبوجه عام، حصدت المرأة الإماراتية مكاسب كثيرة تؤكد اتجاه الدولة المتنامي نحو تعزيز دور المرأة وتمكينها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وليس تهميشها، فقد استطاعت المرأة الإماراتية أن تحقق العديد من المكاسب، ووصلت إلى أرفع المناصب ومواقع التأثير والسلطة في مجالات العمل ومراكز اتخاذ القرار. وصحيح أن المرأة في الإمارات تولت مناصب وزارية، لكن رغم ذلك فالطريق لا يزال طويلاً أمامها للمشاركة بقوة في العمل السياسي.

مشاركة المرأة الإماراتية بعضوية المجلس الوطني للمرة الأولى تعد خطوة مميزة ومكسباً لها

وتبين التجربة البرلمانية للمرأة الإماراتية والحرص على تعزيز المشاركة السياسية لها في الانتخابات المقبلة، أن الدعم الحكومي ساهم في دفع المرأة إلى الممارسة السياسية، ومع ذلك لا تزال الحاجة إلى تحول اجتماعي أكثر اتساعاً وشمولية لتفعيل مشاركة المرأة في العمل السياسي وذلك في إطار عمليات تنمية سياسية تمهد الطريق لعمليات إصلاح مستقبلي أكثر وأكثر. إن أهمية التعرف إلى التجربة السياسية للمرأة الإماراتية تكون بالتعرف إلى المواقف الإيجابية والسلبية تجاه المشاركة السياسية وفهم دورها في العملية السياسية وعملية صنع القرار، حيث إن تقرير التجربة البرلمانية للمرأة الإماراتية قدم توصيات حول مشاركة المرأة في المجلس الوطني الاتحادي واقتراحات بشأن سبل تعزيز أدائها التشريعي، وأوصى بوضع نظام حصص محايد للجنسين وتوفير برامج تدريبية ذات جودة عالية للمرشحين وإشراك المزيد من النساء في العملية الانتخابية وسد الفجوة بين الجنسين في ما يتعلق بحقوق المواطَنة وتمديد فترة الحملات الانتخابية. ودعا التقرير المجلس الوطني الاتحادي إلى تحسين الخدمات داخل المجلس من أجل السيدات الأعضاء، ودعم صنع السياسات التي تهتم بتقييم أدائهن، وطالب بتوسيع نطاق عمل المرأة في السياسة وزيادة الوعي العام حول دور المرأة في المجلس الوطني الاتحادي وتعزيز سبل مشاركتها في أنشطة المجتمع المدني.

وخلاصة القول، يمكن للإمارات أن تكون أنموذجاً يحتذى به في مجال التمكين السياسي المرأة الخليجية والعربية وتفعيل مشاركتها في شتى ميادين التنمية المستدامة. لكن علينا التسليم بأن ممارستها حقوقها السياسية تبقى مسألة مرتهنة بمواجهة المعوقات. ومن أهم متطلبات المرأة في الخليج هو إيجاد ثقافة مجتمعية تعيد رسم صورة المرأة، لأنه لا يمكن تحقيق أي تحولات عميقة وحقيقية للنهوض التنموي بالمرأة في ظل ثقافة اجتماعية تقيد المرأة. فالتمثيل الحالي للمرأة الخليجية على المستوى السياسي يعكس مشاركة شكلية وليس مشاركة حقيقية. لكن هذه خطوة أولى على الطريق، والمستقبل ينبئ بمشاركة حقيقية قريبة. ولذلك يجب على القيادات الخليجية أن تهيئ المجتمع لمساعدة المرأة على المشاركة السياسية مستعينة بأسلوب التعيين حتى تضمن تمثيلاً معقولاً للمرأة، ويتوجب على النخب أن تبتعد عن التعيين الشرفي الانتقائي، وتأخذ بالتعيين القائم على المعايير الصحيحة التي تخدم المرأة، فلا تعيين إلا للمرأة التي يتوفر لديها عاملا الرغبة والقدرة على تحمل أعباء العمل السياسي، ومن دون وجود أحد هذين العاملين لن تنجح المشاركة النسائية في الخليج في التميز بمجال العمل السياسي، حتى تتسنى لها القدرة على مواجهة تحديات العولمة ومواجهة القضايا السياسية لوطنها وأمتها والمشاركة في صنع القرار.

مقالات لنفس الكاتب