array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

نحو خطة تنموية كويتية أكثر شفافية

السبت، 01 كانون2/يناير 2011

لا يكاد يذكر اسم دولة الكويت إلا ويذكر معه دورها الريادي الذي اضطلعت به لعقود طويلة من الزمن في منطقة الخليج بوصفها منارةً للعلم والثقافة والتطور على الصعد كافة، مما جعلها مؤهلة للقيام بأدوار أكثر ريادة وشمولية في المنطقة لولا ذلك اليوم المظلم في تاريخ الكويت حين تعرضت هذه الدولة الصغيرة الرائدة في الثاني من أغسطس عام 1990 لغزو واحتلال عسكري غاشم من دولة شقيقة أدى إلى إحداث ما يشبه الزلزال ليس على المستوى الحضاري والتنموي الريادي فقط، بل على المستوى النفسي والاعتباري والأخلاقي، وهو المستوى الذي يعد الأخطر والأكثر أهمية، لكونه المحرك الأساس للإرادة والرغبة في التطور والتنمية وحب الوطن ومحاربة الفساد. ومنذ ذلك الحين ودولة الكويت تواجه صعوبات حقيقية في معالجة تداعيات وإفرازات تلك المحنة وفي استعادة دورها الريادي الذي تميزت به على الدوام، وعلى الرغم من النجاحات الكبيرة التي حققتها في العقدين الأخيرين في جوانب الإصلاحات السياسية وإطلاق الحريات إلا أن الجوانب التنموية ظلت تعاني من التراجع وضعف المنافسة عند مقارنتها بدول الخليج الأخرى التي استطاعت أن تقفز في هذه الفترة قفزات تنموية نوعية كبيرة.

واليوم وفي ظل الأزمة المالية العالمية التي أطاحت باقتصادات العديد من دول العالم، وتسببت في تراجع وتعطيل العديد من خطط التنمية في دول الخليج، وفي ظل تذبذب أسعار النفط التي لم تشهد استقراراً واضحاً في السنوات الخمس الأخيرة تتهيأ الكويت لخوض غمار خطة تنموية جريئة رصدت لتنفيذها مليارات الدولارات، بعد أن أقرت مؤسساتها الرسمية خطتها التنموية الأولى متضمنة مشاريع ضخمة سيتم إنجازها خلال السنوات الأربع المقبلة تقدر قيمتها بـ 37 مليار دينار كويتي. ومن المفترض أن تتوزع المشاريع التي تتضمنها الخطة على قطاعات اقتصادية عديدة منها النفط والغاز والكهرباء والمياه والبنية التحتية كالمطارات والموانئ والإسكان والصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية.

وبحسب القائمين على هذه الخطة التنموية، فإنها تأتي كجزء من رؤية استراتيجية شاملة مدتها 25 عاماً تمتد حتى عام 2035م تهدف إلى تحول الكويت إلى مركز مالي وتجاري جاذب للاستثمار.

ومع الإعلان عن هذه الخطة التنموية الضخمة وأرقامها الفلكية، فإن الحديث عن عوامل نجاح هذه الخطة التنموية بدأ يطرح نفسه بقوة خصوصاً في مجال الإدارة الحكيمة لهذه الأموال والآليات المقترحة لضمان إنفاقها بالصورة المثلى وبشفافية مطلقة. وهنا بدأ يثار تساؤل حول مدى قدرة الأجهزة الحكومية والدستورية الموجودة حالياً في الكويت على مراقبة هذه الأموال والمساهمة في إنجاح هذه الخطة التنموية الضخمة وبلوغها الهدف المنشود، خصوصاً أن هذه الخطة ستمتد إلى سنوات طويلة والإنفاق فيها أيضاً سيمتد ويشمل قطاعات ووزارات عديدة في الدولة.

ومن حيث المبدأ، فإن دولة الكويت لديها أجهزة ومؤسسات معنية بمراقبة المال العام تتمثل في مجلس الأمة الكويتي وديوان المحاسبة، لكنها -بحسب وصف الأستاذ عبدالله النيباري- مؤسسات تفتقر إلى وجود آليات محددة للرقابة المنظمة، والعمل فيها لا يتجاوز المبادرات الفردية، كما أن هذه المؤسسات تفتقر إلى الخبرة الكافية في القطاعات التي تراقبها وخصوصاً القطاع النفطي مع غياب نسبي لديها في المعلومات، أو بمعنى آخر إنها جهات ليست مؤهلة بوضعها وشكلها الحالي للقيام بهذا الدور.

وهنا تبرز أهمية التفكير الجدي في إيجاد أو إنشاء مؤسسة جديدة رديفة أكثر تخصصاً وقرباً وتلازماً مع مجريات الأحداث، يتم إدراجها كبند أساسي قابل للتطبيق الفوري في خطة التنمية الشاملة ذاتها، واتخاذ الإجراءات العملية والواقعية اللازمة لتحقيق هذا الهدف، وذلك مع علمنا المسبق بأن الخطة التنموية المعلنة لم تغفل قضايا مراقبة السياسات الحكومية والشفافية والمساءلة من الجانب النظري، وقد ذكرت الخطة اثنتي عشرة نقطة مهمة في هذا الشأن، لعل من أهمها النقاط الأربع الأخيرة المتعلقة بإجراءات الشفافية والمساءلة والتي لا يتسع المجال لذكرها. وهي بلا شك نقاط جوهرية بالغة الأهمية في هذا الشأن، لكن ومن الوهلة الأولى يمكن استنتاج أنها لن تخرج عن إطارها النظري، فهي خطوط عريضة لا تلم شتات المسألة، وكان الأجدر بالمسؤولين الإعلان الفوري عن تشكيل هيئة المساءلة والشفافية لأنها ستكون الآلية الواقعية الوحيدة والتي يمكن أن تترجم هذه النقاط الإيجابية على أرض الواقع، على أن يبدأ عملها مع بدء تنفيذ الخطة، وليس كخطوة إجرائية لاحقة قد تحدث وقد لا تحدث. فالإسراع في تشكيل هيئة الشفافية والمساءلة كفيل بإسكات كل الأصوات المتخوفة على مستقبل الخطة التنموية، وكفيل أيضاً بسد الذرائع النيابية التي يمكن أن تقف عائقاً في طريق عجلة التنمية التي طال انتظار انطلاقها.

مقالات لنفس الكاتب