array(1) { [0]=> object(stdClass)#13187 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

قراءات سياسية / الصراع في أوكرانيا/ نحو تصاعد نمط جديد من الحروب الهجينة - د. عبدالرزاق غراف

الإثنين، 03 تموز/يوليو 2023

يتجه الصراع في أوكرانيا ليكون أحد أكثر نماذج الحروب الهجينة وضوحا في تاريخ الحروب، رغم أن معالم هذا التحول قد بدأ منذ سنة 2014م، خلال ضم روسيا لشبه جزيرة القرم بالتوافق مع التدخل الروسي في سوريا وهما الحالتان اللتان رسمتا معالم تحوّل العقيدة العسكرية الروسية نحو هذا النمط المستحدث من الحروب. نظريا/ تدخل الحروب الهجينة في إطار ما يعرف استراتيجيا بـالجيل الخامس من التنظيرات الأمنية، وهو الذي يعتبر آخر مستحدث لها في سياق تطور أجيال الاستراتيجيات العسكرية طوال التاريخ البشري، حيث ركّزت الأجيال الثلاثة الأولى في جوهرها على نمط الحروب التقليدية مع اختلاف نسبي في الأدوات والتكتيكات كنتيجة حتمية لتطور الأدوات العسكرية من أسلحة وخطط استراتيجية، في حين بدأت مظاهر التحول تطرأ على هذا الجوهر خلال الجيل الرابع. الاطروحات والمداخل النظرية التقليدية المفسّرة للحروب والصراعات، والتي سادت في حقل العلاقات الدولية عامة والدراسات الأمنية خاصة، لم تعد قادرة على استيعاب التطورات الجارية التي فرضها الواقع العسكري في عالم ما بعد الحداثة، ومنه فقد جاءت حتمية هذا التطور النظري ليتماشى مع متطلبات الواقع العسكري السائد. عمليا/ الواقع العسكري في عالم ما بعد الحداثة تجاوز النمط التقليدي من الحروب القائم على التعويل الكلي على الآلة العسكرية في حسم مصير الصراعات والحروب، نحو استخدام وسائل جديدة من ضمنها تلك المرتبطة بـالحرب الرقمية سواء منها المعلوماتية الهادفة لتغليط الرأي العام بمعلومات منافية للحقائق، أو السيبرانية الهادفة لتدمير البنى التحتية للدول من مواصلات وخدمات عامة كالبنوك والكهرباء والمياه فضلا على اختراق الوكالات الرسمية وغيرها من أنماط الحرب السيبرانية. حروب الجيل الخامس أو ما تسمى بحروب المعلومات والادراك تهدف بالأساس الى ضرب الهندسة الاجتماعية للدولة المستهدفة عبر إذكاء النزاعات الداخلية، فضلا عن دعم التهديدات العابرة للحدود كالمخدرات والجريمة المنظمة، الى جانب توظيف شبكات التواصل الاجتماعي وتغليط الرأي العام بأخبار كاذبة وغيرها. من سمات الحروب الهجينة هو تصاعد دور الفواعل الموازية للجيوش وفي مقدمتها الشركات الأمنية الخاصة أو ما يعرف بـالفاعلين الجدد، وهو ما تجسّد سابقا في "البلاك ووتر" الامريكية والآن في "الفاغنر" الروسية، وسط تراجع ملحوظ لدور الجيوش النظامية وعقيدتها العسكرية التقليدية التي أصبح دورها متكاملا مع دور هذه الفواعل الموازية، بل وأحيانا تنافسيا لها وسط توسع استراتيجية حروب الوكالة. رغم أن الصراع في أوكرانيا يعتبر مزيجا من الجيل الثالث والرابع والخامس، إلا أن طول أمد الصراع وغياب أي أفق لتسويته، وتحوله تدريجيا نحو نموذج من حرب الاستنزاف وما ينتج عنه من تكاليف عالية، وحالة الجمود النسبي التي تسود خطوط التماس بين الطرفين، دفع كل الأطراف وبخاصة روسيا الى محاولة تقليل تكاليف الحرب، وهو ما يعتبر الدافع الرئيسي والمدخل التفسيري لتصاعد الرغبة الروسية في تحويل الصراع الى نمط من الحروب الهجينة. هذا الوضع ساهم في زيادة فرص تحوّل الصراع نحو نمط الحروب الهجينة، بالتوافق مع التوسع في استخدام أدوات وتكتيكات "الجيل الخامس" على غرار تطور نشاط الجماعات التخريبية في المناطق الروسية المحاذية لأوكرانيا مؤخرا/ تزايد اختراقات الطائرات المسيرة واستهدافها لمؤسسات اقتصادية/طاقوية في المقام الأول داخل الأـراضي الروسية فضلا عن المؤسسات السيادية "الكرملين" بهدف ضرب الروح المعنوية الروسية. في مقابل توسع دور مجموعة "فاغنر" التي أصبحت تقود العمليات الميدانية في أوكرانيا، تراجع استخدام الروس للآليات الثقيلة بعد خسائرهم الفادحة في الأشهر الأولى وتعويض ذلك بالمسّيرات فضلاً على المجموعات الصغيرة الأقرب في أدائها الى حرب العصابات وتكثيف الحرب المعلوماتية والسيبرانية بين الطرفين.
مجلة آراء حول الخليج