array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

التكامل الاقتصادي الخليجي.. بين الواقع والمأمول

السبت، 01 كانون2/يناير 2011

حققت دول مجلس التعاون الخليجي على مدى العقود الثلاثة المنصرمة العديد من الإنجازات الاقتصادية التي أرست دعائم قوية للتكامل الاقتصادي بين دولها، وتمثل الاتفاقية الاقتصادية الموحدة التي اعتمدها قادة دول المجلس في قمتهم الثانية (الرياض 1981م) الإطار التنظيمي لتطبيق التكامل الاقتصادي بين دول وشعوب المنطقة، كما مثلت البرنامج الواسع للعمل الاقتصادي المشترك خلال عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي.

شهدت مسيرة العمل الاقتصادي الخليجي المشترك مع مطلع الألفية الجديدة نقلة نوعية وبمضامين وأهداف تواكب التطورات الاقتصادية على الصعيد العالمي، وذلك باعتماد قادة دول المجلس في قمة مسقط (ديسمبر 2001) الاتفاقية الاقتصادية بين دول مجلس التعاون لتحل محل الاتفاقية الاقتصادية الموحدة التي أقرها المجلس في الرياض عام 1981م.

وتشير الاتفاقية الاقتصادية لعام 2001م، في ديباجتها إلى أن الهدف هو تحقيق مراحل متقدمة من التكامل الاقتصادي بين دول المجلس ضمن برنامج زمني محدد، ولتحقيق ذلك تضع الاتفاقية أولويات وأهدافاً لبرنامج العمل الاقتصادي المشترك في مرحلته الجديدة، فهي تخصص الفصول الثلاثة الأولى للاتحاد الجمركي، والسوق الخليجية المشتركة، والاتحاد النقدي والاقتصادي، وهي مشاريع تكاملية واندماجية رائدة تدفع بعجلة التعاون الخليجي إلى الأمام، وفيما يلي استعراض لأهم الإجراءات المتخذة من قبل دول مجلس التعاون لتحقيق التكامل الاقتصادي.

 أولاً- الاتحاد الجمركي

يُعد إنشاء الاتحاد الجمركي في مطلع يناير 2003م، إحدى أهم خطوات التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، ويشكل تحولاً نوعياً في العمل الاقتصادي المشترك، لكونه يقوم أساساً على توحيد التعرفة الجمركية، وإزالة معوقات التبادل التجاري، وتوحيد إجراءات الاستيراد والتصدير، ومعاملة المنطقة الجغرافية للدول الأعضاء كمنطقة جمركية واحدة.

ويمكن القول إنه على الرغم من تأخر قيام الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون الخليجي، إلا أنه يُعد اتحاداً متقدماً من الناحية القانونية، حيث تم الاتفاق مسبقاً على أهم عناصره. وقد أعطت الفترة الانتقالية (2003-2009) للدول الأعضاء فرصة للتأقلم مع بعض جوانب الاتحاد الجمركي في المجالات التالية:

-     استيراد الأدوية والمستحضرات الطبية.

-     استيراد المواد الغذائية.

-     استمرار الحماية الجمركية لبعض السلع.

-     استمرار حماية الوكيل المحلي.

-     استمرار بعض المهام الجمركية للمراكز الحدودية بين دول المجلس.

-     التحصيل المشترك للإيرادات الجمركية.

ويلاحظ التأثير المباشر لقرار إقامة الاتحاد الجمركي الخليجي في عام 2003م على التجارة البينية الخليجية، التي شهدت تصاعداً ملحوظاً في العام الأول لقيام الاتحاد بلغ ما نسبته 31.4 في المائة لتحقق معدل نمو سنوي بلغ 25 في المائة خلال الفترة (2003-2009م)، حيث ارتفعت قيمة التجارة البينية من (15) مليار دولار في عام 2002، وهو العام السابق لإقامة الاتحاد الجمركي، إلى (61) مليار دولار في عام 2009، في حين نجد أن معدل نمو التجارة البينية خلال الفترة (1993-2003م) أي العشرة أعوام التي سبقت قيام الاتحاد كان بحدود 4.6 في المائة.

 ثانياً- السوق الخليجية المشتركة

يُعد إنشاء السوق الخليجية المشتركة التي بدأت أعمالها في مطلع يناير 2008م والتي استهدفت تحقيق المواطنة الاقتصادية لكافة أبناء دول مجلس التعاون، من أهم الخطوات باتجاه تحقيق التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي. وقد اتخذت العديد من الخطوات نحو تحقيق المواطنة الاقتصادية يمكن الإشارة إليها بالآتي:

1- التنقل والإقامة:

يتمتع مواطنو دول مجلس التعاون بالمساواة في المعاملة من حيث الإقامة والتنقل بين الدول الأعضاء، والذي يتم بالبطاقة الذكية الموحدة التي تستخدم للتنقل وتحقيق أهداف أخرى. وقد تم إصدار البطاقة الذكية الموحدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، والمملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، ودولة قطر، وتقوم دولة الكويت باستكمال العمل في هذا المجال. وتشير الإحصائيات المتاحة إلى تضاعف أعداد المواطنين الذين يتنقلون بين الدول الأعضاء في المجلس من (4.5) مليون مواطن في عام 1995م إلى ما يتجاوز (15) مليوناً في 2008م، وهي حركة تعكس ترسيخ الواقع الاقتصادي الجديد لمجلس التعاون، حيث يلعب تنقل الأفراد دوراً محورياً في زيادة الروابط الاقتصادية ودعم السوق الخليجية المشتركة.

2- العمل في القطاعات الحكومية والأهلية:

أكد قرار المجلس الأعلى في الدورة الثالثة والعشرين (الدوحة 2002م)، على تطبيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في مجال العمل في القطاعات الأهلية، وإزالة القيود التي تمنع من ذلك، وذلك في موعد أقصاه نهاية عام 2003م. وتبين البيانات الإحصائية حصول زيادة كبيرة في أعداد مواطني دول المجلس العاملين في القطاع الأهلي بالدول الأعضاء الأخرى، حيث ارتفع العدد من نحو (6000) موظف في عام 1995م إلى نحو (17000) موظف في 2008م.

أما في ما يتعلق بالمساواة في المعاملة بالقطاع الحكومي، فقد صدر قرار المجلس الأعلى في دورته الثالثة والعشرين (الدوحة 2002م) بتطبيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في مجال العمل في القطاعات الحكومية، والـتأمين الاجتماعي والتقاعد، وإزالة القيود التي قد تمنع من ذلك في موعد أقصاه نهاية عام 2005م. وتبين البيانات الإحصائية حصول تطور مطرد في أعداد مواطني دول المجلس العاملين في القطاع الحكومي بالدول الأعضاء الأخرى من (9572) موظفاً عام 2004م إلى (12748) موظفاً عام 2008م.

3- التأمين الاجتماعي والتقاعد:

قرر المجلس الأعلى في دورته الثالثة والعشرين (الدوحة 2002م) أن يتم تطبيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في مجال التأمين الاجتماعي والتقاعد، وإزالة القيود التي قد تمنع من ذلك في موعد أقصاه نهاية عام 2005م.

وتظهر البيانات حصول زيادة ملحوظة في عدد مواطني دول المجلس العاملين بالدول الأعضاء الأخرى المستفيدين من نظام مد الحماية، حيث ارتفع عدد المشمولين من مواطني دول المجلس في أنظمة التقاعد بالدول الأعضاء الأخرى من (902) مواطن عام 2005م إلى (3343) مواطناً عام 2008م، أي بزيادة قدرها 271 في المائة.

4- ممارسة الحرف والمهن:

قرر المجلس الأعلى في دورته الرابعة (الدوحة 1983م) السماح للحرفيين من مواطني دول المجلس بممارسة حرفهم في أي من الدول الأعضاء من دون استثناء، اعتباراً من مطلع مارس 1984م. أما في ما يتعلق بالمهن، فقد صدر قرار المجلس الأعلى في دورته الحادية والعشرين (المنامة 2000م) بالسماح لمواطني دول المجلس بممارسة كافة المهن، ما عدا ما يندرج منها تحت قائمة الأنشطة الاقتصادية المستثناة الواردة في الفقرة (5) أدناه.

5- ممارسة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية:

ابتداء من الدورة (3) للمجلس الأعلى (المنامة-نوفمبر 1982م) سُمح لمواطني دول المجلس الطبيعيين والاعتباريين بممارسة عدد من الأنشطة الاقتصادية التي تمت زيادتها بصورة تدريجية في الدورات اللاحقة، إلى أن أصبح الآن عدد الأنشطة الاقتصادية غير المسموح ممارستها أربعة أنشطة فقط هي: خدمات الحج والعمرة، ومكاتب استقدام العمالة الأجنبية، وإنشاء الصحف والمجلات ودور الطباعة والنشر، والوكالات التجارية. وشهدت السنوات المنصرمة تزايداً ملحوظاً في عدد المستفيدين من هذه القرارات، حيث بلغ العدد التراكمي للتراخيص الممنوحة لمواطني دول المجلس لممارسة مختلف الأنشطة الاقتصادية (27567) رخصة لغاية عام 2008م.

أما في ما يتعلق بممارسة النشاط التجاري فأقر المجلس الأعلى في دورته(28) بالدوحة عام 2007م القواعد المطورة والتي تسمح لمواطني دول المجلس بممارسة تجارة التجزئة في أية دولة عضو ومساواتهم بمواطني الدولة، وتم بموجب القرار إزالة القيود التي كانت واردة بقرارات المجلس الأعلى في دورته خلال السنوات (1986و1992م و2000م). كما صدر قرار المجلس الأعلى في دورته (28) أيضاً بإزالة القيود على مزاولة مواطني دول المجلس تجارة الجملة في أية دولة عضو ومساواتهم بمواطنيها الدولة.

6- تملك العقار:

نصت المادة(3) من الاتفاقية الاقتصادية لعام 2001م على المساواة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في تملك العقار، طبقاً لعدد من الضوابط. وتم التخفيف من هذه الضوابط بصورة تدريجية، حيث صدر آخر تنظيم لتملك العقار في الدورة (23) للمجلس الأعلى (الدوحة ديسمبر 2002م) خالياً من معظم تلك القيود. وتشير البيانات الإحصائية إلى تزايد عدد المستفيدين من مواطني دول مجلس التعاون من القرارات الخاصة بالسماح لهم بتملك العقار في الدول الأعضاء الأخرى، حيث بلغ إجمالي عدد حالات شراء العقار نحو (44) ألف عملية شراء حتى نهاية عام 2008م، منها (7359) حالة تملك في عام 2008م.

7- تنقل رؤوس الأموال :

لا توجد قيود على انتقال رؤوس الأموال بين دول المجلس، وهناك حركة متنامية لرؤوس الأموال بين دول المجلس، بيد أن زيادة وتشجيع هذه الحركة يحتاجان إلى استكمال بقية متطلبات السوق الخليجية المشتركة برفع القيود على ممارسة مواطني دول المجلس للنشاط الاقتصادي.

8- المعاملة الضريبية:

نص قرار المجلس الأعلى في الدورة التاسعة (المنامة 1988م) على (مساواة مواطني دول المجلس اعتباراً من الأول من مارس 1989م في المعاملات الضريبية ومعاملتهم في هذا الشأن معاملة مواطني الدولة العضو المضيفة عند ممارستهم الأنشطة الاقتصادية المسموح بها، بما في ذلك الحرف والمهن، وفقاً للاتفاقية الاقتصادية الموحدة وقرارات المجلس الأعلى، على ألا يخل ذلك بأية مزايا ضريبية أفضل تمنحها دولة عضو لمواطني دول المجلس).

9- تداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات:

صدر قرار المجلس الأعلى في دورته الثالثة والعشرين (الدوحة-ديسمبر 2002م) بالنص على المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في مجال تملك وتداول الأسهم وتأسيس الشركات، وإزالة القيود التي قد تمنع ذلك في موعد أقصاه نهاية عام 2003م.

وكان حصاد هذا القرار ارتفاع نسبة الشركات المساهمة المسموح تداول أسهمها لمواطني دول المجلس من إجمالي مجموع الشركات المساهمة من 20 في المائة في عام 1985م إلى ما نسبته 95 في المائة في 2008م، حيث بلغ عدد الشركات المسموح تداول أسهمها لمواطني دول المجلس (637) شركة مساهمة في عام 2008م برأسمال يصل إلى حوالي (195) مليار دولار، كما بلغ عدد المساهمين من مواطني دول المجلس في هذه الشركات نحو (658) ألف مساهم في عام 2008م.

 ثالثاً- الاتحاد النقدي والعملة الموحدة

وافق المجلس الأعلى في ديسمبر 2001م على البرنامج الزمني لإقامة الاتحاد النقدي، والذي يقضي بتطبيق الدولار الأمريكي مثبتاً مشتركاً لعملات دول المجلس في المرحلة الحالية قبل نهاية 2002م، وهو ما تم تطبيقه بالفعل من قبل كافة دول المجلس في الموعد المحدد. كما يقضي البرنامج بأن تتفق الدول الأعضاء على معايير تقارب الأداء الاقتصادي ذات العلاقة بالاستقرار المالي والنقدي اللازمة لنجاح الاتحاد النقدي قبل نهاية عام 2005م، وذلك تمهيداً لإطلاق العملة الموحدة لدول المجلس.

وقد أقرَ المجلس الأعلى في دورته (26) في أبو ظبي، (ديسمبر 2005م) المعايير التالية لتحقيق تقارب الأداء الاقتصادي والاستقرار المالي والنقدي:

1- معايير التقارب النقدي: وتتمثل في معدلات التضخم ومعدلات الفائدة ومدى كفاية احتياطي السلطات النقدية من النقد الأجنبي.

2- معايير التقارب المالي: وتتمثل في نسبة العجز السنوي في الموازنة العامة إلى الناتج المحلي الإجمالي، ونسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي.

واعتمدت لجنة التعاون المالي والاقتصادي في مايو 2007م، طريقة حساب المعايير المالية والنقدية لتقارب الأداء الاقتصادي والنسب المتعلقة بها. وقرر المجلس الأعلى في دورته(28) بالدوحة في ديسمبر 2007م أن تعمل الدول الأعضاء على تحقيق هذه المعايير.

واعتمد المجلس الأعلى في دورته التاسعة والعشرين (مسقط 2008م) اتفاقية الاتحاد النقدي، التي وضعت الإطار القانوني والمؤسسي للاتحاد النقدي، وحددت مهام المجلس النقدي والبنك المركزي لدول مجلس التعاون الذي سيصدر العملة الموحدة. وقرر المجلس الأعلى في لقائه التشاوري الحادي عشر في مايو 2009م أن يكون مقر المجلس النقدي في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية. وتم التوقيع على اتفاقية الاتحاد النقدي من قبل وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد النقدي، على هامش الدورة الحادية عشرة بعد المائة للمجلس الوزاري في 7 يونيو 2009م. وقد أتمت الدول الأعضاء في اتفاقية الاتحاد النقدي (مملكة البحرين، المملكة العربية السعودية، دولة قطر، دولة الكويت) إجراءات المصادقة والإيداع لاتفاقية الاتحاد النقدي ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في 27 فبراير 2010م.

ووجه المجلس الأعلى في دورته الثلاثين(الكويت 2009) بسرعة إقامة المجلس النقدي وفقاً لهذه الاتفاقية والنظام الأساسي للمجلس النقدي. كما كلف المجلس النقدي بتكثيف العمل لإنجاز المهام الموكلة إليه بموجب اتفاقية الاتحاد النقدي وتحديد البرنامج الزمني لإصدار العملة الموحدة وطرحها للتداول في ضوء ذلك. وعقد مجلس إدارة المجلس النقدي اجتماعه الأول في 30 مارس 2010م، حيث تم إقرار الإطار العام للخطوات التنفيذية المطلوبة لتمكين المجلس النقدي من تنفيذ مهامه من خلال استكمال اللوائح التنظيمية لعمل المجلس النقدي.

وعلى الرغم من الإنجازات التي تحققت على صعيد تحقيق التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أنه مع تسارع التغيرات في البيئة الاقتصادية الدولية التي تستدعي حشد الطاقات وتعزيز العمل الجماعي المشترك لمواجهة الأزمات الاقتصادية، باتت الحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى إعطاء الأولوية للتشريعات الخليجية في مقابل القوانين المحلية من أجل التقدم فعلاً نحو إقامة السوق الخليجية المشتركة، والتركيز على الاستثمارات الخليجية الأكثر أمناً لتلافي آثار الأزمات المالية العالمية.

ومن المتوقع أن تشهد مسيرة التكامل الاقتصادي الخليجي خلال السنوات المقبلة المزيد من الخطوات التي تعزز من الاندماج الاقتصادي وصولاً للوحدة الاقتصادية الخليجية، خصوصاً بعد القرارات التي اتخذت في (قمة أبوظبي-ديسمبر2010م) بخصوص إزالة العوائق الجمركية وغير الجمركية بين الدول الأعضاء، بما يسهل انسياب التجارة البينية، ومع العالم الخارجي، وكذلك السماح للشركات الخليجية بفتح فروع لها في دول المجلس، وتطبيق المساواة التامة في معاملة فروع الشركة الوطنية، علاوة على إقامة مشروعات البنية التحتية المشتركة كمشروع السكك الحديدية الخليجية ومشروع الربط الكهربائي، علاوة على إنشاء بنك التنمية الخليجي.

مقالات لنفس الكاتب