array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

أهمية تطوير العلاقات الخليجية - الإفريقية

الأربعاء، 01 كانون1/ديسمبر 2010

ليس بجديد التأكيد على وجود علاقات بين الدول العربية والإفريقية، إذ تعود الجذور التاريخية لهذه العلاقة إلى ما قبل ظهور الإسلام؛ حيث استقرت بعض المجموعات الإفريقية بين العرب وانصهرت في بوتقة القبائل العربية عن طريق الولاء والانتماء الكامل. وعندما ظهر الإسلام في القرن السابع الميلادي ازدادت العلاقات بين العرب والأفارقة، حيث جاءت دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم للناس جميعاً، وكان من نتيجة ذلك أن خرج العرب لنشر الدين الإسلامي في الشمال والغرب والشرق، وبالتالي تمكنوا من نشر الإسلام في أجزاء كبيرة من القارة الإفريقية.

ما تجدر الإشارة إليه أن تجربة التعاون العربي - الإفريقي تعد من أقدم تجارب التعاون الإقليمية، لكن على الرغم من قيام هذا التعاون إلا أنه مع نهاية السبعينات، وبداية الثمانينات ظهرت العديد من السلبيات في التعاون العربي - الإفريقي حيث شابت العلاقات في تلك الفترة أزمات ثقة وشكوك متبادلة في نوايا كل طرف تجاه الآخر، وبطبيعة الحال استغلت إسرائيل حالة الانكسار والشروخ في العلاقات العربية-الإفريقية، وعملت على تعميقها واستغلالها لصالحها كي تحل محل الدول العربية في القارة الإفريقية سواء على المستوى التجاري أو الاقتصادي أو العسكري.

ومن هنا نستطيع أن نؤكد أن أي شرخ أو انكسار أو فتور في العلاقة بين الدول العربية والإفريقية سيفسح المجال أمام الدول الطامعة لتوطيد العلاقة مع الدول الإفريقية، من أجل الإضرار بمصالح الدول العربية، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى تهديد الأمن القومي العربي.

وعلى الرغم من أن السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين شهدت تطورات إيجابية تبعث الأمل في مستقبل التعاون العربي-الإفريقي، وعلى الرغم أيضاً من حرص الجانبين العربي والإفريقي في الكثير من اللقاءات على تفعيل التعاون بينهما في مجالاته المختلفة والارتقاء بمستوى العمل العربي-الإفريقي المشترك للوصول به إلى الشراكة الكاملة، إلا أننا نرى أن مستوى العلاقة لم يرتق إلى المستوى المطلوب.

وإذا كنا قد تحدثنا في البداية عن العلاقات العربية-الإفريقية، وجذور هذه العلاقة، فإن ذلك يأتي من منطلق أن دول مجلس التعاون الخليجي ليس بمعزل عن الدول العربية.

ونود من خلال هذا المقال أن نلقي الضوء على أهمية تطوير العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي والدول الإفريقية، ومدى استفادة الطرفين من جراء هذه العلاقة، لا سيما إذا أخذنا في الاعتبار أن التركيز على القارة السمراء أصبح من الموضوعات التي تحتل مكانة مرموقة في أولويات السياسة الخارجية للعديد من البلدان.

فإفريقيا تعد من أقدم قارات المعمورة، وتقع في موقع متوسط من قارات العالم القديم، وهي ثانية قارات العالم مساحة؛ إذ تبلغ مساحتها حوالي 30 مليون كيلو متر مربع، وتمتلك القارة السمراء موارد طبيعية وبشرية تؤهل دولها لمكانة تختلف اختلافاً جذرياً عما هي عليه الآن.

ولقد كانت إفريقيا منذ اكتشافها محل مطمع ونهب من قبل الدول الغربية، ففي البداية كان الأوروبيون يقومون بنقل العبيد من إفريقيا عبر المحيط الأطلنطي إلى العالم الجديد في الأمريكتين، ثم بدأت القوى الاستعمارية تتكالب على القارة من أجل نهب ثرواتها ومواردها المعدنية والزراعية.

 واقع العلاقات بين دول مجلس التعاون والدول الإفريقية:

لقد أسهمت بعض العوامل التاريخية والحضارية في استمرار العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي وبين بعض الدول الإفريقية، وبصورة عامة لا تزال العلاقات بين الجانبين تعاني ضعفاً. وبعيداً عن العلاقات الدبلوماسية الثنائية، فلم يبذل الطرفان سوى جهود ضئيلة لتعزيز مكانتهما الاقليمية.

فعلى صعيد العلاقات الدبلوماسية فقد بلغ عدد البعثات الدبلوماسية لدول مجلس التعاون لدى الدول الإفريقية حوالي (٦٩) بعثة دبلوماسية أو قنصلية على الأقل، وإذا نظرنا إلى هذا العدد لوجدنا أن هناك (٣٩) بعثة من العدد الكلي هي في الشمال الإفريقي العربي، أما الـ (30) الأخرى فتوجد في الدول الإفريقية غير العربية.

وقد بلغ عدد البعثات الدبلوماسية للدول الإفريقية لدى دول مجلس التعاون الخليجي حوالي (109) بعثات منها (49) بعثة لعشر دول عربية إفريقية، و(33) بعثة لدول غرب إفريقيا.

وعلى صعيد العلاقات الاقتصادية والتجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول إفريقيا فقد تضاعفت قيمة صادرات دول مجلس التعاون إلى الاتحاد الإفريقي ودول إفريقيا جنوب الصحراء نحو ست مرات خلال الفترة بين عامي ١٩٩٦-٢٠٠٦ ، في حين تضاعفت التجارة البينية نحو ثلاث مرات خلال الفترة بين عامي (٢٠٠٠-٢٠٠٧)، وبلغ إجمالي حجم التجارة بين الجانبين عام ٢٠٠٠ نحو 6.4 مليار دولار ثم تضاعف ليبلغ ١١ مليار دولار عام 2005، ووصل إلى 21.2 مليار دولار عام ٢٠٠٧.

وعلى الرغم من تطور هذه العلاقة إلا أنها تنم عن ضعف العلاقة بين الطرفين، وذلك مقارنة بحجم التبادل التجاري بين الطرفين والدول الغربية، ولا سيما دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.

وبعبارة أخرى فإنه على الرغم من أن العلاقات التجارية وحجم الاستثمارات بين دول مجلس التعاون الخليجي والدول الإفريقية آخذة في التزايد، إلا أن العلاقات الاقتصادية تظل محصورة في قطاعات معينة مثل: الصناعات الاستخراجية، وقطاع الاتصالات، والسياحة، والعقارات، هذا بالإضافة إلى أن هذه الأنشطة تقتصر على مناطق جغرافية معينة، ولا تشمل العلاقات التجارية بين الطرفين كافة الدول الإفريقية.

 معوقات العلاقة بين دول مجلس التعاون ودول إفريقيا:

لقد علل محمد عاشور مهدي مؤلف كتاب (العلاقات الخليجية-الإفريقية.. الواقع وآفاق المستقبل) الصادر عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية-  ضعفالعلاقاتبين الدولالخليجيةوالإفريقية بوجود ثلاث مجموعات من المعوقات:

الأولى: معوقات عامة مثل الصور المشوهة المتبادلة بين العرب والأفارقة، وارتباطها بالمفاهيم الغربية، وافتقار الطرفين إلى منظومة فكرية محددة للتعاون، وعدم الاهتمام بالعلاقات الثقافية والفنية.

الثانية: معوقات منالجانب الإفريقي أهمها تبعية النخب للقوى الاستعمارية، وتوجسها منالمساعداتالخليجيةحيث تعتقد أنها انتقائية وتدعم توجهات دينية. كما مثلت عوامل التدهور والفساد وسوء الأوضاع الأمنية في الدول الإفريقية حاجزاً أمامالاستثماراتالخليجية.

الثالثة: مجموعة من المعوقات تتعلق بالجانب الخليجي، وأهمها افتقاره إلىتجارب ذات شأن مع إفريقيا، وعدم الدراية بأوضاعها ومتطلباتها، وأيضاً ضآلة الاهتمام الاقتصادي بين دول الخليج العربية بالتعاون مع القارة الإفريقية وعدم المواكبة على الصعيدين الثقافي والتعليمي وحاجة الدول الإفريقية.

 أهمية تطوير العلاقات بين دول مجلس التعاون ودول إفريقيا:

مما لا شك فيه أن هناك حقيقة أساسية مفادها أن ثمة مصلحة خليجية وإفريقية في تعزيز التعاون بين الطرفين في ضوء الفرص والتحديات المفروضة على الجانبين بفعل التغيّرات الجارية على الساحتين الإقليمية والدولية، وفي ظل التطورات المستقبلية المتوقعة على الصُعُد الاقتصادية، والسكانية، والأمنية.

ونظراً لأهمية العلاقة بين دول مجلس التعاون ودول إفريقيا فإننا نرى من جانبنا أنه يجب على دول المجلس أن توجه أنظارها بصورة أكبر نحو إفريقيا بوصفها شريكاً اقتصادياً وسياسياً مهماً.

والجدير بالذكر أن هناك الكثير من العوامل التي تقف وراء سعي دول مجلس التعاون الخليجي إلى تطوير العلاقة بينها وبين الدول الإفريقية، ومن أهم هذه العوامل ما يلي:

 1- تتمتع إفريقيا بموقع استراتيجي عند مفترق طرق الاقتصاد العالمي المعاصر.

2- تحتوي القارة الإفريقية على العديد من المعادن والموارد الطبيعية المهمة اللازمة للصناعة الحديثة، وفيها مساحات شاسعة صالحة للزراعة مع توافر مياه الأنهار العذبة، ومصادر المياه الدائمة وغير المهددة بالنضوب.

3- تعد الدول الإفريقية سوقاً واعدة أمام المنتجات الخليجية خاصة البتروكيماويات وغيرها من الصناعات الوسيطة والتحويلية.

4- أصبحت إفريقيا مقصداً للاستثمارات؛ حيث تتميز بإمكانات اقتصادية هائلة غير مستغلة.

5- لقد رأينا في الآونة الأخيرة سعي إسرائيل إلى تحسين العلاقات بينها وبين الدول الإفريقية، لذا فمن مصلحة الدول العربية ومن بينها دول مجلس التعاون الخليجي أن تحسن وتطور علاقاتها مع الدول الإفريقية، وذلك من أجل التصدي للتغلغل الإسرائيلي في القارة الإفريقية لما يشكله هذا التغلغل من تهديد للسلام والاستقرار في إفريقيا، والدول العربية والإسلامية المجاورة.

 والجدير بالذكر أن أهمية تطوير العلاقة بين الطرفين لا تعود بالنفع على دول مجلس التعاون الخليجي فقط، بل أيضاً على الدول الإفريقية، إذ يسهم استثمار دول مجلس التعاون الخليجي في الدول الإفريقية في القضاء على نسبة من البطالة والفقر اللذين يعتبران من أهم المشكلات التي تواجه القارة السمراء.

 توصيات:

وفي خاتمة المقال نخلص إلى العديد من التوصيات التي نتمنى أن توضع موضع التطبيق، ومن هذه التوصيات ما يلي:

1- أهمية تطوير وتدعيم العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي والدول الإفريقية، خصوصاً في مجالات التكاملالاقتصادي، والاستفادة من المزايا النسبية في كل من الكتلتين.

2- العمل على تنمية حجم التبادل التجاري بين الدول الخليجية والإفريقية إلى المستوى الذي يتلاءم مع أهمية العلاقات بينهما.

3- ضرورة استكشاف الفرص الاستثمارية الجاذبة والقابلة للتطوير في مختلفالمجالات، لا سيما أن دول إفريقيا تعتبر مقصداً مناسباًللاستثماراتالخليجيةنظراً للقرب الجغرافي، والمزايا التنافسية التي تعد أداة للتكامل وليس للتنافس الاقتصادي.

4- العمل على توجيه جزء من الاستثمارات الخليجية إلى الدول الإفريقية.

5- ضرورة صياغة استراتيجية مشتركة تستهدف تحقيق التعاون المنشود.

6- العمل على إنشاء مؤسسات خليجية-إفريقية مشتركة من أجل إقامةمشروعات تنمية متكاملة‏.

7- العمل على زيادة المنح الدراسية العلمية لأبناء الدول الإفريقية، وذلك من أجل تكوين كوادر إفريقية متفهمة لمشكلات واقع بلدانها وتتبوأ مراكز مؤثرة في دولها.

8- الاهتمام بالحضور الدبلوماسي والثقافي الخليجي على الساحة الإفريقية.

9- العمل على توسيع نطاق التعاون الاقتصادي إلى مجالات الأمن الغذائي، وشبكات الربط الكهربائية، والمؤسسات المالية، والتبادل السياحي ونقل التكنولوجيا وتشجيع البحث العلمي.

10- العمل على إيجاد آليات للتواصل الثقافي والفكري، ويتحقق ذلك عن طريق إقامة المراكز الثقافية في العواصم الخليجية والإفريقية، وإقامة مؤتمرات وندوات خليجية إفريقية بصفة دورية، وتفعيل عملية الترجمة من اللغة العربية إلى مختلف اللغاتالإفريقيةوالعكس... إلخ.

مقالات لنفس الكاتب