array(1) { [0]=> object(stdClass)#13009 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

اليمن: عضو في المنظومة الخليجية

الأربعاء، 01 كانون1/ديسمبر 2010

كشفت مجلة السياسة الخارجية مؤخراً عن ضغوط خارجية، خاصةً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، تمارَس ضد أعضاء مجلس التعاون الخليجي للتعجيل في قبول اليمن كعضو كامل في هذا التكتل الخليجي، حيث يُتوقع أن أعضاء المجلس سيتخذون قرارهم النهائي بهذا الشأن في القمة المقبلة المقرر انعقادها في أبوظبي في ديسمبر 2010.

أُذكّر بأن قادة الخليج وافقوا في 2001 بقمة مسقط، على الانضمام الجزئي لليمن إلى منظومة الخليج، لذلك نرى اليمن عضواً في كلٍ من لجان التعليم، الصحة، الشؤون الاجتماعية والعمل ومباريات كرة القدم. لكن قبل أن يكون هناك انضمام كامل لهذا الجار الجنوبي، يجب أن نرجع إلى الهدف الأساسي الذي من أجله تم إنشاء المجلس. وفي الوقت ذاته، لا بد من تسطير الوضع الداخلي في اليمن والتهديد الذي من الممكن أن يشكله على استقرار ووحدة الخليج. وثمة سؤال يطرح نفسه: هل هناك شرعية للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لأن يمارسا ضغوطاً على دول المجلس للتعجيل في انضمام اليمن إلى النادي الخليجي؟

 النظام الأساسي لمجلس التعاون

تشير المادة الخامسة من النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي إلى أن المجلس (يتكون من الدول التي اشتركت في اجتماع وزراء الخارجية في الرياض بتاريخ 4/2/1981)، ولا يتطرق هذا النظام إلى إمكانية انضمام الدول الأخرى إلى هذا التحالف الإقليمي، لكن، تسمح المادة السابعة، من النظام ذاته، للمجلس الأعلى بـ (تعديل هذا النظام). تعديلٌ في إمكانية الانضمام يسمح للدول الأخرى، كاليمن مثلاً، بتقديم طلباتها بالانضمام إلى هذه الملحمة. أضف إلى ذلك أن النظام الأساسي يشير، في بداية الديباجة، إلى أن الأساس في بناء مثل هذا التحالف هو تشابه أنظمة الدول الأعضاء فيما بينها. وهذا يعني أنه من دون هذا التشابه، يستحيل إنشاء واستمرار مثل هذا التكتل، مما يدل على أن الدول الأعضاء تنظر إلى عنصر التشابه بين الأنظمة كشرط أساسي في بناء وحدة المجلس.

بعض القوى الخارجية تحاول الضغط على دول الخليج لأجل انضمام اليمن إلى منظومتها

غير أنه وقبل أن يباشر المجلس الأعلى في قبول هذا الطلب أو رفضه، يجب أن يفكر في تعديل النظام الأساسي وإدراج مادة تسمح لدول الجوار بتقديم طلبات انضمام مقابل أن يوافق المجلس الأعلى على هذا الطلب بغض النظر عن مواصفات نظام الدولة المتقدمة بالطلب. ويجب الإشارة هنا إلى الهدف الأساسي الأوّلي الذي أُنشئ من أجله مجلس التعاون الخليجي: الأمن الإقليمي. ونذكّر بأن هذا التكتل السياسي قد أُنشئ في فترة الحرب العراقية-الإيرانية وخوف دول المجلس من أن يكون هناك تصدير للثورة الإيرانية، أو على أقل تقدير تدخّل في الشؤون الداخلية من قبل القوة الجديدة المهيمنة إقليمياً. لذلك، قامت دول الخليج بمساندة العراق، على أقل تقدير مالياً وسياسياً، في حربه الضروس ضد إيران في ثمانينات القرن الماضي.

إذاً، السؤال الذي يطرح نفسه، في هذه المرحلة، هو هل من الممكن أن يقبل المجلس الأعلى لمنظومة الخليج التعديلَ على النظام الأساسي بما يتطابق وانضمام أعضاء جوار جدد؟ إذا كانت الإجابة عن هذا السؤال (نعم)، فيجب على القادة أن يفكروا في مستقبل المنظومة ودورها في احتواء معضلات المنطقة، حيث من الممكن أن نسمع مستقبلاً بطلب العراق، إيران أو باكستان بالانضمام إلى هذه الملحمة.

فملف العراق، على سبيل المثال، من الممكن أن يأخذ منهجاً سياسياً واقتصادياً في الوقت ذاته. فالمنهج السياسي يتمثل في إمكان دول الخليج تقويم السياسة الداخلية للعراق بعد ويلات الغزو الأمريكي. وهذا يعني جعل العراق يبتعد شيئاً فشيئاً عن التدخلات الإيرانية في شؤونه الداخلية وجلبه إلى صداقة سياسية مع دول الخليج العربية مما يعني ضمنياً صداقة مع القوى الأجنبية. أما المنهج الاقتصادي، فيتمثل في دور الملحمة الخليجية في إجبار تقويم الاقتصاد العراقي حتى يتطابق ومتطلبات المجلس الخليجي. أضف إلى ذلك، الموقع الجغرافي والمكانة الحضارية التي تحظى بها بلاد الرافدين. لكن، هل من الممكن أن يستبعد قادة الخليج طلب انضمام العراق لمجلس التعاون الخليجي في المستقبل القريب؟

أما الملف الإيراني، على الرغم من تعارضه مع هدف الإنشاء الأساسي للمجلس والنظرة الإيرانية لأمن المنطقة التي تتعارض مع نظرة العرب، فلابد أن نواجه هذا الطلب بكل موضوعية. فإيران قوة أساسية في مياه الخليج، وتحسنت علاقاتها مؤخراً مع دول الخليج العربية. ونجد أنها تحظى بعلاقات وطيدة مع سلطنة عُمان ودولة قطر، وتحسنت علاقاتها مع بعض دول الخليج كالكويت وقطر والسعودية. لكن، البرنامج النووي الإيراني -على الرغم من اختلاف وجهة نظر قادة الخليج حول هذا البرنامج- والاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث في مياه الخليج العربي، هما موضوعان يعرقلان، بشكل قاطع، ملف الانضمام إلى المجلس الخليجي. لكن تجدر الإشارة هنا إلى رغبة إيران في إنشاء نظام سياسي موحّد بين دول المنطقة حفاظاً على أمن الإقليم الخليجي، بعيداً عن التدخلات الأجنبية فيه.

وأخيراً، نظراً للدور الذي من الممكن أن تقوم به باكستان في حماية أمن الخليج، وذلك نظراً لارتباط مياه الخليج وبحر عُمان بالسواحل الباكستانية، فلا بد أن ننظر، وبشكل جدي، إلى احتمال تقديم طلب انضمام إسلام أباد إلى الملحمة الخليجية.

كل هذه الدول تشترك في حماية أمن الخليج العربي. أضف إلى ذلك، استيراد دول الخليج العربية لليد العاملة من بعض هذه الدول، بجانب القرب الجغرافي، هل هذا يكفي لتقديم طلب انضمام إلى مجلس التعاون؟ يجب أن ينظر القادة إلى ملف انضمام أعضاء جدد بحذر شديد، حيث إن التوسع من الممكن أن يُفقد الترابط بين الأعضاء الحاليين مما يعني بداية ضعف المجلس كمنظمة إقليمية.

وليست ملفات إيران والعراق وباكستان إلا أمثلة من الممكن أن تُطبَّق على أرض الواقع ويكون هناك طلب انضمام. أما بالنسبة لملف اليمن لنضع عدستنا على الوضع الداخلي في اليمن الذي من الممكن أن يشكل العائق الأساسي لانضمام هذه الدولة العربية إلى النادي الخليجي، فعدم الاستقرار السياسي وضعف الاقتصاد وانتشار الفساد، كل هذه العوامل تُضعِف احتمال قبول انضمام اليمن.

 الوضع الداخلي في اليمن والاستقرار الخليجي

لا يمكن أن يتجاهل قادة الخليج الوضع الداخلي في اليمن أثناء مناقشتهم انضمام هذه الدولة إلى مجلس التعاون. فلو نظرنا إلى تقييم مجلة (السياسة الخارجية) لليمن في دراستها للدول الفاشلة في العالم للسنوات الأربع الماضية، لوجدنا أن مستوى اليمن في تدهور مستمر، حيث إن اليمن تحول من المرتبة الـ 24 في عام 2007 إلى المرتبة الـ 15 في 2010 في مقياس الدول الفاشلة، فالوضع الداخلي في اليمن لا يمكن أن يُستهان به في ملف العضوية لمنظومة أمنية كمجلس التعاون الخليجي.

وكنظرة داخلية في الشؤون اليمنية، مازال اليمن يعاني من مشكلات فساد تثقل الكاهل السياسي للدولة، حيث يشير تقرير ملف الفساد في اليمن، الصادر عن مكتب المساعدات الأمريكية لليمن، إلى أن (هياكل الدولة اليمنية ضعيفة جداً)، إذ يشير هذا التقرير إلى أن السيطرة الاجتماعية في هذه الدولة تتم عن طريق توزيع المصالح للنخب بدلاً من استخدام الإجراءات المؤسساتية لتوفير مثل هذه الخدمات. وأدت هذه العملية إلى إضعاف المؤسسات الرسمية، مما جعل عملية بناء الدولة صعبة. أضف إلى ذلك، وهذا ما أشار إليه التقرير نفسه، أن اليمن يعاني من فساد إداري واضح -بشكل تعوّد عليه الشعب ولم ينكروه- في مجالات أساسية كالقضاء، الشرطة والبرلمان. وكتقييم لمؤشر الفساد في اليمن، قدّرت منظمة الشفافية العالمية، في عام 2009، أن حجم الفساد في اليمن كبير جداً، حيث احتل اليمن المرتبة الـ 154 عالمياً في مكافحة الفساد، من أصل 180 دولة.

وبعد أن توحّد شطرا اليمن، نما الاقتصاد الوطني اليمني نوعاً ما، لكن سرعان ما انهار هذا الاقتصاد من عدة نواح لعدة أسباب منها: (1) ترحيل السعودية لِما يقارب المليون يمني من بلادها وذلك لمساندة الحكومة اليمنية العراقَ في غزوه ضد الكويت. (2) الحرب الأهلية التي نشبت بالبلاد في عام 1994، أحدثت هذه الحرب دماراً كبيراً في البنية التحتية للجار الجنوبي. أضف إلى هذه القائمة الهجرة غير الشرعية التي يعاني منها اليمن بشكل مستمر من قِبل اللاجئين الصوماليين. فاليمن يفتقر إلى الاستقرار السياسي حتى يستطيع أن يشبع حاجاته الاقتصادية بشكل عصري. لهذا، ضمت الأمم المتحدة اليمن إلى قائمة الدول الأكثر فقراً في العالم.

وتطبيقاً لنظرية (الدومينو)، التي تقول إنه )إذا صففنا قطع الدومينو واقفة  أمام بعضها بعضاً وحركت القطعة الأولى بأصبعك، فإن قطع الدومينو سوف تتحرك كلها وراء بعضها نتيجة لحركة القطعة الأولى، مما يؤدي إلى انهيار كل القطع(، فالموقف الداخلي في اليمن من الممكن أن يؤثراً سلباً في استقرار دول الخليج العربية. وبكلمات أخرى، من الممكن أن تتأثر دول الجوار بـ) الفشل( اليمني مما يعني تدهور الأوضاع الداخلية لدول المنطقة، ما يعطي الانطباع بتطبيق نظرية الدومينو بأفضل مستوياتها.

 الضغوط الخارجية

في عالم يتسم بالفوضى، بحسب ما تنتهجه المدرسة الواقعية للعلاقات الدولية، نرى أن المرجعية الأساسية هي سيادة الدولة. فكما ذكرت مجلة (السياسة الخارجية) أن دول المجلس تتعرّض لضغوط خارجية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للتعجيل بقبول اليمن في الملحمة الخليجية. وتعوّدت دول الخليج في شؤونها الخارجية أن تنتهج منهج عدم التدخل في شؤون الغير مقابل أن يعاملنا الآخرون بالمثل. لكن نرى أن مثل هذه الضغوط تتعارض مع المنهجية الخليجية التي من الممكن أن تؤدي في حالة قبول الضغوط أو رفضها إلى إعاقة المصالح الخليجية المشتركة.

ولم يقبل الاتحاد الأوروبي أي ضغوط خارجية بشأن الملف التركي للانضمام إلى أوروبا، ولم تقم الولايات المتحدة باستخدام طاقاتها الدبلوماسية للضغط على أوروبا في هذا الملف، وتم رفض الملف التركي من قبل أوروبا لأسباب تختلف تباعاً مع كل ما تدعو إليه الديمقراطية الأوروبية. لكن بالمقابل، في ملف اليمن، نجد أن أوروبا تسعى جاهدة، مع واشنطن، للضغط دبلوماسياً على دول الخليج في مسألة الملف اليمني.

لا يمكن أن نجزم بالرد الخليجي تجاه هذه الضغوط. لكن، وبكل تأكيد، تؤثر هذه الضغوط في العلاقات بين الطرفين. فالخليج يعتمد في مسألة الأمن على قوى خارجية، قد يضطر الخليج للقبول باليمن رغبة من الدول المؤسِّسة في عدم الخدش بمصالحها الوطنية بمكعب الأمن مع الدول العظمى، مما يعني فقدان الأهمية التي توليها كل دولة في الوقت الراهن لدى المجلس، فتصبح هذه المنظومة بناية خاوية ليس لها أي قوة في تطبيق قراراتها.

أخيراً لا يزال اليمن )دولة قليلة التطور( بحسب اللفظ المستخدم لمنظمة التجارة العالمية، التي لم ينظم إليها اليمن بعد. وتعترض هذه الدولة عقبات كثيرة حتى يتمكن من تقويم اقتصاده الوطني، ونشير هنا إلى أن عدد سكان اليمن يصل إلى 20 مليون نسمة، ربعهم يعيش تحت مستوى الفقر وربع آخر يعاني من البطالة. ويصل الناتج الإجمالي لهذا البلد إلى 26.5 مليار دولار لعام 2008، هذا يجعل نصيب الفرد من الناتج المحلي 1160 دولاراً سنوياً (انظر الشكل 1). وإذا قارنا هذه الأرقام بأرقام دول الخليج، فإننا سنجد فرقاً شاسعاً، يجعلنا نفكر في مسألة انضمام اليمن بشكل أمني واقتصادي في الوقت نفسه. أضف إلى هذه التسلسلات التركيبة الطبقية الاجتماعية في اليمن التي تختلف جداً مقارنة بجيرانها الخليجيين.

لا أود أن أعرقل مشروع الانضمام اليمني إلى الملحمة الخليجية. لكن، ما أود تسطيره هنا، هو أن الوقت ليس مناسباً لمثل هذا الانضمام لأسباب أمنية وسياسية واقتصادية. وأقترح، من هذا المنبر أن يقوم المجلس بوضع شروط اقتصادية وأمنية يجب على اليمن أن يحاول تحقيقها، حتى يحق له الانضمام إلى الملحمة الخليجية ومن دون أي معوقات. فإذا كانت الرغبة اليمنية صادقة في الانضمام مع تحمل مسألة الأمن، فسنرى تحسناً في الاقتصاد الوطني وفي المسائل الأمنية، غير أن التعجيل في مسألة القبول قد يضعف قوة المجلس.

 الشكل1: نصيب المواطن في دول الخليج العربية واليمن من الناتج الإجمالي المحلي لكل دولة على حدة (بالدولار الأمريكي).

المصدر: البنك الدولي

مقالات لنفس الكاتب