array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

الطاقة النووية في منطقة الخليج العربي بديل حتمي

الأربعاء، 01 أيلول/سبتمبر 2010

تعد منطقة الخليج العربي واحداً من أهم مصادر الطاقة الحيوية في العالم خلال القرن العشرين، وستبقى كذلك في القرن الحادي والعشرين، وتحسباً لما تقوله النظريات العلمية بشأن نضوب النفط مستقبلاً، وترجمةً لطموحات باتت تفرضها ضرورات العصر تعد خطوة دولة الإمارات العربية المتحدة لتوظيف الطاقة النووية السلمية في المجالات الحياتية المختلفة خطوة استراتيجية لها حساباتها المستقبلية لدولة أصبحت لها منطلقاتها وطموحاتها العالمية سواء في مجال دخولها السوق كمركز تجاري دولي أخذ يتعامل بثقة مع فلسفة التجارة العالمية أو كونها باتت تضم - حسب تصورات ورؤى قادتها- طموحات مشروعة في عالم دخل عصر ما بعد الحداثة.

 إن مشروع الطاقة النووية السلمية المزمع إقامته في الإمارات سيكون في غضون خمسة عشر عاماً قادراً على تلبية حاجات المجتمع الإماراتي في المجالات المختلفة وقادراً في الوقت نفسه على تلبية حاجات الأجيال القادمة بكيفية تنسجم مع حركة التطور المتوقع مستقبلياً، وهي بهذا المعنى تصبح قادرة على تجاوز عتبة (تقليدية الدولة) ونظمها الاجتماعية والثقافية بكيفية حضارية تفرضها بنود حركة التطور، كما أن هذا الوعي لا يخرج عن إجماع خليجي-عربي يدعو إلى تبني مشروع نووي سلمي بديل عن الطاقة النفطية في المستقبل المنظور وفي آفاقه البعيدة، وخلاف حساب مستقبل ذلك لا ينتج عنه سوى التقهقر قروناً إلى الخلف.

 اولاً: العالم واستخدام تقنيات الطاقة البديلة

إن العالم يتجه نحو البناءات الاقتصادية والحضارية التي تؤشر إلى أهمية منطق الإنجاز والابتكار الذي هو بحد ذاته إنقاذ آخر للمستقبل والذي يقع تأثيره في كثير من الأحيان في مرمى أفكار ورؤى تقليدية عصية على التغيير والتطور بسبب اعتمادها على مصدر أحادي للطاقة من جهة وباعتبارها مكبلة ببنى تقليدية تراثية غير قادرة على تجاوزها بالوسائل التي أتاحتها تلك الطاقة، سواء في صورتها الاستهلاكية وقدرتها الربحية الهائلة في ضمن تكنولوجيا صناعتها خلال عقود من الزمن، أو في مجال تأثيرها في البنى التقليدية بشقيها المادي والمعنوي لنقلها إلى بنى حديثة التنظيم والعمران، الأمر الذي يجعل الاستفادة من طاقة حيوية بديلة بمثابة مسؤولية تاريخية تقع على عاتق القائمين على دول الخليج العربية في زمن تتسارع فيه التطورات والتغيرات على الصعد كافة. وبهذا فإن منطقة الخليج العربي بدأت تدرك وتفهم بشكل جيد أهمية البحث عن بدائل للطاقة المتاحة لها الآن، وإذا كانت هناك ثمة عقبات تعترض طموح الدول التقليدية بتبني طاقة نووية سلمية، فإن ذلك لا يزال يمثل هاجس خوف العالم المتقدم من أن تتحول تلك الطاقة إلى أسلحة مدمرة تهدد مصالحها الاستراتيجية في مناطق مختلفة من العالم، ولا سيما مع تنامي الأيديولوجيات المتصارعة مع الغرب. وإذا كان هذا الخوف يبدو مشروعاً من حيث المبدأ، فإن الغرب المالك ناصية العلم له حساباته الأخرى منها العمل على إبقاء المجتمعات التقليدية على خط التأخر وعدم السماح لها بتبني أساليب الطاقة الحيوية لكي تأخذ دورها في التاريخ الإنساني، وإذا كان ذلك أيضاً يرتبط بماهية فلسفة سياستها المتخوفة تلك، فإنها على الجانب آخر تنظر إلى نفسها على أنها صاحبة الكلمة العليا في الحضارة والديمقراطية والتكنولوجيا وحقوق الإنسان. ومع تنامي مشكلات من هذا النوع، فإن الغرب يخصص مليارات الدولارات لتغيير القناعات في المجتمعات التقليدية لتجعلها تنهج نهجاً يتفق مع نهج فلسفتها إلا أن ذلك أيضاً ألحق أضراراً كبيرة بأحقية الإنسان في الاستفادة من تلك الطاقة في الوقت الذي تجاوز الغرب مرحلة الحداثة ليدخل مرحلة ما بعد الحداثة والثورة المعلوماتية وما تنطوي عليه تلك الثورة من حقائق واقعية باتت تؤثر في البناءات الثقافية لتلك المجتمعات المتقدمة أولاً، وتدق على مسامع المجتمعات التقليدية ثانياً محدثة تفككاً وخلخلة في نظمها الاجتماعية وتداعياً في قناعات شبابها. ولذلك لا بد من تقييم وتقدير توجه منطقة الخليج العربي إلى استخدام تقنيات الطاقة البديلة في عالم يتجه بلا شك نحو التغير الثقافي الهائل سواء في القرن الحالي أو في المقبل.

 ثانياً: الطاقة النووية السلمية بديل حتمي

لا شك في أن الطاقة النووية السلمية كطاقة بديلة عن النفط في المستقبل لا بد أن تدخل في حسابات الساسة الخليجيين ليس في بحر هذا القرن، إنما تبقى فاعلة لقرون مقبلة بعدّها ضرورة حتمية لمستقبل قادم لا يقبل التعامل بسهولة خارج إطار هذا المجال، ولذلك لا بد من تبني مشروع الطاقة النووية البديلة القادرة على نقل المجتمعات من واقعها التقليدي إلى واقع جديد قد نلمس محصلته بعد خمسين عاماً أو قرن أو أكثر ليظهر بناء النموذج الثقافي المنبثق من بيئته الاجتماعية المحلية ليتفاعل مع حقائق الحضارة العالمية بثقة، وهو سائر باتجاه دولة القانون والمؤسسات على أساس الشعور العميق بمسؤولية وحدتها الثقافية وإيمانها برموز هويتها التاريخية وفكر وحكمة قادتها وهي تتبنى فلسفتها ضمن سياق دستوري وقانوني يعتمد في أصله على ثقافة شعوب المنطقة أولاً وعلى قدرة تلك الثقافة على التغير والتطور ضمن نتائج استخدام تقنيات الطاقة الحديثة وبآليات تجعلها متناغمة ومنسجمة مع حركة التطور التقني والحضاري في العالم ثانياً. وهذا هو الأصل في مدلول استخدام تقنيات الطاقة البديلة في منطقة الخليج العربي، فالطاقة النووية النظيفة سوف تصون البيئة وتخلق مدناً نظيفة.

 وبالتأكيد فإن عملية الفهم تلك لا تخرج عن كون استخدام تلك التقنيات كطاقة بديلة عن النفط، هي عملية ثقافية (تلبي حاجات مجتمعية وحضارية) قبل أن تكون سياسية (أي بعيداً عما يتصوره الغرب في مثل هذه الأحوال بمعطياتها الراهنة) إلا أنها على مستوى المستقبل الحضاري لمنطقة الخليج العربي (باعتبارها نقلة نحو التصنيع) لا يمكن إلا أن تكون عملية متكاملة في فصولها السياسية والاقتصادية والثقافية والتكنولوجية بما يحقق فرص التعايش السلمي وفق نواميس الاحترام والمصالح المتبادلة بين الشعوب.

 ثالثاً: الطاقة البديلة وآفاقها المستقبلية

لا يقف توجه منطقة الخليج العربي إلى استخدام تقنية الطاقة البديلة عند تحسب نضوب النفط فقط، إنما يمتد أيضاً إلى آفاق استخداماتها المستقبلية بعيدة المدى وما يمكن أن تحدثه من تحول حضاري، الأمر الذي يجعل المنطقة على مصاف مستوى التقدم المتوقع لمجتمعات عالم الغد باعتبارها خياراً استراتيجياً وواقعياً لا بد من الأخذ به، وإذا كانت الصراعات على النطاقين الإقليمي والدولي لها تداعياتها وتأثيراتها على منطقة الخليج العربي فإن مسألة الخروج من تلك التداعيات على نطاق المستقبل لا تكون إلا بتبني الأسلوب العلمي في الوصول إلى طاقة بديلة تقود المنطقة بأكملها إلى عصر جديد تتفاعل خلاله شعوب المنطقة بطريقة مشتركة قائمة على أساس التنافس العلمي والتطور الثقافي الذي يتيح فرص التقدم أمام الإنسان، ويجعله يتفاعل بإيجابية عالية مع الذات والآخر بعيداً عن الأطر الأيديولوجية المتطرفة التي تعمل على إلغاء أو تهميش الآخر، وهذا يستلزم إنجاز وحدة مجتمعات الخليج العربي بآليات تكون منسجمة مع تطور التقدم الحاصل في العالم. فالتطور والاقتصاد قد أثبتا فاعليتهما في التجربة الأوروبية الحديثة بعدما كانت أوروبا منقسمة قومياً وأيديولوجياً أضحت اليوم متحدة اقتصادياً وهي تتجه نحو تبني مفاهيم جديدة تصب في مصلحة إشباع حاجات الإنسان في أولاً وأخيراً، وتضمن له فرصاً متكافئة في الحياة وكذلك الحال في مجتمع الخليج العربي الذي سيأخذ مديات أكثر فاعلية في المستقبل وهو في طريقه إلى تبني طاقة نووية بديلة، لتمد أذرع التعايش والتعاون والتنافس مستقبلاً إلى إطاره الإقليمي ولا سيما أن بينه وشعوب ذلك الإطار وشائج ثقافية واجتماعية وتاريخاً مشتركاً، فما بالك في الحال على صعيد مجتمعات دول الخليج العربية نفسها، فإن الأمر في بدايته ونهايته يأخذ طابع التوحد والانسجام. لذا فالطاقة البديلة تعني أول ما تعني ضمان مستقبل منطقة الخليج العربي، وتضع أمامها خيارات السلام والتعايش السلمي بعد أن تكون قد رسخت أبنيتها الثقافية المتفاعلة مع حركة التطور العالمي.

مجلة آراء حول الخليج