array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

الأمن البيئي في دول مجلس التعاون في ضوء مشروعات الطاقة النووية

الأربعاء، 01 أيلول/سبتمبر 2010

يمثل العاشر من ديسمبر عام 2006، اليوم الفاصل في دخول دول مجلس التعاون الخليجي النادي النووي وسعيها إلى توظيف التقنية النووية للاستخدامات السلمية، حيث جاء الإعلان الخليجي عن البرنامج النووي المشترك بين دول المجلس الست، وهي: السعودية، الكويت، الإمارات، البحرين، عمان، وقطر، في القمة التي عقدها قادة تلك الدول في الرياض، وسط عدم تغيّب أي من قادة تلك الدول، ليعطي مؤشرات إلى جدية الرغبة الخليجية في تحقيق مفهوم الأمن النووي على أرض الواقع.

شرعت أكثر من دولة خليجية بوضع اللبنات الأولى لبرامج نووية للاستخدامات السلمية، فمثلاً شرعت الكويت بوضع اللبنة الأولى لبرنامجها النووي في عام 2009، حيث صدر المرسوم الأميري رقم 2009 بإنشاء اللجنة الوطنية لاستخدامات الطاقة النووية للأغراض السلمية، والتي تختص بوضع السياسات العامة التي يتطلبها البرنامج النووي السلمي وإعداد كافة متطلبات البرنامج النووي السلمي من النواحي الفنية والأمنية والقانونية والاقتصادية وأنظمة السلامة العامة.

 أما البرنامج النووي السعودي، فقد قررت المملكة العربية السعودية دخول النادي النووي بكل ما لديها من إمكانات في هذا الخصوص. وفي ما يتعلق بالبرنامج النووي القطري، فقد أعلنت قطر في 27 فبراير 2010، عن اعتزامها إنشاء أول محطة نووية للأغراض السلمية. والبرنامج النووي الإماراتي على وجه الخصوص وحتى عام 2010، بلغت درجة التقنيات النووية فيه مستوى متقدماً، وفي خطوة من الحكومة الإماراتية على طريق تحقيق الأمن النووي تم إصدار قانون الاستعمالات السلمية للطاقة النووية بمقتضى المرسوم الصادر بقانون اتحادي رقم 6 لسنة 2009.

 وقبل الإشارة إلى مستقبل الأمن البيئي في دول مجلس التعاون الخليجي في ضوء مشروعات الطاقة النووية المستقبلية يجب الإشارة أولاً الى مفهوم الأمن البيئي والسياسات البيئية في دول مجلس التعاون الخليجي.

 مفهوم الأمن البيئي

يعد الأمنالبيئيمفهوماًجديداً، حيث استحدث في فترة التسعينات من القرن المنصرم من قبل دول الشمالالمتقدم مثل الولايات المتحدة والدول الاسكندنافية ولقد تعددت التعريفات بشأن الأمن البيئي وهي:

 * الأمنالبيئيصمام أمانالأمنالعام في تلافي المخاطر البيئية الناجمة عن الكوارث الطبيعية أو البشريةبسبب العمليات والجهل والحوادث وسوء الإدارة والأخطاء الناتجة عن تصميموتنفيذ المشروعات التي تنشأ داخل الدولة أو عبر الحدود الوطنية.

* الأمنالبيئيوسيلة مهمة وحاكمة في مسألة حقوق البيئة المستدامة، التي تشمل استعادةالبيئة المتضررة من جراء العمليات العسكرية والتخفيف من ندرة المواردوالتدهورالبيئيوالتهديدات البيولوجية التي يمكن أن تؤدي إلى الاضطراب الاجتماعي والصراعات الإقليمية.

 *الأمنالبيئيدليل لأساليب إدارة الموارد الطبيعية وتدوير المنتجات والنفايات بطرق تعزز الاستقرار الاجتماعي.

 * الأمنالبيئيوثيقة ملزمة للحفاظ على عناصر المحيط الحيوي من التلوث وتأمين احتياجاتالمجتمع لتمكينه من تنفيذ خطط التنمية البشرية، مع مراعاة كفاية المخزونالطبيعي بمختلف أشكاله لدوام واستمرار عملية التنمية.

 * الأمنالبيئيفنار ودليل للتحرر من حالة عدم الاستقرار الاجتماعي بسبب التدهورالبيئي.

 وحاولت المنظمات الدولية وضع تعريف محدد لمفهومالأمنالبيئي، فقدعرفبأنهمتعلق بالأمان العام للناس من الأخطار الناتجة عن عمليات طبيعية أو عملياتيقوم بها الإنسان نتيجة لإهمال أو حوادث أو سوء إدارة، غير أن الملاحظ علىهذا التعريف أنه يهمل حماية البيئة في ما يتعلق بالأجيال القادمة ومستقبلالبشرية، وهو يوضح أن أي متغير يؤثر في السلامة العامة سوف يكون عنصر أمنبيئي، فهو مهتم بأمن البيئة من ناحية الناس وليس بأمن البيئة للبيئة نفسها، وقد أدى قصور هذا التعريف إلى ظهور تعاريف أخرى، منها ما يلي:

 * الأمنالبيئي، هو إعادة تأهيلالبيئة التي تدمر في الحرب ومعالجة المخاطر البيولوجية التي يمكن أن تقودإلى تدهور اجتماعي.

 * الأمنالبيئي،هو تدوير الموارد الطبيعية إلى منتجات ثم فضلات ثم إلى مواردطبيعية.

 * الأمنالبيئي، هو المحافظة على المحيط الفيزيائيللمجتمع وتلبية احتياجاته من دون التأثير في المخزون الطبيعي.

 كما عرف الأمن البيئي أيضاً بأنه ذلك المفهوم الذي يرتبط بحماية الأفراد من المخاطر البيئية التي قد تنجم عن سلوك بشري أو ظروف طبيعية. وفي الحالة الأولى قد يكون سوء الإدارة أو وقوع كوارث أو تراجع الوعي بضرورة حماية البيئة، وعادة ما يأخذ ذلك المفهوم في تطبيقه أبعاداً تتخطى الحدود الوطنية. وفيما يلي أهم الخطوات الواجب اتخاذها لتحقيق الأمن البيئي:

1- الحفاظ على العمليات البيئية والأنظمة الحيوية الأساسية التي تتوقف عليها عملية التنمية ومن أمثلتها نظافة الهواء، نظافة الماء، المحافظة على الأحياء النباتية والحيوانية ذات الأهمية الخاصة (الأعشاب البحرية - الشعب المرجانية - المستنقعات - الغابات).

2- المحافظة على الغطاء الأخضر وتنميته وخصوصاً في الأراضي الصحراوية مع التوسع في التشجير.

3- المحافظة على التنوع الحيوي من خلال بنوك الموروثات والمحميات الطبيعية وحدائق النباتات.

4- المحافظة على المراعي وتنميتها والحد من الرعي الجائر والتحطيب.

5- تنظيم الاتجار في الحياة البرية وسن التشريعات التي تنظم عمليات الصيد وكمياته والأوقات المسموح بالصيد فيها والأدوات التي تستخدم في الصيد.

6- تجنب إغراق النفايات في المسطحات المائية أو إلقائها في العراء، وخصوصاً النفايات النووية والتنفيذ الجاد لمعاهدة حظر التجارب النووية حماية للبيئة البحرية من التلوث.

7- ترشيد استخدام الطاقة الأحفورية (البترول- الفحم – الغاز الطبيعي) وتطوير مصادر الطاقة البديلة مثل الطاقة النووية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية وطاقة الكتلة الحيوية.

 وإجمالاً فإن دول مجلس التعاون الخليجي لم تستطع حتى الآن تحقيق مفهوم الأمن البيئي على المستوى الأمثل وإن كانت نجحت بشكل جزئي في تحقيق هذا المفهوم سالف الذكر كما سيتضح في السطور التالية.

 السياسات البيئية في دول مجلس التعاون الخليجي

لقد أولت دول مجلس التعاون الخليجي اهتماماً كبيراً بقضية المحافظة على البيئة الخليجية على وجه العموم وللبيئات الخليجية القطرية على وجه الخصوص، وقد جاء اهتمام دول المجلس بهذا المجال من منطلق إيجاد بيئة مثالية في وقت تعاني منه دول العالم من مشكلات بيئية متفاقمة، وبحكم كونها حقلاً خصباً لإمكانية انتشار المشكلات البيئية على اعتبار أنها دول نفطية ومن أكبر المناطق إنتاجاً وتصديراً للنفط. وقد تعرضت – بالفعل - منطقة الخليج العربي منذ الثمانينات إلى كم هائل من التلوث البيئي نتيجة لوجود النفط سواء كان ذلك بسبب التسربات التي تأتي من آبار النفط أو بسبب الآثار التي تخلفها الناقلات أو السفن التي تجوب مياه المنطقة، بالإضافة إلى الأضرار البيئية التي نتجت عن العمليات العسكرية أثناء الحرب العراقية-الإيرانية لمدة ثماني سنوات ثم حرب الخليج الثانية عام 1991.

ومن ناحية أخرى زاد الاهتمام بالنواحي البيئية بحكم التطور الصناعي الكيميائي والصناعات المعدنية الأساسية، التي تعد من أكثر الصناعات قدرة على تلويث البيئة، وظهور مشكلة تكدس النفايات الصناعية الغازية والسائلة والصلبة لدى الشركات الكبرى والصغرى وطرق التخلص منها، ومشكلة مخلفات مياه الصرف الصناعي التي تهدد البيئة البحرية ومشكلة الغازات والأدخنة الضارة بالبيئة الناتجة عن بعض الصناعات.

 وإدراكاً من دول المجلس لهذه المشكلات البيئية وآثارها السلبية الاقتصادية والاجتماعية في دول المنطقة قامت باتخاذ العديد من الإجراءات بشأن حماية البيئة مثل الدخول في الاتفاقيات الدولية لحماية البيئة، واستحداث العديد من التشريعات البيئية في قوانينها المحلية ووضع مقاييس ومعايير حماية البيئة ومكافحة التلوث وإنشاء وزارات وأجهزة لحماية البيئة.

 * السياسة البيئية للحكومات الخليجية

عملت دول المجلس على التخلي عن سياسة تجاهل الملوثات، وانضمت إلى العديد من الاتفاقيات الدولية ووضعت مجموعة من التشريعات والنظم واللوائح والقرارات للمحافظة على البيئة.

 1- الاتفاقيات الدولية وأثرها في السياسة البيئية الخليجية

لقد صدّقت دول مجلس التعاون الخليجي على بعض الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالبيئة، ومن أهم هذه الاتفاقيات:

* اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982م، والتي دخلت حيز التنفيذ في نوفمبر عام 1994م.

* الاتفاقية الدولية لمنع التلوث من السفن المعدلة (ماربول) 73/ 1978م، والتي تعد من الاتفاقيات المهمة في مجال المحافظة على البيئة البحرية.

* اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون لعام 1986م.

* اتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود لعام 1989م.

* الاتفاقية الدولية لتغير المناخ لعام 1992م.

 ومن أهم الاتفاقيات أيضاً التي انضمت إليها دول مجلس التعاون الخليجي بروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفذة لطبقة الأوزون، تعديل لندن 1990 وكوبنهاغن 1992 على بروتوكول مونتريال.

 وما تجدر الإشارة إليه أن اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون تنص على ضرورة الرقابة على بعض المواد، التي تؤثر في طبقة الأوزون – سواء كانت قائمة بذاتها أو موجودة في مخلوط، حيث إن لهذه المواد القدرة على تعديل الخواص الكيماوية أو الفيزيائية لطبقة الأوزون ومن هذه المواد: المواد الكربونية، المواد النيتروجينية، المواد الكلورية، المواد البرومية. ثم جاء في بروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفذة لطبقة الأوزون ضرورة قيام كل طرف بتحديد إنتاجه واستهلاكه من هذه المواد وفقاً لجدول زمني محدد تم الاتفاق عليه مع إعطاء الدول النامية – التي يقل مستوى استهلاكها من المواد الخاضعة للرقابة عن 0.3 كيلو غرام للفرد سنوياً – الحق في تأخير تطبيق هذه التدابير لمدة عشر سنوات بعد التاريخ المحدد.

 ومن أهم المنتجات الصناعية التي تشتمل على هذه المواد بعض أنواع (الأيروسولات)، وغاز (الفريون)، والتي لابد بالتالي أن تخضع لتنفيذ الاتفاقية ويتم التحكم في كمية الإنتاج والاستهلاك المقررة لها.

 * اتفاقية جنيف المتعلقة بتلوث الهواء البعيد المدى عبر الحدود.

* اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.

* اتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود.

* اتفاقية الكويت الإقليمية للتعاون في حماية البيئة البحرية من التلوث 1978.

 2- التشريعات المحلية

تمشياً مع الاتجاهات الإقليمية والدولية في المحافظة على البيئة وحمايتها من الآثار السلبية لعمليات التنمية الاقتصادية قامت الحكومات المعنية بهذه الدول منذ السبعينات وحتى الآن بإصدار تشريعات بيئية وإنشاء مجالس أو لجان أو هيئات أو وزارة متخصصة بشؤون البيئة مخولة بموجب قانون أو مرسوم بإعداد ووضع السياسات البيئية مع إعطائها الحق في متابعة وتنفيذ هذه السياسات البيئية والتنسيق مع الجهات الحكومية والأهلية التي يدخل ضمن اختصاصها بعض النشاطات البيئية، وحددت التشريعات والقوانين أو المراسيم الملكية والسلطانية والأميرية التنظيم القانوني والبناء الهيكلي للإدارة البيئية والمهام والاختصاصات الموكلة إليها في المحافظة على البيئة في هذه الدول.

 مستقبل الأمن البيئي في دول المجلس في ضوء مشروعات الطاقة

في البداية يجب الإشارة إلى أن السلامة النووية وحماية البيئة والإنسان من خطر تسرب المواد المشعة من مفاعلات إنتاج الطاقة النووية أصبحت مثار جدل. وهناك شواهد تاريخية على ذلك، كما حصل خلال عدد من الحوادث النووية المعروفة، كحادث ثري مايل آيلاند في 28 مارس عام 1978 في الولايات المتحدة، وحادث تشرنوبيل في أوكرانيا في 26 إبريل عام 1986 وغيرهما. وهنا يجب الإشارة إلى أن أهم المشكلات المترتبة على توليد الطاقة نووياً هي مسألة النفايات النووية، وكيفية التخلص منها.

 ومن جانب آخر فمن الملاحظ أن معظم التشريعات في دول مجلس التعاون الخليجي نصت على إنشاء جهاز في شكل لجنة أو مجلس متخصص في شؤون البيئة، أو وزارة. ورغم ذلك فهناك قصور – إلى حد ما - في عملية رصد ومراقبة الملوثات، ونقص في أجهزة مكافحة التلوث، في ظل عدم إلزام الصناعات بالتقيد بالاعتبارات البيئية، وعدم وجود تشجيع كاف للإنتاج النظيف، وهذا قد يعطي مؤشراً إلى حد كبير بأن التلوث الناتج عن الطاقة النووية قد يكون غير مؤمن بالشكل الملائم حتى الآن. أي أن هناك قصوراً فيما يعرف بالأمن البيئي. لذا يتعين على الدول الخليجية للدخول في مجال الطاقة النووية أن تراعي أعلى درجات الحيطة والحذر، والتأكد من إجراءات الأمان والسلامة الفنية، لأن حدوث أي خطأ في هذا المجال قد يترتب عليه حدوث تسرب إشعاعي، ومن ثم كوارث بيئية وصحية خطيرة ليس في الدولة التي تنتج التقنية النووية فقط، بل في كافة دول المنطقة المحيطة بها ومن ثم تهديد الأمن البيئي في دول مجلس التعاون الخليجي.

مجلة آراء حول الخليج