array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

آراء وطنية في العولمة

الأحد، 01 آب/أغسطس 2010

المؤلفون: بول باولز، هنري فلتماير، سكارليت كورنليسن، نويلا إنفرنيزي، كونغ-ليونغ تانغ

عرض: نيرانجان ساهو

الناشر: ماكميلان بالغريف - 2007

 يضم كتاب (آراء وطنية في العولمة)، وهو حلقة من (سلسلة الاقتصاد السياسي العالمي)، مجموعةً من 12 مقالاً عن 11 دولة مهمة. على الرغم من أن انتقاء الدول يبدو عشوائياً، إلا أن الكتاب حاول منح تمثيل عادل لكل قارة. العدد الأكبر من الدول هي من الجنوب، لكن هناك ثلاث دول مهمة من الشمال، ودولة يمر اقتصادها في مرحلة انتقالية، وفصل عن سكان أصليين، حتى يمكن إجراء مقارنات بين دول تحتل مواقع مشابهة ضمن الاقتصاد السياسي العالمي. وباستثناء الصين، واليابان، وروسيا، والمملكة المتحدة، تنتقد المقالات في هذا الكتاب بشدّة الممارسات الحالية للعولمة.

ويُعدّ الكتاب بعيداً عن التحليل التقليدي للعولمة من وجهات نظر عالمية، وإقليمية، و(عبر-دولية) تتخطّى الحدود القومية، و(عبر-مناطقية)، ويعبّر عن وجهات نظر مأخوذة من بلد بعينه. ويجمع الكتاب كوكبة متنوعة من المؤلفين، ويكوّن مجالاً واسعاً لمجموعة من المقاربات ووجهات النظر. إحدى الخصائص المشتركة بين المساهمين، كما يدّعي محرروا الكتاب، هي أنهم يحاولون أن يفهموا على نحو نقدي العولمة لمقاومة تأثيراتها السلبية، رغم أن معظم المساهمين لم يلتزموا بهذا الهدف.

في الفصل 12، كان ليدا بولاني وفرانشيسكو دي أوليفيرا قد حللا تجربة البرازيل في العولمة من بعدها الاقتصادي. كان المؤلفان قد وثّقا مظاهر رئيسة للعولمة المالية دعواها (علمنة) Worldization. ووفقاً لهما، فإن العلمنة تنتشر بسرعة كبيرة في البرازيل منذ السبعينات، وقد ظهرت بأساليب مختلفة في وجه أزمة الديون والخصخصة. ويذهب المؤلفان إلى القول إن (البرازيل أُعيدت هيكلتها لمصلحة رأس المال، وتشغل الآن دوراً مرموقاً كمركز مالي في عملية تراكم رأس المال العالمية). وهما يريان أن العولمة في البرازيل انزلقت إلى ممارسات بربرية ومخالفة القانون. وكانت آراء مشابهة قد صدرت عن جيمس م. سيفر وراؤول ديلغادو في تحليلهما العولمة في المكسيك، وهي بلد أمريكي لاتيني آخر يمتلك عدداً من الخصائص المشتركة مع البرازيل. وحللا أيضاً العولمة في المكسيك من بعدها الاقتصادي مع تركيز خاص على عملية التكامل ونسخة المكسيك من نظام الإنتاج المتكامل عالمياً. وتابع المؤلفان دخول المكسيك في العولمة حتى أزمة الديون الشهيرة في (1982-1993) وما نجم عنها من تصدير عمالةٍ رخيصةٍ إلى الولايات المتحدة. ويدّعي المؤلفان أن هذا النوع من التكامل في نظام الإنتاج العالمي أدّى إلى تكامل غير متناسق أفاد الولايات المتحدة كثيراً على حساب المكسيك. وفي نظرهما، فإن النموذج الحالي غير قابل للاستمرار لعدّة أسباب، منها فشله في حل مشكلة البطالة المتزايدة، والركود الاقتصادي، وانخفاض الأجور في المكسيك؛ الأمر الذي أفرز معارضة متزايدة للعولمة.

ويلخص الفصلان (4 و5)، عن الصين والهند على التوالي، تجربتي عولمة العملاقين الآسيويين البارزين على الصعيد الدولي، حيث يشرح يو كيبنغ العولمة في سياق النموذج الصيني للتنمية ضمن الرأسمالية العالمية. ويصف رحلة الصين في الرأسمالية العالمية والنمو الاقتصادي السريع الذي حققته نتيجة ذلك، مما جعل الصين مثالاً سيئاً يثير مشاعر الحسد لدى مناصري العولمة الأوائل. وعلى الرغم من تقديم المؤلف تحليلاً ممتازاً لقصة نجاح العولمة في الصين، إلا أنه لم يسلط الضوء على النتائج السلبية: ازدياد التفاوت الاجتماعي، واحتجاجات القرويين، والهجرة الجماعية على سبيل المثال لا الحصر. وفي ذلك الصدد، تفشل المقالة في تحقيق الهدف الرئيس لهذا الكتاب، ألا وهو نقد العولمة. من ناحية أخرى، يعدّ التحليل بشأن الهند الذي قدّمته يوتسا باتنايك، وهي اقتصادية يسارية بارزة، نقداً قوياً لتجربة الهند في العولمة. ووفقاً لباتنايك، تتميز العولمة في الهند بنمو اقتصادي غير مسبوق منذ التسعينات، ويعزى ذلك على نطاق واسع إلى ازدهار قطاع الخدمات. وهي تغوص عميقاً لتكشف عن قضايا مثل الفقر، ومحنة القرويين بسبب أزمة الأراضي، والتوزيع غير العادل للدخل. وتقول المؤلفة إن مثل ذلك النمو، المستند إلى إصلاحات ليبرالية، لا يمكن أن يستمر. إن وجهة نظر باتنايك، بأي حال، متحيّزة لأنها تغض الطرف عن مظاهر عديدة، خاصة المناحي الإيجابية للعولمة.

ويختار الكتاب، رغم أنه يغض الطرف عن منطقة جنوب شرق آسيا التي تبنت العولمة قبل وقت طويل من الصين والهند، حالة إندونيسيا، على الأرجح، بهدف تقديم دراسة الحالة الأكثر تناقضاً عن العولمة. ففي إندونيسيا، التي حافظت على معدل نموٍ عالٍ بعد تبنّيها مجموعة من إصلاحات الليبرالية الجديدة، وفقاً لفيدي رناندي هاديز، لم تصل ثمار التنمية إلى قطاع واسع من فقراء المناطق الحضرية وأجزاء أخرى من السكان. ويقدّم هاديز صورة مشوّشة عن إندونيسيا، التي كانت قد شهدت نمواً اقتصادياً سريعاً وتحولاً بنيوياً نتيجة لإصلاحات السوق الحرّة، رغم أن شرائح كثيرة من السكان لم تستفد من النمو الاقتصادي السريع. وكان هذا التناقض بين النمو والتخلّف قد أوجد مساحة لظهور مقاومة من قبل المجتمع المدني للعولمة في إندونيسيا، الذي يؤيد اللامركزية كرد على الرأسمالية المتوحشة.

وهناك تحليل آخر مثير للاهتمام عن روسيا، وهي بلد اختارت التحول إلى الرأسمالية العالمية بعد اعتناق النظام الشيوعي مدة طويلة. توضّح آلا غلينشيكوفا الطريقة التي سارت بها روسيا على درب إصلاح الليبرالية الجديدة، التي أوجدت نوعاً من أزمة الهوية لهذه الإمبراطورية الشيوعية السابقة، على الرغم من تحقيقها نمواً سريعاً. لا تتحدث دراسة غلينشيكوفا عن روسيا، بأي حال، عن العملية الديمقراطية أو اندماجها في الاقتصاد العالمي.

الفصلان (7 و8) عن إفريقيا، وهي قارة مهملة تماماً في أدبيات العولمة. في نيجيريا، بخلاف مؤلفين آخرين ينظرون أساساً إلى العولمة من زاوية الاقتصاد، تكلم سيرل أوبي عن سياسات العولمة. ففي نظره، تدور سياسات العولمة في نيجيريا حول صراعٍ على السلطة للسيطرة على موارد النفط الغنية في دلتا النيجر وعواقبها الوخيمة على مناطق أخرى في نيجيريا. ويقدّم مزوكيسي كوبو وثيقة منصفة عن العولمة في جنوب إفريقيا، وهي اقتصاد كبير آخر في قارة إفريقيا. ويزعم كوبو أن تبنّي جنوب إفريقيا إصلاحات الليبرالية الجديدة قد حدث في بداية التسعينات، خاصة في مرحلة ما بعد انتهاء نظام التفرقة العنصرية، استجابة لضغوط داخلية وخارجية للاندماج في الاقتصاد العالمي. وعلى الرغم من أن مثل ذلك التحول إلى العولمة سرّع وتيرة النمو الاقتصادي، إلا أنه لم يعالج التفاوت الشديد القائم بين المجموعتين العرقيتين الرئيستين، والأهم أن المؤلف يشعر بأن ميزات العولمة في جنوب إفريقيا تواجه تحدّيات خطرة من عمالقة ناشئين مثل الهند والصين.

ويعرض الكتاب تجاربَ العولمة في الشمال، ويشير إلى المعضلات وأسباب القلق المتزايدة بين المواطنين العاديين بشأنها. ويقدّم روبرت ويد، في الفصل (11)، تحليلاً ممتازاً لتجربة بريطانيا مع العولمة من وجهات نظر نقدية-بنيوية واقتصادية سياسية، حيث تشهد بريطانيا، التي كانت في السابق أكثر الأمم عولمة على وجه الأرض، تراجعاً في هذا المجال، ويُعزى ذلك على نطاق واسع إلى سياساتها الرامية إلى دمجها في مجموعة إقليمية وهي الاتحاد الأوروبي.

وفي السنوات الأخيرة، كانت بريطانيا قد اندمجت في السوق الأوروبية أكثر من الاقتصاد العالمي؛ ولهذا السبب، يرتبط نجاحها الاقتصادي على نحو متزايد بقدرتها على المنافسة مع جيرانها. وإذا كان مقدّراً لها تحقيق نقلة نوعية اقتصادية، يجب على بريطانيا إجراء تغييرات ضرورية في مقاربتها الحالية. ويأتي تحليل أكثر دقة لتجربة عولمة منافستها الرئيسة، الولايات المتحدة، من ويليام تاب، الذي استعرض ببراعة وبأسلوب سرد جميل مشكلات القوة العظمى الوحيدة في العالم. ففي نظره، ترى قيادة الولايات المتحدة في العولمة فرصة ثمينة لنشر الحرية والأسواق الحرّة في مناطق بعيدة من العالم، وبالطبع، لإحكام السيطرة الأمريكية على العالم عبر تلك الممارسات. ويشعر الأمريكيون العاديون بقلق متزايد هذه الأيام من نهضة الصين، وفقدانهم وظائفَهم، وتراجع مستوى المعيشة والأجور، رغم أنهم يشاطرون قيادتهم الشعور بشأن العولمة. ويشعر ويليام تاب بأن الأمريكيين العاديين يؤمنون على نطاق واسع بمركزية العولمة القائمة على الرأسمالية الديمقراطية.

وكان هاروني بيفو قد عبّر عن أفكار تشبه ما طرحه ويد وتاب بشأن اليابان، وهي أحد أنصار العولمة، حيث ينظر بيفو إلى تجربة العولمة في اليابان، بأي حال، من وجهة نظر اجتماعية-ثقافية، ويقدّم اليابان كـ (معولم) ناشر للعولمة غير أوروبي، ويعيد اهتمام اليابانيين بالعولمة إلى القرن الرابع عشر، قبل وقت طويل من عصر الاستكشاف الأوروبي، إذ انخرطت اليابان في تبادل تجاري مكثّف مع الصين وجنوب شرق آسيا حتى القرن السادس عشر. ويقدّم بيفو حالة عاطفية جداً عن يابانية العولمة، ويستشهد بحالة عولمة المطبخ الياباني، أو طريقة استهلاك المنتجات، أو اكتساب قبول وثقة عالميين؛ ويدعو هذا (تهجين) أو (محلية) العولمة.

وكانت أكثر وجهات النظر إثارة للاهتمام عن العولمة قد جاءت من ماكير ستيوارت-هاراويرا في رؤيته إياها من وجهة نظر سكان أصليين، حيث كانت الشعوب الأصلية، التي تنحدر على نطاق واسع من سلالة بدائية يمكن التوثق من أصالتها، عرضة لتجارب متنوعة في نطاق العولمة. ويستشهد هاراويرا بصراع السكان الأصليين في أمريكا الشمالية، خاصة في كندا والمكسيك، وكل أمريكا اللاتينية تقريباً، وجنوب شرق آسيا، وإفريقيا ضد العولمة، التي أصبحت أكثر شبهاً بإمبريالية زمن سابق. ورغم أن العولمة قد هجّرت أعداداً كبيرة من هؤلاء الناس عن أوطانهم وعرّضت أسباب رزقهم ووجودهم للخطر، يجادل هاراويرا في أن العولمة أوجدت أيضاً فرصاً لحركات تمتد على أكثر من دولة وإقليم لتأمين حقوقها وحماية مصالحها من الحملات العنيفة لليبرالية الجديدة للاستيلاء على الموارد والأسواق. ويستشهد هاراويرا بحالة بوليفيا التي انتخبت أول رئيس من السكان الأصليين بعد 500 سنة من المقاومة.

في الختام، يحقق الكتاب هدف ابتكار صيغة جديدة للنظر إلى العولمة من وجهات نظر وطنية. وعلى الرغم من خروج مؤلفين عن السياق المفترض للكتاب، إلا أن الآراء الواردة فيه تدور حول العنوان الرئيس. ورغم أن بعض المؤلفين (مزوكيسي كوبو ويي كيبنغ) ذهبوا بعيداً في دفاعهم عن العولمة، إلا أن آخرين (يوتسا باتنايك، فيدي رناندي هاديز) انتقدوا العولمة على نحو مباشر. ومع نجاحه المحدود في تقديم بيانات تجريبية عن تأثيرات العولمة وتعدد ممارساتها، إلا أن الكتاب ينجح بإضافة عمل جديد إلى النقاش الدائر عن العولمة. وإضافة إلى تركيزه الصريح على انتقاد العولمة والتداخل العرَضي مع صيغة الكتاب الرئيسة، إلا أنه يفي بالغرض في ما يتعلق بتذكير واضعي السياسات ومناصري العملية بأن ليس كل ما يلمع ذهباً في ما يتعلق بالعولمة. يجب أن تكون أكثر شمولية وقبولاً لدى أولئك الذين لم يمسّهم تأثيرها أو كانوا من ضحاياها. 

مقالات لنفس الكاتب