array(1) { [0]=> object(stdClass)#13063 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

انعكاسات المواجهة العسكرية مع إيران على موارد الطاقة في دول الخليج

الإثنين، 01 أيلول/سبتمبر 2008

شهدت أسواق النفط العالمية حالة من القلق والترقب بسبب احتمال نشوب مواجهة عسكرية حول الملف النووي الإيراني، الأمر الذي ترك انعكاسات سلبية خطيرة على المشهد الجيو-سياسي في المنطقة وسط تنبؤات باستمرار تصاعد أسعار النفط التي يمكن أن تصل إلى مائتي دولار للبرميل.

ليس من اليسير، في ظل تضارب النتائج وتباين الأحداث التي أسفرت عنها تجارب الماضي، التنبؤ بآثار العمليات العسكرية على الأنشطة النفطية سواء من حيث الإنتاج أو النقل.

ويوضح الشكل رقم (1) الاضطرابات الرئيسية التي وقعت خلال النصف الأخير من القرن العشرين وأثرها في إنتاج النفط وأسعاره العالمية.

ففي حين تركت بعض الصراعات الدولية بصمات واضحة على إنتاج النفط، إلا أن البعض الآخر لم ينطوِ على التأثير نفسه. فعلى سبيل المثال، لم يتأثر إنتاج النفط عقب قيام القوات الجوية الإسرائيلية بقصف مفاعل (تموز) العراقي عام 1981، كما لم تسفر العمليات الإرهابية عن نتائج تذكر في هذا السياق. وعلى النقيض، نجد أن بعض الاضطرابات الداخلية والمحلية (مثل الثورة الإيرانية ومؤخراً الإضرابات والاعتصامات العمالية التي شهدتها شركة النفط الوطنية قي فنزويلا) حملت في طياتها آثاراً هائلة لا تقل أهمية وتأثيراً عن تلك التي تخلفها الصراعات الدولية والعالمية.

وقد تنطوي الصراعات الدولية في بعض الأحوال على عواقب وخيمة، وتترك انعكاسات سلبية على أسعار النفط وحجم الإنتاج. فمثلاً، لم تؤثر حرب يونيو التي نشبت عام 1967 في أسعار النفط وهذا على النقيض من حرب أكتوبر، حيث كانت لهذه الحرب انعكاسات هائلة على حجم الإنتاج وأسعار النفط. ولا يرجع السبب في ذلك إلى الآثار المباشرة للحرب ولكن جاء نتيجة الحظر الذي فرضته دول الخليج على تصدير النفط.

وبالمثل، انطوت الحرب العراقية – الإيرانية على انعكاسات خطيرة بالنسبة لحجم الإنتاج وأسعار النفط، وهي الآثار التي تم امتصاصها سريعاً ولا سيما في ما يتعلق بحجم الإنتاج. وأتى غزو العراق للكويت بويلاته على أسعار النفط وحجم الإنتاج، وأسهمت التكهنات والتوقعات في رفع أسعار النفط إلا أنه سرعان ما توارت هذه الآثار عقب شن العمليات العسكرية الرامية إلى تحرير الكويت.

وتشعبت النتائج والآثار الناجمة عن الحرب الإيرانية – العراقية، وامتد تأثيرها إلى حركة الملاحة في الخليج العربي (وهو ما اصطلح على تسميته بحرب الحاويات النفطية ما بين عامي 1984 و1987) غير أنها لم تؤثر في أسعار النفط أو الكميات التي تصل إلى الأسواق العالمية، هذا على الرغم من ارتفاع تكاليف النقل التي لا تعتبر عاملاً أساسياً في تكلفة النفط بالنسبة لقطاع التكرير والمصافي النفطية.

وباختصار يمكن القول إن النتائج المترتبة على توجيه ضربة عسكرية ضد إيران تتوقف إلى حد كبير على الظروف والأوضاع الراهنة. فإذا استهدفت هذه الضربات المنشآت النووية الإيرانية فقط، فلا يتوقع أن تتأثر الأنشطة والعمليات النفطية في هذه الحالة بصورة مباشرة، وربما تلجأ إيران إلى وقف صادراتها النفطية من أجل إيجاد حالة من التوتر والضغط في الأسواق العالمية، ولا يرجح أن يستمر هذا الأمر لفترة طويلة بسبب اعتماد الاقتصاد الإيراني على الصادرات النفطية بشكل كبير.

وقد تلجأ إيران إلى الانتقام من خلال شن هجمات على المنشآت النفطية في البلاد المجاورة مثل الكويت والسعودية والإمارات، وشهدت الحرب العراقية – الإيرانية أحداثاً مشابهة، حيث حاول كل طرف الهجوم على المنشآت النفطية التابعة للطرف الآخر، غير أن هذه المحاولات لم تحرز سوى نجاح محدود. وفي الماضي، لم تنجح المحاولات لإعاقة حركة الملاحة في الخليج العربي وذلك عبر إغلاق مضيق هرمز أو من خلال شن هجمات ضد الحاويات النفطية، ولا يتوقع أن تحقق سوى نجاح مؤقت في الوقت الراهن. ومن المتوقع في كلتا الحالتين أن تتدخل القوات الأمريكية والأوروبية بشكل مباشر كي تتولى مسؤولية الدفاع عن المنشآت والمرافق النفطية التابعة للدول الأخرى جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة الوطنية التابعة لهذه الدول.

ومن الأرجح أن تلجأ إيران إلى استغلال نفوذها على الساحة العراقية والأفغانية واللبنانية، وفي هذه الحالة ستتكبد الولايات المتحدة خسائر فادحة في حين لن يلحق بإيران سوى خسائر ضئيلة.

ويتمثل السيناريو الآخر في قيام الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بشن هجمات مشتركة لا تقتصر على المنشآت النووية الإيرانية، بل تستهدف أيضاً منشآت النفط والغاز الطبيعي في إيران، الأمر الذي سيؤدي إلى حرمان إيران من عائداتها النفطية. وفي هذه الحالة، يتعين على برنامج الطوارئ التابع لمنظمة الطاقة الدولية سد العجز المترتب على فقدان الإنتاج الإيراني وتوفير حوالي أربعة ملايين برميل كل يوم على مدار عام كامل (انظر الشكل رقم 2).

وقد يستغرق الحظر المفروض على الصادرات النفطية أو الهجوم على المنشآت النفطية الإيرانية أكثر من عام. وفي هذه الحالة، يجب على الأطراف المعنية الاستفادة من دروس الماضي ولا سيما ما حدث في العراق، حيث أثارت العقوبات الدولية طويلة الأمد أصداءً سلبية على الساحة الدولية ولم تنجح في تحقيق هدفها المنشود المتمثل في الإطاحة بنظام حكم الرئيس الراحل صدام حسين، وهو ما يفسر سبب اللجوء إلى فرض ما يسمى العقوبات الذكية على إيران من أجل إضعاف قدرتها على المناورة من دون التأثير سلباً في الصادرات النفطية لإيران.

والواقع أننا ركزنا حتى الآن على الآثار المادية المحتملة جراء تعرض إيران لهجمات عسكرية، إلا أن الأمر يختلف تماماً بالنسبة للمتعاملين في السوق ورؤيتهم وردود أفعالهم، التي يصعب التنبؤ بها تجاه الهجمات العسكرية المحتملة. وظلت إمكانية نشوب مواجهة عسكرية بسبب الملف النووي الإيراني تثير المخاوف لدى التجار والمستثمرين لفترة طويلة، بل كانت عاملاً رئيسياً وراء ارتفاع أسعار النفط مؤخراً، إذ كانت هناك احتمالات قوية بتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران في الأشهر الأخيرة من إدارة بوش ولا سيما في الفترة ما بين بدء الانتخابات الرئاسية في أمريكا وتولي الرئيس الجديد زمام الأمر.

وتعتمد ردود الفعل في السوق إلى حدٍ كبير على الوجه الجديد الذي سيصل إلى سُدّة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية وعلى المحصلة الأولية للهجمات، فمن المتوقع ألا تتأثر أسعار النفط على الإطلاق حال توجيه ضربات انتقائية للمنشآت النووية الإيرانية وأيضاً حال فوز المرشح الديمقراطي باراك أوباما في سباق الانتخابات الأمريكية، إذ يرى المستثمرون أن وصول رئيس أمريكي لا يفضل خيار الحرب إلى سُدّة الحكم يُعَدّ أكثر أهمية وتأثيراً من كيفية تعامل إيران مع الهجمات العسكرية التي قد تتعرض لها. كما سيختلف الأمر تماماً حال توجيه ضربات شاملة ضد مجموعة أكبر من المنشآت والمرافق الإيرانية أو في حال وصول مرشح الحزب الديمقراطي ماكين إلى الحكم.

كما ستختلف النتائج حسب الجهة التي ستتولى شن الهجمات على إيران سواء كانت الولايات المتحدة الأمريكية أو إسرائيل، إذ لم يتضح بعد إن كانت إسرائيل تمتلك قدرات عسكرية تمكنها من شن هجوم ضد إيران من دون الحصول على إذن بالطيران فوق الأجواء العراقية أو الأردنية أو السعودية. وفي هذه الحالة، لن يستغرق الأمر طويلاً حتى تظهر انعكاساته السياسية والدبلوماسية في المنطقة.

ويتمثل المعوق الرئيسي الذي يحول دون تنفيذ الخيار العسكري ضد إيران في أن الهجمات العسكرية قد لا تحقق نتائج فعالة، الأمر الذي سينطوي على تكاليف فادحة بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، حيث تمتلك إيران أدوات وأساليب قوية تمكنها من الانتقام والثأر. ويتوقع ألا يدخل قطاع النفط ضمن الحسابات العسكرية، فمن غير المرجح أن يلجأ أحد الطرفين إلى استخدام النفط كوسيلة أو هدف، ومن ثم فلن تتأثر الأنشطة النفطية بصورة عامة، على الرغم من احتمال تصاعد أسعار النفط إلى مائتي دولار.

مقالات لنفس الكاتب