array(1) { [0]=> object(stdClass)#14242 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 217

تحديات الأمن العربي بين عامين

الإثنين، 29 كانون1/ديسمبر 2025

شهد عام 2025م، أحداثًا مهمة في العديد من مناطق العالم لها تأثيرات مستقبلية سواء في عام 2026م، أو ما بعده، كونها أحداثًا ممتدة التأثير ، ففي مطلع العام المنصرم شكلت عودة الرئيس الأمريكي ترامب للبيت الأبيض نقطة تحول مهمة فيما يتعلق برؤيته للمصالح الأمريكية ووضعها على رأس أولويات إدارته ، بغض النظر عن مصالح الحلفاء والأصدقاء، وعودته لنظرية "العزلة الأمريكية" برفع شعار "أمريكا أولًا"، ما أعاد تعريف المصالح الأمريكية وفقًا لهذه الرؤية، وبالتالي تغير مواقف واشنطن من ملفات شائكة عديدة منها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بل دعوته للاستيلاء على القطاع وتهجير سكانه، وكذلك مواقفه تجاه الحرب الروسية ـ الأوكرانية، وتهديد جيرانه في كندا وأمريكا اللاتينية ملوحًا بضم كندا واعتباراها ولاية أمريكية، إضافة إلى إعلان رغبته الاستيلاء على جزيرة جرين لاند أكبر جزيرة في العالم وتقع في المحيط الأطلسي على مساحو 2.166 مليون كيلو متر مربع وتتبع مملكة الدنمارك.

كما شهد العام المنصرم المواجهة العسكرية المباشرة بين إسرائيل وإيران في 13 يونيو، واستمرت 12 يومًا استهدفت منشآت البرنامج النووي الإيراني، وفيما يتعلق بالمنافسة بين القوى الكبرى يمكن الإشارة إلى ما شهدته العلاقات الأمريكية ـ الصينية من مزيج من التنافس والتعاون خاصة فيما يتعلق بالخلاف حول الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأمريكية على التجارة مع العالم وأكثرها ارتفاعًا الرسوم على الصين. وعلى صعيد علاقات الولايات المتحدة الأمريكية بحلفائها في أوروبا، فقد بدا العام المنصرم من أكثر الأعوام صعوبة وغموضًا، بل عام الشكوك وعدم اليقين، ما أدى بأوروبا إلى تبني سياسة الاستقلال الاستراتيجي والقوة الذاتية خوفًا من انفراط عقد الناتو وتخلي واشنطن الدفاع عن القارة العجوز بعد أن لوح ترامب بذلك ودعا شركاء الناتو إلى زيادة حصتهم في الإنفاق العسكري على الحلف إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، كما أدى التقارب الأمريكي ـ الروسي على حساب أوكرانيا وتجاهل قلق بروكسل إلى زيادة المخاوف الأوروبية.

وإذا كان العالم يستقبل العام الجديد 2026م، بمزيد من القلق، فإن المنطقة العربية ليست بعيدة عن ذلك ؛حيث اختتم العام المنصرم باستمرار التصعيد في البؤر الساخنة كما هو الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتصعيد إسرائيل ضد إيران بالحديث عن إمكانية تجدد الحرب بين البلدين بسبب مزاعم إسرائيلية حول احتفاظ طهران ببرنامج صاروخي بالستي، إضافة إلى استمرار الوضع في السودان دون حسم، وأيضًا استمرار الانقسام في ليبيا والابتعاد عن تحقيق صيغة مقبولة للوفاق بعد تحطم طائرة رئيس أركان جيش حكومة طرابلس في ديسمبر الماضي بتركيا بعد أن تردد أنه كان يخطط لوحدة الجيش الليبي ، أي بما يؤدي إلى وحدة الدولة الليبية، وما زاد من خطورة الوضع في القرن الإفريقي وحوض البحر الأحمر  وخليج عدن هو محاولات انفصال الجنوب في اليمن، وأيضًا اعتراف إسرائيل بانفصال إقليم أرض الصومال ما يعني اختلاط الأوراق في القرن الإفريقي وسط تهديدات إثيوبية بضرورة وجود منفذ لها على البحر الأحمر حتى باستخدام القوة ، ما يهدد وحدة الأراضي الصومالية واستقلالها وسيادتها على كامل أراضيها، أو يهدد استقلال دولة إريتريا، وهنا يجب التأكيد على أن أمن القرن الإفريقي هو أمن قومي عربي حيث يعد البحر الأحمر ممرًا تجاريًا عالميًا وجزءًا من الأمن السعودي والمصري بصفة خاصة، فسواحل المملكة على البحر الأحمر هي الأطول مع وجود موانئ سعودية هامة عليه، وهو أيضًا المدخل الجنوبي لقناة السويس، ويعبره حوالي 15% من حجم التجارة العالمية، و30% من تجارة الحاويات، لذلك فأي توترات في المنطقة لها تأثير مباشر على الدولتين، إضافة إلى مخاطر تواجد القواعد العسكرية الأجنبية في القرن الإفريقي.

 وبجانب هذه التوترات، حذرت الايكونوميست من سبعة صراعات في العام الجديد يجب مراقبتها بحذر منها: الصين وتايوان، والهند وباكستان، روسيا وأوكرانيا، الكونغو ورواندا، إضافة إلى الحرب في غزة وتحذيرات من امتدادها للضفة، واستمرار حرب أوكرانيا، والوضع المتأزم في فنزويلا.

كل هذه المخاطر تفرض تحديات متصاعدة يجب مواجهتها بترتيب أوضاع المنطقة العربية والاستعداد لكافة السيناريوهات والتحرك السريع بمزيد من الاعتماد على القوة الذاتية والشراكات الخارجية الفعالة، والتعاون المشترك بين دول المنطقة سواء عبر نظرية الاستقلال الاستراتيجي على النهج الأوروبي، أو وضع استراتيجية أمنية دفاعية فاعلة لمواجهة الأزمات القائمة أو المحتملة خاصة في القرن الإفريقي أو جنوب اليمن حيث تبدو هذه التحديات رأس حربة للتدخل الخارجي في المنطقة ، من ثم تمثل تهديدات وجودية للمنطقة. 

مقالات لنفس الكاتب