array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

اليمن إلى أين؟ تحديات التشطير وإلحاحات التغيير (آراء) تستقرئ خريطة الأحداث والتطورات المتصاعدة في اليمن

الأربعاء، 01 تموز/يوليو 2009

يشهد اليمن حالة غير مسبوقة من الاحتقان السياسي والأمني أفرزتها تداعيات لا تزال ماثلة بقوة على مفردات المشهد العام في البلاد جراء تصاعد الاضطرابات في المناطق الجنوبية والشرقية التي سرعان ما تحولت وفي تطور دراماتيكي لافت من مظاهر احتجاج سلمي ذات طابع مطلبي قبل عامين إلى عاصفة من (الحراك الانفصالي) المناهض لوحدة شطري البلاد والمطالب بـ (فك الارتباط) قبيل أن تظهر عناصر إضافية في مشهد الأزمة اليمنية تمثلت في تصاعد تهديدات تنظيم القاعدة الناشئ عن اندماج فرعي اليمن والسعودية انطلاقاً من شرق البلاد وبروز مؤشرات إلى حرب سادسة مع الحوثيين في أقصى الشمال اليمني.

(آراء حول الخليج) تستقرئ حقيقة ما يعتمل على واجهة المشهد السياسي والأمني والاجتماعي في اليمن من تطورات وتداعيات باتت تهدد وحدة اليمن.

 الظهور المباغت لعلي سالم البيض مثّل التطور الأبرز في مسار مشهد الأزمة القائمة في اليمن 

 الحراك وظهور البيض

مثل الظهور المباغت لنائب الرئيس اليمني الأسبق علي سالم البيض على واجهة المشهد السياسي في اليمن بعد خمسة عشر عاماً من الاحتجاب القسري التزم خلالها الأخير الصمت والانعزال في منفاه الاختياري بسلطنة عُمان التي قصدها عقب هزيمته في حرب صيف 1994م التطور الدراماتيكي الأبرز في مسار مشهد الأزمة القائمة في اليمن جراء تصاعد أنشطة ما يعرف بقوى (الحراك الجنوبي) لاعتبارات تتعلق بتوقيت استئناف الرجل، الذي اشترك مع الرئيس اليمني الحالي علي عبدالله صالح في التوقيع على اتفاقية اندماج شطري اليمن في 22 مايو عام 1990، لنشاطه السياسي المعارض والذي تزامن مع حلول الذكرى الـ 19 لتحقيق الوحدة اليمنية والـ 15 لإعلانه الشهير في عام 1994 (فك الارتباط بين شطري اليمن من طرف واحد وهو ذات الإعلان الذي تصدر مضمون خطابة السياسي الأول عشية 22 من مايو الماضي بعد ظهوره المفاجئ في مدينة ميونيخ الألمانية التي وصلها قادماً من سلطنة عُمان بعد أن سلم جواز سفره ووثائق هويته العُمانية للسلطات العُمانية قبيل أن تبادر الأخيرة -وعقب ساعات من تداول العديد من الفضائيات العربية مقتطفات من مؤتمر صحفي عقده البيض في منفاه الأوروبي الجديد جدد من خلاله إعلان فك الارتباط بين شطري اليمن والدعوة إلى تصعيد مظاهر المناهضة لما وصفه بـ (الاحتلال القسري الشمالي لدولة الجنوب)- إلى إعلان سحب الجنسية العُمانية عن الزعيم السياسي اليمني المعارض لاعتبارات تتعلق بإخلاله بالتزامه بعدم ممارسة أي أنشطة سياسية مناهضة للنظام السياسي الحاكم في اليمن وهو الاشتراط الذي منح على أساسه الجنسية العُمانية.

خيار الانفصال لا يزال يمثل التحدي الأكبر أمام دولة الوحدة اليمنية الناشئة

 ما وراء ظهور البيض

توقيت ظهور علي سالم البيض وإن تزامن مع تصاعد أحداث الاضطرابات في المحافظات الجنوبية والشرقية من اليمن وتصعيد ما يسمى بقوى (الحراك الجنوبي المناهضة للوحدة الاندماجية بين شطري البلاد لأنشطتها -وهو ما يمكن تفهمة كمحاولة من الرجل لاستثمار تداعيات تلك الاضطرابات في استعادة حضوره السياسي المؤثر- التي لا تزال ماثلة على مفردات المشهد العام في اليمن إلا أن هذا الظهور المباغت مثّل بحسب العديد من المراقبين لتطورات الأوضاع في الساحة اليمنية تتويجاً لمشهد الأزمة القائمة في اليمن وبداية منعطف جديد وتصاعدي في أداء معارضة المنفي باتجاه (التدويل) المؤثر لأحداث الاضطرابات المحتدمة في المناطق الجنوبية والشرقية من اليمن عبر إظهارها كسند شعبي لخيار (الانفصال) الذي لا يزال ورغم مرور (15 عاماً) على إنهاء حرب صيف 1994 يمثل التحدي الأكبر أمام دولة الوحدة اليمنية الناشئة وخاصة بعد أن أثبتت تداعيات أحداث الاضطرابات المستمرة والمتصاعدة منذ عامين في المناطق الجنوبية والشرقية أن التلكؤ في تسوية آثار تلك الحرب كان المعادل الموضوعي لخطأ اقتراف الحرب ذاتها، وأن التسويف في معالجة أخطاء ما بعد 7 يوليو من العام ذاته أفرز بيئة اجتماعية وسياسية غير مستقرة ومزاجاً شعبياً معكراً مهيأ للتحريض وغير ملتزم بالتسويات الآمنة لمعضلات شائكة ومزمنة من قبيل (أراضي الجنوب) و(سطوة المتنفذين) و(القضايا المطلبية) وهو ما كرس لاحقاً في إثارة النزعة الانفصالية وتأجيج حالة السخط الشعبي في المناطق الجنوبية إزاء بعض الممارسات السلبية والمستفزة ومن أبرزها (النهب المنظم للأراضي في الجنوب قبيل أن يسجل المشهد السياسي والاجتماعي في اليمن ظهوراً لافتاً ومنظماً لما بات يعرف بـ (قوى الحراك الجنوبي) بتوجهاتها وشعاراتها المعلنة والصريحة المناهضة لوحدة شطري اليمن، والمطالبة باستقلال الجنوب وإعادة الأوضاع في اليمن إلى ما قبل 22 مايو 1990.

 (روشتة) المعالجات الحكومية

إن التصاعد المطرد لأحداث الاضطرابات في المناطق الجنوبية والشرقية وما أثارته هذه الاضطرابات من توجسات لدى القيادة والحكومة اليمنية وعززتها مظاهر التصعيد الحاد لأنشطة (قوى الحراك الجنوبي) التحريضية للشارع الجنوبي ضد سلطات الدولة والتي وصلت إلى حد قيام بعض المؤيدين لتوجهات (قوى الحراك) بإحراق مقار مصالح ومؤسسات حكومية في مدينة (أبين) ومهاجمة منشآت وعقارات أهلية يملكها بعض التجار المنحدرين من المناطق الشمالية في مدينة (المكلا) بحضرموت وقطع الطريق الذي يربط مدينة (الضالع) الجنوبية بالعاصمة صنعاء، هذا التصاعد المطرد فرض على القيادة والحكومة اليمنية المبادرة إلى اتخاذ تدابير طارئة بهدف التسريع بتهدئة الأوضاع في المناطق الجنوبية والشرقية وتطويق حالة (الاحتقان) المتصاعدة في أوساط الشارع الجنوبي من خلال (روشتة) معالجات مكلفة دشنت بتخصيص مبلغ (52) مليار ريال يمني لتسوية أوضاع العسكريين الجنوبيين في المؤسستين الأمنية والعسكرية وبحسب – تقرير حكومي محدود التداول – حصلت (آراء) على نسخة منه فإن الإجراءات الحكومية لتسوية أوضاع المتقاعدين والمنقطعين في المؤسستين الأمنية والعسكرية شملت تحسين مستويات المرتبات والأجور ضمن المرحلة الأولى من استراتيجية الأجور والمرتبات والتي استفاد منها أكثر من 125 ألف متقاعد، كما تم تشكيل لجان لاستقبال وقيد العائدين من التقاعد ولجان لاستقبال التظلمات ليبلغ عدد الحالات التي تمت دراستها ومراجعتها حوالي مائة وثلاثة عشر ألفاً وستمائة وأربع حالات، فيما بلغ عدد الحالات التي تمت معالجتها (86246) حالة منها 58461 حالة لمنتسبي وزارة الدفاع و(20629) حالة لمنتسبي وزارة الداخلية و7156 حالة لمنتسبي جهاز الأمن السياسي (المخابرات اليمنية).

وبلغت التكلفة الشهرية للتسويات ملياراً ومائة وتسعة وعشرين مليوناً وتسعمائة وتسعة وخمسين ألفاً وسبعة وستين ريالاً فيما بلغت التكلفة السنوية للتسويات ثلاثة مليارات وخمسمائة وتسعة وتسعين مليوناً وخمسائة وثلاثة عشر ألفاً وسبعة وستين ريالاً.

 مؤتمرات محلية اضطرارية

مساعي الحكومة اليمنية لتدارك الأوضاع المتفاقمة في المناطق الجنوبية والمخاوف من امتداد خريطة الاضطرابات إلى المناطق الشمالية اضطرتها إلى رعاية انعقاد مؤتمرات موسعة للمجالس المحلية (البلدية) في كافة مدن البلاد اتسمت بمشاركة كبار مسؤولي الدولة والحزب الحاكم وكرست لمناقشة وتحديد طبيعة الاحتياجات التنموية والخدمية لكل مدينة على حدة وبحيث تتم إحالة قوائم المطالب والاحتياجات إلى مؤتمر موسع للمجالس المحلية يعقد لاحقاً وبحسب الأكاديمي الاقتصادي اليمني عبدالرحمن الخطيب فإن انعقاد هذه المؤتمرات التي نظمت على عجل كونها جزءاً من التدابير الحكومية التي فرضتها تداعيات أحداث الاضطرابات في الجنوب سبّب إرباكاً كبيراً لأجندة الأولويات الحكومية المحددة في الخطة الخمسية الثالثة، كما أنه اضطر الحكومة إلى تخصيص موازنة ضخمة لتغطية نفقات طارئة ستفرضها إلحاحات تلبية الحد الأدنى من استحقاقات نتائج المؤتمرات المحلية الموسعة.

الأحداث الأخيرة فرضت على الحكومة اليمنية المبادرة إلى اتخاذ تدابير طارئة لتهدئة الأوضاع في الجنوب

 مفارقة لافتة

مساعي ومبادرة الحكومة اليمنية إلى احتواء تداعيات الاضطرابات في المناطق الجنوبية والشرقية عبر روزنامة من الإجراءات والتدابير المكلفة الهادفة إلى تحقيق (التهدئة) تزامنت وفي مفارقة لافتة مع تصعيد حاد لإجراءات مغايرة استهدفت، وبشكل غير مسبوق، أبرز الصحف الأهلية والمعارضة في الساحة الإعلامية اليمنية والتي تعرضت عشر منها إلى إجراءات عقابية تراوحت بين الحجز الإداري والمصادرة وحظر الصدور فيما فرضت السلطات الأمنية حظراً نسبياً على مراسلي الصحف المحلية والخارجية والفضائيات للحيلولة دون تغطية التطورات والأحداث في المناطق الجنوبية والشرقية قبيل أن يرفع مستوى الحظر إلى التشدد ويتعرض صحفيون لإجراءات عقابية من قبيل مصادرة المعدات والاحتجاز المؤقت قبيل أن يفاجئ وزير العدل اليمني الدكتور غازي الأغبري الأوساط الإعلامية والسياسية بإعلانه اعتزام وزارته إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة الصحفيين مما أثار سخطاً واستياء تجاوز الأوساط المحلية إلى الدولية وخاصة أبرز الدول المانحة لليمن كألمانيا الاتحادية وبريطانيا والولايات المتحدة والتي أبدت مواقف على لسان ممثليها الدبلوماسيين في اليمن انتقدت من خلالها توقيع عقوبات الحجز الإداري ومنع الصدور على أبرز الصحف الأهلية والمعارضة وقرار إنشاء محكمة مختصة للصحفيين وهي إجراءات اعتبرها العديد من الناشطين الحقوقيين والمشتغلين في الوسط الإعلامي اليمني بداية تراجع حاد لسقف الحريات الصحفية في اليمن، ويصف رئيس المنظمة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات (هود) المحامي محمد علاو الإجراءات المتخذة من قبل وزارة الإعلام ضد الصحف الأهلية والمعارضة بأنها (غير قانونية ولا تستند إلى مسوغ شرعي)، مشيراً إلى أن توقيع عقوبات كالحجز الإداري من قبل الوزارة على عشر صحف تجاوز للصلاحيات الممنوحة لها كون مثل هذه العقوبة يستلزم لتنفيذها صدور حكم قضائي من محكمة مختصة مما يجعل من تنفيذ الحجز الإداري قبل صدور الحكم القضائي بحسب التوصيف القانوني (تعسفاً في استخدام السلطة وانتهاكاً صارخ لحقوق النشر).

 القاعدة والحوثيون:

الاصطياد في الماء العكر

تداعيات الأحداث المتصاعدة في المناطق الجنوبية والشرقية من اليمن وإن مثّلت فرصة استثنائية لتصعيد الأنشطة والخطاب السياسي المناهض لدولة الوحدة من قبل ما يسمى بـ (قوى الحراك الجنوبي) ومعارضة المنفى التي تتزعمها شخصيات لا تفتقد الوزن والتاريخ السياسي كأول رئيس للوزراء لدولة الوحدة المهندس حيدر أبو بكر العطاس وعلي سالم البيض ومحمد حيدرة مسدوس وغيرهم من القيادات الجنوبية إلا أن هذه التداعيات كرست من قبل قوى أخرى لاعبة في المشهد اليمني وتحديداً تنظيم القاعدة وجماعية الحوثيين في صعدة شمال اليمن باتجاه تضييق الخناق على الحكومة اليمنية من خلال خطاب تحريضي (متسق) كان أشبه بمحاولة الاصطياد في الماء العكر لتحقيق مكاسب وحضور قسري على واجهة المشهد العام في اليمن، وفي حين سارع تنظيم القاعدة إلى محاولة استثمار تداعيات الأحداث في الجنوب بإعلانه على لسان ناصر الوحيشي السكرتير السابق لزعيم القاعدة الشيخ أسامة بن لادن والأمير الحالي لما يسمى بـ (تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب) المكون من ائتلاف عناصر التنظيم في اليمن والسعودية تأييد ودعم القاعدة للحراك الجنوبي وتحريض القبائل في المناطق الشمالية على المناهضة المسلحة للدولة.

ولم يتردد من جهته الحوثي وأتباعه في إعلان موقف مماثل عبر عنه يحيى الحوثي الناطق الرسمي باسم الحوثيين في تصريحات نشرت له قبل أسابيع حمل من خلالها الرئيس اليمني علي عبدالله صالح وحكومته مسؤولية الاضطرابات في الجنوب، داعياً إلى تعميم ما وصفها بانتفاضة (الحراك الجنوبي) لتشمل كافة المدن اليمنية وسعي تنظيم القاعدة وجماعة الحوثيين إلى استغلال اتساع نطاق الاضطرابات في المناطق الجنوبية والشرقية واستغراق التركيز الحكومي

في محاولات تحقيق التهدئة واحتواء تداعيات الاضطرابات لم تتوقف عند مجرد إصدار التصريحات والبيانات التحريضية لإذكاء جذوة الاحتقان القائم في الجنوب، بل تجاوزت ذلك إلى محاولة تحقيق حضور ومكاسب على الأرض من خلال تصعيد (القاعدة) لتهديداتها باستهداف وتصفية مسؤولين حكوميين وقيادات عسكرية وأمنية والقيام بتحركات ميدانية لبعض ناشطيها بهدف تشتيت التركيز الأمني. فيما سجلت الأشهر الستة الأخيرة تجدداً نسبياً للمواجهات بين الحوثيين وعدد من القبائل الموالية للحكومة ومناوشات متفرقة مع القوات الحكومية الموجودة في المنطقة، كما شهدت الفترة ذاتها محاولات من الحوثيين لتوسيع حضورهم ونفوذهم الميداني أسفرت عن اندلاع مواجهات مسلحة مع إحدى أبرز القبائل في منطقة (الجوف) الحدودية قبيل أن يتوج المشهد الأمني المتوتر في الشمال بعملية اختطاف قسري تعرض لها تسعة من الألمان وممرضة تحمل الجنسية الكورية الجنوبية لتخلص إلى نهاية مأساوية تمثلت بمصرع ثلاث نساء من المختطفات قبيل أن توجه أصابع الاتهام الرسمي إلى الحوثيين الذين سارعوا إلى النفي واعتبار هذه الاتهامات إرهاصات لحرب دموية سادسة.               
اليمن إلى أين؟

على الرغم من تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية نتيجة لعملية الإصلاحات المستمرة التي دشنت في عام 2005م والإعلان عن اكتشافات لحقول نفطية جديدة والتدشين الوشيك للغاز المسال إلا أن ثمة ظلالاً قاتمة ألقت بها على مفردات المشهد العام في اليمن وتداعيات الأوضاع السياسية والأمنية المتردية في البلاد والتصاعد المطرد لتهديدات (القاعدة) وتمرد الحوثيين إلى جانب الظهور المتجدد لظاهرة اختطاف الأجانب والتصعيد الحاد للنزعة الانفصالية والتي تستمد زخمها من تصاعد الاضطرابات في المناطق الجنوبية والمخاوف والتوجسات من اضطلاع قوى خارجية في تأجيج خريطة الاضطرابات في اليمن، الأمر الذي بات يفرض على القيادة والحكومة اليمنية مواجهة تحديات التشظي والتشطير بأجندة جادة للتغييرالذي أضحى وفي ظل كافة التحديات المحدقة باليمن بمثابة نقطة الضوء المفتقدة في آخر النفق.

 

مقالات لنفس الكاتب