array(1) { [0]=> object(stdClass)#13016 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

الخصوصية في العلاقات التركية-الخليجية

الأربعاء، 01 نيسان/أبريل 2009

تاريخياً كان التوتر سمة ميزت العلاقات التركية-العربية منذ أيام الإمبراطورية العثمانية التي احتلت بعض البلاد العربية ومنها مناطق خليجية، لكنها بقيت علاقات لم تغادرها الجغرافيا. فالنظرة الاستعمارية بقيت هي السائدة والحاكمة لتلك الأمور حتى بعد أن قسمت الدول العربية بين الدول الاستعمارية وانهيار الإمبراطورية العثمانية، مما حدا بتركيا في العصر الحديث إلى التركيز على علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية مما أدى إلى تحسن علاقات تركيا بإسرائيل، التي رأى العرب فيها تهديداً للقضية الفلسطينية والمصالح العربية والأمن في المنطقة، حيث ارتبطت تركيا باتفاقيات اقتصادية وعسكرية مع إسرائيل.

التوتر بأنواعه المختلفة استمر عبر التاريخ، حيث كانت السدود على سبيل المثال لا الحصر والتي بنتها تركيا في مشروع جنوب شرق الأناضول سبباً رئيسياً في خلافات مائية على حصص مشتركة لنهري دجلة والفرات اللذين هما شريان الحياه المائي لكل من سوريا والعراق، وبقيت الأمور المائية وقضية السدود مثار خلاف تركي-سوري-عراقي وتوتر لم ولن ينتهي مؤثراً في الاستراتيجيات المائية لمنطقة الشرق الأوسط.

ثم أتى التدخل العسكري التركي في شمال العراق ليزيد بؤر التوتر السياسي وخاصة مع الجارة العراقية. وكادت أن تؤدي مسألة (إقليم الإسكندرون) المتنازع عليه مع الجمهورية العربية السورية إلى نشوب نزاع عسكري، واتهمت تركيا سوريا بدعم حزب العمال الكردستاني المحظور، وهو ما أدى أيضاً إلى توتر من نوع جديد، لكن رغم كل تلك الأحداث إلا أنها لم تمنع تركيا من أن تلعب دور الوسيط بين سوريا وإسرائيل في المفاوضات غير المباشرة خصوصاً بعد وصول الأحزاب الإسلامية المعتدلة إلى سدة الحكم في السنوات الأخيرة. وكل هذا انعكس على العلاقات مع دول الخليج التي هي جزء لا يتجزأ من قلب العروبة.

وتظهر الفترات الأخيرة من التاريخ المعاصر محاولات تركيا لتحسين علاقاتها بجيرانها وخاصة العرب منهم ودول الخليج، بل ومن خلال إقامة مناورات عسكرية مشتركة مع بعض الدول العربية في ظل وجود الأسطول الأمريكي وإسرائيل.

لقد احتجت تركيا مراراً على سياسة إسرائيل الاستيطانية والعمليات العسكرية القاسية ضد المدنيين الفلسطينيين، وغادر رئيس وزراء تركيا مؤخراً ندوة في مؤتمر دافوس احتجاجاً على سياسات إسرائيل وقصفها لقطاع غزة وهو ما قرّب الجمهورية التركية من الشعب العربي، لكن السياسات لا تزال في إطار الرسو على الشاطئ لم تصل إلى حد الوقوف الآمن بعد.

وإذا ما نظرنا إلى الموقع الجغرافي لتركيا بمساحتها القريبة من 780 ألف كيلومتر مربع وتوسطها بين آسيا وأوروبا، وسياستها المعتدلة المبنية على رؤى موضوعية وقربها من دول الخليج، وإن كان لا يوجد حدود مشتركة، فإن كل تلك الميزات تمنحها محاور شراكة فاعلة في مجالات عدة بينها وبين دول الخليج ما يسمح بتكامل إقليمي تركي-خليجي.

كان الموقف الخليجي يقف داعماً لتركيا في قضاياها الدولية 

إن بدايات العلاقة مع الخليج تعود إلى زمن الاحتلال العثماني، حيث احتلت الدولة العثمانية كلاً من الحجاز عام 1550م والمنامة عام 1559م والموصل عام 1516م، ضمن دول أخرى،لكن سيطرتهم على حركة النقل في المنطقة لم تكن مكتملة وكانت جزئية وعجز العثمانيون عن بسط سيطرتهم الكاملة على الخليج العربي، وباتت أساطيلهم بعيدة عن مناطق نفوذهم، وهذا خطأ استراتيجي، في الوقت الذي لعبت بريطانيا العظمى دوراً كبيراً في تحجيمهم وإفشال سياساتهم في المنطقة،بالإضافة إلى إيجاد حلفاء تاريخيين لبريطانيا منحوا الاستقلال لاحقاً، وكانت الأحداث هي بدايات الالتقاء مع دول الخليج وتركت آثارها إلى يومنا هذا.

والقصد هنا أن العلاقات كانت موجودة منذ أن كانت التوجهات والنشاط الاستعماري العثماني موجهاً نحو منطقة الخليج العربي منذ بدايته وحتى نهاية الحرب العالمية الأولى حيث تغيرت الصورة عام 1918.

وفي العصر الحديث نشطت العلاقات التركية-الخليجية وجذبت دول الخليج الجمهورية التركية إلى المنطقة ضمن مشاريع استثمارية كبرى ومنها ما هو في المملكة العربية السعودية مستفيدة من كونها دولة إسلامية أكثر من 98 في المائة من ساكنيها وأهلها مسلمون، وهي ميزة سمحت للشركات التركية التي تأتي بالمرتبة الثالثة عالمياً بعد أمريكا والصين بالعمل من دون منافس في كل من مكة والمدينة المنورة تحديداًبقيمة تجاوزت ستة مليارات دولار، وأسهمت بشكل رئيسيفيوجود حجم تجارة متبادلة في حدود خمسة مليارات دولار بينهما.

وفي الجانب السياسي كان الموقف الخليجي يقف داعماً لتركيا في قضاياها الدولية، مما أثمر فيما بعد عن شراكات كبرى في المصانع العسكرية التركية بأموال خليجية لإنتاج الأسلحة الخفيفة بخبرات تركية وأموال خليجية، وأسهمت قوة الانتشار السريع الأمريكية من خلال تدريباتها المشتركة في المنطقة مع الأطراف المعنية ومن خلال قواعدها في بعض هذه الدول في تجاذب العلاقات وتمتينها مع كل من سلطنة عمان والإمارات ومملكة البحرين التي ترى في الجمهورية التركيةحليفاً لإيقاف التهديدات الإيرانية للخليج.

ولعب مشروع (أنابيب السلام) التركية المائية المقترح دوراًمهماً في وضع تصور مبدئي لمستقبل العلاقات الاقتصادية والتعاون المائي لدول فقيرة مائياً غنية نفطياً بين من يملك الماء ومن يملك ثروة النفط في الإطار التبادلي للسلع ذات الأهمية النادرة لكل منهما.

وبلغ حجم الاستثمار الأجنبي في تركيا مع نهاية عام 2008 خمسين مليار دولار، أكثر من سبعة عشر مليار دولار هي استثمارات خليجية كون تركيا لديها آفاق كبيرة للاستثمار والنمو في الوقت الذي كان الخليج يبحث عن أماكن استثمار ومضاعفة للفائض المالي من عوائد النفط. وقدمت السوق التركية عائداً استثمارياً في السندات الحكومية التركية وصل إلى 10 في المائة، في حين تراوح الاستثمار في قطاع الملكية الخاصة بين 25 في المائة و30 في المائة.

ومن المتوقع أن تساهم دول الخليج في استثمارات جديدة بقيمة تسعة مليارات دولار في تركيا مع نهاية عام 2014، وأن يرتفع التبادل التجاري إلى خمسة عشر مليار دولار في العام نفسهوذلك بعد أن وقعت اتفاقات عدة مع بعض دول الخليج ومنها اتفاق تشجيع وحماية الاستثمار، واتفاق تجنب الازدواج الضريبي، واتفاق التعاون التجاري، واتفاق نقل الركاب والبضائع وغيرها، بل إن تركيا أصبحت مستهدفةللاستثمار الزراعي في إطار المبادرة السعودية-التركية للتعاون الزراعي.

إنالخصوصية التركية-الخليجية لم تقف عند الاستثمارات والتجارة والإنشاءات، بل امتدت إلى مذكرات التفاهم الثقافية والإعلامية والتي أسفرت مؤخراً عن تفشي ظاهرة المسلسلات التركية المدبلجة على الفضائيات العربية، جنباً إلى جنب مع الإسمنت والحديد وبقية السلع التركية المختلفة.

مقالات لنفس الكاتب